أشوريّو منطقة (وان – Van) أثناء حكم الأتراك العثمانيّين

Van – Wikipedia

أشوريّو منطقة وان
أثناء حكم الأتراك العثمانيّين
م.ي.ا . ليليان
ترجمه الاستاذ فرانسا بابيلا
ترجمه الى العربية وليم ميخايل
طبع بالجمعية الثّقافيّة للشباب الأشوريّ
طهران
1968

http://www.betnahrain.net

المقدّمة

أهدي هذا الكتاب إلى شعبي الحبيب، يتضمّن معلومات عن حياة وعادات الأشوريّين في منطقة وان، تركيا، قبل الحرب العالميّة الأولى. الكتاب يصف بالتّفصيل كيف مجتمعنا، متّحد تحت القيادة الأعلى، عاشوا ايامهم يحمون حرّيّتهم في جزء من أرض أجدادهم الخصبة، جبال هكاري

هذا الكتاب يكتسب قيمته الثمينة من كونه طُْبَع بالجمعيّة الجغرافيّة الملكيّة الرّوسيّة، مكتوب من قبل عالم روسيّ زار القرى الأشوريّة في هكاري في عام 1909.

ولكن ما حدث عندما جاء غرباء من بلدان بعيدة، يرتدون جلود الغنم لكن في داخلهم ذئاب مفترسة. وجاؤا الى قرانا يبشرونا بالمسيحية، نحن الذين كنا مسيحيين قبلهم بألف سنة. وسببوا خلافات دينية قسمت امتنا بعد ذلك وقادتها الى حالة محزن لنا. حيث شعبنا اليوم مشتت في جميع انحاء العالم.

نأمل بقراءة هذا الكتاب، ان شعبنا سيستيقظ ويتعلّم ما حدث لآبائه الذين سببوا له الوضع المحزن الحالي. سيجاهدون لأتخاذ الخطوات الضّروريّة نحو وحدة متماسكة وسوف سيجتمعون تحت قيادة واحدة. ونأمل في يوم ما سيكون لشعبنا مكان مناسب في هذا العالم للعيش كأنداد للدّول الأخرى.

أدناه قائمة بعدد الأشوريّين كما هو مقدّر من قبل إم . ليليان المؤلّف أثناء زيارته لقرى الأشوريّين في عام 1909. لا تتضمّن القائمة الأشوريّين في بيث نهرين (العراق). بترجمة مقال إم . ليليان حاولنا التّرجمة الحرفية من اللّغة الرّوسيّة، لكنّ هناك بعض الكلمات الّتي ليس لها شبيه في لغتنا والتي ورد ذكرها كما هي في الأصل. النادي الثّقافيّ للشباب الأشوريّ ممتنّ للقس ويليام يونان لمساعدته في التّرجمة، ونحن نأمل في طبع هذا الكتاب أن يكون إضافة إلى تطور لغتنا الأشوريّة.

الاستاذ فرنسو بابيلا

تقديم

حيث ليس هناك معلومات عن الأعمال العلميّة الرّوسيّة عن الأشوريّين المقيمين في تركيا، فرع الجمعيّة الجغرافيّة القوقازيّة للدولة الروسية رحّب بالاقتراح من قبل السّيّد ليليان لنشر بحثه عن الأشوريّين في منطقة وان التركية. من أجل هذا البحث، سافر السيّد ليليان إلى منطقة وان حيث يعيش الأشوريّون. إنّها أوّل مرّة يقدم معلومات عن تاريخ الماليك الأشوريين لمنطقة وان ويتعلم القارئ عن الظروف الاجتماعيّة والسياسية للأشوريّين وعن سلالتهم، الاشوريون هم مصدر قيّم يزيد معرفتنا عن القبائل الّتي تعيش في ذلك الجزء من تركيا، في منطقة القوقاز.

بحث السّيّد ليليان نُشِرَ أوّلاً في صحيفة أزجاجراكان هونداس، المجلد.24 الصّفحات 180-232. نُشرت التّرجمة إلى الرّوسيية من قبل السّيّد ليليان نفسه كإصدار جديد في المجلد 4، رقم 28 .

المحرّر، الجمعيّة الجغرافيّة للدولة الروسية، الفرع القوقازيّ.
الأرض

أغلبيّة أشوريّي منطقة وان تعيش في شمال غرب اقليم هكاري بطول نهر الزاب الكبير.

يعيش البعض منهم في بيت الشباب شامدينان، كاور، تيمار، ارشييواس. في تفصيل أكثر، قرى الأشوريّين مدونة في الفصل الطّوبوغرافيّ لمنطقة وان. هنا سنكتب عن تلك المنطقة حيث كان الأشوريّون قادرين أن يبقوا أحرارًا وكان لهذا أثر كبير على عاداتهم وأسلوب الحياة والأنشطة. منطقة الأشوريّين حيث كانت تقيم القبائل، القبائل هي تياري، باز، جيلو، ديز. إنّها منطقة جبليّة جدًّا. لهذه الجبال فروع مختلفة، ومدى الجبال معروف كجيلو الّذي يلتقي في نقطة معيّنة تشكّل وادي ضيّق وصغير يصّعب المرور خلاله.

الجبال هنا عارية وصخريّة. وفي أماكن كثيرة تكون عالية جدًّا. أعلى قمّة هي دوريتش بعلوّ 1300 قدم. في منطقة صغيرة، تُغَطَّى بعض الجبال بالأحراش الشّائكة، وفيها ينابيع صغيرة، تجري متّدفّقة من قاع الجبال لتصب في الزاب الكبير. ينساب نهر الزاب وسط سلسلة الجبال.

البلد فقير جدًّا بالزراعة حيث يكون معظمه صخريًّا. لكنّ القرى زُرِعَتْ بعناية فائقة. لا توجد أيّ بقعة أرض غير مزروعة.

الطّرق لا تربط القرى مباشرة. تمر الطّرق بين القرى بمحاذاة قاعدة الجبال. قد بنوا دكة او شرفة على منحدرات الجبال تقريبًا بعرض متر. كلّ الدك (جمع دكة – المترجم) تُغْرَس بالقمح. التّربة غير خصبة ويعتقدون أنّ زراعة التّبغ، الرز، الفول والقطن تقدم محصولا اكثر. هم يغرسون ايضا أشجار الفاكهة.

تُبْنَى البيوت على منحدرات الجبال، الواحد فوق الآخر. سقف البيت الاسفل يصبح ساحة للبيت الذي فوقه. أحيانًا، يكون الوادي ضيّقا جدًّا والبيوت لا تُبْنَى الواحد فوق الآخر لكنّ تمتدّ الى جانب بعضها البعض على شاطئ النّهر. على سبيل المثال، في قرية أشيتا 500 بيت تمتدّ حوالي 10 كيلومترات على شاطئ النّهر. أمام كلّ بيت هناك حديقة خضروات.

الخريف لطيف جدًّا هنا خصوصًا منتصف الخريف. الشّتاء بارد جدًّا. في مرّات كثيرة تهطل الثلوج بعلو متران تقريبًا. في قرى تخومي، تياري وباز تنحدر الأرض بدرجة 35-40، يتوقف السفر بين القرى لمدّة ثلاثة إلى أربعة أشهر بسبب الثّلوج. أثناء الأشهر بين كانون الاول (ديسمبر) الى مارس، تُسَدّ الطرق بالثّلج الى حد أنّ الجيران على بعد 100 إلى 150 قدم لا يمكن أن يزوروا بعضهم البعض. في وقت مبكر من نيسان (إبريل) تبدأ الأمطار ويلطف الجوّ أثناء ايار (مايو). يبدأ الصّيف من حزيران (يونيو). أثناء هذا الشّهر، الحشرات والحمّى تجعل الحياة صعبة جدًّا وغير مريحة. أثناء هذه الفترة، ينتقل النّاس الى الجبال للهروب من الحشرات والعيش في أكواخ الخوص.
الطّرق

يفهم الأشوريّون أن الحرّيّة الّتي يتمتّعون بها هي بسبب الافتقار للطّرق المناسبة المؤدية إلى قراهم. من الجدير بالذّكر أن الصّخرة الّتي تفصل قرى تياري وتخومي تُسَمَّى صخرة محصّلي الضّرائب. يقولون أنّ محصّل ضرائب تركيّ واحد فقط يمكن أن يأتي إلى تلك الصّخرة. لعبور الصّخرة على محصّل الضّرائب يجب أن يمر خلال طريق ضيق بعمق متر ونصف. عندما لا يتمكن محصّل الضّرائب عبور تلك الصّخرة، يصبح السّكّان على الجانب الآخر للصخرة احرار من دفع الضّرائب. ليس لدى الحكومة التّركيّة أيّ وسيلة لبناء الطّرق في هذه المنطقة الجبليّة، والأشوريّون لا رغبة لديهم لبناء الطّرق، هم يعتقدون أنّ الحكومة التّركيّة سترسل القوّات والضّبّاط الّذين سيبتزّون الضّرائب الثّقيلة وسيتدخّلون في حكمهم الذّاتي.

