مهمة مالك خوشابا للاتصال بالحلفاء وطلب المساعدة منهم / الجزء الثاني

بقلم اللواء بولص مالك خوشابا
مهمة مالك خوشابا للاتصال بالحلفاء وطلب المساعدة منهم / الجزء الثاني

24 / 11 / 2013
http://nala4u.com

مالك خوشابا مالك يوسف

كانت نهاية الجزء الاول بارسال مالك خوشابا اثنين من رفاقه للحصول على المعلومات عن مصير الاثوريين في اورميا من اكراد المنطقة الذين رافقوا القوات التركية في اورميا وعادوا الى بيوتهم والتي استغرقت رحلتهما اثنتي عشر يوما وعند وصولهما الى برواري بالا وجال علم بان جميع العشائر في اورميا كانت قد رحلت الى جهة مجهولة ولم يبقى فيها الا بعض الاسرى من اثوريي اورميا فقط .
وبعد اطلاعه على هذه المعلومات قرر مالك خوشابا العودة مع رفاقه الى اورميا ليقفوا على المعلومات الحقيقية عن مصير الاثوريين بانفسهم وكان ذلك في شهر ايلول . وعند وصولهم قرب الحدود الايرانية شاهدوا قوافل كردية كثيرة فاختفوا في احد الكهوف ثم قرروا الذهاب الى قرية تازة التي كانت قريبة من مدينة اورميا والتي كان الاستاذ شموئيل يلدا وبعض العوائل الاثورية من عشيرة مالك خوشابا يسكنون فيها قبل سفرتهم هذه . كان اغا القرية صديقا لهم لانهم كانوا قد قاموا بانقاذه من الموت والمحافظة على امواله عدة مرات فكانت ثقتهم به عالية جدا . ولما وصلوا الى القرية المذكورة التقوا لزوجة الاغا في دارها وسالوها عن مصير الاثوريين فاخبرتهم بوجود شخص امريكي وبعض الاسرى من الاثوريين في دور الامريكان التي كانت تحتوي على بناية الكلية ومستشفى ومدرسة متوسطة واخرى ابتدائية مع المرافق الاخرى . ولما كانت هذه المباني قد وضعت تحت حراسة القوات التركية المشددة قرر مالك خوشابا ارسال بعض رفاقه الى هذه المباني التي كانت تسمى بالقلعة لتزويده بالمعلومات المتوفرة عن مصير الاثوريين .
فذهب كل من الاستاذ شموئيل يلدا الذي كان تلميذا في هذه القلعة في صغره ويعرف جميع مسالكها وابوابها ومعه لازار اوشانا بيث كوكا (البطل الذي احرق جسر جيماني في احد المعارك لمنع الاكراد من العبور الى الجهة الاخرى وجرح في تلك المعركة حيث وقفت والدته على راسه وقالت له مباركة جروحك يا ولدي) والاخر برجم خوشابا وساروا ليلا حتى وصلوا قرب القلعة حيث شاهدوا حراس من جنود الاتراك واقفين على ابوابها وكذلك كانت معسكرات الاتراك منتشرة في كل مكان الا انهم تمكنوا من الدخول عبر ثغرة في سياج بستان القلعة حتى وصلوا الى سياج القلعة الرئيسي .
كانت كافة الثغرات مسدودة في هذا السياج حتى السواقي المارة تحته لذاى اضطر السيد شموئيل يلدا على تسلقه من على اكتاف برجم خوشابا ولازاراوشانا ثم عبروا السياج الثاني الذي كان اقل من الاول ارتفاعا حتى وصلوا باب القلعة فوجدوه موصودا . وبينما كانوا يعبرون السياج الاخير شاهدوا الجنود الاتراك منتشرين في ساحة القلعة لذا اضطروا الى المبيت تلك الليلة في البستان المحيط بالقلعة .
وفي اليوم التالي شاهدوا باب القلعة مفتوحا وامامه حارس تركي حاملا سيفه . فتقدم السيد شموئيل يلدا نحو الباب بعد ان ترك رفاقه في وضع المراقبة ودخل القلعة بسرعة خاطفة ملقيا نفسه في احدى السواقي القريبة من الباب وزاحفا على بطنه حتى وصل امام باب دار المعلمين فيها . وراى امراة عجوز تخرج من من الدار وتطلب ماء من احد الاشخاص فمسك بطرف ثوبها مما جعلها تصرخ وتركض من فرط خوفها . الا انه بادرها قائلا باللغة الاثورية (لا تخافي ايتها العجوز لانني آثوري مثلك) وردت عليه بقولها بانه من رجال اسماعيل اغا الشيكاكي الذين قتلوا قبل بضعة ايام الاستاذ يوخنا مدير المدرسة . نفى ذلك الاستاذ شموئيل واخذ يصلي لها الصلات الربانية حتى هدات وصارت تعرفه . ولما علم منها بوجود كل من الدكتور باكرات وزوجته السيدة جيني داخل تلك الدار سلم لها رسالة مالك خوشابا راجيا تسليمها الى الدكتور باكرات الامريكي الذي كان موجودا معهم في الاسر . فسلمتها بدورها الى السيدة جيني التي حملتها حالا الى الدكتور باكرات .
