قراءة في كتاب “القوش عبر التاريخ” الجزء السادس

بقلم سامي بلو
قراءة في كتاب “القوش عبر التاريخ” – الجزء السادس

29/ 07 / 2017
http://nala4u.com

  1. في الصفحة 331 وما قبلها وما بعدها، واينما وردت الاسماء، حنانيشوع و ايشوعياب وما يشبهها من اسماء اعلام، وردت بصيغة اسمين منفصلين، (حنا نيشوع و ايشو عياب). ان هذه الاسماء السريانية هي اسماء مركبة وتكتب مدموجة كأسم واحد، في البداية اعتقدت بانها اخطاء مطبعية، ولكن تبين بانها كتبت هكذا اينما وردت في الكتاب، وكأنها اسماء غريبة على الكاتب والمنضدين والمراجعين، وكأنهم لم يسمعوا ولم يقرأوا مثل هذه الاسماء السريانية المركبة من قبل.
  2. في مجرى الحديث عن نادر شاه (طهماسب) في الصفحة 333 ورد ما يلي: “والاهلون يطلقون على تل الى شرق من البلدة (القوش) اسم (طلشا) والذي يعني (تل الشاه)، يقال ان الشاه المذكور ارتاح مع جنده عند هذا التل بعد ان تم له اكتساح القوش وخرابها”. لا اعلم ان كان هذا هو من استنتاج الاخوين بابان، أم قد سمعاه او قرأه في كتاب اخر، حيث لم يذكرا لنا مصدر المعلومة. وسبق لي ان قرأت تأويل اسم (طلشا) الى (تل الشاه). ولا اجده مقنعا البتة، فلماذا تحرف كلمة (تل) الى (طل) طالما ان الاولى مستعملة في لهجة القوش؟ باعتقادي ان كلمة (طلشا) كتسمية لهذين التلين الى الشرق من القوش هي اقدم بكثير من نادر شاه وحملته على المنطقة والقوش سنة 1743، وانها سريانية متأتية بسبب تركيبة هذين التلين من حجر كلسي هش يتففتت بسهولة، سواء بتدخل الانسان، او بسبب عوامل التعرية الطبيعية، وكما هو معروف ان امام التلين تنتشر مادة كلسية بيضاء، لذا تكون هذه التسمية قد اطلقها اباؤنا عليهما، وهي من الجذر السرياني (طلَش) بتسكين الطاء والذي يعني طلس، لوث ….. وربما كانت هذه المادة تستعمل في السابق لطلس جدران بيوت الطين لتبيضها، وقد شاهدت ظاهرة طلس الجدران لبيوت الطين في بعض قرانا في الشمال، حيث تطلس الجدران جميعها او الى منتصفها بمادة كلسية بيضاء.
  3. تحت عنوان “من احداث القوش التاريخية في سطور” وفي صفحة 357 نقرأ : ” 1551 م: اول دخول للكثلكة الى القوش عند انتخاب رئيس دير الربان هرمز (يوحنا سولاقا بن دانيال بلو) بطريركا، وبذلك اتخذت كنيسة مار ميخا لممارسة شعائر الدين بعيدين عن النساطرة. وبعدها انتشر الايمان الكاثوليكي بصورة سريعة وبنيت الاديرة والكنائس.” بينما نقرأ في الصفحة 109 بان الشماس خوشابا ابن الشماس يوسف من بيت رومانوس الالقوشي قبل الرسامة الكهنوتية من يد البطريرك يوسف الرابع في ديار بكر سنة 1763، ومن ثم عاد الى القوش ليصبح باكورة الكهنوت الكاثوليكي في بلدته. ويتابع المؤلف بانه في زمن القس خوشابا اتخذ المتحولين الى الكثلكة من كنيسة مار ميخا مكانا لممارسة طقوسهم الدينية. اي بعد مئتي سنة من التاريخ موضوع البحث. وفي الصفحة التالية، صفحة 110 يقول المؤلف: ” انتشر الايمان الكاثوليكي بصورة سريعة، وقام مرسلون بنشر الكثلكة ومن اشهرهم، مار يوحنا هرمز من بيت ابونا والقس كوركيس يوحانا الالقوشي.” ولا اعلم لماذا اعتبر البطريرك يوحنا هرمز من المرسلين لابل من اشهرهم؟. ولشحذ ذاكرة القارئ نقول بان بين يوحنا هرمز والبطريرك سولاقا حوالي ثلاثة قرون، وبين يوحنا سولاقا واول كاهن كاثوليكي في القوش قرنين من الزمان، وبالاضافة الى هذا فان يوحنا سولاقا البطريرك لم يعد الى القوش بعد رسامته في روما، ولم يعد حتى الى الموصل، بل بقي في آمد (ديار بكر). ويعود الكاتب في الصفحة 358 ليذكر بان الكاثوليك في القوش سنة 1767 لم يشكلوا اكثر من عشرين بالمائة من نفوس البلدة اي مائة عائلة من مجموع خمسمائة عائلة، اي بعد اكثر من مئتي سنة من تنصيب يوحنا سولاقا بطريركا، هذا اذا اسلمنا بمصدر المعلومة حول وجود 100 عائلة من الكنيسة الكلدانية.
