حين توقف الزمن الآشوري فجر 23 شباط 2015

بقلم سليمان يوسف
الموضوع;
 حين توقف الزمن الآشوري فجر 23 شباط 2015
shuosin@gmail.com

27 / 02 / 2024
http://nala4u.com

الآشوريون أصحاب أعظم حضارة عرفها العالم القديم. منذ سقوط (الإمبراطورية الآشورية /البابلية) – سقوط نينوى 612 و سقوط بابل 539 ) قبل الميلاد – على أيدي الفرس ، ورحلة (النزوح والتهجير القسري والإبادات الجماعية) للآشوريين مستمرة مع كل الاحتلالات والغزوات الأجنبية لموطنهم التاريخي( بلاد ما بين النهرين- بلاد آشور). باعتناق الآشوريين للمسيحية زادت معاناتهم وباتوا أكثر عرضاً للمظالم والتطهير(العرقي والديني) على أيدي الشعوب والأقوام التي بقيت على عقائدها الوثنية. الغالبية الساحقة من الآشوريين اليوم هم من أتباع الديانة المسيحية ،ينتمون إلى الكنائس الأربع: (المشرق الاشورية .الكلدانية الكاثوليكية . السريانية الأرثوذكسية ، السريانية الكاثوليكية).
فجر يوم الاثنين 23 شباط من عام 2015 توقف (الزمن الآشوري) عند ذاك المشهد المأساوي المتمثل باجتياح المجموعات المتوحشة لـ(تنظيم الدولة الإسلامية -داعش) للقرى والبلدات الآشورية المنتشرة على ضفاف نهر الخابور في الريف الغربي لمدينة الحسكة السورية. ( آشوريو الخابور) هم أحفاد ممن نجوا من ( مذبحة سميل )الآشورية ،التي نفذها الجيش العراقي بمشاركة العشائر العربية والكردية في آب 1933، قتل فيها ، بوحشية قل نظيرها، أكثر من خمسة آلاف آشوري، جلهم من النساء والأطفال والشيوخ.. تحت صيحات (الله أكبر) وأصوات الرصاص ، اجتاح مسلحو التنظيم القرى والبلدات الآشورية . اقتحموا المنازل ، أحرقوا الكنائس ، نهبوا الممتلكات ، قتلوا كل من اعترضهم ، سبوا المئات ، غالبيتهم من النساء والفتيات والأطفال . آلاف العائلات الآشورية نزحت إلى مدن الحسكة والقامشلي ، تاركة خلفها منازلها وممتلكاتها وارزاقها وكل ذكرياتها .. بتسهيلات من الدولة اللبنانية،استثنتهم من القرارات التي اتخذتها للحد من اللجوء السوري، مئات العائلات الآشورية وصلت لبنان كمحطة للهجرة إلى دول الغرب. مازال ذاك المشهد بكل آلامه وأحزانه ماثلاً أمام أعين الآشوريين ، محفور في ذاكرة، ممن حاصرتهم عصابات تنظيم الدولة الإسلامية، وهم عزل نيام في بيوتهم . المشهد أصبح أكثر قتامة وكآبة و أكثر إيلاماً، بترك الآشوريين لقمة سائغة للمتوحشين الدواعش، من غير أن يتحرك أحداً للدفاع عنهم. لا (الميليشيات المحلية) المنتشرة في محيط القرى والبلدات الآشورية ولا وحدات الجيش السوري الحكومي المتمركزة على بعد عدة كيلومترات قليلة من القرى الآشورية . مشهد مأساوي يحاكي، بكل أبعاده وخلفياته ودوافعه ، المشهد المأساوي للآشوريين العراقيين ، الذين خذلتهم القوات الحكومية العراقية وقوات البشمركة الكردية بتركها لهم من غير حماية حين اجتاح تنظيم الدولة لمدنهم وقراهم وبلداتهم في الشمال العراقي صيف 2014.. خلال الفوضى (الأمنية والسياسية والإدارية)، التي عمت العراق سنوات الإحتلال الأمريكي(3003- 2011) وما بعد، تم استهداف الآشوريين والمسيحيين والإيزيديين وغير المسلمين عامة. في تشرين الأول من عام 2010 ، وقع هجوم إرهابي على كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد ، أسفر الهجوم عن مقتل 56 شخصا وإصابة 78 بجروح. في أعقاب الهجوم ، أكثر من 1000 عائلة مسيحية فرت من بغداد. من أصل مليون ونصف مليون مسيحي عراقي كانوا قبل غزو العراق لم يتبق منهم اليوم أكثر من 250 ألف في كل أنحاء العراق.. بالإضافة إلى عمليات القتل الجماعي والتطهير العرقي والديني ، حصلت عملية تطهير ثقافي لكل ما هو آشوري ومسيحيي . تم تدمير متعمد لتراثهم التاريخي وارثهم الثقافي والديني، يعود إلى آلاف السنين، ناهيك عن عمليات السطو على ممتلكاتهم بقوة السلاح أو من خلال عمليات التزوير والاحتيال من قبل مافيات الفساد المرتبطة بالدوائر الحكومية في كل من بغداد واربيل.
مآسي الآشوريين لم تبدأ مع ظهور (تنظيم الدولة الإسلامية – داعش)، ولن تنتهي مآسيهم بنهاية هذا التنظيم الإرهابي.. على مدى القرون الماضية، الآشوريون (سرياناً كلداناً) ، كانوا أبرز ضحايا الاستبداد القومي والسياسي والعنف الديني ، خاصة في زمن (دولة الخلافة الإسلامية العثمانية) ، حيث نفذ العثمانيون ،بمشاركة كردية واسعة، (إبادة جماعية) وجرائم مروعة بحق الآشوريين(سرياناً كلداناً) والأرمن وبقية الأقوام المسيحية الخاضعة لحكم السلطنة العثمانية. رغم قيام (الدول الوطنية) ، مظالم ومعانات الآشوريين والمسيحيين المشرقيين لم تنتهي ولن تنتهي لطالما هذه الدول محكومة من قبل أنظمة وحكومات طائفية عنصرية فاسدة ولا وطنية.
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.