بقلم اللواء بولص يوسف مالك خوشابا
ألآشوريين في العراق ما بين مشوهي التاريخ والكوبلزيين الجدد
27 / 10 / 2013
http://nala4u.com
قبل ان ندخل في صلب الموضوع اود ان اذكر القراء الاعزاء بان عام 1933 وقبل مذبحة سميل حسم موقف كل طرف من اطراف القضية الاثورية ,فمارشمعون مصر على منحه السلطة الزمنية خلافا لتاييد الحكومة العراقية والبريطانية وعصبة الامم وتركيا وايران والعرب والاكراد العراقيين اي ان ذلك اصبح من المستحيل تحقيقه ومن جهة اخرى راى الطرف ألآخر الاغلبية بقيادة مالك خوشابا بما ان تحقيق ذلك اصبح من المستحيلات بالطرق السلمية والقيام بعمل عسكري ضد كل هؤلاء المعارضين يكون عملا جنونيا متهورا يلحق افدح الاضرار ليس بالآثوريين فقط ولكن بكل المسيحيين العراقيين لان التخلف الذي كان مستشري بين المجتمع العراقي بعربه واكراده والتعصب الديني العدائي لن يفرق بين مسيحي ومسيحي وان قبضة الحكومة على الاوضاع لن تكون قوية الى الدرجة التي تتمكن فيها من حماية المسيحيين الذين لا علاقة لهم بالقضية ..
وان قيام سرمة خانم والمطران مار يوسف خنانيشو بتحريض مالك ياقو ومالك لوكو بالالتجاء الى الجبال مع رجالهم المسلحين ومن ثم العبور الى سوريا وعودتهم من سوريا بعد انكشاف الخدعة التي مررت عليهم ومن ثم تعرض الابرياء في سميل والقرى الاخرى الى ابشع مذبحة …
كل هذه المآسي التي حدثت والتي راح ضحيتها ألآلاف من ألآثوريين من اجل ان يحصل مار شمعون على السلطة الزمنية على بني قومه ألآثوريين.
اما ما بردده الكوبلزيين ألآثوريين الجدد من الاعتراض على خطة الاسكان فلم يكن الا حجة واهية لان نفس المعترضين لم يعترضوا على الاسكان الذي تبنوه الانكليز في 1928 وكان المطران ماريوسف خنانيشو اول المنفذين له حين اسكن اتباعه في قضاء راوندوز ولكن ذالك الاسكان كان مرغوبا لهم لانه جاء من اصدقائهم الانكليز ولم يعترض احدا عليه ما دام الانتداب موجود والليفي موجودة وما دام داؤود يقود الليفي …
ان الاسطوانة المشروخة التي ظل يرددها هؤلاء الكوبلزيين باتهام مالك خوشابا ومؤيديه بالخيانة لانه لم يشارك في الحماقة المتهورة الغير مسؤولة اضافة الى انه لم يعلم بها الا بعد حدوث المذبحة وحاول جاهدا بانقاذ ما يمكن انقاذه وعندما ارسل مقاتليه لحماية القرى الاثورية بعد مذبحة سميل من العشائر الكردية والعربية…
قال الكوبلزيين الجدد بان مالك خوشابا شكل شرطة من اتباعه لمساعدة الجيش العراقي في ذبح الاثوريين …
فتصور عزيزي القاريء ..كم ان هؤلاء القوم عديمي الضمير والصدق وخير دليل على مصداقية مالك خوشابا ومؤيديه مع شعبه هي ما جرى في سوريا بعد كشف الحقيقة من قبل اقرب المقربين من المار شمعون امثال (مالك لوكو التخومي ومالك دانيال بن مالك اسماعيل زوج خالة مارشمعون ويوسف مالك التلكيفي سكرتير مارشمعون وليون بيت شمعون واتباعهم ) ..
نعم بعد ان عرفوا الحقيقة لم تاخذهم العزة بالاثم بل اعترفوا بها بكل رجولة ووثقوا اعترافهم بالكتب التي التي كتبوها (النضال ألآشوري من اجل البقاء لمالك لوكو التخومي … والله والحق ليوسف مالك التلكيفي ) وكانت هذه الوثائق اكبر صفعة توجه لمشوهي الحقائق القدامى والكوبلزيين الجدد ….
