بقلم اللواء بولص مالك خوشابا
السجون تكشف معدن الرجال والوفاء …
07 / 01 / 2018
http://nala4u.com
في عام 1986 كنا في معتقل الاسرى الاسوء في العالم يطلق عليه اسم اراك مخصوص .. 400 ضابط اسير من اشرف واخلص الضباط العراقيين الاسرى لدى العدو الايراني وكنت انا مختار من قبل الضباط الاسرى ممثلا لهم لدى العدو الايراني متحملا كل التعذيب من جراء المواقف الوطنية والذي كان يشمل الجلد و السجن الانفرادي تحت الارض لمدة خمسة عشر يوما اما التغذية في هذا المعتقل فلم يشهد التاريخ مثيلا له في كل حروب العالم من ناحية النوعية والكمية وفي هذه الاجواء الكئيبة
استيقضت صباحا وانا افكر بالذي ساقوله في خطبتي الصباحية لرفاقي الضباط لتقوية معنوياتهم للصمود في وجه التعامل اللا انساني من قبل العدو الايراني وبعد ان انهيت خطبتي بعد التعداد الصباحي والتي كانت خطبة تهجمية على النظام الايراني والهتاف باسم العراق والوطن على مسمع من الحرس الايراني الذين كانوا يفهمون العربية منتظرا ردود فعل الجلادين الايرانيين نحوي, تفاجات بالاوفياء من ضباط جيشنا الاسرى يهتفون باسم العراق ويدعونني الى حضور وليمة الفطور التي اعدوها لي بعد ان اقتصدوا من فطورهم اليومي لمدة اسبوع كامل والذي كان اساسا لا يكفي لاشباع طفل من اجل ان يقيموا لي هذه الوليمة المتواضعة جدا في نظر الناس التي كانت في نظري وفي تلك الظروف من الجوع والقهر اعظم وليمة تلقيتها في حياتي وكانت تشمل قطعة جبن ورغيف خبز وكاس من الشاي يحوي اربعة قطع من السكر وكان هذا الفطور الاول في حياتي في الاسر الذي شبعت فيه في الاسر وكل هذا كان بعد ان فضل الاسرى الشرفاء بحرمان انفسهم من فطور اسبوع كامل لاجل ان يظهروا اخلاصهم لي في عيد راس السنة الجديدة بدون ان اعلم ويومها بكيت لاول مرة في حياتي لانني شعرت وقتها كم هو حب الوطن من قبل الوطنيين عظيم وبانني شعرت حينها بان الوطن هو فوق كل الاعتبارات الدينية والمذهبية والعرقية وللعلم ان نفس الابطال اللذين عادوا للوطن لا يزالون يعتبرونني عنوان الوطنية الاول ولا تزال محبتهم واحترامهم لي يفوق كل تصور وانني اعتبر نفسي بان من اهم ما انجزته في حياتي هو الوفاء لتربة وطني والوفاء لحقوق امتي بمجابهة الاعداء سواء كانوا الايرانيين في الاسر او الاكراد في شمالنا الحبيب
بولص مالك خوشابا
