مجازرالإبادة والتطهيرالعرقي في الأناضول بحق الأرمن والآشوريين واليونانيين ترتقي لجرائم حرب و جرائم بحق الإنسانية تنتظر العدالة !.

بقلم د.ابراهيم افرام
الموضوع;
 مجازرالإبادة والتطهيرالعرقي في الأناضول بحق الأرمن والآشوريين واليونانيين ترتقي لجرائم حرب و جرائم بحق الإنسانية تنتظر العدالة !.

22 / 04 / 2024
http://nala4u.com

تحل الذكرى الـ 109 في 24 ابريل 2022 لأبشع الجرائم المروعة في تاريخ الإنسانية ، تلك الجرائم ما زالت فظاعتها ماثلة وحية ليومنا هذا، حيث تتحمل الدولة التركية الوريثة الشرعية للسلطنة العثمانية وحلفائها من العشائرالكردية حينها المسؤولية التاريخية والحقوقية عن ارتكابها بحق شعوب الأناضول الأصيلة أو “ما يعرف بتركيا اليوم !؟” ليس فقط في أعوام 1915- 1923 م بل وما قبلها وحتى يومنا هذا حيث ينكر الطرفين الأعتراف بما ارتكبوه من فظائع يندى لها جبينهم وستبقى وسمة عار في تاريخهم .

مصطلح “الإبادة الجماعية” لم يكن موجودًا قبل عام 1944م ، هذا المصطلح له مدلول خاص جدًا، حيث أنه يشير إلى جرائم القتل الجماعي المرتكبة بحق مجموعات معينة من البشر بقصد تدمير وجودهم كلياً، لتضرب بعرض الحائط لوائح حقوق الإنسان، كما جاءت في قوانين الحريات الفردية في الولايات المتحدة الأمريكية أو في إلاعلان العالمي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الصادر في عام 1948، فيما يتعلق بمفهوم حقوق الأفراد.

في عام 1944سعى محام يهودي بولندي يدعى “رافائيل ليمكين” (1900-1959) إلى وضع وصف للسياسات النازية للقتل المنظم ، بما في ذلك إبادة الشعب اليهودي الأوروبي. وقام بصياغة مصطلح “الإبادة الجماعية” (genocide) عن طريق الجمع بين كلمة (-geno) اليونانية والتي تعني سلالة او عرق أو قبيلة، مع كلمة (cide-) اللاتنية التي تعني القتل. وحينما كان يقوم بصياغة هذا المصطلح الجديد،كان رافائيل ليمكين يضع في اعتباره مفهوم الخطة المنظمة التي تتألف من إجراءات مختلفة تهدف إلى تدمير الأساسيات الضرورية لحياة مجموعات قومية معينة ، بهدف إبادة المجموعات نفسها، حيث أستند كمثال على ذلك لمجازر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في الأمبراطورية العثمانية 1915ومجزرة سميلي بحق الشعب الآشوري في العراق 1933، وفي العام التالي لـ 1944 وجهت المحكمة العسكرية الدولية في مدينة “نورمبرخ” بألمانيا الاتهامات إلى كبار القادة النازيين بإرتكاب “جرائم ضد الإنسانية” ، وقد اشتملت الاتهامات على كلمة “الإبادة الجماعية”، ولكن ككلمة وصفية وليست باعتبارها مصطلحًا قانونيًا حينها .

نظرًا للجهود المتواصلة التي قام بها رفائيل ليمكين بنفسه في أعقاب “الهولوكوست” (Holocaust) وعلى نطاق واسع، أقرت الأمم المتحدة اتفاقية تقضي بمنع جرائم الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها في 9 كانون الأول/ديسمبر 1948. واعتبرت هذه الاتفاقية “الإبادة الجماعية” بمثابة جريمة دولية تتعهد الدول الموقعة عليها “بمنعها والمعاقبة عليها”. والإبادة الجماعية تُعرف على أنها: اي [الإبادة الجماعية] تعني ارتكاب أي عمل من الأعمال الآتية بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين، مثل : (أ) قتل أعضاء الجماعة. (ب) إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة. (ج) إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الفعلي للجماعة كليًا أو جزئيًا. (د) فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة. (هـ) نقل الأطفال بالإكراه من جماعة إلى أخرى.

في الوقت الذي شهد فيه التاريخ العديد من الحالات التي يستهدف فيها العنف الجماعات المختلفة وحتى منذ بدء سريان الاتفاقية،تركز التطور الدولي والقانوني للمصطلح حول فترتين تاريخيتين بارزتين: الفترة الأولى وهي الفترة التي بدأت منذ صياغة المصطلح وحتى قبوله كقانون دولي (1944-1948) والفترة الثانية هي فترة تفعيله في ظل تأسيس المحاكم العسكرية الدولية للبت في جرائم الإبادة الجماعية (1991-1998).غير أن منع الإبادة الجماعية باعتباره الالتزام الرئيسي الآخر للاتفاقية يظل التحدي الذي تواجهه الدول والأفراد باستمرار.