تتقاطع سلاسل الجبال لتشكّل هنا وهناك أودية صغيرة كثيرة. في كلّ وادي هناك قرية واحدة أو قريتان. للانتقال من قرية لأخرى، على الشخص أن يتسلّق جبل وينزل الجانب الآخر للوادي لزيارة قرية. معظم الجبال صخريّة والبعض بصخور كبيرة جدًّا. لا أحد ابدا حاول بناء الطّرق في هذه التّضاريس الجبليّة. الاراضي المزروعة غنيّة جدًّا. الطرق الضّيّقة تمر بطول القاعدة الصّخريّة للجبل القريب من شاطئ الأنهار المنسابة. في وادي نهر الزاب الكبير تبرز صخور تعلو في السماء. إذا سار رجل في طريق ضيّق ولم يكن متبها جدا يكون في خطر كبير، قد يسقط في النهر. الطّرق هنا صخريّة وملساء. قد صنع الأشوريّون لأنفسهم نوع من الاحذية يسمونها راشججي. وفي الشتاء يصنعون زحافات من اوراق نوع معين من الشجر تمكنهم من السير على ثلوج بسمك مترين.

البغال فقط يمكنها ان تعمل في هذه التّضاريس الجبليّة حيث يتعلم الحيوان الطّرق مبكّرًا منذ ولادته. كلّ سنة يحضرون بغال من الموصل أو يريفان ويدرّبوها على المشي في الطّرق الجبليّة. لا يستطيع الشخص الا الاعجّاب بمهارة هذه البغال حيث تمشي على هذه الطّرق الوعرة. الشّخص الذي يركب بغلاً يصاب بدوار. لا يمكن أن يركب الشخص بغلاً على هذه الطّرق لأكثر من مترين في السّاعة. لكنّ عندما يصل الشخص إلى أعلى الجبل ترى عيونه منظرًا جميلاً جدًّا للجبال وينسى الطّريق الوعر.

عدد الأشوريّين

ليس هناك سجلّ تعداد سكّانيّ رسميّ للسّكّان في تركيا. لذلك من الصعب معرفة عدد الأشوريّين بالضبط الذين يعيشون في منطقة وان. سكّان منطقة جولامارك قد أعدّوا إحصاءً للسكّان بعدد البيوت وليس بعدد الأفراد. انا ايضا قد اعتمدت على عدد الأشوريّين على تقارير “بيكين”. “ميوسكي” لكنّ أكثر على تقرير شيلكاوانيكو. (كتّاب روسي). تعيش أغلبيّة الأشوريّين في تركيا، إيران، روسيا و الهند، الصّين و أرمينيا . أعداد صّغيرة تُوجَد في البلاد الأخرى. فيما يلي عدد الأشوريّين :

تركيا الاسيوية 863,000

ايران 76,000

روسيا 2,000

الاحصاء حسب الكنائس:

النساطرة 135,000

الكاثوليك 23,000

اليعاقبة 15,000

اللبنانيون الكاثوليك (الموارنة) 525,000

الروس الكاثوليك 100,000

اللوثريون والبروتستانت 1,000

الارثوذكس 32,000

غالبية الاشوريين في مقاطعة وان هم من النساطرة

جولامرك، منطقة هكاري 41,000

كاور 15,000

البق 12,000

اورمار 7,000

شاتاح 2,000

خوشوب 2,000

المجموع 79,000

انا حسبت عدد الأشوريّين في جلامارك كادا (منطقة). كان هناك 4،855 بيت و41،000 شخص. هذا العدد هو 59 بالمئة من كلّ سكّان منطقة جلامارك، 37 بالمئة من منطقة هكاري و 17 بالمئة من منطقة وان. هناك حوالي 60،000 يعقوبيّ في الهند.

اللّغة الأشوريّة

يتحدّث الأشوريّون اللغة نيو-أسيرايان. إنّها لهجة من اللغة الأشوريّة القديمة. قد تغيرت بصورة كبيرة نحويًّا وتتضمّن كثير من الكلمات الفارسيّة والعربيّة. هذه اللّغة عضو الفصيلة اللّغويّة الآراميّة. لدى الفرع السّاميّ تشابه كبير مع اللّغة العبريّة القديمة. طقوس الكنيسة هي كلّها باللغة الأشوريّة القديمة. كلّ الكتب الدّينيّة باللّغة القديمة. لا يفهم النّاس اللّغة القديمة والقساوسة يُجْبَرُونَ أن يرشدوا المصلّين باللّغة المحكيّة أو نيو-أسيرايان .

يتحدّث الأشوريّون في مقاطعة هكاري لغة الأم ويفهمون بعضهم البعض. الكثير منهم أيضًا يتكلّم الكرديّة لكنّ القليل يعرف التّركيّة وهؤلاء هم الّذين يسافرون إلى جلامارك، باشقالا.

في تياري، تخوما وباز يعرفون اللغة الاشورية ومعظمهم لا تعرف الكرديّة أو التركيّة.

الألفباء الأشوريّة مكوّنة من 22 حرفا. أربعة من الحروف هي ساكنة الصوت والأشوريّون استخدموا الاشارات في العصور المبكّرة لتغيير صوت الحروف. كلّ الكتب مكتوبة باليد. بعض الكتب قد طُبِعَتْ في نيويورك وأورمي. في منطقة وان ليس هناك مطبعة أشوريّة. الأشوريّون في وان غير معتادون على الطّباعة مثل الأرمن في وان. الاشوريون نشروا جريدة في أورمي بمساعدة المبشرين وأنشئوا مطبعة كانت أيضًا تطبع الكتب ينسبة 1% فقط مما يقرأ ويكتب الأشوريّون. بين النّساء، سورما خانوم، أخت مار شمعون، تعلمت أن تقرأ وتكتب بمساعدة المبشرين الإنجليز. قد تلقّت التّعليم الجيّد وتتحدّث الإنجليزيّة. عملت كسكرتيرة لمار شمعون.

الماليك أمّيّون. حديثًا بدأ المبشرون بفتح المدارس للأشوريّين. من الجدير بالذّكر أن هؤلاء الّذين يستطيعون القراءة يُسَمَّوْنَ شاماشا (شمامسة). أي شخص يتمكن من القراءة يشارك في طقوس الكنيسة، والشماس محترم بدرجة كبيرة.

ماليك جيلو، الّذي كان يعرف القراءة والكتابة، شارك في صلوات المساء والصّباح كشاماشا. كتب لي شاماشا جبرايل لقب ماليك جيلو وعندما قرأته بدون ذكر شاماشا قال أننيّ ينبغي أن أذكر شاماشا لأنه ليس مثل باقي الماليك الاخرين، لأنه يستطيع أن يقرأ.

الفولكلور الأشوريّ تَأَثَّرَ كثيرًا بالأكراد. لديهم أغاني قليلة. لديهم عادة غناء الأغاني الكرديّة ورواية القصص الكرديّة.

الدّين

أغلبيّة أشوريّي وان اتباع الكنيسة القوميّة الّتي يسمّوها كنيسة المشرق. عدد صّغير من الكاثوليك والبروتستانت. الأجانب يسمون كنيسة المشّرق بالنسطورية. طبقًا لموروثهم فالأشوريّون تلقّوا المسيحيّة من تلاميذ بطرس الرسول، مار أداي ومار ماري. كان بطرس الرسول بطريركًا لأنطيوخ الّذي كان يبشر بالمسيحية في سوريا. كان مشهورًا جدًّا بين الأشوريّين لحد الآن وان بطاركتهم معروفون كمار شمعون وتعني القدّيس شمعون (أو بيتر). في القرن الخامس، تقبل الأشوريّون نسطورس بطريرك القسطنطينية ولهذا السّبب يُسَمَّوْنَهم نساطرة.

