بقلم فواد الكنجي
كورونا في محور إستراتيجية المال والاقتصاد والسياسة الخارجية والعلاقات الدولية
14 / 07 / 2020
http://nala4u.com
انتاب القلق لدى اغلب دول العالم الصناعية اثر تفشي جائحة وباء (كورونا)، لتتسارع في تبني سياسات مسؤولة لمواكبة تأثيراته على الاقتصاد العالمي؛ بعد إن أشارت توقعات من (صندوق النقد الدولي) بأن انخفاض معدل النمو الاقتصاد العالمي سيرتفع مع بقاء بلدان العالم تحت وطأة الجائحة؛ لذلك يتطلب من الدول الصناعية احتواء الأزمة الوبائية هذه والاستعداد لتداعيات سلبية محتملة قد تكون أثارها أكثر خطورة مما هي عليه الآن، وهي مهمة تتطلب بذل مزيد من الجهود للقضاء على هذا الفيروس الوبائي الذي يؤثر على الحياة البشرية.. وامن واستقرار الدولي.. وعلى النمو الاقتصادي الذي يتعرض للانهيار نتيجة هذه الأزمة الوبائية؛ والتي إذ ما استمرت ستهدد لا محال أفاق الاقتصادية ويربك الأوضاع المالية ويصعد من حدة التوترات الخارجية والجيوسياسية والتجارية بين كل بلدان العالم، بما تتطلب هذه الأوضاع الطارئة تعزيز دور الدول المتقدمة تكنولوجيا.. وعلميا.. واقتصاديا.. في الإطار الرقابي وتنفيذ خطط الطوارئ إضافة لمواجه هذه المخاطر على الصعيد العالمي صحيا واجتماعيا واقتصاديا؛ ليتم استدامة النمو والتوازن وتنفيذ الإجراءات الإصلاحية الاقتصادية بشكل مرن بكل ما تتطلبه هيكلية النمو؛ مع أهمية رسم سياسات في دعم الأنشطة الاقتصادية بمختلف الاتجاهات لضمان التوازن بين الدين العام عن إجمالي الإنتاج المحلي مع مواكبة صلاحيات البنوك المركزية لدعم النشاط النقدي ولضمان استقرار الأسعار، وكل ذلك يجب إن يتم مع مواكبة التجارة والاستثمار اللذان هم عصب المحرك لنمو الاقتصادي بما يعزز من مكانة الإنتاج وتوفير فرص العمل والتنمية وتمكين جميع شرائح المجتمع والمساواة وحق المرأة والشباب ليتم تعزيز فرص العمل للجميع .
لان العالم اليوم يواجه تحولات وتغيرات سريعة اقتصاديا.. واجتماعيا.. وفي مجال البيئية.. والتقنية.. والديموغرافية, وعلية يتطلب من الدول الصناعية المتطورة اطر عمل لضمان الالتزام وتعزيز من دور شبكة أمان مالية عالمية مدعومة من (صندوق النقد الدولي) بموارد كافية دون إغفال البنية التحتية؛ بكونها هي المحرك للنمو الاقتصادي؛ ولا بد من تطويرها بكل الوسائل التقنية العالية وتشيع الاستثمار فيها من اجل رفع القدرة والكفاءة والجودة وتشغيلها وإدامتها ودعم المشاركة القطاع الخاص في الاستثمار في هذا المجال لتحقيق مخرجات عمل على المستوى الاجتماعي والاقتصادي؛ ليتم وفق هذه الإستراتيجية بناء منظومة مالية تواكب المعاصرة بكل ما يعترضها من تطورات تمس طبية العلاقات الدولية والنمو الاقتصادي .
