ليس هكذا تبنى الأوطان ؟

بقلم الدكتور أبراهيم أفرام
ليس هكذا تبنى الأوطان …!؟

20 / 06 / 2010
http://nala4u.com

لا شك أن التواصل التاريخي الطويل للآشوريين أظهر تناقضات دينية وقومية بينهم وبين القوميات الأخرى المحيطة بهم هذا التناقض الديني والقومي جعل شعبنا مميزا عن الأكثرية التي تحيط به فلم يتفهم السياسيون ورجال الفكر والمثقفين من الأغلبية ولا تدفعهم الرغبة لاستيعاب الخاصية المميزة للآشوريين ، وعليه يجب التعامل معهم على هذا الأساس وهذه الحقيقة تطرح نفسها وبقوة لمن يريد التغير ووضع حد للاضطهاد القومي وينادي بالديمقراطية وحق تقرير المصير .
يتجاهل الكثيرون بأن قضيتنا القومية الآشورية قضية وطنية تحررية قائمة بحد ذاتها،قضية لها منزلة وتاريخ وطني مشرف في حب الوطن والدفاع عنه والذود عن شرفه، قضية شعب طال نزيفه، قضية لا يمكن د مجها وسحقها وتهميشها وتسقيطها وإلغائها بجرة قلم أو بنصرة قضية شعب غير أصيل عليها وعلى حساب أرضها وعبر التاريخ .
لم تترك الحكومات العراقية والتركية والإيرانية والسورية المتعاقبة والعشائر الكردية منذ أوائل القرن الماضي أي وسيلة ألا وتم تسخيرها لحمل الآشوريين على التخلي عن حقوقهم وتطلعاتهم القومية المشروعة …انطلاقاً من شراء الذمم والضمائر وإغداق الأموال والامتيازات على الزعماء المحليين إلى استخدام القوة المسلحة وعلى نحو سافر حتى ارتكاب مجازر إبادة وانتهاج سياسات الأرض المحروقة والترحيل الجماعي مما أدى إلى تغيرات ديموغرافية على الأرض ولصالح قوميات وشعوب وافدة، وخير تعبيرعلى ذلك ما كتبه الأخ فرسد روزبياني الباحث الكردي العراقي المقيم في برلين وتحت عنوان : التطرف القومي وهاجس إلغاء الشعوب (أفتراءات لآيارد للمزوري… يمحو تاريخ الآشوريين لتكريدهم ) والمنشورة في مجلة فورقونو العدد 26 السنة الخامسة لعام 2002 وعلى الرابط التالي وشهد شاهد من أهلها:
http://www.nirgalgate.com/asp/v_articles.asp?id=393

المتطرفون القوميون يفسرون ويكتبون ويفهمون ويدرسون ويعيدون كتابة التاريخ بما يناسب ومزاجهم ويتماشى مع ايدولوجيتهم والتي يحاولون بشتى الوسائل تطبيقها،فهم لا يؤمنون بها فقط وإنما يحاولون تطبيقها على أرض الواقع وأصبحت هاجسهم الوحيد أية كانت جنسيتهم أو معتقدهم والطامة الكبرى عندما يكون ذلك القومي المتطرف من الطبقة المثقفة أو ما شابه ذلك ، تلك محاولات دأبت عليها قوى التعصب القومي التركي والفارسي و العربي والكردي : حيث يتطرق الأخ : نزار آغري من النروج وهو كاتب كردي عراقي حيث يقول : الأكراد إذ يقلّدون العرب في القوميّة وعلى الرابط :
http://www.alarabiya.net/views/2007/12/15/42956.html

