بقلم سليمان يوسف
الموضوع; مونديال قطر 2022 ، بين (التسييس والأسلمة)
08 / 12 / 2022
http://nala4u.com
المرة الأولى بتاريخ بطولة كأس العالم لكرة القدم ، التي انطلقت لأول مرة في الأوروغواي صيف 1930 ، يكلف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) دولة عربية إسلامية بتنظيم وإقامة هذه البطولة العالمية على أراضيها . مونديال قطر 2022 كشف عن تجذر (النزعة العنصرية وتأصل التعصب الديني)، ليس لدى العامة من العرب المسلمين فحسب وإنما حتى لدى النخب العربية الإسلامية. طبعاً، هذا ليس بغريب ولا بجديد على مجتمعات مازال الولاء الأساسي والانتماء الأول لديها هو لـ(الدين) والدين يشكل المحرك الأساسي لحياتها السياسية والثقافية والاجتماعية . فمن يرفض” فصل السياسة وتحييد الدولة عن الدين” ، سيُقحم (السياسة و الدين) في الرياضة وفي جميع ميادين الحياة. كما هو معلوم، دساتير جميع الدول العربية الإسلامية تأخذ من (الشريعة الإسلامية) مصدراً أساسياً للتشريع وسن القوانين.
بهدف جذب المشجعين الغربيين(وهم كفار بنظر الإسلام والمسلمين) إلى الإسلام ، دولة قطر جلبت الداعية الإسلامية الهندي ( ذاكر نايك) ليعطي محاضرات عن ( الإسلام ) طيلة فترة كأس العالم . الشرطة القطرية فرضت على الأجانب الذين قدموا الى قطر لتشجيع منتخباتهم الوطنية (احترام العادات والتقاليد الإسلامية )، وكأنهم جاءوا للعمرة والحج الى (مكة) ، وليسوا بسياح وضيوف أجانب على دولة قطر أن تحترم حقوقهم وحريتهم في المأكل والمشرب والملبس والتنقل .. هكذا هم المسلمون ، يفرضون عاداتهم وتقاليدهم وشريعتهم الإسلامية على الضيوف والسياح الأجانب . في ذات الوقت ، يطالبون حكومات دول الغرب الأوربي الأمريكي، باحترام العادات والتقاليد والشعائر للجاليات الإسلامية، الهاربة من جور حكوماتها العربية الإسلامية في أوطانها الأم . هنا ينطبق عليهم المثل القائل” شحاد ومشارط ” .
المعلقون العرب تكلموا عن مباريات المنتخبات العربية، كما لو أنهم يستعدون لـ ” لغزوات وحروب دينية إسلامية” جديدة . ” المحلل الرياضي المصري( محمد أبو تريكة) في قنوات( بي إن سبورت) القطرية، عن فوز السعودية على الأرجنتين، قال (أبو تريكة )” أعظم مباراة في تاريخ العرب .. علم لا إله إلا الله يرفرف عالياً ” . قبل مباراة السعودية مع المكسيك ، صرح (أبو تريكة ) ” اللي عليه لا إله إلا الله مستحيل أن يخسر في الكورة ” . المنتخب السعودي خيب إيمان( أبو تريكة) بخسارته أمام نظيره المكسيكي . المعلقين والمحللين الرياضيين العرب المسلمين سيسوا و أدلجوا المنافسات الرياضية و بالغوا كثيراً في وصف مباريات المنتخبات العربية ” مباراة تاريخية .. فوز أسطوري تاريخي.. هدف تاريخي.. لحظة تاريخية .. اليوم أنتم تصنعون التاريخ.. دخلتم و ادخلتم معكم العرب المسلمين التاريخ من أوسع أبوابه.. ” . هزائم (عسكرية وسياسية) كثيرة تعرض لها العرب المسلمين، عبر تاريخهم الدموي الطويل ، لم يسموا هزيمة واحدة من هزائهم بـ ” هزيمة تاريخية”. للتخفيف والتقليل من وطأة هزائم سموها ” نكسات و نكبات .. ” .. فضائية (الجزيرة القطرية) تقدم تغطيتها للمونديال تحت عنوان ” مونديال العرب ” . (صحيفة الشرق الأوسط)، بالخط العريض عنونت ” حمل المنتخب المغربي اللواء العربي إلى دور الـ 16 من نهائيات كأس العالم قطر 2022 .. الإعلامي السوري المعروف في فضائية الجزيرة القطرية( فيصل القاسم) ، كتب على صفحته: ” ٢٢ شاباً مغربياً أنجزوا الليلة ما أخفقت ٢٢ قمة عربية في إنجازه. نجحوا في توحيد مشاعرنا وآمالنا وحناجرنا من شواطئ الاطلسي إلى سواحل الخليج العربي وبحر العرب.. ”. السوري (محمد حبش)، دكتور الفقه الإسلامي لدى (جامعة أبو ظبي)، كتب على صفحته ” مبروك للمغرب .. مع أنها رياضة لكن شعرت أنها ثأر من الاستعمار “. الناشطة الحقوقية اليمنية( توكل كرمان) ، رئيسة منظمة “صحفيات بلا قيود “، كتبت على صفحتها ” من كان يتخيل أن بركاتي وتبريكاتي ستمنح المغرب كل هذا الصمود والفوز الأسطوري أمام واحد من أقوى المنتخبات في هذا الكوكب والمرشحة للفوز بكأس هذا المونديال “. هكذا وبكل بساطة ، (كرمان) نسفت كل جهود المنتخب المغربي وسنوات من التدريب وربطت فوزه بـ”دعائها” الساذج .. مدرب المنتخب الوطني المغربي( وليد الركراكي) سخر من كل هؤلاء (العروبيين والإسلاميين) الغوغائيين وصدمهم، عند سؤاله هل المغرب يمثل العرب ؟؟. قال ” المنتخب المغربي يمثل أولاً المغرب وثانياً افريقيا التي تجمعنا مع غانا و السنيغال والكاميرون وتونس ، ومهمتنا هي إبراز كرة القدم الإفريقية ” ..
خطاب الكراهية الدينية والعرقية، الذي صاحب مباريات المنتخبات العربية والإسلامية هو المسؤول عن أعمال الفوضى والشغب والتخريب التي شهدتها مدن بلجيكية وهولندية، بعد فوز منتخب المغرب على نظيره البلجيكي . حيث المئات من (الجالية المغربية والعربية المسلمة) خرجوا للشوارع وقاموا بإضرام النيران بممتلكات عامة وخاصة و الهجوم على مراكز الشرطة البلجيكية . الإعلام العربي والإسلامي لأنه إعلام (عنصري طائفي ) ، تجاهل أعمال الشغب والتخريب والجرائم التي ارتكبها الهمج الحاقدون من أبناء الجاليات العربية المسلمة في بلجيكا وهولندا . لا بل أن بعض وسائل الإعلام العربية، زورت الحقائق واتهمت السلطات البلجيكية والهولندية بالاعتداء على المحتفلين بفوز منتخب المغرب من أبناء الجالية العربية المسلمة.
أخيراً: ( الإتحاد الدولي لكرة القدم – الفيفا ) أخطأ، بمنح شرف استضافة وتنظيم أكبر حدث رياضي عالمي لـ( دولة قطر)، الدولة الأكثر تمويلاً وداعماً لتيارات الإسلام السياسي و للتنظيمات الإسلامية المتشددة والإرهابية في المنطقة والعالم .
********************
https://www.youtube.com/@Nala4uTv