إعداد أ.د. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
ختان البنات، دراسة في تاريخ الختان عبر العصور
14 / 12 / 2013
http://nala4u.com
تستعمل اللغة العربية عدة ألفاظ للتعبير عن الختان مثل الخفض والخفاض والإعذار وفي -;—;–العامية -;—;–يقال عادة طهور، -;—;–تطهير. -;—;–هناك بعض الإشارات التي -;—;–تدل على أن المصريين القدماء في -;—;–حقبة تاريخية معينة قد مارسوا ختان البنات. -;—;–أما لدى اليهود فلا ذكر في -;—;–الكتب المفدسة لمثل هذا الختان ويبدو أن التكفير على ذلك -;—;–ينعكس في -;—;–طول المدة التي -;—;–تكون فيها الوالدة نجسة بعد الإنجاب لأنثى (-;—;–سفر اللاويين، -;—;–الفصل ٢-;—;–١-;—;–). -;—;–وليس من -;—;–غير الممكن، على كل حال، أن -;—;–يكون بعض اليهود في -;—;–فترة تاريخية معينة قد مارسوا ختان البنت كما فعل جيرانهم مثلا في -;—;–ألمانيا حتى بداية القرن الحادي -;—;–عشر ولدى اليهوديات الفلاشا، -;—;–من الحبشة، -;—;–حتى -;—;–يومنا هذا. -;—;–ختان البنات واسع الانتشار في -;—;–إفريقيا، -;—;–حول الصحراء الكبرى، -;—;–وفي -;—;–الحبشة والصومال، -;—;–أما في -;—;–الدول العربية فهو موجود في -;—;–كل من جمهورية مصر العربية والسودان والمملكة العربية السعودية واليمن والعراق والأردن، -;—;–وإلى حدّ -;—;–ما، -;—;–في -;—;–الجمهورية العربية السورية. -;—;–
تجربة السعداوي
وقد كتبت الدكتورة المصرية المعروفة، -;—;–نوال السعداوي، -;—;–عن هذا الموضوع تقول:-;—;–
”-;—;–كنت في -;—;–السادسة من عمري. -;—;–نائمة في -;—;–سريري -;—;–الدافىء وأحلم أحلام الطفولة الوردية حينما أحسست بتلك اليد الباردة الخشنة الكبيرة ذات الأظافر القذرة السوداء، -;—;–تمتد وتمسكني، -;—;–ويد أخرى مشابهة لليد السابقة خشنة وكبيرة تسد فمي -;—;–وتطبق عليه بكل قوة لتمنعني -;—;–من الصراخ. -;—;–وحملوني -;—;–إلى الحمام. -;—;–لا أدري -;—;–كم كان عددهم، -;—;–ولا أذكر ماذا كان شكل وجوههم. -;—;–وما إذا كانوا رجالا أم نساء. -;—;–فقد أصبحت الدنيا أمام عيني -;—;–مغلفة بضباب أسود ولعلهم وضعوا فوق عيني -;—;–غطاء. -;—;–كل ما أدركته في -;—;–ذلك الوقت تلك القبضة الحديدية التي -;—;–أمسكت رأسي -;—;–وذراعي -;—;–وساقي -;—;–حتى أصبحت عاجزة عن المقاومة أو الحركة. -;—;–وملمس بلاط الحمام البارد تحت جسدي -;—;–العاري، -;—;–وأصوات مجهولة وهمهمات -;—;–يتخللها صوت اصطكاك شيء معدني -;—;–ذكرني -;—;–باصطكاك سكين الجزار حين كان -;—;–يسنه أمامنا قبل ذبح خروف العيد.-;—;–
وتجمّد الدم في -;—;–عروقي. -;—;–ظننت أن عددا من اللصوص سرقوني -;—;–من سريري -;—;–ويتأهبون لذبحي، -;—;–وكنت أسمع كثيرا من هذه القصص من جدتي -;—;–الريفية العجوز.-;—;– وأرهفت أذني -;—;–لصوت الاصطكاك المعدني. -;—;–وما أن توقف حتى توقف قلبي -;—;–بين ضلوعي. -;—;–وأحسست وأنا مكتومة الأنفاس ومغلقة العينين أن ذلك الشيء -;—;–يقترب مني. -;—;–لا -;—;–يقترب من عنقي، -;—;–وإنما -;—;–يقترب من بطني، -;—;–من مكان بين فخذي .. -;—;–وأدركت في -;—;–تلك اللحظة أن -;—;–فخذيّ -;—;–قد فُتحتا عن آخرهما، -;—;–وأن كل فخذ قد شدّت بعيداً -;—;–عن الأخرى بأصابع حديدية لا تلين. -;—;–وكأنما السكين أو الموس الحاد -;—;–يسقط على عنقي -;—;–بالضبط، -;—;–أحسست بالشيء المعدني -;—;–يسقط بحدّة وقوة ويقطع من بين فخذي -;—;–جزءاً -;—;–من جسدي.-;—;–