بفعل تعاقب سياسات غير ديمقراطية للسلطات الحاكمة على الأرض والتي استمدت وتستمد نهجها من أيديولوجيات مشبعة بالتعصب القومي حيث تحاول أن تتجاهل التنوع الثقافي والاختلاف العرقي ومتجاهلة أبسط حقوق الإنسان ومصالح القوميات الأصيلة ، أدى وبؤدي ذلك إلى إشاعة مناخ من الشك والريبة ويعزز الاندفاعات الشوفينية القومية ضد شعبنا الأصيل وفي أوطانه التي يتواجد فيها ، كل ذلك شجع بعض غلاة التطرف القومي على ابتكار أساليب متنوعة لاضطهاد أو سلب أوهضم حقوق أبناء شعبنا كمواطنين ، تمهيداً لتغييب دورهم كأبناء قومية أصيلة في التكوين الاجتماعي العراقي والتركي والسوري واٌلإيراني وعلى حد ٍسواء، وفي المناطق الواقعة تحت تسلط القوى الخامسة قوى الأمر الواقع(( الكردية )) في شمال العراق وفي بداية الألفية الثالثة وقبل سقوط النظام في بغداد حيث تجاهل حقوق الآشوريين والتركمان كل من الدكاترة مصطفى البغدادي و منذر الفضل وفي مسودات قدموها لمشاريع دساتير للجمهورية العراقية وإقليم ما يسمى بـــــ (( كردستان العراق)) وتطرقت افتتاحية مجلة فورقونو للموضوع وبنفس العدد الأنف الذكر في حين أنتقد الأخ الدكتور علي السيراوي وعلى موقع موسوعة الرافدين وتحت عنوان لماذا يا منذر الفضل …؟
وعلى الرابط:
http://www.nahrain.com/d/news/02/08/27/nhr0827g.html
في ظل التغيرات الإستراتيجية الكبيرة في العراق وخصوصاً منذ إعلان قوات الإنكلو/ أمريكية المنطقة الآمنة في شمال العراق ، أخذ أكراد سورية وعلى غرار وتيمناً ببني جلدتهم من أكراد العراق التسويق لدعاوي سياسية تحت تسمية “مسألة كردية في سورية ” ومحاولين أخفاء ما هو أعمق للنيات المبيتة وتم ابتكار مصطلحاتٍ جديدةً ((افي الخطاب السياسي الكردي السوري)) مثل مصطلح “كردستان سورية” أو “الجزء الكردستاني الملحق بسورية” أو “كردستان الغربية”وذلك بخلق خرائط جديدة…والتلميح لمصطلحات توسعية … إلخ وتنطوي كلها على مشاريع انفصالية لأجزاء من الأراضي السورية حيث تعدت تطلعاتهم “الحقوق الثقافية ومسألة مكتومي الجنسية “.
أليس من الخطر التعميم لأفكار شوفينية ومن قسم من ((المثقفين الأكراد)) تطعن بحق الوجود التاريخي الآشوري في سوريا، في محاولة منهم بقراءة قومية منحازة لهم في تاريخ المجتمع في الجزيرة السورية و محاولة كتابة وقراءة التاريخ وتلوين صورة المجتمع على هواهم…!؟ فهذه بلا شك محاولة خاطئة وتدفع بالعناصر الشابة في ((الحركات والأحزاب الكردية )) للتشبع بإيديولوجية قومية متشنجة ، مبنية على إلغاء دور قومية أصيلة وعلى أرضها وادعاء بأن ما هو قائم من تشكيل قومي في الجزيرة السورية هو نتاج مؤقت وطارئ صنعه الاستعمار ومصالح القوى المتصارعة في المنطقة ، هذه الإقصائية للغير والمتطلعة إلى مستقبل انفصالي ودون أدنى سند تاريخي وحقوقي ودون الأخذ بمبدأ الإقناع والتثبيت العلمي للحقائق علىالأرض واحد هؤلاء الداعين (( من المثقفين الأكراد خالد عيسى و يبدو أن الرجل ذو شأن أو يعتبر رمز بين أقرانه أو على الأقل يسعى