وبالنسبة لمالك خوشابا و مؤيديه الذين فضلوا البقاء في العراق وطنهم القديم الحديث فلقد ناضلوا بشدة لكي يزيلوا آثار نكبة 1933 وانعكاساتها على ألآثوريين فلقد بنوا افضل العلاقات مع كافة مسيحيي العراق والاشوريين ( كلدان وسريان) كما كانت لمالك خوشابا حضوة ممتازة بين كافة رؤساء العشائر العربية والكردية ولم يتنازل يوما عن حق اي آثوري معتدى عليه ومثال على ذالك ان احد الاشخاص من عائلة شيخ بامرني كان قد قتل غدرا احد الآثوريين من عشيرة تياري السفلى من قبيلة منيانش فارسل مالك خوشابا رسالة الى سعيد قزاز الذي كان آنذاك متصرف لواء الموصل (محافظ) قائلا فيها يا سعادة المتصرف انت تعلم جيدا بانه بامكاني الاخذ بثار احد اتباعي الذي قتل غدرا بعشرة اضعاف ولكنني لم افعل ذلك احتراما للقانون وهيبة الدولة ولي الامل ان تاخذ الدولة حق هذا المغدور بما تنص عليه القوانين ولكن رد سعيد قزاز لمالك خوشابا كان (هل يريد ملك خوشابا ان يساوي بين دماء واحد من عائلة الشيخ بدماء مسيحي ) ؟
وعلى اثر وصول الخبر الى ملك خوشابا توجه الى المتصرفية ومعه مرافقيه كل من البطل كندو البيلاتي ومرزا البيلاتي ودخل الى غرفة المتصرف بدون استئذان ولكزه بعصاه في صدره قائلا له ..
اسمع يا سعيد قزاز لا تعتقد بان جلوسك على هذا الكرسي يبيح لك ان تخرق القانون فانت لا تستطيع ان تعدم عصفورا واحدا بدون ارادة ملكية اما انا فكان لي الصلاحية في الماضي ان اعدم كل مسيء دون الرجوع لاحد وسوف نرى هل سيضيع حق هذا المسيحي ..
وبعد هذه الحادثة اتصل سعيد قزاز بوزير الداخلية موضحا له بكل ما جرى له مع مالك خوشابا وعند وصول الخبر الى نوري السعيد رئيس الوزراء آنذاك امر بنقل سعيد قزاز فورامن الموصل الى الكوت ….
وفي منتصف الخمسينيات وبينما كان مالك خوشابا قد سافر الى لبنان للعلاج كانت هناك عائلة من عشيرة تياري السفلى تسكن في منطقة نهلة وبما ان هذه العائلة لم يكن لها من يرعى لها اغنامها التي كانت المورد الاساسي لابناء هذه العشيرة اضطرت الى استخدام احد الرعاة الاكراد ليقوم بذلك العمل وبما ان العادة كانت ان الراعي يبقى مع الاغنام في المرعى وقت الظهيرة فكان من واجب العائلة ان ترسل طعام الغذاء للراعي بيد احد افرادها ولم يكن لهذه العائلة من الرجال من يوصل الغذاء الى الراعي مما اضطرهم الى ارسالها بيد الفتاة الوحيدة الموجودة في الدار وكانت هذه الفتاة بعمر المراهقة مما مكن الراعي من اقناعها للفرار معه وعندما وصل الخبر الى العشيرة وعرفوا الوجهة التي هربا اليها توجه رؤساء العشيرة الى الموصل حيث كان والدي يقيم وكان آنذاك يخدم في الجيش برتبة مقدم واخبراه بما جرى وقالا له بان الفتاة قد اخذت عنوة …
فكتب والدي (يوسف مالك خوشابا) رسالة الى كل وجهاء العشيرة ان يتوجه كل القادرين على حمل السلاح الى العمادية ومحاصرتها واخذ الفتاة بالقوة ان اقتضى الامر ذلك وطلب منهم حرق رسالته حال استلامها وقراءتها وبالفعل تحرك اكثر من اربعمائة مقاتل تياري عابرين جبل كارا حتى وصولهم الى قضاء العمادية ثم تم تطيق القضاء وقطع الطريق بين العمادية ودهوك فاتصل القئم مقام بالموصل طالبا ارسال القوة السيارة الا ان القوة السيارة لم تتمكن من الوصول لانها لم تريد الاشتباك