مأساتنا بدات بمسرحية مستر براون وانتهت بمسرحية كولونيل ستافورد / (الفرصة الاخيرة)

بقلم اللواء بولص مالك خوشابا
مأساتنا بدات بمسرحية مستر براون وانتهت بمسرحية كولونيل ستافورد / (الفرصة الاخيرة)

11 / 12 / 2013
http://nala4u.com

ربما يجد البعض غرابة في هذا العنوان وقد يذهب البعض الى اتهامي بالاستهانة بارواح عشرات ألآلاف من الشهداء الذين تم تقديمهم على طبق من ذهب لعمومتنا الانكليز ابناء ضيفنا الكريم المدلل المستر براون , ولما لا.. فنحن مشهود لنا بتكريم الضيوف حتى ولو كان يكلفنا ذلك خيرة رجالنا وعوائلهم ….
وهل كانت كل هذه السنين من 1914 الى 1933 مسرحية ؟

اقرأوا كلمة الكولونيل ستافورد بامعان (المستشلر السياسي والاداري للواء الموصل) وستعلمون كيف بدات المسرحية بالآمال والوعود الشفهية الانكليزية لتنتهي بالواقع الذي صنعه نفس الانكليز ليضعوا اصدقائهم المنفذين للمسرحية في عنق الزجاجة ويكون الضحية طبعا كالمعتاد ابناء العشائر ومعهم بقية ابناء الشعب ….
لقد قالها المستر ستافور في خطابه بصورة غير مباشرة يا ايها القوم (ان اللعبة انتهت) وما عليكم الا التفاهم مع الحكومة العراقية وانقاذ ما تستطيعون انقاذه ولكن البعض الذين اخذتهم العزة بالاثم لم يرضخوا للواقع واستمروا في غيهم وعنجيتهم الفارغة على حساب دماء الابرياء والتي تكللت بمذبحة سميل وما تبعها عام 1933 ثم عادوا في عام 1948 يتوسلون بالحكومة العراقية للسماح لهم بالعودة للعراق وفق شروطها التي تفرضها هي ….

بتاريخ 10 تموز 1933 عقد اجتماع في دار الحكومة في الموصل حضره كافة الرؤساء الاثوريين المدعوين وتمت فيه القاء الكلمات التوضيحية لموقف الحكومة من الاثوريين في ادارتهم وحقوقهم واسكانهم ولكنني هنا سوف انقل لكم كلمة الكولونيل ستافورد وكلمة الميجر تومسون :

كلمة الكولونيل ستافورد :
ثبت لي ان ما بينه وكيل المتصرف كان وافيا عن قضية الاثوريين ولم يبقى لي الا اعطاء بعض ملاحظاتي الشخصية . اني اتيت الى هذا اللواء قبل شهرين لانني كنت اعمل في جنوب العراق حيث يسمع صوت ضئيل عن الاثوريين . وفي خلال وجودي في الموصل انشغلت دائما بهذه القضية والشيء المهم الذي شعرت به هو عدم وجود تقارب بين الاثوريين وبين موظفي الحكومة وحدث بسبب ذلك التباعد وقوع سوء تفاهم بينهما وشك البعض بالبعض واني لا اقدران لا اتفق مع وكيل المتصرف بان سبب هذا التباعد كان من قبل قسم من الاثوريين انفسهم ويظهرانهم حتى لفترة قصيرة كانوا يعتبرون انفسهم غرباء في هذا البلد ويعيشون في مكان غريب معتقدين ان هذه الفكرة كانت افضل لهم بان يبقوا بعيدين عن الحكومة وطبعا تالم موظفوا الحكومة من هذا الوضع . واني اريد منكم زعماء الاثوريين جميعا المجتمعين هنا اليوم ان تفهموا جيدا وبطريقة قطعية بان هذه الحالة لا يمكن تحملها اكثر ويجب ان تنتهي فورا والان على الاثوريين ان يرضخوا لجميع قوانين ابلاد ويحصلوا على كافة حقوقهم دون تمييز كالاكراد والعرب مسلمين كانوا او مسيحيين او يهود او يهيئون انفسهم لترك هذا البلد او الهجرة الى بلاد اخرى ولا يوجد طريق ثالث .
والامر الثاني فان الميجر تومسون سيشرح لكم بصراحة وتفصيل عن السكن في الاراضي المفترحة . لهذا لا يوجد اكثر من ان اضيف الى ما قلته سوى ان اشدد بقوة على هذه الفرصة التي هي ممنوحة للاثوريين الذين لم يتم اسكانهم لحد الان ليصبحوا اصحاب اراضي زراعية في هذا البلد . وكل من يعطي رايا للاثوريين غير الساكنين بالامتناع عن المجيء وتقديم طلب الى الحكومة بخصوص السكن فهذا لا يعطيهم رايا صائبا من اجل مصلحتهم
وبالنسبة الى الطريقة الثانية التي ذكرتها عن هجرة الاثوريين من العراق الى اماكن اخرى فاني اعتقد بان جميع الاثوريين لا يفهمون حقيقة الوضع بعد . ان الجملة المذكورة بان الحكومة العراقية ستمهد طريق هجرتهم من العراق الى بلاد اخرى معناه ان كل آثوري يرغب الخروج من العراق فالحكومة لا تمنعه ولكن الحكومة لا تتحمل مسؤولية ايجاد مكان للاثوريين الراغبين في الهجرة الى بلاد اخرى . ان هذه واضحة الفهم جدا لان العراق لا يتمكن من تنفيذ هذا العمل وليس العراق فقط غير قادر على ذلك ولكن حتى عصبة الامم غير قادرة على تنفيذه . هنا يتوقف الامر على الاثوريين انفسهم فعليهم ان يدبروا ذلك مع حكومات البلدان التي يرغبون الذهاب اليها وكذلك فيما يخص مصاريف السفر وغيرها وحتى الان لم يظهر علنا عن ترتيبات خاصة بهذا الخصوص مع الدول المجاورة حول قبول الاثوريين في اي جزء يمكن ان يكفي لسكناهم .

