شهادة روزي مالك يونان امام لجنة الكونكرس

بقلم ســامي بلّـو
شهادة روزي مالك يونان امام لجنة الكونكرس

24 / 10 / 2010
http://nala4u.com

ترجمة: سامي بلو
مقدمة المترجم :
روزي مالك يونان ابنة بارة لامتنا الاشورية (الكلدان السريان الاشوريين) ، وهي تنبض غيرة وحيوية من اجل ابناء امتها جميعا بدون تمييز لانتمائهم الكنسي . قبل سنة تقريبا اصدرت روزي كتابها الموسوم “الحقل القرمزي” ، روت من خلاله قصص الابادة الجماعية والمذابح والاضطهادات التي تعرض لها ابناء امتنا ما بين 1914 – 1918، والتي شملت جميع ابناء هذه الامة ، ولم يَستثني قاتليهم اية مجموعة بسبب انتمائها الطائفي.

لقد تـم إسـتدعاء روزي للادلاء بشهادتها امام لجنة من الكونكرس ، ومن الضرورة بمكان ان اترجم شهادتها ليطلع عليها اخوتنا العراقيين ، المسلمون قبل المسيحيين ، ليطلعوا على معاناة ابناء هذه الامة الصغيرة والضعيفة، هذه الامة التي نبتت من تراب بين النهرين ـ عراقنا الحبيب ، ان بقاء هذا القسم من ابناء العراق على الديانة المسيحية لا يعطي المبرر للاخرين من اخوتهم العراقين لكي يقلعوهم من جذورهم التي تمتد في عمق ارض دجلة والفرات ، وقدموا للعراق بكل اخلاص وتفاني عصارة عقلهم الخلاق ، ولم يخطر ببالهم يوما ترك موطن اجدادهم لولا القتل والظلم الذي لايطاق ، ان المسؤولية تقع الان على عاتق جميع العراقيين الذين تنبض قلوبهم بمحبة العراق واهل العراق، عربا ام كردا كانوا ، للعمل لوقف الظلم والقتل ضد ابناء امتنا ، ولوقف التهجير القسري والنزوح الجماعي الذي سيؤدي الى زوال وجودهم من ارض اجدادهم ، وفي اي حال من الاحوال لا يمكن ان يكون هذا لمصلحة احد من العراقيين ، الا لقصيري النظر ، ومحدودي البصيرة .

وان قيام بعض الجهات العراقية باستغلال خلافاتنا الطائفية وطعننا من الداخل بخنجر موضوع التسمية المسموم، وان تظهير هذه الخلافات لمصالحهم الخاصة يعتبر عملا غير مقبول وطنيا ، لان الوطن والمواطنة هي الشراكة في الارض والمصير المشترك ، ويجب ان لا تنقلب هذه الشراكة الى معركة لالغاء وانهاء الاخر ، ومحاولة الاستيلاء على ارضنا وقرانا وبلداتنا ، وخلق حالة من اليأس لدى ابناء امتنا ، وبالتالي اجباره على ترك الوطن والنزوح الجماعي الى ارض الشتات.
بعد الاتصال بروزي مالك يونان ، قمت بترجمة شهادتها حرفيا بكل دقة وامانة وبدون اية اضافة او حذف ، ما عدا بعض الهوامش المؤشرة للمترجم ، وارفقت روزي مع شهادتها الى الكونكرس قائمة طويلة للضحايا من الاشوريين المسيحيين(الكلدان السريان الاشوريين) في العراق، والقائمة من اعداد المؤرخ فريد ابرم ، وبسبب طول القائمة ارتأينا الاكتفاء بترجمة الشهادة وارجاء ترجمة القائمة الى وقت اخر . وقمنا باضافة الرابط الى موقع الكونكرس لمن يريد الاطلاع على النص الاصلي او مشاهدة الجلسة والسماع للشهادة
——————————————— المترجم

واشنطن دي سي : الجمعة، 30 حزيران 2006، في الساعة 9:30 صباحاً بتوقيت شرق أمريكا، روزي مالك يونان ، مُؤلفة كتاب الحقلِ القرمزيِ، ادلت بشهادتها في “الكابيتول هِلْ” امام لجنة تابعة للكونكرس، اللجنة الـ109 للكونكرس للحريةِ الدينيةِ ، بخصوص الإبادة الجماعيةِ والمذابحِ وإضطهادِ الآشوريين في العراق مِن قِبل الأكراد والإسلاميين.

