بقلم سامي هاويل
الموضوع; غبطة البطريرك مار لويس ساكو المحترم: نتمنى لكم النجاح والموفقية في مسعاكم
29 / 07 / 2021
http://nala4u.com
لا تهتم غبطتكم، هذه ستكون المرة الأخيرة التي سأعلق على ما تنشره، في الوقت الذي يغمرني الحزن، أتوجه إليكم بالتهنئة، وأتمنى لكم الموفقية، وأهنئك شخصيا على تخلصك من (أحد المتعصبين، الإلغائيين، البسطاء، السطحيين !!) بحسب تعبيرك، على الرغم من أنني على يقين بأن أستعانتكم بهذه المصطلحات التي لا وجود لها أساساً هي محاولة للتهرب من مناقشة ما يُثار من أسئلة وطروحات تخالف ما أنتم ذاهبون إليه ولكن مع ذلك سألبي مبتغاكم.
حسناً غبطة البطريرك مثلما ترغب، أفعل ما تراه صحيحاً بنظرك، إنت تدعو لفصل الكلدان كقومية قائمة بحد ذاتها (وهذا ليس بالأمر الخفي على أحد حيث كتبت وصرحت بذلك في أكثر من مناسبة) سِر في مقدمة جميع هؤلاء الطائفيين الذين يخفون حقيقتهم خلف دعواتهم القومية، نتمنى لكم الموفقية والنجاح، ولكن ( وهنا نقصد غبطتكم وكل من يتفق معكم في أن الكلدان قومية مستقلة عن الآشوريين وليس جميع ابناء الكنيسة الكلدانية)، نرجوكم، ونتوسل إليكم أن تبتعدوا عنا طالما بقيتم مصرين على تجزأة الأمة الآشورية الى قوميات، نرجوكم أن تتركونا وشأننا، وأعملوا على ما تجدوه مناسب ويخدم توجهكم القومي الحديث، ولا تحاولوا الأقتراب من الآشوريين في إطار قومي، لأنكم بتصرفاتكم هذه تعلنون بأن علاقتكم بالآشوريين قومياً لا تختلف عن علاقتكم بأية قومية أُخرى، فقط (وأعيد هنا مؤكدا بناءً على قراركم أنتم) إن ما يربطكم بالآشوريين هو المسيحية. بالتأكيد نحن نرفض هذا الطرح رفضاً قاطعاً لأننا نؤمن وكما أوضحنا في أكثر من مقالة، وموقنين في ذواتنا أننا إخوة بالدم بحسب معايير الأنتماء القومي والعرقي. أعيد مؤكداً بأنكم أنتم من قررتم أننا قوميتان، ولهذا فليكن تعاملكم وتواصلكم مع الآشوريين على هذا الأساس. بما أنكم (غبطتكم وكل من يؤيدكم) تصرون على هذا القرار فأمضوا به الى النهاية، وليس هناك من داعٍ للف والدوران بعبارات إنشائية تلوح الى الوحدة مخاطبين العاطفة بين الحين والآخر لخلط الأمور على البسطاء كلما ضاقت بمشروعكم السبل.
ما دفعني لكتابة هذه المقالة، هو أطلاعي اليوم على ما نشرتموه في الصفحة الرئيسية لموقع عينكاوا، حيث أتت صياغته كما ذكرت أعلاه مخاطبة للعواطف، ويشوب بعض فقراته التعميم والغموض، ربما جاءت لتقليل ردة الفعل على دعوتكم الموجهة قبل أيام الى الدكتورة ريواز فائق لإدراج التسمية الكلدانية كقومية بحد ذاتها وبشكل مستقل ومنفصل عن الآشوريين. (تُرى من هو الذي يحاول تحقيق الوحدة ويقف ضد أية محاولة لتجزأتنا الى قوميات؟ غبطتكم ومن يؤيدونكم؟ أم من يعارض دعوتكم هذه؟).
لكي تكون هذه المقالة واضحة بتفاصيلها وغايتها، سوف نتناول ما نشرتموه، ونلقي الضوء على كل فقرة منه، لكي تصبح الصورة واضحة للقراء الكرام.
