بقلم شذى توما مرقوس
كُتَّاب القِصَّة القَصِيرَة والقَصِيرَة جِدَّاً / الجزْء الثَاني ( 27 )
( مُضَافاً إِلى ذَلِك فَنّ التَأْلِيف المَسْرَحِيّ وكُتَّابَهُ ، وأَدَب الطِفْل )
20 / 04 / 2017
http://nala4u.com
كُتَّاب القِصَّة القَصِيرَة والقَصِيرَة جِدَّاً / الجزْء الثَاني ( 27 )
( مُضَافاً إِلى ذَلِك فَنّ التَأْلِيف المَسْرَحِيّ وكُتَّابَهُ ، وأَدَب الطِفْل )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إِعْداد وتَقْديم : شذى توما مرقوس
الخميس 1 / 5 / 2014 ــ والعَمَل مُسْتَمِّر
طَابِع المَوْضُوع :
بِطاقَة
تَعْرِيفِيَّة بِكُتَّاب وكاتِباتِ القِصَّة القَصِيرَة والقَصِيرَة
جِدَّاً ، والفنُون المَسْرَحِيَّة ، وأَدب الطِفْل مِنْ الوَسَطِ
المَسِيحيّ العِراقيّ .
عزِيزَاتي ،
أَعِزَّائي مِنْ القَارِئاتِ والقُرَّاء ، سنَقْرأُ هُنا في نِتَاجاتِ
الكاتِب ابراهيم كولان لِنَتَعَرَّفَ على عطَائهِ .
كُلّ الشُكْر لِلمُتَابِعاتِ والمُتَابِعين .
د ــ كُتَّاب القِصَّة القَصِيرَة والقَصِيرَة جِدَّاً والفنُون المَسْرَحِيَّة وأَدب الطِفْل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ابراهيم يوحنا فتوحي كولان )
مُقَدِّمَة بِقَلَم شذى توما مرقوس
الجمعة 27 ــ 1 ــ 2017 م
وأَنا
أَكْتُبُ عَنْ ابراهيم كولان أَراني أَكْتُبُ عَنْ كاتِبٍ مُتَميّز لَهُ
خصًوصِيَّتَهُ ، مَسْرَحِيّ وقَاصّ ، ولَهُ في مَجَالِ أَدَبِ الطِفْلِ
بَصْمَة ، مُبْدِعٌ بِحَقّ ، أُسْلُوبهُ الأَدَبِيّ غَنِيّ وثَرِي وبَدِيع ،
مُتَمَكِّن مِنْ أَدواتِهِ الكِتَابِيَّة ، وأَفْكارهُ ( في
المَسْرَحِيَّاتِ والقِصَص ) مُتَفَرِّدَة ونَاضِجَة جِدَّاً وغَنِيَّة
بِالمِغْزَى والمَعْنَى ، حاولْتُ أَنْ أَجْمَعَ كُلَّ ما أَمْكنَنِي
عَنْهُ ، وما أُقَدِّمَهُ هُنا بِالتَأْكِيد هو غَيْضٌ مِنْ فَيْضِ عطائِهِ
، تَمَنِيَّاتي لَهُ بِالمَزِيدِ مِنْ العطاءِ .
كُنْتُ قَدْ
أَخَّرْتُ نَشْرَ المَوْضُوع الخَاصّ عَنْهُ بِأَمَلِ أَنْ أَجْمَعَ
المَعْلُومَات الوَافِيَة فبَحثْتُ في مَصَادِر عِدَّة واسْتَخْلَصْتُ
كُلَّ ما أَمْكنَنِي مِنْها ، ثُمَّ اتصَلْتُ بِبِعْضِ الَأشْخَاصِ على
أَمَلِ أَنْ أَعْثَرَ عِنْدَ أَحَدَهم على مُؤَلَّفَاتِهِ الصَادِرَة
مَثلاً مَعَ صُوَرٍ لأَغْلِفَتِها وبَعْضِ التَفَاصِيلِ عَنْها ( ما عدا
المَذْكُورَة في المَوْضُوع ) ، أَوْ مَعْلُومَاتٍ أُخْرَى ، لكِنَّ
الاسْتِجابَة كانَتْ ضَعِيفَة جِدَّاً وأَغْلب الأَحْيَان مَعْدُومَة ،
والبَعْض مِمَّنْ اسْتَجابُوا لَمْ تَتَوَفَّر لدَيهِم أَيَّة مَعْلُومَات ،
فتَيَقَّنْتُ مِنْ إِنَّ جهُودِي لَنْ تَحْظى بِثَمَر ، ولِهذَا قَرَّرْتُ
الاكْتِفَاءَ بِمَا لَدَيّ مِنْ مَعْلُومَاتٍ اسْتَقَيْتُها مِنْ
المَصَادِرِ المَذْكُورَة في نِهايَةِ المَوْضُوع ، ورأَيْتُ أَنَّ لا
جَدْوَى مِنْ الأَمَلِ في جَمْعِ مَعْلُومَاتٍ أَكْثَر ، ولِهذَا آنَ
وَقْتُ النَشْر .
وبِهذَا آآملُ مِنْ كُلِّ قَارِئ/ة لَدَيهِ بَعْض
المَعْلُومَات أَنْ يُضِيفَها إِلى المَوْضُوع أَوْ يُرْسِلُها إِليّ على
بَرِيدِي الخَاصّ لِغَرَضِ ضَمِّها لِلمَوْضُوع مَعَ الشُكْرِ الجَزِيل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَقُولُ ابراهيم يوحنا فتوحي كولان :
”
أَنا كاتِب مَسْرَحِيّ قَبْلَ أَنْ أَكونَ كاتِب قِصَّة ، لكِنْ في بَعْضِ
الأَحْيَان حَيْنَ تَمْتَلِكني فِكْرَة ما ، أَوْ يَلِحُّ عليّ مَوْضُوعٌ
ما أُحاوِلُ أَنْ أَكْتُبَهُ ، فإِنْ كانَ يَصْلُحُ مَسْرَحِيَّة حَيْنَ
يَتَأَلَّقُ الحِوارُ بِهِ أَكْتُبُ النَصّ ، وأَكْتُبُ السِيناريو
والسَرْد حَيْنَ تَتَعدَّدُ أَمَاكِنهُ ، ويَسْرَحُ الخيَالُ بِهِ بَعِيداً
، أَوْ رُبَّما يكُونُ بِشَكْلِ قَصِيدَة … ”
الأَسْم الأَدَبي : ابراهيم كولان ، وهو مِنْ مَوالِيد 1951 م ، مِنْ سَكنَةِ قَره قُوش الَّتِي اجْتَاحها تَنْظِيم الدَوْلَة الإِسْلامِيَّة في العِراقِ والشَام ( داعش ) فتَرَكَ فيها أَرْشِيفَهُ وحاسُوبَهُ بَعْدَ أَنْ غادَرها مَعَ عائلتِهِ ، وعِنْدَما يَكُونُ الأَرْشِيف مَفْقُوداً فهذَا يَعْني صعُوبَة ورُبَّما اسْتِحالَة تَغْطِيَة كُلَّ نِتَاجاتِهِ وإِبْداعاتِهِ في هذَا التَوْثِيق المُتَوَاضِع ، وكانَتْ نَفْسُ الصعُوبَة ( فُقْدانُ الأَرْشِيف ) لِلكثِيرِ مِنْ كُتَّابِ سَهْلِ نَيْنَوى عائقاً في تَغْطِيَةِ كُلّ نَشَاطاتِهم بِشَكْلٍ وافٍ .
يَكْتُبُ القِصَّة القَصِيرَة ، القِصَّة القَصِيرَة جِدَّاً ، المَسْرَحِيَّة ، الشِعْر ، الاوبريت .
