بقلم اللواء بولص يوسف مالك خوشابا
مصالحة قداسة مار ايشاي شمعون واغا بطرس.. كيف فشلت؟ ولماذا ؟
28 / 03 / 2013
http://nala4u.com
كان المطران مار طيماثيوس قد رسم مطرانا لابرشية الهند في 15 كانون الاول 1907 من قبل البطريرك المار شمعون بنيامين وارسل الى الهند عن طريق البصرة حيث وصلها في شباط 1908 وكانت له صلة قرابة بالعائلة البطريركية لان شقيقه الشماس اسخريا كان متزوجا من خالة المار شمعون المسمات (خنه – Khanna) كما كان شقيق المار شمعون المدعو زيا قد تزوج من ابنة شقيق المطران المسمات (الشوه – Eleshwa) والتي كانت ابنة خالته ولقد خدم هذا المطران في ابرشية الهند حتى وفاته عام 1945 وترك اثرا وذكرى طيبة في نفوس الهنود التابعين لابرشيته والذين هم من بقايا هذه الكنيسة التي تم تاسيسها على يد رسلها في القرون الاولى وكان المار طيماثيوس الشخص الوحيد الذي لم يصل الى هذه الدرجة الكهنوتية عن طريق الوراثة وخلفه بعد وفاته في رئاسة هذه الابرشية المطران مار توما درمو الذي بقي فيها حتى عام 1968 حيث تم استقدامه الى بغداد ورسامته بطريركا للكنيسة الشرقية القديمة ولقد قام بدوره في رسامة المطران مار ابرم والاسقف ماربولس الهنديين ليتوليان ادارة ابرشية الهند ولقد كان المرحوم مار طيماثيوس قد اعاد الحياة الى ابرشية الهند وذلك ببنائه الكنائس والمدارس وميتما ومطبعة لطبع الكتب الكنسية باللغتين الاثورية القديمة والحديثة والمجلات باللغتين الانكليزية والآثورية وحذا حذوه من بعده المرحوم مار توما درمو الى يوم مجيئه الى العراق بعد ان كان قداسة البطريرك مار ايشاي شمعون قد جمده بسبب بعض الخلاافات بينهما .
كان المار طيماثيوس قد اغتاض جدا عندما رسم مار ايشاي شمعون بطريركا للكنيسة في بعقوبة عام 1920 من قبل خاله المرحوم مار يوسف خنانيشو بسبب صغر سنه الذي لم يكن يتجاوز الثانية عشر من عمره خلافا لقوانين الكنيسة وعرف العشائر الآثورية .وعند وصول مار طيماثيوس الى بعقوبة قادما من الهند كان قد حصل انشقاقا كبيرا في الآثوريين حيث ان الاغلبية لم تكن مؤيدة لهذه الرسامة وعلى راسهم اغا بطرس ومالك خوشابا حيث طلب الرافضين لهذه الرسامة من مار طيماثاوس ان يصبح بطريركا لهم الا انه رفض ذلك مدعيا بانه لايرغب في توسيع شقة الخلاف بين الآثوريين فيزيد الطين بلة . ولما شعر انصارهذه الرسامة بتفاقم الوضع حاولوا ترضية مار طيماثيوس وذلك بتنصيبه وصيا على المار ايشاي شمعون وذلك في شهر تشرين الاول عام 1920 حيث تم التوقيع على حجة الوصاية من قبل كل من المطران مار يوسف خنانيشو,والاسقف مار زيا سركيس ,الاسقف ايليا ,سرمة خانم ,داود والد المار شمعون وزيا عم المار شمعون..
وفي ما يلي نصها :
ليكن معلوما لكل من يطالع هذه الحجة التي حررناها باننا في اجتماعاتنا المتعددة التي عقدناها باسم ربنا يسوع المسيح درسنا وضع غبطة المار طيماثيوس مطران ملابار الهند وبعد مناقشة كل الامور اتفقنا جميعا على فكرة واحدة فقررنا انتخاب وصي على المار شمعون ايشا كاثوليك بطريرك الشرق . وتم في 8 تشرين الاول سنة 1920 وباتفاق الجميع انتخاب المار طيماثيوس ليكون وصيا على البطريرك في كافة الامور .
وفي عام 1922 عاد المار طيماثيوس الى الهند ليسافر من هناك الى كل من انكلترا واميركا بصفته وصيا على المار شمعون ليحاول حل مشاكل الآثوريين وتتبع قضيتهم مع السلطات البريطانية . وفي شهر آب من عام 1923 سافر الى لندن حيث مكث فيها ثمانية اشهر ثم سافر الى اميركا لجمع التبرعات باسم الآثوريين . وفي لندن قام باتصالات عديدة مع المسؤلين البريطانيين حول مصير الآثوريين الا انه لم يتمكن من الحصول على اية وعود منهم لذا نفذ صبره . ويقول المطران مار ابرم الهندي في كتابه بانه وجد هنالك اغا بطرس الذي كان قد ترك العائلة المار شمعونية ومد يده اليمنى لمصالحته ويسترسل المارابرم في قوله بان الجنرال اغا بطرس كان كلدانيا (يقصد كاثوليكيا) وكان قد انعم عليه بوسام الشرف من قبل البابا ليو الثالث عشر وكذلك من الروس . وكان يعيش في فرنسا في ذلك الوقت الا انه جاء الى لندن لمصالحة المطران مارطيماثيوس ولوضع خطة موحدة لقضية الآثوريين .