فالنظام العالمي اليوم يواجه تحديات ليس على مستوى الاقتصادي فحسب بل سياسيا واجتماعيا؛ بما أثرت سلبا على الأوضاع الأمنية لأغلب شعوب الأرض والتي انزلقت نحو الصراع مع تنامي مقومات التحولات الدولية والإقليمية على كافة الأصعدة، بعد إن عجزت القوى الكبرى من تحقيق التفاهم لإدارة القضايا والأزمات في السياسة الخارجية التي مست صميم توازن القوى.. والسلام.. والعدل؛ ناهيك عن سياسة الأوضاع الداخلية؛ بعد إن ارتبكت موازين القيم الديمقراطية.. وحقوق الإنسان.. والعدل الاجتماعي.. والمساواة؛ في اغلب دول العالم وخاصة الدول (الرأسمالية) التي كانت ترفع هذا الشعارات وتصدرها في أيطار المفاهيم (الليبرالية) و(العولمة)، لنجد كيف إن بعض من هذه الدول تحديدا انتهكت معاير (القانون الدولي) وتجاوزت على حقوق الآخرين كـ(أمريكا) التي سيطرت على منبع ثروات والممرات البحرية؛ وعلى نحوها فعلت (الصين) بل مضت إلى أبشع من ذلك داخليا؛ ولم يتم انتقاد سجلها في مجال الشفافية.. وحقوق الإنسان.. والحرية.. والمساواة؛ والأمر لم يقتصر على هاتين الدولتين بل تعدى إلى غيرهما من الدول، بكون هذه الدول فرضوا على المنظمات الدولية نوع من إستراتيجية حازمة أجبروهم على عدم الانتقاد والمساءلة، وهذا ما أنهك (القانون الدولي) وزيف شعاراته؛ وبالتالي اثر على طبيعة (النظام الدولي) الذي اليوم أصبح على المحك بعد إن هزت الجائحة (كورونا) أركانه، وبعد إن ساد على الساحة الدولية فرض سياسات الأمر الواقع باستخدام نفوذهم التكنولوجية.. والاقتصادية.. والقوة العسكرية.. والضغط على القوى الدولية بعدم انتقاد سياساتهم؛ لا على المستوى الداخلي ولا الخارجي، وهكذا بدأ التظليل يمارس بشتى الوسائل وبشكل حازم من قبل أية (دولة) لها إمكانيات تكنولوجية واقتصادية وعسكرية؛ وفق ما تشاد وفي وقت وزمان الذي تريد استخدامه؛ لتظليل الحقائق وتحقيق المأرب؛ سواء بفرض الرسوم أو تنصل من الاتفاقيات أو تخلي عن دعم الديمقراطيات وحقوق الإنسان وهذه تصرفات نلمسها جليا في سياسة (الأمريكية) اثر تخليها عن الكثير من الاتفاقيات الدولية كاتفاقية (باريس) للمناخ أو (معاهدة القوى النووية) أو (اتفاقية الشراكة في المحيط الهادي)، وكل ذلك ساهم بشكل مؤثر على التغييرات في (النظام الدولي)، وهو الأمر ذاته الذي وسع الفجوة بين دول العالم عقب تفشي وباء (كورونا)، لان كل دولة حاولت الاحتفاظ على مصالحها الحيوية في مجابهة واحتواء الوباء؛ حيث تشظت العلاقات الدولية سواء (أمريكا) مع حلفائها كـ(كندا) و(المكسيك) و(الصين) و (كوريا الجنوبية) و(اليابان) أو مع حلفائها (الأوربيين)، بل تم إعادة التجاذبات بشكل مغاير عما كان قبل الجائحة، فنجد اليوم تقارب (أمريكي) مع (الهند) وذلك لاحتواء (الصين)، بينما (الصين) تسعى لبناء تحالفات اقتصادية في أسيا وإفريقيا قائم على أسس التنافس الاقتصادي مع (أمريكا) .
العلاقات الدولية وتحديات المرحلة
نستشف من خلال ما تقدم مع هذه التطورات المتلاحقة؛ حجم تنامي الصراعات وتدهور العلاقات الدولية؛ ليكون العالم – حقيقة – إمام تحديات ورسم استراتيجيات جديدة؛ هو أتي نتيجة ما أفرزته أوضاع الاقتصادية التي تأثرت تأثيرا بالغا بجائحة (كورونا)؛ ولتترك تحدياتها على كافة مناحي الحياة السياسية.. والاجتماعية.. والاقتصادية، وهو الأمر الذي جعل إدارات الدول تتسارع في تولي مسؤولياتها للحفاظ على الأمن العالم وسلامة المجتمع، فأخذت كل (دولة) من دول العالم؛ في رسم استراتيجياتها وفق سياسات خاصة لمواجهة وتدبير الأزمة الوبائية؛ الذي اثر سلبا على النمو الاقتصادي بعد توقف حركة الأنشطة التجارية والصناعية وقيام بعض الدول بفرض عقوبات اقتصادية على أخرى؛ كما فعلت (أمريكا) مع (الصين)، بعد إن أثرت كافة مناحي الحياة البشرية بالجائحة (كورونا) وهددت الاستقرار البشري.. وتسببت في الركود الاقتصادي.. وتقييد أنشطة المجتمعات؛ الأمر الذي سبب إلى بروز اختلافات في التوجهات من اجل استدامة الحياة في كافة دول العالم للسيطرة على الوباء باختلاف مستويات التأثير بالوباء؛ بعد إن ظهر بان (النظام الصحي العالم) عاجز من مواجهة تحديات الجائحة؛ ليس فحسب في الدول النامية بل حتى في الدول المتطورة تكنولوجيا واقتصاديا؛ ليكتشف بان (النظام الدولي) اليوم لا يملك بنية تحتية (صحية) تستطيع مواجهة هذا الوباء والتصدي لمخاطره؛ مما أثار سخط مجتمعي في كل دول العالم؛ ودفعهم إلى معارضة النظم السياسية القائمة بكل تشكيلاتها وأنواعها؛ وهو الأمر الذي جعلها موضع المساءلة بعد هذه الصدمة؛ لتطرح أسئلة عميقة فيما يخص المستقبل وكيفية ارتكاز على مناهج معاصرة لتنمية الاقتصادية والاجتماعية وكيفية الخروج من هذه الأزمة الوبائية الحالية؛ أو إذ ما قد يتعرض العالم لازمات مشابهة؛ ليتم استخلاص دروس في كيفية التعامل مع الأزمات لكي تبقى (المنظومة الاقتصادية) قادرة على التوازن والاحتفاظ بقدر كبير من الإنماء والاستدامة لكي يتم تجنب الانكماش في النمو كما يحدث الآن؛ وليتم تهيئة كل الأجواء لإنقاذ الدول من الانهيار، فلا بد من وعي عن أهمية (إدارة الأزمة) بشكل واقعي وذلك برسم سياسات اقتصادية مرنة تساهم في دفع التنمية الاقتصادية إلى أمام بوعي وتخطيط من اجل استدامة الحياة وخاصة في ظل ظروف الأزمات، وهذا لا يأتي ما لم يتم بناء منظومة دولية تؤسس للعدالة الاجتماعية ببعدها الإنساني وبمساعدة الدول النامية في ظل الأزمات كالتي تضرب العالم الآن بجائحة (كورونا)، ومن هنا تأتي أهمية رسم سياسات دولية لاستدامة القوى الاقتصادية لتتمكن من مواجهة الظروف الصعبة والصمود بوجه المتغيرات؛ ليتم تفادي التأثيرات السلبية على إستراتيجية الاقتصادية والإنتاجية ودعم الفئات المتضررة، لان من واجب الدول إغاثة المجتمعات وقت الأزمات؛ وتقديم المساعدات لبناء ومساندة الصناعة المحلية والإنتاجية وعلى كافة مجالات الاقتصادية من الصناعية والزراعية؛ بما تحقق العدالة الاجتماعية، وهذا لا يتم إلا من خلال بناء سيولة نقدية متوازنة تحافظ على تفادي أزمة الطوارئ وتؤمن على المخزون الاستراتيجي من أموال المخصصة للأجيال القادمة ليتم المحافظة بتوازن مع العدالة الإنسانية في تطوير التنمية المجتمعية والعمل على تحقيق الحماية بشتى الآليات والأدوات والوسائل للحفاظ على روح البناء والتواصل واستدامة الحاضر مع المستقبل .
ليكون مخاض التجربة التي تمر بها مجتمعاتنا بهذه الأزمة الوبائية وإخفاق التجربة (الرأسمالية) بمنظومتها التي أصدرتها (الدول الرأسمالية) تحت يافطة الأنظمة الديمقراطية.. والليبرالية.. والنيوليبرالية.. والعولمة؛ وخاصة في مجال (الصحة) و(الاقتصاد) و(التعاون الدولي)، وهذا الإخفاق للمنظومة (الرأسمالية) هي خير رسالة لبناء (منظومة دولية جديدة) بعيدة عن الاستغلال والعبودية (الرأسمالية)؛ لتواكب تطلعات المجتمعات في تدبير الشأن العام الدولي بكل أزماته ومخاطره بمنهية العدالة الاجتماعية ليتمخض عنها بناء (نظام دولي) له كلمته ما بعد جائحة (كورونا)، نظام مبني بأسس إدارية شفافة يتواصل مع المجتمعات ومؤسسات الدول ويتعاون في إدارة الأزمات وعلى كافة المستويات؛ إضافة إلى قيامه ببناء منظومة (صحية) تمتلك القدرة والكفاءة والخبرة في مجال الأوبئة ويرصد لها ميزانية يمكنها من مواجهة تحديات التي تواجهها .
النظام الدولي وخارطة العلاقات الدولية
ومن هنا نقول إن أي (نظام دولي) ما لم يأخذ تأثيرات الوبائية لجائحة (كورونا) محمل الجد واخذ العبر والدروس في كيفية التي أثرت على (الاقتصاد) وما خلفته من تفاقم الأزمة بين اكبر قطبين اقتصاديين في النظام العالمي الحالي بين (الصين) و(أمريكا)؛ وبما وصل الأمر بينهما قيام (حرب تجارية) شملت العقوبات الاقتصادية بين الطرفيين بل امتد التنافس الغير الشريف بينهما من اجل الوصول إلى لقاح من اجل (احتكاره) واستغلاله كأسلوب لتركيع الدول لشروط التي ستملأ عليهم؛ بكون هذه الدول هي بأمس الحاجة إلية؛ بدون مراعاة العدل الاجتماعي في توفير هذا الدواء لدول النامية والمتأثر اقتصادها بجائحة (كورونا) مجانا وبدون قيد أو شرط .
فالأزمة التي خلفتها الجائحة (كورونا) لم تنحصر بين (أمريكا) و(الصين) فحسب؛ بل تعدت إلى دول أخرى؛ لنجد كيف تصاعدت حدة الأزمة بين دول منظومة (الاتحاد الأوربي) وتحديدا بين (دول الاتحاد) مع (إيطاليا) و(اسبانيا) في أزمتهما الوبائية؛ وقيام كل دولة على حدى بغلق الحدود؛ وعدم التعاون والتواصل وفق الاتفاقات الموقعة بين الدول (الاتحاد)، لتضرب كل تلك الاتفاقات عرض الحائط ولتتقوقع كل دولة حول نفسها؛ ليطفح على السطح بين (العلاقات الدولية) في (الاتحاد الأوربي) نزعات شعوبية.. وقومية.. وعنصرية؛ طغت هذه الصفات على كل ما كان متفق علية اثر قيام الاتحاد بين دول (الأوربية) من التعاون.. وفتح الحدود.. و توحيد العملة.. والدفاع المشترك؛ لتفشل هذه الاتفاقات الموقعة بين كل دول (الاتحاد) في أول اختبار أمام جائحة (كورونا) لتسارع كل دولة من (دول الاتحاد الأوربي) إلى غلق الحدود وعدم التعاون في إرسال المساعدات الطبية لدول (الاتحاد) التي تعاني من أثار تفشي وباء (كورونا) .
