نقد ادبي حـول المجموعـة الشـعرية الادبيـة الجديـدة للشـاعر الدكتـور بهنـام عطااللـه تحـت عنـوان (معلقـة لرحيـل الشمـس).

القناة ترحب بكم للادلاء بشهاداتكم وبارائكم المحترمة مباشرة او بارسال البصمات الصوتية وغيرها من المشاركات للقناة والتي تهم الجميع.
لطفا..للاشتراك في القناة; انقر على خاصية الاشتراك و( لايك + تعليق ) ليصلكم كل ماهو قيم من شهادات واحداث.
youtube.com/@Nala4uTv
https://twitter.com/Nala4uTv

Kindly..to subscribe to the channel; Just click on the subscription feature

بهنـام عطا اللـه

يقلــد الشمـس تـاج الوفـاء

……………………….

بقام مال اللـه فــرج
الموضوع; نقد ادبي حـول المجموعـة الشـعرية…الادبيـة الجديـدة للشـاعر الدكتـور بهنـام عطااللـه تحـت عنـوان (معلقـة لرحيـل الشمـس).

26 / 02 / 2023
http://nala4u.com

لعل من اصعب الصياغات الانسانية في مختلف الفنون والاداب ان يضع الانسان اصابعه على جرحه النازف ويعتصر آلامه ليصوغ من عواصف الاوجاع وبراكين الاحزان وجنون النزيف الداخلي الذي لايشعر به سواه ومن الفجيعة ومرارة الفقد عملا متفردا ليس في شكله وتألقه وخصوصيته وحسب وانما في معانيه الروحية وفي مضامينه الانسانية بكل ما يحمله من المصداقية والتفاعلات الذاتية والذي غالبا لا يستطيع اي انسان مهما كان قريبا منه ان يتلمس تفاعلات احداثه واوجاعه ورهافة المشاعر النازفة الما والنحيب الذي ينشج بصمت والتمنيات التي لا تتحقق كلما تعلق الامر بالفقد والرحيل الى العالم الاخر.

وفي مجموعته الشعرية الاخيرة التي حملت عنوان (معلقة لرحيل الشمس)يحاول الكاتب والشاعر المبدع (بهنام عطا الله) ان يمسك كل هذه المشاعر والاحاسيس الصاخبة التي تعتمل مثل البركان المتفجر في داخله ليتمازج بها ومعها وهو يستحضر مسيرة طويلة ومعقدة ومتنوعة ليس من الاحداث وحسب وانما من الذكريات ممسكا بفرشاة مشاعره المكبوته ليرسم عبر الوانها الفاتحة هنا والغامقة هناك لوحة شبه خرافية تكاد تنطق بمعاناته الحقيقية عبر تمازج الابتسامات بالدموع والذكريات بالحاضر الذي رحل وهو الضائع بين الاثنين يحاول العثور على صخرة يرمي بجسده المتعب فوقها ليخرج من بين اسقاطات هذه المعركة الممتده في جذورها بعيدا في كل دقائق وتفاصيل مشاعره اشد قوة واقوى عنفوانا واعمق عزيمة في اكمال لوحة العمر التي توثق جوانب متالقه هنا وباكية هناك من مسيرته ومن عطائه ومن مشاعره التي كانت تضئ كل صفحاتها وزواياها ( شمسه ) التي احبها حد العشق والتوله , كيف لا وتلك الشمس كانت الكتف الذي يسنده واليد الحانية التي تمسح تعبه والواحة التي يرمي عليها اثقال ايامه وكنزالمشاعر الحميمة التي تسعده والغيمة التي تظلله بالمحبة , والواقع الذي يجسد احلامه ونصفه المتألق الذي يكمله فالى اين يتجه وهو يتفاجئ بما لم يكن يتوقعه حيث حزمت الشمس حقائب رحيلها مرغمة وهي ترنو اليه بعينين دامعتين حملتا وجع ولهفة واحزان :

العالم كله قبل ان ترحل؟

بوابـة الاهـداء

……………..

فمن بوابة (الاهداء) في معلقته يدلف الشاعر عطا الله نحو عالم الرحيل الموشح بمرارة الفقد صارخا بوجه الاقدار بلهجة تنوء باصدق شكل للتحدي الانساني

(لروحها الطاهرة التي تأبى ان تغادرنا .