لا تقتصر المسؤولية الجنائية الفردية عن ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي على الفاعلين المنفذين للجرائم ، ولكن تمتد هذه المسؤولية إلى المشاركين الفعليين والمحرضين والمتآمرين على ارتكاب الجرائم ، وبمرور مئة وسبعة أعوام على تلك الجرائم لا يعني سقوطها بالتقادم !. فالمجازر والإبادات الجماعية تعتبر جرائم بحق الإنسانية ولا تموت بالتقادم .! بالأستناد لقرار الجمعية العامة للأمم ألمتحدة بقرارها 96 (د – 1) المؤرخ في 11 كانون الأول / ديسمبر 1946،قد أعلنت أن الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدول. أن ما ارتكبته الإمبراطورية العثمانية ووريثتها الدولة التركية والعشائر الكردية المتعاونة والحليفة لها في 1915-1919 من مجازر إبادة بحق الأرمن والآشوريين واليونانيين وعلى أرضهم التاريخية يدخل في باب جرائم الحرب التي لا تموت بالتقادم حيث ورد ت عبارة في “جميع عصور التاريخ ” في الوثيقة الدولية:((” اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها / 09-12-1948 معاهدات : أقرت وعرضت للتوقيع وللتصديق أو للانضمام بقرار الجمعية العامة 260 ألف (د-3) المؤرخ في 9 كانون الأول /ديسمبر : 1948و تاريخ بدء النفاذ : 12 كانون الثاني / يناير 1951، طبقاً للمادة الثالثة عشرة : إن الأطراف المتعاقدة: إذ ترى أن الجمعية العامة للأمم ألمتحدة بقرارها 96 (د – 1) المؤرخ في 11 كانون الأول / ديسمبر 1946، قد أعلنت أن الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي، تتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها ويدينها العالم المتمدن. وإذ تعترف بأن الإبادة الجماعية قد ألحقت، في جميع عصور التاريخ ، خسائر جسيمة بالإنسانية، وإيماناً منها بأن تحرير البشرية من مثل هذه الآفة البغيضة يتطلب التعاون الدولي”.

في عام 1997 أصدرت الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية (IAGS) قرارًا يعترف بالإجماع بالمجازر العثمانية بحق الأرمن بأنها إبادة جماعية. كما وأيد القرار على اعتبار مذابح الأرمن إبادة جماعية أكاديميين وعلماء مرموقين أمثال روجر سميث جورج؛ إسرائيل تشارني (الجامعة العبرية، القدس)؛ هيلين فين، وفرانك شالك (جامعة كونكورديا، مونتريال)؛ بن كيرنان (جامعة ييل)؛ ومارك ليفين (جامعة وارويك، المملكة المتحدة)؛ رودا هوارد (جامعة ماكماستر، كندا)، مايكل فريمان (جامعة إسكس، المملكة المتحدة)، جونار هينسون (جامعة بريمن، ألمانيا) وغيرهم.لتعود الجمعية وتصدر في 2007 ثلاثة اعترافات تشمل أيضًا المذابح بحق الآشوريين والمذابح بحق اليونانيين على أنها إبادة جماعية.

جرائم المحتلين الأتراك والأكراد لا يمكن تجاوزها ، جرائم لم يسبق لها مثيلٌ في تاريخ البشرية، فنحن هنا إزاء جريمة حرب مكتملة الأركان واضحة المعالم ، مروعة بكل المقاييس فمن المفروض تحليلها وفهمها ودراسة نتائجها السلبية على الملايين ، ممن قضوا نحبهم كشهداء والملايين من ابنائهم واحفادهم الناجين منهم على أرضهم التاريخية والمشردين في أصقاع المعمورة ، فعلى المؤخرون و رجال القانون وعلماء الاجتماع والسياسة وكتاب التاريخ والساسة في دول العالم الاعتراف بتلك المجازر ووضعها في نصابها القانوني المعتمد،فتلك المجازر لا يمكن فصلها عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي للمتضررين منها اليوم ، لا يمكن اعتبارها وكأنّها مفصولة عن التاريخ وتشكّل نوعًا من الشذوذ والوحشية الهائلة ليس بسبب عدم معرفة السياق التي حدثت فيه عمليات القتل تلك والذي من خلاله يمكن تحليلها وتفسيرها ، ولكن في سبيل تأكيد ما تمثّله تلك العمليات والمقصود بالمجازرالجماعية المتكررة من قطيعة نسبية للاستمرارية التاريخية الطبيعية .

الأنظمة الحاكمة المتعاقبة على تركيا وممارسات رئيس النظام التركي الحالي رجب طيب أردوغان تحاكي في بشاعتها وجرائمها ما ارتكبه أسلافه العثمانيين وحلفائهم من الأكراد حلفائهم بالأمس وأعدائهم باليوم بحق شعوب الأناضول ألأصيلة ، فالطرفين ينكرون وعلى مدى عقود أرتكاب أو المشاركة في تلك المجازر،مترافقة اليوم بعمليات أعتقال، قتل،وتهجير ومصادرة للممتلكات وحرق للمدن والقرى والتغير الديمغرافي على الأرض في إطار : ” نزعة طورانية شوفينية قومية تسعى إلى أعادة مجد الأمبراطورية عثمانية من جديدكما يحلمون وبالمقابل يسعى الأكراد ودون أدنى وجه حق تاريخي وحقوقي لإقامة ما يسمى بكردستان الكبرى وكما يحلمون !”، وعلى أرض ليست لهم ولا يمتون لها بصلة.

لقد أصدر التاريخ حكمه ورغم ذلك لم تعترف سوى 31 دولة حول العالم بتلك المجازر بالإضافة إلى العديد من المنظمات الأنسانية والحقوقية بحقيقة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي أرتكبت بحق شعوب الأناضول من الأرمن والآشوريين واليونانيين عام 1915م حيث تطغى المصالح الأقتصادية لبقية الدول على النواحي الإننسانية في تعاملها مع أول وابشع واوسع إبادة جماعية عرفها التاريخ من حيث عدد الضحايا ، ولحين تحقيق العدالة وأنصاف المتضررين لا بد من العمل المتواصل والدؤوب من ابناء وأحفاد الشهداء لهذه الشعوب بالتعاون والتنسيق بين مؤسساتهم حول العالم ،

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.