بقلم الدكتور محمد البندر
في مسألة اعادة بناء الذات في الوعي القومي الآشوري …
تمهيد
لابأس من الاعتراف في البداية بان طبيعة المساجلات النظرية الجارية داخل الحركة القومية الآشورية تتركز اولاً وقبل كل شيء على مسألة الهوية القومية وتحديد اطارها المعرفي العام. وما نقصده بالهوية القومية هي المحصلة الرئيسية للتطور التاريخي والسياسي العام والتي تتمحور حولها جوهر الفكرة القومية باكمله. ان هذه المساجلة التي تهدف الى اعادة القراءة في سجل الذات القومية لا تجري بالطريقة التي حدثت في الحركات القومية المعاصرة الآخرى كالعربية او التركية مثلاً، فلا تمتلك هذه الحركة (بسبب من حداثة النشوء) مدارس نظرية قد تختلف فيما بينها في المنهج والادارة والهدف، او منظرين او أيديولوجيين تمكنوا من طرح رؤية ايديولوجية للفكرة القومية التي يمكن ان تتحول فيما بعد الى اطار نظري لتوجه سياسي معين يهدف الى نقل الفكرة من اطارها النظري الى الحيز العملي، بل ما يحصل الآن في الساحة الآشورية هو حدوث حالة من استباق للصيغة السياسية على الصياغة الايديولوجية للفكرة القومية وهذه سابقة فريدة، حيث نرى ان الشعارات والاهداف القومية لمختلف الاحزاب الآشورية لا تأخذ مصادرها من توجهات نظرية معدة سلفاً وجاهزة للاستعمال في أي وقت، بل انها تتأثر الى حد كبير بتطورات الوضع السياسي وموقف الاحزاب الآشورية منها. وهذا لا ينفي بالمرة الدور المتميز الذي يلعبه العديد من المثقفين الآشوريين المعاصرين في صياغة المنطلقات الايديولوجية للمشروع السياسي.
ولا يخلو الامر من فائدة حين نلجأ في هذه الحالة للاستعانة بالتاريخ القريب للاستدلال على ذلك، فالحركة القومية العربية على سبيل المثال في نهاية القرن التاسع عشر لم تأخذ بداياتها من حزب سياسي معين او حركة سياسية بحد ذاتها بل انطلقت من اشخاص معروفين امتلكوا توجهاً سياسياً ونظرياً مزدوجاً، فكانوا في البداية منظرين او دعاة لفكرة احياء الفكرة القومية وتحولوا فيما بعد الى قادة أحزاب سياسية تدعو الى الاستقلال السياسي والانسلاخ عن الدولة العثمانية امثال عبد الرحمن الكواكبي وعلي رضا وغيرهم.
ويمكن ان نستفيد من مثل آخر (ربما لا يكون نافعاً) الا وهو ميشيل عفلق الذي تحولت أرائه السياسية الى منطلقات نظرية وظفت للاستخدام السياسي من قبل الجناح اليميني في البعث لاخراج الفكرة القومية العربية التي دعى اليها المتنورين المذكورون من طابعها الانساني المشروع وادخالها الى طور جديد وهو المرحلة الفاشية او الشوفينية. وفيما دعى الكواكبي الى استلهام حضارة العباسيين في منهجه الفكري استقى عفلق افكاره من منظري النازية الالمانية والفاشية الايطالية القائمة على القوة والعسف.
ورغم هذه الخصوصية السائدة في الحركة القومية الآشورية أي الافتقار الى مدارس واتجاهات نظرية ومنظرون ايديولوجيون فلا يتشاكى الآشوريون من ضعف في الشعور القومي، على العكس تماما فان الاحساس بالانتماء متواجد وحاضر على الدوام ولكن التعامل مع القضية القومية نفسها ربما يختلف من شخص الى آخر او من شريحة الى أخرى.
وعلى هذا الاساس فان التطور السياسي للحركة القومية الآشورية لا يهدف الى خلق حالة من الشعور القومي عند الآشوريين كهدف بحد ذاته بل يهدف الى جعل هذا الشعور اداة وقوة توحيدية فعالة. وفرق الآشوريين عن العرب في هذا المجال هو ان الحركة القومية العربية كانت ولا زالت تهدف الى ارجاع العرب الى التاريخ كقوة مستقلة مع او بدون الإسلام، في حين تتنادى الحركة القومية الآشورية الى العكس أي الى جلب التاريخ الآشوري القديم الى الحاضر كعنصر مهم في الشخصية الآشورية.