أَنْهَى
الدِرَاسَة الابْتِدائِيَّة والمُتَوَسِّطَة والثَانَوِيَّة في قَره قُوش ،
وفي الثَانَوِيَّة كتَبَ أُولَى قَصائدِهِ والَّتِي كانَتْ بِعُنْوان (
أَمِيرتي ) ، كمَا مَثَّلَ أَوَّلَ مَسْرَحِيَّة .
خرِيج مَعْهَد الإِدارَة دَوْرَة عام 1971م ــ 1972 م ــ اخْتِصاص إِدارَة ومُحاسَبَة ، في بَغْداد .
في
مَجَالِ العَمَلِ الوَظِيفِيّ عَمِلَ كرَئيس مُلاحظِين في شَرِكةِ
إِعادَةِ التَأْمِين العِراقِيَّة في بَغْداد ، وكمُعاوِن مُدِير في
شَرِكةِ التَأْمِين الوَطنِيَّة ـ المَوْصِل ، وفي عام 2005 م كانَ مُدِير
مَكْتَب ربيعة الحدُودِيّ .
عضُو نَقَابَة الفَنَّانين .
عضُو اتِحادِ الأُدَبَاءِ والكُتَّاب العِراقِيّين .
عضُو اتِحاد الأُدَبَاء السرْيَان .
يُواصِلُ ابراهيم حدِيثَهُ قَائلاً :
[
كانَ ومازَالَ المَسْرَح نُوراً يَشِّعُ على المُجْتَمَع مَهْمَا
تَنَافَسَتْ علَيْهِ وسَائلُ التَنْوِير الأُخْرَى ، وفي السَبْعِينَات
كانَتْ الحيَاةُ الثَقَافِيَّة في النَوادِي الاجْتِمَاعِيَّة ومَسَارِحِ
بَغْداد خَصِبَة ، وكانَتْ لي تَجارُب في كِتَابَةِ القِصَّة والشِعْر ،
لكِنَّ المَسْرَح سَحرَني في فَتْرَةِ شَبَابي ، وكُنْتُ أَرَى في
المَسْرَحِ سِلاحاً فِكْرِيَّاً لا يُجارِيهِ سِلاح ، ولَمْ أفَوِّتْ
فُرْصَة لِمَسْرَحِيَّة عُرِضَتْ في أَيِّ مَكانٍ في بَغْداد إِلاَّ
ورَكضْتُ إِلَيْها مَعَ أَصْدِقائي المُخْلِصين الرَائعين ــ آنذاك ــ مِنْ
فُرْقَةِ المَسْرَحِ الفَنِيّ الحدِيث إِلى فُرْقَةِ الستِين كُرْسِي
لِعوني كرومي ، إِلى الفُرْقَةِ القَوْمِيَّة ، إِلى النَوادِي
الثَقَافِيَّة كنَادِي أُور ونَادِي المَشْرِق ونَادِي التَعارُف ونَادِي
المُهَنْدِسين ، وما عُرِفَ آنذاك ــ بِالسنتر ( المَرْكز الثَقَافِيّ
سَابِقاً ) ــ وكانَتْ تِلكَ الفَتْرَة مُفْعمَة بِالنَشَاطاتِ
والتَجارُبِ ( كبِدايَة ) ، وقُمْتُ بِتَوْثِيقِ لِقَاءاتٍ عدِيدَة مَعَ :
الأُسْتَاذ يوسف العاني ، قاسم محمد وعوني كرومي ، بِكامِيرتي
الالْمانِيَّة العتِيقَة ، لِقَاءات نَشَرْتُها حِيْنَها في صُحُفِ
الجَمْهُورِيَّة والرَاصِد والطلِيعة ……
في التسْعِينَات حَيْنَ
رَأَيْتُ فُرْقَة مَسْرَح قَره قُوش تَفْتَقِدُ لِلنصُوصِ السرْيَانِيَّة ،
ورَأَيْتُ مِنْ الضَرُورِيّ أَنْ تُقَدِّمَ الفُرْقَة عرُوضاً
بِالسرْيَانِيَّة بَلَهْجَةِ السُورث ــ لَهْجَة أَهْل بَغْدِيدي ــ
فَقَدَّمْتُ لَها بكْرَ نصُوصِي ( الحُلُم ــ خُلما ) ، وكانَ جمِيلاً
بِلَهْجَتِنا ، حَيْثُ كانَتْ النصُوصُ السرْيَانِيَّة نَادِرَة تِلْكَ
الأَيَّام ، ونَجَحَ ( حنا نيسان ) بِإِخْرَاجِهِ ، وتَوالَتْ بَعْدَها
النصُوصُ بِالسرْيَانِيَّة ، فأُعْجِبَ بِها المُخْرِج العالَمِي سمير
يعقوب ( المانيا حالِيَّاً ) ، وبِالطرِيقَةِ الَّتِي كُتِبَ بِها نَصُّ (
مَنْ أَضَاعَ مَنْ ؟ ــ ماني مسُكِيري ماني ؟ ) ، فقَالَ :
( إِنَّ هذَا النَصّ يَتَحدَّاني ، إِنَّهُ نَصٌّ تَجْرِيبِيّ ، لا يُوجَد في مَسْرَحِنا السرْيَاني تَجْرُبَة كهذِهِ ) .
وفِعْلاً كانَ العَمَل مَثَارَ إِعْجابٍ في مِهْرَجانِ قَره قُوش في بَغْديدي ، ومِهْرَجان آشُور في بَغْداد .
في
عام 2003 م تَنَافَسَتِ الأَحْزَابُ السرْيَانِيَّة الَّتِي تُقَدِّمُ
أَعْمَالَها بِالسُورث ، فَخُضْتُ غِمَارَ الكِتَابَة وقَدَّمْتُ
مَسْرَحِيَّات عَن الوَحْدَةِ والاتِحَاد ، وقُدِّمَتْ الأَعْمَال في
بَغْداد والقُوش وعنكاوا .
قَدَّمْتُ لِفُرْقَةِ قَره قُوش نصُوصاً
تُعْتَبَرُ نصُوصاً تَجْرِيبِيَّة بِالسرْيَانِيَّة أُثِيرَ حَوْلَها
الكثِيرُ مِنْ الكلامِ ، مِنْها مَسْرَحِيَّة ( القَاتِلُ والشَحَّاذ ) ،
ومِحْوَر مَوْضُوعِها كانَ الدِين والجِنْس ، وأَبْدَعَتْ المُمَثِّلَة (
إخلاص متي ) في تَصْوِيرِ شَخْصِيَّةِ ( المُتَوَحِّشَة ) ، وقُدِّمَتْ في
مِهْرَجانِ عنكاوا في أَرْبيل ، وأَثْنَى الكاتِبُ المَسْرَحِيّ ( طلال
حسن ) على المَسْرَحِيَّة ، حَيْثُ قَالَ بِأَنَّها تَرْقَى لِمُسْتَوى
المَسْرَح العالَمِي ، لكِنَّها ستَبْقَى رَهِينَةَ الرفُوفِ ، فهي جرِيئة
جِدَّاً بِمَضامِينِها .