وفي 21 تشرين الاول سنة 1923 كتب اغا بطرس الى المار طيماثيوس من فندق سيسل في لندن ما يلي :
ابانا المحترم المار طيماثيوس الممثل البطريركي ومطران عام الهند ;
ليحل السلام باسم ربنا مع تقبيلي اياديكم راجيا صلواتكم . علمت بوجود غبطتكم في لندن كممثل للبطريرك للسعي لدى الامة البريطانية من اجل مصلحة وكيان امتنا الآثورية . وانني لست فقط بمسرور جدا فحسب بل اود ان اعلمكم بان تلك هي رغبتي القلبية ايضا . وانطلاقا من ذلك اطلب من كل قلبي ان ننسى جميع الاحداث الماضية . وبقلب صاف يملئه المحبة والسلام ,امد يد المصافحة بواسطة ابوتكم طالبا السلام والعفو من العائلة البطريركية وبكل تقدير واجلال . وعليه اعترف بالبطريرك المحبوب الشريف كرئيس عام لامتنا الآثورية ومنذ هذه اللحظة اني اضع جميع امكانياتي في خدمة ابوتكم كممثل للبطريرك لبلوغ هذا الهدف النبيل الذي يرمي الى ايجاد وطن قومي لامتنا تحت حماية ووصاية بريطانية العظمى وفق الخارطة التي تجدونها ملائمة .واني اعاهدكم بانني ساوفي بكل ما كتبت لاكون اخلص خادم لعائلة بطريركنا المحبوبة المقدسة كما كنت في عهد سيدي المرحوم المار شمعمن بنيامين واكثر . هذا ولي الشرف ان اكون خادمكم وتحت امركم في جميع الخدمات الوطنية …. انتهى الاقتباس
وفي 8 تشرين الثاني سنة 1923 اجاب المار طيماثيوس على رسالة اغا بطرس بقبوله المصالحة آملا ان يقبل البطريرك عرضه . ثم قام على الفور بارسال نسخ من رسالة اغا بطرس الى الشخصيات الانكليزية التالية :
1.اسقف كانتربري
2.ماركوس كورزن (وزير الخارجية )
3.دوق ديونشاير (وزير المستعمرات )
4.السر جون شكبوري (نائب الوزير الدائم لدائرة المستعمرات )
5.فخامة المستر اورمبسي كور (وكيل الوزارة )
وكان لمحاولة الصلح هذه صدى خطير في الشرق الاوسط لان القس الدكتور ويكرام الانكليزي الذي كان يعرف اغا بطرس ,كتب الى سكرتير اسقف كنتربري ضد تلك المصالحة وادناه بعض العبارات التي وردت في رسالته :
(اقتباس);
يظهر ان اغا بطرس موجود الآن في لندن . انا واثق بان لدى لندن معلومات بما تكفي ان لا تصدق مثل هذا المخادع المتمرس . لقد كانت هناك خطة لارساله الى العراق ثانية لتحريك الاحداث وليجعل من نفسه ذا فائدة . ان ذلك بمثابة تبديل مهنة بالنسبة اليه . احتج الناس هنا لمجيئه . ساد اعتقاد خاطيء بانه قد بدا رحلة العودة لذا كان على رصيف ميناء البصرة عدد من المسؤلين منتظرين وصوله وبحوزتهم بطاقة لاعادته فورا من حيث اتى الا انهم لم يجدوه على تلك الباخرة . ان السلطات في العراق تعرف من هو اغا بطرس ولكن عليها ان تعلم بوجود هذا المحتال هناك في لندن … انتهى الاقتباس..
وفي 7 كانون الاول عام 1924 كتب الدكتور القس ويكرام الى المار طيماثيوس ما يلي :
املي ان تكون قد عرفت حقيقة اغا بطرس لعلمي بان نواياك صادقة ومقاصدك مسيحية وان هدفك الوحيد هوخدمة امتك الآثورية دون شك . ان للرجل قوة وقابلية حقيقية وبامكانه ان يقدم الكثير لامته اذا رغب بذلك واني واثق من انه يحب ذلك مثلما يحب نفسه لكن على المرء ان يسال احد الساسة في انكلترا هل يمكن لهذا الرجل ان يستقيم ؟
اني اؤمن بان الارادة الربانية قادرة على كل شيء حتى تبديل جلد الهندي او مسح التنقيط من جلد النمر .المطلوب من الآثوريين سواء عملت بريطانيا لصالحهم ام لم تعمل ان يوحدوا صفوفهم وعلى بطرس ان يفهم هذين الامرين :
1.ان الكرسي البطريركي القديم هو محور هذا الاتحاد .
2.كل الوعود التي تقطعها فرنسا للآثوريين لا يمكن الاتكال عليها او الثقة بها ويبقى املها الاخير والوحيد في الايمان بالله والاعتماد على النفس ووحدتها التي ضحى رجالها لاجلها . هذه كلماتي الاخيرة لبطرس ولكم .. انتهى الاقتباس ..
ومع ذلك استمر المارطيماثيوس على اتصالاته باغا بطرس الذي عاد الى فرنسا الا ان البطريرك مار ايشاي شمعون وعمته سرما خانم رفضا مصالحة اغا بطرس لذا امرا المار طيماثيوس بقطع كل اتصال معه . وعليه اتصل المار طيماثيوس في 14 كانون الثاني عام 1925 بجميع الجهات ذات العلاقة معلنا بانه استلم تعليمات من السلطة المارشمعونية بعدم الموافقة على المصالحة المذكورة لذا فانه غير قادر على ان يكون طرفا في اي اتصالات من المحتمل ان يجريها اغا بطرس مع الحكومة الفرنسية ولاسباب اخرى فانه قد قرر ان يكون اتصاله فقط بحكومة صاحب الجلالة البريطانية في المستقبل كممثل للمارشمعون ….
تنويه (nala4u); لأهمية هذه الاحداث التاريخية والوثائق..لذا أعيد نشرها مع التقدير.