المواقف السياسية المتذبذبة للمرحوم مالك ياقو مالك اسماعيل / (ج2)

بقلم اللواء بولص يوسف مالك خوشابا
المواقف السياسية المتذبذبة للمرحوم مالك ياقو مالك اسماعيل / الجزء الجزء الثاني

13 / 10 / 2013
http://nala4u.com

المرحوم جرجيس فتح الله

نستمر في كتابة ما كتبه المرحوم جرجيس فتح الله في كتابه (اضواء على القضية ألآشورية) ….
اقتباس :
كما ذكر لي ان السلطة حاولت استغلال ياقو في العمل على تجنيد ابناء جلدته لخدمة النظام ومن بين العروض التي قدمت له تسليح القرى والقصبات ألآشورية المتاخمة لكردستان والمتداخلة منها . الا ان هذا العرض بالذات لم يكتب له الخروج الى حيز العمل وربما لم يكن هذا يستقيم ورايه الخاص وينسجم مع علاقات تقليدية طيبة اشرنا اليها سابقا . وربما لان آشوريي اليوم كانوا يختلفون تماما عن آشوريي 1933 . فهم ألآن مستقرون حضريون نالوا من الثقافة والعلم نصيبا كبيرا وبلغوا درجة عالية من الوعي القومي والسياسي فبات من الصعب ان يقادوا من انوفهم او ان يتلقوا الاوامر . وقد وجدوا ووجد هو ايضا بالنتيجة ان ذلك سيؤدي الى وضعه على خط مواجهة مع الكرد بل هو مظهر عداء مكشوف للحركة القومية الكردية من شأنه أن يقضي على الحلف التقليدي ووحدة المصير .

مالك ياقو مالك اسماعيل

توفرت لدى القيادة الكردية معلومات اكيدة عن المجهودات التي كان يبذلها حكام بغداد بعد اتفاق 11 آذار مباشرة لابعاد الاقليات المسيحية عن الحركة الكردية وقد تكشفت هذه المجهودات في 1973 وما بعدها عندما اقترب اجل تنفيذ اهم شروط الاتفاق وهو تطبيق الحكم الذاتي ولما كان الطرف الحكومي يتوقع مقاومة كردية لاي مشروع يقدمه قد يؤدي الى صدام مسلح جديد فقد حاول اضعاف جبهته ولم تكن هذه الاجراءآت التي اقدم عليها النظام للتقرب من الاقليات الكلدوآثورية خصوصا الا جزء من تلك الخطة . ومن جملتها مغازلة ياقو ومحاولة جره الى خندق الحكومة واستغلال اسمه وقد نجح النظام في حمله هو وولديه (زيا) و (داؤد) على البقاء في العراق ولم يبخل عليهم بالمال .
الا ان الزمان كما قلنا تغير والجيل الجديد لا يعترف بالزعامات القديمة ولا يحتفظ عن احداث 1933 الا بذكرى مؤلمة ممضة قليلة التاثير على المسار الفكري والوعي السياسي الحديث الذي لا يجد فيه ذوو الشهرة واصحاب الاسماء اللامعة موضعا .
واذا كان (ياقو) وولداه قد حاولا فعلا القيام بما طلبه النظام منهما فلا شك فان الفشل كان حليفهما . وان لم نكن نملك دليلا على قبول (ياقو) مبدئيا التعاون مع السلطة في تاليف قوة آشورية او اتخاذه خطوات عملية . الا ان هناك تأكيدات موثقة على نشاط ولديه زيا وداؤد (قاتل البطريرك) وخيبتهما في هذا الباب . وتوفي ياقو بالسكتة القلبية في بغداد بتاريخ 25 من كانون الثاني 1974 …
واشاع بعض اولئك الذين كانو يحرصون على سمعة الرجل انه مات مسموما لرفضه التعاون مع السلطة . وهو امر استبعده كثيرا وقد وجدته في لقاء لي اخير به في العام 1973 ببيروت عند الاسقف (نرساي) وهو يزمع السفر الى بغداد تعبا عليلا يشكو المرض ….( انتهى الاقتباس الاول )…