ولم يكتف الأمر على هذا النحو؛ بل نجد ما انتاب من تدهور العلاقات الدولية بين منظومة الدول (ألليبرالية) وخاصة بين (أمريكا) و(كندا) ومكسيك) وعدم التعاون فيما بينهما إزاء هذه الجائحة الوبائية بقدر ما سارع هذه الدول إلى إغلاق الحدود وتجميد كل الأنشطة المتعلقة بهذا المضمار .
لنصل إلى حقيقة التي أفرزته هذه (الجائحة) من تداعيات سلوكية وأخلاقية غريبة عن القيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ولهذا فان أي (نظام دولي) سيشكل في مستقبل ما بعد (كورونا) يتحتم عليه بناء علاقات وتكتلات وتحالفات ووضع استراتيجيات على مستوى آخر من (التعاون) مما هو قائم اليوم في زمن (كورونا)، بما يلزم علية الالتزام وبناء الخبرات وتنظيم الكفاءة العلمية والإدارية لمواجهة الأزمات أي كانت نوعها وشكلها ومخاطرها؛ لحماية المجتمعات من آثار الأوبئة (البيولوجية) وتوفير كافة اللوجستيات المتعلقة، ليتم تعزيز فعالية الأنشطة الإدارية لاحتواء الأزمة على الصعيد الدولي وتحديدا في مجال (الصحة العامة) و(الأمن البيولوجي) والاستفادة من تجارب دولية الخاصة في هذا الصدد، لان علوم الحياة قد اتجهت في السنوات الأخيرة في تطوير (الأسلحة البيولوجية) لسهولة تحضيرها وقلة تكاليفها، وهو الأمر الذي زاد من مخاوف الوصول إليها واستخدامها أو انتشارها لسوء التخزين أو استعمالها لرداءة الأماكن صناعتها مما يرفع مستوى مخاطرها على صعيد الأمن (البيولوجي) لما تسببه هذه الأسلحة من مخاطر تتعلق بصحة الإنسان.. والحيوان.. والنبات.. وبالبيئة بصورة عامة؛ مما يرفع مستوى مخاطر انتشار الأوبئة الجرثومية والفيروسية على (النظام الدولي)، كما يحدث اليوم اثر تفشي فيروس (كورونا) الذي كان في طور التصنيع في مصانع مدينة (ووهان الصينية) ولكن لسبب ما؛ سواء لسوء الاستخدام أو لعدم توفير مناخ سليم لتصنيعه؛ انتشر الوباء بالشكل الذي هدد الحياة البشرية في كل إنحاء العالم؛ لحجم الإضرار الذي سببه هذا الفيروس، فتم إعلان حالة الطوارئ في كل دول العالم؛ لتصل عدد ضحاياه من البشرية والإصابات بهذا الوباء القاتل إلى ملايين من البشر والى خسائر اقتصادية ومالية تقدر بعشرات التريليونات من الدولارات؛ وهي خسائر أتت بدون وجود حرب بالسلاح التقليدي بل بسلاح (بيولوجي) وهو ما زاد من توترات أمنية دولية وخاصة بين الدول الصناعية (الرأسمالية) التي تعتمد على (الاقتصاد) في تطوير قدراتها وهيمنتها على (النظام العالمي)، مما حدا بالأمر إلى ظهور توترات بين أقطاب هذه الدول وخاصة بين (أمريكا) و(الصين) التي تسعى الأخيرة إلى فرض الهيمنة ومحاولاتها في إعادة تشكيل (النظام الدولي) على شاكلتها مع مجموعة (بريكس)، ولذلك فان (أمريكا) اليوم وضعت (الصين) في نطاق الدول التي تهدد أمنها؛ فهي تحاول بكل إمكانياتها تدميرها اقتصاديا وتجاريا وماليا وعلى كافة المستويات وبكل ما يتيح لها من قوة لتدمير قدرات (الصين)، وخاصة بعد إن نجحت في القضاء على الفيروس بوقت قياسي قياسا إلى (أمريكا) بكل ما تملكه من إمكانيات، وقد استغلت (الصين) نجاحها الذي حققته في محاصرة الوباء (كورونا) سياسيا وإعلاميا؛ كانتصار على (أمريكا) لتسارع (الصين) عرض مساعدتها الطبية والعلاجية على دول العالم من أجل مواجهة الفيروس ومنها (ايطاليا) و(اسبانيا) إضافة إلى كثير من (دول الشرق الأوسط) و(شرق أوربا) و(أفريقيا)، وبعد كل هذه التحديات التي تواجهها (أمريكا) من (الصين) أيقنت (أمريكا) بان (روسيا) التي كانت تشكل لها ندا وحيدا في المنظومة الدولية بكونها