بقلم سليمان يوسف
سوريا: مولود سياسي جديد، لكنه (ولد ميتاً).
31 / 07 / 2020
http://nala4u.com
الثلاثاء 28 تموز، تم الاعلان عن ما سمي بـ ( جبهة السلام والحرية) .تضم ( المجلس الوطني الكردي – تيار الغد السوري – المنظمة الآثورية الديمقراطية – المجلس القومي العربي لأبناء الجزيرة والفرات)..
تساؤلات عديدها يثيرها تشكيل هذه الجبهة ، في هذا التوقيت من عمر الأزمة السورية. بقراءة سريعة لتاريخ أطراف الجبهة والتحديات التي ستواجه عملها ، يمكن القول بأن لا أفق سياسي مستقبلي لهذه الجبهة. بمعنى هي( ولدت ميتة). الساحة التي من المفترض أن تنشط وتعمل فيها الجبهة ،هي (منطقة الجزيرة – شرق الفرات) . هذه المنطقة الحيوية من سوريا هي منطقة نفوذ أمريكية. لا بل هي منطقة محتلة من قبل الامريكان، تخضع لسيطرة ما يعرف بـ “قوات سوريا الديمقراطية – قسد “، تقودها وتهيمن عليها (قوات كردية) تابعة لـ(حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي… لا يمكن لـ(جبهة الحرية والسلام) أن تتجاوز قسد وراعيها الأمريكي في أي قضية تخص منطقة الجزيرة.
البعض قد يرى في هذا المولود السياسي الجديد (بديلاً) لـ(قسد) . هذا مستبعد جداً. (جبهة السلام والحرية) لا تمتلك القدرات العسكرية والامكانيات المادية والبشرية، لتأخذ دور قسد، ناهيك أنها تفتقر الى (الداعم الدولي). خيار قبول الجبهة بقسد والاعتراف بها والعمل معها في إطار تحالف جديد ، تقوده قسد يبقى أكثر واقعياً من أن تكون بديلاً لها. التناقضات(السياسية وغير السياسية) بين أطرافها هي أكثر من المشتركات ومن التقاطعات التي على اساسها تشكلت الجبهة. الحقيقة، أن لكل طرف أهدافه وأجندته الخاصة من هذه الجبهة. جاء في وثيقة الجبهة ” ترى الجبهة في اللامركزية الاسلوب الأمثل في إدارة البلاد “. من غير أن تحدد شكل هذه (اللامركزية) هل هي (لامركزية سياسية ) كما يطالب المجلس الكردي ومعه بقية القوى الكردية.. أم هي (لامركزية إدارية) كما تطالب المنظمة الآثورية والقوى العربية .. هذه نقطة خلافية اساسية بين أطراف الجبهة ، لهذا جاءت (اللامركزية) بصيغة مبهمة و ضبابية. جاء في وثيقة الجبهة ” تعمل الجبهة بالوسائل السلمية من أجل إحلال السلام والحرية” .. ماذا عن امتلاك أحد أطرافها(تيار الغد) “ميليشيا” خاصة به، هي جزء مليشيات “قوات سورية الديمقراطية – قسد ” وقد قاتلت في أوقات سابقة الى جانب قوات النظام ضد داعش. رئيس تيار الغد (أحمد الجربا) كان رئيساً للائتلاف المعارض ومن ثم انسحب منه وعاد الى (أحضان النظام). لذا من الخطأ تصنيف (تيار الغد) كفصيل سياسي معارض للنظام. كيف للمجلس الكردي والمنظمة الآثورية أن يعملان مع تيار الغد ويثقان برئيسه ( أحمد الجربا) بعد هذه التقلبات السياسية والعسكرية ؟؟؟ .. جدير بالذكر أن لـ(المجلس الكردي) (ميليشيات) خاصة به، تدربت على يد (قوات البرزاني) في شمال العراق. لكن حزب (حزب الاتحاد الديمقراطي) يشترط دخولها الى منطقة الجزيرة أن تعمل تحت أمرته فقط
الجبهة هي خطوة الى الوراء . تشكيلها يعني تراجع ثقة أطرافها بقوى المعارضة الأخرى ( الائتلاف وهيئة التفاوض)… الجبهة أفردت في وثيقتها بنداً خاصاً لـ(القضية الكردية) وبالصيغة التي أرادها (المجلس الكردي)،بينما الوثيقة، تجاهلت وجود (قضية آشورية) والآشوريين (سرياناً كلدناً) هم مكون سوري أصيل عنهم أخذت سوريا أسمها وهويتها . هذا يؤكد هيمنة (المجلس الكردي) على الجبهة وخضوعها لإملاءاته .. هنا نسأل القائمين على (المنظمة الآثورية) عن (الحوافز والدوافع السياسية) التي دفعتهم للانخراط في هكذا جبهة، تجاهلت (القضية الآشورية) ؟؟.
القضية الآشورية تفوق بأهميتها وعدالتها (القضية الكردية). عدالة قضايا وحقوق الشعوب، لا يحددها تعداد السكان ولا بعسكرة القضية، وإنما الجذور التاريخية وأصالة أصحاب القضية ووطنيتهم . لكن للأسف ، ( المنظمة الآثورية)، بموجب الوثيقة السياسة لـ(جبهة الحرية والسلام)، تخلت عن (القضية الآشورية) لأجل بعض المكاسب الحزبية والشخصية . دورهم في هذه الجبهة هو شاهد زور على قضايا الآخرين…. أخيراً: في ضوء هذه الحقائق والواقع ، لا يمكن لـ( جبهة الحرية والسلام) أن تُحدث أي تغير في (المشهد السياسي) السوري، ولا في منطقة الجزيرة . هذه الجبهة لن تكون أكثر من رقم جديد يضاف الى الخريطة السياسية السورية .