والبطريرك الخامس والعشرون الذي قام في البيت الأبوي البطريركي مار شمعون بولص الثامن عشر في سلسلة البطاركة الشمعونيين، والثامن فى سلسلة بطاركة قود شانوس،
يعكوب ابونا
يذكر المطران إيليا أبونا في صفحة 167 وما بعدها في كتابه “تاريخ بطاركة البيت الأبوي .
أن البطريرك بولس الذي اعتلى السدة البطريركية سنة 1918م هو شقيق البطريرك مار شمعون بنيامين الشهيد الموقر، وابن المرحوم إيشاي شقيق البطريرك شمعون روئيل.
وإييشاي المذكور هو والد بنيامين وأخته سورما، وداود وأخته رومي، وهرمز الذي كان يدرس في إسطنبول، والذي اعتقلته السلطات التركية “أضيف أنَّه أُعدم في الموصل”. عقب هذا الفقيد التوأمان زيعا وبولص، وبعدهما وُلد إشعياء الذي توفي أثناء هجرة الأمة، ودفن في دير مار عبد يشوع في “طال“
وبعد استشهاد البطريرك مار بنيامين، أصبحت معنويات أبناء الأمة محبطة، ولكن الجليلة سورما خاطبت الشعب بعبارات مشجعة، جددت الآمال وقوت المعنويات لدى الشباب، وامتلأوا بالغيرة، وارتدوا ثوب الشجاعة والبسالة، واستدركوا موقفهم الخاطئ المحبط. عندئذٍ تجمعوا وتشاوروا مع بعضهم..
واجتمع القوم في المقر البطريركي، وأبدوا جميعهم للموقرة “سورما” مشيئة الله، وأشاروا إليها بأن بولص هو الراعي والرأس، وسيهدينا جميعاً إلى سبيل الحق والبر..
أما الشاب بولص الحمل الوديع، حين علم برغبة كبار الأمة في اختياره لذلك المقام الذي لم يخطر بباله يوماً، تنهد بمرارة ودخل المنزل وراح يبكي ويذرف الدموع الغزيرة، ويقول: “أتوسل إليكم سادتي الموقرون أن لا تفعلوا بي هذا، فتظلمونني بوضع ثقل المسؤولية الكبيرة على عاتقي الذي لست قادراً على حمله لأنه فوق طاقتي وقدرتي، وها أنتم ترونني لا زلت في مرحلة لم أبلغ فيها كمال رجولتي”. بهذه العبارات وغيرها كان يخاطبهم وعيناه مغرورقتان بالدموع.
وأبناء الأمة حين كانوا يرونه يبكي ويذرف الدموع الغزيرة وبحسرات مريرة، كان حبهم نحوه يزداد ويتضاعف. وأخيراً، ألحوا على أخته الموقرة سورما أن تقوم بدورها وتساعدهم ..
وفي النهاية، انصاع لمطلبهم بعد إلحاح شديد وسلم إرادته للمشيئة والعناية الإلهية التي اختارته بفم أبناء أمته ليخدم هذه الرسالة الكبيرة المقدسة وفي اليوم التالي، اجتمع أبناء الشعب كله وأخذوا المنتخب الجديد إلى كنيسة الأرمن.
في خوسراوا، المكان الذي وُضع فيه جثمان الشهيد الحبيب طيب الذكر أخيه، وأقام “مار إيليا أبونا أسقف آثـــور” في الكنيسة القديمة بتقديم الذبيحة الإلهية من أجل إحياء وأموات الأمة الذين توفوا على رجاء القيامة..
وفي نهاية تقديم الذبيحة، رسم المختار بولص شماساً، ثم كاهناً، كما رفع إلى الدرجة الأركذياقونية أيضاً .
ذلك اليوم انقشعت غمامة الحزن والأسى، وحلت الفرحة وزال الخوف، وانتعشت الآمال وازداد الشعب قوة وعزماً على مجابهة الأعداء الحاقدين على المسيحية.
وخلال الأيام التي تلت المراسيم، وصلت جماهير أورميا بصحبة الأساقفة الأجلاء لأخذ ولي العهد البطريركي الجديد إلى أورميا حيث القسم الأكبر من جماهير الأمة .
وفي يوم الأحد الثالث من الصوم الكبير، حضر مار حنانيشوع الميطرا فوليط مع الأساقفة الآخرين، كما حضر 1مار توما أودو ورفاقه للمشاركة في الرسامة، وأدخلوا الفتى بولص الكنيسة الجديدة، كنيسة مار مريم. وهناك رُسم باحتفاء واحتفال وبوقار وإجلال، وعم الفرح الجميع، ثم أخرجوه بالترانيم والتراتيل والتسابيح بموجب طقس كنيسة 2كوخي الكبرى. وكان على جانبي الطريق صفوف المقاتلين من الشبان الآشوريين، ورؤوسهم مزينة بآريش الطاووس الجميلة، وهم مدججون بالسلاح، وزغاريد النساء ممتزجة بأصوات الموسيقى الجميلة التي كانت تعزفها جوقة موسيقى المملكة الفارسية.
بهذا الشكل الجميل، احتفل ببطريركنا الجديد شمعون بولص المختار من الرب، حتى وصل موكبه إلى مقر الإرسالية الإنجليزية الذي كان قد نزل فيه .
