بقلم د.جميل حنا
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (9)
16 / 09 / 2017
http://nala4u.com
(آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمزأرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثار وفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة).
الأناشيد – الملاحم – الأساطير
الصورة شعرٌ صامت,والشعرُ صورة متكلمة (بلوتارخوس – يوناني فخر أثينا) )
المهتمين بعلم الأشوريات يزعمون بان ملحمة جلجامش تحفة أدبية خالدة لا تضاهيه في الأدب العالمي أي عمل أدبي آخر ويشاطرهم هذا الرأي بدون تحفظ الأدباء والكتاب العالميين. وبهذا يعترفون بأولية الأدب الجميل في بلاد ما بين النهرين، وتعتبر ملحمة جلجامش أكثر شهرة ممثلة لهذه الآداب الرائعة. ليس الأخصائيين بعلم الأشوريات يرغبون ويبحثون لمعرفة منابع نشوء هذه الآداب الجميلة، وإنما المهتمين بعلم الأدب العالمي أيضا.
منذ عقود غير طويلة من الزمن كان جواب الأخصائيين في هذا المجال واضح متفق عليه، بان الكتابة في بداية تكوينها استخدمت الأناشيد والتراتيل.وحاول بعض الأخصائيين بعلم الأشوريات وبعض علماء تاريخ الآداب بإملاء هذا الفراغ الحاصل بالفلكلور الشعبي وإعطاء تفسيرات حسبما يروق لهم.
إن الاكتشاف الأثري الهام في تل أبو صلابيح أعطى جواباً مدهشاً لتصورات العلماء. لقد تم العثور بين مجموعة الألواح القديمة التابعة لتلك الفترة الزمنية في هذا الموقع الأثري الهام على ألواح من عصر أوروك أوشوروباك مكتوبة عليها أعمال أدبية ومن بينها نشيد” معبد كيش” وليس فقط ما يخص تسجيل الواردات والصادرات فقط.
لم تكن بالطبع هذه التراتيل أروع المؤلفات التي أبدعت في عصر الازدهار الذي ندهش له. وإنما هناك شيء مثير للعجب بأن النشيد حافظ بالبرهان القاطع على شكله ومحتواه القديم بدون تغيرات جوهرية تذكر خلال ثمانية قرون من الزمن، لأن السومريين منذ القرن السابع والعشرين قبل الميلاد كانوا يتضرعون للإله أنليل حامي نيبور.
وهكذا سكان بابل في القرن التاسع عشر كانوا يصلون بنفس الكلمات، وكان المصلين في المعبد يتوسلون للإله نيبادا حامية الكتابة، وكانوا يتغنون بمعبد كيش (ترفع قمتها فوق قمم جميع معابد البلد…عظيم…معبداً حقيقي لذلك ظهر في الحلم المواد والأدوات اللازمة للبناء والأشكال الأخرى التي ظهرت في الحلم كانت ترمز للألهة أيضا.
وأما الحمار كان يرمز إلى غوديا ذاته. (وملحمة جلجامش تبدأ أفعالها بتفسير حلم يتبنؤ بالمستقبل (جلجامش الحكيم) الذي يعلم كل الأمور والدته تفسر الحلم بأن ابنها سوف يكسب صديق مخلص،أنكيدو) ومن الحالتين المذكورتين يتبين بأن تطور الأدب في هذه المرحلة كان مرتبطاً ومتداخلاً مع الدين.
ولكن بالمعنى الحرفي للكلمة فإن الأدب الديني يتمثل في التراتيل التي كانت تتلو في المعابد وأما اختيار الرموز والصور الشعرية يتم من خلال التمسك بالعادات والتقاليد السائدة آنذاك. ليس غريباً ان نجد التشابه الكبير بين الأناشيد الأكادية والأناشيد السومرية في مراحلها المبكرة.عوضاً عن الشرح والتحليل نورد هنا مقطع من تراتيل الإله شمش الذي يبلغ مائتي سطر:
تنير الظلمة في قوس السماء،
تدمر الشرير في الأعالي والأعماق…
الشعب يستقبلك بالهتاف،
آه، شمش العالم يتعطش إلى نورك…
المحتاج يشجو على ركبتيه بخشوع،
يصلي ويترجاك بصوت عال
الذي يركع أمامك تباركه،
ومن يخضع لك تجيب دعائه,
يمدحون أسمك بخشوع،
ويمجدون عظمتك إلى الأبد.
