بقلم سليمان يوسف
الموضوع; الاسلام، أفاد شعوباً وأضر بأخرى
shuosin@gmail.com
15 / 02 / 2022
http://nala4u.com
( العرب. العثمانيون . الأكراد)، أكثر الشعوب الاسلامية استفادت من الاسلام، مسيحيو المشرق أكثر الخاسرين .
(الإسلام ) هو الإنجاز التاريخي الوحيد الذي يُسجل للعرب. هذا (الاسلام) شكل منعطفاً تاريخياً هاماً وتحولاً عميقاً في الحياة (السياسية والاجتماعية والثقافية) للقبائل العربية . مع رسوخ الاسلام واعتناقه من قبل القبائل العربية، بدأت غزوات وحروب المسلمين بقيادة نبيهم (محمد) لنشر وفرض دينهم الجديد (الاسلام ) على الشعوب والأمم الأخرى . (الدعوة المحمدية) كانت سبباً ودافعاً للعرب للخروج من جزيرتهم وفرض سلطتهم وهيمنتهم على شعوب وأمم عديدة في المشرق والمغرب. لو لا الحروب تحت راية الاسلام ، لبقي العرب معزولين في شبه جزيرتهم الصحراوية ، ولما وجدنا اليوم (خمسة عشرة) دولة عربية في مناطق غير عربية ،في وادي النيل (بلاد الفراعنة) وفي سوريا الكبرى بلاد الآراميين والفينيقيين والكنعانيين وفي وادي الرافدين (بلاد الآشوريين) ، وفي شمال افريقيا (بلاد الأمازيغ-البربر) . كتابة (القرآن) باللغة العربية كان سبباً بانتشار لغة العرب ( العربية ) والتحدث بها من قبل شعوب وأمم أخرى . (الإسلام) ، بطقوسه وشعائره وعقيدته وثقافته ، خرج من رحم (العروبة ). في ضوء هذه العلاقة التاريخية و”الارتباط السُّري” بين (العروبة) و (الاسلام) – كارتباط الجنين بالمشيمة داخل الرحم عن طريق الحبل السُّري – أرى استحالة الفصل بين (الإسلام) و(السياسة – الدولة) في المجتمعات والدول العربية الاسلامية. الإسلام ليس مجرد ( رسالة دينية)، كما هي (المسيحية)، وإنما الإسلام هو ” دين ودولة”. الإسلام، جاء لإقامة (دولة) تحكم وتدار وفق ما جاء في ( القرآن).
الأتراك العثمانيون، كانوا مجرد (قبيلة) قدمت الى الأناضول من آسيا الوسطى هرباً من الزحف المغولي خلال القرن الثاني عشر الميلادي. بفضل الاسلام، كبرت هذه القبيلة وتعاظم نفوذها و توسع انتشارها في بلاد المسيحيين ( أرمينيا و سوريا الكبرى بلاد ما بين النهرين) وفي مناطق أخرى في المشرق، حتى أسست (إمبراطورية قوية) غزت أوربا الشرقية سنة 1354م وسيطرت على منطقة البلقان . العثمانيون المسلمون أحتلوا القسطنطينية سنة 1453م، وأسقطوا الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة بعد أن عاشت أحد عشر قرنًا ونيفًا. أقام العثمانيون ( دولة الخلافة الاسلامية العثمانية ) استمرت لما يقرب من 600 سنة، ( 1299 – 1923 ) م ، استعمرت غالبية منطقة المشرق لمدة أربعة قرون وحكمتها تحت راية الاسلام.