هناك اعتلى منبراً وتكلم مع شعبه. في البداية، رفع التسبيح لله الحي الذي شاءت إرادته بتنصيبه رأساً ومدبراً لشعبه وهو لا يزال في مرحلة طفولته. ودعا ربه أن يلهمه الحكمة والفطنة كما وهب عبده سليمان ملك بني إسرائيل، ليتمكن هو أيضاً من قيادة شعبه في الأزمنة الصعبة العسيرة. ثم راح يبث في نفوس شعبه الشجاعة والعزم، وبين لهم كيف ضحى آل بيته بحياتهم، وسخروا ذواتهم من أجل الأمة، وأخرجوها إلى بر الأمان والسلامة، كما فعل طيب الذكر أخوه الذي كان موته خلاصاً للجميع .
وهنا ضج المكان بالتصفيق، وأردف قائلاً: وهكذا أنا أيضاً، رغم صغري وحداثتي، إلا أن الله الذي اختارني في أفواههم، وأقامني، وجعلني راعياً على قطيعه الذي هو أنتم، سيعينني ويأخذ بيدي لأدبر كل الأمور الجسدية والروحية..
وها أنا أعدكم أن أظل ساهراً عليكم، وسأدعو وأصلي لله الحي من أجلي ومن أجلكم، لتنعموا بالمحبة والوئام اللذين هما رباط الغلبة والنصر، الذي به تقهرون أعداءكم، وتبعدون عنكم الويلات والمصائب، وتخرجون إلى بر الأمان. وأصلي من أجل ذاتي كي لا أنجرف في طريق الضلال، كي تظل رحمته ونعمه مغدقة عليّ لتعينني دائماً. وها أنا منذ هذه الساعة حاضر لأن أذوق الموت من أجلكم على غرار المرحوم أخي، ومن أجل خلاصكم من أعدائكم. وهنا انفجر الحاضرون جميعهم بالبكاء، ثم صفقوا له ثلاثاً وهم يهتفون: “يحيا بطريركنا… يحيا راعينا… يحيا مار شمعون “.. انتهى الاقتباس.
ويذكر “ما تفييف ، بارمتى” في ص 106 و107 من كتابه الآشوريون والمسألة الآشورية
يقول: “بعد انتهاء مراسيم السيامة، اتجه أغلب الحاضرين إلى الجبهة على مشارف مدينة أشنويه. لقد استمرت المعارك حول هذه المدينة ثلاثة أيام تحطمت خلالها القوات التركية والكردية، وفرّت فلول الفرقة التركية السادسة إلى وادي براندوس. وبعدها حاولت القوات التركية الوصول إلى نهر براندوس، إلا أن القوات الآشورية دمرت القطعات التركية ودحرتها حتى منطقة كالا – باوا على مسافة 30 ميلا من أورمي. وعلى إثر هذه المعارك وقع في الأسر لدى الآشوريين ما يقارب 950 جنديا تركيا و26 ضابطا وجنرالين، وتم اغتنام الكثير من البنادق والذخيرة وثمانية مدافع وغيرها من الأسلحة والعتاد .
ويضيف: “كانت مسألة احتلال مدينة باكو السوفيتية ذات أهمية كبيرة عند الأتراك، لذلك وصل إلى مقر البطريرك ضابطان مفوضان يحملان للبطريرك ولقيادة الجيش الآشوري توجيه القيادة التركية، إذ جاء في هذا التوجيه السماح للأتراك في العبور إلى ما وراء القوقاز، وقد وعد الأتراك الآشوريين “بجبال من ذهب” مقابل تخليهم عن التحالف مع إنجلترا وروسيا ووقوفهم إلى جانب ألمانيا والإمبراطورية العثمانية. وبعد البحث، وقفت القيادة الآشورية ضد السماح للأتراك بالعبور من خلال مواقعهم واحتلال الأراضي الأذربيجانية السوفيتية ..“.
“ولكن أركان الجيش التركي في ولاية الموصل بدأوا بمباحثات جديدة مع الآشوريين، مستعملين في ذلك “بطريرك الآشوريين – الكلدان” كان آنذاك، يوسف عمانوئيل الثاني توما، بصفته وسيطا لهم هناك. وقد جاء في الرسالة التي وجهها هذا الأخير إلى نظيره بولص مارشمعون نداء بالانصياع إلى اقتراحات الأتراك، كما تم التحدث فيها عن وعود الأتراك بإعاشة الجيش الآشوري شريطة أن يقطع الآشوريون الصلة بالإنجليز والروس”. انتهت الرسالة. وكان جواب الآشوريين بالنفي… انتهى الاقتباس.
ويذكر في ص 117 – 122 من كتاب أغا بطرس: “في مطلع فجر يوم الأحد من بداية الصوم الكبير والمصادف 11 / آذار، تحركت القوات الآشورية باتجاه مدينة كونا شهر تحت قيادة كل من أغا بطرس وملك خوشابا، ملك شمزدين، ملك إسماعيل، ملك أوشعنا، القائد إسرائيل الملقب “قلب الأسد” مع بلكونيك كوندراتوف الروسي ..
طلب أغا بطرس أن يأتي بسمكو حيا أو ميتا، وأمر بدك أسوار المدينة وكل مواقع الحماية فيها بالمدفعية. وبعدها اكتسحها المقاتلون الأشاوس، وأنقذوا القائد “داويذ” الذي كان “مصابا” في بيت أحد الأرمن. ثم انزلوا بالعدو ضربة ماحقة أضاعت صوابه، حيث اكتظت الطرق والأزقة بجثث العدو، وراح الفرسان والمقاتلون الآشوريون يخضّون بدمائه. وعندما رأى سمكو الرعديد الاندحار بأم عينه، حاول الفرار، فسلك طريق الجبل، إلا أنه رد على أعقابه، وكل مرة كانت تخيب مساعيه لقوة الحصار المضروب عليه .