كانَ إِعْداداً سرْيَانِيَّاً رَائعاً لِقِصَّةٍ مِنْ الأَدَبِ الصِينِيّ ( هطُولُ المَطَر ) والَّذِي قُدِّمَ بِعُنْوان ( شمْشَا كمَقْذا ومَطْرا كزايخ ) ، أَخْرَجَها سمير يعقوب ، حَيْثُ امْتَدَّ عرْضُ المَسْرَحِيَّة على مَدَى السَاعتين ، عرْضٌ لا يَدَعُكَ تَلْتَفِتُ يَمِيناً أَوْ يَساراً ، أَوْ حَتَّى بِهَمْسَةٍ طِوالَ هذَا الوَقْت إِذْ شَدَّتْ انْتِباه الجَمْهُور الحاضِر وبِقُوَّة ، والمَسْرَحِيَّة تَحْكِي عَنْ عرَّافٍ صِينِيّ يَسْتَنْزِلُ المَطَر ، وكانَتْ المَسْرَحِيَّة كومِيدِيَّة ، وبِالمُنَاسبَة في نَفْسِ وَقْتِ عرْضِ المَسْرَحِيَّة ، والمَوْسِم حصَاد ، وحِيْنَ أَخَذَ يَدْعُو المُمَثِّلُ العرَّاف السَمَاءَ لاسْتِنْزَالِ المَطَر وهو في القَاعة ، أَخَذَ المَطَرُ يَهْطِلُ زَخَّات في الخارِج ، بِالرَغْمِ مِنْ أَنَّ الوَقْت كانَ وَقْتُ حصَادٍ في قَره قُوش . ]
المَسِيرَة الإِبْداعِيَّة الأَدَبِيَّة لِلكاتِب /
ــ في مَجَالِ القِصَّة القَصِيرَة ، والقَصِيرَة جِدَّاً :
ــ
العرَّافَة / مَجْمُوعَة قِصَصِيَّة / صَدَرَتْ على نَفَقَةِ وِزَارَةِ
الثَقَافَة في اقْلِيم كُوردسْتَان ــ العِراق / بَعْض مِنْ قِصَصِ هذِهِ
المَجْمُوعَة : العرَّافَة ، أُلْفَة ، القِرْد ، الفَتَى هو ، قَنَادِيل
مُظْلِمَة ، انْتِقَامُ داروين .
فَازَتْ قِصَّتهُ القَصِيرَة (
العرَّافَة ) بِالجائزَةِ الثَانِيَة في مُسَابقَةِ شمْشَا الأَدَبِيَّة
الَّتِي أَجْرَاها مَوْقِعُ عنكاوا عام 2005 م .
مِنْ قِصَصِهِ القَصِيرَة جِدَّاً : الكهْف .
مِنْ
قِصَصِهِ القَصِيرَة الأُخْرَى : أَشْبَاحٌ بِيض ، مِنْ أَوْرَاقِ دَجاجة ،
الشمُوع ، اعْتِرافَات ، ما بَيْنَ المُذَكَّرات ، نَصّ ، سَرْد ،
البَّابُ الشَرْقِيّ ، قِصَّة مَدِينَة ، نادِلَةُ بَغْداد ، حبْتور ، عباس
كآبَة ، دَوْماً نَحْوَ الغرْب .
الإِشْبَاع / قِصَّة قَصِيرَة /
تَأْلِيف : ابراهيم كولان / نُشِرَتْ في مَجَلَّة النَواطِير ( وهي
مَجَلَّة شَهْرِيَّة تَصْدُرُ عَنْ حِراسَاتِ بَخْدِيدا ) ، العَدَد ( 55 )
لِشَهْرِ نَيْسَان عام 2010 م .
الأَبُوَّة / قِصَّة قَصِيرَة / تَأْلِيف : ابراهيم كولان / نُشِرَتْ في مَوْقِع بَخْديدا .
ــ في مَجَالِ فَنِّ التَأْلِيفِ المَسْرَحِيّ :
لِلكاتِب
أَرْبَع مَجْمُوعاتٍ مَسْرَحِيَّة صَادِرَة وأُدْرِجُ هُنا ما أَمْكنني
جَمْعَهُ مِنْ مَعْلُومَات في هذا الشَأْن ، وهي مَعَ الأَسَف الشَدِيد
مَعْلُومَات جُزْئيَّة غَيْرُ كامِلَة نَتِيجةً لِقِلَّة المَصَادِر رَغْمَ
مُحاولاتي المُضْنِيَة /
1 ــ مَسْرَحِيَّات / مَجْمُوعَة
مَسْرَحِيَّة / طُبِعَتْ في سُوريا / مِنْ بَعْضِ ما تَضَمَّنَتْهُ مِنْ
مَسْرَحِيَّات : حانَةُ السَيْفِ والصَوْلجان ، كُومِيديَا فَنْطازِيَّة ،
مَرْثِيَة أُور ، صَهِيلُ إِمْرأَة ، فتَاةُ الشَمْس ، العرَبَة رَقْم 63 ،
لا أَحَدَ هُناك ، صهِيلُ الخيْل ، الإِبْنُ الضَالّ ، و مَسْرَحِيَّات
أُخْرَى .
مَرْثِيَةُ أُور / مَسْرَحِيَّة طوِيلَة / تَأْلِيف ابراهيم
كولان / الحِوارَات ( في المَسْرَحِيَّة ) مَأْخُوذَة نَصَّاً مِنْ
مَرْثِيَّةِ أُور الَّتِي أَكْتَشَفَها وتَرْجَمَها إِلى الأَلْمَانِيَّة
مَجْمُوعَةٌ مِنْ الآثَارِيين الأَلمَان ، وقَامَ بِتَرْجَمَةِ النَصِّ
إِلى العرَبِيَّة الدكْتُور عوني كرومي .
مَسْرَحِيَّة ( حانَةُ السَيْفِ والصَوْلجان ) / مَسْرَحِيَّة بثلاثة فصول / بِاللُغةِ العرَبِيَّة الفُصْحَى / وهي مُسْتَوْحاةٌ مِنْ قِصَّة قَصِيرَة بِنَفْسِ العُنْوان ، تَأْلِيف : اج بيم بايبر ، تَرْجَمَة : خضير اللامي ، وتَدُورُ أَحْداثَها في مِصْر عام 1897 م عَنْ شَخْصٍ يَقْذِفهُ الزَمَن خارِجاً إِلى زَمَنٍ آخَر غَيْرَ زَمَانِهِ / شَخْصِيَّات المَسْرَحِيَّة هي : أبو أحمد ( صَاحِبُ المَقْهى ) ، أبو سليم ( الحكواتي ) ، عباس ( عامِلُ المَقْهى ) ، زبونان ، غريب ( مُحَرِّر صحُفِيّ ) ، عبد العليم ( أَبُوه ) ، إبراهيم ( صَدِيقهُ ) ، المُحَقِّق ، مُسَاعِدُ المُحَقِّق ، الطبِيب ومُسَاعِدِهِ ، الشُرْطِي ، مَجْنُونان / في مُقَدِّمَةِ المَسْرَحِيَّة نَقْرأُالتَالِي : ( إِنَّهُ في الخَامِسِ والعشْرِين مِنْ شَهْرِ تَمُّوز عام 1798 م اخْتَفَى رَجُلٌ إِسْمهُ غريب عبد العليم في ظُرُوفٍ غامِضَة ، إِنَّها حِكايَةُ رَجُلٍ دَخَلَ أَحَدَ المَقَاهي فأَسْرَعَتْ خُطاهُ عَفْواً خارِج مَدَى رُؤْيَةِ مَنْ حَوْلِهِ ، لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِك ، ولَمْ يَأْتِ على ذِكْرِهِ أَحَد ) / نُشِرَتْ المَسْرَحِيَّة في مَوْقِع النُور عام 2011 م / أَثْنَى علَيْها النَاقِد صباح الأنباري في مَوْقِع مَسْرَحِيُّون كثِير الثَناء .
2 ــ مَسْرَحِيَّات لِلأَطْفَال / مَجْمُوعَة مَسْرَحِيَّة / إِصْدَار خَاصّ عام 2005 م / المَسْرَحِيَّات هي : سالم والمِصْبَاح ، تَائهان في الغابَة ، وأُوبريت أَشْبَاحٌ في المَدْرَسَة .
