سوريا: أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية و (قضية الأقليات)

لنستذكر تاريخ الماضي والحاضر ولنتعظ منه كدروس وعبر نحو المستقبل الافضل لبلد يسوده الامن والاستقرار والازدهار
القناة ترحب بكم للادلاء بشهاداتكم وبارائكم المحترمة مباشرة او بارسال البصمات الصوتية وغيرها من المشاركات للقناة والتي تهم الجميع.
لطفا..للاشتراك في القناة; انقر على خاصية الاشتراك و( لايك + تعليق ) ليصلكم كل ماهو قيم من شهادات واحداث.
https://www.youtube.com/channel/UC49bG5CL9sD0YN_Pj51qX3Q
https://www.facebook.com/profile.php?…
https://twitter.com/Nala4uTv
Kindly..to subscribe to the channel; Just click on the subscription feature

بقلم سليمان يوسف
الموضوع;
سوريا: أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية و (قضية الأقليات)
shuosin@gmail.com

18 / 07 / 2023
https://nala4u.com

في الجزء السابق( الثاني) تناولنا الموقف السلبي لـ “حزب البعث العربي الاشتراكي” الحاكم، من مسألة الأقليات في البلاد .وقد بينا كيف دخلت سوريا مع انقلاب البعث 1963 عهداً سياسياً جديداً،اتسم بالاستبداد (القومي والسياسي والثقافي) ، هذا الاستبداد كان أكثر عسفاً بحق القوميات الغير عربية ، من آشوريين وأكراد وغيرهم .في هذا الجزء من البحث سنتناول رؤية ومواقف الأحزاب المنضوية في جبهة البعث المسماة بـ”الجبهة الوطنية التقدمية” من “مسألة الأقليات” في سوريا… مع وصول حافظ الأسد إلى السلطة عبر انقلاب عسكري عام 1970 اتخذ العديد من الإجراءات والقرارات السياسية والأمنية، كان الهدف منها: مصادرة الحريات السياسية والفكرية والإعلامية، و تشديد القبضة الأمنية للإمساك بالدولة والمجتمع . عام 1972، الرئيس الأسد ، اسس “الجبهة الوطنية التقدمية” وقد ضمت إلى جانب البعث : ( الحزب الشيوعي السوري- انقسم لاحقاً الى جناح خالد بكداش وجناح يوسف فيصل – ، حزب الاتحاد الاشتراكي العربي، حزب الوحدويين الاشتراكيين، حركة الاشتراكيين العرب،الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي ،الاتحاد العربي الديمقراطي).عام 2005 انضم الى الجبهة أحد فصائل الحزب السوري القومي الاجتماعي ،و عام 2004 انضم (حزب العهد الوطني- المتفرع عن حركة الاشتراكيين العرب).
لقاء بعض المكاسب والامتيازات الحزبية والشخصية(تمثيل شكلي في الحكومة ومجلس الشعب وفي بعض دوائر ومؤسسات الدولة)، قبلت هذه الأحزاب الانضمام لجبهة يقودها البعث بـ(ميثاق بعثي) ينتقص من حقوقها ومكانتها وحضورها.. ينص الميثاق على “أن منهاج البعث ومقررات مؤتمراته موجه أساسي للجبهة في رسم سياستها العامة وتنفيذ خططها. . يُحذر على أحزاب الجبهة، عدا البعث، النشاط والعمل في قطاع الطلبة والجيش” . بموجب هذه “البنود الميثاقية البعثية” المذلة، بقيت مواقف أحزاب الجبهة الوطنية من مسألة الأقليات ومن القضايا الوطنية الأخرى، أسيرة قرارات وسياسات حزب البعث الحاكم. طبعاً، ميثاق الجبهة خلا من أي إشارة الى (مسألة الأقليات) وإلى ظاهرة (التعددية القومية والاثنية واللغوية والدينية)، التي يتصف بها المجتمع السوري. أحزاب مقيدة ومكبلة بقرارات وسياسات (حزب شمولي) و(نظام دكتاتوري) لا يمكن لها أن تدافع عن مصالح وحقوق أعضائها وجمهورها ، فكيف بها أن تدافع عن حقوق المكونات الغير عربية التي ينكر البعث وجودهاً أصلاً. فرغم أهمية مسألة الأقليات وارتباطها المباشر بقضية الديمقراطية و بحقوق الإنسان والمواطنة، لم تحظ هذه القضية باهتمام أحزاب الجبهة ، إلا ما ندر .