أقتباس: (حين طلبتُ إدراج تسمية الكلدان والسريان والاشوريين في دستور إقليم كردستان، اسوةً بما هو موجود في الدستور المركزي، هبّ العديد من الأشخاص المتشددين بالرد غير اللائق عليّ وعلى الكلدان. ونسبوا اليَّ كلاما لم اقله حتى في موضوع مجلس رؤساء الطوائف!! هؤلاء “الالغائيون” غلب عليهم التعصب الاعمى، فلا يفقهون الحقيقة التاريخية، ولا المؤسسة الكنسية، ولا السياسة ولا أدب اللياقة والحوار. اسلوبهم عاطفي وسطحي، غايتهم جعل الاخر مشابهاً لهم او ببساطة الغاؤه) أنتهى الأقتباس.
لم أفهم ماذا تعني غبطتكم بقولكم أنكم (دعوتم لإدراج الكلدان والسريان والآشوريين في دستور اقليم كردستان؟؟). في رسالتكم الموجهة الى الدكتورة ريواز فائق طالبتم بإدراج الكلدان كقومية مستقلة وليس كما أوردتم أعلاه، أعذرني ولكن هذا يسمى خلط أوراق، أما المثير للدهشة! هو محاولتكم لإدراج التسميات في دستور الأقليم كما هو وارد في الدستور الأتحادي!!!، ألم تنتبهوا الى أن الدستور الأتحادي قد فصلنا الى قوميتين؟ فإذا كان قد سركم ذلك! فعن أية وحدة تتكلمون غبطتكم؟ خاصة وهي أحد أركان شعاركم. أما قولكم (الحقيقة التاريخية) فلن أطيل الحديث عنها هنا لأنني متأكد بأنكم خير المطلعين عليها، لِذا سأترك أمرها لكم، خاصة وأنتم في مركز القرار، وتتحملون مسؤولية تاريخية كبيرة في هذه المرحلة الصعبة.
حقيقة لا أكاد أصدق هنا أن غبطتكم يؤمن بشيء أسمه إلغاء!! من يلغي من سيدنا؟ تُرى كم من المرات علينا أن نعيد ونكرر بأن هذه الأمة المنكوبة نهضتها القومية أنطلقت منذ قرن ونصف تحت الأسم القومي الآشوري، ومن دافعوا ببسالة عنها الكثير منهم كانوا من ابناء الكنيسة الكلدانية، أليس هذا صحيحاً؟ إن لم يكن، تفضلوا وأشرحوا لنا كيف!!، الحركات والمؤسسات القومية جميعها سارت على نفس خطى هؤلاء المناضلين الذين أستماتوا في الدفاع عن آشوريتهم ووجودهم، وأعادوا للقضية القومية مكانتها، طوال فترة القرن والنصف الماضية لم نشهد أية حركات قومية كلدانية أو سريانية، فكيف يمكن إلغاء شيء لا وجود له أساساً؟ تفضلوا أشرحوا لنا؟ أما التنظيمات الكلدانية التي تأسست في العقدين الماضين فلا حاجة لنشرح تفاصيل تأسيسها هنا، لأننا فعلنا ذلك في المقالة المنشورة قبل أيام، ما أستوقفني، وأثار دهشتي، هو قولكم بأن هناك رد غير لائق (عليكم وعلى الكلدان) هذا أسلوب أضع عليه أكثر من علامة أستفهام كبيرة، لأنكم بعبارتكم هذه خاطبتم عاطفة اكبر عدد ممكن من أبناء الكنيسة الكلدانية، وكأنكم تطرقون بالقرب من مسامعهم طبول الخطر من التهجم والإساءة الى بطريرك الكنيسة الكلدانية، حقيقة لم أستسغ هذا الأسلوب بتاتاً، أتمنى أن تتجنبوه.
أقتباس: (نحمد الله على أن ليس كل الاشوريين والكلدان والسريان متشددين)أنتهى الأقتباس.
ونحن معكم نحمد الله لأن جميع الكلدان والسريان ليسوا متشددين، أما بالنسبة للآشوريين ( أتباع كنيستي المشرق الآشورية والقديمة) فهم قسمين، الأول مجموعة طائفيين يفتقرون الى الوعي القومي نعارضهم بشدة، ولا تسرنا تصريحاتهم المقيتة، ولا تشرفنا مواقفهم المقرفة، لأنها لا تتلاقى مع القيم والمفاهيم القومية الآشورية، لذلك نضعهم بنفس الكفة مع الكلدان والسريان من الطائفيين المتشددين، أما القسم الثاني فهؤلاء قوميين واعين يدركون جيداً ما يقولوه وما هم قائمين عليه، حريصين على مستقبل أمتهم ووجودها، هؤلاء هم مكملين لمسيرة القوميين الغيارى من قبلهم على أختلاف أنتماءاتهم الكنسية، لهذا من المجحف أن نضعهم في كفة مع الطائفيين.