كان مالك خوشابا قد ذكر في رسالته بانه ارسل الاستاذ شموئيل ورفاقه اليه كفدائيين لاستقصاء المعلومات المتوفرة لديه عن مصير الاثوريين . فاستغرب الدكتور باكرات من تمكنهم من دخول القلعة ثم اخبرهم بعد قراءة الرسالة بانه سيزودهم بالمعلومات المطلوبة بعد اربعة ايام .وبعد ان تم تزويدهم ببعض الملابس والمواد الغذائية التي كانوا بامس الحاجة اليها عاد الاستاذ شموئيل يلدا وحملها حتى الباب حيث كا رفيقاه في انتظاره فحملوها ودخلوا البستان مسرعين حيث بقوا هناك حتى حلول الظلام ثم تحركوا ليلا متسللين بين الاتراك والاكراد حتى وصلوا مخبا مالك خوشابا في قرية قوانة .
وبعد انتهاء مدة الاربعة ايام التي طلبها الدكتور باكرات عاد كل من الاستاذ شموئيل يلدا والشماس طليا يوناذم واسخريا شمعون وتوما كوركيس لاستلام جواب رسالة ملك خوشابا . وعند وصولهم قرب القلعة دخل شخصان منهم الى بستانها وبقي الاخران خارج البستان ثم تسلق الشماس طليا حائط القلعة المقابل للمنطقة التي يسكنها الاسرى الاثوريين فنزل من باب السطح . وعلم ىمن الاسرى بانه قد تم تسفير الدكتور باكرات وجميع الاجانب من قبل القوات التركية الى تبريز كاسرى حرب عاد حاملا معه قليلا من الخبز والزبيب واخبر رفاقه بذلك فعادوا جميعا الى مخبئهم في سياوش . ولما وصل مالك خوشابا وحمايته الى ذلك المخبا ارسل الشماس كندلو بثيون لدخول القلعة والتي دخلها بسهولة لان جنود الاتراك كانوا قد غادروها ولم يبقى فيها الا بعض الحرس من الايرانيين فقط وتاخر كثيرا داخل القلعة منتظرا تجهيزهم بتلاتة اكياس من الخبز وبعض علب الحليب وهرب معه ثلاثة من الاسرى كما وارادت عدة نساء للهرب معهم الا ان مالك خوشابا رفض ذلك لاعتقاده بعدم تمكنهم من تحمل السفر في فصل الشتاء القارص والسير ليلا في تلك الجبال الوعرة . وغادروا المخبا ليلا الى جبل سيري ومنه الى قلعة دمدمة حيث مكثوا يومين في تلك الوديان ثم تابعوا سفرهم الى ميناء خان تخت على بحيرة اورميا التي كانت القوات التركية لا تزال موجودة فيها . وهنالك التقوا بشخص يدعى احمد ومعه اربعة نساء واطفالهن الذين كانوا في حالة يرثى لها من الجوع الشديد فقدموا لهم ما عندهم من الخبز والزبيب واعطوهم بعض النقود ولما راى احمد نبلهم وشهامتهم واحسانهم له ولعائلته بالرغم من انهم كانوا من اعدائه تبرع ان يقوم بدور الدليل لهم في تلك المناطق والطرق غير المعروفة لهم ايفاء منه لمعروفهم له . وكان يقوم بشراء الخبز لهم وهم بعيدون عن انظار الايرانيين فتحمل المشقات والمتاعب من اجلهم بكل اخلاص وامانة . ولما وصلوا قمة الجبل الواقع بالقرب من مدينة (مراغا) التي كانت تسكنها جالية ارمنية ارسل مالك خوشابا رسالة مع احمد مبينا فيها بعض المعلومات عن مصير الاثوريين فسلمها احمد الى شخص ارمني والذي سلمها بدوره الى الدكتور يوئيل البازي ( شقيق القس دانيال ومن عمومة اغا بطرس ) والذي كان يسكن مع عائلته في هذه المدينة حيث يمارس الطب فيها . ولما قرا الدكتور يوئيل رسالة مالك خوشابا دعاه ورفاقه الى داره حالا وقبلوا دعوته ودخلوا الدار من البستان . رحب بهم كثيرا