ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى/ المؤلف البلغاري د.راشو دونيف – الجزء الرابع

بقلم سامي هاويل
ترجمة من كتاب الآشوريون بعد نينوى
المؤلف البلغاري د. راشو دونيف
الجزء الرابع

02/ 10 / 2013
http://nala4u.com

في هذا الجزء يدحظ المؤلف وبالأدلة، والتي وردت الكثير منها في الأجزاء السابقة، الأدعاءات التي تقول بأن الآشورية هي تسمية أبتكرها وأطلقها أوستن هنري لايارد وغيره من المستشرقين على النساطرة. كما لفت نظري الرسالة التي بعثها البابا بولس الخامس الى الشاه عباس طالبا منه أن يشفق على المسيحيين الآشوريين في بلاد فارس! لقد كان السبب الرئيسي في رسالته هذه هي أن هؤلاء الآشوريين كانوا قد تكثلكوا، وعلى ما يبدو أن أمرهم لم يكن مهم لدى روما ما لم يرتبطوا بها رغم تعرضهم لشتى أنواع الأضطهاد خلال الفترات السابقة. كما أن هناك إشارة واضحة الى كرمليس وإقرار سكانها بأنتمائهم القومي الآشوري عندما كانوا منتمين الى كنيسة المشرق، فهل ياتُرى تغيرت قوميتهم بعد أن أصبحوا تابعين للكنيسة الرومانية؟ المترجم

العلاقة بين الأمبراطورية الآشورية وأستمرارية الحضارة (4)
البابا بولس الخامس في رسالته المختصرة بتاريخ 3/11/1612الى الشاه عباس ( Abbahas)، ملك بلاد فارس ، نيابة عن النساطرة بشأن الجزية، قال، “أخص بالذكر هؤلاء الذين يسمون آشوريون أو يعاقبة والساكنين في أصفهان، إذا لم تشفق عليهم بسبب محنتهم فإنهم سيضطرون الى بيع أبنائهم ليتمكنوا من دفع الجزية المفروضة. هذه المسألة المحزنة جداً، والأكثر لأن الآشوريون الآنفوا الذكر فقد رفضوا ومقتوا معتقدهم وأيمانهم القديم وعادوا الى حضن الكنيسة الرومانية المقدسة”(1). كما إن البابا بولس الخامس في رسالته الى شمعون في سنة 1617م، يطلق عليه لقب “بطريرك الآشوريين الشرقيين
(Patriarcha Assyriorum Orientalum)(2) وفي سنة 1619م، كلوّد ديورت  بوربونويس (Claude Duret Bourbonnois)، يشرح بأن السريان المسيحيون هم آشوريون (3). فري (Frye) يشير الى أن
الكرمليون في رسائلهم في أيران في القرن السابع عشر الميلادي أستخدموا مصطلح “اليعاقبة، السريان، الآشوريون الشرقيون، الكلدان، السريان والآشوريون ” تقريباً بالتبادل.
وهذا يوحي ويؤكد له بأن “المقولة التي تدعي بأن كلمة آشور كان مصدرها الغربيون في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر الميلادي من المؤكد أنها تُعتبر خاطئة” كما أنه يضيف بأن ” الرابط بين كلمة آشوريون مع الأمبراطورية الآشورية القديمة من ناحية أُخرى، ربما تم تأكيدها من قبل المبشرين الغربيين، وبعد ذلك تم قبولها بشغف من قبل الكثير من المسيحيين الناطقين بالسريانية “(4).
لقد قيل بأن عالم الآثار الأنكليزي لايارد هو الذي أشاع أسم “الآشوريون” عندما أطلقها على النساطرة. على سبيل المثال، شينر أكتورك (sener Akturk) يؤكد بأن المسيحيين الشرقيين ” تبنوا الهوية القومية العلمانية التي صنعها لهم العلمانيين الشرقيين والمبشرين الأوروبيين” وإن ” أسطورة الآشوريين يبدو إن عالم الآثار هنري لايارد هو الذي أحياها وروَّج لها عندما أكتشف نينوى عام 1849م(5). جوزيف قال بأن ” أسم الآشوريين لم يظهر قبل القرن التاسع عشر الميلادي”وعزى ظهور هذا الأسم الى الأكتشافات الأثرية والمبشرين الغربيين الذين جلبوا هذا الأسم للسكان المحليين ( 6 ).
هذه المزاعم لا يمكن أن تكون صحيحة لأن هناك أدِلة وافرة على أستخدام هذا المصطلح من قبل. حيث تذكر السجلات الكرملية بأن بيترو ديلا فال (pietro della valle) في حزنه على علاقة حب مخيبة للامال، ذهب الى نابلس ومن ثم وَفد الى الأرض المقدسة. وفي سنة 1616 في بغداد “تزوج من معاني جيوريدا (Ma’ani Gioerida) الآشورية أي الكلدانية التي كانت مولودة في ماردين” (7). بيترو ديلا فال يتحدث عن زوجته ويذكر بأنها كانت من “الأمة الآشورية” (Assira di nazione) وأنها كانت “من دم المسيحيين القدماء”  di sangue di cristiani antichissim )  8 )  وعندما سُئل عن قومية زوجته أكد مرة أُخرى ” di nazione assira”  9. وفي جنازتها، صرح بيترو ديلا فال مرة أُخرى بأن الست معاني جيوريدا ولدت في آشور (see figure 17) (10).