لشمسنا التي تشرق كل صباح علينا .

لبسمتها الشاردة التي ما زالت تحف بحديقتنا.

اليها ..

واليها ..

واليها ..

وحدها ابدا

اهدي منجزي الشعري هذا.

وفاءا

واخلاصا

ومحبة ازلية) , وكأنه يريد ان يقسم امام الملئ كله بان لااحد غيرها احتل جوانحه ولا احد بعدها سيفعل ذلك فقد اقفل أبواب القلب والروح وكل ارتعاشات المشاعر عليها.

واقـع الفقـد

……………

وفي الوقت الذي يحاول فيه ان يكفكف دمعه وهو تائها بين واقع الفقد من جهة وبين تشكيك مشاعره برحيلها هامسا لروحه المعذبة (أأبكي على شمسي التي رحلت ؟؟؟ ام ابكي

على شمسي التي غربت؟؟؟)يدلف بنا الى اولى قصائده التي حملت عنوان (ترنيمة اللحن الحزين)هامسا باذنها بابيات بطعم الوجع:

(سيدتي

ستة شهور مرت

والعلقم في افواه المحبين

ورياح الشوق ما انفكت من رفقة القيظ

تلهب ارواح العاشقين وتلك العيون الخضر تبدو

جنائن معلقات في مسرى

الافق البعيد )

ويواصل في قصيدته (مسلات الكلام)نثر اوجاعه على رأسه وهو ينفث كلمات محملة بنكهة الفراق المريرة :

(في جمعة الموتى

انتشرت الفراشات فوق ضريحك

في مقبرة القيامة

رفرفت العصافير اناشيد الرحيل

تبعثرت الاهات من قلبي المضرج بالاسى

جروحا غائرة عبر المدى)

واذ يقلب الشاعر بهنام عطا الله صفحات ذكرياته مع الشمس التي كانت كل حياته فانه يستعيد في الذكرى السنوية لغروب شمسه بعضا من تداعيات المشاعر في لحضات الرحيل عبر تلك الذكرى:

( كان ذلك يوما ليس ككل الايام

اتذكر تلك الشهقة الخرساء

وهي تحتضن قناني الاوكسجين

بلا انتهاء

عند السرير الممتد كالحمامة

في الردهة البيضاء

وذلك المغذي المثبت في الوريد

يرتدي صحوتي

فمن ينتشلني بعد الان من هذا الخواء

ومن يقرأ قصيدتي المؤجلة

عند الضريح في مقبرة القيامة

بكل اشتهاء

من ؟

من؟)

بحـر الذكـريات

……………….

ولان بحر الذكريات المتلاطم الامواج لا يهدأ لحضة باعماق شاعرنا العتيد حتى ليكاد ان يمزج الفترة الماضية التي امست في عداد الذكرى بالحاضر محاولا ايهام النفس بانها ستعود وتطرق الباب كما كانت تفعل في حياتها الراحلة فانه يجسد ذلك بالانتظار رغم علمه بانه انتظار حزين لشمس لن تشرق بعد الان على الكرة الارضية هامسا بوجع:

(ما زلنا كل حين

نقف امام بابنا الحزين

بابنا المغلق القديم

ننتظر تلك القامة الهيفاء

وذاك الشعر السامح

وهو يعدو الينا كل حين

كسيل من الموج

يمم شطر المدينة

وهو يهذي كالسنين)

من بين كل هذه الانفعالات والتفاعلات والانثيالات العاطفية وهو ينتظر عودتها مرة ويرثي رحيلها مرة اخرى يقف متسائلا بمرارة وكأنه يوصم الموت بالكذب وان شمسه لابد ان تعود يوما لذلك فهو يخاطبها بمحبة تحاول ان تدحض اسطورة الموت:

(متى تعودين

محملة بطيور الماء

واحزان تشرين

متى تعودين؟

لقد ضاق بنا الكون

وغدا الفجر خباء

متى تعودين؟

وهل تعودين حلما جميلا ؟

كي اقذف كل همومي جانبا

وامضغ احزان المساء؟)

تضـاريس الأحـزان

………………….