فانشرحوا وارتاحوا جدا لانهم لاول مرة يدخلون دارا مريحة وياكلون طعاما مطبوخا منذ اشهر . وزودهم الدكتور يوئيل بمعلومات وافية عن الاثوريين وقال لالهم انه من الصعب عليهم السير في المناطق الجبلية في فصل الشتاء من جراء البرد والثلوج لذا يتوجب عليهم السير في الطرق الاعتيادية في السهول وبدون سلاح على ان يرسل معهم شخصا ارمنيا كدليل لهم حتى زنكان حيث ان مقدمة القوات الانكليزية قد وصلتها . فتحركوا على طريق زنكان / قزوين بعد تركهم لسلاحهم في ماراغا لدى الدكتور يوئيل وابقوا معهم بعض المسدسات والخناجر مخفية تحت ملابسهم . وعند وصولهم الى زنكان اتصل مالك خوشابا بقائد القوات الانكليزية معرفا نفسه به فاستقبله بترحاب كبير وامر بتقديم كل ما يحتاجونه من الطعام والملابس ثم اتصل بالقنصل الانكليزي مبينا له وضعهم بالتفصيل . اعطى مالك خوشابا لاحمد بعد ان انتهت مهمته معهم مبلغا من المال وكتاب توصية الى الاثوريين والمبشرين وتم تكريمه من قبلهم اكراما للمساعدة التي قدمها لمالك خوشابا ورفاقه .
وعندما عرف احمد بان الشخص الذي كانوا يسمونه الشماس اوديشو كان مالك خوشابا نفسه…
قال ( انني كنت اشعر بان هذه الشخصية لم تكن شخصية عادية لما ىكنت المسه من تصرفاته الراقية واطاعة رفاقه لاوامره في اصعب الظروف) وبعد مكوثهم يومين في زنكان . وردت برقية من القائد العام للقوات البريطانية في قزوين يطلب فيها حضور مالك خوشابا الى قزوين . وعليه سافر اليها مستصحبا معه ابنه داؤود وابن خاله باكوس عوديشو ثم تبعه بقية رفاقهم فالتحقوا بهم في همدان . وكان في همدان عدد كبير من اثوريي اورميا الذين اجتمعوا في احدى الكنائس فالقى عليهم مالك خوشابا كلمة مبينا فيها تفاصيل لاسفرته . ثم اقيم احتفال كبير لمالك خوشابا ورفاقه من قبل قائد القوات الانكليزية والارساليات الامريكية والاثوريين الموجودين في همدان احتفاء بهم ثم سافروا الى كرمنشاه ومنها ىالى بايتخت فخانقين واخيرا الى بعقوبة في العراق حيث وصلوا اليها في الاول من كانون الاول سنة 1918 وكتب الجنرال اوستن المسؤول عن المخيمات التي كان يسكنها الاثوريين في بعقوبة في كتابه (المدينة البيضاء) عن سفرة مالك خوشابا ورفاقه بانها من اخطر المجازفات في ذلك العصر لما انطوت عليه من المخاطر وتميزت به الشجاعة الخارقة وتحمل الصعاب والفطنة المذهلة والدراية الفائقة …….
لقد بدات رحلة مالك خوشابا المكلف بها في 14 حزيران 1918 اي قبل وصول الطائرة البريطانية الى اورميا بعدة ايام ولو كان وصول الطائرة قد تم قبل سفر مالك خوشابا لكان الموقف قد تغير ولكان مالك خوشابا يقود القوات الاثورية في حالة غياب اغا بطرس بذهابه الى ساين قلعة ولكن مشيئة الرب ارادت ان تكون الامور هكذا فليس لنا سوى الرضوخ لمشيئته , الرحمة للشهداء الذين ذبحوا في اورميا والذين يقدر عددهم باكثر من خمسة عشر الف شهيد ……

بولص يوسف مالك خوشابا

لمتابعة الجزء الاول; انقر على الرابطين ادناه

http://nala4u.com/2013/11/19/%d9%85%d9%87%d9%85%d8%a9-%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%83-%d8%ae%d9%88%d8%b4%d8%a7%d8%a8%d8%a7-%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d9%84-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84%d9%81%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d8%af%d9%88/2/

تنويه (nala4u) ; الموقع غير ملزم ما يسمى بكردستان ولأهمية المادة, لذا اعيد نشرها مع التقدير

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.