اولا / تركيا : لا يوجد اي امل مهما كان ضئيلا في تغيير فكرة تركيا الحاضرة عن الاثوريين اذ انها لا تقبلهم باي طريقة كانت . طبعا ان الاثوريين يتمنون العودة الى وطنهم الاول ولكن يجب ان يفهموا بان هذه القضية هي خارج موضوعنا في الوقت الحاضر .

ثانيا / ايران : اظهرت الحكومة الايرانية انها مستعدة لقبول عدد قليل من الاثوريين ولكن شروط قبولهم كانت صعبة جدا :
الشرط الاول : يجب ان يسلموا اسلحتهم
الشرط الثاني : لا يمكن اسكانهم في منطقة واحدة بل في مناطق متعددة بعيدة عن بعضها
الشرط الثالث : لا يحق لهم امتلاك الاراضي التي يسكنوها
الشرط الرابع : الحكومة الايرانية لن تمنحهم اي مساعدات مالية

ثالثا / سوريا : لا يخفى عليكم بان السلطات الفرنسية هناك مشغولة الان بتهجير الارمن ولا توجد لهذا البلد اراضي زائدة ليقدمها للاثوريين . انه صحيح يمكن ان يكون للشبان الاثوريين بعض الاشغال في جيش حكومة سوريا تحت ادارة سلطة الاحتلال الفرنسي الا انه دعوني اقول لكم بصراحة بان مثل هذه الاشغال ستكون صعبة جدا وبدون مستقبل مضمون ثم انه من الواضح بان الحكومة العراقية سوف لا تقبل عودة من يذهب الى هذه الدول المجاورة للعراق ثانية . واذا شئتم للحصول على معلومات اكثر عن هذه الدول فما عليكم الا الاستفسار من قنصليتي فرنسا وايران في الموصل .ولو نظرنا الى الحالة التالية لكافة الدول في هذا الوقت لا يمكننا ان نامل من اي دولة انها ترغب في هجرة الاثوريين اليها .
وهكذا يتضح لكم مما قلته بانه افضل بلد ملائم للاثوريين في هذا الوقت ولمستقبلهم هو العراق . واني اعلم بان الحكومة العراقية مهتمة جدا باسكان الاثوريين وذلك من اجل الفائدة المشتركة واني متاكد من ان جميع العراقيين مثل الوزراء والموظفين الاخرين يرغبون كثيرا بان يعيش الاثوريين كرعايا عراقيين مخلصين . فمن الواجب على الاثوريين ايضا ان يشاركوا الشعب العراقي في هذا الشعور السامي .
وان فعلتم ذلك ففي استطاعتي الناكيد لكم بانكم ستنالون كل عطف ومساعدة ولكن قبل كل شيء يجب ان تنزعوا عنكم الروح الانعزالية . فلوا كان اولادكم قد اهتموا في الماضي بتعلم اللغتين العربية والكردية الى جانب لغتهم الاثورية لكانوا اليوم يشغلون وظائف كبيرة وعديدة في الدوائر الحكومية وكما ذكر قبلي وكيل المتصرف فكل شخص يطلع على مشاكل الاثوريين يتاسف على ضياع فرصهم ويجب ان تعلموا بان الحكومة العراقية ليست مسؤولة عن هذه المشاكل ولكنها مع ذلك فهي مستعدة لتقديم كل مساعدة ممكنة للاثوريين . وكما يجب ان لا يغرب عن بالكم بان تاسيس الحكومة العراقية لم يكن منذ مدة طويلة وانها ليست غنية ايضا فلذا لا تستطيع مساعدة الاثوريين اكثر مما تعمله للعرب والاكراد واذا كنتم ترغبون ان تنجحوا يجب ان تهيئوا انفسكم للقيام باعمال شاقة وكلي امل بانكم ستعملون ذلك من اجل مصلحتكم ومصلحة اولادكم .
ولقد قال لكم وكيل المتصرف مفصلا ما يخص مكانة المارشمعون واني اود ان اؤاكد لكم بانه لا يوجد في جميع انحاء العالم شخص يملك السلطتين الروحية والزمنية في آن واحد .
ولذا لا يمكن ان يكون ذلك الشيء في العراق ايضا . وفي الختام اذكركم بان الوقت فد ادركنا وعليكم ان تفكروا جيدا وان تصمموا في قرارة انفسكم هل انتم باقون في العراق ام لا ؟
انني قد بذلت اقصى جهودي من اجل مصلحتكم وراي الصريح لكم هو ان تبقوا في العراق لانه لا يوجد مكان آخر افضل منه تستطيعون العيش فيه ……