وهكذا في قصائده الثلاثين يرسم تضاريس بحر من الحزن والحنين ومن الوجع والاشتياق والانين , مرة يمسك بالذكريات واخرى يجد نفسه على رصيف محطة من الوله غادرتها

القطارات وهو الذي ينعي خيبته بعد ان تعذر عليه الامساك بتلابيب قطار بعينه ليتمازج بالروح الوالهة مع شمس طال غيابها فصلبه الوقت على قارعة الانتظار , وياله من انتظار قاس لاسيما وهو يعلم علم اليقين ان انتظاره ان هو الا محاولة خداع النفس العطشى لشعاع من شمس رحلت وما هو الا اسطورة سراب , فاي وجع اقسى من هكذا انتظار؟

وهكذا في ضياعه بين وهم المشاعر ومصداقية الواقع يواصل اعتصار القلب ليرسم من نبضاته حروفا بلون الحزن وكلمات بنكهة الوجع وابيات من الشعر بطعم اشتياق بلا حدود , لكنه في خضم هذا البحر المتلاطم من المشاعر المتنافرة والمتعاكسة لا يملك الا ان يقف على رصيف الحقيقة , حقيقة الفقد وهو يهمس بقلب انهكه الاشتياق وبعينين غارقتين بالدمع الشفيف في قصيدته (دموعي حبر القصيدة):

( افتح حقائبك المغلقة

منذ الرحيل

كي تقفز منها التوارس

واحدا

واحدا

ساخذ قسطا من الحزن

لاتقيأ به على رمل شواطئك)

مضيفا:

(في عينيك يكمن صوت البكاءلا

وتعبر غيوم السنوات كالشلال

فوق هاتيك المنحدرات البعيدة

يقينا ساراقب طيفك

المس روحك

ارسمك بالكلمات

فتفيض العيون بحبر القصيدة

وما بين اللهفة والحنين والاشتياق يستسلم الشاعر للحقيقة رغم ان اعماقه تمتلئ بالشكوك ازاء جدلية الرحيل هامسا لها :

(غالية انت

وحبك يطال ناصية السماء

فكيف ارثيك

وماذا اكتب في هذا الرثاء؟

لا لن ارثيك الان

لان الرثاء لا يليق بالكبرياء

استلقي على باب القدر

اضم عطرك النابض

وزقزقة العصافير

مع اطلالة المساء)

انبـل المشـاعر الانسـانية

………………………..

ان من يطالع قصائد هذه المجموعة الشعرية سيجد نفسه وسط عالم ثر من انبل المشاعر الانسانية التي تدمع العين هنا وترفع نبض القلب هناك ليس بمصداقيتها وحسب وانما ايضا في قدرتها على التغلغل لاعماقنا, فالشاعر والاديب الدكتور بهنام عطا الله استطاع بمهارته الشعرية وبكنوزه ومكنوناته الادبية وبمستواه الثقافي الراقي ان يمسك باهتماماتنا ويدخلنا عبر بوابة معلقته لرحيل الشمس الى عالم خاص من اسمى المشاعر الانسانية وهو يرسم امامنا لوحة تنبض بالحياة رغم كون مفرداتها تصطبغ بلون الحزن وتفاصيلها تصرخ بوجع الفقد .

لقد نجح شاعرنا في ان يمد حبلا من الوفاء تتضرج خيوطه بالوجع ومرارة الفقد بين اول جملة في الديوان حتى اخر كلمة فيه ليصوغ من ذلك كله تاجا من الوفاء كلل فيه رأس الشمس فاستحق بجدارة تقييما رفيعا واشادة حقيقية بمنجزه الادبي هذا الرفيع بقيمه الانسانية النبيلة والغني بقدرته على تخليد شمس رحلت عنه لكنها لم ترحل منه.

اهنأه من الاعماق بنجاحه مرتين , مرة وهو يغني المكتبة الادبية بمنجز انساني ادبي جديد يستحق القراءة ومرة اخرى بنجاحه في وضع تاج الوفاء على رأس من استحقته بجدارة .. انها شمسه التي لن يغيب طيفها الحبيب عنه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, ثقافة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.