وقد قَارنتْ روزي الإبادة الجماعيةَ للاشوريين عام 1914-1918، تلك التي صورتها في روايتِها الملحميةِ والتأريخيةِ، الحقل القرمزي، مع المحنةِ الحاليةِ للمسيحيين الآشوريينِ، السكان الأصليينِ في العراق. إنّ النسخةَ الكاملةَ لشهادةِ روزي، المثبتة ادناه ، جُعِلتْ جزءا من السجلات الرسمية للكونكرس وجُعِلتْ متوفرة للصحافة ايضا مع نسخ من كتابها الحقلِ القرمزيِ. وللاطلاع على الشهادةِ الاصلية، بالامكان النقرة على الاصرة ادناه للدخول الى موقع مجلس النواب الأمريكي، والبحث عن جلسة يوم 30 حزيران ، وبالامكان ايضا مشاهدة الجلسة وسماع الشهادة

 روزي كَانتْ  واحدة من اربعة شهود لهذه الجلسة ، وبعد ادلائها بشهادتها، بدأت جلسة الاسئلة والاجوبة ، وتبعتها تعليقات مهمة للغاية من قبل رئيس اللجنة ، عضو الكونكرس كريستوفر اج سمث .

http://wwwc.house.gov/international_relations/afhear.htm

روزي مالك يونان

مُؤلفة كتاب الحقلِ القرمزيِ

موعد الجلسة: الجمعة، يونيو/حزيران 30, 2006

اللجنة: لجنة مجلس النّواب للعلاقاتِ الدوليةِ

اسمي روزي مالك يونان . لَستُ سياسية. ولَستُ عضوة في أية مجموعة أَو منظمة سياسية. أَنا مُؤلفة. أَنا مسيحية. أَنا آشورية. أَنا مواطنة أمريكية. أنا هنا لأُخبرَكم عن ولد بعمر 15 سنةً اسمه فادي شمعون.

كَانَت السعادة تغمر فادي وهو يَرْكب الدراجة الجديدة التي اعطاها له أبّاه ، وفجأة في ذلك اليومِ الخامسِ مِنْ تشرين الأولِ، 2004، سُحِبَ فادي مِنْ دراجتِه الجديدةِ وإختطفَ مِن قِبل الأكراد الإسلاميينِ الإرهابيينِ. وجن جنون عائلتُه بالبحث عنه ولا تعلم مالذي حدث للصغير فادي، حتى وجد احد الجيران جثة فادي مرَمية على قارعةِ الطريق مثل القمامةِ. وقد قطع جسمه واحرق ومزقت اوصاله بِهمجية ، وقُطِعَ رأسه بطريقةٍ بربرية شنيعة .

ورغم ان هذه الجريمة هي فوق تصور البشر ببشاعتها ، الا انها لم تكن الاولى لسكّانَ منطقة بعشيقة الاشورية . فقبلها فقد الآشوريين إبناً آخر ، وهو جوليان افرام يعقوب بعمر 14 سنةً، عندما ضُرِبَ على رأسه بكتلة خرسانية وبعدها ذلك إحرقت جثته. ان قتل الأطفال المسيحيين الأبرياء أَصْبَح شيئا مألوفا في العراق، لاجبار العديد مِنْ المسيحيين للهُرُوب من بيوتِهم وقُراهم، بدون مال وبدون معين.