“ولكن أخيرًا، لجأ إلى “مكر” حيلة خدعة، وذلك بإلقاء كمية من القطع الذهبية في الطريق والأزقة بها
مقاتلون وغافلهم، واستطاع أن ينفذ من أحد الشوارع مع عدد من فرسانه وتخلص من قبضة الآشوريين.
وسقطت “كونا شهر” بيد المقاتلين الآشوريين وهي تسبح بالدم، بعد أن دفع أهاليها المعتدين الثمن الباهظ لما اقترفته أيديهم. عندما وصل خبر اندحار سمكو وهزيمته، قَتَلَ” الاصل القت ” الرعب في قلوب الأعداء وفي منطقة “ديليمن” وغيرها التي دانت للآشوريين. وقد كان هناك مقاتلون غرباء من هذه المناطق متربصون فرصة انتصار سمكو لكي يساهموا في فناء المسيحيين. وبعد النصر المؤزر الذي حققه الآشوريون، هربوا جميعهم وولوا الأدبار. وفي الجانب الآخر، كانت لنتيجة هذه المعارك وقع طيب على جميع المسيحيين. انتهى الاقتباس.
ويضيف ماتفييف “بار متى”، يقول في ص 106 من كتابه أعلاه: “عندما احتلت القوات الآشورية “بتعداد 3 آلاف إنسان”، التي قادها الأمير كوزين وداود أخو البطريرك والملوك برخو واسماعيل وخوشابا وأوشانا، قرية كوه نه شهر، عثرت في منزل سمكو على وثائق تشهد تآمر الحكومة الفارسية مع سمكو ضد البطريرك. فقد كان سمكو يعتبر البطريرك شخصية بارزة، ومقتله سيضعف الآشوريين. وكانت برقم 315، 27/11/1921.”
كان اهتمام السلطات الإيرانية في مقتل البطريرك العنيد نابعًا من عدم رغبته في تسليم سلاح الآشوريين، وإخراجهم ‘وفق المخطط الإنجليزي’ من إيران إلى العراق، بالإضافة إلى أنه رحب بثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى ودعا إلى تأسيس الدولة الآشورية المستقلة”. انتهى الاقتباس.
ويضيف المطران إيليا أبونا في ص 170 من الطبعة الثانية: “ومن جهة أخرى، بعد محاولة سمكو جمع أنصاره لمقاتلة القوات الآشورية، إلا أنه اندحر ثانية، واستطاع أن يهرب من شمال القلعة ومن إحدى الطرق بمعية خمسمائة فارس من فرسانه وتخلص ثانية من قبضة الآشوريين. فالتجأ إلى إحدى القرى وقضى فيها ليلته، ومنها إلى مدينة ‘خوي’. وهناك قصد الحاكم واتحد الاثنان ضدنا. وكانت قواتنا قد تفرقت بعد أن حققت انتصارها عليه، وعاد كل إلى منطقته بعد القتال. إلا أن حاكم (خوي) بعد أن أخذ بمشورة سمكو، جمع كل سكان المدينة من مسيحيينا ومن الأرمن، وعددهم قرابة خمسة آلاف من الرجال والنساء والبنين والبنات، ومعهم اثنان من الكهنة، وأبادوهم بحد السيف وبأساليب فضيعة”. انتهى الاقتباس.
وفي كتاب آغا بطرس ص 121: “واصلت قوة آغا بطرس الزحف وتخريب ما يقارب المائة وخمسين قرية من التي ناصرت سمكو، وأسفرت نتائج القتال على القرية ‘جهرة’ عن مقتل أكثر من ‘1500’ من جماعة سمكو، وعن استشهاد ما يقارب الأربعين آشورياً. أما أسلاب القتال، فقيل إنها تكفي لتقديم أسباب العيش للآشوريين لمدة سنة.”
أما أسباب ساعدت لهزيمة سمكو فهي ثلاثة:
1-القتال الحامي والضروس الذي قام به مقاتلو ملك خوشابا، إذ نفذ عتادهم وسخنت بنادقهم، الأمر الذي أخرهم من سد المنافذ بوجه سمكو ..
. 2-أن مقاتلي سلامس لم تتقدم إلى الأمام بالشكل الذي يمكنها من قطع جميع الطرق
. 3-سم من المقاتلين انشغلوا بعمليات السلب وتركوا العدو يغافلهم بالهروب
وعند عودة آغا بطرس وملك خوشابا إلى أورمية، استقبلتهم الناس بالفرح وحفاوة بالغة. بيد أن الجنرال آغا بطرس كان يحز في قلبه لفرار سمكو من قبضته. انتهى الاقتباس.
وهكذا استطاعت السلطات الإيرانية إقناع “سمكو” وبالطريقة ذاتها التي استعملها مع الشهيد ماربنيامين. وعند قدومه إلى “شنو” للمفاوضات مع الإيرانيين، نصب له كمين وقتل في أيلول 1930.
ويذكر المطران أبونا أنه كان هناك ما يدعى بالمجلس القومي لإدارة الأمور جميعها، وكان بإدارة القنصل الأمريكي الدكتور (شيد). ولمرات عديدة كنا نبدي رغبتنا في الخروج من بلاد فارس، لأن عدونا كان يتقوى ويتعزز يومًا بعد يوم. وكنا نود أن نترك البلاد وندخل بلاد روسيا، والدكتور (شيد) هذا كان يثنينا ولا يدعنا نغادر، وأبصارنا جميعنا متجهة صوب روسيا، وكنا نعتقد أن خلاصنا هناك. ولم نكن نعلم أن الأتراك كانوا قد دخلوا (تفليس) وسيطروا على تلك المنطقة.