هي الدولة الوحيدة القادرة بمحو (أمريكا) بأسلحتها النووية؛ ولكن (روسيا) منذ تفكيك وانهار (الاتحاد السوفيتي) في 1991 تراجع اقتصادها وأخذت تعاني من تفتيت إمكانياتها وقدراتها الصناعية وعلى كاف المستويات، لذلك فان (أمريكا) أيقنت بان (روسيا ) لم تعد تشكل لها تهديدا بقدر ما تشكله (الصين ) من تهديد حقيقي يستهدف اقتصادها ومواردها؛ لذلك فان مسار العلاقات بين الطرفين يتجه دوما إلى تصادم قد يفضي الأمر إلى (حرب) مدمرة بين الطرفين ستقلب كل موازين القوى ومنظومة (النظام لدولي) لا محال؛ وخاصة بعد إن أخذت (الصين) تدخل وتفرض وجودها بين دول (الاتحاد الأوربي)؛ بعد إن قدمت مساعدات سخية في مجال الطب وإرسال الأطباء ومعدات لوجستية ضخمة إلى (إيطاليا) و(اسبانيا)؛ الأمر الذي امتعضت منه (أمريكا) كثيرا؛ وبالتالي فان تنامي التنافس بين هاذين القطبين لا محال سيؤدي إلى تغيير في الخارطة السياسية الدولية ونظامها؛ ليتم تبديل نظام (الأحادية القطبية) الذي تنفرد بزعامته (أمريكا) اليوم؛ إلى نظام (متعدد الأقطاب) تكون (الصين) إحدى أقطابه، وهو أمر متوقع من خلال قراءتنا للمشهد السياسي في (النظام الدولي) الذي أربكت مقوماته اثر تفشي وباء (كورونا) .
السياسة الخارجية بين الخلاف والاختلاف والهيمنة الرأسمالية
لنستشف مما سبق حجم آثار التي تركها فيروس (كورونا) القاتل على (النظام الدولي) مما دفع أنظمة دول العالم إلى إعادة التفكير في بناء الفكر الإنساني اجتماعيا.. وسياسيا.. واقتصاديا؛ بما يواكب تطورات الحاصلة على طبيعة (العلاقات الدولية) التي ارتبكت اثر جائحة (كورونا) وأثرت بشكل كبير على مستقبل (العلاقات الخارجية) بين الدول؛ وخاصة على صعيد القوة الاقتصادية والصحية والتوجهات المستقبلية في التنمية المجتمعية والصناعية والتبادل التجاري وسياسات الإدارية، لذلك يتحتم على المنظومة الدولية بكل مؤسساتها تطوير توجهاتهم بكل (اختلافاتهم الفكرية) بما يعزز بناء علاقات إنسانية بين دول العالم بشكل سليم؛ مع بث روح التوعية المجتمعية على نطاق أممي شامل مع كل تفاقم للأزمات مهما كان شكلها ونوعها لتمهيد كل السبل لاستقرار الدولي والمجتمعي وتذليل (الخلافات الدولية) من اجل المصلحة الإنسانية والأمن والسلم الدولي بعيدا عن المزايدات السياسية؛ وبعيدا عن أية انتماءات عرقية.. أو سياسية.. أو قومية.. أو عنصرية.. أو شعوبية؛ لتتمكن المجتمعات البشرية خلق مبادئ تتوافق مع العدل والسلم والتطور التكنولوجي والعلم والمعرفة الإنسانية الخلاقة .
ونظر لتعقيد.. وتقلب.. وعدم استقرار القضايا السياسة والشؤون الدولية؛ فان (الاختلافات) في سبل تعزيز (العلاقات الخارجية) والتعاون الدولي أمر طبيعي وسليم؛ ولكن علينا إن لا نترك هذه (الاختلافات) ترتقي إلى مستوى (الخلافات) والتي ستجرنا إلى صراعات؛ سواء لسوء الفهم أو لتفسيرات غير واضحة ومبهمة نحن بغنى عنها في ظل تعقيدات الدولية الراهنة والعلاقات الدولية؛ التي هي أصلا متوترة بين دول العالم، لذلك يتطلب من الدول التفاعل في رسم سياساتهم الخارجية وفق أيطار دينامكية العمل الايجابي نحو بناء مؤسسات غير مسيسة لدفع السياسات الخارجية والعلاقات الدولية نحو الإمام وبالاتجاه الذي يخدم مصالح الدول أيا كان نوعها، لان يقينا بأننا لا يمكن تحت أي ظرف؛ الفصل بين (السياسة الخارجية) و(العلاقات الدولي)؛ لان كل الأفكار التي تأتي في هذا المضمار تكون متداخلة ومتشابكة ويصبح الفصل بينهما مستحيلا؛ وخاصة حين تختلط مصالح الدول السياسية بالمصالح الاقتصادية .