( مِنْ مَسْرَحِيَّاتِهِ الأُخْرَى لِلأَطْفَال : قَطْرَةُ مَاء ، أَصْدِقاءُ الغابَة ، قِصَّة وفاء . )
3 ــ مَجْمُوعة مَسْرَحِيَّة ثَالِثَة …………
4 ــ أَرْبَع مَسْرَحِيَّات / هي المَجْمُوعَة المَسْرَحِيَّة الرَابِعة لِلكاتِب / حَجْمُ الوَرَقِ المُسْتَعْمَل : مِنْ القَطْعِ المُتَوَسِّط / عَدَدُ الصَفَحَات : 174 صَفْحَة / صَادِر عَنْ دارِ رنْد لِلطِبَاعةِ والنَشْرِ والتَوْزِيع في العاصِمَةِ السُورِيَّة دِمَشق .
مِنْ مَسْرَحِيَّاتِهِ الأُخْرَى /
ــ
شَاطِئُ البَحْر / مَسْرَحِيَّة قَصِيرَة / نُشِرَتْ في مَجَلَّةِ
النَواطير ، العَدَد 58 ( مَصْدَرُ المَعْلُومَة مَوْقِع بَخْديدا ) .
ــ الكهْف / مَسْرَحِيَّة / نُشِرَتْ في مَجَلَّةِ الأَعْيان في بَخْديدا / العَدَد صفر / أَيَّار 2007 م .
ــ
المَدِينَة والقَمَر / مَسْرَحِيَّة قَصِيرَة جِدَّاً / تَأْلِيف ابراهيم
كولان / نُشِرَتْ في مَجَلَّةِ النَواطير ، العَدَد ( 44 ) لِشَهْرِ
أَيَّار ، عام 2009 م / في بَاب ( ثَقَافَة ) .
ــ مَنْ يَقْتُلُ التنين / مَسْرَحِيَّة لِلكِبار قَصِيرَة جِدَّاً / تَأْلِيف ابراهيم كولان / نُشِرَتْ في مَوْقِع بَخْديدا .
ــ
مَقْهَى البَرازِيلِيَّة / مَسْرَحِيَّة طوِيلَة لِلكِبَار / بِاللُغةِ
العرَبِيَّة / تَأْلِيف : ابراهيم كولان / مَنْشُورَة في مَوْقِع :
مَجَلَّة الفنُون المَسْرَحِيَّة ، باب نصُوص مَسْرَحِيَّة ، بِتَارِيخ 31
آب 2011 م / المَسْرَحِيَّة بِفَصْلين / شَخْصِيَّات المَسْرَحِيَّة :
المَالِك ، النَادِل ، المَعْتُوه ، المُعاق ، زَوْجَتَهُ ، الزَوْج ،
الزَوْجَة ، المُحقِّق ، رعد ، مهدي ، الرَجُل 1 ، الرَجُل 2 ، بَائع ،
صَبَّاغ ، الرَاهِب ، الحامِل ، زَوْجها ، الخُنْثَى ، الرَاقِصَة ،
الصُحفِيَّة ، الجُنْدِي ، رَجُلُ الكهْف / المَسْرَحِيَّة تَبْحَثُ في
الأَوْضاعِ السِياسِيَّة والاجْتِماعِيَّة والثَقَافِيَّة في العِراق
بِإِحْدَى مراحِلِهِ .
ــ مَن السَارِق / مَسْرَحِيَّة باللُغةِ السرْيَانِيَّة / تَأْلِيف : ابراهيم كولان / إِخْرَاج : داؤد بابا يعقوب .
ــ وأَيْضاً لَدَيهِ المَسْرَحِيَّات التَالِيَة : يونان لَيْسَ حُلُماً ، المَقْهَى ، الطيُور ، ما بَعْدَ مُنْتَصَفِ الليّل ، القَرِين ، مَسِيرُ الظِلال ، السَارِق ، كان كان العوام ( مِنْ إِخْرَاج وسام نوح ) .
لَهُ الاوبريتات التَالِيَة /
اوبريت لعازر .
اوبريت توما .
في مَوْضُوع ( بَخْديدا ـ قَره قُوش والمَسْرَح السرْيَاني ) لِموفق ساوا ، وَردَ التَالِي /
ــ خُلْمَا ( الحُلُم ) / مَسْرَحِيَّة مِنْ تَأْلِيف ابراهيم كولان وإِخْرَاج حنا نيسان ، عُرِضَتْ في بَخْديدا عام 1995 م .
ــ
ابْتِهالُ المَطر / مَسْرَحِيَّة / أَعدَّها ابراهيم كولان عَن الأَدَبِ
الصِينيّ ، وأَخْرَجَها سمير يعقوب عام 1996 م / قُدِّمَتْ بِاللُغةِ
السرْيَانِيَّة تَحْتَ عُنْوان ( شمْشَا كمَقْذا ومطْرا كزَايخ ) ، وتَمَّ
عَرْضَها في قَاعةِ الآبَاء الكهنَة في بَخْديدا لِمُدَةِ أُسْبُوع .
المَسْرَحِيَّة
لَوْنٌ تَقْلِيدِيّ مِنْ الأَقَاصِيص ، أَشْبَهُ ما تَكُونُ بِرِوايَةٍ
حافَظَتْ على فِكْرَتَها الأَسَاسِيَّة ، إِلاَّ أَنَّ المُعِدّ قَامَ
بِتَحْوِيرِ بَعْضِ المَشَاهِد ، وأَضَافَ مَشَاهِدَ أُخْرَى ، فجاءَتْ
المَسْرَحِيَّة مُتَماشِيَة وداعِمَة لِلرُؤْيَةِ الإِخْرَاجِيَّة الَّتِي
اعْتَمَدَها المُخْرِج ، والأُسْلُوب الَّذِي اجْتَهدَهُ لكي يَكُونُ ما
يُقَدِّمهُ على المَسْرَح مَقْبُولاً ومُؤَثِّراً ، فمَسْرَحِيَّة (
ابْتِهالُ المَطر ) هي مِثَالٌ رائع لِلأَدَبِ النَاقِد الَّذِي يَرَى
كُلَّ شَيْءٍ على حقِيقَتِهِ ، ويُعبِّرُ عَنْ سُخْطِهِ وآمالِهِ
ومُعْتَقَداتِهِ بِأُسْلُوبٍ فَنِيّ صادِق .
إِنَّ مِغْزَى الشَخْصِيَّة
المِحْورِيَّة في المَسْرَحِيَّة ، هو عرَّاف يُمارِسُ عِلْمَ الغيْب ،
ورَغْمَ جَهْلِهِ بِكُلِّ ما يَتَعلَّقُ بِالغيْبِ والسِحْرِ ، بَلْ حَتَّى
فروض الابْتِهال ، إِلاَّ أَنَّهُ يَعِيشُ أَحْسَنَ ما يَكُون ، وأَدَّى
المُمثِّلُون أَدْوارَهُم بِدِقَةٍ مُتَناهيَة وهُم كُلٌّ مِنْ : وسام نوح ،
حازم مرزينا ، باسم عبادة ، عامر بهنام ، سمير بولص ، يوسف الأعرج ، يعقوب
يوسف .
وقَدْ كانَ لِلمُؤَثِّراتِ الصَوْتِيَّة وتَقَنِياتِ الإِضاءَة
والدِيكور الَّتِي قَامَ بها صباح مجيد ، سمير يعقوب ، وبشرى بولص الدَوْر
البَارِز في إِنْجاحِ المَسْرَحِيَّة .
ــ مَنْ أَضَاعَ مَنْ (
ماني مسُكِيرِي ماني) / مَسْرَحِيَّة مِنْ تَأْلِيف ابراهيم كولان
وإِخْرَاج سمير يعقوب / عُرِضَتْ ضِمْنَ مِهْرَجانِ آشُور بانيبال
الثَقَافيّ السَنَوِيّ الثَامِن في بَغْداد عام 1999 م / تَمْثِيل : إخلاص
متي ، حازم مارزينا وثامر ميخائيل ، قَامَ بِالتَقَنِيَّات المَسْرَحِيَّة :
صباح مجيد .