بنفسه أن يكون كذلك فله أكثر من لقب وأكثر من تحصيل علمي عالي وفي أحدى دراساته المتعددة )) والمنشورة على العديد من المواقع (( الكردية )) يتطرق لموضوع مشروع دولة في الجزيرة عام 1934 المقصود الجزيرة السورية حيث يقول :(( قبل عام 1933، أي قبل توطين الآشوريين اللاجئين في مناطق الخابور، كانت هناك مشاريع عديدة حول تأسيس دولة في الجزيرة العليا،أولها كان تأسيس دولة كردية في هذه المناطق في عام 1920، و كان يتضمن المشروع، فضلاً عن أراضي الجزيرة الحالية، قسماً من كيليكية التي تقع حالياً ضمن الإقليم الشمالي من كردستان المحتلة من قبل السلطات التركية، و حصلنا دراسة مطولة تتعلق بهذا المشروع، سنترجمها و ننشرها فيما بعد”….ويذكر أيضاً و كانت أغلبية وجهاء المسيحيين، الذين كانوا يتبنون كرديتهم، متضامنين مع التيار القومي الكردي للحصول على حكم ذاتي للجزيرة، و كان للكرد الدور البارز في السلطة على هذه المنطقة )) وعلى الرابط:
http://www.gemyakurda.net/modules.php?name=News&file=article&sid=32367
نعم سملي البطلة ( يا خالد ) بلدة أشورية في شمال وطننا العراق قرب نوهدرا (دهوك ) اشتهرت تلك البلدة بالمذبحة التي وقعت فيها ، لا بل ارتكبت فيها مجزرة شنيعة عام 1933فسقط الآلاف من الشهداء ومن نجا منهم شرد في وطنه وبعيداً عن سكنه رغماً عنه في مخيمات على ضفاف الخابور مجزرة قام بها الجيش العراقي بقيادة العقيد بكر صدقي (( قائد موقع الموصل العسكري الذي عرف بالبطش والعنف والكراهية العميقة للآثوريين كما ورد في كتاب الأستاذعبد المجيد حسيب القيسي وعنوانه : التاريخ السياسي والعسكري للآثوريين في العراق : 1921 ـ 1999 الطبعة الأولى 2004 ميلادية )).
ارتكبت مجزرة بحق سكان سملي من الآشوريين في ظروف من التعصب العرقي والديني والأيديولوجي القومي في العراق بين قومية عربية تتهم بالعمالة للاستعمار كل من ليس منها وقوى كردية مشوبة‌ بالذهنية العشائرية ووزير داخلية ذو تربية عثمانية متشبعة بالأفكار الشوفينية الطورانية و قادة لدولة عربية فتية حديثة الاستقلال تتباهى بعروبتها وضباط أكراد ذو نزوات ومشاريع قومية توسعية، وعن مجزرة سملي يقول : الأستاذ عبد المجيد حسيب القيسي في مقدمة كتابه المار ذكره أعلاه ما يلي : (( وهكذا استطاعت الحكومة بالتخبط والتدبير والتعسف والتضليل أن تحقق هدفها لا في صرف الناس عن انتقادها ومعارضتها فحسب بل في جمعهم على نصرتها وتأييد أعمالها ، ولكن بعد أن لطخت يديها وسمعة الجيش العراقي بدماء الآثوريين وبعد أن بذرت في التربة السياسية في العراق بذور الغوغائية والعسكرتانيا ـ أي حكم العسكر ـ وفتحت الأبواب أمام الانقلابات والثورات وعهود الاستبداد والطغيان أنتهى الاقتباس )).
فخالد عيسى لم يناقش أسباب تلك المجزرة الشنيعة من جذورها وإنما توقف على نتائجها السلبية والكارثية معتبراً ذلك (( مخططاً لتغير الديموغرافية السكانية في الجزيرة السورية)) وكلي أمل أن يأخذ هذا الموضوع المهم الاهتمام الكافي من البحث والدراسة في المستقبل أما ما يدعو للتوقف ثانية ٍ هو تطرقه مرات عديدة (( ويذكر بأن رجال الدين المسيحيين كانوا يفتخرون بكردسا نيتهم )).