صرخت من الألم رغم الكمّامة فوق فمي. -;—;–فالألم لم -;—;–يكن ألماً، -;—;–وإنما هي -;—;–نار سرت في -;—;–جسدي -;—;–كله، -;—;–وبركة حمراء من دمي -;—;–تحوطني -;—;–فوق بلاط الحمام.-;—;–
لم أعرف ما الذي -;—;–قطعوه مني، -;—;–ولم أحاول أن أسأل. -;—;–كنت أبكي -;—;–وأنادي -;—;–على أمي -;—;–لتنقذني. -;—;–وكم كانت صدمتي -;—;–حين وجدتها هي -;—;–بلحمها ودمها واقفة مع هؤلاء الغرباء تتحدث معهم وتبتسم لهم وكأنما لم -;—;–يذبحوا ابنتها منذ لحظات.-;—;–
وحملوني -;—;–إلى السرير. -;—;–ورأيتهم -;—;–يمسكون أختي -;—;–التي -;—;–كانت تصغرني -;—;–بعامين بالطريقة نفسها، -;—;–فصرخت وأنا أقول لهم: -;—;–لا، -;—;–لا، -;—;–ورأيت وجه أختي -;—;–من بين أيديهم الخشنة الكبيرة، -;—;–كان شاحباً -;—;–أبيض كوجوه الموتى، -;—;–والتقت عيني -;—;–بعينيها في -;—;–لحظة سريعة قبل أن -;—;–يأخذوها إلى الحمام، -;—;–وكأنما أدركنا معاً -;—;–في -;—;–تلك اللحظة المأساة، -;—;–مأساة أننا خلقنا من ذلك الجنس، -;—;–جنس الإناث، -;—;–الذي -;—;–يحدد مصيرنا البائس، -;—;–ويسوقنا بيد حديدية باردة إلى حيث -;—;–يستأصل من جسدنا بعض الأجزاء”.-;—;–
الختان في -;—;–الإسلام
مما -;—;–يجدر ذكره أن “-;—;–الختان” -;—;–بالنسبة للذكور في -;—;–الإسلام هو عبارة عن عرف وليس بفريضة قرآنية، -;—;–وهو عادة ما -;—;–يجري -;—;–في -;—;–طقوس متنوعة ما بين السن الخامسة والثامنة، -;—;–في -;—;–حين أن ختان الإناث ليس عرفا إسلاميا بل بمثابة تقليد محلي -;—;–يقبله الإسلام إلا أنه لا -;—;–يشجعه. -;—;–وهناك في -;—;–الواقع ثلاثة أنواع من الختان الأنثوي -;—;–أو قطع البظر والبظر عند الأنثى -;—;–يشبه القضيب عند الذكر:-;—;–
١-;—;–) -;—;–الاستئصال الدائري -;—;–للغلفة البظرية وهو النمط الأخفّ، -;—;–إذا ما تخطّت المرأة الصدمة النفسية، -;—;–فلا عائق في -;—;–سبيل التمتع الجنسي. -;—;–وهذا النموذج من الختان شبيه بطهور الذكر ويسمّى الختان “-;—;–السنّي” -;—;–وهو معمول به في -;—;–المدن في -;—;–صفوف الطبقات “-;—;–المستنيرة” -;—;–نسبيا.-;—;–
٢-;—;–) -;—;–الختان القطعي -;—;–وهو عبارة عن استئصال الغدّة البظرية، -;—;–أو في -;—;–بعض الأحيان، -;—;–حتى البظر بأكمله. -;—;–ويذكر أن هذا الختان معمول فيه بشكل خاصّ -;—;–في -;—;–مصر، -;—;–وفي -;—;–أماكن أخرى -;—;–يتمّ -;—;–استئصال ما -;—;–يلاصق الشفتين الصغيرتين أيضا أو حتى استئصالهما كلية.-;—;–
