بقلم اللواء بولص يوسف مالك خوشابا
نكبة 1933:اسبابها..سير عملياتها ونتائجها / الجزء الأول
15 / 05 / 2013
http://nala4u.com
بعض العشائر قد تمكنوا من التسلل الى موطنهم في هكاري ولم تعترض عليهم الحكومة التركية ما داموا يعيشون بسلام الا ان هذا الموقف اثار حفيظة الانكليز والعائلة المار شمعونية فدبروا تلك المؤامرة مع مجموعة من التخوميين بالاعتداء على الوالي التركي بغية دفع الاتراك على الانتقام من تلك العشائر ومهاجمتها وطردها من الاراضي التركية وفعلا سارت الامور كما كان مخططا لها فتوزعت هذه العشائر في مناطق صبنة وبرواري بالا ومنطقة نهلة وفي سميل والقرى المحيطة بها وكلها كانت ضمن قضاء دهوك آنذاك . واستمر الوضع على هذه الشاكلة وقامت هذه العشائر بتعمير قراها الجديدة واهتمت بالزراعة وتربية الحيوانات وتحسين امورهم العائلية والمعيشية وقد استغل الانكليز بعض ابناء العشائر لاستخدامهم في قوة الليفي لحماية قواعدهم ولاغراض اخرى تخدم مصالح الانكليز اما بالنسبة الى العائلة المارشمعونية فلقد تم تعيين داؤود والد البطريرك قائدا لهذه القوة كما تم تعيين اولاد مالك اسماعيل دانيال وشليمون وياقو ومن تياري السفلى زيا مالك شمزدين ومالك لوكو التخومي (بدرجة رب ترما اي قائد المئتين ) ……
وكانت دوافع العائلة المار شمعونية في تشكيل قوة الليفي هي تحقيق مصلحة معنوية بسيطرتها على قيادة هذه القوة عن طريق قائدها داؤد وابناء رؤساء العشائر المؤيدين لها وفائدة مادية وفق ما ذكره كثير من الكتاب وهذا اقتباس من كتاب الاشوريون والمسالة الاشورية بقلم (ق ب ماتفييف بار متي ) اقتباس :
لقد كان الزعماء الاشوريين كسورما خانم شقيقة البطريرك بنيامين وبولص مارشمعون وعمة البطريرك ايشا مار شمعون الدورالكبير في تاسيس هذه الكتائب . اذ كان لها كما للملوك والكهنة مصلحة مادية في توسيع تشكيلات الكتائب العسكرية حيث كانت العائلة البطريركية وكبار القادة والكهنوت يتقاضون وفق الاتفاق مع القيادة الانكليزية حصة نقدية من مرتب كل ضابط ومجند آشوري…. انتهى الاقتباس …
بمرور الزمن بدا الجيش العراقي بالتطور كما ونوعا بمساندة بريطانيا التي اصبحت تخطط لخلق عراق قوي يخدم مصالحها ويحررها من من ثقل مسؤلية الانتداب وكان المفتشين الانكليز الاداريين والعسكريين يعملون بهذا الاتجاه واستكمالا لهذا الموقف بدات بتقليص اعداد قوات الليفي فلقد تم تقليص درجة (رب ترما- قائد المئتين) حيث تم انزال رتبة زيا مالك شمزدين من درجة رب ترما الى درجة (رب اما- قائد المئة) وهو من عشيرة تياري السفلى في الوقت الذي تم تثبيت اولاد مالك اسماعيل بدرجة (رب ترما- قائد المئتين) حيث كان كل من شليمون ودانيال احدهم متزج من عمة البطريرك والاخر متزوج من خالة البطريرك مما اغاض زيا مالك شمزدين والذي ادى الى رفضه لهذه التفرقة ومن ثم استقالته من الليفي ….