ومن هنا فان إستراتيجية السلوك والتفاعلات في (العلاقات الدولية) ستتجه وفق نظريات مختلفة؛ ولكن عليها إن تكون منضبطة لكي لا تسوق (النظام الدولي) نحو الفوضى والاضطراب وحروب وصراعات التي تعكر صفوة (العلاقات الدولية) و(السياسات الخارجية)، لذلك فان التعاون والتفاعلات بين الدول يمهد لهما طريق السلام؛ وهو الذي يمهد في دعم وتنشيط الروابط الاقتصادية بينهما من دون إن يؤدي إلى اختلال التوازنات داخل (النظام الدولي) وتغيير سياسات الخارجية لدول – حتى بدون تغيير في السلطة – لذلك يتحتم في (السياسة الخارجية) تكييف تطلعات الدول باستمرار مع الواقع المتطور، لان واقع الحال يلوح لنا بان التطورات والتحولات تجبر الدول في رسم سياسات خارجية لتكيف أمرها مع الواقع؛ لان مصالحها الاقتصادية تتطلب إلى ذلك، ولهذا فان العلاقات الاقتصادية تجبر السياسة الخارجية لدول توفير كل مستلزمات لازدهار الاقتصاد والتجارة والتنمية المجتمعية في دولهم عبر الانفتاح الاقتصادي، وهذا لا يأتي بدون فتح الحدود وأسواقها لتبادل التجاري بين الدول ومع كل دول العالم لاستقبال التجارة الدولية بانفتاح وفتح الاستثمارات التجارية والاقتصادية؛ وهذا لا يأتي أيضا إلا وفق إستراتيجية سياسية واقتصادية وتوفير الظروف الأمنية وحماية القانونية لرأس المال التجاري الدولي وإزالة كل العوائق أمام الاقتصاد والتبادل التجاري من خلال التعاون الدولي؛ ليتم تحقيق إنعاش اقتصادي لا يتأثر بظروف وتغيرات الطارئة كما يحدث (الآن) ومنذ بداية الجائحة في مطلع عام 2020 في اقتصاديات كل دول العالم متأثرا بجائحة الوبائية لـ(كورونا)، لان الدول لم ترسم حتى مع نفسها استراتيجيات واضحة؛ بقدر ما بنت أولوياتها للهيمنة والاستغلال ونشر النفوذ والاستحواذ على مصادر الطاقة من دون إن تخطط لطوارئ، ولهذا وخلال ثلاثة أشهر منذ انتشار الوباء فحسب انكمش الاقتصاد العالمي وتقوقعت دول حول نفسها بما خلفه انتشار (كورونا) من أزمة في (السياسات الخارجية) و(العلاقات الدولية) والتي اثر تأثيرا بالغا في الاقتصاد الدولي .
لذلك اليوم يتطلب التفكير بمستقبل العالم بعد إن فشل في أول اختبر له بعد إن اختبرته (كورونا) اختبارا عمليا؛ وخرجت حضارتنا فاشلة؛ تجر تقهقر (الإنسان) و(السلطة) و(الرأسمالية) وعلى كل المستويات الاجتماعية.. والسياسية.. والاقتصادية؛ بعد إن وجد عالمنا بكل ما توصل إليه من علم و تكنولوجيا ومعرفة؛ غياب الاستعداد الكافي لمواجهة تداعيات الوبائية التي ضربت عالمنا على حين غره ومن جميع دول العالم وعلى مختلف المستويات، وأظهرت الأزمة غياب قدرة الدول والحضارات في التعامل مع وباء (كورونا)؛ ليشكل اكبر اختبارا حضاريا فشل في مواجهته؛ ليس في المنظومة (الصحية) فحسب بل في منظومة (الاجتماعية) و(السياسية) و(الاقتصادية)؛ لعدم قدرت هذه المنظومات على الصمود لأكثر من ثلاثة أشهر بوجه وباء (كورونا)، وما بالك إزاء تطورات لاحقة محليا ودوليا إذ استمر الوباء بالتفشي بدون إن تصل البحوث التكنولوجية والعلمية والمعرفة إلى علاج ودواء…………….!
ويعود سبب هذا الإخفاق وعجز الدول التي كان ينظر إليها بكونها دول (رأسمالية) صناعية متطورة؛ تمتلك قدرات هائلة من العلوم والتكنولوجيا والمعلومات الفنية عالية المستوى، ولكن تبين أمام محنة جائحة (كورونا) بان جل هذه الإمكانيات ولقدرات الهائلة لهذه الدول (الرأسمالية) كان يصب في خانة واحدة وهي (الصناعة) و(الإنتاج) وكيفية إدارتها والاستثمار الأمثل فيها لجلب مزيد من (المال) و(الإرباح) الذي هو شاغل شغلها و ديدن الدول (الرأسمالية) التي تجند كل إمكانياتها وقدراتها لتسويق له عبر برامج مزيفة لتستقطب الأفراد إليها بشعارات الحرية.. والديمقراطية.. والليبرالية.. النيوليبرالية؛ التي هي مجرد شعارات لتسويق (الرأسمالية) بوجه شفاف مغاير عما يكمن في أعماقه من فكر يرتكز على (الاستغلال) و(العبودية) بأبشع صورها .