والتراتيل في المقاطع التالية تمجد الإله شمش وعدالته:
لا يفر المجرم من شباكك
لا يفلت المجرم من بين عقدتك.
تكشف عن النذل
الذي نظر نظرة سوء إلى إمرأة قريبة
أو الذي رفع نظرة على امرأة قريبة))
إذا وجهت إليه سلاحك لن يخلص
وحتى والده لا يستطيع مساعدته أمام القاضي
الذي لا يمكن أن ترشيهـ الذي يحمي الضعفاء،
الذي يرضي شمش تكون حياته طويلة على الأرض.
إلقاء نظرة على كتب أنبياء العهد القديم وكتب التراتيل (الأناشيد) نجد كم من المتغيرات المرافقة لبعضها بالطبع لم تكن هذه التراتيل من نفس العهد. ولكن التقليد السائد في الشرق الأوسط هو تشبيه الله بالنور وظهوره وسط العواصف والرعد والبرق ومجيئه لمحاسبة البشرعلى أفعالهم.وهناك تشابيه محددة راسخة من الكتب المقدسةومن أكثرهذه المواضيع المعروفة بداية خليقة العالم–الإنسان والطوفان.
المبارزة الشعرية.
إن نبرة الحكم الشعرية كانت مستساغة إلى حد كبير في بلاد ما بين النهرين وخاصة نوع القصائد المشاحنة التنافسية بين الخصم(الهجاء).وفي هذا الجدال الحاصل كان كل واحد من الخصم المشارك في المبارزة واثقاً من صحة ما يقول ويحاول التغلب على خصمه وأن يضعه في موقف هزلي ويتغلب عليه.وهذا النمط كان قريباً جداً من قصص الحيوانات التي كثيراً منها ضمت الملاحم والأساطير أيضا.ً
(مثال على ذلك الجزء الذي يتهم بها جلجامش عشتار بعدم الإخلاص يشير إلى ذلك عدداً من قصص الحيوانات. أصل الضفدع – القصة التي تحكي زقزقة الطيور..الخ وفي عهد جلجامش تم إضافة تسجيل قصة حول الثعلب أيضاً وقصة حول الصقر والأفعى والتي أصبحت مقدمة لملحمة إتانا) …الخ)
واشتهرت مجموعة نصائح الحكم الآشورية من عهد السلالة السركونية، وفيها أب ينصح أبنه (وحسب آراء أخرى المعلم ينصح تلميذه).وما يضاهي هذا الكتاب القيم هي حكم احيقار الحكيم.
والعبرة دائماً نصيحة أو تحذير، مثال الدعوة إلى الحياة الأخلاقية مساعدة المعوزين النية الحسنة نحو الخصم، تحذير من النساء الطائشات، الخصام، والكلام غير المتزن الواعي كما يشير الكتاب والجانب الديني الدعوة بالدرجة الأولى الالتزام والقيام بالواجبات المفروضة تجاه الآلهة. والغالبية العظمى من النصائح صالحة لمدى الدهر
راقب لسانك، وحافظ على كلامك، بهذا تكمن قوة الإنسان.
قبل كل شيء لتتألق شفاك، اشمئز من الاستهزاء والاتهام، لا تهزء بالآخرين، لا تعطي نصائح شريرة، من يفعل خدعة، يفقد كرامته.