في روايتِي الملحميةِ التأريخيةِ المَنْشُورةِ مؤخراً، الحقل القرمزي ، نَقلتُ الأعمال الوحشية الواقعيةَ التي أُطلق العنان لها على اهلي في مدى أربع سَنَواتِ مِنْ 1914 إلى 1918، والتي أبادتْ ثلثي السكان الآشوريِين الذين بلغ تعدادهم حوالي 750,000.

لقد فَقدتُ أجدادي الاوائل، واعمام أبي، وعمّات أبي، والعديد مِنْ الآخرين. لقد سقط اهلي ضحايا بيدي الأكراد والأتراك الإسلاميينِ قبل 91 سنةً لأنـهم مسيحيون. ولا يزال اهلي الى هذا اليوم ضحايا الأكراد الإسلاميينِ لكونهم مسيحيين.

كنائسنا تُقْصَفُ. شيوخنا يقتلونُ. إخوتي الشباب يُهاجمونَ ويُختَطفونَ. زملائي الطلبة يضايقون ويضربُون. أطفالنا وجيراننا تقطع رؤوسهم. إذا رْفضت أختَي أَنْ تَلْبسَ الحجاب الاسلامي تُغتَصبُ ، أَو تُعذّبُ بسكب الحامضِ على وجهِها لتشويهها . نعم ، فان أغلبية هذه الحوادثِ مَرّتْ من دون أن تنشر في أجهزة الإعلام الغربيةِ. هذه الأعمال الوحشية تَحدث امام العيونِ اليقظةِ لحكومتِي الأمريكيةِ منذ “تحريرِ” العراق.

مارس/آذار 16, 1918: “ مائة وخمسون نفسا زهقت في ذلك اليومِ الأسودِ [على يدي الأكراد]. مائة وخمسون نفسا حية بالتمام. مائة وخمسون نفسا المحبوبة مِن قِبل الآباءِ والأمهاتِ. مِن قِبل الأبناءِ والبناتِ. مِن قِبل الأخواتِ والإخوةِ. مِن قِبل الزوجاتِ والأحباءِ. مائة وخمسون نفسا ، كل واحد مِنْهم كان له او لها اسما ، كل منهم يُنتَظَر على مائدة العشاءِ في ذلك المساء. تلك الليلةِ وكُلَّ لَيلة، مائة وخمسون كرسيا بقي غير مشغول، كُلّ منهم تَرْك فراغا في قلوبِ أمة على حافةِ الإنقراضِ الكليِّ. مائة وخمسون شمعة أومضتْ على مسافةِ عندما مسحت الملائكةَ الأرضَ لأرواحِهم. ”

ذلك كَانَ مقتطفاً مِنْ كتابِي، الحقل القرمزي. وكأنني اكتب عن محنةِ آشوريي اليومِ في العراق. ان التاريخ يعيد نفسه ولا أحد يعير اهتماما بذلك ، لا أحد ماعدا شعبي.

نحن الاشوريون أمة بدون حدودِ. لآلافِ السنين بقينا بقوةِ الإرادة المطلقةِ. قَبْلَ قرن واحد تقريباً، وفي ظّل الحرب العالمية الأولى، كافح أجدادي من أجل البَقاء وللمحافظة على الأجيال الاشورية القادمةِ مِنْ الإنقراضِ. والآن ذلك العبءِ هو لي لاحمله. الان جيلي يُواجهُ ذلك الكفاحِ نفسهِ للمحافظة على أمتِي مِنْ الإنقراضِ الكليِّ في العراق. نَهتمُّ بحفظِ النِسْرِ الأصلعِ ونُجاهدُ للمحافظة عليه مِنْ الإنقراضِ(الشاهدة تتحدث هنا عن القوانين الامريكية- المترجم). نُشرّعُ القوانينَ التي تُحرّمُ صيد النِسْر الأصلع. رغم إِنَّنا نَسْمحُ لاقدم أُمة الأقدم في العالمُ بالإنقِراض. وهذا شئ لا يغتفرُ.