وفي ظروفنا العسيرة هذه، أقبلت القوات التركية قادمة من الموصل بقيادة حسن باشا على رأس قوة عسكرية عثمانية كبيرة، وأحاطوا بنا من ثلاث جهات عدا الجهة الشمالية، فقد ظلت مفتوحة آمنة. ودار قتال شديد بيننا، فدحرونا وضبطوا الكثير من قرانا. فوقعنا في حيرة وضاقت بنا الدنيا، ورغبنا في مغادرة والهرب، إلا أننا كنا نجهل أي وجهة نولي وجوهنا .
فأخبرنا الباشا المذكور وكذلك كتبنا إلى خليل باشا حاكم الموصل، بأننا مستعدون لتقديم ولائنا وطاعتنا لملكنا التركي وحاشيته ولكبار المملكة، شريطة ضمان سلامتنا من القتل، وأننا سنسلم لهم كل أسلحتنا القتالية. لاقت هذه الفكرة قبولًا لدى الجميع من ضمنهم رؤساؤنا، واستبشر الجميع خيرًا بذلك. وأثر ذلك أوقف الباشا وقواته الحرب علينا، واستقرت قواتهم في خيم ضمن معسكرات في سهول أورمية .
أما نحن فقد قسمنا قواتنا الآثورية إلى جبهتين، وكان هناك نهر كبير يفصلنا عنهم. وكانوا يسيطرون بقواتهم على الجسر الموصل بيننا وبينهم. تحرك فريق من مقاتلينا نحو الغرب بموازاة النهر حتى ابتعد عن الجسر المذكور الذي يسيطر عليه الأتراك بمسافة اثني عشرة ساعة، حيث يتفرع النهر في تلك المنطقة إلى ثلاثة فروع. ومن هناك عبرت قواتنا النهر إلى الجهة الأخرى مع مدافعها. ثم تقدموا بحذر، فتسلقوا الجبل المشرف على السهل الذي تتمركز فيه القوات التركية جميعها. وفي تلك الليلة اتخذوا لهم مواقع حصينة وتهيؤوا للقتال بشكل جيد. ومع بزوغ نور الفجر، انهالت قذائف مدافعنا من فوق الجبل دفعة واحدة على رؤوس الأعداء. وفي الوقت ذاته، راح فريقنا المتمركز قبالة الجسر يمطر العدو بنيرانه. وعندما رأى العدو التركي أنه قد طوق من الجانبين، وأنهم غدوا تحت رحمة نيران مدافع المقاتلين الآثوريين، فقدوا زمام الأمور واضطربت صفوفهم. حينها، انشلت قواهم، وثب المقاتلون الآثوريون كالنسور، واستولوا على الجسر، عبروا إلى جبهة العدو، وقتلوا من الأتراك خلقاً كثيراً. ولاذت فلولهم الباقية بالهرب تاركةً كل معداتهم تحت خيامهم، مولية الأدبار كوعول الجبال المطاردة في ذلك السهل المحاذي لبحيرة أورميا. وهكذا أنقذنا الله المجد له في هذه المرة أيضًا من أيدي أعدائنا .
ومكثنا في تلك المنطقة وفي قرى أورميا نعيش في وضع سيء وتعاسة. وفي ظل هذه الحال المأساوية، رأينا سعاة قدموا ليخبروا قداسة البطريرك بأن بعثة إنجليزية قد وصلت واستقرت في المرج أسفل موقعنا. ومن شدة فرحنا، رمينا بنادقنا تحت أقدامهم. وتكلم قائد المئة الإنجليزي وهو فرح وسعيد لأنه وجدنا أحياء بعد أن كانت الأخبار التي وصلتهم تفيد بأنهم قد أبادونا جميعًا ولم يبقَ منا أحد .
وسألته الموقرة (سورما) عن سير المعارك الحربية، فأجابها بأن قوات الحلفاء قد حازت انتصارًا كبيرًا في بلاد فارس، كما شمل النصر المناطق الأخرى. وقد أُغلِقَت المنافذ البحرية كلها في وجه العدو، وغدت بيد الحلفاء. أما العدو الآن في موقف صعب وحرج. ولكن (تفليس) وحتى (قرص) و(بايزيد) وحتى نهر 3(آرص)، هذه المناطق لا زالت بيد الأتراك، إذ أنهم قد احتلوها من دون قتال بعد أن تخلى عنها الروس وغادروها إلى المناطق الداخلية من بلادهم.
وأخبرنا، والكلام للمطران إيليا، القائد الإنجليزي، بأن قوات الحلفاء قد دخلت إيران ووصلت إلى مدينة (بيجار) التي تبعد عن مدينة أورميا مسافة اثني عشر يومًا. وقال إنه من صالحكم أن ترافقونا إلى “ساعين قلعة” التي تبعد عن مواقعنا مسافة ستة أيام، وسنوافيكم نحن أيضًا إلى (بيجار) التي تبعد عن مواقعنا مسافة ستة أيام، وهناك نلتقي ونبحث لندبر شؤونكم .
وكتب قداسة البطريرك رسائل إلى قائدهم الأعلى، وغادرونا بالسلامة. وشرعنا في شد الرحال، فتهيأت فرقة من ألف فارس تحت إمرة الموقر زيا شقيق البطريرك شمعون بولص، وشقت الطريق أمامنا، تصد هجمات الأتراك وتزيحهم عن طريق مسيرتنا، وتطاردهم طوال الطريق حتى وصلنا إلى (ساعين قلعة).