في هذه الكنيسة أيضًا كان هناك انشقّاق لاسباب لاهوتيّة بقيادة يعقوب البرادعي وبأسمه عُرفت الكنيسة باليعقوبيّة. قام بالتبشير في سوريا ولبنان بالتّوحيد (المونوفوزية). اتباعه معروفون باليعاقبة.

لمدّة أربعة قرون حاولت الكنيسة الكاثوليكيّة تحويل الأشوريّين إلى الكاثوليكيّة. في 1445 أنضم المارونيون إلى كنيسة الرّوم الكاثوليك وتقبلوا العقيدة الرّئيسيّة للكاثوليكيّة لكنهم احتفظوا بلغتهم الأشوريّة وطقوس كنيستهم. في 1636 أثناء عهد البابا كليمنت الثّاني عشر، تحولوا إلى كاثوليك لبنان. بهذا النّجاح بدأ الكاثوليك في العمل بين الأشوريّين في تركيا العثمانيّة وأثناء القرن السّادس عشر، عدد من النساطرة شكلوا كنيسة الكلدان الكاثوليكيّة. حتّى القرن 19 لم يتمكن الكاثوليك من تقسيم الكنيسة اليعقوبيّة. في السنة 30 من القرن التّاسع عشر تأسست الكنيسة الكاثوليكيّة لسوريا. في القرن 19 بدأ البروتستانت في الانتشار بين اليعاقبة والنساطرة. انضم بعض النساطرة في إيران إلى الكنيسة الأرثوذكسيّة . الجدير بالذكر ان الاشوريين من الطوائف الدينية المختلفة وبسبب تخلفهم الثقافي، غير متحدين كشعب واحد بل يكرهون بعضهم البعض، معتقدين ان الاخرين اجانب غرباء!

النظام الاجتماعيّ والسياسيّ

أشوريّو منطقة وان يُقَسَّمُونَ إلى فرعين رئيسيّين: قبائل و “رايت” (مواطنون تحت سلطة الدولة). تعيش القبائل في المنطقة الجبليّة هكاري لكنّ “رايت” في نفس المنطقة لكنّ في السّهول. دافعت القبائل الأشورية عن حريتها وقد احتفظوا بعاداتهم القوميّة القديمة وتقاليدهم، لكنّ “الرايت” فقدوا حرّيّتهم وظلمهم بكوات الكرد أو رؤساء العشائر وكانوا تحت سلطة الحكومة التّركيّة.

أشوريّو قبائل الجبل مُوَحَّدُونَ سياسيًّا ودينيا تحت إدارة مار شمعون الّذي هو تحت سلطة الحكومة التّركيّة. هذا المجتمع متّحد تحت الحكم الذّاتيّ. أشوريّو الجبال مقَسَّمُونَ إلى قبائل تُحْكَم من قبل الزّعماء القبليّين يسمّون مليك. القبائل مُقَسَّمْة أيضًا إلى عشائر مكوّنة من بعض العائلات. للعشيرة زعيم عادة يكون الأكثر ثقافة أو الاكير سنة. مركز الإدارة لكلّ القبائل الأشوريةّ في بلدة قوتشانيس. هو مقرّ الإدارة لقبائل تياري العليا والسفلى، تخوما، باز، جيلو وإيشتاز. حوالي خمسة بالمئة من السّكّان بالقرب من قوتشانيس هم أكراد. يتحدّث هؤلاء الأكراد الأشوريّة وهم تحت حكم الزعماء القبليّين الأشوريّين، الماليك.

لم يدافع أشوريّو الجبل عن أراضيهم فقط لكنّ أيضًا أحتفظوا بلغتهم وتقاليدهم وتراثهم. البطريرك مار شمعون، معروف كمار شمعون زعيمهم الدّينيّ والسّياسيّ يحكم في كلّ المسائل الدّينيّة، إدارة الكنيسة، يحلّ المشاكل، يعيّن وينصب الأساقفة، يقرر رتب الرّجال العاملين في شئون الكنيسة ويجمع الضّرائب للحكومة التّركيّة. البطريرك أيضًا ينظّم الدّفاع القومي ويقود معارك من أجل الدّفاع عن النّفس كأثناء عهد بدر خان بك، الزعيم القبليّ الكرديّ، قاد الأشوريّين، أعدّ للمعركة، تكلّم مع العدو لاقامة السّلام. يوافق البطريرك على انتخاب الزّعيم القبليّ، الماليك، ويمكن أن يسحب موافقته. هو أيضًا ينظر في حالات الأشخاص المتهمين بالقتل.

كان أول مار شمعون اسمه مار ماري. بعد هو جاء مار أبريس، أبراهيم، ياقو وآخرون بالانتخاب. فيما بعد كان منصب مار شمعون من عائلة موما حتى 1889. ثمّ اُنْتُخِبَ مار شمعون من عائلة هرمز الّتي كانت من عائلة موما. بعد 1889 عندما انتهت عائلة موما. البطاركة المار شمعونيون اُنْتُخِبَوا من عائلة شاهمر. طبقًا للتقاليد بعد موت البطريرك يتم انتخاب مار شمعون جديد من الأبناء الأكثر تأهّلاً لإخوة مار شمعون الّراحل.

السدة الأوّلى لمار شمعون تأسست في قطسيفون، شمال بغداد على شواطئ نهر دجلة. فيما بعد اُنْتُقِلت إلى القوش بالقرب من الموصل. في وسط القرن 17 اُنْتُقِلت إلى فوتشانيس.

يلي البطريرك هو المطران الّذي يعيش في دير بالقرب من نوتشييا في منطقة كاوار. المطارنة يُنْتَخَبون من عائلة مار خنانيشو ومن أبناء إخوة المطران. يتولّى المطران واجبات البطريرك عندما يكون مريضًا لفترة طويلة، أو بعيدًا في رحلة طويلة بعيدة عن المجتمع.

للمطران مسئوليّة كبيرة أثناء انتخاب البطريرك خاصّة أثناء التّنصيب. يضع البطريرك المنتخب على كرسيّ مار شمعون، يباركه عندما يسلّم إليه معاوني البطريرك، يبارك نيابة عن الكنيسة. بهذه الطّريقة يعمل المطران مثلما عمل يوحنا المعمدان إلى يسوع.

للمطران سلطة على الأساقفة، القساوسة والشّمامسة. هؤلاء الكهنة يُنْتَخَبُونَ أيضًا من العائلات وفي مرّات كثيرة يورِثون الكهنوتية. في كلّ تركيا هناك أربعة أساقفة أشوريّون فقط. لدى الأسقف سلطة على القساوسة الّذين يمكن أن يتزوّجوا. القساوسة يُنتخبُون بالمجتمع ويعيِنُوا من قبل الأسقف.

لإدارة ودعم القسس والكنيسة، الذّكور تتبرّع بقران واحد (عملة معدنيّة فارسيّة) والإناث نصف قران. يعطون أيضًا إلى القسس والكنيسة جزء من حصادهم. يُجْمَع المال كلّ سنة للقساوسة وإدارة الكنيسة.

أشوريّو الجبل مستقلّون ويُقَسَّمُونَ إلى قبائل تسمى أشيرت. هم تياري العليا، تياري السّفليّ، تخومي، طل، باز، جيلو، زاران، زيير و ديسين. لدى كلّ قبيلة مكان معيّن أو أرض. المنطقة تُسمى على اسم القبيلة ومكوّنة من عدد من القرى. لديهم جميعًا نصيب في الحقول. لكلّ قرية مكان ينتقلوت اليه شّتاءا. الغابة والحقول لا تُمْسَك بشكل مشترك. لكلّ شخص بقعة أرض للزراعة.

كل قبيلة تتمتع بالادارة الذاتية في كلّ الشّئون المحلّية. المسئول هو سركاردا، مليك (رئيس القبيلة). لكل قبيلة كنيستها وقساوستها. تعرف كلّ قبيلة قبر الرّئيس الرّاحل وتعتبره مكانًا مقدّسًا. للقبيلة مقابرها. أعضاء القبيلة الذين يموتون بعيدًا عن القرية يُُحْضِرُون ويُدُفِنُوا في مقابر القرية.

