الفرص الاخيرة لشعبنا الاثوري.. كيف ضاعت ومن كان السبب ؟ الجزء الاول

بقلم اللواء بولص مالك خوشابا
الفرص الاخيرة لشعبنا الاثوري.. كيف ضاعت ومن كان السبب ؟ الجزء الاول

02 / 12 / 2013
http://nala4u.com

ايها الاخوة القراء كثيرا ما تردني اسئلة من بعض القراء حول الدافع الذي يقودني الى كتابة هذه الاحداث التي مرعليها زمن طويل وحجتهم في ذلك انها تجدد جراحات ماضية وتخلق جوا من التوتر والتشرذم والانشقاق واجابتي لهؤلاء هي ;
(انتم لستم خائفين على هذا الشعب من التوتر والتشرذم والانشقاق ولكنكم خائفين من ظهور الحقائق على السطح فان ابناءنا لم يسمعوا او يقرؤا من تاريخهم سوى الاكاذيب والتلفيقات وتبرير الاخطاء والصاق التهم والخيانة بالذين كانوا اوفياء لشعبهم والذين ضحوا وقاتلوا على جبهتين ( العسكرية والسياسية ) وللاسف الشديد ان البعض جابهوا كتاباتي بردود مملوءة بالحقد الشخصي متمثلا باستخدام عبارات لا تطلق الا في الاماكن المعروفة ولم اقرا اواسمع منهم ردا منطقيا موثقا يدحض اقوالي وهذا الامر اصبح واضحا للقراء الذين ينظرون الى الامور بعينين بريئتين خاليتان من الحقد والانحياز لهذا الطرف او ذاك …..

الفرصة الاولى :
بعد الخسائر الفادحة التي لحقت بشعبنا الاثوري واستقراره اخيرا في مخيم بعقوبة حيث كان العراق تحت الانتداب البريطاني , تقرر عقد مؤتمر في فرنسا سمي (بمؤتمر السلام) والحقيقة ان هذا المؤتمر لم يكن مؤتمر سلام بقدر ما كان مؤتمرا لتقاسم غنائم الحرب بين الدول المنتصرة (الحلفاء) وكانت سيدة هذا المؤتمر بدون منازع هي (بريطانيا العظمى) وبما ان الاثوريين كان لهم النصيب الاكبر من التضحيات البشرية والمادية في تحالفهم (الشفهي) مع الحلفاء ارادوا ان يجنوا ثمار هذه التضحيات وذلك بتقديم طلب الى الحكومة البريطانية بارسال احد رؤسائهم الى مؤتمر السلام خاصة وان العائلة المارشمعونية لها صلات وثيقة بالفيادة البريطانية في العراق الا ان طلبهم رفض من قبل الحكومة البريطانة لاسباب سياسية …
ولقد كان الاثوريين قد انتخبوا اغا بطرس ليكون ممثلا لهم في مؤتمر السلام لثقتهم باخلاصه وجراته وثقافته والمامه بالامور السياسية …..

اغا بطرس ايليا

يقول اغا بطرس في مذكراته بهذا الشان ما يلي (الامة كلها من كافة العشائر واورميا انتخبوني انا اغا بطرس . الم يختارني جميع الاشوريين للسفر الى باريس لتمثيل الامة ترافقني بذلك سرمة خانم كممثلة للرئاسة الدينية البطريركية ؟
ولاجل هذا جمعت العشائر المبالغ المطلوبة لذلك ولكن تم رفض الفكرة وسافرت سرمة خانم لوحدها الى لندن دون اذن واقامت في دار الرهبنة عازفة عن حضور حتى مؤتمر السلام .. وفي حينها تساءل الجميع , ترى ما شان هذه الراهبة في مؤتمر السلام ؟
لربما كان سفرها لقضاء حاجاتها الخاصة اجل هذا هو الواقع فعلا … انها سلمت زمام امورنا بيد الانكليز وبصمت على دخول الامة في خدمة مصالحهم في العراق عكس ما كان في تطلعات ذلك الشعب المشرد الذي سفك الدماء من اجل العيش بحرية وكرامة على ارض محررة تمتد من اورميا شرقا حتى جزيرة بوتان غربا ) انتهى الاقتباس .

سرمة خانم دبيث مار شمعون

لقد تم ابعاد اغا بطرس من مخيم بعقوبة وتم تسفيره الى بغداد لغرض ابعاده عن الامة لقوة شعبيته والتفاف الشعب حوله والحاحه في المطالبة بحقوق الاثوريين مما احرج الانكليز واصدقاؤهم وبعد ذلك قام البطريرك مار بولس بارسال رسالة الاستنجاد بالحاكم الانكليزي لينقذه من الاحراج الذي اوقعوه الانكليز فيه …..