ولهذا دأبت الأنظمة (الرأسمالية) التي تهيمن على مقدرات (النظام الدولي) في (الصناعة) و(الإنتاج) وسخرت كل إمكانياتها في تطوير هذه القطاعات؛ وبصورة عامه فان (النظام الرأسمالي) في فكره لم يعر أي اهتمام على الجوانب الحياتية الأخر في قطاع الصحة.. والزراعة.. والبيئة.. والثقافة.. والفنون.. ودعم البحوث العلمية في مجال التربية والتعليم – إلا إذ وجد بان هناك مصلحة تمس في صميم مصالحه الاستغلالية – لتقود هذه الدول المهيمنة على (النظام الدولي) وفق وتيرة واحدة مرتكزة على جوانب (الاقتصاد) و(الإنتاج) و(التبادل التجاري) مبتعدة في تعاملاتها وعلاقاتها الدولية من البعد الإنساني وخدمة الإنسانية في مجالات الصحة.. والتعليم.. والعلوم.. والتربية.. والآداب.. والفنون، ولهذا أصاب هذه القطاعات نوع من تراجع وإهمال قياسا لخطوات التي تخطتها (الصناعة) و(الإنتاج)، وهذا (اللا توازن) هو الذي أربك منظومة الحياة حين اجتاح وباء (كورونا) وهدد مستقبل البشرية بل وهدد اقتصاديات الدول (الرأسمالية) التي مجدت عظمتها بهذه الصناعة؛ والتي اثر تفشي الجائحة انكمش معدل (الإنتاج) و(الصناعة) إلى مستويات خطيرة؛ بل لتعلن كبرى مصانع الإنتاج عن عجزها وإفلاسها .
أهمية الصحة في استدامة الحياة
ومن هنا أدركت الدول (الرأسمالية) بعد جائحة (كورونا) عن مدى أهمية (التوازن) في بناء القدرات الصناعية.. والقدرات العلمية.. والمهارات المهنية العالية.. وعلى كافة المستويات السياسية.. والاقتصادية.. والاجتماعية.. والصحية.. والثقافية.. والأدبية.. والفنية، لان ما استشف من نتائج هذه الجائحة الوبائية؛ بان لا قيمة للاقتصاد إذ فقد الإنسان صحته وحياته، لأنه هو الذي يمتلك مفتاح لبناء (الاقتصاد)؛ والاقتصاد يجب إن يسخر لخدمة الإنسان؛ ومتى علا شان الإنسان في منظومة الحياة سيتم أعلاء جميع مجالات الحياة الأخرى، ومن هنا تظهر مدى أهمية (الصحة) لاستدامة حياة (الإنسان) لتطوير مستقبله الذي هو وحده لقادر على التفكير والمساهمة والتخطيط لإدامة الحياة الحضارية بتوازن عبر بناء منظومة تكنولوجية حديثة مع صناعة الصحة وإدامة الإنتاج الزراعي إضافة إلى مجالات الأنشطة الحياتية الأخرى؛ لبث روح الحضارة الإنسانية في منظومة الحياة بأبعادها المختلفة؛ ليكون (النظام الدولي) مشبعا بهذه القيم ويتعامل مع الأزمات الإنسانية دون (الأنانية) التي تعظيم في التوجهات (الرأسمالية)؛ الرأسمالية التي رغم إمكانيتها العالية لم تولي أية أهمية في بناء منظومة صحية عالية الإمكانيات والقدرات الاستيعابية لجميع الأزمات الصحة والأوبئة، ولكن حين ضرب وباء (كورونا) مؤسساتها الاقتصادية وتعرض اقتصادها إلى الانكماش لم تتوقه؛ سارعت بالتوسيع الصناعات (الصحية) وسخرت مصانعها العملاقة لتحقق الاكتفاء الذاتي وتوفير ألوازم اللوجستية المتعلقة بـ(الصحة) لمواجهة وباء (كورونا) بشكل سريع ومباشر؛ عبر تطور وسائل حماية (الصحة المجتمعية) واتخاذ قرارات في مجال (الصحة) لحماية مستلزماته اللوجستية والدوائية داخليا لمنع تصديرها إلى الخارج لحين إن تؤمن مؤسساتها (الصحية) وأسواقها المحلية منها، وهذه الإجراءات جاءت من لدن الدول (الرأسمالية) – وفي مقدمتهم (أمريكا) – ليس من اجل استدامة صحة الإنسان؛ بل من اجل عدم انهيار اقتصادها، لتكن هذه الدول (الرأسمالية) هي ذاتها أول من يخترق قوانين (العولمة) و(اقتصاد السوق الحرة) التي تسود العلاقات الاقتصادية الدولية ومنظمة التجارة العالمية، ليصب اهتمام الدول (الرأسمالية) وفي مقدمتها (أمريكا) التي تهيمن على (النظام الدولي) إلى إجراء مراجعة ذاتية؛ صاحبتها تحولات في (العلاقات الدولية) وفي (سياساتها الخارجية)؛ وخاصة على المستوى (الاقتصاد)، ناهيك عن تحولات أخرى شملت مجالات (الزراعة) و(السياحة) و(الصحة)، بل إن اليوم تجري تحولات – على قدم وساق – وتزداد اتساعا وعمقا بسياسات المتعلقة بالقوانين (الهجرة) وإدارة (العلاقات الدولية) و(الاتفاقات الدولية) وفي (سياساتها الخارجية) .