مليك كلّ قبيلة يُنْتَخَب من عائلة بارزة. لكنّ بصراحة هذه الانتخابات شكلية. عندما يموت مليك القبيلة يجتمعون وينتخبون مليك، عادة ابن أو أخ المليك الرّاحل. عندما يُنْتَخَب مالك، يُؤْخَذ مع هديّة إلى مار شمعون الّذي يعطيه روب مناسب لمنصب مليك. يدافع مليك عن استقرار وأمن القبيلة. هو المتطوّع البارز للدفاع عن قبيلته ضد أعمال العنف الني تقوم بها الفصائل الكردية. يقود رجاله لمهاجمة الأكراد. يجمع سنويّا تبرعات لمار شمعون وأيضًا يقوم بدوؤ القاضي في حل المشاكل الاجتماعيّة لكنّ في قضايا القتل يأخذ القضيّة إلى مار شمعون.

تُقسم القبائل إلى عشائر. تياري العليا مكوّنة من خمسة عشائر. هم بني ماتا، لاكينا، رومتا، قيلياتا وبيلاتا. تياري السّفليّ مكوّن من ستّة عشائر. هم بني ماتا، ليزين، أشيتا، سلاباج، بي رول، مينيانيش، زاويتا. القرى تُذْكَر على اسم العشيرة.

يعتبر كلّ أشوريي تياري أنفسهم أحفادًا من أبٍ واحد. لديه ملكيّة جزء من الأرض، يشارك من قبره في شئون المجتمع، المدارٍ بالتّنظيمات الاجتماعيّة أو من قبل رعاة الكنيسة تحت قيادة مليك. طبقًا لعادة، رئيس العشيرة يُنْتَخَب من عائلة مشهورة وعالية. الرئيس يُرْسَل من قبل مليك القبيلة لجمع الإيراد لمليك. ينتخب الرئيس المتطوّعين للفتال عندما يحصل هجوم ويخبر المليك. يعمل كقاضي أيضًا في القضايا الصّغيرة لكنّ القضايا الكبيرة تُحول إلى المليك.

العادات

قد ورث الأشوريّون روح الفنون الحربيّة من آبائهم. المنطقة الجبليّة من ناحية، وفي منطقتهم قبائل كرديّة عدائيّة مختلفة، أدى الى تحسّن هذه الرّوح الحربية. رغبة كلّ فتى أشوريّ هي أن يكون مقاتل جيّد. أفضل لعبة عنده هي القوس والسّهام الّتي بها يصطاد الطّيور. لدى كلّ طفل صغير خنجر منحني في ظهره انغرز في حزامه. أحدث موديل البنادق يمكن أن تُوجَد تقريبًا في كلّ بيت.

تقريبًا كلّ الأشوريّين أمّيّين خصوصًا قبيلة تخومي. ليس لديهم أيّ مدرسة. حديثًا قد فتح المبشرون الإنجليز بعض المدارس لكنّ حتّى الآن هذه المدارس لم تؤدي الى نتيجة. الماليك أيضًا أمّيون. بخلاف لغتهم لا يعرفون اللّغات الأخرى ليس حتّى التّركية. هناك قساوسة قليلون يفهمون الإنجيل الّذي يقرءوه.

روح الدين بين الاشوريين نشيطة جدًّا. بسبب دخول المبشرين، حديثًا الالتزام الديني قد تدهور. أصبح الدّين للبعض شيء للبيع أو الشراء. يتلقّى رجال كثيرون المال كهدايا ويتحوّلون إلى الكاثوليك. بعد توقّف المال يعودون ثانية إلى كنيستهم السّابقة أو يتبعون كنيسة أخرى. لشرح هذا السّلوك سأخبرك هذه القصّة.

مليك الجيلو مع حميه القس، دعاني لبيته. اخبرني القس بحزن أن الأسقف الكاثوليكيّ في وان، عندما جاء إلى جيلو، حُول 40 شابًّا إلى الكثلكة و وسم 40 رجلاً كقسس. قرر الأسقف علاوةً شهريّةً عشرة ماناتي (المال) لنشر الكاثوليكيّة. هذا خلق إزعاجًا كبيرًا بين العائلات. طرد آباء كثيرون أبناءهم الّذين تحوّلوا إلى الكاثوليكية من اجل المال. فيما بعد، هؤلاء القسس لم يتلقّوا المال الموعود إليهم لأنهم عادوا ثانية إلى الكنيسة النسطورية والبعض الآخر أصبحوا بروتستانت. الأسقف الكاثوليكيّ الّذي بدا مثقفا جدًا وتحدّث اللّغة الفرنسيّة بطّلاقة، كان سعيدًا جدا أن الكاثوليكيّة تنتشر بين الأشوريّين.

كمثال أشار إلى مليك جيلو وحميه، شخصان كانا مرحبا بهما إلى الكاثوليكيّة. سألت، وانا مندهش، لماذا أصبحوا كاثوليك. أجابوا أنّهم محتارين. المليك الراحل وحماه جاءا إليّ وأخبراني أنهم كانا يتظاهران بكونهم كاثوليكًا وإذا لم يتلقوا المال الموعود فريبا، سيعودون إلى الكنيسة النسطورية. أضافوا أنهم كانوا بحاجة للمال. لا يمكن أن تغذّينا الكنيسة الخبز أضافوا.

قصّة أخرى، مألوف في قرية جيلو هذا السّلوك الدّيني. يتجوّل عدد قليل من أشوريّي جيلو الماهرين في روسيا والبعض في البلاد الأوربّيّة يتظاهرون بكونهم أعضاء إخوية القدس أو أخوّية أخرى. يجمعون المال لأنفسهم. يتحدّث هؤلاء الأشوريّون لغات كثيرة. قد قابلت أحدهم الّذي تكلّم فرنسيّ، إيطاليّ وأسبانيّ بطلاقة. قد قضوا وقتا طويلا في هذه البلاد كأعضاء أخوّة كاثوليك القدس. في قرية مار ساوا، عندما اسنضافني قس القرية بارك وجبة الطعام باللّغة الرّوسيّة وأخبرني أنه سافر الى روسيا لفترة طويلة كعضو جمعيّة القدس.

الصّناعة

أشوريّو جلامارج مشغولون بشكل رئيسيّ يعملون في المزارع والبساتين. يخمّرون الخمر، يجمعون العسل ويربّون المواشي. من الأشجار الشّجرة الرّئيسيّة هي الجوز. الأشجار الأخرى هي تفّاحة، التّوت، الخوخ، الكمّثرى والرّمّان. صنع الخمر ليس كثيرًا. ما خُمِّرَ أُرْسِلَ. بعض الخمر يستهلكونه بانفسهم. العسل حلو جدًّا ونقيّ، بخاصّة عسل قوتشانيس.

التّكاثر والاحتفاظ بالغنم هو الصّناعة الرّئيسيّة. يربّون جديانًا قليلةً. سترى اثنان أو ثلاثة ثيرانًا. ليس هناك أحصنة والحمير قليلة. البغال كثيرة لأنّ هذه الحيوانات مناسبة للتّضاريس الجبليّة. لا يحتفظون بالدّجاج لأنّ الدّجاج يدمّر حدائق الخضر المغروسة قرب بيوتهم. يزرعون بشكل رئيسي الحبوب، التّبغ، الأرز، القنّب وبعض القمح، الدخن، البطاطس. التّربة خصبة والمحصول عالي جدًّا.

قبل أن يبدأ الشّتاء كلّ عمل الحقل يكون قد اُكمل، يذهب الرّجال إلى الموصل، حلب أو روسيا لكسب بعض المال. في بداية نيسان يعودون إلى بيوتهم لبدء العمل في مزارعهم. في الموصل يصنعون سلات من شجرة الصّفصاف الّتي تنمو في أرضهم. هم أيضًا ينقلون البضائع بعربات يفودها الحصان. وظيفة الأشوريّين الرّئيسيّة في كاور هي زراعة القمح والقنّب.

العائلة الأشوريّة

البيوت الأشوريّة حجرة واحدة وآخرى أكبر منها فوقها. الدّور الأوّل مستخدم للعيش في الشّتاء والعلويّ للصّيف. جدران الدور الاول تُلْصَق بالطّين. هي قوية ويمكن أن تبقى نظيفة. في أحد الجدران بنوا موقد فخّاريّ وفي وسط الجدار مدفأة.