نياحة البطريرك مار بولص شمعون

رسالة البطريرك مار بولس الى المندوب السامي البريطاني نشرت في نشرة رسمية في بغداد وهذا نصها :
الى صاحب السيادة الافخم (كولونيل ا ت ولسون الحاكم العام / بغداد)
تحيات وتبريكات من المارشمعون بولس بطريرك الكنيسة الاثورية الشرقية باذن الله … وبصفتي رئيسا للملة الاثورية اعلمكم بانكم قد ارتكبتم خطا عندما اوعزتم لي بانه لم يكن من المصلحة (سؤالي هو مصلحة من ؟) ارسال ممثل عن الاثوريين الى مؤتمر السلام .. الا انه بامكان الحكومة البريطانية ايجاد حل لهذه القضية فكما انها قد سمحت للاكراد والعرب والارمن بارسال ممثليهم الى هذا المؤتمر يمكنها كذلك السماح للاثوريين ايضا لارسال ممثلهم .
وعند ذلك سيعم علينا الفرح الكبير جميعا واذا ما كنتم تعتقدون بان هذا الطلب مصيره الرفض فاني اطلب تحقيق احد هذين المطلبين ;
1 / مما لا يخفى عليكم بان هناك تذمرا بين الاثوريين من جراء عدم موافقتي على ارسال اي ممثل الى مؤتمر السلام تنفيذا لاوامركم . وعليه طلب رؤساء الاثوريين ان ارسل احدهم سرا فرفضت ذلك . لذا اخذ القسم الاكبر منهم بالتذمر مدعين بانني لا اهتم بمصلحة الاثوريين وانما تهمني مصلحتي الشخصية الخاصة فقط . وعليه ارجو ان تكتب لي رسالة مبينا فيها بان طلبي حول ارسال ممثل عن الاثوريين الى مؤتمر السلام قد رفض من قبل الحكومة البريطانية لاسباب سياسية لكي يتسنى لي ابراز هذه الرسالة للاثوريين لتبرئة ساحتي .
2 / او السماح بارسال برقية الى اسقف الكانتربري ليقوم هو بعرض مطاليب ملتنا على مؤتمر السلام والتي هي :

اولا / عدم اشتراك الارمن مع الاثوريين في اي حل يعطى للقضية الاثورية .
ثانيا / ضرورة وضع جميع الاثوريين بصورة دائمية تحت حكم بريطانيا العظمى على ان يتم اسكانهم في مناطقهم الاصلية التي كانت مسكنهم منذ القدم والواقعة في غرب كردستان اي من منطقة باشقلعة الى جزيرة بن عمر بالاضافة الى سولدز واورميا وسلامس حتى الجبال الممتدة على الحدود التركية .
ثالثا / الطلب من الحكومة البريطانية وليس من مؤتمر السلام ان تنصبني رئيسا للاثوريين الجبليين لانهم قد اعتادوا على هذه الرئاسة .انتهى الاقتباس.