الآشوريون، مثلي انا، الذين يعيشون في الشتاتِ في البلدان التي تبنتنا، يَعْملُون ما في وسعهم لجَلْب الانتباه إلى محنةِ شعبنا. نحن لَسنا جنود. ولا نَستطيعُ حَمْل السلاح والمُحَارَبَة في شوارعِ بغداد. لَكنَّنا نُؤلّفُ الكُتُبَ ونكتب المقالاتَ، ونلقي المحاضرات، ونعمل أفلاما وثائقية. ونقيم امسيات ومناقشاتَ. ننظم المسيرات. نَقوم بالإضراب عن الطّعامِ والمظاهراتِ السلميةِ. ونَعْقدُ الإجتماعاتَ. ونَتكلّمُ.

عندما تَكْتسبُ معرفةَ الأعمال الوحشية التي تحدث، فانك تكون شاهدَ جوهرياً لتلك الحقائقِ بحد ذاتها، وقد ورثت المسؤوليةَ المُطلقةَ لتشهد عليها لتُخفّفُ من تلك التعاسةِ الإنسانيةِ.

نحن الاشوريون لسنا شعبا استثنائيا . لَكنَّنا وقعنا في النيرانِ المتقاطعةِ للأحداثِ الإستثنائيةِ. ورغم هذا فاننا لا نُقابل العنفَ بالعنفِ. نحن لا نَنتقمُ. لأننا فقط نُريدُ ان نعيش. عندما تفجر كنائسنا، نحن لا نُفكّرُ بالاقتصاص من الجناة . ونَنصرفُ في طريقنا، كما يجب على المسيحي ان يفعل.

في هذا الإسبوعِ فقط، 7,000 آشوري تركوا بغداد الى شمال العراق. النِساءُ والأطفالُ لجأوا الى البيوتِ الآشوريةِ هناك، بينما يَنَامُ الرجالَ في المقابرِ في الليل. أنا لا أَعْني هذا مجازياً. بل أَعْنيه بشكل حرفي. انهم يَنَامونَ في المقابرِ لأنهم لَيْسَ لهُمْ ملجأُ آخرُ. ان هؤلاء الآشوريين المُعذبون في العراق يعتمدون على شجاعتِنا نحن العالمِ الغربيِ لمُسَاعَدَتهم.

قبل اشهر قَليلة، التقيت مار كيوركيس صليوا، رئيس الأساقفة الآشوري في العراق، مِنْ الكنيسةِ الشرقية الكاثوليكيةِ الآشوريةِ. حديثه عن حياةِ الأطفالِ الآشوريينِ في العراق كَانَ مُرَوِّعَا ومفجعا. قالَ لي “ نحن لم نعد قادرين على فعل شئ لمُسَاعَدَة أطفالُنا أكثر. انهم يَلْعبونَ في حقولِ الدمِّ. ونحن امة فقيرة. نحن نَحتاجُ إلى مساعدةً. فساعدوْنا. ”

فقط قبل أيام قليلة تَكلّمتُ مع قداسة مار دنخا الرابع، بطريرك الكنيسةِ الشرقية الكاثوليكيةِ الاشورية، الذي أخبرَني بأنّ الكهنةَ في العراق لَمْ يَعُدْ باستطاعتهم لِبس زيهم الكهنوتي علناً. عليهم أَنْ يَظْهروا بزيّ مدنيين، وبعكسه فانهم يستهدفون ويُهاجمونَ مِن قِبل الإسلاميين.

عراق اليوم كَانَ ذات يوم جزءَا من الإمبراطورية الآشوريةِ. الإمبراطورية الآشورية كَانتْ الأمةَ الأولى التي تقبلت المسيحيةِ. والكنيسة الآشورية كانت قد أُسّستْ في 33 بعد الميلاد. اما اليوم، فان مستقبل أمتي الآشورية في خطر حقيقي. سكان العراق الآشوريين البالغ تعدادهم 1.4 مليون قَبْلَ حربَ العراق، قد تضاءل الآن الى ما يقارب 800,000. وبدون ان يحمي احد مصالحَهم.

