مسيحيو الجزيرة السورية من غير حماية

بقلم سليمان يوسف
الموضوع;
 مسيحيو الجزيرة السورية من غير حماية
shuosin@gmail.com

30 / 10 / 2023
https://nala4u.com


هناك من يظن ويعتقد بأن (النظام السوري) مهتم بوضع الآشوريين ( سرياناً كلداناً) والمسيحيين عامة في الجزيرة السورية ، وبأن هذا النظام ، حريص على بقائهم في هذا الجزء السوري من (بلاد ما بين النهرين- بلاد آشور) . لكن الحقيقة، النظام “،الذي أرسى قواعده الرئيس الراحل الأسد الأب (حافظ الأسد ) ، لم يكن يوماً صادقاً مع مسيحيي الجزيرة ، ولم يكن جاداً في مسألة الحرص على بقائهم وحمايتهم. حتى حين كان هذا النظام في أوج قوته وسطوته ، ممسكاً بالمجتمع بـ”قبضة من حديد” ، حصلت تعديات ومظالم وعمليات سطو على أملاك زراعية وجرائم قتل لمسيحيين في ريف القامشلي والحسكة والمالكية وراس العين. طبعاً، ما كان لـ(الحثالات البشرية) أن تتمادى في التعدي على المسيحيين والسطو على أملاكهم، ما لم تكن محمية من جهات أمنية .
حقيقة ، أن السلطات السورية لم تنصف السريان الآشوريين والمسيحيين. فهي لم تتخذ أية “إجراءات عقابية” رادعة بحق المعتدين عليهم، لا بل غالباً ما كانت (السلطات المحلية)، من أفرع أمنية وقيادات بعثية وسلطات قضائية، تقف إلى جانب المعتدي .. حتى القرارات الصادرة عن المحاكم التي تقضي بإعادة الأراضي إلى أصحابها الحقيقيين لم تُنفذ، كما هو الحال في (ثلاث قضايا تعدٍ وسطو ) تخص أهالي قرية (الوطوطية) القريبة من القامشلي. قرار قطعي صادر عن ( محكمة الاستئناف المدني بالحسكة ) يقضي بإعادة الارض لأصحابها الحقيقيين وهم من السريان الآشوريين والأرمن، (القرار رقم 124/ أساس الدعوة 234/تاريخ 4- 15-1995 ، القرار بقي حبر على ورق من غير تنفيذ . عدم تنفيذ قرار قطعي غير قابل للاستئناف يؤكد وبما لا يترك مجالاً للشك ، على تواطؤ السلطات المحلية في محافظة الحسكة مع الجماعات المارقة ، التي تعتدي على المسيحيين وتسطو على أملاكهم بقوة السلاح. بعد خيبات الأمل واليأس من السلطات المحلية، فلاحي الوطوطية رفعوا رسالة الى الرئيس (بشار الأسد) عام 2007 شاكين له وضعهم ،واضعين قضيتهم بين يديه، لكن الى تاريخيه لا من مجيب. استمرار التعديات والمظالم على مسيحيي الجزيرة من آشوريين(سرياناً كلداناً) وأرمن، دفع بالكثير منهم للهجرة” تهجير قسري” خارج سوريا.منذ انقلاب حزب البعث على السلطة 1963 وحتى نهاية القرن العشرين، أكثر من 250 ألف مسيحي، غالبيتهم الساحقة من السريان الآشوريين، هاجروا من الجزيرة السورية إلى أوروبا . كل هذه التعديات والمظالم، هناك من يزعم ويروج (بسوء نية) بأن “آشوريي ومسيحيي الجزيرة السورية كانوا يعيشون بنعيم وكان لهم امتيازات في ظل حكم ( البعث العربي الإشتراكي”.
مع تفجر (الحرب السورية) الراهنة ( آذار 2011) وتراخي سلطة الدولة في بعض المناطق وغيابها التام عن بعضها الآخر ، كثرت وبشكل خطير حالات التعدي والتجاوزات والسطو على أملاك مسيحيي الجزيرة، كما لو أنها “غنائم حرب” . منهم من يُجبر المسيحي على ترك أرضه تحت التهديد بالقتل ، ومنهم من يقوم بتزوير الوثائق وسندات الملكية ، مستفيداً من (آفة الفساد) التي تنخر في بنيان الدولة السورية. في السنوات الأولى للحرب(2013) تشكلت (الهيئة الزراعية للقرى السريانية ) لتوثيق الانتهاكات وعمليات السطو على الأراضي الزراعية العائدة للمسيحيين في محافظة الحسكة . وفق تقارير الهيئة،عشرات التجاوزات وعمليات سطو على مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية و أملاك عقارية من مزارع ومنازل ومحال تجارية ، ناهيك عن مصادرة مواسم(منتوج) الحبوب وسرقة الكثير من الآليات والمعدات الزراعية وخطف شخصيات مسيحية بقصد الحصول على فدية مالية. الخسائر تقدر بمليارات الليرات السورية .وفق تقارير (الهيئة الزراعية للقرى السريانية )هذه التعديات حصلت نهاراً جهاراً بقوة السلاح، ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة (قوات النظام السوري) وبنسبة أقل ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة “سلطة الأمر الواقع الكردية”، من غير أن تحرك (السلطات المحلية) ساكناً، لا بل هي تحمي الجماعات المارقة والبلطجية، لضمان حصتها من “الغنائم”. طبعاً، أية (مجموعة بشرية) حين تُترك من غير حماية وطنية أو محلية ولا قدرة لها على توفير الحماية الذاتية لنفسها ، تستباح ليس فقط أملاكها وإنما أيضاً دمائها. هذا هو حال الآشوريين (سرياناً كلداناً) والمسيحيين عامة في الجزيرة السورية.
أخيراً : ثمة أسباب( ثقافية. أخلاقية. مجتمعية) لظاهرة التعديات على المسيحيين و السطو على أملاكهم في الجزيرة السورية . العنصر المسلم ،أكان عربياً أو كردياً، كثيراً ما يلجأ للتهديد بالسلاح والقتل ليس في انتزاع حقه فحسب وإنما أيضاً للتعدي على حقوق الآخرين. أما الإنسان المسيحي، غالباً، ما يحتمي بالقانون ويلجأ للقضاء لاسترداد حقوقه وأملاكه المسلوبة والقصاص من الجناة . حين نقول” المسلم” لا نقصد كل مسلم ، وإنما المسلم الخارج عن القانون وعديم الضمير والأخلاق وكل من يستبيح دماء وأملاك المسيحيين..

تنويه (nala4u) ; الموقع يتبنى التسمية الاشورية كقومية , تاريخ ولغة .

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.