مع اربعمائة تياري معروفة نتائجها مسبقا فتدخل حجي شعبان احد وجهاء العمادية المعرفين ومن اصدقاء مالك خوشابا المقربين وخرج من العمادية باتجاه المقاتلين التياريين وهنالك جرى الاتفاق معهم ان يتم نقل الفتاة الى دهوك ويتم التاكد من انها اخت بالقوة رغما عنها ام برضائها وبحضور حجي شعبان واثلاثة من وجهاء العشيرة وهم كل من اسحاق صليوة ورئيس ممي (شبي) وخرو(يوناذم) وعند الحضور الى المحكمة اقرت الفتاة بانها لم تؤخذ عنوة انما هربت بكامل ارادتها ولكن الذي حدث ان الثلاثة عند دخولهم الى المحكمة تم تفتيشهم كما هي العادة المتبعة في مثل هذه الظروف فعثروا على الرسالة التي كان قد ارسلها يوسف مالك خوشابا الى وجهاء العشيرة التي يطلب فيها منهم ان يحاصروا العمادية وياخذوا الفتاة بالقوة ان اقتضى الامر ذلك فنقل الثلاثة الى سجن الموصل وتم استدعاء يوسف مالك خوشابا الى بغداد حيث عاتبه نوري السعيد على هذا العمل خاصة لكونه ضابط في الجيش ولكن بعودة مالك خوشابا من لبنان بعد ايام امر نوري السعيد باطلاق سراح الموقوفين وغلق القضية …
نعم هكذا كان التعامل مع كل المسائل التي كانت تعتبر تجاوزا على حقوق ألآثوريين وليس كما يصورها الكوبلزيين الجدد لهذا الجيل ويشبهها بفترة خنوع وخضوع واضطهاد …. لقد عاش الآثوريين في العراق متمتعين بكامل حقوقهم كعراقيين حالهم حال العرب والاكراد فلم يكن هنالك اي تفريق لا بالتعليم الذي كان يعتمد القبول في الجامعات على اساس المعدل ولا في الوظائف الحكومية وحتى في الجيش فقد كان هنالك عدد لا باس به من الضباط في الطيران امثال عمانوئيل شليمون وخالد سارة وبنويل وكوركيس هرمز الذي وصل الى رتبة لواء ركن طيار وزهير نعيم كما كان هنالك عدد كبير من الضباط المسيحيين في الجيش وصلوا الى رتب عالية امثال الزعيم الركن انيس وزير والمقدم شليمون والعقيد يوسف مالك خوشابا والعقيد جرجيس والعقيد متي خلف واللواء داؤود سرسم الذي اصبح وزيرا للبلديات والمقدم اسماعيل هرمز والعميد يونس شليمون والعميد ايشا خوشابا والعميد بولص يوسف مالك خوشابا اضافة الى عدد كبير من الرتب الصغيرة والى ضباط الليفي الذين تم قبولهم في الجيش العراقي بنفس رتبهم …. وبالرغم من تغير الحكومات في العراق الا ان وضع ألآثوريين لم يتاثر الا بعد قيام الحركة الكردية في ايلول 1961 حيث نزحت اعداد كبيرة من القرى ألآثورية التي اصبحت في ميدان المعركة ولجات الى المدن مما اثر على وضعها المادي والاجتماعي والدراسي ولكن سرعان ما تجاوز ألآثوريين اللاجئين الحالة بما معروف عنهم بالتاقلم مع الاوضاع الصعبة ورتبوا امورهم مع الواقع الجديد ودرس ابنائهم واكملوا دراساتهم العليا وتخرج ألآلاف منهم من الجامعات وتمكن الكثير منهم من امتلاك الدور الخاصة بهم …… ولكن وصول حزب البعث الى الحكم وتدخله في خصوصيات كافة شرائح المجتمع العراقي ومحاولته تسخيرها لمصلحة الحزب وبدون التمييزبين السنة والشيعة والمسيحيين والاكراد كل وحسب اهميته المؤثرة على مسيرته المبنية على العنف المنقطع النظير.
تنويه (nala4u) ; الموقع يتبنى التسمية الاشورية كقومية ,تاريخ ,لغة وغير ملزم ما يسمى بكردستان..ولأهمية هذه الاحداث التاريخية والوثائق..لذا أعيد نشرها مع التقدير.