المعلّم إيليا (إلياس) عيسى، وقاموسه، والدخيل السريانيّ في العربيّة

بقلم البروفيسور حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
الموضوع; المعلّم إيليا (إلياس) عيسى، وقاموسه، والدخيل السريانيّ في العربيّة

23 / 11 / 2022
http://nala4u.com

هو من مواليد العام 1929 وسكّان بيروت، خِرّيج الجامعة الأمريكيّة ( AUB) في موضوع التاريخ، مفوّض متقاعد، كان رئيس مكتب رَِقابة المطبوعات في الأمن العام اللبنانيّ commissaire، وحاليًّا كاتب ومؤرِّخ. بهذه السنّ المتقدّمة، لا هاتف ولا بريدَ إلكترونيًّا في عالمه. قصّته مع دراسة اللغة السريانيّة، لغة آبائه وقوميّته، بدأت في أعقاب حادثة تُعدّ عاديّة، جرت له عندما كان طالبًا في الجامعة الأمريكيّة في بيروت. ذات يوم، سأل المحاضر الطلابَ في ما إذا كان من بينهم سريان. وعندما رفع السيّد إيليا يده مجيبًا بالإيجاب، أردف المحاضر بالسؤال: هل تعرف اللغة السريانيّة؟ ردّ الطالب بالنفي، علّق الأستاذ: سرياني وما بتحكي سرياني! كان ذلك في أواخر أربعينيّات القرن العشرين. ذلك الحوار البرقيّ حزّ في روح الطالب وحمل الأمر محمل الجِدّ، أخذ يبحث وينبُش عن الجذور وهل هنالك ما هو أهمّ وأعمق من اللغة، دعامة الهويّة القوميّة والحضاريّة لكلّ إنسان؟

هكذا بدأ السيّد إيليّا بتعلّم اللغة السريانيّة الفصيحة الكتوبونويو. وبعد أن تزوّج بعمر الخامسة والثلاثين، أقسم ألّا يتحدّث مع أولاده إلّا بالسريانيّة الفصيحة، النحويّة. هذه المعلومات الأساسيّة الموجزة استقيتها من نجله الملفونو أي المعلّم صليبا، الذي درّسنا مساق المحادثة بالسريانيّة الفصيحة لمدّة ثلاث سنوات وأكثر، فله أُزجي الشكر والتقدير.

ويظهر ٱستنادًا إلى ما نُشر عن إيليا عيسى في الصحف (النهار، 24 حزيران 2014، مقال بقلم رؤوف قبيسي) أنّ السيّد عيسى يكلّم حتّى المساعِدة الإثيوبيّة بالسريانيّة، ”جاءت ’المسكينة‘ إلى لبنان ’العربي‘، فإذا هي قد تعلَّمت ’لغة المسيح‘، التي لا يتكلّمها إلا قليلون في لبنان والعالم! “. السريانيّة هي اللغة المستخدمة في بيت السيّد عيسى، الوالدان والأولاد ذوو الأسماء السريانيّة: سرجون، سنحريب ونينوى. وينهي الكاتب قبيسي لقاءه مع الملفونو أبي سرجون بذكر معنى الفعل ”شبق“ أي ’ضرب‘ في العربيّة المحكيّة و’ترك‘ في السريانيّة كما في الجملة الشهيرة في العهد الجديد، متّى 27: 46، إيلي ايلي لما شبقتاني؟ ومفضّلًا المعنى الأوّل على الثاني في حين أن أبا سرجون يبقى متمسّكًا بالقول بأنّ المعنى هو ’ترك‘ ومعناه بالعربية قد حُرّف!

والجدير بالذكر أيضًا، أنّ الرابطة السريانيّة في لبنان، كانت قد منحت أبا سرجون درعًا تكريميّة تقديرًا لدوره الهامّ في مضمار اللغة السريانيّة، صدور ”معجم المصطلحات السريانيّة“ عام 2017.

في ما يلي مقتطفات اخترتها خلال جولتي المتأنيّة في المعجم: ايليّا عيسى، قاموس الألفاظ السريانيّة في العامّيّة اللبنانيّة ܚܰܫܚܳܝ̈ܬܳܐ ܣܽܘܪ̈ܝܳܝܳܬܳܐ ܒܰܣܘܳܕܳܝܳܐ ܠܶܒܢܳܢܳܝܳܐ. بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2002. Glossaire des mots syriaques dans le dialecte libanais وعدد صفحاته 72. يذكر المؤلّف في نهاية الكتاب أربعة َمصادر، ثلاثة كتب قواعد: اللمعة الشهيّة في نحو وصرف اللغة الآراميّة السريانيّة بقلم المطران إقليميس يوسف داود، الموصل، 1896؛ غرامطيق اللغة الآراميّة تأليف القسّ بولس الخوري الكفرنيسي، بيروت 1962؛ البراهين الحسيّة على تقارض السريانيّة والعربيّة بقلم البطريرك إغناطيوس يعقوب الثالث، جونيه 1969 وقاموس واحد: قاموس كلدانيّ عربيّ تأليف المطران يعقوب أوجين منّا، الموصل، 1900.

من نافلة القول إنّ اللغة العربيّة بشقّيها الأساسيّين الفصيحة والمحكيّة قد تأثّرتا كثيرًا باللغة الآراميّة، فهي كانت اللغة السائدة حِقبة طويلة من الزمن في بلاد الشرق الأوسط، ولا سيّما في سوريا الكبرى وبلاد ما بين النهرين. ومن المعروف أنّ أهالي القرى، معلولة وبَخْعة وجَبْعَدين، الواقعة شماليّ غربيّ دمشق ما زالوا يتكلّمون باللهجة الآراميّة الشرقيّة. أمّا في جبال لبنان وغيرها من بلاد الشام فكانت السريانيّة لغةَ الكلام حتّى منتصف القرن الثالث عشر. وثمّة دلائل تشير إلى بقايا السريانيّة على ألسنة الطاعنين في السنّ حتى منتصف القرن التاسع عشر.

ألفاظ دينية سريانيّة الأصل:

تنويه (nala4u) ; الموقع يتبنى التسمية الاشورية كقومية ,تاريخ ولغة.

********************

https://www.youtube.com/@Nala4uTv

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, ثقافة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.