وعلى هذا الاساس فان هذه الهوية القومية ليست نتيجة نهائية او الهدف النهائي للحركة القومية مثلما قلنا بل هي احد دوافعه المنظورة واحد عوامله ومصادر قوته. وهذا في رأيي يعود الى جملة من الخصوصيات التي تفرد بها التاريخ الآشوري.
التاريخ والهوية القومية …
لعل التاريخ الآشوري هو اقوى عامل في تحديد الهوية الآشورية وهو في نفس الوقت اكبر عامل ضعف فيها، فلقد دخل هذا الشعب التاريخ بهذا الاسم الموحد وعرف به، وجاء ذكره في التوراة كأشوريين ولكنهم خرجوا منه باسماء مختلفة وان تطابقت في المحتوى. ولا يزال الجدل دائراً حول التسميات المختلفة لهم، وليس هذا الامر بالشيء الشاذ في تاريخ شعوب المنطقة فقد عرفه الساميين كالعرب واليهود وكذلك الاكراد وغيرهم، الا ان الفرق الجوهري بين هؤلاء وبين الآشوريين يكمن في ان اليهود دخلوا التاريخ كأقلية دينية موحدة (كيهود) ولم يحيدوا عنها، وبقوا كذلك حتى بعد زوال ملكهم السياسي، ولعب الاسلام دوراً كبيراً في القضاء على الانقسام القبلي الداخلي (او قل تجميده الى حين) وفي توحيد جمهرة القبائل المتعادية تحت اطار هوية قومية جديدة فرضها الاسلام، ودخل الآشوريون الدين المسيحي كشعب واحد ولكنهم انقسموا بعد ان اصبحوا مسيحيين الى ملل مختلفة لكنها لا تشبه من حيث الشكل والجوهر انقسام اليهود الى السفرديم والاشكناز، بل يشبه الى حد كبير الانقسام الديني في الاسلام بين الشيعة والسنة وغيرها من المذاهب، ولكن حالة الانقسام الديني الآشورية تمت بطريقة تخلو من العنف، ولم تسبقها او تتبعها حرب اهلية او ايديولوجية، ولم ينهمك الآشوريون المسيحيون بشن حرب دعائية تكفيرية ضد معارضيهم (مثلما حدث في الاسلام) يخرج فيها الاطراف بعضها البعض من ساحة الايمان بلوائح او فتاوي دينية. وفي الحالتين اليهودية والعربية الاسلامية لم يكن الانقسام الديني تعبيراً عن الصراع بين انصار الاتحاد السياسي والديني ومناؤيه، ولم يكن أي من الطرفين على خصام مع مبدأ التوحيد الديني والسياسي، بل كانت هناك جملة من العوامل الاجتماعية والسياسية والمذهبية والعرقية الناتجة عن التطور السياسي والاجتماعي للدولة وراء هذا الانقسام. واوجه الشبه بين الحالة اليهودية والآشورية هو ان الاثنين دخلا مرحلة التاريخ الميلادي كأقليات دينية لا عرقية كانتا تفتقران الى الكيان السياسي وهو الدولة، رغم ان ذلك لا ينفي بالطبع وجود درجة عالية من التنظيم الهرياكي الهرمي في المجتمعين وتحديد واضح للسلطات الدينية والزمنية فيهما. اما اوجه الشبه بين الحالة العربية الاسلامية والآشورية هو ان انصار دين الاسلام الجديد اهووا بمعاولهم على رموز الدين القديم وهو ما يطلق عليه بالجاهلية الوثنية كرمز للانقسام السياسي وازالوه، بينما انهمك بعض الآشوريين في عملية معاكسة وتتلخص في تدمير رموز الوحدة السياسية الآشورية المتمثلة في بقايا الحضارة الآشورية القديمة وبعض مظاهرها الدينية وبعض الاعياد … الخ بحجة تنقية الدين من الشوائب الوثنية. وربما تكون ذرائع هدم الماضي مبررة دينياً ما دامت تخدم مصلحة التوحيد السياسي كما حدث بالنسبة للعرب المسلمين، ولكن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث بالنسبة للآشوريين فلم يستعد الآشوريون وحدتهم السياسية القديمة، ولم تتحول نينوى في نهاية المطاف الى عاصمة للآشوريين المسيحيين المتحدين مثلما تحولت مكة وأورشليم القدس الى مراكز سياسية لديانات التوحيد الاسلام واليهودية.