المَسْرَحِيَّة تَدُورُ ثِيمَتها الأَسَاسِيَّة حَوْلَ
القَلقِ والخَوْفِ مِنْ المَجْهُول وَسَط َ العاصِفَةِ المَليئةِ
بِالتَناقُضاتِ ، حَيْثُ الجمِيعُ مَشْدُودٌ نَحْوَ الأَمَلِ الَّذِي
انْفَرَطتْ حبَّاتهُ ، لِيُبَعْثِرَ شَمْلَ العائلَة بِاتجاهاتٍ
مُتَعدِّدَة .
لَقَدْ نَجَحَ المُؤَلِّف في طرْحِ الثِيمَةِ
الأَسَاسِيَّةِ هذِهِ ، عَنْ طرِيقِ صَرَخاتٍ وحِواراتٍ مُعبِّرَة
زَادَتْها التَقَنِيَّة الإِخْرَاجِيَّة دوياً مُتَواصِلاً ، مَشْحُوناً
بِالتَرَقُّبِ والخَوْفِ مِنْ خِلالِ الإِضاءَةِ والمُوسِيقَى .
اسْتَوْحى
المُؤَلِّف مَسْرَحِيَّتَهُ هذِهِ مِنْ قِصَّةِ ( الابْن الضَالّ ) حَيْثُ
تَشَظَّتْ لَديهِ هذِهِ القِصَّة إِلى درُوبٍ ومَسَالِك عدِيدَة ، وحاولَ
أَنْ يَكْتُبَ بِأُسْلُوبٍ مُغايرٍ ، ويَقْتَحِمُ طرِيقَةَ الحِوارِ
المُبَاشِر ، لِيَكْسِر اعْتِيادِيَّة المَأْلُوف ، حَتَّى أَنَّهُ أَرادَ
أَنْ يَكْتُبَ ( المَسْرَحِيَّة ) مُسْتَخْدِماً شَخْصِيَّات تَتَكلَّمُ
مِنْ دواخِلِ نفُوسِها ، في واقِعٍ لا تَدْرِي هَلْ هو حُلُم أَمْ حقِيقَة ،
وبِحِواراتٍ هي أَشْبَهُ بِالمُنَاجاةِ ، ولكِنَّهُ كانَ يَعْرِفُ أَنَّهُ
يَكْتُبُ هذِهِ الشَظايَا ، وأَمْعنَ في تَفْتِيتِ القِصَّة بَيْنَ
المَسَالِك والدرُوبِ لِمخْرِجٍ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ في مَتَاهاتِ
المَسَالِكِ ، ويَضَعُ نَفْسَهُ في أَزِقَةِ الدرُوبِ .
والمَسْرَحِيَّة
، سيمُوغرافِيَّاً ، مُحْكمَة تَتَرَابطُ أَجْزَاءُ المَسْرَحِ
المُتَفكِّكة والمُشَتَّتة حَتَّى خارِجهُ ، واقِعٌ مَأْلُوفٌ مُقَمَّطٌ
بِرمُوزٍ دلالِيَّة ، تُشَكِّكُ في تَقْدِيرِ كُلِّ عضُوٍ مَرْبُوطٍ في
الدارِ المُهَدَّدَة ، كُلٌّ يَحْمِي مِنْ جانِبِهِ ، لكِنَّهُ يَشْعُرُ
بِالغُبْنِ لِذَلِك الارْتِباط ، فالصِرَاعُ يَرْتَفِعُ بِارْتِفاعِ
الخَوْفِ ، والعاصِفَةُ حيَوانٌ مُفْزِعٌ يَحْمِلُ إِلَيْهم تَنَاقُضَاتٍ
تَدْفَعهُم نَحْوَ الهَرَبِ ، لكِنَّ الحِبَالَ تَشُدُّهُم ، فيَنْفَرِطُ
العقْد ، ويَهْرَبُ الوَاحِدُ ، ويَضِيعُ الكُلُّ مُنْتَشِرين ، بَيْنَما
المُشَاهِدُ يُرافِقُ القَافِلَة ، مُتَوَقِّعاً الإِعْصَار ، صَارَ
ضَحِيَّة ، أُقْتِيدَ بِحِيلَةٍ ذَكِيَّة إِلى شِبَاكِ صَيَّادٍ مَاهِر ،
فوَجَدَ نَفْسَهُ تَائهاً وَسَطَهُم ، يَتَنَفَّسُ بِرِئاتِهِم ، لكِنَّهُ
يَبْقَى يُفَتِّشُ لِيُدْرِكَ ما بِنفُوسِهِم ، لَعلَّهُ يُعلِّلُ أَمْرَ
العَوْدَة والنَجَاة ، لَقَدْ نَجَحَ المُؤَلِّف في طَرْحِ إِشْكالِيَتِهِ
بِصَرَخاتِ الرُعْبِ والعِتَاب ، ثُمَّ الشَكْوَى المَشْحُونَة بِالغَضَبِ
المُرْسَلِ خِلالَ الحِوارَاتِ القَصِيرَة المَضْغُوطة بِجُمَلٍ مُلائمَة ،
ولِيَبْقَى السُؤَال : مَنْ أَضَاعَ مِنْ ؟
أَمَّا خَارِطة بِنَاء
تَشْكِيلَةِ المَسْرَح ، وإِشْغالِ فَضَاءاتِهِ بِالدِيكورِ المُقَام
كانَتْ مُوَفَّقَة ، حَتَّى في اسْتِغْلالِ حِصَّةِ المُشَاهِد مِنْ
مَكانِهِ ، كمَا إِنَّ اخْتِيارَ المُوسِيقَى وأَدائها كانَ مُوَفَّقاً ،
فَأَدَّتْ دَوْرَها في الإِثَارَةِ والانْدِماج .
ــ خشْكا لك طوئا
( الضَبَاب يَقِظ ) / مَسْرَحِيَّة أَعدَّها لِلمَسْرَح ابراهيم كولان
عَنْ قِصَّة ( الضَبَاب يَقِظ ) لِلقَاص بيات محمد مرعي ، وأَخْرَجَها وسام
نوح / قُدِّمَتْ خِلالِ مِهْرَجان القُوش الثَقَافِي السَنَوِيّ الثَالِث
عام 1999 م ، جَسَّدَ الأَدْوار كُلٌّ مِنْ : ثامر ميخائيل ، نصار مبارك
وصباح مجيد .
تَتَحَدَّثُ المَسْرَحِيَّة عَنْ شَخْصٍ بَسِيطٍ يُرِيدُ
أَنْ يُوصِلَ رِسَالَة إِلى البَشَرِيَّة بِعفَوِيَّةٍ وسَذَاجةٍ
بِالرَغْمِ مِنْ وجُودِ حواجِزٍ كثِيرَةٍ ومُتَشَعِّبَة تَمْنَعهُ مِنْ
أَداءِ مُهِمَّتِهِ ، إِنَّ شَخْصِيَّة ــ الخَطَّاف ــ هي شَخْصِيَّة
شرِيرَة تَقْتُلُ وتُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ تَطالُهُ يَدهُ لأَنَّ رُوحَهُ
مُلَوَّثَةً بِكُلِّ مَعاني الحِقْد والكرَاهِيَّة .
أَمَّا شَخْصِيَّة
ــ سَاعِي البَرِيد ــ فزَاخِرَة بِكُلِّ مَعاني الطِيبَة والخَيْر ،
لأَنَّها تَرْمِزُ إِلى شَخْصٍ يَحْمِلُ في حقِيبَتِهِ وحنايَا قَلْبِهِ
كُلَّ مَعاني الخَيْر بِواسِطةِ رَسائلِ الفَرَحِ الَّتِي يَحْمِلُها مِنْ
أَماكِنٍ بَعيدَة لِيُبْهِج النفُوس ، وبَيْنَ هذينِ التَنَاقُضينِ
اسْتَطاعَ المُخْرِجُ أَنْ يُشَيّدَ بُنْيانَ نَصِّهِ المَسْرَحِيّ .