وأبيات شعرية آشورية أخرى (مشابهة على النمط المذكور أعلاه) على نفس النمط – على أغلب الاعتقاد السائد بأنها تراتيل موجهة للآله نينورتا ويحوي على دروس وعبر أخلاقية
من يضطجع مع امرأة رجل آخر، يقترف ذنب فظيع
القسم باطلاً, مهين للكرامة.(شهادة الزور,مهين للكرامة)
من يرفع يؤشر بأصبعه إلى قريبه بالنية الطالحة، ومن ينثر اللعنة على أخيه،
ومن يدفع مرؤوسيه إلى الفقر المدقع، ومن يستغل الفقير حسب أهوائه السيئة… إنسان شرير، والذي……)
الترنيمة الجنائزية
إن الآلهة والبشر خرقوا أسس ومبادئ الأخلاق العامة بالرغم من كل التحذيرات التي دونت ولقنت بعدم ارتكاب الفواحش، خلال عصور التاريخ دمرت المدن مرات عديدة، وعانى سكانها الويلات الفظيعة وذاقوا مرارة العيش وهلك الكثير من البشر، نتيجة هذه الأحوال السائدة ظهر نوع من الترانيم الجنائزية، وتنتمي إلى المؤلفات الأكثر سحرية (فتونة) من بين الأعمال الأدبية التي ظهرت في بلاد ما بين النهرين.
ومن بين هذه الأعمال الأكثر كمالاً وسحراً مبكى مدينة أور يعني المدينة المدمرة من أهم التراتيل السومرية التي عثر عليها
تتألف من إحدى عشرة ترنيمة غير متساوية الطول مجموعها أربعمائة وستة وثلاثون سطراً مكملة بالترنيمة الرد الجوابية
عبر الشاعر المجهول بمناسبة تدمير المدينة وخرابها اللإنساني بترتيله مليئة بالحزن والأسى العميق بما حل بمدينتهم
الناس يموتون جوعاً، والجثث مرمية في الشوارع، والعجزة يهلكون في البيوت الملتهبة بالنار،ونهر الفرات يجرف جثث الأطفال الرضع ومن خلص من المأساة أخذ للعبودية، تحولت المدينة إلى أنقاض مدمرة ومن تجاوز محنة المأساة التي أصابتهم أخذوا للعبودية العلاميين والشوبارتيين الطغاة المهاجمين يدمرون معابد الآلهة، وهؤلاء يغادرون مدينة أور على عجل. والترتيله تعبر عن الشكوك بالإلهة ولعدم قدرتها على تقديم العون وإنقاذ والدفاع عن الناس.
(في المعابد، حيث كان أصحاب الرؤوس السوداء يبحثون عن هدوء لأفكارهم يزداد الغضب والحزن عوضاً عن التقوى والخشوع)
وفي الخاتمة يميل الشاعر إلى التسامح – المسالمة – والثقة والتفاؤل:
(العاصفة، التي دمرت في السماء ووعلى الأرض وكل الأحياء وشعب الرؤوس السوداء
لتهدأ إذاً هذه العاصفة!
لتغلق الأبواب ورائها، كباب الليل الكبير!
لن نسمح للعاصفة بأن تطغي!
لنملك القوة بدق المسامير لغلق معبد انليل!
والترتيله الحزينة المشابهة على آخر الملوك السومريين إبي – سين والذي عثر على جزأين مكسورين منه في مكتبة معبد نيبور
.أن لا تعتني الأم بطفلها،
أن لا يدلع الزوج قرينته،
أن لا تحصل المرأة على المتعة في سرير زوجها،
أن لا يكبر الطفل في أحضان أبيه،
أن لا تنوم المربية الرضيع،
أن يتغير مقر الكرسي الملكي،
أن يقيد الحكم العادل،
أن تنقل الملكية من البلد وتأخذ للغربة،
لكي يقدم إبي سين إلى أرض عيلام،
لينقل إلى أعماق الجبل، حتى انسانيج
لكي لا يعود لمدينته،
أن لا يعود إلى مدينته، مثل الطائر إذا دمر عشه، مثل الغريب
أن – إنليل ملك جميع البلدان،
هكذا أوصى بمصير سومرمن يتجرأ أن يحرف كلام آن؟
من يتجرأ أن يتهجم على كلام إنليل؟
يعرف كثيراً من ترانيم الحزن (مبكى نيبور عندما دمرت – مبكى أورو – انيم – جينا لأجل دما – مدينة لاغاس)
ونعلم عن البعض الآخر من عناوين الفهارس التي عثر عليها مثال
مبكى من أجل سقوط مدينة أغادا من عهد نارام سين))
مبكى من أجل تدمير سومر..الخ
بالإضافة لذلك عرفت ترانيم حزن متنوعة أخرى رددت في الطقوس الاحتفالية أو قيلت مثال على ذلك غناء الحزن لأجل دوموزي، والتي نظمت لأجل إله عالم النبات، والذي عرف من ملحمة بعنوان من السماء الكبرى – العظمى – نحو الأرض الكبرى.