مع ان الآشوريين هم سكان العراق الاصليين ، الا انهم الان يجنى عليهم ويُقْتَلون، أَو يُطْرَدون من وطنِهم. ممارستهم لدينهم المسيحيِ لا تحترم أَو يسمح بها مِن قِبل الإرهابيين والأكراد الإسلاميينِ. أعمال العنف والعدوان نحو المسيحيين الآشوريينِ في العراق هي حوادثَ متكرّرةَ. على سبيل المثال، فان الكنائس الآشورية هي أهدافَ أساسيةَ لحملات الذين يعادون الاشوريين والمسيحيين في قتل وجرح الكثير من الآشوريين. مِنْ 2004 إلى حزيران 2006, 27 كنيسة هوجمتْ أَو فجّرت لسببِ واحد كونها بيوتَ عبادةِ للمسيحيين الآشوريينِ. في حادث واحد، 6 كنائسِ فجرت في وقت واحد في كل من بغداد وكركوك، وفي حادث اخر 6 كنائسِ اخرى فجرت في نفس اليوم في بغداد والموصل. ان تفجيرات عدة كنائس في وقت واحد اصبح نمطاً مكررا.

بالرغم مِنْ دفع العراق ليصبح بلدا ديمقراطيا، الا ان وحشيةَ صدام حسين التي لا يمكن تصورها قد انتقلت، واطلق عنانها ضد الآشوريين مِن قِبل الأصوليين الإسلاميين والقوى الكرديةِ التي صعدت بسرعة في العراق منذ أن ظَهر ما يسمّى بالعراق الـ”ديمقراطي”. أَقُولُ “ما يسمى” لأنه لَيسَ هناك ديمقراطيةً عندما يسود الترهيب وتزوير الانتخابات بدون قيود.

لاول مرة في تأريخِ العراق، تمكن الاشوريون من الإشتِراك في الانتخاباتِ التي جرت في كانون الثّاني 2005. لكن آلافَ الاشوريين في سهلِ نينوى لَمْ يحْصلواْ على فرصة للتَصويت. وصناديق الإقتراع لَمْ تَصلْ البلداتِ والقُرى الآشوريةِ، والأكرادِ المسؤولون عن العمليةِ لم يؤدوا مهامهم. هناك روايات عديدة لسرقاتِ صناديق الإقتراع. وفي المناطق التي كان يمكن للآشوريين أَنْ يُصوّتوا، فان المليشيات الكردية المُسلَّحة والشرطة السرية الكردية ظهرا علنا قُرْب المراكز الإنتخابية، لتخويف النِساءَ والمسنينَ الاشوريين الخائفين اصلا. وفي المحافظاتِ التي يكثر فيها الآشوريون، فان الأصوات الكردية نتجت بوفرةِ بدلاً مِنْ الأصواتَ الآشوريةَ.

اليوم في العراق الذي مزقّته الحرب، حقوقهم الانسانية الاساسية تُنكر، ويبقى هؤلاء الناسِ القدماءِ والأصليينِ اهدافا للظلمِ المنظّمِ، والقتل، وللترهيب، والإختِطاف، والعنف. الآشوريون في شمال العراق مهمّشين مِن قِبل الأكراد الذين كَسبوا الزخمَ ويُمارسونَ نفس النوع من العنفِ الذي إشتكوا وعانوا مِنهْ أثناء دكتاتوريةِ صدام.