٣-;—;–) -;—;–التخييط أو التشبيك أو الختان الفرعوني -;—;–وهذا -;—;–يشمل بالإضافة إلى استئصال البظر والشفتين الصغيرتين قسماً -;—;–كبيرا من الشفتين الكبيرتين، -;—;–وفي -;—;–النهاية -;—;–يخاط جزءا الفرج. -;—;–هذا معناه، -;—;–الإبقاء على فتحة فرجية صغيرة فقط، -;—;–لتسرب البول ودم الطمث وفي -;—;–غضون اندمال الجراح البيولوجية توضع قطعة خشبية للمحافظة على تلك الفتحة. -;—;–وفي -;—;–ليلة الدخلة تجرى عملية بسيطة لتوسيع هذه الفتحة، -;—;–وفي -;—;–حالة الإنجاب -;—;–ينزع التخييط ثم -;—;–يعاد من جديد بعد الولادة وهلمجرا. -;—;–وهذا النوع من الختان -;—;–يسمى بالتكميم أو الرتق أو -;—;–غلق الفرج -;—;–(infibulation) -;—;–ومعمرل به في -;—;–السودان خاصة ولذلك -;—;–يطلق عليه المصريون اسم “-;—;–الطهارة السودانية” -;—;–في -;—;–حين ان السودانيون -;—;–يسمونه “-;—;–الطهارة الفرعونية” -;—;–أو “-;—;–الخفاض الفرعوني” -;—;–وهو موجود في -;—;–إفريقيا المدارية وفي -;—;–إيريتريا والصومال. -;—;–كما أن روما القديمة مارسته لمنع مزاولة الجنس بين العبيد.-;—;–
النتائج السلبية
وتشير الأبحاث الطبية الحديثة إلى أن هذا النوع الثالث، -;—;–كثيرا ما -;—;–يؤدي -;—;–إلى عواقب وخيمة حقا، -;—;–إذ أن تضييق الفتحة الفرجية قد -;—;–يؤدي -;—;–إلى العقم وإلى إصابات تناسلية أو بولية بل وسرطانات فرجية، -;—;–ناهيك عن الصدمة النفسية الهائلة التي -;—;–تنزل على البنت مسببة لها خوفا وهلعا لا حدود لهما، -;—;–كما جاء في -;—;–وصف السعداوي -;—;–المؤثر أعلاه. -;—;–أضف إلى كل ذلك، -;—;–وهنا الطامة الكبرى بالنسبة للمختونة، -;—;–برود جنسي -;—;–كامل. -;—;–
ليس من العسير على المرء أن -;—;–يخمّن ما وراء مثل هذه الأنماط الختانية من تبريرات، -;—;–إذ أنها تتمحور في -;—;–موضوع احترام العرف ودرء فسق البنت. -;—;–وفي -;—;–حالات معينة، -;—;–كما في -;—;–إثيوبيا، -;—;–فالختان -;—;–يُجرى لكي -;—;–تجد الفتاة عريسا لها. -;—;–وفي -;—;–الكثير من البيئات الريفية في -;—;–الدول العربية لا بدّ -;—;–من إجراء هذا الختان أو ذاك لكل بنت حوّاء. -;—;–وفي -;—;–مصر، -;—;–وبالرغم من وجود قانون منذ العام ٩-;—;–٥-;—;–٩-;—;–١-;—;–-;—;–، -;—;–يحرم هذا الختان إلا أن الواقع -;—;–غير ذلك فالختان مطبق بشكل واسع وقلّما -;—;–يحظى هذا الموضوع بالحديث أو النقاش العلني -;—;–في -;—;–أوساط النساء. -;—;–وعادة ما -;—;–يتمّ -;—;–هذا الختان من قبل قابلة القرية والتخدير الجزئي -;—;–بدلا من تلك “-;—;–السيدة المسنة” -;—;–في -;—;–الماضي. -;—;–ويبدو أن المثقفات في -;—;–القاهرة قد أقلعن عن ختن بناتهن منذ بعض العقود. -;—;–
حبّذا لو عمل الناس، -;—;–رجالا ونساء، -;—;–على ختان الشرّ -;—;–والتملق والنميمة والطمع و… -;—;–من قلوبهم وصدورهم ورؤوسهم!-;—;–
السكري، -;—;–عبد السلام عبد الرحيم، -;—;–ختان الذكر وخفاض الأنثى من منظور إسلامي. -;—;–القاهرة، ١-;—;–٩-;—;–٨-;—;–٨-;—;–.
http://www.elrayyesbooks.com/
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=208
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=209
http://www.daralawael.com/book.php?bid=158