باب الحجرة العلويّة يُغْلَق في الشّتاء بفروع الأشجار المحاكة. في مقدمة الحجرة أو في ركن هناك فرن فخّاريّ صغير (تنور) يبدو مثل الأفران الأرمينيّة لكنّ الاختلاف هو أنّ الفرن لا يُدْفَن في الأرض لكنّ يقف على الأرض عن نصف متر من فتحة الفرن. للفرن فتحة حوالي عشرة سنتيمترات. في هذا الفرن الخبز الّذي يخبزونه من الذّرة أو دقيق القمح. هم أيضًا يطبخون وجباتهم على هذا الفرن.

بيوت الماليك غير مختلفة باستثناء الدّور الأوّل الّذي بنوه في بعض البيوت أرضيّة أخرى الّتي منها يمكن أن يطلقوا مسدّساتهم ضدّ الأعداء من أرض أعلى. لدى هذه البيوت بعض النّوافذ والفتحات الصّغيرة الّتي منها يمكن أن يدافع المليك عن نفسه ضد العدوّ. لدى الماليك بيوت أخرى الى جانب بيتهم الرّئيسيّ أو أمام البيت.

بيت مار شمعون في قوتشانيس شبيه بالبيوت الأخرى. إنّه بسيط في الجمال ومعماريًّا. لديه حجرة وقبل هذه الحجرة هناك صالة كبيرة وستّة حجرات صغيرة. الحجرة الأولى تُزَيَّن بقرون غزال الجبل التي اصطادها مار شمعون نفسه. الصيد عند الأشوريّين هنا رياضة. الصالة تُقَسَّم إلى جزأين. في جزء واحد هناك أريكة في وسط الصّالون. الأريكة تُغَطَّى بالسّجّاد. مار شمعون، كما فعل بطاركة سابقون آخرون يجلس على الأريكة. يركع الرّجال الّذين يقابلهم أمامه.

في بيوت القرية ليس هناك كراسيّ وموائد. الكلّ يجلس على ركبهم امام النار. عندما يصل ضيف يضعون سجّادةً تحته. العشاء يُقَدَّم إلى الضّيف في طبق نحاس أو في طبق فخّاريّ آخر وأحيانًا على جلد جدي. جدير بالذكر ان الأشوريّين لا يلقون فتات الخبز مثل الأرمن حتّى قد لا تغادر النّعمة البيت. الطّعام يُجْلَب في صينية فخّاريّة كبيرة. ليس هناك ملاعق والكلّ يأكل بأيديهم.

ليس هناك صور في أيّ بيت. هناك صليب خشبيّ على عمود الغرفة الأوّلى. في الصّباح والمساء يقف الأعضاء المسنّون للعائلة امام الصّليب ويصلّون.

ليس هناك بيت لا تجد فيه بندقيّةً حديثة، الخناجر وأحزمة تتدلّى من الأعمدة الخشبيّة أو الجدران. في الصّيف يبنون أكواخ من فروع الأشجار. هذه الأكواخ وُضِعَتْ أو دُعِمَتْ على جذوع الأشجار. في الصّيف للهروب من الحشرات ينامون في هذه الأكواخ. هذه الأكواخ تُبْنَى قرب القرية أو قرب الجداول.

لمحراب الكنائس الأشوريّة فناء وباب إلى الكنيسة. في الدّاخل، مواجها الشرق هو المعبد (الهيكل) الّذي يُفْصَل بستار. على يمين المحراب حوض كبير للتّعميد. ليس هناك صور أو تماثيل. في فناء الكنيسة دُفِنَ أشوريّون من مشاهير القرية. للكنيسة باب واحد ينفتح في الفناء ودائمًا يواجه الشمال. الباب صغير. ليس للكنيسة أيّ نافذة. الكنيسة ضيّقة وصغيرة وغامقة بالدّاخل. سقف الكنيسة، كالبيوت، مستوي ولصق بالطّين. ليس عليه أيّ علامة للصّليب. سبب باب الكنيسة صغير وضيق حتّى لا يتمكن الأتراك والأكراد أن يمرّوا بالمواشي فيه. مرّات كثيرة سترى كنائس صّغيرة بجانب الكنيسة الرّئيسيّة. أثناء الصّيف يصلّون صباحا ومساءا في هذه الكنائس الصغيرة ولا يقدمون خدمات دينية. هناك اجراس في كل مكان. يُعلق الجرس على ساق شجرة ملتصقة بحائط الكنيسة. لا كنيسة تحوي برج للجرس.

من الجدير بالذّكر أن كلّ جدران الكنيسة تُمْلأ بملابس الرّجال والنّساء. إذا كان الشّخص مريضًا هو أو هي يذهبون إلى الكنيسة، هم يصلون ويتركون ملابسهم في الكنيسة. هم يؤمنون بترك قماشهم أنّ المرض سيتركهم. قد تكون هذه العادة قد بدأت حديثًا ويعملها أيضًا الأرمن. يقطع الأرمن قطعة من ملابسهم، يربطوها إلى شجرة مقدّسة أو على صليب معمول من الصخر في أماكن العبادة بأمل علاجهم من أيّ مرض.

ستكون مندهشا لرؤية جرس صغير أمام الكنيسة. هؤلاء الّذين يجيئون إلى الكنيسة يرنّون الجرس ويدخلون الكنيسة. البوذيّون أيضًا يعملون هذا حتّى يجذبون انتباه اللّه.

الملابس

طراز الثّياب الأشوريّة مختلف من الأرمنية والكردية. يتضمّن قماشهم قميصًا مطرّزًا، و روب يلبس على القميص، وصدرية. فقط الصدريات مختلفة عن الصدريات الأرمينيّة. الصدريات الأشوريّة شبيهة جدًّا لكازاخيين لكنّ بدون أكمام ومصنوعة من لباد الصّوف. خلفية وواجهة الصدرية يطرزها الرّجال الأغنياء بالخيط الذّهبيّ. تغطّي الصدرية الظّهر والجوانب لكنّ مفتوحة من الأمام لإظهار القميص. الصدرية ملبوسة أيضًا من قبل الأرمن والأكراد في منطقة هكاري فقط . الرّوب الخارجيّ يُصنع من القماش ويغطّي الجوانب وله أكمام طويلة. الصّدر يُزَرَّر بأسلاك خيطية (اوتار خيطية) أو أزرار. أحيانًا واجهة الصدرية مفتوحة حوالي ثلاثة بوصات حتّى يمكن أن يُرَى القميص المطرّز.

قبّعات أشوريّي هكاري بيضاء مخروطيّة، مصنوعة من اللبّاد. تبدوا شبيه بالقبعات المنقوشة على تماثيل الرّجال الحبليين الأشوريّين القدماء ويعتبر ذلك دليل على التشابه مع الأشوريّين الأصليّين.

أغلبيّة الأشوريّين، الصّغار والمسنّون، يرتدون خنجر منحني ملتصق خلفهم في حزامهم. كلّ الأشوريّين الّذين يعيشون في المناطق الجبليّة يلبسون نوعا من الأحذية على جواربهم. هذه الأحذية مصنوعة من الصّوف وطريّة، لا تؤذي الأقدام وغير ملساء عند تسلّق الجبال.

لا يقصّ الرّجال شعرهم ويقسّمونه إلى اثنان أو ثلاثة ضفائر تتدلى خلف اعناقهم. القساوسة والرّجال المسنّون لا يحلقون لحيتهم. أثناء الإجازات يزيّنون شعرهم بالرّيش الملوّن والزّهور. تعمل النّساء نفس الشيء ويضعن عود الريش والورد على مناديل رأسهن. تلبس النّساء قمصان شبيهة بالقمصان الملبوسة من قبل النّساء الأرمينيّات. على القميص يلبسون روبًا مطرّزًا بالخيط الذّهبيّ في اهدابه. القميص هو من الملابس الدّاخليّة مثل روب شرف أو كهديّة. يغطّي الجوانب بإحكام ويُقَسَّم من الظّهر إلى أسفل. ذيل القميص يُطَرَّز بخيط أحمر وأخضر. الرّوب يصل ويغطّي الأقدام. أكمامه طويلة أيضًا وتغطّي الأذرع. الأكمام قرب الأيدي مقسّمة وتُطَرَّز بالخيط الأخضر والأحمر. الروب بلا ازرار. جوانب الرداء مسحوبة بخيط لكن تظل مفتوحة الصدر. وتُصنع الجيوب على جوانب الرداء. والرداء مصنوع من القماش الحرير أو القطن.

