بقلم د. رياض السندي
الرمزية في الانتقام
14 / 08 / 2019
http://nala4u.com
كعراقي ومراقب للأحداث، كنت أتوقع شخصيا حدث سياسي أو عسكري يمسّ العراق يوم 8/8، وهو تاريخ إنتهاء الحرب العراقية-الإيرانية عام 1988، فأنا من الذين يبحثون عن الرمزية أو الرسائل المبطنة في التصرفات البشرية وخاصة لدى المسؤولين وصناع القرار. ولكن لم يحدث ذلك، إلا إن الأمر لم ينته عند ذاك الحّد.
فبالأمس، تحدث إليّ أحد الأصدقاء قائلا: ألا ترى معي إن توقيت قصف معسكر الصقر التابع لإيران في منطقة الدورة جنوب بغداد له دلالة معينة؟ والحقيقة لم يدر بخلدي أي حدث تاريخي معين، ولكن الصديق نبّهني إلى ذكرى إعدام صدام حسين الرئيس العراقي الأسبق أول أيام عيد الأضحى. وبالفعل، فأن هذا الحدث قد إنطوى على دلالاتٍ رمزية منذ تاريخ تنفيذه في أول أيام عيد الأضحى من عام 2006. فإيران تعمدت إعدامه والتضحية به في أول أيام عيد الأضحى، وإسرائيل قررت قصف معسكر يضم الصواريخ الإيرانية زلزال في بغداد في أول أيام عيد الأضحى وفقاً للتقليد الشيعي كتضحية إيرانية مرتقبة.
وسواء أكان قصف يوم أمس إسرائيليا بحتا، أو نتيجة حادث عرضي، فرمزية الحدث وارتباطها بذكرى عراقية مميزة تبقى قائمة.
وقد طلب صديقي في حينه نشر ذلك على صفحتي لأنها الأكثر شعبية وإنتشارا وثقة لدي الأصدقاء، ولكني مع ذلك، بقيت غير متيقن من ذلك، ولا أخفيكم إن الشك تسرب إلى نفسي فقلت ربما لصديقي العزيز نية أو غرض سياسي معين، إما لدعم وجهة نظر الأحزاب الشيعية الموالية لإيران أو لتعزيز موقف البعثيين في هذا الوقت العصيب، ولكن جاءت تغريدة الصحفي الإسرائيلي أيدي كوهين الذي اصبح أفضل مصدر لأخبار جيش الفيسبوك وحتى الصحافة والإعلام والقنوات الفضائية العراقية لأسلوبه الساخر، وللغته العربية باللهجة العراقية الممتعة، ولمعرفته الجيدة بالإسلام حتى رأيناه يصحح إحدى الآيات القرآنية ل (المجاهد) هادي العامري، ولمعلوماته الدقيقة حول الطبيعة العراقية وحتى هوساتها الشعبية القديمة زمن محكمة المهداوي الشهيرة عام ١٩٥٨في العصر الذهبي للشيوعية والإتحاد السوفييتي، عندما ذكر في إحدى منشوراته الهوسة الشعبية العراقية (شلع قلع وعشيرج قطعة من السوفييت تقدم يا مهداوي تقدم)، وكذلك صيحات النخوة العراقية المميزة لكل عشيرة عراقية، ونراه يردد عبارة أهل تكريت منشأ صدام بعبارة (أنا اخو هدلة) ، وقد تضمنت تغريدة كوهين الأخيرة الإشارة بوضوح إلى رمزية الحدث يوم أمس وارتباطه بالذكرى ١٦ لإعدام صدام حسين، فكتب يقول:
“بعد أن مرّغ صدام حسين انف إيران وأذنابهم الطراطير الطائفيين الوحل ٨ سنوات وهامة العراق تعلوا (هكذا، والصحيح تعلو) فوق رجس المجوس بكل إيثار.. اليوم أصبح العراق قضاء من لواء بوشهر الصفوي ونفط البصرة يذهب لجيوب لصوص غربان الملالي المجوسية المزدكية… نحن لهم بعد أخو هدلة.”
وصلت رسالتك يا سيد كوهين، وعند كوهين الخبر اليقين.
د. رياض السندي – كاليفورنيا