الآشوريون بين الاصالة والثقافة الاوربية
تحول الآشوريون الى المسيحية بوثبتين: الاولى دينية بحتة على ايدي رسل القديس توما، مار ماري ومار اداي، والثانية وثبة دينية بثياب قومية للكنيسة الآشورية وانفصالها عن مراكز الزعامة الارثوذكسية البيزنطية التقليدية قادها نسطور اعادت الآشوريين الى وضعهم التاريخي المميز كأمة تمتلك مقوماتها ومميزاتها الخاصة بها وذلك بقيام الكنيسة الشرقية الآشورية.
ولم يكن هذا التحول الى المسيحية بسبب من نقص المشاعر الدينية او التراث الديني لدى الآشوريين، بل جرى هذا التحول قد تحت ضغط ظروف سياسية وامنية غير ملائمة كان فيها الآشوريون مهددين على الدوام من جانب عالم مضطرب يسوده التعصب الديني، ونظرة الحكام المتدنية للأقليات الدينية والقومية، ولذلك فان الجانب الامني وبعبارة اخرى البحث عن مصادر ثابتة للحماية وتوفيرها للاقلية الآشورية كان الدافع الاكبر وراء هذا التحول الخطير. اضافة الى ذلك كان هناك عامل آخر لا يقل عن الاول اهمية وهو ان تحول الكثير من الآشوريين الى الكثلكة كان يعكس الى حد كبير رغبة الكثير من الآشوريين في كسر طوق العزلة التي كان يعيشها المجتمع التقليدي الآشوري في اطاره الجغرافي الضيق، وفتح نوافذه لرياح التغيير والانفتاح على العالم الخارجي وبناء جسور من العلاقة مع الامم المسيحية الاخرى تقوم على اساس الاخوة الدينية وليست الاخوة القومية فقط. وفي المسار التطبيقي لهذه الاستراتيجية وعى الآشوريون مسألة التوافق بين الدين والقومية ووجدوا لها حلاً يتمثل بانشاء الكنيسة القومية الآشورية كتعبير عن خصوصيتهم الاثنية التي طالما حملوها عبر التاريخ.
ومن جانب آخر يعطي تحول الآشوريون الى المسيحية مثلاً عاماً على قدرة هذه الديانة (شأنها شأن كل الديانات التوحيدية الكبرى) على الامتداد والانتشار نحو بقاع العالم المختلفة متجاوزة الحدود القومية والاثنية او الخلفية الثقافية او درجة التطور الاجتماعي للمجتمعات المختلفة.
وبتبن المسيحية الطوعي قام الآشوريون باخطر حركة تحدي في تاريخهم الثقافي تستهدف الى اعادة بناء علاقة جديدة بين مقومات الشخصية الآشورية التقليدية وبين معطيات الدين الجديد. ومهما كانت طبيعة التحول الديني اختيارياً ام إجبارياً فان التحول الثقافي والحضاري الذي يعقب التحول الديني يبدو هو الاصعب والاطول زمناً من حيث المنطلقات والاهداف.
وعندما نطرح الحديث عن علاقة الحضارة الاوربية والآشوريين نعني بالضبط هو تأثير هذه الثقافة او الحضارة على منظومة القيم والتركيبة الروحية والنفسية للآشوريين ودرجة تبني الآشوريين لهذه الحضارة ضمن اطار الوحدة الدينية. وليس الآشوريين وحدهم هم الذين تأثروا بهذه الثقافة التي اكتسحت بمنجزاتها انحاء المعمورة بل لا نجد الآن ثقافة او مجتمعاً معيناً في الشرق الاوسط او غيره ممن استطاع ان يحمي نفسه من تأثيرات هذه الثقافة، ولكن الحالة الآشورية في التعامل مع الحضارة الاوربية لها خصوصياتها التي نجملها بما يلي:
1 – ان سبق الآشوريين الى المسيحية لم يعط الكنيسة الآشورية دوراً قيادياً خطيراً في المؤسسة الكنسية العالمية.
2 – ان علاقة الآشوريين بالثقافة الاوربية احادية ومن جانب واحد، فقد اخذ الآشوريون الكثير من الثقافة الاوربية ولم ياخذ الاوربيون بقدر ما اخذ الآشوريون منهم بالضبط مثلما اعطى العرب دينهم للايرانيين ولكنهم اقتبسوا منهم الانظمة المالية والاقتصادية والادارية بالمقابل.