أقتباس: (نحن عائلة واحدة، لكن بأسماء مختلفة. في عائلتي، على سبيل المثال: انا لويس واخوتي لازار ونيسان وزكريا ولي أيضا اخوات،كل واحد له اسمه. هذه التسمية لا تفرقنا، انما توحّدنا. اننا نحب بعضنا البعض جداً، ونساعد بعضنا البعض. نحن متنوعون ولكننا واحد) أنتهى الأقتباس.
أطال الله بعمركم جميعا سيدنا، ونطلب أن يمنحكم دوام الصحة. بشكل عام من المؤكد بأنه ليس وارداً أن يتسمى جميع الأبناء والبنات بأسم واحد ولكن!، جميعهم أبناء وبنات لأب واحد، ذلك هو المشترك بينهم، إلا إذا قرر أحدهم ترك عائلته وأنكر أنتمائه إليها فذلك وارد، يمكنه القيام به ولكن!، ما لا يمكنه محوه وإلغائه هو حقيقة أنتمائه الى جذوره المتمثلة بوالده وجده وأسلافهم.
أقتباس: (الطريق الى الوحدة، ليس سهلا. ينبغي الإقرار أولاً ان ثمة سوء فهم بين الهوية والتعددية، والذي طالما خلق توتراً في الماضي، ولا يزال للأسف. لكن حالما نقبل الاختلاف ونكتشف هوية الآخر في إطار التنوع والتعددية يتحول هذا التشنج الى حوار مثمر وتعاون)أنتهى الأقتباس.
تُرى لماذا نتعمد على خلط الأمور ببعضها، ونتجنب الذهاب الى نقطة الخلاف مباشرة؟، نحن أمة واحدة تجمعنا كل المقومات التي تؤكد ذلك بالمطلق، فكيف نوحد أمة هي أساساً واحدة؟؟، أما مسألة الهوية والتعددية فهنا علينا أن نفهم ماذا تعني كل منها، فالهوية القومية هي واحدة بشهادة المقومات، أما التعددية فليس لها علاقة بالهوية، بل تندرج ضمن الأختلاف في الرأي وفي العقيدة الدينية وأجتهادات رجالات الدين في الإطار الطائفي، أما بالنسبة لقبول الأختلاف فهذا أمر لا بد منه، خاصة ونحن نعيش في زمن التطور والعولمة والنهضة التكنولوجية والعلمية، فمن البديهي أن نقبل الأختلاف بيننا ولكن علينا أن لا نعمم بضبابية، بل علينا حصر مكامن الأختلاف لكي نتمكن من فهمها وقبولها ومن ثم العمل على تقريب وجهات النظر.
لكي نحدد مكامن الخلاف غبطة البطريرك، يجب أن نكون واضحين وصادقين، وموضوعيين في نفس الوقت، ولأننا لسنا كذلك، لِذا نجد صعوبة في طريق الوحدة، فالأختلاف عندنا هو كنسي طائفي، وليس قومي، لذلك هو بالدرجة الأولى مسؤوليتكم المباشرة أنتم قياداتنا الروحية في مختلف كنائسنا، أنتم من يجب ان يخطوا الخطوة الأولى لفهم الأختلاف بينكم، وتتقبلوه، وتعملوا على توحيد الكنيسة، سيدنا! كنيسة المسيح هذه منذ عصور كانت ضحية أجتهادات رجال الدين الذين سبقوكم، وبسبب تصدع الكنيسة وتجزأتها تمزق أبناء العرق الواحد الى أشلاء، حرموا بعضهم البعض الآخر بناءً على توصيات رؤساء طوائفهم، تلك الأجتهادات والتصرفات العقيمة والغير مبررة هي التي خلقت الأختلاف، لذلك مثلما أسلفنا الذكر فالأختلاف لم يكن يوماً على أساس قومي، بل كنسي طائفي مئة بالمئة، هذه حقيقة يؤكدها التاريخ، ولا يمكن لأحد دحضها، اليوم أيضا التاريخ يعيد نفسه، فأختلافنا هو طائفي، ولكن العامة لا يروه لأنه يركن خلف التسميات، اُؤكد وأقول نعم، الخلاف هو كنسي لاهوتي تتعمد رجالات الطوائف إخفائه خلف التسميات. وسوف تدفع كنيسة المشرق بطوائفها المتعددة ثمنا باهضاً في المستقبل القريب لسوء أداء القائمين عليها. عليكم أن تنتبهوا أنتم الآباء الروحانيين الى هذه الحقيقة، أنتم بتصرفاتكم وأجتهاداتكم سائرون على خطى أسلافكم، كل يوم سوف ينفر رعاتكم من الكنيسة، وسيبتعدون رويداً رويداً عنها بسببكم، الى أن تنتهي وتزول، حينها عليكم أن تعلموا أنكم أنتم السبب وتتحملون كامل المسؤولية أمام الشعب وأمام التاريخ، لأنكم منهمكين تصرفون وقتكم وجل طاقتكم على الصراع الطائفي، لقد جعلتم من الكنيسة مؤسسة تتغلب عليها الصفة الإدارية الدنيوية على جوهرها الروحي، لا تختلف عن باقي المؤسسات الأخرى، وهذا يتعارض مع تعاليم المسيح (رأس الكنيسة وصاحبها الأوحد).
