أردوغان والعودة الى (الحروب الدينية)

بقلم سليمان يوسف
الموضوع;
أردوغان والعودة الى (الحروب الدينية)

23 / 08 / 2022
http://nala4u.com

الرئيس التركي (رجب طيب اردوغان)، ذو النشأة الاسلامية، يتزعم حزب( العدالة والتنمية) الاسلامي الحاكم لتركيا، يريد العودة بالمنطقة والعالم الى زمن (الحروب الدينية)، التي من المفترض أن تكون البشرية قد تجاوزتها الى عصر (التسامح الديني والتعايش بين أتباع مختلف الديانات والثقافات) . ففي أكثر من مناسبة ردد أمام أنصاره (أبيات الشعر)، التي أدخلته السجن عام 1999 بتهمة (التحريض على الكراهية الدينية) ” المآذن حرابنا، والقباب خوذاتنا، والمساجد ثكناتنا، والمؤمنون جنود، لا شيء يهزمني، لو فتحت السماء، وتدفق علينا الطوفان والبراكين، إن أجدادنا الذين افتخروا بدينهم لم يركعوا لأحد “. أردوغان يلجأ الى استدعاء التاريخ بحثاً عن ما يبرر (حروبه الدينية) في محاولة بائسة منه لإحياء أمجاد أجداده العثمانيين. في إطار هذه السياسة جاء قرار أردوغان ” تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد “. هذه الكنيسة تعد معلم تاريخي وحضاري نفيس يعود تاريخها الى العهد الروماني(البيزنطي) بنيت عام 532 ميلادية. بعد سقوط القسطنطينية سنة 1453 بيد الغزاة العثمانيين المسلمين حولوا الكنيسة الى مسجد. كمال أتاتورك ، باني تركيا الحديثة العلمانية، انهى حكم (دولة الخلافة العثمانية الإسلامية) ، حول كنيسة (آيا صوفيا) من مسجد الى (متحف – معلم تاريخي) مفتوح للسياح من كل أنحاء العالم. لأجل تحقيق أحلامه العثمانية وخدمة مشروعه الاسلامي ، لم يتردد أردوغان باستغلال النزعات (المحلية والإقليمية ) واستثمار التنظيمات الإسلامية المتشددة و الإرهابية التي أفرزتها المرحلة في الحروب المحلية والإقليمية . بالإضافة الى التدخل العسكري المباشر أو دعم ومساندة التيارات والقوى الاسلامية و الزج بالمرتزقة في (حروبه الدينية) . هذا ما فعله ويفعله في إقليم (قارا باخ) الأرمني ، كذلك في سوريا وليبيا ولبنان والعراق وقبرص ومصر ومناطق أخرى من العالم. تركيا اليوم لها أكبر انتشار عسكري خارج الحدود التركية منذ سقوط وتفكيك (الإمبراطورية العثمانية). اردوغان استغل الأزمة السورية لاحتلال مناطق مهمة من سوريا، ودعم ،بالمال والسلاح والرجال، التنظيمات الاسلامية المتشددة والارهابية بما فيها داعش والنصرة والقاعدة، لأسقاط الحكم القائم في سوريا، ليس لأجل الديمقراطية والحرية التي انتفض الشعب السوري لأجلها، وإنما لإقامة (نظام حكم اسلامي) يكون دعماً وسنداً له في تحقيق مشروعه الاسلامي العثماني” إحياء دولة الخلافة العثمانية الاسلامية”.