يبكى على دوموزي عندما ينتقل إلى عالم الغيب، ويأتي الشتاء القارس ويمجد الطبيعة، ولكن مع قدوم الربيع يعود الآله ويحتفل بعودته بقيامته.
الأمثال
إن حكمة الشعب في بلاد ما بين النهرين تنعكس بوضوح في رؤيته من خلال الأمثال المتداولة. يعرف مئات الأمثال من العهد السومري، والتي كتب الكثير منها في مجموعة مؤلفات،كتب مدرسية. وقصد الأمثال في حالات عديدة غير واضحة لأننا لا نفهم أساس الوضعية التي قصد بها الكاتب، ولكن الغالبية من الأمثال واضحة جلية ومفهومة، تنقل صورة واضحة عن واقع العلاقات الاجتماعية والاقتصادية ونشاهد أمثال مشابهة لها في عصرنا.والمثل التالي يعبر بواقعية عن هموم الإنسان الفقير
(إذا مات الفقير لا تقيموه: إذا ملك اللحم لا يوجد خردل، إذا ملك خردل لا يملك اللحم)
ويعرف سخرية الناس من ذلك العهد على المتعجرفين المتكبرين (يبني كالسيد ويعيش كالعبد، يبني كالعبيد, ويعيش كالسيد))
وأشاروا إلى المشاكل العائلية على الشكل التالي:
من لا يتزوج وليس له أطفال لا يربط أنفه بالرسن). (كان قديماً يوضع حلقه في أنف أسيرالحرب ويقاد بواسطته))
لم تكن الزيجات دائماً موفقة (قلب الخطيبة مليء بالفرح – وقلب الزوجة مليء بالحزن))
بعد لم يصطاد الثعلب يضع الحمل حول عنقه!
مثال عليه من هذا العصر (يشرب سلفاً لأجل فروة الدب!
والمثل الحالي من تحت المزراب لتحت المدلف!)
أو (في حين هربت من الثور الهائج سحقتني البقرة البرية)
المؤلفات السياسية :
بهذا الخصوص ايضا ابدع الملوك الآشوريين .حيث نجد الملك تغلاتي – نينورتا الأول يضع مؤلفا يوضح فيها وجهة النظر الآشورية من العلاقة بين الآشوريين وبين الكاشيين الذين غزو بابل وفي هذه الكتابة يظهر فيها كالمدافع ومنقذ الوطن واالحاكم المختار من قبل الآلهة.وبعد مرورعقد ونصف من الزمن حيث نجد الكتاب في بلاط الملك تغلاتي – ابال- إيشارا يكتبون بنفس النمط حيث يصفون سيدهم الملك “الصياد الشجاع لبغال الجبال” وكما نشاهد بأن الملك آشور-أهيدينا يكتتب شعرا على إعادة إعمار بابل ومقدار الهم الذي يحمله في قلبه من أجل المدينة والخراب الذي أصابها بعد تدخل الغزات فيها.ومنذ أكتشاف هذه الوثائق تعتبرأحدى أهم الكتابات التي عثر عليها من هذا النوع ويوجد منها أربع نسخ وقد ترجمت إلى لغات عديدة, والنسخة الأصلية ليس لها عنوان والأصدارات الجديدة أعطت عنواين مختلفة لهذه الكتابة منها ” نصائح إلى الملك” ” مرآة الملك ” تنبيهات للملك” ” تحذيرات للملك بالتنجيم ” وعالم الآشوريات الروسي يسميه ” بالكُتيب السياسي ” والذي عنون للملك الشاب” سنحاريب”.ولكن دعونا من كل هذه الأقتراحات حول التسمية,ولنركز كيف كان يتم مخاطبة الملوك الآشوريين العظماء,وكيف كانت تقدم لهم التحذيرات والنصائح.