أقتباس: (الوحدة تتطلب الانخراط في ثقافة الحوار، وتوحيد الأهداف ومعالجة العقبات والتحديات) أنتهى الأقتباس.
ولكنكم بمجرد أتهامكم المقابل المختلف بالتعصب وأعتباره إلغائي وبسيط وسطحي، قضيتم على ثقافة الحوار، وبذلك أنتم من يمارس الإلغاء، فكيف إذن ستتوحد الأهداف؟ وكيف سيتم معالجة العقبات والتحديات؟.
أقتباس: (على ضوء دراستي وخبرتي الطويلة في الحوار المسيحي – المسيحي في مؤسسة برو أورينتي النمساوية والحوار المسيحي الإسلامي في المجلس البابوي لحوار الديانات في الفاتيكان وهنا في العراق، أرى ان الحوار: ثقافة صادقة وقوّة وغِنى عظيم. له صبغة إنسانية وروحية عميقة. الحوار الحضاري الهاديء يجعلنا ننظر الى الآخر كأخ وشريك، وليس كغريب او خصم. الحوار يحافظ على الهوية الذاتية، ويمنح الآخر حق الحفاظ على هويته والتعبير عنها. الحوار يدعم التضامن والتعاون بمحبة ووئام، عكس التعصب او حوار الطرشان الذي يقيم الأسوار ويضع المتاريس ويخلق التباعد والتنافر) أنتهى الأقتباس.
ليس لي الكثير لأقوله عن هذه الفقرة الإنشائية المعممة، إذا قيمناها على أساس الأنتماء القومي فهي ليست سوى إعلان مقصود يؤكد على أننا قوميتان مختلفتان، وهكذا يفرض علينا قبول ذلك وينبغي التعامل على أساسه، هذا ما نرفضه تماماً، لأننا نؤمن أننا قومية واحدة ولسنا قوميتين أو ثلاثة. أما إذا قيمناها على الأساس الديني الكنسي فهنا أيضا نلتمس ما يشير الى حقيقة أنعدام فكرة توحيد الكنيسة، لذلك يجب النظر الى الآخر كأخ وشريك، وليس كخصم، إذا كنتم أنتم رؤساء طوائفنا متيقنين من أن وحدتكم لا تلوح في الأفق حاضراً!، فنحن على أقل تقدير سنكون سعداء إذا تمكنتم من النظر الى بعضكم كأخوة وشركاء، وليس منافسين وخصوم تقيمون الأسوار وتضعون المتاريس لخلق التباعد بينكم، ليتشتت من خلالكم رعاياكم من ابناء هذه الطوائف.
أقتباس: (عمل احزابنا ينبغي ان يكون عملاً جماعياً لاستعادة الدور المسيحي الوطني والمكوناتي لحل المشاكل بقرار مناسب وبحكمة والتخطيط لمستقبل أفضل. مهم جداً في هذه المرحلة بالذات ان تفتح احزابنا حواراً فكرياً لبناء أرضية عمل مشتركة والتغلب على المصاعب. لقد دعوت أكثر من مرة الى الحوار وتوحيد المواقف والخطابات الا اني لم أتلقَ أية استجابة.
