المعارضة السورية و ( مسألة الأقليات) / الجزء الثالث

بقلم سليمان يوسف
الموضوع;
 المعارضة السورية و ( مسألة الأقليات) / الجزء الثالث
shuosin@gmail.com

13 / 09 / 2023
https://nala4u.com

في هذا الجزء(الثالث) من البحث سنتناول رؤية الأحزاب السورية المعارضة لـ (مسألة الأقليات) . أبرز كتل المعارضة السورية – قبل تفجر الأزمة السورية الراهنة آذار 2011- “التجمع الوطني الديمقراطي” تأسس عام 1979. ضم العديد من الأحزاب والتيارات السياسية ( حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي – الحزب الشيوعي السوري/ جناح رياض الترك، تحول الى حزب الشعب الديمقراطي – حزب العمال الثوري العربي – حزب البعث العربي الاشتراكي الديمقراطي- حركة الاشتراكيين العرب). هذه الأحزاب انشقت عن أحزاب (الجبهة الوطنية التقدمية)… بسبب المحاذير التي فرضها النظام على ظاهرة (التعددية القومية واللغوية والثقافية والدينية) التي يتصف بها المجتمع السوري ، بقيت (قضية الأقليات) مهملة مغيبة من قبل مختلف القوى والحركات السياسية السورية، رغم أهميتها وارتباطها المباشر بقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان. (التظاهرات الكردية )على خلفية مباراة بكرة القدم في ملعب القامشلي وسقوط ضحايا بسلاح قوات النظام (آذار 2004 ) ثم (التظاهرة الآشورية) في تشرين الأول من ذات العام في مدينة الحسكة احتجاجاً على جريمة مقتل آشوريين بسلاح ضابط سوري، اخرجت (مسالة الاقليات) من دائرة المحظورات ودفعت بها الى السطح السياسي ،لتصبح جزءاً من (الهم الوطني العام)، ومحوراً لكثير من نشاطات وفعاليات المعارضة والقوى الوطنية السورية ولجان حقوق الانسان والمجتمع المدني ، لكن من غير أن تُقدم حلول ومخارج وطنية ديمقراطية ناضجة لحل (معضلة الأقليات) في البلاد . ففي الوقت الذي كانت( قوى وأحزاب المعارضة) تحتج وبشدة على (المادة الثامنة) من الدستور “حزب البعث قائد الدولة والمجتمع” ،التي تُشرعن احتكار البعث للسلطة – تم إلغاء هذه المادة من دستور 2012- هي (أحزاب المعارضة) التزمت الصمت حيال مواد وفقرات (طائفية – عنصرية)في الدستور السوري، (الفقرة الثالثة) وهي تقضي أن يكون ” الإسلام دين رئيس الدولة .. الفقه الإسلامي مصدر أساسي للتشريع..”. هذا تمييز وتفضيل واضح و موقونن بين المواطنين السوريين على أساس الدين وانتقاص من حقوق ومكانة مكونات سورية أساسية وأصيلة، مثل (المسيحيين والإيزيديين ) ، ناهيك عن هذه (المواد الطائفية) تتنافى مع أسس ومفاهيم ( دولة المواطنة والعيش المشترك) وتنسف من الأساس فرصة بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية يتساوى فيها الجميع . سكوت أحزاب المعارضة على مثل هذه المواد الطائفية في الدستور يثير الشكوك بمصداقيتها لجهة الدفاع عن حقوق الأقليات القومية والدينية في سوريا ..
– (الحزب الشيوعي -المكتب السياسي) – يتزعمه المعارض الأبرز رياض الترك ، سمي لاحقاً بـ( حزب الشعب الديمقراطي السوري) – في البرنامج السياسي لمؤتمره السادس 20 / 12 / 2001 طالب بـ: “الحقوق الثقافية للأكراد السوريين، وحلّ مسألة المحرومين من الجنسية، وتلك المتعلّقة بحقوق المواطنة الكاملة، لهم ولجميع الأقلّيات القومية أو الدينية أو المذهبية. استعادة أصحاب الحقوق من الأقليات القومية لحقوقهم في مسائل الجنسية وتعلّم اللغة القومية، وفي التعبير عن ثقافتهم و تأسيس مدارسهم ومؤسساتهم الثقافية الخاصة..”.
-(الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي) ، نشر على موقعه الإلكتروني ” أن التغيير الديمقراطي في سورية يقتضي احترام حقوق الأقليات انطلاقاً من أن الديمقراطية لا تقوم على احترام حقوق الأغلبية فحسب وإنما على احترام حق الأقلية بالاختلاف، وإتاحة المجال لها للعمل والحركة والتعبير بما لا يتناقض مع حق الأغلبية بتطبيق برنامجها .. إن حقوق الأقليات تشمل الأقليات الأقوامية وفي مقدمتهم الأكراد..”. أنه موقف ضبابي وملغوم من قضية الأقليات . حين يشترط الحزب” أن لا تتناقض مطالب الأقليات مع حق الأغلبية بتطبيق برنامجها ” ، هذا يعني شرعنة هيمنة الأغلبية(العربية الإسلامية) على الأقلية وإرغام هذه الأخيرة بالقبول بما تمليه عليها الأغلبية . ثم أن استخدام تعبير “الأقليات الأقوامية ” بدل “الأقليات القومية” ، موقف ينطوي على رفض الحزب الاعتراف بوجود قوميات غير (القومية العربية) في سوريا ، هذه نظرة استعلاء وعنصرية .