منذ بدايةِ حربِ العراق، فان وسائلُ الإعلام الشرقية المُخْتَلِفة نقلت بصورة منتظمة البعض، ولكن ليس كل الجرائم العنيفة المرتكبة ضد الاشوريين. وما ارفقته بشهادتي التي امامكم هي مجرد نماذج لهذه الجرائمِ. ورغم ذلك، فان أغلب هذه الجرائمِ تَذْهبُ بدون توثيق وبدون ان تنشر في أجهزة الإعلام الغربيةِ. وحقيقة سقوط مثل هذه الحالاتِ خلال الشقوقِ، لا يقلل في اي حال من مصداقيتها وشرعيتَها. سواء تم تغطيتها اعلاميا أَم لا، متى ما كانت حقوق الإنسان الأساسية مُنتَهَكة، ومتى ما كانت الجرائم ترتكب ضدّ الإنسانيةِ.

الأمثلة الأخرى على تهميش الآشوريين يمكن العثور عليها في ديباجةَ الدستورِ العراقيِ في مسودته الحديثة. العرب، والأكراد، والتركمان تم ذكرهم بشكل مُحدّد، بينما حُذفَ الآشوريون. إضافة إلى ذلك، تستشهدُ الديباجةُ بالأعمال الوحشية ضدّ الأكراد ، بينما اهملت بالكامل تلك التي ارتكبت ضدّ الآشوريين أثناء نظامِ صدام ، بالإضافة إلى مذبحةِ 1933 ضد الاشوريين في سميل ـ العراق.

ان “تحرير” العراق أَصْبَحَ “ظلماَ” للآشوريين. إنّ الحربَ في العراق تسبّبُ خسائر فادحة بشكل صامت للآشوريين خصوصاً في المناطقِ الشماليةِ مثل كركوك والموصل وبغداد حيث تتركز الكثافة السكانية للآشوريين. في سهولِ نينوى ومناطقها المحيطة، تحت الحكومةِ الإقليميةِ الكرديةِ (KRG)، ومن خلال الدكتاتورية، فان الأراضي الآشورية تُصادرُ بشكل غير قانوني.

ورغم ذلك فان الآشوريون لا يردون الضربات. ونَبْقى مسالمينَ ومتسامحينَ تحت هذه الظروف التي لا تطاق.

ليس هناك مساعدة أَو تمويل يَذْهبُ إلى المناطقِ الآشوريةِ تحت هيئةِ رقابتنا الأمريكيةِ. الحاجات الطبية الأساسية غير متوفرة لهؤلاء المسيحيين. والمرأة لا يُمكنُ أَنْ تجرى لها عملية قيصرية في منطقتها. وعليها ان تقطع أميال وتُخاطرَ بحياتَها وحياةَ طفلِها الغير مولودِ لإستِلام العنايةِ الطبيةِ.

نحن الآشوريون، لا نسْألُ عن أيّ شئِ اكثر من المساعدةِ التي تَذْهبُ إلى العراق لإعادة الاعمار. لَكنَّنا نَسْألُ بأنّ يستلم الآشوريون المساعدةَ التي ترسل الى مناطقهم بشكل متناسب.

في شمال العراق، ملايين الدولاراتِ يتم تمويلها من الولايات المتّحدةِ وتصرف باشراف الأحزاب السياسية الكرديةِ التي تَستعملُ هذه الأموالِ بصورة اولية لفائدتِهم الخاصةِ بدلاً مِنْ توزيعها بالعدل والمساوات إلى القيادةِ الآشوريةِ المحتاجة لها لاستَعمالُها لمُسَاعَدَة المناطق الآشوريةِ التي هي بامس الحاجة اليها.

آشوريو اليوم هم من الأقلّياتِ الاكثر ضعفا في العالمِ. امام انظارنا، يجري النزوح الجماعي للآشوريين . ويُخَمّنُ، اذا سارت الامور على ما هي عليه الان ، فان الاشوريين سيتم استئصالهم من العراق خلال 10 سَنَواتِ، بسبب التَطهير العرقيِ، والنزوح الجماعي الإجباري، والهجرة.

