قراءة في كتاب” القوش عبر التاريخ” الجزء الرابع

بقلم سامي بلو
قراءة في كتاب “القوش عبر التاريخ” – الجزء الرابع

15/ 07 / 2017
http://nala4u.com

لقراءة الاجزاء السابقة بالامكان الرجوع الى ارشيف الموقع لطفا

10.عائلة بلو وقصة الهجرة من القوش: يُفرِد مار يوسف بابانا صفحات من كتابه للتحدث عن عائلة بلو والبطريرك يوحنا سولاقا بلو، ويأتي بالحجج والاثباتات ليبرهن بما لايقبل الشك بانتماء هذا البطريرك الى عائلة بلو الالقوشية العريقة. كما يذكر في الصفحة 116 بانه يظن بان هذه العائلة هي فرع من عائلة شكوانا، ولا اعتقد بان ظنون المؤلف في محلها، حيث لم نسمع من ابائنا واجدادنا باية علاقة تربطنا بعائلة شكوانا الجارة لعشرات القرون، سوى علاقة النسابة والتزاوج بين العائلتين. وفي نفس الصفحة يروي المؤلف قصة لهجرة احد فروع عائلة بلو، ومرة اخرى يحجب المؤلف عنا مصدر معلوماته هذه، ويذهب المؤلف الى ان هذه الهجرة حدثت ما بين 1650 الى 1743م، ويبدو انه قد توصل الى هذه التواريخ من حسابات بسيطة لاجيال هذا الفرع من بيت بلو المأخوذة من شجرة عائلتهم التي ترقى الى جدهم الاعلى شابا بلو المذكور في هذه الشجرة. وكما هو الحال في شجرة عائلة بلو في القوش، حيث شجرة العائلة ترقى الى جدهم الاعلى ياقو بلو، وبتتبع سلسلة الاباء يكون ياقو بلو قد عاش في القرن السابع عشر، فهل هذا يعني بان عائلة بلو ظهرت الى الوجود في هذا التاريخ؟ الشواهد والتاريخ والتراث المتواتر تقول عكس هذا، وتؤكد امتداد جذور هذه العائلة بامتداد تاريخ القوش. والسؤال هو: هل بالضرورة ان يكون شابا بلو واخوته هم الذين تركوا القوش وتوجهوا الى اورميا في بلاد ايران؟، حيث ان الاحتمال الاقوى ان يكون ابائهم من قبلهم قد هاجروا من القوش اثر الانشقاق الذي حدث في كنيسة المشرق على يد البطريرك يوحنا سولاقا بلو، والمرجح ان يكون فرع العائلة التي تركت القوش هي عائلة البطريرك المباشرة- اخوانه وعوائلهم- وذلك بسبب الخصومة التي حدثت لما اقدم عليه اخيهم، والتي بلا شك قد وقعت بينهم وبين باقي ابناء القوش الذين كانوا على معتقد كنيستهم المشرقية، ويبدو ان هذه العائلة، اي عائلة البطريرك المباشرة، اصبحت في وضع لا تحسد عليه بسبب قيادة اخيهم لهذا الانشقاق من الكنيسة الام، باعتقادي ان هذه الاسباب كانت وراء هجرة هذه العائلة وتركها القوش بدون رجعة. وقد تأكدت من هذه المعلومات من خلال تقصي اخبار هذا الفرع من عائلة بلو خلال العشرين سنة الماضية، وتمكنت من اللقاء باثنين من احفاد هذه العائلة في جمعية اشور بانيبال الثقافية في بغداد، وقبل فترة قصيرة استمعت الى مقابلة من راديو نينوى الذي يبث على الانترنيت، في برنامج تاريخ الاشوريين واورميا الذي يقدمه اولبيا سركيس، شدتني المقابلة كثيرا لانها كان مع السيدة ليدا حفيدة شموئيل خان، الشخصية الاشورية المعروفة الذي يذكره مار يوسف بابانا في كتابه، والذي استشهد مع البطريرك مار بنيامين على يد سمكو الشكاكي سنة 1916. وكان للسيد شموئيل خان (بلو) (د ماوانا) اثنين من ابنائه من ضباط الجيش الاشوري بقيادة الجنرال اغا بطرس ، جميع هؤلاء الاحفاد اكدوا بحسب ما سمعوه من اجدادهم بان ابائهم خرجوا من القوش قبل حوالي خمسمائة سنة، وليس قبل ثلاثمائة سنة كما ذكر المؤلف. اما القصة التي يوردها مار يوسب باباناعن هجرة العائلة، فهي باعتقادي لا تخرج عن دائرة قصص البطولات التي تنسجها مخيلة الحكاة حول من كان يترك بلده ويهاجر الى المجهول، لان سبب هجرة هذه العائلة هي غير تلك الاسباب المذكور في القصة.