بإختصار أقول: اننا بحاجة الى إرادة طيبة وصادقة تكون ركيزة كل عمل إيجابي. انشاء الله)أنتهى الأقتباس.
رغم أن الأداء السيء جداً لأحزابنا الذي بسببه خسرنا هذه المرحلة، وخسرنا فرصة ثمينة لا تعوض، وغُيبت قضيتنا القومية، وبذلك خسرت تلك الأحزاب مكانتها، وفقدت شرعيتها القومية، لكن هذه الأحزاب كانت قد تأسست وفق أطر ومقاييس قومية، لتعمل من أجل نيل حقوقنا القومية والسياسية، لست أدري ما علاقتها بإعادة الدور المسيحي؟ ومن ثم ماذا تقصد غبطتكم بأستعادة الدور المسيحي الوطني؟ هل كان هناك في السابق دور مسيحي وطني؟ وهل تم تسييس المسيحية وإقحامها في المعترك السياسي؟ وإذا كان قد حدث ذلك فهل تتوافق هذه الخطوة مع مفاهيم المسيحية وتعاليمها؟ أم أن لغبطتكم نية في دفع الأمور لتأخذ منحاً دينياً مسيحياً، مما سيمنح لكم كرجال دين مسيحيين الفرصة والشرعية لتبوء مناصب في السلطة على غرار رجال الدين المسلمين؟ إنه مجرد تساؤل راودني وأنا أفكر باحثاً عن الغاية مما أوردتموه في الأقتباس أعلاه.
من السهل أن نكتب ما يروق لنا ولكن، من الصعب جداً أن يتحقق كل ما نتمناه، تقول غبطتكم أنكم دعوتم هذه الأحزاب الى الحوار لتوحيد المواقف والخطابات، إلا أنكم لم تتلقوا أية استجابة!! وهل حقاً غبطتكم بأنتظار الأستجابة؟ كيف ستتحاور هذه الأحزاب لتوحيد مواقفها وخطاباتها إذا كانت تختلف في مسائل جوهرية أساسية؟ كيف تتحاور في الوقت الذي هناك أحزاب تؤمن أننا قوميات منفصلة، وتعمل هذه الأحزاب جهدها لفرض ذلك بأية وسيلة كانت بما فيها أستغلال سلطتكم ومكانتكم كرأس أكبر كنائسنا؟ وكيف تتحاور هذه الأحزاب الفاقدة لمصداقيتها أمام شعبها وجماهيرها؟ وعلى أي أساس ستتحاور هذه الأحزاب بينما جميعها منهمكة في البحث عن أية سبل لتحقيق مكاسب حزبية مادية، مناصب ومراكز في حكومات على شاكلة تلك التي في المركز والأقليم اليوم؟.
أختم هذه المقالة التي كما ذكرت في بدايتها أنها الأخيرة التي أوجهها لغبطتكم بالقول أنكم كرجال دين أمام مسؤولية كبيرة، إن لم يُلفتوا أنتباهكم من هم حولكم من المجاملين الى هذه الحقيقة فأسمعوها منا ونحن نقولها لكم صراحة وبأعلى صوتنا ( كنيستكم في خطر لأنكم مقصرون)، نحن أبناء هذه الطوائف ندعوكم أن تعملوا لتوحيد كنيسة المشرق، لكي تعود كسابق عهدها قبل فوات الأوان، هذه هي أولى أولوياتكم، فإذا تمكنتم من تحقيق رغبتنا هذه، ثقوا أن صراع التسميات سوف يسدل الستار عليه عشية وحدتكم بلمح البصر، حينها يمكنكم أن تتدخلوا في الشأن القومي السياسي إذا ما بقيت الساحة القومية على حالها اليوم.
نعم، إذا حققتم وحدة كنيسة المشرق باعتبارها مسؤوليتكم المباشرة وواجبكم الأخلاقي والروحي، حينها سيكون من حقكم كأبناء هذه الأمة بغض النظر عن مكانتكم الروحية أن تقدموا النصح للمؤسسات القومية السياسية.
أشكر سعة صدركم غبطة البطريرك، وأعتذر إن كنت سبباً في إقلاق راحتكم، لم تكن لي أية غاية من هذه الرسائل (المقالات) سوى مصلحة هذة الأمة التي تعاني بشدة من هول الصراع الطائفي، قبل الوقع الثقيل للشذوذ السياسي عليها، الذي يدفع بها نحو الهاوية يوماً بعد آخر.
سامي هاويل
28-7-2021