في سنة 1620م أوبرت لي ماير (Aubert Le mire) أشار الى البطريرك النسطوري بلقب “بطريرك الآشوريين الشرقيين”(Assyriorum Orientalum patriarcha) وأفاد بأن سولاقا عندما تلقى درع التثبيت من البابا أُعطي له لقب “بطريرك الآشوريين الشرقيين” (patriarcha Assyriorum Orientalum).
وهنا تجدر الإشارة الى أن التسمية الآشورية أُطلقت على كِلا هذه الأبرشيات (11). كما إن أبراهام وودهيد (Abraham Woodhead) 1688م عندما يوصف الكنائس الشرقية الأخرى كان يشمل ” الكنائس الآشورية، اليعاقبة، الأرمنية، الأقباط الأثيوبيين، الموارنة، والى آخره”. أبراهام وودهيد بذكره الكنائس الآشورية قصد بها كِلا الكنيستين النسطورية والكلدانية (12). بينما روبرت ماننك (Robert manning) في سنة 1721م يُعَرّف اليعاقبة كآشوريين: “أحتُفل بالخدمة الإلهية Chaldaick  أو Syriack الفاسدة، بين الموارنة والأقباط والنساطرة والآشوريين أو اليعاقبة”(13).
المؤرخ ورسام الخرائط في القرن السابع عشر جون سبيد  (John Speed) في سنة 1626م قام برسم خارطة الأمبراطورية العثمانية، والتي فيها أيضاً لوّن ما وصفه “بالآشوريون”، علاوة على ذلك، فقد وصف زوجته بأنها منحدرة من سكان المناطق المتعددة الأثنيات في الأمبراطورية التركية (14). لقد سمحت المعلومات التي كانت بالأصل موجودة ليستنتج سبيد بأن الآشوريون عاشوا في الأمبراطورية العثمانية.
في سنة 1714م وُصِف أعضاء في الكنيسة الكلدانية على أنهم كلدان آشوريون (caldeens Assyriens Orientaux)(15). وفي سنة 1736م جون كرين (John Green) يشير الى أن ” الزنادقة أو الهراطقة في الشرق (…) لا يسمون باليعاقبة أو النساطرة من الآن فصاعداً، ولكن ببساطة يسمون سريان، كلدان، آشوريون” (16).  أم جوهان أوتر (M Johan Otter) أيضاً في سنة 1737، يشير الى قرية كبيرة أسمها كرمليس (Kiermelis, Caramles/Karamles)
، القريبة من الموصل، سُكنت من قبل الآشوريون (17). أوتر مر عبر هذه القرية في طريقه من الموصل الى بغداد. جيفاليير  (Chevalier) قال بأن أوتر أسمى “النساطرة في كرمليس” بالآشوريون (18). وبعبارة أُخرى، إنه مصطلح أخلاقي. لكنه تجدر الإشارة بأن أوتر أستخدم تسمية الآشوريون بدون الإشارة الى أي أنتماء ديني وتقريباً قبل قرن من الأدعاء بأن الغربيين هم الذين أخترعوها ليسموا بها النساطرة. كرمليس كانت مأهوله بالكامل بالنساطرة (19)، ولم يشير أوتر الى أية مصادر أُخرى بما يتعلق بتسميتهم الآشورية ويُستخلص ببساطة الى أنه أعتمد على ما ذكره له سكانها.
لا يمكن إغفال هذه الأدلة على أساس إن المبشرين تعرفوا على أسم الآشوريون من التوراة (20). السكان المحليون زودوا الرحالة بالمعلومات عن الأرض التي عاشوا عليها. المبشرون والرحالة والباحثون الذين زاروا الأرض المقدسة، وأيضاً كانوا قد تعرفوا على كنعان من التوراة ولكنهم لم يطلقوا على السكان المحليين تسمية الكنعانيين. السمعاني الحق بعمله على الكلدان والنساطرة ثلاثة قوائم للبطاركة، الثانية والتي كانت بالسريانية واللاتينية كانت تحتوي على إشارات الى، مار مارس الآشوري (Mar Mares the Assyrian)، عبديشوع الآشوري (Ebedjesu the Assyrian)، مكيخا Machicha أسقف آشور (Machicha bishop of Assyria)، الياس الذي تعلم على أيدي معلمين في آشورElias who was educated by teachers in Assyria  ، عبديشوع من آشور (Abedjesu of Assyria)(21). جوزيف يتجاهل هذا الدليل على أساس أنه في هذه الإشارة ” لا يوجد ضمنياً إشارة الى أنهم أحفاد الآشوريون القدماء”(22). مع ذلك، ليس هناك ضمناً ما يشير الى عكس ذلك. كان السمعاني وغيره من الكتاب من الذين ذكروا ” الآشوريون” ملزما للتوضيح ما إذا كانوا أو لا، بأستعمالهم للآشورية قصدوا بأنهم من “أحفاد الآشوريون القدماء”؟ السمعاني أستخدم مصطلحات ” الكلدان، الآشوريون, والنساطرة” للإشارة الى نفس الشعب (“Orientalum, quos chaldaos, Assyrios,& Nestorianos appellamus”)(23).
جورج في يانا (George V Yana) نقلاً عن قسطنطين تسيريتيلي (Konstantine Tseretely) و وولفهارت هينريكس (Wolfhart Heinrichs) يذكر:
تسيريتيلي على التحديد يشير الى بعض المراسلات بين ملك جيورجيا إراكلي الثاني (Irakli II) ومار شمعون في سنة 1769م و1770م  والتي فيها يشير مار شمعون الى نفسه “بالجاثاليق الآشوري” والملك يُعَرّف رعية مار شمعون “كآشوريين” الوثائق أعلاه هي مهمة وكبيرة لإنها تعني بأن التسمية الآشورية كانت متداولة قبل وصول المبشرين الأنكليز الى المنطقة وتدل على أن هؤلاء المبشرين لم يكونوا الأوائل من أستخدموا التسمية الآشورية وأرتباطها بالمسيحيين من أبناء كنيسة المشرق. وفي إشارة الى وثائق تسيريتيلي المهمة، هنريكس (heinrichs) يكتب ” على أية حال هناك إشارة موحية  الى أن الهوية الآشورية قد يكون لها تاريخ أطول من ما يفترضه هيثيرتو (hitherto)”(24).
سوث كيت (southgate) كما هو مذكور أعلاه، أعطى تقييم متناقض حول أستخدام تسمية اليعاقبة، مع ذلك فقد أستند الى أن السريان في الحقيقة هم آشوريون:
لغتهم المشتركة في منطقة خربوت (Kharput) هي التركية، والتي فيها السريان من آثور وفي العربية حُولت الى آشور، والآثورية في العربية (Syriac, Othoroyo) الى آشوري، الأسم المشترك للسريان(25).
يتبـع
المصــادر1. A Chronicle of the Carmelites, P. 198.
2.Documenta Relationum S. Sedem Apostolicam et Assyriorum Orientalum seu Chaldaerum Ecclesiam’, Anno IV, Vol. 7, 1899-1900, P. 108.
3. Bourbonnois, op. cit., p. 634.
4. Frye, op. cit., p.34.
5. Şener Aktürk, ‘Perspectives on Assyrian Nationalism’, Sine loco, n.d.