السكان الأصليون للولايات المتّحدةِ، الهنود الأمريكان، قد ضُمنت حقوقَهم الإنسانية في وطنِهم في أمريكا. السكان الأصليون في العراق، المسيحيون الآشوريون، يُطْرَدُون من وطنِهم.

ترحيل الآشوريين أَصْبَحتْ قضيةِ منظورة وجدية وخطيرة. أثناء حرب الخليجَ هَرب منهم الالاف إلى الأردن. في 2003، أثناء المراحلِ المبكّرةِ لحربِ العراق، وبسبب الخوف، 40,000 إلى 50,000 آشوري هَربَ إلى سوريا. منذ ذلك الحين، آلالاف منهم يتركون العراق بسبب التهديداتِ التي إستلموها. مشردون يعيشون في شوارعِ سوريا والأردن، ويَنتظرُ الاشوريون العاجزين المساعدةَ.

طبقاً للإحصائياتِ مِنْ المندوب السامي للاجئين للأُمم المتّحدةَ (اللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة)(UNHCR) في تشرين الاول 2005 حوالي 700,000 عراقي هَرب إلى سوريا. بين تشرين الأولِ 2003 وآذارِ 2005, 36 % من هؤلاء اللاجئين كَانوا مسيحيَين عراقيين. أي 252,000 لاجىءُ مسيحي آشوري.

عندما بَدأت حرب العراق، لم يكن للآشوريين “ منطقة آمنة ” ضمن العراق ليلتجؤا اليها، لذا كان طبيعياً ان يهربوا إلى البلدان المجاورةِ مثل سوريا والأردن. لكن لما كان الآشوريون لَمْ يرحلوا داخلياً في العراق، فهم غير مؤهلين لبرنامجِ مساعدة “اعادة المرحلين” الحاليِ. هؤلاء اللاجئين الآشوريينِ الذين قادوا يوما حياة مثمرة في العراق، لَجأوا إلى الإستجداء، والعبودية، والدعارة، وبيع الأعضاء فقط من اجل البقاء واطعام عوائلِهم. وهذه تَحْدثُ تحت وامام انظارنا في أمريكا. والجانب الاخر لهذا هو أنّ الملايينِ مِنْ الأكراد المرحَّلينِ تقدم لهم المساعدة للعودة إلى مناطقِهم، لانهم ، على خلاف الآشوريين، كَانَ لهم منطقة آمنة ” ضمن العراق للالتجاء اليها. نحن يَجِبُ أَنْ نُوازنَ بين هذا.

هي حقيقةُ غير قابلة للنقاشُ بان بلاد ما بين النهرينِ هي مهدُ الحضارةِ، وان المسيحيين الآشوريينِ هم السكان الأصليينَ لبلاد ما بين النهرينِ، العراق الحالي. وكذلك كون الاشوريين جزء من نسيج عراق اليوم هو غير قابل للنقاشُ أيضاً ذلك، يَتحمّلون قيود الشريعة أو القوانين الاسلامية ، وان كان بالاسمِ فقط العراق الديمقراطي.

الفقرة ب من المادة 2 مِنْ الدستورِ العراقي تنص على : “ لا يجوز سن اي قانون يتعارض مع مبادئَ الديمقراطيةِ. ” الفقرة أ من المادة 2 من الدستورِ العراقي تنص على: “ لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الإسلامِ. ” هاتان الفقرتان تتناقضِ مَع بعضهما البعض.

