الوعي القومي

بقلم سامي هاويل
الوعي القومي

26 / 07 / 2020
http://nala4u.com

في سياق حديثنا عن الوحدة القومية الشاملة لابد لنا ان نلقي الضوء على تلك العناوين التي نعتقد انها الركائز المتينة للنهظة القومية الآشورية لتوحيد الطاقات من أجل تقويم المسيرة وإعادة الأعتبار للقضية والهوية الآشورية بعد كل ما طالها من تهميش وغبن وتشويه من داخل البيت القومي وخارجه على حد سواء.

أستغرب من محاولات البعض من الآشوريين المهتمين بالشأن القومي للقفز على الحقائق والمضي قدما في التخبط على الساحة مستنزفين الطاقات ومضيعين الفرص الواحدة تلو الأخرى دون جدوى, وما يثير أستغرابي أكثر هو تعمدهم على تجاهل النتائج السيئة التي تتولد من تلك التخبطات (العمل القومي بحسب رأيهم) التي بات كابوسها يغيم على الشعب الآشوري لتساهم في القضاء على أحلامه وآماله وتقوده ليفقد كامل ثقته بأي حراك قومي مستقبلاً من شأنه أن ينتشل القضية الآشورية من تحت الأنقاض

ليعطيها قيمتها الحقيقية ويضعها في مكانتها المناسبة.

لكي لا أُتهم بالأنزواء والتهرب من مسؤولية العمل القومي أقول، لست هنا أقصد بأنه يجب أيقاف العمل القومي والأنتظار لحين يتم نشر الوعي القومي بين أبناء الشعب الآشوري، ولكنني أحاول أن ألفت الأنتباه الى بعض الشروط المهمة جدا التي تغذي العمل القومي وتمده بالقوة ليكون سليما معافى يدرّ بالمنفعة للواقع الآشوري وقضيته، لإن الحركات القومية الناجحة تعتمد على حراك شامل ومدروس باتجاه الهدف يلعب كلُ دوره، الفرد والشعب بكافة شرائحه وقياداته ومؤسساته القومية والسياسية والدينية والمدنية.

في إطار إشارتنا الى الأسغراب، ما يجعل المرء متعجباً هو فهم الفرد الآشوري للوعي القومي، ليس على مستوى الفرد البسيط، بل هناك بين المهتمين الذين يعتبرون أنفسهم ناشطين لا يكادوا يفرقون بين الشعور والوعي!!، وهذه تعتبر معضلة حقيقية يجب الوقوف عندها، فالشعور القومي للفرد الآشوري لا يمكن أعتباره وعياً وإدراكاً قوميا سليماً، صحيح يمكننا الجزم بأن الوعي القومي يولد الشعور والفخر بالأنتماء القومي، وهذا أمر طبيعي وسليم، ولكن لا يمكننا أن نتجاهل بأن هناك الشعور المولود من العاطفة المتوارثة والمحصورة في أطر طائفية وعشائرية وحتى يمكننا القول مؤسساتية ( الأنتماء للمؤسسة وليس للقضية)، ولكنه يبقى خاماً بدائياً ما لم يتخلله الوعي القومي، وهنا لابد لنا ان نقر بأن الشعور القومي لدى غالبية الشعب الآشوري تولده العاطفة وليس الوعي، وهناك الكثير من الأمثلة الماثلة أمامنا تؤكد يقينا هذه الحقيقة الدامغة، فإذا كان الفرد الآشوري يمتلك الوعي القومي لما قبل باي شكل من الأشكال التلاعب بهويته الآشورية تحت أي عذر مقدم وأية ذريعة كانت، ورغم هول المأساة التي لحقت بالقضية الآشورية من جراء تلك البدعة لازال الكثير من أبناء أمتنا الاشورية يدافعون عنها ويروجون لها. أكتفي بهذا المثل الذي يؤكد أفتقار الفرد الآشوري بشكل عام الى الوعي القومي.

البحث في بطون التاريخ بمراحله المتراكمة وتفاصيله المختلفة باعتباره وجدان الأمة وجذورها التي تغذيها هو واجب كل فرد آشوري، للأستفادة من الأحداث المتعاقبة عبره بسلبياتها وايجابياتها( لا أقصد هنا مجرد تمجيد الماضي والتغني به والعيش فيه).

التمسك باللغة ومحاولة تعلمها كتابة وقراءة والعمل على نشرها وتعليمها لأفراد العائلة هو ايضاً واجب مقدس لكل فرد يعتز بانتمائة الآشوري بأعتبارها هويته التي تميزه عن باقي الأمم أينما كان.

الوقوف على معاناة الشعب الآشوري ومحاولة فهم وإدراك التفاصيل والأحداث والعوامل المحيقة به وبقضيته أيضا يعتبر واجبا ملحا لكل أبناء الشعب الآشوري.

الوقوف بالقرب من كافة فعالياتنا ومؤسساتنا القومية العاملة على الساحة السياسية، وتلك التي لها دور مؤثر داخل المجتمع الآشوري دينية كانت أو مؤسسات قومية أو مؤسسات مجتمع مدني، ولعب دور الرقيب عليها بعيدا عن المجاملات قبل الدعم المادي والمعنوي والإعلامي يعتبر واجب مقدس لكل فرد آشوري يهمه مصير أجياله وديمومة قضيته.

هذه الأمور معنية بها المؤسسات التي تدعي أنها قومية قبل الفرد الآشوري البسيط، وعلى القائمين على تلك المؤسسات لاسيما التي لها مكانة ودور فعال في الشارع القومي الآشوري وتاريخ طويل إعادة تقييم مسيرتها وقرائتها بالأعتماد على الضمير والحس القومي والمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم، والكف عن التكتل والتقوقع والموالاه لبعضها البعض بحسب مصالحها الضيقة، والكف عن بناء ممالكهم الخاصة بهم على أنقاض الأمة الآشورية، والكف عن المراهنة على جماهيرها وتابعيها، لأن لا النتائج في نهاية المطاف ستسرهم، ولا التاريخ سيرحمهم.

أخيرا أترك الرأي للقراء الكرام ليعبروا عن رأيهم أو ليضيفوا ما لديهم على ما ذكرته اعلاه فالموضوع بأعتقادي كبير وله من الأهمية ما يجعلنا نضعه في مقدمة اولوياتنا، فالوعي القومي هو الدواء السليم لكل عاهاتنا وعثراتنا وكبواتنا، يتعافى به من أصابهم داء فقدان الأمل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.