كلمة الميجور تومسل في الاجتماع :
قال الميجر تومس ( اني وصلت الى هذا البلد قبل شهرين للقيام بالترتيبات اللازمة لاسكان الاثوريين واتصلت بالمارشمعون مرتين وحاولت الوصول معه الى التفاهم والاتفاق حول قضية اسكان الاثوريين ووعدني بانه سيقوم بذلك تحريريا ولكنه كذب ومنذ شهرين وانا انتظره بدون نتيجة ) …..

ايها القراء الاعزاء من خلال كلمة ستافورد تتوضح جليا سياسة الحكومة البريطانية في تلك المرحلة اي انها تكاد تقول صراحة يا ايها الاثوريين لقد ضحكنا عليكم كل هذه السنين ومررنا مصالحنا من خلال دماء ابنائكم والان لا علاقة لنا بكم فتدبروا اموركم …
ففي هذه المرحلة المصيرية التي كانت تتطلب استخدام الحكمة والعقل ولملمت الجراحات والاهتمام بتربية الجيل الجديد بعيدا عن افكار التعلق بالاجنبي وخدمته والابتعاد عن كل ما يسيء الى الروابط والعلاقات التي تجمعنا مع كل الشرائح التي تسكن هذا الوطن شراكة معنا ولكن الذي حدث كان عكس هذا المفهوم فلقد استمرالبعص في خدمة الانكليز ورعاية مصالحهم سواء بالخدمة في قوات الليفي او العمل في سفارة بريطانيا وقنصلياتها …..
ولقد توضحت مواقف الذين كانوا يتبجحون بشعارات براقة يطلقونها للتمويه عن مصالحهم الشخصية التي من اجلها سالت دماء الابرياء في سميل وغيرها من القرى وكيف عادوا في عام 1948 يتوسلون بالحكومة العراقية لكي تقبل عودتهم موافقين على كل شروطها ومن ثم جاءوا مهرولين الى العراق في عام 1970 وآخرين في عام 1973 من اجل الحصول على الدنانير العراقية وهنالك مثلا عراقيا يفول (مكدي كركوك خنجره بحزامه )اي انه حتى في استجدائع يضع الخنجر في حزامه وهكذا هي حال الاخوة الذين جاءوا عارضين خدماتهم (اللااخلاقية) من اجل حفنة من الدنانير مؤطرين هذه الخدمات بشعارات قومية ….
فعلى ذقون من تضحكون ؟
ان الله يمهل ولا يهمل وان دماء الابرياء ستظل تلاحقكم الى يوم القيامة

بولص يوسف مالك خوشابا

لأهمية المادة, لذا اعيد نشرها مع التقدير

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.