ولنرى مثل على ذلك:
” الملك ,
إذا لم ينصاع إلى الدستور (القوانين )- سيتمرد الشعب عليه , وتتحول المملكة إلى خراب,
إذا خرق دستور وطنه – مصير الملك سيحطمه القدر, غريبا يطرد إلى عالم “إيا”,
إذا أنتقص من أجداده,أعماله تصغر(مزاياه تصغر,في عيون الشعب ),
إذا لم يستمع للأول(الحكيم) في البلد- ستبدأ القلاقل بين أوساط الشعب,
إذا ساد الفساد في المجلس- فسدة الأخلاق في البلد ,
إذا أستمع إلى نصائح “إيا ” سيتقدم في طريق مستقيم ,والآلهة ستحمي خطواته…
هذه الوثائق التي كانت محفوظة في مكتبة آشوربانيبال, ويوجد العديد من الأمثلة أيضا على الأداب الجميلة في بلاد ما بين النهرين.وكانت على الأغلب تلقى هذه الأعمال الأدبية شفهيا على الناس وكان يتداولها عامة الناس , ولذا نجد الكثير يتحدث عن الفلكلور في بلاد ما بين النهرين.
الأغنية .
كانت الأغاني هي من أكثر الأشياء الرائعة التي يستمتع بها سكان بلاد ما بين النهرين.ويقول أحد الشعراء غير المعروفين من بابل أثناء سماعه لأحدى الأغاني أنها ” أحلى من الخمر والعسل”
وعثر على سجل الأغاني في آشور والذي يصنف الأغاني حسب نوعها : أغاني الصباح ,أغاني المناسبات السنوية ,أغاني العزائم والأحتفالات,أغاني الحب, والشجاعة, أغاني الرثاء,أغاني القتال, والعمل, وكان هذا النوع الأخير من الغناء يغنيه عمال شق الترع والقنوات . وقد عثر على لوحات في نيبورعلى نثر شعري سومري ويعد من أقدم أشعار الحب في الأدب العالمي.ويعتقد من كلماتها بأن لحنها كان عذبأ, إلا أننا لا نعرف بالتأكيد.
” حبيبي,كم أنت غال لقلبي,
عناقك رائعاً حلواً,مثل العسل
أسدِ,كم أنت غال على قلبي ,
عناقك رائعاً حلواً, مثل العسل.
أسرتني, مرتعشة أقف أمامك,
حبيبي ,لو تأخذني إلى أريكتك (الأريكه),
حبيبي دعني أضمك بين ذراعي,
قبلاتي الملتهبة حلوة , كاالعسل:
نستشف شهد شفتينا, على أريكتكَ,
في حضنك الرائع ,لنكن سعداء,
أسدِ, دعني أضمك بين ذراعي,
قبلاتي الملتهبة حلوة, كالعسل!
الموسيقى :
كانت الموسيقى والآلات الموسيقية لها دور بارز في حياة البلاط وخاصة في طقوس المعابد وفي الأحتفالات الوطنية خاصة أحتفالات رأس السنة وفي مناسبات كثيرة منها عندما يتم تدشين مشاريع حيوية ذات أهمية في حياة المجتمع.
لقد عثر على الكثير من المصادر الأدبية حول خصائص الموسيقى في بلاد ما بين النهرين وعن غنى الألحان والآلات الموسيقية وتنوع كبير نجدها في الرسومات المتوفرة بين أيدينا في الوقت الحاضر.في ذلك العصر لم يقتصرأهمية الموسيقى على الأستمتاع الذاتي بل كانت تؤدي وظيفة إجتماعية,وفي غالبيتها كانت تظهر في طقوس العبادة,والبعض الآخر كانت تستعمل في المناسبات الدنيوية .وكانت الموسيقى تلعب دوراً هاما في طقوس المعابد ومراسيم القصر على حد سواء. فعدا عن الترتيل الذي يقوم به ال ” كالو” كانت هناك فئة -اخرى من الأشخاص المتخصصين في ذلك ويؤدون الألحان غناءً وعزفاً.وكان لقب الرجل من تلك الئة هو ” نارو” ولقب المرأة “نارتو” غالباً ما يرد ذكر الموسيقى إلى جانب الكهان ال” الكالو” في طقوس المعابد.وغالباً ما كان ذكر الموسيقيين – رجالاً ونساءً على السواء – بأعداد كبيرة فيما يتصل بشؤون القصر.كذلك كان الموسيقيون يرافقون الملك الآشوري في حملاته.وكان المزمار من اسهل الآلات الموسيقية التي جهزت من القصب ,وكان يسمى بالسومري ” جي- جيد (جي = قصب),وفي البدأ كان الرعاة من جهزها, وفيما بعد تم تجهيز,تصنيع المزمار من البرونز,والفضة والذهب.يذكر غوديا حاكم لاغاس في احد الوثائق أن ” إنليل راعي الماعز, ملىء أجواء قاعىة معبد “إنين”الجميلة بالمرح).