للوهلة الأولى يا خالد انتابني شعور من الحسرة والألم وشعرت بأنني خدعت في العقود الأولى من حياتي من محيطي العائلي والديني والتعليمي ..!؟
فإذاً فأنا بحاجة ماسه لمراجعة ذاتية لقناعاتي ومبادئ الشخصية التي تربيت عليها ومنذ نعومة أظافري،حيث ترعرت ومنذ خمسينيات وما بعد القرن الماضي في المدارس الخاصة بالسريان الأرثوذكس في مدينة نصبين الجديدة بيث زالين (القامشلي) وما تزال ترن في أذني دعوات رجال ديننا وبصوت عالي ولسان حالهم يؤكد دعوتهم لرسالة إلهية سماوية تبشيرية لا تهتم بما هو قائم على هذه الأرض الزائلة ، ومضمون رسالتهم هو…هو لا تؤثر فيه تغيرات الزمان ولا المكان،ولم يهمس أي رجل دين منهم لا في أذني ولا في آذن زملائي على أنهم يتبنون آشوريتهم أوسريانيتهم وكنت وزملائي من المقربين لهم والأقربون أولى بالمعروف أليس كذلك …!؟
وهنا أتسأل لماذا تم اختيارك أنت يا خالد وفي الثلاثينات من القرن الماضي ليهمسوا في أذنيك ويصرحون لك بتبنيهم ( لكردستانيتهم))…!؟
بعد التروي و الإطلاع عما كتبته وفي العديد من المواقع قررت بأن قناعاتي ومبادئ لن تتغير وحكمي قاطع ولن أنتظر محكمة التاريخ أن تصدر حكمها بما كتبته،لأن ما ذكرته لا يفتقر لأدنى درجات المصداقية وحسب، وإنما يجافي الحقيقة المطلقة كونها غير مدعومة بالأركان الثلاثة لأي شهادة وفي أية حادثة ومهما كانت وخصوصاً بموضوع تاريخي وذو حساسية على المستويين الديني والقومي وخطير بهذا الحجم الذي يخالف الأعراف والقوانين المتعارف عليها عند كافة شعوب المعمورة منذ خلق الكون وحتى يومنا هذا حيث لم تذكر :أولاً: من هم رجال الدين …!؟
ثانياً : أين وفي أي مكان ..!؟
ثالثاً : متى اليوم والشهر والسنة …!؟
كون هذه العوامل الثلاثة مغيبة فيما تروج له و فيما ذكرته فلا يسعني ألا أن أصنف ذلك تحت خانة : الادعاء واللغو والافتراء ورجال ديننا أسمى منزلة وأرفع شاناً من أن تنال منهم بادعاء باطل كهذا .
وأخيراً يا خالد: من الممكن للرمز أن يتحول إلى رمز خالد في ضمير شعبه ومحيطه ، ولكن لا يجوز له اختزال التاريخ لأهداف قومية ضيقة بهدف تكريس جذورها في الأرض ودون سند علمي،فالتاريخ ليس سلعة ولا ثروة خاصة بيد جماعة أو فئة تستخدمه في أوراقها القومية الخاصة لتلبية وخدمة مآرب ونوايا وأهداف سياسية، هذا التوظيف الخاطئ للتاريخ سيؤدي حتماً لظهور ثقافات ستحاول الطعن بقدسية ومصداقية التاريخ،مما سيؤدي بالتالي إلى تعميق المحن والمآسي للشعوب القاطنة في نفس الجغرافية، فالتاريخ له منطق ثابت و منطقه يؤكد أمانت وكل من ليس أهلاً لصون تلك الأمانة فالتاريخ كفيل بتجاوزه فرداً كان أم قائداً أم نظاماً أم شعباً أن عاجلاً أم آجلاً .

الدكتور أبراهيم أفرام

تنويه (nala4u);لأهمية المادة…لذا تم إعادة نشرها مع التقدير.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.