ــ
طليبوثا / مَسْرَحِيَّة بِاللُغةِ السرْيَانِيَّة / مِنْ تَأْلِيف
الكاتِب الروسي انطوان تشيخوف ، وإِعْدَاد ابراهيم كولان ، تَمْثِيل
فُرْقَة مَسْرَح قَره قُوش لِلتَمْثِيل ، إِخْرَاج : نشأت مبارك /
المُمَثِّلُون : فادي نوئيل ، إخلاص متي ، أنس زهير عولو ، صدام سالم ،
سَاعدَ في الإِخْرَاج الفَنَّان ميثاق ميخائيل .
لَقْطَتان مِنْ مَسْرَحِيَّةِ ( طليبوثا ) .
عَنْ
مَسْرَحِيَّةِ ( طليبوثا ــ الخطُوبَة ) ، نَقْرأُ في مَوْضُوع ( اليَوْم
الثَالِث مِنْ الأَسْبُوع الثَقَافِي السرْيَانِيّ الثَاني ، مَسْرَحِيَّة
طليبوثا لِفُرْقَةِ مَسْرَحِ بَخْديدا ) ، إِنَّ المَسْرَحِيَّة والَّتِي
قَامَ ابراهيم كولان بِتَرْجَمَتِها مِنْ العرَبِيَّة إِلى السرْيَانِيَّة ،
عُرِضَتْ في اليَوْمِ الثَالِث مِنْ الأَسْبُوع الثَقَافِي السرْيَانِيّ
الثَاني لِلمُدِيرِيَّةِ العامَّةِ لِلثَقَافَةِ والفنُونِ السرْيَانِيَّة
على مَسْرَحِ جمْعِيَّة الثَقَافَةِ الكلْدانِيَّة في عنكاوا ، وتُبَيِّنُ
المَسْرَحِيَّة كيْفَ يُمْكِنُ لِلصُرَاعِ على المَادَة أَنْ يُلْقِي
بِظِلالِهِ على العواطِفِ الإِنْسَانِيَّة بِمسَارَاتِها وتَحوُّلاتِها
ويُدِيرُ دفَّة تَوْجِيهِها ، في إِطارٍ كوِميدِيّ سَاخِر .
في كلِمَةٍ لِلمُخْرِج نشأت مبارك سُجِّلَتْ على الفُولدر الخَاصّ بِالمَسْرَحِيَّة ، جاءَ التَالِي :
[
حيْنَما يكُونُ لِلمَالِ القُدْرَة على تَغْيِير عواطِفِنا وكبْتِها
وتَحْدِيدِها … هُناكَ نكُونُ قَدْ أَسَّسْنا على نِهايَةِ
إِنْسَانِيَّتِنا ، وحكمْنا على عواطِفِنا بِالمَوْت … كيْفَ نَتَغلبُ
على هذَا ؟ … هذا ما علَيْنا أَنْ نُفكِّرَ بِهِ ] .
النَشَاطات /
مُثِّلَ
لِلكاتِب ابراهيم كولان أَكْثَر مِنْ عشْرِين عَمَلاً مَسْرَحِيًّاً
حَيْثُ قُدِّمَتْ أَوَّل مَسْرَحِيَّة لَهُ بِالسُورث في بَخْديدا في
التِسْعِينَات بِعُنْوان ( خُلما ــ الحلم ) ، وتَوالَتْ بَعْدَها
المَسْرَحِيَّات بِالسرْيَانِيَّة والعرَبِيَّة تَأْلِيفاً وإِعْداداً ،
أَكْثَر مِنْ عشْرِين مَسْرَحِيَّة مَثَّلَتْها فُرْقَةُ مَسْرَح قَره قُوش
وفُرْقَةُ مَسْرَح السرْيَان وفُرَقٌ أُخْرَى في المِهْرَجانَاتِ
المُقَامَة أَوْ في مُنَاسبَاتٍ مُتَفَرِّقَة ، ومِنْ المَسْرَحِيَّات
الَّتِي قُدِّمَتْ : هطُولُ المَطَر ( ابْتِهالُ المَطَر ) ( شمْشَا
كمَقْذا ومَطْرا كزايخ ) / صَهِيلُ الخيْل / يوحنا الديلَمِيّ / مَنْ
أَضَاعَ مَنْ ؟ ( ماني مسُكِيرِي ماني) / اللَيْلُ لا يَنَام / الظَلامُ
يَقِظ ( خشْكا لك طوئا ) / جرجيس الفَارِس / اذاعاتُ السَلام / يونان أَنا
هُنا / لكِنْ لَيْسَ الآن / دَوْماً نَحْوَ الغرْب / حيرُوثا / خويادا /
تيوي دميخي / ناقورتايا .
ولِلأَطْفَال : الأَمِيرَةُ والبَبغاء
لِفُرْقَةِ مَسْرَح قَره قُوش والَّتِي عُرِضَتْ في المِهْرَجان السرْيَاني
الَّذِي أُقِيمَ في بَغْديدي / جِنَاح ونِصْفُ سَيْف / سَاعي البَرِيد /
لا أَحَدَ هُناك / الابْنُ الضَالّ / سالم والمِصْبَاح على قَاعةِ
أَكادِيمِيَّةِ الفنُونِ الجمِيلَة في جامِعةِ المَوْصِل .
سَاهمَ كمُحَرِّر في نَشْرَةِ العائلَة .
رَئيسُ تَحْرِير نَشْرَة ( سرْيَان ) .
مُصَحِّح لَغوِي في جَرِيدَةِ اتِحادِ بيث نَهْرِين .
مُسْتَشَار في إِذاعةِ السَلام .
شَاركَ
في كُلِّ المِهْرَجانَاتِ السرْيَانِيَّة المُقَامَة في قَره قُوش
وبَغْداد والحَواضِر السرْيَانِيَّة في القُوش وعنكاوا وأَرْبِيل ،
ومِهْرَجانِ آشُور بِمُسَاهماتٍ مَسْرَحِيَّة وشِعْرِيَّة .
شَاركَ في مِهْرَجانِ الجواهري الَّذِي أُقِيمَ في بَغْداد .
تَحْتَ الطَبْع /
1
ــ أَوْراقٌ مِنْ دَفْتَرِ الحرْبِ / قِصَصٌ قَصِيرَة / ( 22 ) قِصَّة
قَصِيرَة نُشِرَت جمِيعها في مَوْقِع عنكاوا ، و ( 20 ) قِصَّة قَصِيرَة
جِدَّاً .
2 ــ الآشُوري / وقَدْ حَصَلَتْ على المَرْتَبَةِ الثَانِيَة في مُسَابقَةِ القِصَّةِ القَصِيرَة في مِهْرَجانِ آشُور في بَغْداد عام 2005 م بِقِصَّة ( براتا كذلتا مبهرا ) .
3 ــ سِيناريو لِفيلمين .
نَشَرَ نِتَاجاتَه /
في جَرِيدَةِ الزَمَان وطرِيق الشَعْب والتآخي .
وفي المَواقِع الالكتْرونِيَّة : مَسْرَحِيُون ، ابسو ، القِصَّة العِراقِيَّة ، عنكاوا ، بَخْديدي ، مَرْكز النُور …..
ــــــــــــــــــــــــ
المَصَادِر /
( 1 )
الصَفْحَة الشَخْصِيَّة لِلكاتِب أبراهيم كولان في مَوْقِع النُور .
الرَابِط :
http://www.alnoor.se/author.asp?id=4115
( 2 )
مُراسَلاتي مَعَ الكاتِب ابراهيم كولان
جَزِيلُ الشُكْر لِتَعاونِهِ وتَواصُلِهِ .