3 – كانت ولا زالت صلة الآشوريين بالحضارة الاوربية صلة عضوية املتها الروابط الدينية إذا قورنت بالشعوب الاخرى التي كانت ولا زالت علاقتها مع الاوربيين تتم في اطار التغالب الثقافي بامتدادته المختلفة الصناعية التجارية الخ. ويحتفظ الآشوريون بمشاعر ودية تجاه الغرب تمليها المشاعر الدينية لا السياسية على خلاف اقرانهم العرب، ولم ترفع الحركة القومية الآشورية شعارات تربط ما بين التحرر القومي وما بين معاداة اسرائيل والغرب.
4 – اراد الآشوريون ان يكون مستوى الدعم المسيحي الاوربي لقضيتهم القومية يتناسب مع حجم الاخوة الدينية ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، فقد كانت السياسة الاوربية لاتسيرها الكنيسة مثلما كان الحال عند الآشوريين بل المصالح السياسية، فلم يحصلوا في النهاية سوى على التبشير، ولذلك كان الشعور بالخيبة عند الآشوريين ازاء هذا التقاعس كبيراً، كما الحقت الحياة هزيمة كبيرة بسياسة بريطانيا الخاصة بسلخ الآشوريين عن محيطهم العراقي وتحويلهم الى فصيل تأديبي (قوزاقي) ضد العراقيين بعد ان وجدت من بين الساسة العراقيين من هم اكثر حماسة لتنفيذ هذا الدور ضد أبناء جلدتهم من الآشوريين.
5 – ان الحركة القومية الآشورية كقريناتها العربية والكردية هي حركة علمانية من حيث المضمون والاهداف ويتوقف دور الدين في هذه الاتجاهات جميعاً عند حدود الغطاء والمباركة الايديولوجية الضرورية للمشروع القومي. وما يتعلق بالموقف من الغرب واسرائيل فان الحركة القومية الآشورية (كبقية الاقليات القومية والدينية العراقية) تتحرك في ردة فعلها في هذا الاتجاه تبعاً لموقف الحركات القومية العربية في السلطة وخارج السلطة منها ومن مطاليبها المشروعة، فليس من الضروري مثلاً ان يقوم التركمان العراقيون المضطهدين من قبل النظام العراقي بادانة تركيا تلقائياً ارضاءاً لمشاعر القوميين العرب المعادية للاتراك، ولم يقم الشيعة العراقيون بادانة ايران لان النظام العراقي معادي لايران الى حد النخاع، ونفس الشيء يمكن ان يحدث بالنسبة للآشوريين اذ لايمكنهم ادانة الغرب المتعاطف معهم لسواد عيون النظام الذي ينكر عليهم حقوقهم القومية، ويمكن للآشوريين ان يتخذوا موقفاً مشابهاً للموقف الذي تتخذه الانظمة التي يعيشوا بين ظهرانيها بمعاداة الغرب واسرائيل إذا حاول هؤلاء انزال الضرر بقضيتهم القومية.
6 – ومثلما تكون الحركة القومية الآشورية بعيدة عن شعارات الانظمة الحاكمة فانها قريبة جداً من شعارات المعارضة السياسية لهذه الانظمة وهي بذلك تؤكد موقفها الوطني والتزامها بقواسم مشتركة معها ضد العدو المشترك وكسر احتكاره لتمثيل المصالح العليا للبلد.
7 – كان من نتائج الانشداد نحو الثقافة الاوربية هو تبني الهجرة كنتيجة وحل للاضطهاد القومي والديني الذي يمارس ضد الآشوريين في وطنهم وقيام نسبة لا يستهان بها منهم بالتوجه نحو الغرب كملاذ للاستقرار يتم في مجتمعات مزدوجة الانتماء تفقد صلتها العضوية ببطء بجذور الثقافة الآشورية.