(الاقتباس الثاني من كتاب احداث عاصرتها) …
يقول السيد محسن دزئي في كتابه (احداث عاصرتها) والذي كان قد عين سفيرا للعراق في كندا والمحسوب على الحزب الديمقراطي الكردستاني..
اقتباس :
قبل سفري بيوم واحد سمعت ان الزعيم ألآشوري مالك ياقو الذي كان يسكن كندا موجود في بغداد وهو يرقد في مدينة الطب للعلاج . ورايت وانا مسافر الى اوتاوا كسفير (ان ازوره بحكم سكناه السابق في كندا) فذهبت حاملا له باقة كبيرة من الازهار ووجدت حارسين خارج باب غرفته من منتسبي الامن العراقي . وقد حاولا منعي من الدخول الا اني اوضحت لهما باني سفير العراق في كندا ففسحا لي المجال دون السؤال عن اسمي وعن هويتي وظنا اني احد كبار البعثيين فدخلت على مالك ياقو وسلمت عليه وعرفته بنفسي فظن هو ايضا انني من البعثيين وكان رجلا مسنا متعبا لذلك ظل متمددا على فراشه وقال لي بلغة عربية ركيكة وبعض الجمل الانكليزية انه جال المنطقة الشمالية كلها على الاقدام من زاخو الى الحدود الايرانية وانه يعرف المنطقة شبرا شبرا وانه قادر على محاربة الثورة الكردية والبارزاني ويطلب نقل هذا للمسؤولين …
ضحكت من ذلك القول وبعد تبادل كلمات المجاملة تمنيت له الشفاء وتركته وعدت الى الفندق الذي كنت اقيم فيه وعصر ذلك اليوم حضر الفندق السيد (زيا) نجل مالك ياقو وكنت اعرفه معرفة بسيطة كوني قد التقيت به مرة او مرتين في بعض المناسبات . وبعد السلام والترحيب به اعتذر عما قاله والده . وقال انه لم يعرفني وانه رجل مسن ومريض واكد انه من غير الممكن الاساءة الى العلاقات الاخوية بين الكرد وألآشوريين فابتسمت وايدت اقواله وقلت انني نسيت الموضوع وانا اعلم بان هذا الكلام قد صدر عن والده بسبب مرضه وكبر سنه ولانه لم يعرفني … وقد حررت رسالة للبرزاني حول ذلك اللقاء وموقف السيد زيا وراي الخاص .. انتهى الاقتباس …

ايها القراء الاعزاء قد يقول البعض ان في السياسة ليس هنالك صديق دائم ولا عدو دائم بل مصلحة دائمة … نعم هذه القاعدة تكون مشروعة عندما تقترن بمصلحة الامة والمباديء التي بنيت على اساس مصالحها ولا يكون التقلب من اقصى اليمين الى اقصى اليسار من اجل المصالح الشخصية باستخدام الشعارات القومية وكما يقول المثل (اهل مكة ادرى بشعبها) فانا شخصيا عايشت تلك الفترة الحرجة بحذافيرها وخاصة ما كان غير معلنا عنها والذي كان يجري في الخفاء وان ما نوه عنه المرحوم جرجيس فتح الله وراءه تفاصيل كثيرة لم يذكرها احد سابقا وانا هنا ساكتب كل التفاصيل التي حدثت منذ عام 1970 حتى يوم وفاة المرحوم مالك ياقو في عام 1974 ……

مالك يوسف مالك خوشابا

في عام 1970 كنت انا ووالدي نتناول طعام الغذاء في دارنا في المنصور رن جرس التلفون فنهضت لارى من المخابر؟
فقال لي المتكلم (هل هذا دار العقيد يوسف ؟
فاجبته نعم… فاستفسر مني عن من اكن فقلت له انا ابنه فلان فقال لي هل الوالد موجود ؟
فقلت نعم…. فقال لي انا صباح مرزا مرافق السيد النائب واريد التكلم مع العقيد يوسف, فابلغت والدي بالامر فاستلم والدي سماعة الهاتف وجرت محادثة بينهما وعندما انهى المكالمة سالت والدي عن الذي يريده فقال لي بان صدام حسين يريده ان يقابله في مكتبه في الساعة الرابعة عصرا وبالفعل ارسلني والدي الى الى جلب ثلاثة من ابناء عمومته ليرافقوه الى مكتب النائب وبعد ان عاد والدي في الساعة السادسة عصرا سالته عن الذي كان يريده صدام حسين منه فاجابني بألآتي :
لقد قال لي يا عقيد يوسف ان الدولة لها مصالحها الخاصة وانت وجماعتك كعراقيين يجب ان تراعوا هذه المصلحة لاننا قررنا ان ندعو المارشمعون وجماعته للعراق وسوف ناخذ الكنائس منكم ونعطيها لجماعته ولكنني اعاهدك بان الدولة ستبني لكم كنائس اينما شئتم ولكن الذي اطلبه منكم ان لاتعترضوا سبيلهم لا في احتفالاتهم ولا في تسليم الكنائس لهم فقال والدي وقد اجبته سيادة النائب لسنا نحن الذين نفاهم خارج الوطن وكذلك الكنائس لم ناخذها بالقوة من احد ولكن الدولة هي التي نفت المارشمعون واعوانه اما الكنائس فلقد اعطتها الدولة لنا بعد قناعتها باحقيتنا بها ونحن كمواطنين عراقيون من حقنا ان نطالبكم بان تساعدوننا في انشاء كنائس بديلة لنا لان رعيتنا ليس لها الامكانيات ولا المصادر التي تساعدها على بناء الكنائس اما بخصوص امور الدولة السياسية مع اي طرف او فئة كانت فلا علاقة لنا بها …
فسالت والدي وما هي مصلحة الحكومة من كل هذه الاجراءات؟
فقال لي والدي لننتظر فان الايام المقبلة سوف تكشف نوايا جميع الاطراف وستظهر الحقيقة ويظهر الزيف الذي مورس لعقود عديدة لان دماء عشرات ألآلاف من ألابرياء لن تذهب هباء …..
وجاء اليوم الموعود ووصل قداسته الى بغداد وخرجت جماهيره في كرنفال استقبالي ونصبت اقواس النصر في مناطق ذات الكثافة السكانية للاثوريين في الدورة وتل محمد وتحقق النصر المبين بالاستحواذ على كافة الكنائس وعاد الفقراء ابناء واحفاد الذين قدموا آلاف الشهداء من اجل حماية هذه ألامة نعم عادوا ليؤجروا دورا بسيطة اتخذوا منها كنائس لعباداتهم وحتى هذه لم تسلم من الشكاوي التي قدمت عليهم الى سعدون غيدان وزير الداخلية آنذاك وفي احدى هذه الشكاوي يطلب احد رجال الدين المعروفين من وزير الداخلية بنص هذه العبارة (اضربوهم بيد من حديد ) وكانه قائد عسكري ميداني يامر قواته بضرب الاعداء بيد من حديد وليس رجل دين من المفروض عليه ان يسير وفق التعاليم المسيحية التي تقضي بالتسامح والمحبة حتى مع الاعداء ولكن المشكلة ان قوانين الكنيسة آنذاك كانت تسير وفق نهج الدماء الذي بنت عليه اساسها منذ جريمة القوش …