-(حزب العمال الثوري العربي) ، في المؤتمر القومي الثامن للحزب 1965، يقر هذا الحزب بظاهرة التنوع والتعدد القومي والاثني والديني والمذهبي واللغوي التي يتصف بها المجتمع السوري. وهو يعترف بأن هذه الظاهرة الحضارية ” بدلاً من أن تكون نعمة وعامل غنى وقوة للمجتمع السوري، أضحت نقمة وعامل ضعف بسبب سوء التعاطي معها..”. لكن، وكما بقية أحزاب القومية العربية، بقيت رؤية (حزب العمال الثوري العربي) لقضية الأقليات، اسيرة (اجنداته القومية – الوحدة العربية). حزب العمال الثوري العربي، لا ينظر لمسألة الأقليات بمنظار “وطني سوري” وإنما بمنظار “قومي عربي”. الحزب يرى “أن الحل الجذري لمعضلة الأقليات يكمن في “دمقرطة المجتمع العربي وتحديثه وقيام دولة عربية قومية ديمقراطية واحدة، تندمج فيها جميع الأقليات القومية والدينية” .
-من خارج (التجمع الوطني الديمقراطي) المعارض، تأتي “رابطة العمل الشيوعي” نشأت عام 1976،من كوادر ماركسية راديكالية، من أبناء الفئات الاجتماعية المسحوقة ، جلهم من الأقليات (علويون، مسيحيون، أكراد، اسماعيليون..). غلبة العنصر الأقلياتي على(البنية التنظيمية) للرابطة، انعكس على (بنيتها الفكرية) وعلى خطابها السياسي . بهدف استمالة (الشارع الكردي) الى جانبها ، رفعت شعار “حق تقرير المصير لأكراد سوريا وطالبت بتغيير النظام السياسي القائم في سوريا ” . على خلفية هذه المواقف والمطالب السياسية، تلقت (رابطة العمل الشيوعي) ضربات موجعة من السلطات الأمنية السورية. تعرضت لحملات اعتقال وملاحقات واسعة بين عامي 1977 و 1978 طالت اغلب قياداتها وكوادرها، وعلى أثرها تفككت الرابطة و اختفت من المشهد السياسي السوري.
الحرب السورية الراهنة ، بمفاعيلها المختلفة ، أبرزت (مسألة الأقليات) على السطح السياسي كإحدى القضايا الوطنية الهامة . مع هذه الحرب ، أدركت الأحزاب والقوى الوطنية، أهمية بل ضرورة إيجاد (حلول وطنية ديمقراطية عادلة) لقضية الأقليات .جاء في مسودة ما سمي بـ(ميـثــاق الهيئة العامة للثورة السورية – 23 آب 2011) : ” تنال كل التجمعات القومية و الإثنية والدينية والطائفية المكونة للمجتمع السوري، الاحترام على أساس المواطنة دون أي امتيازات خاصة، حيث لكل منها حقوق وواجبات على أرضية المساواة بين الجميع.”. أما ما سمي بـ”وثيقة العهد الوطني للمعارضة السورية” ، التي أقرها مؤتمر المعارضة المنعقد تحت رعاية جامعة الدول العربية بالقاهرة بتاريخ 3 تموز 2012 ، جاء فيها ” تقر الدولة السورية بوجود قومية كردية ضمن أبنائها، و بهويتها و بحقوقها القومية المشروعة وفق العهود والمواثيق الدولية ضمن إطار وحدة الوطن السوري. وتعتبر القومية الكردية في سوريا جزءا أصيلا من الشعب السوري. كما تقر الدولة بوجود وهوية وحقوق قومية مماثلة للقوميتين السريانية الآشورية والتركمانية السوريتين، و تعتبران جزءا أصيلا من المجتمع السوري”. طبعاً، التمييز في الوصف والحقوق بين قومية وأخرى غير مقبول ، يتعارض مع مبدأ العدالة والمساواة بين مكونات المجتمع الواحد . من (القيم التوافقية العليا لسوريا الجديدة) التي وضعها (المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية ): ” سوريا دولة ديمقراطية تعددية مدنية غنية بتنوعها القومي والديني والطائفي تحترم المواثيق الدولية وحقوق الإنسان”…. يتبع .. ( الأحزاب الكردية ومسألة الأقليات)..

تنويه (nala4u) ; الموقع يتبنى التسمية الاشورية كقومية , تاريخ ولغة وغير ملزم ما تسمى ((بكردستان)) .

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.