( 3 )
مُراسَلاتي مَعَ الكاتِب الفَنَّان : لطيف نعمان سياوش
جَزِيلُ الشُكْر لِتَعاونِهِ واهْتِمامِهِ .
( 4 )
مَوْضُوع / ” أَرْبَعةُ مَسْرَحِيَّات ” … جدِيدُ القَاصّ والمَسْرَحِيّ ابراهيم كولان .
الكاتِب : رمزي هرمز ياكو
في 21 / 1 / 2011 م .
مَوْقِع عنكاوا
الرَابِط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=477549.0
( 5 )
مَوْضُوع / صدُور عَدَدٌ جدِيد مِنْ مَجَلَّةِ النَواطِير
الكاتِب : نمرود قاشا .
مَوْقِع بَخْديدا .
الرَابِط :
http://www.bakhdida.ca/Alnwateer/55.htm
( 6 )
مَجَلَّة النَواطِير .
العَدَد ( 44 ) لِشَهْرِ أَيَّار لِسَنَةِ 2009 م .
( 7 )
مَوْضُوع / هيثم بهنام بردى يُوَثِّقُ كِتَاب أَدَب الطِفْل .
الكاتِب : سامر الياس سعيد
مَوْقِع جَرِيدَة الزَمَان .
الرَابِط :
http://www.azzaman.com/?p=34805
( 8 )
مَوْضُوع / بَخْديده ( قَره قُوش ) والمَسْرَح السرْيَاني .
الكاتِب : موفق ساوا .
في 8 / شِبَاط / 2005 م .
مَوْقِع عنكاوا .
الرَابِط :
http://www.ankawa.com/cgi-bin/ikonboard/topic.cgi?forum=72&topic=29
( 9 )
بَرْنَامج / رواق الثَقَافَة .
إِعْدَاد وتَقْدِيم : مروان الدليمي .
قَنَاة عشْتَار الفَضَائِيَّة .
ضَيفُ البَرْنَامج : الكاتِب المَسْرَحِيّ السرْيَانيّ ابراهيم كولان .
الرَابِط :
https://www.youtube.com/watch?v=axA5e_ZqDBo
( 10 )
أُوبريت لِلفتيَان ( أَشْبَاحٌ في المَدْرَسَة ) .
لِلكاتِب : ابراهيم كولان
مَوْقِع بَخْديدا
الرَابِط :
http://www.bakhdida.ca/Letters/IbrahimGolan.htm
( 11 )
مَسْرَحِيَّة / حانةُ السَيْفِ والصَوْلَجان .
الكاتِب : ابراهيم كولان
مَوْقِع النُور
في 18 / 8 / 2011 م .
الرَابِط :
http://www.alnoor.se/article.asp?id=123681
( 12 )
لُعْبَة الدومينو / قِصَّة قَصِيرَة .
الكاتِب : ابراهيم كولان
مَوْقِع النُور
في : 9 / 9 / 2011 م .
الرَابِط :
http://www.alnoor.se/article.asp?id=126268
( 13 )
أُلْفَة / قِصَّة قَصِيرَة .
الكاتِب : ابراهيم كولان
مَوْقِع النُور
في : 16 / 8 / 2011 م .
الرَابِط :
http://www.alnoor.se/article.asp?id=123430
( 14 )
الفتَى هو / قِصَّة قَصِيرَة .
الكاتِب : ابراهيم كولان
مَوْقِع النُور
في : 21 / 8 / 2011 م .
الرَابِط :
http://www.alnoor.se/article.asp?id=124030
( 15 )
الصَفْحَة الشَخْصِيَّة لابراهيم كولان في مَوْقِع عنكاوا كوم .
الرَابِط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?action=profile;area=showposts;u=28330
( 16 )
لكِنْ لَيْسَ الآن ( مُونودراما ) .
الكاتِب : ابراهيم كولان
مَوْقِع عنكاوا
في : 23 / 9 / 2006 م .
الرَابِط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,57330.msg195390.html#msg195390
( 17 )
سعيد … يا سَعِيد ( مَسْرَحِيَّة ) .
الكاتِب : ابراهيم كولان
مَوْقِع عنكاوا
في : 7 / 10 / 2006 م
الرَابِط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,59155.msg201915.html#msg201915
( 18 )
مِنْ أَوْراقِ دَجاجَة ( قِصَّة قَصِيرَة ) .
الكاتِب : ابراهيم كولان
مَوْقِع عنكاوا
في : 15 / 11 / 2008 م .
الرَابِط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,239708.msg3455401.html#msg3455401
( 19 )
الحفِيد ( مَسْرَحِيَّة ) .
الكاتِب : ابراهيم كولان
مَوْقِع عنكاوا
في : 2 / 12 / 2008 م .
الرَابِط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,244481.msg3484633.html#msg3484633
( 20 )
الكهْف ( قِصَّة قَصِيرَة جِدَّاً ) .
الكاتِب : ابراهيم كولان
مَوْقِع عنكاوا
في : 15 / 2 / 2009 م
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,267105.msg3644461.html#msg3644461
( 21 )
الطَبِيب والشَيْطان ( مَسْرَحِيَّة ) .
الكاتِب : ابراهيم كولان .
مَوْقِع عنكاوا
في : 28 / 2 / 2009 م .
( 22 )
القاتِل والشحّاذ ( مَسْرَحِيَّة )
الكاتِب : ابراهيم كولان .
مَوْقِع عنكاوا
في : 29 / 3 / 2009 م .
الرَابِط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,285363.msg3748571.html#msg3748571
( 23 )
مَوْضُوع / عنكاوا كوم في مِهْرَجان الثَقَافَة السرْيَانِيَّة الثَاني .
الكاتِب : لينا سياوش / كرم حسو
مَوْقِع عنكاوا
في : 26 / 4 / 2005 م .
الرَابِط :
http://www.ankawa.com/cgi-bin/ikonboard/topic.cgi?forum=4&topic=3946
( 24 )
الصَفْحَة الشَخْصِيَّة لِلكاتِب أبراهيم كولان في مَوْقِع بَخْديدا .
الرَابِط :
http://bakhdida.ca/Letters/IbrahimGolan.htm
( 25 )
مَسْرَحِيَّة / مَقْهَى البَرازِيلِيَّة
تَأْلِيف : ابراهيم كولان .
مَوْقِع : نصُوص مَسْرَحِيَّة .
في الأَرْبِعاء 31 / 8 / 2011 م .
( 26 )
مَوْضُوع
/ لِمُنَاسَبَةِ الذِكْرَى الرَابِعة لاسْتِشْهادِ يشوع مجيد هداية حرَكة
تَجَمُّع السرْيَان المُسْتَقِّل تُقِيمُ احْتِفالِيَّة تَأْبِينِيَّة
كبِيرَة في بَخْديدا .
الكاتِب : المَكْتَب الإِعْلامِي لِلحرَكة .
مَوْقِع : قنَاة عشْتَار الفَضَائيَّة .
في : 28 / 11 / 2010 م .
الرَابِط :
http://www.ishtartv.com/viewarticle,32686.html
( 27 )
مَوْضُوع
/ اليَوْم الثَالِث مِنْ الأَسْبُوع الثَقَافِي السرْيَانِيّ الثَاني ،
مَسْرَحِيَّة طليبوثا لِفُرْقَةِ مَسْرَحِ بَخْديدا .
الكاتِب : مُدِيرِيَّة الثَقَافَة السرْيَانِيَّة .
مَوْقِع عنكاوا كوم .
في : 25 / 8 / 2009 م .