القمصان المطرّزة تُلبس اثنان أو ثلاثة على بعضها البعض وفي الأيّام المقدّسة أربعة أو خمسة. بهذه الطّريقة الذيول المطرّزة يمكن أن تُرَى ككلّ قميص أقصر من الآخر. القمصان متعدّدة الألوان. اللون المفضّل هو الاحمر. تلبس النّساء الفقيرات الصدريات الشّبيهة بالصدريات الملبوسة من قبل الرّجال. تلبس النّساء قبعات فوق رئوسهن، القبّعة تركية الأسلوب والقبّعة تُُلَفّ بقماش رقيق يبدو مثل الشّاش. قصاصة القماش أو الشّريط تُلُوِن وتُطُّرِز. جبينهم يُزَيَّن بالعملات المعدنيّة الذّهبيّة. البنات المثقّفات اللاتي درسن في قوتشانس يلبسن الطّربوش فقط. تضفّر البنات والنّساء شعرهن الّذي يتدلي خلف رئوسهن. نساء وبنات قوتشانيس لا يلبسن الثياب ذات الطراز الأصيل لكنّ موضة تُدعى ديرا، ثوب يُلبس في الأديرة. ويضعن على رأسهن الطربوش التركي.

مار شمعون، القساوسة ورجال الدّين الآخرون يلبسون نفس الطراز من الملابس مثل الرّجال العاديّين. أحيانًا الأساقفة ومار شمعون يلبسون روبًا طويلاً في الكنيسة. هذا الرّوب يُلْبَس فقط أثناء الشّعائر الدّينيّة. القساوسة والشّمامسة الّذين يجرون الشّعائر الدّينيّة يلبسون هذا الرّوب الّذي يصل إلى أقدامهم. يلبس الشّمامسة الرّوب الأبيض الّذي يصل إلى أقدامهم ويربطون حولهم قطعة قماش أحمر مثل حزام.

أثناء أيّام إقامتي هنا قدّمت روب لمار شمعون مُطُّرز بالخيوط الذّهبيّة ويصل إلى أقدامه. عندما كنت في الدّير شكا لي المطران من الرّوب الجديد وكان هو يعتقد ان البطريرك مار شمعون وكلّ القساوسة ينبغي أن يلبسوا نفس طراز الملابس.

الزّواج

يتزوّج الشّباب الأشوريّون بين عمر 15 و 20 والبنات في سنّ 12 و 14 طبقًا لقانون الكنيسة يجب أن يكون الزّواج بين الاثنان من أربعة عائلات بعيدة ومن القرابة بينها سبعة اجيال. يتزوّج الأشوريّون من القوميات الأخرى المسيحية لكن ليس من المسلمين. لا يجبرون البنت التي تتزوج أشوريًّا أن يصبح نسطوريا وهم يعتقدون أنّ الكنيسة الأرمينيّة هي الأقرب إلى كنيستهم. لكنّ إذا تزوّجوا بنتًا كاثوليكيّةً أو بروتستانتيّةً، تطلب الكميسة منها أن تكون نسطورية.

خاتم الزّواج يُبَارَك من قبل قس من المهد مثل العادة الأرمينيّة. الأطفال متى يولدون يُوعَدون إلى بعضهم البعض ويُعطون خاتم من القس مع وعد بانهم سيتزوّجون عندما يبلغون. نادرًا ما ينكثون الوعد.

الطّلاق

الطّلاق نادر وفقط عندما يُثْبِتَتْ ان الزّوجة خائنةً. لدى مار شمعون سلطة لمنح الطّلاق. إذا كانت الزّوجة عاقرا والرّجل على علاقة بامرأة أخرى، المجتمع لا يعتبر هذا العمل يجب أن يُحْكَم . لكنّ، الكنيسة تعترض على هذا السّلوك ولا تعطي القربان المقدس للرّجل والمرأة وعندما يموتون لا تقدم الكنيسة لهم خدمة الدفن الدينية. الأطفال المواليد خارج نطاق الزواج يعمِّدُوا.

العروسة

الولد أو البنت لا يُسْأَلانِ إذا كانوا يرغبون في الزواج. لكن الوالدان يقرران. إذا رفضت بنت، هي تفرّ للزّواج مع عشيقها وتهرب بعيدًا. يسعى الآباء إلى الزّوج والزوجة وإذا وجدوهم يقتِلُوهم. إذا لم يجدوهم يعتبرونهم منبوذين وتُقطع كلّ العلاقات معهم. لكنّ، بعد فترة يعودون إلى قريتهم ويتصالحون مع عائلاتهم لكنّ البنت لا ترث من والديها.

مقابلة العروسة

تتمتّع البنات الأشوريّات بالحرّيّة الكاملة، يقابلون الأولاد وعائلاتهم، عند العمل في الحقول أو في الجبال. لكنّ إذا أراد ولد رؤية عروسة لنفسه، المرأة الخاطبة تذهب إلى بيت الفتاة وتتفحصها بدقة أمام عائلتها. تعرف العائلة لماذا جاءت وتتظاهر بأنها لا تعرف. إذا كانت الخاطبة مسرورةً من البنت تتبنّاها بشكل غير رسميّ كزوجة الابن. إذا لم تكون، تغادر فقط . من ناحية أخرى إذا وافقت العائلة على إعطاء ابنتهم للولد يعاملون الخاطية بالاحترام لكنّ إذا لم يوافقوا ينظرون بجفاء اليها.

مباركة الخاتم

بعد أن توافق العروسة على زواج الولد، عائلة الولد ترسل رجلاً لسؤال العائلة إذا كانت توافق على إعطاء ابنتها للزّواج من ابنهم رسميا. إذا كانت الإجابة نعم، يقومون بدعوة قسا، اشبينا وبعض أقارب من الدّرجة الأولى ويذهبون الى بيت عائلة الفتاة ويطلبون رسميًّا يد ابنتهم لابنهم. القس يكون قد سأل الولد إذا كان راغبًا أن يطلبوا يد الفتاة لتكون زوجته. إذا أشار إلى استعداده، الأب والأقارب، لكنّ ليس الفتى، يذهبون إلى بيت الفتاة. معظم الوقت عائلة الولد ترسل الخمر المعتق، اللّحم وأنواع الطّعام الأخرى إلى عائلة الفتاة لتُعَدّ لعشاء الضّيوف المتوقّعين.

بعد أن يأكلوا يتجه القس نحو أبٍ البنت يشكره على المساء اللّطيف ويسأل، “لماذا لا تسألنا لماذا جئنا؟” يجيب الأب قائلا أنّه يرحب بهم جميعا. “نحن جيران وأصدقاء. ينبغي أن نزور بعضنا البعض دائمًا”. يقول متظاهرا أنه لا يعرف شيئا عن غرض زيارتهم.

القس يقول أنهم قد جاءوا لطلب يد ابنته لابنهم. يجيب الأبٌ أنه لا يقرر للبنت لكنّ أمّها.”فهي التي ربتها. اسألها”، عندما يسألون الأمّ الّتي تقولها، انا لا أفرر للبنات لكنّ أخو زوجها .هو أيضًا يمرّها إلى قريب آخر وآخر، أخيرًا يعودون إلى الأب. يقولون أن أباها لم يقرر بعد إعطاءها أو لا. قد جئنا هنا للأكل والشّرب وقضاء وقتًا ممتعًا. يعرف إلى من يتمنّى إعطاء ابنته، الأقارب يقولون .

يعبّر الأبٌ عن موافقته للقس. طبقًا لقانون الكنيسة ينادي القس البنت ويسألها إذا كانت توافق على زواج الشاب. إذا قالت نعم، يبارك القس الخاتم أو يعطيها هديّة أخرى.