بعد أن غادرت فرقة الفرسان الآثوريين أورميا، تجمع الأتراك والأكراد وتآمروا ضد الشعب الآثوري فيها. أما الأرمن فقد غادروها وراء القوات الآثورية بعد أن تيقنوا من سلامة الطريق وخلوه من الأعداء. وتشجعت فلول الأعداء وراحت تتعقبهم وتصيدهم، فتقتل كل من يظل منهم في مؤخرة المسيرة، وهكذا حتى لحقت بنا القوات الإنجليزية في (ساعين قلعة) ..
وفي الطريق، تمرض حنانيشوع ميطرا فوليط، 4 شمزدين ، نتيجة التعب الذي أصابه. وكان رجلًا مسنًا ضعيف البنية، فتوفي في كرمنشاه ودفن فيها. وبكاه الشعب وحزن عليه كثيرًا لما كان يتصف به من استقامة، ونقاء إيمانه، ولحبه لكل الناس. وكان له ولي عهد وهو الأسقف يوسف ابن أخيه يونادب .. انتهى الاقتباس.
أما ما يذهب إليه ماتفييف في ص 109-110 من كتابه “الآشوريون والمسألة الآشورية”، فيقول:
أصبح الوضع في حزيران 1918 بالنسبة للآشوريين خطيرًا جدًا على جبهة أورميا. فقد اقتربت القوات التركية كثيرًا من أورميا، في الوقت الذي بذل فيه الآشوريون آخر قواهم في مقاومة الأعداء. لم يقدم الإنجليز أي مساعدة لهم، رغم أنهم كانوا يملكون القوة الكافية المتمثلة بالمجموعات الجوالة بقيادة الجنرال ديستروويل، المتمركزة في إيران منذ شباط 1918 بهدف احتلال القفقاس، وخاصة مدينة باكر. كان تعداد هذه المجموعات 200 جندي وضابط إنجليزي، و1200 قوقازي روسي، بقيادة بيجيراخوف. وبعدم مساندة وينستر وويل للآشوريين في شيء، كان يُخطط لاستخدامهم في حماية تقربه من القفقاس .
وفي الأول من تموز، أثناء اشتداد المعارك، هبطت بالقرب من أورميا طائرة يقودها الملازم في القوة الجوية العسكرية للجيش البريطاني الملكي الطيار بينينغتون، إذ أنه حمل إلى هناك رسالة من القيادة العسكرية البريطانية في الشرق الأوسط .
لقد تم إيصال الطيار إلى بولص مار شمعون، وحسب أقواله، فقد كُلف بمهمة التصريح بأنه بعد الانتهاء المظفر من الحرب، يمكن لبريطانيا العظمى وفرنسا والولايات المتحدة وحلفائهم إنشاء الدولة الآشورية المستقلة، التي ستدخل في نطاقها ولاية هاكاري أيضًا. وبهذا الشكل تكون الوعود التي أُعلنَت من قبل الكابتن غريسي باسم الحكومة البريطانية قد تم تأكيدها مرة أخرى. انتهى الاقتباس.
وفي ص 153، يقول أغا بطرس:
في الثامن من تموز 1918، هبطت طائرة من القوة الجوية الإنجليزية في سهل أورميا، ونزل منها رجل إنجليزي يدعى “بينينغتون”، ومعه رسالة من القيادة الحربية الإنجليزية في الشرق. التقى بالطريرك مار بولس شمعون، وأغا بطرس، والرؤساء الآشوريين الآخرين، مع الأرمن. وبعد أن أمطره البطريرك وأغا بطرس بالأسئلة، أجابهم مؤكدًا أن كل الوعود التي قدمتها الحلفاء للآشوريين سوف تنفذ بعد الحرب، وأن فكرة إقامة وطن للآشوريين ستصبح موضع التنفيذ بعد تحقيق النصر
إضافة، وعلى ضوء هذه الوعود، كان الوفد الآشوري الأمريكي الذي حضر مؤتمر باريس قد طالب بقيام الدولة الآشورية، ولتكن تحت الحماية إحدى الدول الكبرى، وأن الأراضي المطلوبة ضمها كانت بعض الأراضي التي تعتبر تاريخياً للآشوريين في شمال ما بين النهرين “من حدود زاب السفلي وإلى الشمال”، وكذلك منطقة ديار بكر وحتى جبال أرمينيا، ولكن الموقف السلبي لإنكلترا وأمريكا، ولكن تصريح الرئيس وودرو ويلسون في هذا المؤتمر وما أبداه مفاده أن تركيا يجب ألا تقسم. فقطع الأمل بأي مستقبل للآشوريين.
لقد أُبلغ بينينغتون بأن الضباط الإنكليز المحملين بالعتاد والنقود سيصلون قريباً إلى هنا لمساعدة الآشوريين في تأسيس جيش نظامي، لذلك تم الاقتراح على الآشوريين باختراق الستار التركي إلى الجنوب من بحيرة أورمي والخروج إلى ساينكالا (شاهينديج حالياً) حيث ستقوم القطعات الإنكليزية بتزويدهم بالسلاح والعتاد، كما أضاف بينينغتون بأن القوافل الإنكليزية بمواصلاتها هي في طريقها من بغداد إلى ساين قلعة..