مثلث الرحمة مار ايشاي شمعون

بعد ان هدأت فورة الاحتفالات ولبت الحكومة كل رغبات قداسته جاء يوم الحساب لتلبية قداسته لمطاليب الحكومة لانه ليس من المنطق ولا العقل ان يصدق احدا بان حكومة يقودها صدام حسين تنقلب في ليلة وضحاها من وحش كاسر الى ملاك رحيم يفتش في اصقاع الدنيا ليعيد المظلومين من ابناء العراق ألآثوريين الى العراق ليمنحهم حقوقا لم يطالبه احد به ولم تضغط عليه هيئة دولية في ذلك الزمان التي كانت الحكومات تعمل فيه ما تشاء دون ان يحاسبها احد على افعالها ….
وعندما تمت مفاتحة قداسته بالهدف الحقيقي الذي ترمي من وراءه الحكومة وهو(القضية الكردية ) كان جواب قداسته بان له التزامات في اميركا ويجب ان يصفيها ثم يعود وكما قال اكثر من مسؤول بانه قبض من الحكومة العراقية مبلغا قدره (مائة الف دينار عراقي اي ما يعادل 300000 دولار امريكي ) وعاد الى اميركا ليصرح بان الحكومة العراقية طلبت منه ان يتعاون معها ضد الاكراد الا انه يرفض ذلك وبعد ان يئست الحكومة العراقية من استقدام قداسته مرة اخرى عادت الى ارشيف اجهزة امنها ومخابراتها لتجد الشخص الذي له الاستعداد بتنفيذ مخططاتها بمغريات شخصية ووجدت طلب مالك ياقو المقدم الى القنصلية العراقية في عام 1964 ملاذ اخر لها فسارعت في استدعائه الى العراق فجاء مالك ياقو بصحبة مجموعة من منظمة آشورية تعمل في المهجر برفقة ولديه ليعطي الشرعية القومية لكل ما يجريه من مباحثات مع الحكومة العراقية وكما يقول جرجيس فتح الله لقد بذخت الحكومة العراقية في اكرامياتها لمالك ياقو وولديه وبعد ان بدات المفاوضات بين الطرفين ظهرت نوايا الحكومة الحقيقية والتي كانت تصب في العمل المشترك ضد الثورة الكردية …

تنويه (nala4u) ; الموقع يتبنى التسمية الاشورية كقومية ,تاريخ ,لغة وغير ملزم ما يسمى بكردستان..ولأهمية هذه الاحداث التاريخية..لذا أعيد نشرها مع التقدير.

لمتابعة الجزء الاول ; انقر على الرابط ادناه

http://nala4u.com/2020/08/08/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%a7%d9%82%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d8%b0%d8%a8%d8%b0%d8%a8%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%ad%d9%88%d9%85-%d9%85/2
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.