عقلانية المشروع القومي الآشوري …
في محاولاتهم الدؤوبة لتلمس مواقع الذات وتحديد التفرد القومي الآشوري في الظرف الراهن يحتاج المشروع القومي الآشوري الى جهد ايديولوجي وفكري شامل يهدف الى تكوين صياغة مرضية ومقبولة للعلاقة مع التاريخ الآشوري كعنصر موحد من خلال علاقة جدلية متوازنة لا تلغي الحاضر ولا تعيش على امجاد الماضي الغابر. وجدوى هذه الرؤية المتناسقة تتلخص في خلق تصور عقلاني خالي من النبرة القومية العالية ومرتبط بالوضع الآني الذي يعيشه الشعب الآشوري ضمن ظروف العراق الواقعية، وربما يكون من المفيد ان التاريخ الآشوري القديم كان ولا يزال محط عناية الدولة العراقية وعنصراً ثميناً دأبت على توظيفه توظيفاً مزدوجاً لغرض خلق رؤية للتاريخ العراقي تتماشى مع اهداف النظام السياسي في نواحي عديدة نذكر منها على سبيل المثال حالة تزوير التاريخ الرافديني لصالح سياسة التعريب وخدمة اهداف المشروع القومي العربي في مرحلته البعثية (الفاشية)، حيث يتم اختصار تاريخ حضارة ما بين النهرين اختصاراً تعسفياً لصالح المرحلة الاخيرة منها وهي المرحلة العربية الاسلامية، وهدف ذلك هو التعتيم على اصحاب التاريخ الاصليين الذين ما زالوا يعيشون بين ظهرانينا، وكذلك الاضعاف الواضح والمقصود لدورهم الاستثنائي في بناء الحضارة العربية نفسها، واظهارهم بمظهر مذل كشعب من الدرجة الثانية، ووضعهم في منزلة اجتماعية متدنية كذمة خلافاً لتعهدات النبي محمد.
ان ما يحدث الآن من قبل بعض الآشوريين ممن يبذل جهوداً غير عادية لاعادة انتاج التاريخ الآشوري بطريقة ميكانيكية تهمل التطورات الجوهرية التي طرأت على المجتمع الآشوري منذ سقوط نينوى تعيد للاذهان المحاولات المحمومة لليهود الاسرائليين في تسخير علم الآثار لاثبات نبؤات التوراة وبحثاً عن دليل قاطع للصلة ما بين التاريخ العبراني القديم وتاريخ اسرائيل الحديث لاغراض لا تمت للحقيقة العلمية بصلة بقدر ما تخدم توجهات الجانب التاريخي من المشروع القومي الاسرائيلي القاضية بمحو آثار الآخرين من كنعانيين وعرب ومسيحيين من تاريخ فلسطين. ويحظى هذا التوجه اللاعلمي بدعم اكاديمي وسياسي واسع من الغرب المسيحي الذي ينظر في نفس الوقت نظرة المتفرج الى مساعي الآشوريين المسيحيين في الشرق الاوسط لاستعادة تاريخهم المشروع.
ان ما يحدث الآن من قبل بعض الآشوريين ممن يبذل جهوداً غير عادية لاعادة انتاج التاريخ الآشوري بطريقة ميكانيكية تهمل التطورات الجوهرية التي طرأت على المجتمع الآشوري منذ سقوط نينوى تعيد للاذهان المحاولات المحمومة لليهود الاسرائليين في تسخير علم الآثار لاثبات نبؤات التوراة وبحثاً عن دليل قاطع للصلة ما بين التاريخ العبراني القديم وتاريخ اسرائيل الحديث لاغراض لا تمت للحقيقة العلمية بصلة بقدر ما تخدم توجهات الجانب التاريخي من المشروع القومي الاسرائيلي القاضية بمحو آثار الآخرين من كنعانيين وعرب ومسيحيين من تاريخ فلسطين. ويحظى هذا التوجه اللاعلمي بدعم اكاديمي وسياسي واسع من الغرب المسيحي الذي ينظر في نفس الوقت نظرة المتفرج الى مساعي الآشوريين المسيحيين في الشرق الاوسط لاستعادة تاريخهم المشروع.
ان الهوية الاثنية الآشورية ما هي في الحقيقة الا تجسيد لمجموع القيم والثوابت التوحيدية للمشروع القومي المستند الى التاريخ السياسي والنفسي والقرابي المشترك، كما ان عقلانية هذا المشروع تكمن في انسانيته المعبرة عن نزوع الامة الآشورية لتحقيق آمالها القومية. ومن اجل بلوغ هذا الهدف لا بد من الاخذ بدروس في الوحدة في مدرسة القومية.
د.محمد البندر
الحوار المتمدن
2003 / 2 / 1
تنويه (nala4u) ; لاهمية المادة..لذا تم اعادة نشرها مع التقدير .