لقد عثر على انواع مختلفة من القيثارات اثناء الحفريات في المقبرة الملكية ل” أور”, وهذا يتضح بأن القيثارة كانت من الآلات الموسيقية المفضلة من خلال الحفريات التي تمت في الطبقة الرابعة,وذلك حتى قبل عهد غوديا بخمسمائة عام. وفي ذلك الحين كانت القيثارة تتألف من ثلاثة آوتار, ولكن عثر على أختام أسطوانية من القرن السابع والعشرون قبل الميلاد في عهد ” مي ساليم” الصور تبين بأن القيثارة كانت لها ستة آوتار. وفي الحقيقة فأن القيثارة كانت من الآلات الموسيقية الملكية.
القيثارة التي عثرعليها في قبر الملكة ” بو- آبي” كانت على شكل مستطيل كانت الحواف مرصعة بحجر اللازورد والصدف.ولكن أجمل قيثارة عثر عليها وهي مصنوعة من الخشب,وعليها مجسم رأس الثور مصنوع من الذهب, ومرصع بحجر اللازاورد.كانت هذه القيثارة الملكية تتألف من أحدى عشر وتراً وكانت مفاتيح الشد مجهزة من الذهب. وقد عثرعلى قيثارة بخمسة عشر مفتاح شد وهذا يدل بأنه كان هناك تنوع كبيرفي انواع القيثارات.وكانت القيثارة تسمى على الأغلب بعدد آوتارها مثلاً (ثاليثتو) أي ثلاثة آوتار او مثلاً (سابيتو) سبعة آوتار.قد استخدمت آلات النفخ والطبلات بأنواعها الكبيرة والصغيرة ودف الخشخاش والصنج والعود الصغير ذات رقبة طويلة وصندوق صغير سميت ب ( بان-طور) أي القوس الصغير وأقتبس الفرس منهم وسموها (طان –بور)أو ما تسمى بآلة ( الطنبور) او البزق غيرها من الآلات مثل الكنارة واللير والقانون والناي والمزمار الهارب وغيرها. وقد عثرعلى مجسمات تصور هذه الآلات الموسيقية.ومن العهد الآشوري الحديث نشاهد مجسمات لآلات موسيقية وترية تتكون من خمسة عشر وخمسة وعشرون وتراً. ومن هذا يتضح بأن الآلات الموسيقية بالرغم من مرور آلاف السنين من ذلك العهود لم تتغير:ثيراً. وقد عرف العالم بفضل التنقيبات التي أجراها لايارد في مواقع القصور الملكية الآشورية من العهد الحديث على أنواع مختلفة من الآلات الموسيقية .
لقد أبتكر أبناء بلاد ما بين النهرين الكثير من الآلات الموسيقية الرائعة الوترية منها والإقاعية والهوائية, وقد كانوا سباقين لغيرهم من الشعوب المجاورة في المنطقة بهذا الخصوص أيضاً كما في مجالات أخرى كثيرة جداً. وبذلك يكونوا قد قدموا إنجازات رائعة ذو أهمية بالغة لتاريخ وتطور الموسيقى وآلاتها في العالم.للموضوع صلة قادمه.
2017-09-16
د.جميل حنا
للمزيد; انقر على الرابط ادناه