قررت القيادة الآشورية إرسال زيا الأخ الأصغر للبطريرك وآغا بطرس وبعض الملوك مع تعداد معين من القوات للقاء الإنكليز في ساينكالا. كان ذلك في 20 آب 1918م، قبل شهرين ونصف الشهر من انتهاء الحرب، ولدى علم القيادة التركية بخروج كمية من القوات إلى ساينكالا “ساين قلعة”، قامت عندئذ بهجوم على المواقع التي انسحبت منها، في الجهة الشمالية وضيقت الحصار على الآشوريين في المواقع على بعد 30 كم من مدينة أورمي. وهكذا نشأ موقف حرج للغاية ..
وينقل ماتيفييف في ص 111 وما بعدها: “تعرض الآشوريون المنسحبون لهجمات الفرس والقوات التركية النظامية على امتداد الطريق، فإذ كان الهجوم الذي تعرض له النازحون على بعد 3 كم من أورمي، ثم في حيدر آباد وبعده عند ماميدشا، وبالقرب من صولدوز حاصر العدو بعض عشرات الآلاف من الآشوريين وبدأ ضربهم إلى أن جاء داود أخ البطريرك لنجدتهم وطرد العدو بعيداً، وكان النازحون كلما تقدموا نحو الجنوب زادت هجمات الأكراد والفرس عليهم، وبالقرب من مدينة ساينكالا هاجمت المجموعات الفارسية والقوات النظامية التركية النازحين الآشوريين بالمدافع، وسقط على إثر ذلك أكثر من 10 آلاف إنسان، وأنقذت فصائل “إيزريا تموز” الباقين منهم ..
ويضيف: “قام الآشوريون بحرق ساينكالا وسوق الفرس الذين كانوا قد أعلنوا الانتفاضة ضدهم إلى وادي ضيق وأعدموهم، واستمر تحرك قوافل النازحين نحو الجنوب وهم جميعاً يحملون هدف البحث عن الإنكليز المراوغين. لقد استشهد الآلاف في الطريق من الحر والجوع والعطش، واصطفاهم جنود الفصائل الكردية والفارسية، وكانت القوات الآشورية المكلفة بحماية النازحين تصد هؤلاء وتجبرهم على الابتعاد عن القوافل النازحة .
وصل النازحون إلى مدينة همدان بعد أن قطعوا مسافة تزيد عن 900 كم من الطرقات الجبلية، وفقدوا أكثر من ثلث الخارجين من أورمي. وكان يقدر عدد الخارجين “253 ألفاً” ووصلوا فقط 203 آلاف، وفق تقديرات ف. شاكولفسكي. وبعد ذلك، اقتيدوا رغم معاناتهم إلى منطقة ما بين النهرين، التي انفصلت فيما بعد عن الإمبراطورية العثمانية وأصبحت ضمن دولة العراق وتحت الانتداب البريطاني، بالإضافة إلى تشكيل الدولة السورية وتحت الانتداب الفرنسي ..
وبهذا الشكل يتضح أن مجمل المواطن التاريخية لإقامة الآشوريين أصبحت داخلة في تشكيلات حكومية مختلفة “تركيا، إيران، العراق، سورية ” .“
ووصل الآشوريون إلى معسكرات اللجوء في بعقوبة، التي انفصلت، فوضعوا الإنكليز أمامهم أحد الحلين لا ثالث لهما: إما الموت جوعاً أو الانضمام إلى الفرق العسكرية الجديدة. فاختار قسم منهم الانضمام إلى الفرق العسكرية. وفي كتابه “الآشوريون في الأزمنة المعاصرة”، ص 96 و97، يقول إن الإنكليز كانوا يؤكدون وعودهم للآشوريين بأنهم سيعيدونهم إلى وطنهم، واستمروا في بعقوبة بتشكيل الوحدات الآشورية في المعسكر. فهؤلاء الذين انضموا إلى الجيش زُودوا بالغذاء، أما البقية ففي الحقيقة تركت لتلاقي مصيرها. وقد مات من الجوع والمرض وسوء الأحوال المعيشية التي كانوا يعيشونها حوالي 35 ألف آشوري في معسكر بعقوبة .
واستمرت بريطانيا في سياسة “فرق تسد”، فدفعت الحكومة البريطانية الشعب الآشوري ضد الأكراد والعرب ،
فاستغلَّ الإنجليز العداء القومي والديني الذي نشره هو بنفسه بين الآشوريين المسيحيين ومسلمي العراق..
ويذكر المطران إيليا، بعد استقرار البطريرك في بعقوبة أوعز إلى الكهنة بأن يكونوا يقظين وحريصين على رعيتهم، ويعلموهم قوانين إيمان كنيستهم ويسعوا لفتح المدارس من أجل ذلك. كما قرر أن يُرسم حنانيشوع ميطرافوليطا في بابل “بغداد”. وتهيأت جماعة صغيرة وتوجهت إلى بغداد ونظمت أمر الرسامة وأعدت كل ما يلزم لذلك .
بعدها توجه البطريرك إلى بغداد بصحبة أساقفته وقصدوا الكنيسة الإنجليزية ودُعي للرسامة جمهور كبير من طوائف بغداد ورؤساء القوات وكبار رجال السلطة في المدينة. وتمت الرسامة بانتظام وبحسب طقس ساليق وقطيسفون، وعمَّ الفرح الشعب كله. وبعد الرسامة تناول البطريرك مع الكهنة الذين شاركوه في مراسيمها طعام الفطور على مائدة (الآنسة بل)5 (مس بيل) معونة حاكم المدينة ...