    خلاصة القول ان المذهب الكاثوليكي لم ينتشر في القوش سريعا، ولا بطيئا في زمن البطريرك يوحنا سولاقا، ولم يذكر لنا المؤرخون اي وجود للكلدان في القوش إلا بعد حوالي مئتا سنة من حدوث الانشقاق في كنيسة المشرق، بل بقيت القوش مغلقة على معتقد كنيستها المشرقية، ومحتضنة لكرسيها البطريركي، وعلينا ان ننتطر قرنين من الزمان لنرى بوادر المذهب الكاثوليكي تظهر وبصورة محدودة في القوش، وثلاثة قرون لكي ينتشر المذهب الجديد بصورة سريعة، وتحديدا في زمن البطريرك يوحنا هرمز ابونا وعلى يده. لا اعلم كيف فات المؤلف كل هذه الاختلافات التي اوردها حول هذا الموضوع.
  4. في الصفحة 361 وتحت عنوان 1908م حركة انشقاق دينية، يتهم المؤلف القس كيوركيس ياقو ابونا (المطران ايليا ابونا لاحقا) بتزعم حركة انشقاق بغية حصوله على الدرجة الاسقفية، ويتابع المؤلف بتناقض واضح دون ان ينتبه اليه ليؤكد بان بان هذه الحركة الانشقاقية سبقها خلاف حاد حصل بين القس كيوركيس وبين المبشرين الغربيين في الموصل وصل الى حد أن دبروا له مكيدة لاغتياله. اذا هذه الحركة التي تزعمها القس كيوركيس لم تكن من اجل الحصول على الدرجة الاسقفية. بل كان بسبب خلافات بين هؤلاء المرسلين الذين كانوا يسيرون الكنيسة الكلدانية كأسياد لها دونما اي اعتبار لرئاستها والاكليروس. فاذا كان الغرض من هذا الانشقاق الذي قاده القس كيوركيس هو الحصول على الدرجة الاسقفية لنفسه، فما بال القس كورئيل دمان؟ وماذا كانت دوافعه؟ وماذا كانت غايات البقية من خارج القوش من كهنة وشمامسة؟ هل كان لكل من هؤلاء غايات ومنافع شخصية؟ لا اراه مقبولا ان يقوم المؤلف باطلاق مثل هذه التهم جزافا. لان الحقيقة هي غير ذلك، وأن اجيال في هذه البلدة لم تتمكن من ان تنسى مجد القوش السابق ومجد كنيستها الشرقية، التي شرفت القوش بكرسيها البطريركي ولعدة قرون، ولا ان يغفروا لهؤلاء المرسلين الغربيين الذين كانوا السبب في افول شمس كنيستهم المشرقية من عدة مناطق من العالم، وهؤلاء المرسلين كانوا السبب في ضياع تاريخ كنيستنا وامتنا بحرق الاف المخطوطات التي تركها اجدادنا ارثا لا يثمن لعشرات القرون، ومن يقرأ كتاب المطران مار ايليا ابونا “تاريخ بطاركة البيت الابوي” يلمس ويرى بوضوح مدى اعتزاز هذا الحبر بكنيسته الشرقية وتاريخها وارثها، وهذا ينطبق على الكثير من ابناء القوش رغم مرور مئات السنين على تحولهم للمذهب الكاثوليكي الروماني. والبطريرك يوسف اودو كان على وشك ان ينفصل عن روما، ويعود الى جذوره الشرقية، فهل كان البطريرك يطمع بدرجة كنسية اعلى؟ أم ان السبب كان لقيام روما ومرسليها بسلب حقوق وصلاحيات رئاسة الكنيسة الكلدانية وتحجيمها، واقتطاع اجزاء كبيرة من ابرشيات هذه الكنيسة والحاقها بروما مباشرة؟
    يتبع الجزء السابع والاخير

سامي بلّو

للمزيد; انقر على الرابط ادناه

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.