لقد احست العائلة المار شمعونية بان نفوذها وسيطرتها سوف تتقلص بتقلص دور اعتماد الانكليز على الليفي فقامت سرمة خانم بالاجتماع بضباط الليفي سرا في معسكر ( الهنيدي ) معسكر الرشيد لاحقا وامرتهم بان يقدموا استقالة جماعية لاحراج الانكليز ولكن هذه الاستقالة تم افشالها من قبل الانكليز وذلك باقناع قداسة البطريرك باصدار امرا للضباط المستقيلين بالغاء استقالاتهم …. وبقبول العراق عضوا في عصبة الامم وتقلص دور بريطانيا في ادارة العراق ارتات سرمة خانم وقداسة البطريرك بان الذهاب الى جنيف هو الحل الامثل بعد استحالة موافقة العراق والانكليزعلى منح قداسة البطريرك السلطة الزمنية وبالرغم من كل النصائح التي قدمت لهما والتي سبق وان ذكرتها في المقالة السابقة …
في 10 / ايلول / 1932 سافر قداسة البطريرك من الموصل الى بغداد في طريقه الى جنيف لتعقيب مطالبه التي كان قد رفعها الى عصبة الامم ورافقه في سفرته هذه الشماس عمانوئيل شمعون بصفته سكرتيرا له . وكانت مطاليبه تشمل على منحه السلطة الزمنية اضافة الى السلطة الدينية على الاثوريين والحكم الذاتي في شمال العراق او نقل الاثوريين الى محمية بريطانيا في حالة عدم الموافقة على ذلك . رفضت عصبة الامم مطاليب المارشمعون الا انها قررت في شهر كانون الاول سنة 1932 اسكان جميع العراقيين الذين لا يملكون اراضي بما فيهم الاثوريين في الاراضي الاميرية الخالية في العراق . كما واعلن ممثل الحكومة العراقية في عصبة الامم بانه عازم على اختيار خبير اجنبي لمساعدة الحكومة العراقية على اسكان الاثوريين في العراق بصورة مجتمعة بقدر الامكان وعليه تم تعيين الميجر تومسن الخبير البريطاني في السودان من قبل الحكومة العراقية لتلك الغاية ووصل الى الموصل في بداية شهر مايس سنة 1933 . واما قداسة البطريرك فعاد الى بغداد قادما من جنيف في 4 كانون الثاني سنة 1933 .
وجهت كتب رسمية من قبل رئيس اللجنة الرسمية للاسكان الى كل من; قداسة البطريرك في الموصل
غبطة المطران مارسركيس في دهوك
غبطة المطران مار يوآلاها في العمادية
غبطة المطران مار يوسف خنانيشو في حرير
مالك خوشابا في نوهدرا ((دهوك))
الرئيس خيو عوديشو في الشيخان
مالك خمو في الموصل
الرئيس جكو في كوركفان
مالك اسماعيل في ديانا
مالك نمرود في الجراحية
مالك لوكو في العمادية
مالك مروكل في عقرة
وطلب منهم ارسال مقترحاتهم خلال خمسة عشر يوما حول تعيين ستة اشخاص ليكونوا في اللجنة الاستشارية ممن لهم خبرة في الشؤون الزراعية والعشائرية كمرشحين لعضوية هيئة الاسكان الاهلية المؤلفة بموجب قرار لجنة الاسكان الرسمية المؤلفة بتاريخ 25 شباط سنة 1933
رفض قداسة البطريرك واعوانه الاشتراك في الهيئة المذكورة بعد ان رفضت الحكومة العراقية منحه السلطة الزمنية ووافق مالك خوشابا واتباعه على مشروع اسكان الاثوريين وعليه تم تشكيل لجنة من الاثوريين الذين قبلوا بمشروع الاسكان بعد ان تقرر تشكيلها برئاسة مالك خوشابا . وقد قام انصار قداسة البطريرك بنشر دعايات ضد الاسكان مدعين بان لجنة اخرى من عصبة الامم ستحضر للقيام بالتحقيق في اوضاع الاقليات في العراق وسياتي خبير اخر ليس انكليزيا ولاعراقيا بدل الميجر تومسن الذي كان موفدا لذلك الغرض . كما اشاعوا اخبارا اخرى بانهم سيرحلون اما الى ايران او سورية او روسيا ….
على اثر هذا الموقف السلبي من قبل قداسة البطريرك واعوانه طلب وزير الداخلية من متصرف لواء الموصل تبليغ قداسة البطريرك بالحضور الى بغداد ….