[http://www.aina.org/articles/poan.pdf retrieved on 8 october 2010].

.
6. Joseph, The Nestorians and their Muslim Neighbours, pp. ix and 14.
7. A Chronicle of the Carmelites, p. 234.
8. Pietro Della Valle, Viaggi di pietro Della Valle, Brighton, 1843, p. 398.
9. Ibid., p. 657.
10. Pietro della valle, ‘’ Nell funerale di Sitti Maano Gioerida’’ in Melchiédec Thévenot, Relations de divers voyages curieux, Paris, 1663, p. 17 [reproduced from della Valle’s manuscript].
11. Aubert Le Miré, Politiœ Ecclesiasticœ, Libri IV, Bruxellenti, 1620, pp. 210 and 216.
12. Abraham Woodhead, The Second Treatise of the First Part of Ancient Church-Government, Oxford, 1688, P. 109.
13. Robert Manning, The case stated between the church of rome and the church of England, Sine loco, 1721, P. 329.
14. Publisher George Humble London, 1627, qt http://www.vintage-maps.com/zoomify/temlate.php?zoomifyimage=10891_0.jpg [ accessed on 24 September 2012].
15. Hélyot et al, op. cit., p. 106.
16. Green, op. cit., p. 128.
17. M. Johan Otter, Voyage en Turquie et en perse, I, Paris, 1748, P. 146.
18. Chevalier, op. cit, P. 298.
19. Niehbuhr, op. cit., p. 283.
20. Joseph,’ Assyria and Syria: Synonymous?’, JAAS, 11, 2, 1993, p.41.
21. Assemano, De Catholicis seu patriarchis Chaldœrum et Nestorianorum, p. 267.
22. Joseph, The modern Assyrians of the Middle East, Leiden, 2000, p. 23.
23. Assemano, De Catholicis seu patriarchis Chaldœrum et Nestorianorum, p. 1.
24. George V. Yana (Bebla), ‘Myths vs Reality, JAAS, 14, 3, 2000, p. 79.
25. Southgate, Narrative of a Visit to the Syrian ( Jacobite) Church of Mesopotamia, p. 87.

سـامي هاويـل ـ سدني

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.