وفي شهر آذار ارسلت برقية الى لندن بخصوص ارسال ممثل للاثوريين الى مؤتمر السلام فجاء الجواب بعدم الموافقة وباخبار الاثوريين بان الحكومة البريطانية هي التي سوف تحفظ لهم حقوقهم في مناطقهم . وفي شهر ايار ازداد التذمر في صفوف الاثوريين لذا وردت برقية اخرى من لندن بالموافقة على ارسال ممثل عن الاثوريين الى مؤتمر السلام في باريس .
وفي 21 تموز سنة 1919 ارسلت سرمة خانم على اساس انها منتخبة من دون ان ينتخبها احد ولم تذهب الى مؤتمر السلام بل انها ذهبت الى لندن (وفق مذكرات اغا بطرس) فسافرت بباخرة انكليزية ونزلت في دير للراهبات الانكليكان وبقيت فيه ثمانية اشهر . وهكذا استمتعت هذه الملكة الاثورية بسفرتها التي كحل بها الانكلي عيون الاثوريين واسكتوا صوتهم من اجل حريتهم وكرامتهم . وبعد ذلك عادت سرمة خانم الى الموصل باوامر جديدة من الانكليز ..وهكذا ضاع امل الامة بالحصول على حقوقها القومية لقاء التضحيات التي قدمتها من اجل نصرة الحلفاء …..
الفرصة الثانية :
في شهر شباط سنة 1920 عاد اغا بطرس فجاة الى مخيمات بعقوبة من بغداد ومعه عقيدان انكليزيان لنصب تمثال تخليدا لذكرى خمسة عشر الف اثوري ماتوا في تلك المخيمات من جراء الامراض الفتاكة وويلات الحرب علما بان اغا بطرس كان مبعدا من تلك المخيمات من قبل الانكليز بطلب من العائلة المارشمعونية واتباعها .
وعند وصوله اجتمع بممثلي العشائر الاثورية واثوريي اورميا وعرض عليهم خطة الانكليز لاعادتهم الى مناطقهم الاصلية الممتدة من اورميا في ايران حتى جبال حكاري في شمال العراق وتركيا فيما اذا تمكنوا من الاستيلاء عليها بقوتهم بعد تسليحهم من قبل الانكليز . فوافقت الاغلبية الساحقة منهم على تلك الخطة ما عدا عائلة المارشمعون وبعض العشائر الموالية لها والتي لم تتجاوز نسبتهم الخمسة بالمائة من مجموع الاثوريين .
وهنالك سؤالين يطرحان انفسهما حول موقف الانكليز الغامض والمتناقض من هذا المشروع :
اولهما هو كيف ولماذا حدث هذا التبدل الفجائي في السياسة المعادية لاغا بطرس الذي كان يهدف الى انشاء وطن قومي للاثوريين؟
وبعد ان ابعدته السلطات الانكليزية ومنعته من التدخل في شؤون الاثوريين بناء على رغبة المارشمعون واتباعه . ولماذا جاءت به ليتبنى قضية الاثوريين مجددا ويتفق مع العشائر التي لم تكن على وفاق مع المارشمعون لاستعادة مناطقهم الاصلية ؟
وثانيهما هو لماذا وكيف آمن كل من اغا بطرس ومالك خوشابا واتباعهما بصدق نوايا الانكليز نحوهم ونحو هذا المشروع الكبير..
ولماذا اناط الانكليز هذه المسؤولية بهما ولم يعطوها لاصدقائهم ؟
وبعد مراجعة عدة مصادر ومذكرات الذين عاصروا هذه الاحداث ندرج ادناه بعض الحقائق حول هذه المسرحية الانكليزية المارشمعونية التي لم يغفل عنها كل من اغا بطرس ومالك خوشابا لتجاربهم السابقة مع غدر الانكليز الا ان ثقتهم العمياء وايمانهم المطلق بمقدرة مقاتليهم الابطال من تحقيق هدفهم بالرغم من كل العراقيل والمؤامرات التي يخططها الانكليز في افشالها ….

مالك خوشابا مالك يوسف

كان المخطط الانكليزي كالاتي :
1 / اراد الانكليز التخلص من هذا العدد الهائل من البشر الموجود في مخيمات بعقوبة الذي كان يكلفهم مئات الالاف من الباونات سنويا ولا سيما ان ميزانيتهم كانت قد ارهقتها الحرب مما حدا بهم الى اعتماد سياسة التقشف .
2 / قصد الانكليز من وراء تجهيزهم لتلك الحملة ثم العمل على افشالها هدفين :
اولهما هو الايقاع بالشخصيات الاثورية الوطنية التي لا ترتاح اليها السياسة البريطانية مثل اغا بطرس ومالك خوشابا وذلك بتحميلهما مسؤولية فشل تلك الحملة واتخاذها ذريعة للقضاء عليهما سياسيا ليخلو الميدان امام اصدقائهم الحقيقيين ليسيروا الاثوريين وفق مصالحهم ومصالح بريطانيا العظمى .
اما الهدف الثاني فهو اشغال الاثوريين بهذا المشروع الذي كانوا قد خططوا لافشاله مسبقا وذلك لالهائهم به وعدم فسح المجال لهم للاتصال بجهات اخرى كي تتبنلى قضيتهم .وكان ممثل تركيا في مؤتمر القسطنطينية قد عرض رغبة تركيا لقبولهم في اوطانهم الاصلية ومنحهم الحكم الذاتي بشرط ان لا يسمحوا للاجانب بالتدخل في شؤنهم وعلى ان تلحق ولاية الموصل بتركيا .
يتبع في الجزء القادم :

بولص يوسف مالك خوشابا

لأهمية المادة, لذا اعيد نشرها مع التقدير

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.