بقلم سامي هاويل
الموضوع; الإنسان أولاً
17 / 06 / 2024
http://nala4u.com
تُرى ما جدوى وجود الفردوس والجحيم إذا لم يكن هناك وجوداً للإنسان؟
أو بالأحرى ما جدوى وجود الله إن لم يكن هناك وجوداً للإنسان؟
عند محاولة الإجابة على هذين السؤالين تتجلى عندنا مباشرة حقيقة أن كل شيء يبدء من الإنسان وينتهي إليه، وعلى هذا الأساس يمكننا صياغة معيار (إذا صح التعبير) لكل فكرة أو آيديولوجية، والدينية منها على وجه الخصوص، لكي نتمكن من إخضاعها للتقييم، إن أية آيديولوجية تتعارض مع العنصر الأساس في تركيبة الإنسان الذي يكمن في المشاعر والحواس التي بدونها يفقد قيمته كمخلوق، سوف تسبب له متاعب جمة في مسيرة حياته، لربما يمكننا أن نضعها في مصاف أنتهاك حقوقه الشخصية والمجتمعية.
ما يدفعنا لكتابة هذه السطور هو أنجراف العديد من رجال الكهنوت وراء المعتقد بطريقة مثيرة للشك والأستغراب، إن كان الأمر متعلق بالفرد نفسه انطلاقاً من مبدأ علاقة الفرد مع الخالق فهنا ليست لدينا أية إشكالية، كونه قرار يندرج تحت مبدأ الحرية الشخصية. أما إذا كان هذا الفرد يمثل آيديولوجية دينية تمنحه الحق ليعتلي المنابر ويخطب بين الحضور فالأمر سيختلف، لأنه ينقل الى الحضور تصوراته الشخصية التي تكتظ احياناً بالأخطاء اللاهوتية، وتتسم احياناً أخرى بالكثير من الغلو والتطرف وما الى ذلك من مفاهيم أزدراء الذات والحط من قيمتها عبر نبذ الحياة المادية، ثم يضفي عليها الشرعية من خلال ربطها بشكل مباشر “بالمقدس”، إن هكذا أجتهادات لها تأثيرها الكبير على المتلقي “البسيط”، وكثيرا ما تدخله في دائرة الشك والقلق لأنها تضعه مباشرة في مواجهة إمكانية خسارته فرصة الخلاص، كونه وبحكم التزاماته المعيشية غير قادر على الأقتداء بما يتلقنه من الخطيب ذو الميزة الكهنوتية ذات الصفة المقدسة، وبالتالي ستقوده ليكون مرتبكا، حزيناً، تتراكم في ذهنه الهموم ومشاعر القلق والخوف، مما يؤثر على حياته اليومية وطريقة تعامله في إطار العائلة وداخل المجتمع ككل.
لهذا نرتأي أن تتولى الجهات المعنية في المؤسسة عملية صياغة خطوط عريضة تُلزم الخطيب بعدم تخطيها والغوص في اعتقاداته الشخصية، أي بمعنى آخر فرض مركزية الخطاب، خطاب رجال الكهنوت على المنابر، وفي وسائل الأعلام المختلفة. إن هذه الأجتهادات المثيرة مهما ذهبت بعيداً في محاولة ترسيخ العلاقة بين الخالق والإنسان، ومهما أضفت عليها صفة القداسة، فإنها سوف تتحطم على صخرة الوجود ومتطلبات الحياة الفعلية، وسوف ينعكس مردودها على المؤسسة بحد ذاتها، لتصل في نهاية المطاف الى فقدان قيمتها تدريجياً، وما علينا إلا البلاغ.