أردوغان يهوى (نبش القبور) وفتح جروح الماضي لابتزاز العالم المسيحي وإثارة مشاعر الحقد والكراهية الدينية بين المسلمين والمسيحيين. فبدلا من أن يعتذر عما اقترفه أجداده العثمانيين من مذابح (إبادة جماعية) بحق المسيحيين( الأرمن والآشوريين واليونانيين) عام 1915، أقرت بوقوعها عشرات الدول والمنظمات والهيئات الدولية المعنية بحقوق الشعوب ، (اردوغان) تفاخر بما ارتكبه أجداه من (جرائم ضد الإنسانية). في مؤتمر صحافي يوم 4 ايار 2020 استخدم (اردوغان) أشد العبارات المهينة في اللغة التركية “بقايا السيف” في إشارة واضحة للناجين من الإبادة لعام 1915، قائلاً: ” لن نسمح للإرهابيين من بقايا السيف في بلدنا بمحاولة تنفيذ أعمالهم الإرهابية. لقد قلّ عددهم ولكنهم لايزالون موجودين”. هكذا، بدافع (الحقد والكراهية الدينية) ومن غير تأنيب ضمير، أردوغان وصف أحفاد الضحايا الناجين من الإبادة بـ”الإرهابيين” والتهديد بالتخلص منهم . فيما الحقيقة ، أن (تركيا) في عهد اردوغان، تُعد من أكثر الدول الداعمة للجماعات الاسلامية المتطرفة والإرهابيين الحقيقيين في المنطقة والعالم ،مثل (داعش والقاعدة والنصرة والإخوان المسلمين، وغيرهم) …
لم يعد سراً بأن أردوغان، يخطط لزعزعة الأمن والاستقرار في (القارة الأوربية) من خلال غرقها بقوافل المهاجرين المسلمين وتحريك الجاليات الإسلامية فيها. أردوغان على يقين تام بأن بين المهاجرين آلاف الاسلاميين المتشددين المرتبطين بالتنظيمات والجماعات الاسلامية المتشددة والارهابية، هم بمثابة (قنابل موقوتة) داخل المجتمعات الأوربية. حين يخاطب اردوغان الجاليات الاسلامية في أوربا بالقول ” أنا حاميكم” هو يعني ما يقول. أنه يريدهم جنوداً ومجاهدين لـ(حروبه الدينة) المستقبلية. قبل سنوات قليلة أردوغان شن حرباً (اعلامية- سياسية) على كل من ( سويسرا، ألمانيا ، بلجيكا) واصفاً حكوماتها بالفاشية والنازية واتهمها بـ” معاداة الاسلام”، لرفضها الرضوخ لابتزازات (الجاليات الاسلامية) الساعية الى فرض (نمط حياتها ) على المجتمعات الأوربية ،التي احتضنتها ووفرت لها كل أسباب العيش الكريم، وهي الهاربة من جور وظلم حكومات بلدانها الاسلامية . اردوغان تهجم على فرنسا حين قررت حكومتها مكافحة “الانفصالية/الانعزالية الإسلاموية والدفاع عن مبادئ الجمهورية وعلمانية الدولة” ، و اعتبر حديث الرئيس الفرنسي(أمانويل ماكرون ) عن (أزمة الاسلام)، “قلة أدب و وقاحة ” .. للأسف ، أوربا لم تستفيد ولم تتعظ من (أخطائها التاريخية) القاتلة ،تقاعسها بنجدة الملك البيزنطي قسطنطين لصد الغزو العثماني والدفاع عن عاصمة العالم المسيحي أنذاك (القسطنطينية) حتى سقطت بيد العثمانيين المسلمين 1453م . مازال العالم المسيحي شرقاً وغرباً يدفع ثمن سقوط (القسطنطينية). فرغم القلاقل التي يثيرها أردوغان بسياساته العنصرية وبتدخلاته في شؤون الكثير من دول المنطقة والعالم الغربي، أمريكا والدول الغربية ، بعلاقتها مع (تركيا ) بقيت أسيرة مصالحها (الاقتصادية والسياسية )، غير مهتمة بخطر (التغلغل الإسلامي) في مجتمعاتها ولا يبدو أنها معنية بحماية ما تبقى من وجود مسيحيي في المشرق.

https://www.youtube.com/channel/UC49bG5CL9sD0YN_Pj51qX3Q

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.