المهر

أيّام قليلة أو أسابيع بعد مباركة الخاتم، أب العريس مع بعض الأقارب يذهبون إلى بيت العروسة حيث بالفعل قد تجمّع بعض من أقاربها. بعد الغداء أب الشاب وأب البنت يبدءان في التّكلّم عن المهر. تستمرّ هذه المحادثة وقتا طويلا الّذي فيه يشارك أقارب كلا الجانبين . أخيرًا يقرِرون أن أب الفتى ينبغي أن يعطي كمهر ثلاثة أغنام، ثور واحد، ليرة ذهبيّة وأشياء أخرى، و250 قرشًا إلى الأمّ كدفعة للحليب الذي غذّت ابنتها.

العرس

من يوم خطبة الفتاة حتى يوم الزّفاف، ليس للعريس أيّ حقّ لزيارة العروس. فقط يمكن أن يراها سرًّا. أثناء الأيّام المقدّسة عائلة الشاب ترسل الهدايا المختلفة، غالبًا الطّعام، الزّينة والثّياب للعروس. أيّام قليلة قبل العرس عائلة العريس تأخذ المهر المتّفق عليه إلى عائلة العروس.

العريس والعروس يُؤْخَذَانِ من قبل أصدقائهم إلى الحمّام يتقدمهم الموسيقيّون، زورنا، دولا، موسيقى المزمار والطّبلة. قبل أن يدخل العريس الحمّام يقوم الحلاق بقص شعره ويحلق لحيته. الحلّاق لا يقبض كما يعمل الأرمن. ثمّ هم يختارون الّذي سيقود الحفلات الرّاقصة للعرس. كلّ رجل مدعوّ إلى العرس يحضر هديّةً. ذلك الّذي هديّته هي الأكبر يُعْطِيَ الحقّ لقيادة حفلة الرّقص. الهدايا المحضّرة من قبل الضّيوف تُعْطَى إلى زعيم الحفل الرّاقص الّذي تباعًا، من وقت إلى آخر، بينما الحضور يرقصون، يعطي هديّة لكل شخص أحضر هديّة للعروس والعريس. الهدايا عادة هي دجاج، غنم، قمح، إلخ

مثل الأرمن والأكراد، يقدم الأشوريّون الهدايا في مناسبات أخرى مثلا عندما يسافر أحدهم بعيدًا عن القرية. الهدايا عادة هي القمح، الغنم، الثّيران وهم يتوقّعون أن تُُسَدَّد

أقارب وأصدقاء العروس لليوم التّالي يتجمّعون في بيت أبيها. عائلة وأصدقاء العريس مصحوبة بالموسيقى، زورنا و دولا، تحمل الثّياب المعدّة من قبل عائلة العريس لمراسم الزّواج. يلبسها أصدقاء العروس بصحبة الموسيقى والأغاني. أحد أقارب العريس يعطي هديّة للعروس يلفّه حولها. ثمّ يُكشف وجه العروس وتُؤْخَذ إلى الكنيسة. يبارك القس المنديل ويضعه على رئيسها يغطّي وجهها.

أصدقاء العريس مصحوبون بالموسيقى وإطلاق مسدّسات، يأخذونه إلى الكنيسة. يتركونه مع الاشبين ويتبعون مجموعة العروس. زوجة الاشبين تأخذ السّاعد الأيمن للعروس وأخوات العريس يدها اليسرى. يمشون معها ثلاثة مرّات حول نار ويقفون بها إلى يمين العريس. يقف الاشبين الى جانبه الأيسر. بعد نهاية الرقص تقف العروس الى يسار العريس لأنّ اللّه عمل المرأةً من الضّلع الأيسر لآدم لتكون زوجته. يبارك القس التّاج (كليلا) ويضعه على رأس العروس. يربطهم على هيئة صليب بمعنى أنّ العريس وعروسته رُبِطا بإحكام. يأخذ القس الشّريط الّذي ربطهم والصّليب، يغمسهم ثانية في اناء مملؤ بالخمر ويقدمهما الى العريس والعروس. يأخذ الصليب من الاناء ويعطيه للعريس ويضع الخاتم في الاصبع الصغير من اليد اليمنى.

بعد مراسم الزواج. يغادر الزوج والزوجه الكنيسة. يرشونهم بالزبيب، وبالقطع المعدنية الصغيرة، اطلاق النار من البنادق والغناء والرقص. ثم يتجهون الى بيت العريس. عندما يمر العريس والعروس امام احد منازل الاقارب، يرشونهم من السقف بالزبيب والجوز. عندما يدخلان المنزل يقدمون لهم القهوه او عصير الفواكه.

يحمل الاشبين جوملانا. وهي عصي على شكل صليب. عليها فواكه وتفاح.

عندما يصلون إلى باب البيت، يبدأ العريس بالرقص. هو والاشبين يطلعان على السقف يتبعهم الأصدقاء. العريس مسلّح. عندما تصل العروس إلى الباب تتوقف وكأنها لا تريد دخول البيت، يأخذ العريس تفاحة من الجملانا ويلقيها من السّقف للعروسة. في هذا الوقت تخرج أمّ العريس من البيت وتقدم هديّة للعروس. تقبّلها وتقودها في البيت. بينما يلقي العريس التّفّاح يحاول الشباب إمساكها كأن التفاح بُورِكَ واُعْتُبِرَ مقدّسا.

يأتون طبقًا مملوءًا بالزّيت. تغمس العروسة إصبعها في الزّيت وتمسح الزّيت على باب البيت. هذه إشارة الى أن دّخول البيت قد يجلب البركة.

بينما يدخلون بيت العروسة تجلس على كرسي ويُحضر طفل ويُوُضِعَ في حضنها. هذا يعني التمني أن الطّفل الأوّل يكون ولد.

الغناء والرّقص يستمر لثلاثة أيّام. تقريبًا كلّ الضّيوف يحضرون الطّعام في الصّباح والمساء والكلّ يأكل معًا.

العريس واصدقاؤه يبدأون بالقاء النكات لترفيه الضيوف. رجل يقود فتى الى الملك (العريس) ويتهمه بالسرقه. الملك يعاقب اللص بفرض غرامه عليه توضع على الطاوله امام العريس. الغرامه يجوز ان تكون نبيذ أو دجاج أو غذاء.

في اليوم الاخير من الحفلة، احيانا فى اليوم الرابع او حتى في اليوم السابع، يقدم الضيوف الى بيت العريس نوع من المعجنات يسمى “كادي” مصنوع خصيصا بيد الاشوريين. توضع الكادي فوق بعضها على طبق كبير وتُشعل حولها الشموع. شاب يأخذ الطبق ويذهب الى والد العروس ويقدم الكادي له. في اليوم الاخير تُقدم وجبة غداء خاص جيدة جدا ويوزع الكادي على الضيوف.

بعد ان يأكلون جوملانا تُُطرح في المزاد. الاشبين او رجل آخر يعلن ان ‘الملك’ تم اسقاطه من العرش لذا حديقته (جوملانا) تباع. من يريد الشراء يمكنه ذلك. تبدأ العروض. رجل يعرض مجيد واحد (ايراني)، وآخر اثنان. تستمر العروض وتُباع اخيرا لمن يدفع أعلى سعر. المال والهدايا تُقدم إلى العريس. الرجل الذي يحصل على جوملانا ينتفي كل التفاح ويعطيها للضيوف. بيع الجوملانا والهدايا أحيانا تغطي كل نفقات الزواج.

في يوم بيع الجوملانا يدخل العريس والعروس غرفة النوم. بعض النساء تجلس في غرفة الجلوس تاكل وتشرب. تنتظر لمعرفة ما اذا كانت العروس عذراء.

الحياة العائليه

الاسرة في تياري وتخومي مؤلفة من اربعين عضوا : الاباء والامهات والابناء وزوجاتهم وأولادهم وأحفادهم. تنظيم هذه الأسرة الكبيرة يبدو مماثلا لذلك في الارمن. رب الاسرة هو الأب الأكبر. وهو الذي يقرر توزيع هدايا العروس عندما تصل الى منزل الاسرة. عند وفاة الاب فأن شقيقه الاصغر او ابنه البكر يأخذ مكانه على رأس الأسرة.

ادارة الحياة في المنزل هي من مسؤولية زوجه رب الاسرة. هي المسئوله عن كل شيء في المنزل. وتُقسم العمل على بناتها وكناتها. الكنات مثل الارمن ليس لهن حق التحدث الى الحمو، الحماة او اخو الزوج. النساء لا تأكل مع الرجال بل لوحدهن عندما يفرغ الرجال عن الطعام.