إحدى قواعدِ الإسلامِ، التي يُمْكِنُ الاطلاع عليها في القرآنِ في الفصلِ 3، سطر 19،(المقصود الاية 19 من سورة آل عمران- المترجم): “ ان الدين عند الله الاسلام…. ” وفي الفصلِ 3، سطر 86،(آية 85 من سورة آل عمران- المترجم) القرآن يَذْكرُ: “ ومن يبتغِ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين. ” المسيحيون بَعْدَ أَنْ إختاروا دينا غير الإسلامِ يَعتبرُون كفَّاراَ ووثنيين. في الفصلِ 2، سطر 190 إلى 193،(سورة البقرة اية 190 الى 193- المترجم) يَأْمرُ القرآنُ على كُلّ المسلمين: “ واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث اخرجوكم والفتنة اشد من القتل. ” ولذا فان الكنائس المسيحية تُفَجّر والمسيحيون يَذْبحونَ؛ المسيحيون الآشوريون.

على الرغم من كونهم السكان الأصليينَ لبلاد ما بين النهرينِ، فان التمييز يمارس ضد الآشوريين ويُعاملون كضيوفَ غير مرغوب بهم في وطنِهم الام بينما يُواجهونَ اليوم تهديدا اخر الذي يتمثل بالتَطهير العرقيِ مِن قِبل الأكراد الإسلاميينِ، الذي يُذَكّرنا بالتَطهير العرقيِ الذي مورس ضدهم قَبْلَ قرن تقريبا مِن قِبل الأتراك العُثمانيينِ والاكراد.

الشرق الأوسط اليومِ يَجِبُ أَنْ يصبح متوازنا عرقياً. مثلما هناك دولة يهودية، ودولة عربية، هناك حاجة لدولة مسيحية.

بالرغم من أن الفصلِ 4، المادة 121 مِنْ الدستورِ العراقيِ يلزم “الإدارات المحليةَ” بضمان الحقوقَ التربويةَ والثقافيةَ والسياسيةَ والإداريةَ للاثنيات العرقية المُخْتَلِفةِ مثل التركمان، والكلدانيين والآشوريين، والمكوّنات الأخرى، هذا القانونِ موجود نظرياً فقط، ولا يمارس.

كبت الحكومةِ العراقيةِ لحقوقِ المسيحيين، يَنْظر الآشوريون إلى المجتمعات الدوليةِ والى العالمِ الغربيِ وبشكل خاص إلى الولايات المتّحدةِ والأُمم المتّحدةِ للتَدَخُّل نيابة عنهم، لتمكينُهم لتَأسيس منطقتِهم الإداريةِ الآشوريةِ الخاصةِ في سهلِ نينوى لكي يصبحوا، مرةً أخرى مجتمعا متعافيا ومزدهرا في العراق. هذه المنطقةِ الإداريةِ الآشوريةِ سَتَشْهدُ عودةَ اللاجئين الآشوريينِ إلى موطن اجدادهم. على أية حال، هذا الإجراءِ يجب أنْ يُتْخَذَ الآن. هذه لَيستْ قضيةً يُمْكِنُ أَنْ تُوْضَعَ في الخلفِ.

إنّ الحضارةَ الآشوريةَ المعرَّضة للخطرَ والتي إستطاعتْ البَقاء تحت حكم جنكيزخان، والحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، تَدور الان خارج السيطرة نحو الزوال الكاملِ بسبب التَطهير العرقيِ الحاليِ، والصهر والتهجير القسري والنزوح الجماعي.

في 9/11 واجهت أمريكا إلى حدّ ما مثالا صغيرا مِنْ الإرهابِ الإسلاميِ مقارنة بما هو معروف ومألوف لدى المسيحيين في الشرق الاوسط. راقب العالم مرعوبا كما نحن، مواطنوا هذه الأمةِ العظيمةِ، نَدبنا خسارتَنا. والعالم نَدبَ مَعنا. كَمْ كانت ستكون مخزية لو ان مأساةِ 9/11 مَرّتْ بدون ملاحظة. كَمْ هو مخزي ان مأساةِ الإبادة الجماعيةِ للآشوريين في القرن الماضي مرت بدون ملاحظة. كَمْ هو مخزي بأنّ المذابحِ الآشوريةِ الحاليةِ تَمْرُّ بدون ملاحظة.

ســامي بلّـو

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.