واليوم يتم فعلا تعطيل الكثير من الاتفاقيات التجارية العالمية؛ وإيقاف العديد من الصناعات نظرا لأربك حركة التصنيع فيها؛ بعد إن أوقف سير العمل فيها ما أدى الأمر إلى إغلاق عديد من المصانع؛ ليتم إعادة ومراجعة كل الأمور المتعلقة بدور (المنظمات الدولية) – وفي مقدمتها (منظمة الصحة العالمية) – وإيقاف المساهمة فيها نظرا لتقصير التي أبدته إزاء جائحة (كورونا)، وكل هذا يحدث وخاصة في مؤسسات (الرأسمالية الأمريكية) بدواع (امن الاقتصاد)أولا.. و(سلامة المجتمع) ثانيا؛ وحمايته من التفكك.. ودفع عجلة الصناعة للمعاودة وممارسة دورها في تنشيط حركة الأسواق.. والمال.. والتجارة.. وتشغيل الأيدي العاملة؛ كما كان الأمر قبل جائحة (كورونا)؛ بعد إن ارتفعت نسبة البطالة بين أفراد المجتمع وحدوث قلاقل مجتمعية سببتها جائحة (كورونا) نتيجة الإغلاق ألقسري لكثير من المصانع.. والمعامل.. والمحلات التجارية.. والمطاعم.. والأماكن السياحية.. والسفر بين دول العالم، لتنغلق (أمريكا الرأسمالية) على نفسها وترفع شعار (أمريكا أولا.. وثانيا .. وثالثا)، ليعطي هذا الشعار الذي رفعته (أمريكا) زيف تشدقها بشعارات (العولمة).. و(الليبرالية).. و(النيوليبرالية)؛ التي ظلت منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية تسوق لها لتصدير نفسها بأنها راعية للحرية والديمقراطية في العالم، لتكشف بعد جائحة (كورونا) بما رفعته من شعار(أمريكا أولا)؛ زيف شعاراتها؛ وبكونها كانت ترفع هذه الشعارات من اجل تسويق صناعتها وإنتاجها وتنشيط تجارتها للهيمنة على الأسواق العالمة، ولتبقى كل دول العالم خاضعة لسيطرة أسواقها المالية.. والتجارية.. والصناعية.. ولتهيمن عملتها على برصه العالمية؛ وليتم عبر هذه الشعارات المزيفة استغلال العالم وعبوديته تحت هيمنتها (الرأسمالية) المتوحشة .
ليكون العالم بما سببته (الرأسمالية) المتوحشة التي قادتها (أمريكا) وحلفائها على مفترق طرق في (العلاقات الدولية) بعد تفشي وباء (كورونا)، ومع استمرار تفشيه؛ فان حكومات دول العالم اجمع سارعت في حماية المصانع والشركات والأُسر من مخاطر الإفلاس؛ في وقت الذي سعت إلى توفير مستلزمات خدمات الطوارئ وتعزيز قدرات المستشفيات واحتياجاتها العاجلة؛ إضافة إلى ذلك سعت الحكومات عبر المؤسسات المالية إلى تقديم مساعدة لتمويل الشركات القطاع الخاص والعام لتوفير السلع والخدمات لعموم أفراد الشعب؛ بل قامت بتقديم دعم نقدي للأسر لمساعدتهم في تمشية أمور المعيشية بعد إن أعلن حالة الطوارئ وحضر التجوال في اغلب مدن العالم؛ مما قطع مصدر تمويل (الأسر) بعد انقطاعهم عن العمل قسرا، وهذه الإجراءات التي اتخذت جاءت نتيجة للحد من تفاقم الأوضاع داخليا؛ ولكن في النتيجة أثقلت ميزانية الدول وفي مقدمتهم الدول (الرأسمالية) وأصبحت ميزانيتهم عاجزة من مواصلة هذا الدعم أو قدرتها على مواجهة الصدمات الاقتصادية وإمكانياتها في استدامة مسارات التنمية لإعادة دفع عجلة الاقتصاد وقدرتها على مواجهة الصدمات الداخلية والخارجية والتعافي من آثارها الذي سيحتاج إلى زمن ليس بالقصير طالما إننا لم نصل إلى علاج لهذا الفيروس القاتل الذي مازال إمام أي انفتاح لعودة الحياة إلى طبيعتها نفاجئ بتجدد تفشي الوباء في المجتمعات، ومع هذه الصدمات الموجعة التي تتلقها المجتمعات البشرية من تفشي الوباء والتي قلبت موازين الاستقرار وغيرت الكثير من القيم وبروتوكولات المتعارف عليها في (النظام الدولي) الذي لم يعر أي اهتمام في مجال الخدمات (الصحة) ومؤسساتها؛ وهو الجانب الذي اليوم غير كل معادلات وقيم الدول (الرأسمالية) التي ظلت تعمل – ليل نهار – في كيفية تطوير (الصناعة) و(الإنتاج) بكل الوسائل المشروعة والغير المشروعة والتي الكثير منها انتهكت حقوق الإنسان وبشكل سافر؛ والتي عكست سلبا على الأوضاع الدولية ونظامها وقلب كل المفاهيم الدولية رأسا على عقب؛ والذي لا محال سيترتب عنه من جديد إعادة تشكيل العالم بملامح جديدة .
للمزيد; انقر على الروابط ادناه