قداسة مار ادي الثاني ..
20 شباط 1972 – 20 شباط 2021
تسعة واربعون عاماً .، دروس وعبر ….
21 / 02 / 2021
http://nala4u.com
انعقد المجمع الفاتيكاني الثاني بدعوة من قداسة البابا يوحنا الثالث والعشرون ، للفترة 1962 – 1965 ، وهو يعتبر المجمع المسكوني الحادي والعشرون للكنيسة الكاثوليكية ، صدرت عنه جملة من القرارات والدساتير والمراسيم المهمة مكملاً ما عجز انجازه المجمع الفاتيكاني الاول بسبب سقوط روما بيد الثوار سنة 1870 ، مما ادى الى توقف اعماله انذاك ، تمخض عن المجمع اصلاحات تمس جسم الكنيسة الكاثوليكية ابرزها التخلي عن استعمال اللغة اللاتينية في الصلوات والطقوس الليتورجية واستبدالها باللغات المحلية ، والاقرار بالحركة المسكونية وغيرها من القرارات ..
لاول مرة في التاريخ تدعو الكنيسة الكاثوليكية ممثلين عن الكنايس غير الكاثوليكية للاشتراك في مجامعها بصفة مراقبين . لذلك قام المثلث الرحمات مار ايشاي شمعون 23 بارسال وفد لتمثيل كنيسة المشرق في هذا المجمع ، كان الوفد يتكون من القس اسحق ريحانا والبروفيسور جورج لمسا . لا نعلم ماذا جرى في المجمع وماذا كان دور الوفد ، لكن بعد عودة الوفد قام البطريرك باصدار قرار فردي دون استشارة احد بتغيير التقويم اليولياني لكنيسة المشرق واستبداله بالتقويم الغريغرىوري الغربي !! حسب الكتاب الصادر من البطريركية بتاريخ 28 اذار 1964 ، قراء الكتاب في كاتدرائية مار زيا الطوباوي في العراق خلال قداس عيد الشعانين 1964 من قبل الاسقف مار سركيس جيلو. ، وكان عدد الحضور يربو ال 1000 شخص ، اصاب الذهول والحيرة الجميع ، بضمنهم الاسقف وبداءت الجماهير بالسوال والاستفسار عن سبب هذا التغيير ، وبدى الامتعاض والغضب على تصرفاتهم . وكان الهاجس الاكبر من هذه الخطوة . هل هذه بداية لالحاق كنيسة المشرق بكنيسة روما الكاثوليكية ؟ مما حدى بالبطريرك تغيير اسم كنيسة المشرق خلال زيارته للعراق الى ” الكنيسة الشرقية النسطورية ” لتبديد هذه الشكوك ، لكن هذا الهاجس اثبت صحته لاحقاً بعد عقود من السنوات وخاصة عند تبني مصطلح ” Theotokus ” ام الله رسمياً في كنيسة المشرق عام 1994 وما تبعها لاحقاً من قرارات واتفاقات ، لا مجال لذكرها هنا .
بداءت الجماهير الغاضبة بالبحث عن مخرج لهذا المازق وخاصة ان اتباع البطريرك سيطروا على جميع الكنايس في بغداد ومنعوا اقامة الشعائر والصلوات والاعياد حسب التقويم الشرقي القديم ، فتوجهت الانظار الى الهند حيث كان مثلث الرحمات مار توما درمو مطرافوليط الهند ايضاً ممتعضا من هذا التغيير !
تمت دعوة المطران مار توما درمو لزيارة العراق ، ولبى الدعوة بكل سرور ، وصل غبطته الى مطار بغداد الدولي يوم 8 ايلول 1968 ، وكانت زيارة تاريخية وصفها بعض المورخين الكنسيين بمثابة وصول النبي موسى الى مصر لانقاذ الشعب الاسرائيلي من فرعون ، واطلقوا عليه موسى الثاني ! تسلم جميع كنايس العراق ورئاسة الطايفة في العراق رسمياً! وبدء بعد وصوله مباشرة بترتيب امور الكنيسة ورسامة كهنة وروساء كهنة واساقفة ومطارنة …
من ضمن الذين وقع عليهم الاختيار لتسلم الدرجات الكهنوتية كان الشاب شليمون كوركيس ميخائيل المولود في 1 اب 1946 , في قضاء الشيخان محافظة نينوى لابوين ورعين ، وكان قد تربى في التقوى ومخافة الله..