الأكراد ، قبائل فارسية كانت تعيش في الجبال وتحتمي بها من هجمات الأعداء. كما بقية الشعوب والأقوام الاسلامية في المنطقة ، شكل “الاسلام” أحد أهم عوامل قوتهم وأسباب انتشارهم وتوسعهم الديمغرافي خارج بلاد فارس والوصول إلى سوريا وبلاد ما بين النهرين(العراق) وأرمينيا ،خاصة إبان الحملات والغزوات الاسلامية التي قادها (صلاح الدين الأيوبي) الكردي ، وفي زمن حكم (السلطنة العثمانية) التي نفذت أبشع جريمة (إبادة جماعية) بحق المسيحيين الخاضعين لسلطتها، من أرمن وسريان آشوريين ويونان 1915، بمشاركة كردية واسعة. تلك المذابح أحدثت تغيير ديمغرافي كبير وخطير لصالح (العنصر الكردي) المسلم، وهذا يفسر كون اليوم المناطق التاريخية للأرمن والآشوريين التي ضمتها تركيا ذات (غالبية كردية) . هذه الحقائق التاريخية لا تنفي تعرض الأكراد المسلمين الى المظالم والاضطهادات على أيدي الحكومات الاسلامية ( عربية. فارسية. عثمانية) كلما تمردوا وخرجوا عن طاعة وأوامر السلطات. الأكراد لم يقيموا دولة خاصة بهم، وهذا يعود الى جذورهم الفارسية وعدم وجود موطن تاريخي خاص بهم والتأخر في نشوء وبلورة هويتهم القومية . القومية الكردية لم تتجل إلا في نهاية القرن التاسع عشر. أول محاولة لإقامة (دولة كردية) كانت 1949 في مهاباد الايرانية . لو لم يعتنق الأكراد الاسلام وبقوا على ديانتهم الزردشتية ، لكان مصيرهم اليوم كمصير الشعوب والأقوام (الغير اسلامية) في المنطقة ( الانكماش والانحسار )، مثل الايزيديين والآشوريين والصابئة المندائيين والاقباط واليهود وغيرهم .
بالنسبة للشعوب والأقوام المشرقية التي بقيت على ديانتها ورفضت اعتناق الاسلام ، لقد تراجع وانحسر وجودها في المنطقة، جراء الويلات والمظالم والاضطهادات ، التي تعرضت لها على أيدي الحكومات والشعوب الاسلامية المحيطة بهم. كما هو معلوم، المشرق كان ذات غالبية مسيحية مطلقة قبل ظهور الاسلام . لكن مع ظهور الاسلام بدأ الوجود المسيحي المشرقي ينحسر ويتراجع عاماً بعد آخر، جراء سعي المسلمين فرض دينهم الجديد على المسيحيين وعلى غير المسلمين عموماً . تأمل مسيحيو المشرق أن يروا البدو العرب وهم يعودوا الى من حيث أتوا، الى الصحراء . لم يكن في وسع المسيحيين المتحضرين، أن يقيم البدو الغزاة “إمبراطورية اسلامية” تحل مكان “المحتل (الروماني – الفارسي). جاء في كتاب (ماردين(، للمؤرخ والباحث الفرنسي( إيف ترنون)، ” عام 833 قام الغزاة العرب المسلمين يقودهم الأمير الحمداني – مبعوث الخليفة في بغداد- بغزو المناطق التاريخية للسريان المسيحيين في موزوبوتاميا العليا( ماردين- نصيبين- راس العين) بذبح المسيحيين وأجبروا الناجين على اعتناق الاسلام ، حتى سقطت المنطقة 868 م تحت سلطة الحمدانيين القادمون من الجزيرة ووصلت غزواتهم حلب عام 944 ” . هذه الوقائع والأحداث التاريخية تُدحض كل ما قيل عن أن الآشوريين(السريان) استقبلوا الغزاة العرب المسلمين بالترحاب في سوريا وبلاد الرافدين من دون قتال. الاسلام لم يكتف بحرمان مسيحيي المشرق من فرصة إقامة دولهم وكياناتهم الوطنية الخاصة بهم في مناطقهم التاريخية، وإنما ومن خلال الشروط القاسية ،التي فرضها عليهم – العيش كرعايا وأهل ذمة منتقصي الحقوق في كنف الدولة الاسلامية – نجح بمحاصرة “المسيحية” في موطنها ، حتى تلاشت من كثير من مناطق المشرق وغدت التجمعات المسيحية المتبقية في المشرق، اشبه بـ”جزر” معزولة ،مهددة بالغرق في “بحر إسلامي” هائج . مازالت نتائج وتداعيات الغزو العربي الإسلامي للمشرق المسيحي تتفاعل ولم تنتهي ولا يبدو أنها ستنتهي حتى بقاء آخر مسيحي مشرقي في المنطقة.
تنويه (nala4u); الموقع يتبنى التسمية الاشورية كقومية , تاريخ ولغة …