  1. عائلة ابونا: يتطرق الكتاب في الصفحة 168 وتحت عنوان ” نبذة تاريخية عن العائلة الابوية (ابونا)”، وفي مواضع اخرى من الكتاب. ويتناول الكتاب هذه العائلة العظيمة بما لا يليق بمكانتها، وخاصة بعد ان تجلت امام المتابعين لتاريخ الكنيسة الشرقية في عصرنا، جميع الدسائس التي حيكت من قبل الارساليات الغربية ضد هذه الكنيسة المقدسة ورجالاتها، لاسباب لم تعد خافية على المطلعين، ومن المؤسف حقا ان يحذوا مؤلف الكتاب والاخوين بابانا حذوا الاقدمين الذين كانوا تحت تأثير افكار تلك الارساليات، ويتبعوا نفس الاسلوب الذي زرعه المرسلين في اذهان البسطاء من شعبنا، وبدلا من كيل المديح والتمجيد لهذه العائلة الالقوشية التي ادارة دفة كنيسة المشرق لقرون عديدة بحكمة متسلحين بايمانهم المسيحي الراسخ، بواسطة سلسلة من البطاركة الابوين الذين عاشوا حياة التواضع والتقشف وفي بيوت بسيطة بحسب ما تمليه المبادئ المسيحية، فلو كانت هذه العائلة كما روج المرسلين الغربيين عنهم، فاين قصورهم؟ واين املاكهم؟ ومن هو من جيلنا يعلم علم اليقين بساطة بيوت هذه العائلة، والتي لم تكن تختلف عن اي بيت من بيوت القوش، لابل هنالك الكثير من البيوت في القوش اوسع واجمل من بيوت هذه العائلة. وعن المؤرخ الراحل الدكتور هرمز ابونا سمعنا اكثر من مرة، بان ولادته كانت في الغرفة التي اتخذها البطريرك يوحنا هرمز ابونا قلاية له، غرفة بسيطة لا تختلف عن اية غرفة اخرى في بيوت القوش. اين املاكهم؟ فاراضيهم الزراعية ليست اكثر او احسن من باقي عوائل القوش. وجميعنا نذكر قنطرة بيت ابونا التي اتخذها البطاركة ديوانا لهم لتسيير اعمالهم في ادارة كنيسة المشرق وابرشياتها المترامية الى اقاصي الشرق، مصاطب الحجر التي كان يجلس عليها احبار هذه الكنيسة لم تكن مصنوعة من الابنوس، ونحن واثقون بان تلك الفرش التي كانت تغطيها لم تكن مصنوعة من الحرير ومن ريش النعام. أما اسباب انحسار كنيسة المشرق فليست كما يصفها الكتاب في الصفحة 170 والتي يعزوها الى حصر منصب البطريرك بالعائلة الابوية، انما انحسرت هذه الكنيسة لسببين حقيقين، اولهما الضربات المتعاقبة من قبل المغول في القرن الثالث عشر، كما يشير الى ذلك المؤرخ البير ابونا بكتابه تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، وكذلك المؤرخ هرمز ابونا في سلسلة كتبه “الاشوريون بعد سقوط نينوى”، والسبب الثاني هو دسائس المرسلين الغربين التي ادت الى تقطيع اوصال هذه الكنيسة المشرقية المجيدة.
    اذا آن الاوان، وعلينا جميعا كابناء مخلصين لالقوش، او كأشوريين، او كأبناء للكنيسة الكلدانية، أن نفتخر ونتباها بهذه العائلة الكريمة، واود الاشارة الى ان اخر بطريرك من هذه العائلة لكرسي السهل وتحديدا الكرسي البطريركي في القوش، مار يوحنان هرمز، كان هذا الرجل السبب في انتشار الكنيسة الكلدانية، بعد ان تبع روما، وخاصة في بلدات وقرى سهل نينوى، ولولاه لما وجدنا الكنيسة الكلدانية على ماهي عليه اليوم، على مثقفينا انصاف هذه العائلة عند التحدث عنها، وتبجيلها لما قدمته لكنيستنا المشرقية من رجال عظام، والكف عن النسج على منوال الاقدمين الذين شُوِهَت افكارهم من قبل هؤلاء المرسلين الذين كانت لهم اطماعهم وغاياتهم في تقسيم وتحجيم كنيسة المشرق وتقليص مناطق نفوذها، ولم تنتهي هذه الغايات والاطماع، حتى بعد انشقاق الكنيسة، وظهور الكنيسة الكلدانية المنشقة من الكنيسة الام، والمتحدة مع روما، ولنا في مشكلة البطريرك مار يوسف اودو مع روما حول ابرشيات الهند، مثالا واضحا على ذلك. ستة وعشرون بطريركا من هذه العائلة دبروا بحكمة ومخافة اللـه، وسط بحر متلاطم من الاضطهادات والقتل والتهجير، نعم دبروا كنيسة المشرق المقدسة بنكران الذات، للفترة الممتدة من 1318 وحتى 1975، وهذا لعمري دين ثقيل على اكتاف جميع مثقفينا، وعليهم احقاق الحق ووضع حد للترسبات السلبية التي غرسها المرسلين الغربيين والغرباء في عقول بسطاء شعبنا.

يتبع لطفا الجزء الخامس

سامي بلّو

للمزيد; انقر على الرابط ادناه

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, كتب , تاريخ. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.