يوم الاحد المصادف 15 ايلول 1968 تمت رسامة الشاب شليمون كوركيس للدرجة الشماسية والكهنوتية على يد الاسقف مار بولس كونيكارا بولس
يوم السبت المصادف 21 ايلول 1968 تمت رسامة القس شليمون كوركيس الى درجة اركذياقون وفي نفس اليوم تمت رفع القس جورج موكين الى الدرجة الاسقفية باسم مار ابريم موكين …
يوم الاحد 22 ايلول 1968 تمت رسامة الاركذياقون شليمون كوركيس الى الدرجة الاسقفية والميطرافوليطية باسم ” مار اداي ” ميطرافوليط بغداد بوضع يد مار توما درمو ومار ابريم موكين …
وفي يوم الاحد 11 تشرين الاول 1968 تمت رسامة مار توما درمو الى الدرجة البطريركية للكنيسة الشرقية القديمة ، بوضع يد مار اداي ميطرافوليط بغداد ومار ابريم موكين اسقف الهند وعدد كبير من الكهنة وروساء الكهنة والشمامسة والالاف من ابناء الكنيسة . .
رقد على رجاء القيامة المثلث الرحمات البطريرك مار توما درمو في بغداد عن عمر ناهز 65 عاماً يوم الاحد المصادف 7 ايلول 1969 ،
تريث مطارنة واساقفة الكنيسة الشرقية القديمة في رسامة بطريرك جديد خلفاً لمثلث الرحمات مار توما درمو ، وذلك املاً منهم باجراء حوار مع اتباع التقويم الجديد وايجاد حل مرضي للطرفين لاعادة وحدة الكنيسة ، واستمرت الاتصالات والحوارات لمدة اكثر من سنتين دون جدوى ، وكان جانب البطريرك مار ايشاي شمعون يزداد تعنتاً وتصلباً ، وخلال الزيارة الثانية البطريرك مار ايشاي شمعون للعراق سنة 1972 ، وفي مؤتمر صحفي عقده في بيروت ، خلال اجابته على سوال عن ضرورة انهاء الانشقاق في الكنيسة وايجاد حل واعادة الوحدة للكنيسة ، وصف اتباع التقويم القديم بالمارقين والهراطقة ، مما حدى بالاساقفة والمطارنة والاكليروس لعقد اجتماع سينودوس في بغداد والتفكير برسامة بطريرك جديد للكنيسة ، بعد استنفاذهم كل وسائل الوحدة والتفاهم والمصالحة مع البطريرك . ووقع الاختيار على مار اداي ميطرافوليط بغداد لتسنمه الدرجة البطريركية السامية لكنيسة المشرق على الكرسي الرسولي ساليق وقطيسفون ، وتمت الرسامة يوم الاحد الاول للصوم الكبير المصادف 20 شباط 1972 على يد مار نرساي توما ميطرافوليط كركوك ، ومار توما ارميا ميطرافوليط نينوى، وجمع غفير من الكهنة والشمامسة وابناء الكنيسة ، باسم مار اداي الثاني. كما مبين في الوثيقة المنشورة ادناه .
من مواقف التاريخية للبطريرك مار اداي الثاني منذ رسامته قبل 49 عاماً انه لم يترك مقره البطريركي في احلك واصعب الظروف ، ومنها بعد السقوط 2003 وما تلتها من سنوات العنف الطائفي والقتل على الهوية ، وقصف مقره البطريركي اكثر من مرة ، والهجوم عليه شخصياً وسرقة صليبه الذهبي المتدلي على رقبته . لكنه لم يترك مقره أبداً.
وموقف تاريخي اخر سوف يبقى علامة مضيئة في سجله … هو عندما تم اعدام الشهداء يوبرت ويوسف ويوحنا ، في 5 شباط 1985 ، امتنعت كل الكنايس في بغداد ، من اجراء مراسيم الجناز لهم ، خوفاً من بطش النظام الدكتاتوري الفاشي . لكن البطريرك مار اداي الثاني استلم الجائز الثلاثة للشهداء الابرار بكل وقار وقام بمراسيم الجناز حسب طقوس كنيسة المشرق المقدسة وورى جثمانهم الثرى ، دون خوف او تردد ، نصلي ونسال الرب ان يمنح قداسته الصحة والعمر المديد …. . .
بقلم الاب الفاضل الدكتور
خوشابا جورج لندن