بقلم غسـان يونـان
هـل فشـل مؤسـسـاتنـا فـي العـراق ينطبق علـى باقـي المواطـن؟!…
24 / 09 / 2019
http://nala4u.com
إن الفشـل أو النكسـة التي مني بـه شـعبنـا الآشـوري (بمختلف انتماءاتـه الكنسـية) في العراق ــ وذلـك نظـراً للنتيجـة التي وصلنـا إليهـا من خلال عمـل مؤسـسـاتـنـا الذي اعتمـد منـذ ما قبل سـقوط النظـام الديكتاتـوري في العراق وحتى تاريخـه ــ قـد برهن دون أدنى شـك عن الحالـة اللاواعيـة واللامسـؤولـة التي اعتمـدهـا قادتنـا ورجالاتنـا علـى مـر عشـرات السـنين، حيث باتوا عنوانـاً دون موضوع وشـعاراً دون تطبيق، وسـبحـان الله علـى هـذه الطبيعـة (الجغرافيـة) التي تسـاهم دائمـاً فـي إنتـاج حالات من هـذا النـوع أقـل ما يقـال عنهـا بأنهـا “غـير طبيعيـة”!..
فيـوم بدايـة الاسـتحقاقات الوطنيـة والقوميـة المرتقبـة من قبل كافـة أبنـاء شـعبنـا الآشـوري وعلـى مدى انتشـارهم، كنـا نسـمع أصواتـاً نشـاذة تنـادي بالفـرز الوطني وفـي الكثير من الأحيـان علـى الصعيـد القومـي. فـي حـين أن باقـي مكونـات الشـعب العراقـي الشـقيق كان قـد برهـن عن جـدارة بالقـدرة والأهليـة الكافيتين لقراءتـه الموضوعيـة لواقـع الحـال الذي يعيشـه هـؤلاء وما هيـة الخطوات الواجب اتخـاذهـا من أجل تحقيق وتأمـين اسـتمراريـتـه فـي البقـاء وبالتالـي تثبيت أقـدامـه فـي وطنـه العـراق. إذ راح ينادي ويطـالب بـ “لم الشـمل” (أي إعـادة كل أخ مهجـر) إلـى بيتـه وأرضـه ووطنـه.. بينمـا كانت تتعالـى الأصوات عنـد بعض تنظيمـاتنـا “الجليلـة” مطالبـة بالفـرز الوطني ــ أي، لا يحق لأي آشـوري مهجـر خـارج وطنـه (الأصيل العـراق) بالتدخـل أو حتى المسـاهمـة فـي صنـاعـة القـرار القومـي، وجـلّ ما هو مسـموح بـه لهـؤلاء الإخـوة المهجـّرين سـواء في دول الجـوار أو أوروبـا وأمريكـا.. هـو الدعم المـادي ليـس إلا!!..
لقـد نسـي هـؤلاء أو تنـاسـوا الأسـباب الحقيقيـة التي أدت للهجـرة القسـريـة لهـؤلاء الإخـوة فتي الدم والروح والقوميـة والمواطنـة.
هـذه هـي إحـدى أسـباب الفشـل الذريع الـذي مني بـه شـعبنـا فـي وطنـه الأصيـل، إذ بات اليـوم فـي صـراع داخلـي فتـاك. عرف حقيقـة كيف بـدأه لكــن، لا يعـرف أبـداً كيف سـينهيـه. إذ اسـتمرت تلـك القيـادات المزعـومـة أو المفروضـة فـي الكثير من الأحيـان في رمـي التهـم فـي كل الاتجـاهـات من أجل إبعـادهـا عن حقيقـة الواقـع المـر الـذي يتخبـط الجميـع فيـه.. فهـذا يفكتر فـي إزاحـة ذاك والعكـس هـو الصحيح.. والنتيجـة أن أغلبيـة هـؤلاء سـواسـيـة من حيث النهـج أو الأسـلوب فـي تفتيت شـعبنـا وتقزيمـه وتهجـيره…
وإلا فمـا معنى أن يُرفض “بـدايـة المسـيرة” التنسـيق والاحـترام المتبـادل والحـوار الوطني القومـي وخلق مؤسـسـة جامعـة شـاملـة لا تؤمن إلا بالمصلحـة الوطنيـة والقوميـة لشـعبنـا الآشـوري، أجل لمـاذا الأسـلوب المعتمـد حينـذاك بـين مؤسـسـات شـعبنـا السـياسـية منهـا وغـير السـياسـية كان ملتويـاً يتغلب عليـه الطابـع الحـزبي الضيق علـى الطابـع الشـعبي العـام، إذ لـم يكـن هنـاك من اعـتراف متبـادل بين الأفرقـاء (الذين اعتقدوا حقيقة أنهم صنـاع القرار!!) وتبين واضحـاً بـأنه لـو لـم يكـن لهـم أي وجـود فـي مؤسـسـات الـدولـة العـراقيـة الحديثـة، لكـان شـعبنـا بألـف خـير وكـان نـال من حقوق وطنية وقوميـة أكـثر بكـثير ممـا هـو حاصـل..