( وثيقة رقم 29 من الكتاب الازرق )
في 10 من شهر ايار سنة 1933 طلب وزير الداخلية من متصرف الموصل تبليغ المارشمعون بالحضور الى بغداد للتداول معه في امور تتعلق بقضية اسكان الاثوريين وذلك لقرب وصول خبير الاسكان الميجر تومسن الى العراق . وفي 22 ايار سنة 1933 سافر المار شمعون الى بغداد ونزل في بناية دار الشبان المسيحيين الكائنة في شارع السعدون وبعد ستة ايام من وصوله سلم اليه وزير الداخلية حكمت سليمان الرسالة التالية :
وزارة الداخلية الرقم س / 1104 التاريخ 28 / 5 / 1933
سبق وان اوضحت لكم ابان زيارتي الاخيرة للموصل موقف الحكومة فيما يتعلق بوضعكم الشخصي وارغب الان ان اؤيد تحريريا ما سبق ان سمعتموه شفهيا . ان الحكومة راغبة في الاعتراف بكم رسميا كرئيس روحي للطائفة الاثورية ونعدكم بانكم ستنالون الاحترام اللائق بكم بصفتكم المذكورة في كل وقت وكما سبق للمتصرف ان اخبركم ان الحكومة ترغب في الحصول على مساعدتكم في امر تنظيم لائحة قانون الطائفة على نفس اسس القوانين النافذة الان على الطوائف الاخرى ولادامة مقامكم الروحاني على الوجه المناسب تبحث الحكومة في الوقت الحاضر في كيفية ايجاد مورد لمساعدتكم بصورة مستديمة وليس في نيتها تقليل المخصصات الشهرية التي تدفع لكم الان الى ان يحين الوقت الذي تقتنع فيه بان لكم ايرادا كافيا من منابع اخرى . على انه لابد لي ان اوضح بان الحكومة لا يسعها المولفقة على تخويلكم اي سلطة زمنية وسيكون وضعكم كوضع رؤساء الطوائف الاخرى الروحانيين في العراق ويتحتم على ابناء الطائفة الاثورية في كافة شؤون الادارة مراعات القوانين والانظمة والاحوال التي تطبق على جميع العراقيين الاخرين . لا حاجة للتاكيد لحضرتكم مبلغ رغبة الحكومة الصادقة للقيام بما يمكن عمله لترى الطائفة الاثورية كسائر العراقيين سعيدة وراضية ومن الرعايا المخلصين لصاحب الجلالة الملك المعظم وقد صرحت بسياستها مفصلا امام عصبة الامم والتي اقترنت بموافقتها . ومما ينبغي بيانه ان الحكومة حسب الاتفاق الذي تم في الخريف المنصرم ساعية للحصول على خدمات خبير اجنبي لابداء المشورة في مسالة الاسكان المهمة ويتوقع وصول هذا الخبير الميجر تومسن الى الموصل في نهاية هذا الشهر وستكون اعماله ذات اهمية عظيمة للطائفة الاثورية ولي وطيد الامل بانه سيلقى المساعدة التامة من جميع من يضمر خيرا للطائفة . لقد لاحظت ويا للاسف ان حضرتكم قد اتخذتم حتى الان موقف غير مساعد بل معرقل حسب منطوق بعض التقارير لهذه المسالة المهمة جدا وعليه اراني مضطرا لان اطلب منكم اعطاء ضمان تحريري بانكم سوف لا تاتون عملا من شانه ان يجعل مهمةالميجر تومسن والحكومة صعبة . فاذا كانت هناك اي نقطة لم اوضحها في هذا الكتاب فيسرني ان تكتبوا ملفتين انظاري اليها . ان الاعتراف بوضعكم المبين آنفا منوط بقبولكم اياه واعطائكم عهدا قاطعا بانكم ستكونون على الدوام وبكل الوسائل كاحد الرعايا المخلصين لصاحب الجلالة الملك المعظم ويسني ان احصل على جوابكم التحريري على هذا الكتاب حسبما جاء في المرفق :
اني المارشمعون قد اطلعت على كتاب معاليكم المرقم س / 1104 المؤرخ 28 / 5 / 1933 وقبلت بجميع ما ورد فيه وها انا اتعهد بانني سوف لا اقوم باي عمل من شانه ان يعرقل مهمة الميجر تومسن والحكومة العراقية وذلك فيما يتعلق بمشروع الاسكان وان اكون على الدوام وبكل الوسائل كاحد الرعايا المخلصين لصاحب الجلالة الملك المعظم ……
يتبع :
تنويه (nala4u) ; لأهمية هذه الاحداث التاريخية..لذا أعيد نشرها مع التقدير.