المرأة الاشورية صاحبة اخلاق عالية جدا وعملت على ابقاء اسرتها ممتازة. عندما يكون الزوج خارج القرية تقوم الزوجه بكل اعمال البيت والحقل. وهي تجلب على ظهرها الحشيش من الحقول والحطب والماء من الينابيع. كذلك تقوم بالطبخ وتخبز. زوجات رؤساء القبائل (الماليك) تفعل نفس الشئ.

تعليم الاطفال هو القتال فقط عندما يبلغون 9 أو 10 أعوام. يُعطون القوس والسهام ويُرسلون الى صيد الطيور. عندما يبلغ الولد يُمنح الخنجر الذي يبقى معه دائما.

لا يوجد آشوري دون مسدس. عندما ينمون ويصبحون فتيانا يذهبون الى الكنيسة مع البندقيه على الكتف والتي تبين مهارتهم في الرمايه. لا يوجد في منطقة جولامارج ركوب الخيل، أولا لأنه ليس هناك خيل وثانيا لا توجد طرق. البغال هي الحيوانات الوحيدة المستخدمة لنقل الاحمال.

الولادة والتعميد

النساء الحوامل يقدمن النذر (وعد) اذا ولدت صبيا سينذرونه لخدمة الكنيسة. لكن اذا كانت لها ابنة فأنها ستتبرع بمبالغ مالية او عينية للكنيسة كهدية. عندما يولد الطفل يُغسل فورا في ماء البارد مرشوش بالملح ويُلف بقطعة قماش. هم تعلموا ما كتبه النبي حزقيال : “في اليوم الذي وُلدت فيه لم ينقطع تعاقبكم الديني، انت لم تُغسلي بالماء ولم تكوني ملفوفه في ملابس.”

الابن يجلب السعاده للعائلة اكثر من البنت. مثل الارمن عندما يولد طفل يذهب الأولاد بسرعة الى اقارب الطفل المولود حديثا، لبباركوه ويقدموا هداياهم.

العماد

طبقا للعرف يُعمد الطفل في اليوم السابع من ولادته. يوم واحد قبل التعميد، يُبلغ العراب وفي الصباح يذهب إلى والدة الطفل ومعه خروف إذا كان غنيا. يأخذ الطفل ويعطيه لزوجته ومعا يذهبان الى الكنيسة. اذا كان العراب جيدا يحسن القيام بعمله فأنه يطلب من القس اجراء الطقوس الدينية وقسا آخر لتعميد الطفل. بعد التعميد، العراب والاشبينة، بدون الكاهن يأخذون الطفل يشعلون الشموع ويسلمونه الى والدته. تأخذ الطفل وتضعه الى جانبها او في المهد. لاحقا، يُقدم طعام العشاء لجميع اعضاء الأسرة.

يبقي الطفل في النهار في ملابس العماد. في اليوم الثامن من الولادة، تأتي الاشبينة وتمسح الطفل بزيت باركه الكاهن. الماء الذي يُغسل فيه الطفل يلقونه في النهر او في اي مكان نظيف. بعد هذا يغسلون الطفل مرة اخرى يلبسونه الملابس الجديدة. الأم التي انجبت ابنا تبقى في الفراش لمدة 40 يوما والتي تنجب ابنة 60 يوما. كل هذا الوقت تكون منفصلة عن زوجها. انها لا تغادر البيت، وانها تنناول طعامها لوحدها، لا تعمل لانها تعتبر غير نظيفة. بعد 40 أو 60 يوما تستحم وتغسل طفلها وتذهب الى الكنيسة وتأخذ هدية للكاهن. الهدية قد تكون قطعة من القماش او البخور او الزيت والمال. الكاهن يصلى عليها وعلى طفلها.

عندما يأخذ الابن اول خطوة الاسرة يرشون عليه الزبيب، الفستق المحمص ويتجمع الأطفال في هذه المناسبه لجمع الحلوى.

دفن الموتى

عندما يموت رجل، بعض الرّجال يجيئون، يغلقون عيونه، يضعوا أيديه على صدره ويمدون أقدامه. إذا بقيت عيون الشّخص الميّت مفتوحةً يقولون أنه ينتظر عودة القريب. يضعون الجثّة شرقا وتحت أقدامه يحرقون البخور في طبق فخّاريّ. يجيء الأقارب ويحضرون قسا. القس بعد قراءة من الإنجيل يعمل صليب خشب ويضعه في إبريق مملوء بالماء النّظيف ويطلب تسخين الماء.

ساعورا الكنيسة او رجل آخر، اذا كان المتوفى ذكرا، يغسله. اما اذا كانت انثى، فتقوم امرأة بغسلها. وأول شئ يغسله هو الاصبع الثاني في اليد اليمنى بالماء المبارك ويرسم على رأسه علامة الصليب. ثم يغسل الجانب الأيمن له بالماء والصابون. بعد ذلك يُغسل الجانب الايسر والذراع اليسرى بالماء المبارك على يد الكاهن. يوضع بقية الماء في الحوض والباقي يلقى خارجا. ثم يُخرج الصليب من القدر وتوضع في الحوض. الى جانب القدر شمعة مضاءة والقدر موضوع عليها بحبث تبقى لمدة ثلاثة ايام تحترق. والمتوفى توضع عليه ملابس مكونة من فميص وسروال مصنوعه من اللباد.

قدميه وظهره وذراعيه مربوطة باللباد لكن وجهه يبقى مكشوفا بل يُغطى بمنديل. ويربطون خشبتين كالنقالة ويضعوا عليها جثة المتوفى وتُغطي بكفن. الرجال الاغنياء احيانا يصنعون الاكفان لافراد الاسر الذين توفوا. ثم يتجمع الكاهن والذكور والاناث من افراد الاسرة. تُحرك النقاله صعودا وهبوطا ثلاث مرات، وبعد ذلك تؤخذ الى المقبرة. الكاهن والشماس يقودان المسيره وخلفهما النقاله على أكتاف أربعة رجال. يضع الرجال الاغنياء امام النقالة حصان على ظهره سرج مباشر ليس مثل الأرمن موضوع بالعكس.

الآشوريون يضعون على ظهر الحصان قطعة قماش ملون، البعض يقود النقاله الى المقبرة وهم يحملون السيف او السلاح ولكن في الاتجاه العكسي. عندما يصلون الى نقطة معينة يضعون النقاله على الارض. تلتف النسوة حول النقالة وهن يبكين. ويسمح للنساء بالبكاء والدموع حيث يقال ان الدموع تبلل الارض التي دفن فيها الموتي وهم لا يرتاحون في مكان جديد. في منتصف الطريق الى المقبرة تعود النساء الى منزل المتوفى.

يرفع الرجال وينزلون النقاله ثلاث مرات ويتقدمون نحو المقبرة. عندما ينزلون الجثه الى القبر، يأخذ الكاهن حفنة تراب من الأرض، وجميع الرجال تحذو حذوه. تنزل الجثه في القبر، والكاهن يبارك التراب في يده ويلقي بها الى القبر. يتم اخراج الجثه من الكفن وانزالها الى القبر. يؤخذ الكفن ويغسل ليكون جاهزا للاستعمال مستفبلا.

وبعد دفن المتوفى يقدم الرجال تعازيهم لاسرة المتوفي والعودة الى نهر او رافد قريب من النهر. الكاهن يقرأ من الانجيل على مياه النهر أو الرافد. لكن ان لم يكن هناك نهر او رافد. يطلب الكاهن المياه من المنزل. بعد الخدمات الدينية يقوم الرجال بغسل ايديهم ووجوههم والذهاب إلى الكنيسة.

إذا كان المتوفّي غنيًّا يؤدّي القس الشّعائر الدّينيّة كاملة. إذا لم يكن، ينتقل إلى بيت العائلة حيث يُقَدَّم غداء إلى جميع الّذين حضروا مراسم الدّفن المعدّة من قبل أقارب المتوفّي. بعد الغداء تُقدم التعازي إلى أعضاء العائلة ويعودون إلى بيوتهم.

تغيير: 03.14.2019

جميع المواضيع تعبر عن آراء كتابها وليست بالضرورة رأي الموسوعة

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.