وسعى قداسة البطريرك في جلب مطبعة، وتحمل القسط الأكبر من النفقات الكبيرة، لجلب المطبعة من ماله الخاص، كما ساهم بسخاء الكثيرون من أبناء الأمة ومدوا له يد العون لتحقيق هذا المشروع، فتجمع في وقت قصير عشرون ألف “روبية”6، وتم شراء المطبعة ، وها هي اليوم تقوم بطبع كل ما تحتاجه الكنيسة من كتب .
ويضيف المطران إيليا أبونا أن قداسة البطريرك شعر بألم بسيط في صدره، وفي بعض الأحيان كان يصطبغ البلغم الخارج من صدره بقليل من الدم، وبعد الكشف عليه من قبل الأطباء نصحوا بأن يُنقل إلى مناطق جبلية عالية، وليعيش في أجواء معتدلة نقية الهواء، وعليه تم نقله إلى 7دير الشيخ متي، ومكث هناك الصيف كله ..
وكان الأطباء يزورونه باستمرار ويصفون له الأدوية اللازمة. وفي خريف تلك السنة أوعز الأطباء إلى أهل بيته بأن يعودوا به إلى بغداد لأن مرضه كان قد اشتد واستفحل وقطعوا الأمل في شفائه، وأن لا جدوى من معالجته ..
وفي مطلع سنة 1920 لربنا، وبينما هو في بغداد بدأت وطأة المرض تشتد عليه حتى أسلم روحه الطاهرة بيد باريها، وبكته الأمة كلها بحرقة ومرارة وحزنت على شبابه ووداعته، لما عاناه وقاساه من المصاعب والمصائب والويلات في فترة عمره القصير تلك الأهوال التي كانت أقوى منه ومن طاقاته المحدودة. ومن حقه هو الآخر أن يعتبر شهيدَ الآلام التي تجرعتها الأمة ...
وما يقوله الدكتور رياض السندي في مقال له عن التوريث منشور بمواقع إلكترونية يذكر: “وتكررت تلك الدعوات مرة أخرى بعد اغتيال بنيامين مار شمعون عام 1918. وكانت وصية خليفته بولص مار شمعون بعدم التوريث من عائلتهم ‘أبونا’ مرة أخرى. وتذكر روانا مار شمعون لويگرام: قال مار بولص العشرون قبل موته: لا تدعوا الناس يرسمون أيّ واحد من عائلتنا بطريركاً. وفي ذلك الوقت لم يكن هناك في بعقوبة غير خال وأم البطريرك إيشاي. وعندما جاء الرؤساء لاختيار البطريرك الجديد حصلت توسلات ووساطات حامية باختيار بطريرك من عائلة أخرى .
إلا أنهم عدلوا عن ذلك وقالوا إنه سيحدث شغب واضطراب كبيران بين الناس في حالة إقدامهم على ذلك. وتركت الأم الاجتماع وذهبت إلى خيمة أخرى وبدأت تبكي. وتقول: ‘لقد شبعت الأسرة من قيامها بإنتاج البطاركة ..؟؟ انتهى الاقتباس‘
وهذا ما يثبت ويؤكد أن العائلة الأبوية لم تكن تسعى للكرسي البطريركي، إن كان في القوش أو قوجانس، بل كانت الأمة هي التي تسعى لإرضائهم لتتسلم مهام هذا الكرسي، وذلك لأصالتها التاريخية العريقة ودورها المرموق في خدمة الكنيسة ..
لنقرأ ما كتبه عنها القس الكلداني بطرس نصري رغم تعصبه، ففي ص 84 من كتابه “ذخيرة الأذهان الجزء الثاني” يقول: “وجرى ذلك في بدء الأمر بطريق الصدفة والاتفاقية، أي أنه منذ القرن الرابع عشر كان أكثر الجثالقة يُختارون على الرسم الجاري أولاً وبرضى الآباء أصحاب الرأي من تلك العائلة وحدها، أما لتساميها بالشأن والعلم والفضيلة أو لغير ذلك من أسباب الانفراد في الأوصاف ..؟؟
وبعد أن رقد البطريرك مار بولص على رجاء القيامة وضع جثمانه في تابوت، وقد رافقه إكليروس الكنيسة جميعهم مع وجوه القوم، ودفن في كنيسة الأرمن. ليرحمه الرب برحمته الواسعة ...
وقبل وفاة البطريرك كان رؤساء الاثوريين امثال اغا بطرس والمالك خوشابا وغيرهم قد طلبوا من الانكليز السماح لهم بالعودة الى موطنهم في اورميا وفي تركيا ،
سنتحدث عن ذلك وعن أغا بطرس بشكل خاص في الحلقة القادمة…
وعن خليفة البطريرك مارشمعون بولص… بإذن الله ..
===========================
الهوامش:
1-توما أودوهو العلامة اللغوي، هو ابن القس هرمز ابن الشماس ميخائيل بن هرمز بن مرخو “مرخايي” بن إسحق الحكيم “الطبيب” بن أودو، وهو شقيق المطران إسرائيل أودو، من أسرة أودو الآلقوشية المعروفة، وُلد سنة 1855م. انتُخب راعياً لأبرشية أورميا وسلامس في 4 أيلول 1890، وكان واحداً من أعضاء الوفد المرسل من قبل البطريرك شمعون بنيامين مع المطران إيليا أبونا إلى تفليس للتفاوض مع حكومة ما وراء القفاز الروسية، للحصول على مساعدات عسكرية ومادية للقوات الآثورية. استُشهد بإطلاق النار عليه يوم 31 تموز 1918م، وتوفي يوم 29 آب. “المصدر: ماتقييف ومار يوحنا، ص 64، وسفر القوش الثقافي 142.”