الأحزاب العربية تماهت بمواقفها مع المواقف الشوفينية لحزب البعث تجاه المكونات الغير عربية . تؤيد نهج النظام القائم على طمس قضية الأقليات وتجاهلها واتهام كل من يطرحها بإثارة الفتن والنعرات الطائفية والعرقية والتشكيك بوطنيته. الأحزاب اليسارية (الشيوعية) ، وإن بعد سنوات طوال من التجاهل ، تناولت مسألة الأقليات في مؤتمراتها العامة و أثارتها في أدبياتها السياسية .. جاء في باب (المهام البرنامجية) للحزب الشيوعي السوري(جناح يوسف فيصل)، المقررة في (مؤتمره الخامس) المنعقد في دمشق ايار 1980:”مقاومة كل تمييز على أساس الانتماء الديني أو القومي. وضمان حقوق الأقليات القومية بشكل يقوي ارتباطها التاريخي بالوطن ويوطد وحدة الكادحين”.وفي وثائق (المؤتمر السابع) الموحد للحزب الشيوعي،الذي ضم (منظمات القاعدة،التابعة لمراد يوسف، والحزب الشيوعي ،جناح يوسف فيصل) تشرين الأول 1991. جاء في باب (القضية القومية): “نؤكد على حقوق الشعوب والقوميات الأخرى التي تقطن هذا البلد العربي أو ذاك، وضمان الحقوق القومية الطبيعية لها بدءاً من الحقوق الثقافية والمساواة أمام القانون حتى حق تقرير المصير. فيما يتعلق بسوريا فنحن نرى أن الأكراد وغيرهم من أبناء القوميات الأخرى هم متساوون مع جميع المواطنين الآخرين بموجب الدستور ومن الضروري أن تتأكد هذه المساواة في الممارسة العملية ،وأن لا يجري ضد أحد منهم تمييز على أساس الانتماء القومي ويجب أن تضمن لهم حقوقهم الثقافية وتقاليدهم الشعبية وأن يكون لهم حق دراسة لغتهم القومية…إعادة حق المواطنة الى المواطنين الذين حرموا من الجنسية السورية نتيجة إحصاء 1962 في محافظة الحسكة. احترام المعتقدات الدينية ورفض كل أشكال التمييز والتعصب الديني والطائفي…”. هذه المطالب أغضبت النظام السوري. فبدلاً من أن يستجيب لها ، سارع إلى معاقبة الحزب بتعليق عضويته في الجبهة الوطنية التقدمية وحرمه من حقوقه السياسية. لم يُعاد إلى الجبهة إلا بعد أن تراجع عن مطالبه وسحب (وثائق المؤتمر) المشار إليه من التداول حتى داخل الحزب وتقديم اعتذار رسمي، عبر رسالة بعث بها الأمين العام للحزب(يوسف فيصل) الى الرئيس “حافظ الأسد”، باعتباره رئيس اللجنة المركزية للجبهة الوطنية.
بعد هذا (التصادم السياسي) ، تراجع اهتمام الحزب بمسألة الأقليات وانخفض سقف مطالبه ولم يعد يثيرها في أدبياته السياسية . في لقاء جمعنا مع السيد (يوسف فيصل)، الأمين العام للجنة المركزية للحزب، في مكتب الحزب بدمشق عام 2003، قال يوسف:” لا يوجد مشكلة قوميات، أو (مشكلة كردية) في سورية، القضية بالنسبة لنا هي قضية حقوق ثقافية وحقوق مواطنة كاملة لجميع أبناء القوميات من أكراد وسريان آشوريين وأرمن وغيرهم… ومنح الجنسية السورية لكل من يستحقها “. فيما يخص الحزب الشيوعي السوري( جناح بكداش)، جاء في التقرير السياسي الصادر عن (المؤتمر العام العاشر- تشرين الثاني 2005) للحزب : ” يطالب الحزب بالاعتراف بالحقوق الثقافية للأكراد ولبقية الأقليات القومية،من تعليم لغتها وإصدار مطبوعاتها بلغتها الأم.تعزيز التآخي والوحدة الوطنية بين أبناء الشعب السوري كافة،وتحقيق حقوق المواطنة لكافة سكان البلاد.والعمل على إلغاء النتائج السلبية للإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة الذي أجرته الدوائر الإقطاعية الرجعية في ظل حكومة الانفصال عام 1962.”.
الحرب السورية أبرزت العديد من المسائل والقضايا الوطنية الهامة، تم تجاهلها طيلة الحقبة الماضية من قبل مختلف الحكومات التي تعاقبت على حكم سوريا . أبرز هذه القضايا ” مسألة الأقليات العرقية والدينية والمذهبية”. رغم ما أظهرته الحرب السورية الكارثية من حاجة ماسة الى حلول وطنية ديمقراطية عادلة لـ(معضلة الأقليات)، أحزاب الجبهة الوطنية بقيت على صمتها حيال هذه القضية رغم أهميتها وحساسيتها المجتمعية. المسؤولية الوطنية تقتضي أن تبادر أحزاب الجبهة الى طرح مبادرات وحلول لمسألة الأقليات كنوع من المساهمة في تقديم الحلول الوطنية للأزمة السورية المتفجرة منذ آذار 2011 والضغط على النظام بهذا الاتجاه ، لكن هذا لم يحصل . أثنا عشر عاماً وأكثر وأحزب الجبهة غائبة عن المشهد السياسي السوري المضطرب وكأنها غير موجودة .. باختصار ، (الجبهة الوطنية التقدمية)، لم تكن أكثر من “واجهة تجميلية” لنظام شمولي هو أقرب الى (حكم الفرد). (يتبع)

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.