خاطــرة ادبيــة بعنـــــوان (أنـــا وهــــي)

بقلم مال اللــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com
خاطــرة ادبيــة بعنـــــوان ( أنـــا وهــــي )

2019-07-12
http://nala4u.com

أنـــا ….. وهــــي
………………..

علـى الرغــم مـن اننـا الاقـرب مـن كـل اثنيـن لبعضنـا ، بـل ان احـدنا اقـرب مـن الوريـد للاخـر ، وايماننـا الراسـخ المطلـق بـان لاحيـاة لاحدنـا دون الاخـر ، وعلـى الرغـم مـن شـوقنا المتقـد ولهفتنـا للقـاء بعضنـا لاطفـاء لهيـب اشـواقنا ، الا اننـا لـم نلتـق ، منـذ زمـن علـى الرغـم مـن المواعيـد الكثيـرة بيننـا ، فقـد كانـت دومـا تخلـف مواعيدهـا ، وتتركنـي اذهـب لمواعيـدها متلهفـا متـرعا شـوقا وانـا احمـل آلاف الاسـئلة والوعـود والرغبـة فـي تجـاوز خلافاتنـا لكنني فـي كـل مـرة كنـت اعـود خائبـا ، والامـر نفسـه كنـت اكـرره معهـا ، اضـرب لهـا المواعيـد وادعهـا تنتظـر وتعـود خائبـة، رغـم حاجتنـا الماسـة للقـاء يختصـر المسـافات بيننـا ويجعلنـا ننصـهر باحضـان بعضنـا.

لكـن خـلال لقـاء عاصـف بيننـا لانـدري كيـف دبـره القـدر ، احسست بانني امـام كتلـة فضائيـة هائلـة مـن ثـورة غضـب بركانيـة وهـي تهاجمنـي بعنـف تعجـز ابلـغ التعـابير والابجديـات عـن وصفـه وهـي بـدل ان تعانقنـي بولـه وتضمنـي الـى صدرهـا بلهفـة كانـت تصـرخ بوجهـي قائلـة :

(ايـن انـت ايهـا المتعـب الضائـع فـي متاهـات الحيـاة ؟ لمـاذا كنـت تتهـرب مـن مواعيـدي ومـن لقائـي ؟ وتفتعـل المبـررات الواهيـة التـي لا تقنع احـدا ، لقـد ضربـت لك المواعيـد فـي كـل سـاعات النهـار وفـي انصـاف الليالـي لكنـك كنـت تتهـرب منـي وتديـر ظهـرك لمواعيـدي وتخشـى مصارحتـي والاسـتماع لنبضـات قلبـي الـذي يحتويــك بمحبتـه وانـا الاقـرب مـن دفـق دمائـك ومـن ارتعاشـة روحـك ومـن نبـض وريـدك اليـك ).

احنيـت رأسـي خجـلا ، فقـد كـان كـل ما ذكرتـه واقعـا لا اسـتطيع نكرانـه ، بينمـا واصـلت ثـورة غضبهـا :

(لقــد اهملتنــي كثيــرا وآلمتنــي كثيــرا وفضلــت الغيــر علــي وكنــت انانيــا معــي وكريمــا مــع الاخريــن تكفكــف دمــوع الغيــر وتتركنـي الملــم جراحــات الحــزن فــي اعماقــي ، تخفــف اوجــاع الغيــر وتتركنــي اغــرق فــي اوجاعــي ، وكــم مــن مــرة احتضنتــك ومســحت دمعــك واحتويــت اوجاعــك حتــى لا يشــمت الاخــرون بـــك وحتــى لا تبـــدو ضعيفـــا او مهـــزوزا امامهــم بســبب تراكمـــات مشـــاكلك ، وكــم مــن مــرة تواعــدنا ولكنــك اخلفــت الموعــد ولــم تحضــر وكــم مــن مــرة ادعيــت انــك تحبنــي لكنـك اهملتنــي وكــم مــن مــرة اتفقنــا ان نســهر ســوية لكنــك تركتنــي رغــم حاجتــي لك وســهرت مــع الاخريــن ، وكــم ؟ وكــم ؟ وكــم؟ ومــع ذلك كنــت اغفــر لك واســتقبلك باحضانــي واعانقــك بحنـــان مجنــون وامســح الحـــزن والتعــب عــن جبينــك واداوي جراحاتــك لاننــي احبــك ، وســابقى احبــك ابــدا رغـــم كــل مــا ذكرتــه ورغــم كــل مشـــاكساتك لانــك قـــدري).

ثـم اسـتطردت :

(سـأنتظرك اليـوم بعـد منتصـف الليـل فهـل سـتأتي ؟ عسـى ان لا تنشـغل بسـواي كمـا فـي كـل مـرة وتتركنـي احصـد الخيبـة ، آه لـو تـدرك كـم انـا حزينـة لاجـلك لاننـي وحـدي اعلـم كـم ثقليـة عليـك احمـالك وكـم قاسـية عليـك اقـدارك وكـم مـن شـلالات الحـزن تتفجـر فـي اعماقـك ، لكنـك يا حبيبـي تكـابر ، وانـت تتـحمل كـل ذلك بصمـت وبابتسـامة تجعـل كـل مـن يقـابلك يظـن بانـك الاسـعد فـي هـذه الحيـاة ، تعـال وارم بعـض احمـالك الثقيلـة علـي فانـا ما خلقـت الا لاجـلك)

اطــرقت برأســي خجلا منها ، واذ فكــرت مليــا فقد وجــدت ان كـــل ما ذكرتــه كــان صحيحــا ، فقــد اهملتهــا وتناسيتها وخذلتها وانشغلــت بالاخريــن عنهـــا ، لذا قــررت ان اذهــب اليهــا فـي المـوعد الـذي حددتـه بعـد منتصـف الليـل لاسـتمع اليهـا ولاخفــف بعضــا مــن احزانهــا واحــاول ان احتــوي ولــو جـــزءا مــن اوجاعهـــا.

هــي ليســت زوجتــي ولا حبيبتــي ولا عشــيقتي وليســت صديقتــي او زميلتــي ، هــي خليــط مــن كــل هـــؤلاء، هي قدري وســـأحاول هــذه المـــرة ان لا اخلــف موعــدي معهــأ ، وعســى ان لا تخلــف هــي ايضــا موعدهــأ معــي.

انهـــا نفســــي.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, ثقافة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.