وأما الأب جوزيف نعيم، فيذكر في كتابه “هل يجب أن تموت هذه الأمة؟” ص 190-191، ترجمة رمسن رشو، يقول الأب جوزيف: كنت مع المطران توما أودو أثناء وقوع الحادث، بأن مواطناً فارسياً من قرية بالا طلب نقوده التي كان قد أمنها في دار البعثة الفرنسية، والتي أخذها عنوة المجرم إرشاد همايون الذي احتضنته دار البعثة سابقاً عندما لجأ إليها وعرف مداخل ومخارج الدار. وعندما أشار المطران أودو إلى أن إرشاد أخذ الأموال المودعة، فما كان من هذا الرجل الفارسي إلا أن أطلق النار على المطران توما أودو، وطرحه أرضاً. أما أنا، فأعطيته صليبي الكهنوتي وحلقتي وحقيبتي إنقاذاً لحياتي، وعندما أردنا الخروج من مقر البعثة، ظننا أن المطران أودو قد مات. وبعد أن أدخل الأسقف توما أودو إلى المستشفى، ورغم تلقيه المعالجة الطبية، تعرض إلى معاملة سيئة من قبل الجنود الذين ضربوه على رأسه وعاملوه معاملة سيئة بحيث إنه عندما أُعيد فيما بعد إلى السجن كان في حالة يرثى لها. لكن صحته ساءت أكثر في السجن. وأعيد ثانية إلى المستشفى حيث فارق الحياة بعد بضعة أيام. انتهى الاقتباس.
2-وعن كنيسة كوخي الكبرى، يقول التقليد إن مار ماري نزل إلى مدينة ساليق، ثم عبر دجلة وقابل الملك الأرشاقي أرطبان الذي كان يحكم على قطيسفون وكوخي، ونصر هناك خلقاً كثيراً، وأسس كنيسة كوخي. والسبب في تسمية المدائن “كوخي” هو لأنها كانت مجاميع أكواخ. تاريخ الكنيسة الشرقية للأب بير أبونا، ج 1، ص 18-19.
“ 3-آرص” قرية على نهر آراس في أقصى الشمال الشرقي من تركيا الحالية، وكانت أرص في الأصل مدينة أرمنية، وكانت سبباً للخلاف بين روسيا وتركيا. “توتل”، المنجد في الأدب والعلوم، ص 410.
. “ 4-شمزدين” منطقة في حكاري إلى الشمال الشرقي من العمادية جنوب كاور وخومارو وتركاور، ومن الشرق مركاور، وهذه داخل الحدود الإيرانية. “عوديشو ملكو، سفر إشيثا”، ص 67.
. “ 5- مس بيل” معاونة حاكم المدينة، هي غير “ترود بيل” المعروفة بـ “مس” بيل. فلدى نشوب الحرب العالمية الأولى، أُلحِقت بالحملة العسكرية التي فتحت العراق، وعُينت في البصرة سنة 1916، ثم انتقلت مع دائرة المكتب السياسي مع السير بيري كوكس، رئيس الحكام السياسيين للحملة، إلى بغداد. عنيت بعدها بوظيفة السكرتير الشرفي، وقد كلفها رئيسها الحاكم الملكي العام في العراق أبان الانتداب البريطاني (أي تي ولسن) بوضع تقرير مفصل عن الوضع العام في العراق، فقامت بذلك خير قيام، وسمي ذلك التقرير “الكتاب الأبيض”، والذي قام بترجمته إلى العربية جعفر. وظلت “مس بيل” تعمل بوظيفة السكرتير الشرفي حتى وافاها الأجل يوم 12 تموز 1926، ودفنت في مقبرة المسيحيين بالقرب من ساحة الطيران الباب الشرقي ببغداد. والجدير بالذكر أنها المؤسسة الأولى لدائرة الآثار القديمة، وكانت تجيد اللغة العربية بطلاقة. “جعفر خياط، فصول من تاريخ العراق القديم المقدمة“.
. “ 6-الروبية” نقد هندي فضي يساوي (32) سنتاً أمريكياً، والروبية في عرف العراقيين في العقود المتوسطة من القرن الماضي (القرن العشرين) كانت تساوي (75) فلساً. “ألكسندر أوراهم، معجم آشوري إنجليزي”، ص 476.
. “7- دير مار متي”، ويعرف بدير الشيخ متي، من أشهر ديارات السريان في العراق وأجلها شأناً في التاريخ، يقع في أعالي جبل مقلوب (الفاف) في شرق الموصل على نحو (20) ميلاً منها. أنشأه مار متي السرياني الأمدي في الربع الأخير من القرن الرابع الميلادي. صار كرسي أسقفي ثم مطراني في الربع الأخير من القرن الخامس الميلادي، من استشرف جبله نظر إلى منطقة نينوى والمرج، ومعظم صوامعه منقورة في الصخر. “كوركيس عواد، تحقيقات بلدانية”، ص 38-39.
وفي كتيب “لمعة في تاريخ الأمة السريانية في العراق”، ص 29، دير مار متي، يقول: لقد اهتدى على يد مار متي إلى النصرانية بهنام بن سنحاريب حاكم ولاية آشور “نينوى” وتوابعها. انتهى الاقتباس.
يعكوب أبونا 25 / 11 /2024…
عنكاوة كوم / نوفمبر 25, 2024
*******************************************************************************************
تنويه (nala4u) ; الموقع يتبنى التسمية الاشورية كقومية , تاريخ ولغة وغير ملزم ما تسمى ((بكردستان)) .
.