لكــن، وانصافـاً للحقيقـة وللتـاريـخ، علـى مفكـرينـا وكتـابنـا وبقـايـا قيـاداتنـا (على أنواعهـا) أن تكتب وتقـول الحقيقـة تمـامـاً كمـا هـي وليـس بتحريفهـا وتزويرهـا لصالـح هـذا الطرف أو ذاك. فالفشـل الـذي حلّ بنـا جـاء نتيجـة للأخطـاء المميتـة التي وقعـت أغلبيـة قياداتنـا فيـها، تلـك الأخطـاء التي تم تغذيتهـا وحقنهـا من الخـارج، وبالتـالي كانت النتيجـة المؤلمـة والقاتلـة التي حلت بالشـعب وعلـى كل المسـتويـات.
كنـا بالأمـس القريب أمـام إحـدى أوجـه الصـراع الداخلـي، المميت “أي التسـميـة”، واليـوم وبعـد الانتهـاء من كتـابـة “مسـودة الدسـتور العراقـي”.. رأى البعض فيها انتصـاراً لـما بذلـه من تضحيـات وعطاءات علـى مر الشـهور (حيث كان قبلهـا عربيـاً بالـدم والـروح)!!.. بينمـا رأى البعض الآخـر مسـماراً إضافيـاً فـي نعـش مسـيرة التقـدم والازدهـار بـين أبنـاء الشـعب الواحـد…
وبالأمـس أيضـاً سـمعنـا عن لقـاء ثنـائي بين تنظيمين (من تنظيمـات أبنـاء شـعبنـا في المهجـر) تم الاتفاق خلالـه على مجمل الأمـور، ((نعم مجمل الأمـور، وعلـى مـا الخـلاف، التسـمية، الحقوق، التنسـيق!!.. كل ذلـك وأكـثر منـه موجود ومتفق عليـه!..)) حتى اسـتطرد الحديث بينهمـا إلـى تقديم العـون والمسـاعدة المتبادلـة من أجل تثبيت ما لم يثبت أو سـقط سـهواً فـي “مسـودة الدسـتور العـراقـي” المذكـورة. فتلـك هـي قمـة التنسـيق والتحـالف والتـآخـي، وأين من بعـده تنسـيق واحـترام متبادل وتأمـين حقوق شـعبنـا.
-هـذا الشـعب المعطـاء والضحيـة فـي كل الظروف والأوقـات..
-هـذا الشـعب الأبـي الـذي (وللأسـف) في الكـثير من الأحيـان يُـلدغ من الجحـر أكـثر من مـرة..
بكـل أسـف ودمعـة نقول: “إن فشـل التجربـة المؤسـسـاتـيـة لشـعبنـا الآشـوري في العـراق باتت أمـراً واقعـاً وخـبزنـا اليومـي أيضـاً.. ومـا حصل فـي العـراق علـى الصعيـد الوطني والقومـي، لا نتمنى حصولـه فـي أي موطـن آخـر..”
صحيح أن الأغلبيـة في مجتمعنـا ترفض هـذا الواقـع ولا ترضى بـه، لكــن صحيح أيضـاً أن هـذه الأغلبيـة صامـدة فـي صمتـهـا إلـى مـا شــاء الله..
فلتـكن مشـيئـتك يـا أبتـاه، كمـا فـي السـماء كـذلــك علــى الأرض.
غسـان يونـان