كمال آيت بن يوبا
شمال إفريقيا في الواقع ليس لها لغة خاصة
حرية – مساواة – أخوة
رأي
لقد سبق و بيننا في مقالات خاصة بالدخول المدرسي 2017/2018 في المغرب أن اللغة الدارجة المغربية تحتوي على مفردات 8 لغات على الأقل بما في ذلك اللغة الصينية أهمها اليونانية و الفرنسية و الإسبانية و البرتغالية و الإنجليزية والأمازيغية والإيطالية و العربية …
و يمكن رصد نفس الشيء في لغات الدارجة بالنسبة لشمال إفريقيا كلها. و هذا يترجم تأثير لغات و ثقافات القبائل أو الشعوب التي تواجدت بطريقة ما في المنطقة في زمن ما …
لذلك فهذه اللغات الدارجة لا يمكن تسميتها لغات وطنية .و إنما لغات تترجم الصراع الذي كان و لا يزال بين السكان الأوائل و أولئك الذين جاؤوا تباعا في فترات متتابعة لفرض سيطرتهم السياسية والعسكرية و الثقافية هنا أو هناك ..
و رغم أن التأثير الأبرز هو تأثيراللغة العربية لغة الدين العربي و اللغة المرتبطة بالإرهاب و كل الشتائم التي تُسمع في شوارع المنطقة والتي يقال في كل دساتيرها أنها اللغة الرسمية إلا أن السكان لا يتكلمونها في حياتهم اليومية .كما لا يتكلمها حتى من ورثوا عن أولئك العرب القدامى تصديرها لشمال إفريقيا من شبه الجزيرة العربية ..و لذلك فلا يمكن تسميتها أيضا لغة وطنية..
فهناك في شبه الجزيرة العربية كذلك يتكلمون في حياتهم اليومية لغة عامية مختلفة عن هذه اللغة العربية الفصحى..
و لذلك يمكن الحديث عن إزدواجية لغوية عند هذه الشعوب كلها …
و كثير ممن يدعون الدفاع عن اللغة العربية تراهم يبحثون عن الكلمات حينما يريدون الحديث بها في البرامج التلفزية أو في أي مناسبة .بل منهم من حتى لو كانوا يقرأون في أوراق أمام عدسات الكاميرا تراهم يتهجون و هم كبار السن كما يتهجى الأطفال..
و لمن يريد التأكد من هذا ما عليه إلا أن يسأل هؤلاء عن أسماء بعض الأشجار أو الأزهار أو أنواع الأسماك أو الآلات الصناعية التي يستعملونها في حياتهم اليومية …. فلن يعرفوها باللغة العربية الفصحى ..
و لذلك فقد إقترحت حلا لمعضلة اللغة في مقال بعنوان “مستقبل شمال إفريقيا هو مع أوروبا” إعتمادا على الواقع المعاش و على كتابات الدكتور طه حسين من كتاب مستقبل الثقافة في مصر و الذي دعا فيه المصريين للأخذ من الثقافة الأوروبية و كذلك على طلب الإنضمام الإتحاد الأوروبي الذي قدمه المغرب للإتحاد أيام الملك الراحل الحسن الثاني و على الدراسة الأنثروبولوجية التي تجعل من أغلبية سكان شمال إفريقيا كأفراد ذوي بشرة بيضاء ينتمون للسلالة القوقازية أو المسماة أيضا أوروبية ، مفاده أن تتبنى هذه الدول اللغات الأوروبية التي كانت سائدة ..
فبالنسبة للمغرب قلت يمكن الأخذ باللغتين الإسبانية في الشمال و الجنوب و الفرنسية في الوسط .و بالنسبة للجزائرو تونس اللغة الفرنسية . و بالنسبة لليبيا اللغة الإيطالية .وبالنسبة لمصر اللغة الإنجليزية …
و هذه كلها لغات علوم و آداب و تكنولوجيا محترمة و جاهزة و قابلة للتطور عبر الزمان …و يمكن من خلال تبنيها تغيير العقليات و تخليق الحياة العامة بكل تأكيد ..
في إفريقيا نجد دول كثيرة لغتها الرسمية هي الفرنسية (مثل السينغال و غيرها ) أو الإنجليزية (مثل جنوب إفريقيا و غيرها ) رغم وجود لغات وطنية محلية كثيرة بالنسبة لكل بلد خاصة ببعض القبائل التي تشكل نسيجها الإجتماعي المتعدد …وهناك دول كثيرة في أمريكا الجنوبية لغتها اليومية و الرسمية هي الإسبانية (كوبا ، فينيزويلا ، الإكوادور….) و أخرى البرتغالية (البرازيل) .
فما المانع إذن من أجرأة هذا الحل المقترح و المنطقي بطريقة إرادية وواعية لتسوية معضلة اللغة مرة و إلى الأبد في شمال افريقيا مثل البلدان المذكورة أعلاه عوض إنتظار إستعمار جديد يفرض لغته بالقوة على السكان.أم ترى هذه البلدان في شمال افريقيا هي حالة خاصة ومختلفة تماما عن كل هذه البلدان التي ذكرناها كامثلة من امريكا اللاتينية و افريقا نفسها؟
أقول هذا الكلام بمناسبة إطلاعي على دعوات السيد نور الدين عيوش المغربي لإحلال اللغات الدارجة في المناهج الدراسية بشمال افريقا كما قرأت في موقع هسبريس الالكتروني المغربي (انظر الرابط اسفله) بمبرر أنها لغات أم.
و هذا في نظري مجرد لهو يصب في تعطيل الحل المنطقي والنهائي لهذه المعضلة و يضيف للتعليم مشاكل معرقلة أخرى قد تدفع الناس للتساؤل حول النوايا الحقيقية التي وراءه …
مع تحياتي
مع تحياتي
رابط خبر هسبريس :
https://www.hespress.com/societe/451385.html
الحوار المتمدن
العدد: 6420
2019 / 11 / 26