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,336152.msg4108114.html#msg4108114
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مِنْ أَوْرَاقِ دَجاجَة
بِقَلَمِ : ابراهيم كولان
ــ 1 ــ
هل
تكفي كلمة جهالة لوصف رجل بليد وزوجة عجفاء ، أم ليست هنالك مفردة في
اللغة تفي لوصف أمثال هؤلاء ! إنهم خارج مفردات الوصف ، خارج حدود اللغة
والتاريخ ، يعيشان هذه الحياة بتفاهاتهم بلا مبالاة ، بلا إحساس ، بلا شعور
، بلا أي مبرر للحياة ، يثرثران طوال الوقت بحماقات يسمو عليها إنسان
العصر الحجري ، لا نهاية لغدوهما ورواحهما في عجن وعلك نفس القذارات ،
يتخاصمان لوضاعة حياتهما بالكلام المقيت المكرر …
ــ اليوم سقيت الدجاجات ماء !
ــ اليوم وضعت لهم بقية من فتات الخبز !
ــ أمس رميت لهم حفنة من كسرات الشعير ! …
تصوروا
تفاهة هذين الخبيثين ! تكرموا لنا ببضع حبات من الدخن أو العدس العفن !
… ناكري الجميل ! … نقضي عمرنا في تغذية أجسادهم المترهلة بالخواء ،
المتخمة بالأنانية ، إنهم لا يرون أنفسهم ، يتفاخرون حتى بأحط الخصال التي
يمتلكونها ، ويتباهون بأقذر الأفعال التي يقترفوها ، وبعظام الأمور التي
يتخيلون أنهم أبطالها وهي لا تشرف نملة صغيرة إن قامت بها …
هي خربة
تفوح منها رائحة الروث الكريهة ، مقيدين وضعونا فيها إلا بعض فسحة في
الباحة الخارجية ، ويا ويل من يكسر أعرافهم وقوانينهم ! ويا ويل الويل من
يتخطى هذهِ الزريبة الجحيم ! …..
ــ 2 ــ
في بعض الأحيان يشذ
تفكيري بدروب شتى ، متى تستمر أيامنا تمضغ هذهِ المعاناة ؟! ترى ذنب من كان
في كل الذي يجري ؟! مدى التاريخ وعبر الأجيال والفصائل والأنواع التي
توالت ، تناوب علينا الطرد والضرب ونتف الريش والجوع والعطش والحرمان واللا
مبالاة والعبودية ، وفي النهاية الذبح والقتل … هل القوة هي الفصل في كل
أمر ، أم هو قانون الحياة ؟!! أيتها الطيور اللاطائرة تلوذين بالكسل
والبلادة والاعتماد على الغير ، مفضلة إياها على العيش بكرامة والموت بشرف ،
هذا الخوف من المجهول الذي يأتينا يجعلنا نرضخ للوضيعين ، ننصاع لعسف
الجاهلين ، هذا الخيال الجامح بعبرات الخوف من الموت يجعلنا نجترح الهوان
والمذلة …
هناك قصة ما زال يتذكرها الكبار منا … قيل أن صقراً كان
يسكن قمة تلة وعلى مساحة السفح انتشرت الغربان ، كانت الغربان قد ابتليت
بهذا الصقر فكلما أراد غراب أن يتخلص من هذا الجحيم وطار التهمه الصقر في
اللحظة بشراسة ، وهكذا ظلت الغربان رهينة السفح فمن يجرأ الطيران ، وظلت
أعين الصقر ترصدهم ، كلما قفز أحدهم كان طعاماً للصقر ، التهم منهم عشرات
بل مئات من الغربان واحد إثر آخر ، فخنع الجميع صاغرين مهانين ، لكن أحد
الغربان النبيهين همس للبقية الباقية من الغربان … ماذا لو نطير كلنا
سرباً واحداً وقفزة واحدة في الفضاء ، نطير سوية جمعاً مجمعاً واحداً ،
فجُلّ ما يستطيع الصقر التهامه واحداً منا أو اثنين وينجو الباقي ، لكن
الخوف كان قد حفر جذوره عميقاً في رؤوس عفنة لا تقبل الجديد ….
عجبي أنا أيضاً على قومي ! لقد الفت البؤس والذل والعبودية هي أيضاً ، ولم تعد تعي أبعد من ما بين قدميها …
لم
أعد أهتم لشيء ، لكن ما يقززني هذهِ الكلمة المقيتة ، التدجين !! في
البداية لا يبرره أحد ، لكنه في نهاية الأمر يألفه ويعتاش معه ، يلعب وينام
ويصحو معه ، ليأتلفان متوحدان كحقيقة أبدية ….
مرض يأتي هادئاً ،
ليناً ، لعيناً كسرطان ينخر جسدك ولا تشعر به في بادئ الأمر إلى أن يرميك
جثة متفسخة … حتى لتشعر بالتقزز من كل خطوة تخطوها ، بتسمم الهواء الذي
تتنفسه ، وكل ذرة تراب حولك ، كل همسة ، كل شهقة أو زفير تصبح جريمة ، لقد
هشم هذا المخلوق حتى قانون الخلق في الطبيعة ، القتل جريمة بالمفرد ، لكن
التدجين تجارة الجملة … يجعل الدجاج يكره الليل والنهار ، الضوء والظلام ،
يجعله يكره حتى نفسه ! …
كم أقدسك أيتها الذئاب !! … إنك الوحيدة
التي مرغت أنف هذا الرجل في الوحل ! لقد دجن الدجاج والغنم والكلاب والحمير
، لكنه لم يجرؤ على تدجين الذئاب … لكن المأساة ليست مأساة الجميع إنها
مأساة البعض بل مأساتي أنا ! لم يعدم أجدادنا الحكمة حين قالوها ! ــ من
يفهم أكثر يتألم أكثر ــ* وعذراً على هذا الغرور ، ولكن من يمتلكها لا
يمتلك شجاعة القول …..
ــ 3 ــ
بسرية بالغة تحدثت مع إحدى صديقاتي النبيهات التي أثق في رجاحة عقلها ، قالت :
ــ أنصحك بالتحدث مع الذئاب ! …
ــ الذئاب ؟! إنهم أعداؤنا !
ــ أليس الجميع أعداءنا ؟! أليست الخليقة كلها ضدنا ؟! فما بالك تخشين من الذئاب وحدهم ؟! ….
ترى
هل في جعبتهم ما يعينني على ذلك ؟! ….. هل يفكرون مثلنا ؟ ألا أجد
جديداً في التحدث معهم ؟ ألا ننتفع منهم بنصيحة ما ؟ …. فكرت طويلاً !
… يجب تبني طريقة ما للاتصال بذئب ولكن بطريقة لا تسمح له بالانقضاض علي،
على أية حال يجب أن تكون الخطة محكمة في تفادي التقرب من ذئب ، عليّ أن
أكلم شيخاً أو عجوزاً أو فرخاً صغيراً لأكون في منأى عن شره ….
صادف
أن مرّ في يوم من الأيام ذئب عجوز من خلف الحائط ، كان لا يقوى المسير ،
كلمته من فوق الحائط وأنا أردد بسرعة الكلمات التي انتقيتها كي لا تضيع مني
هذهِ الفرصة … هل تعرفون بماذا أجاب ؟ أخذ يقهقه بصوت عالٍ وهو يقول
….
ــ وهل تظنين نفسك نسراً ؟
حينها بكيتُ طويلاً …. فكم من
الوقت يمضي إلى أن أتحول إلى نسر … لكنني لستُ من النوع الذي يرضخ بسهولة
لمثل هذا الكلام ، عقلي بات كداينمو يدور ويدور ، لم لا نؤلب الدجاج كله
؟! ربما يكون طريق الخلاص ؟ …. من يومها جرت محاولات لتعبئة التمرد ،
حاولنا مراراً إثارته هنا وهناك ، لكن الإحباط كان نصيبنا في كل مرة …
فالدجاج قد تعود هذهِ الحياة ولا يقبل التغيير … والغريب في الأمر إنه
حتى حين يحاول الرجل إصلاح بعضاً من شأننا لغاية في نفس يعقوب ، لا يتقبلها
معشر القوم … وأذكر في صغري بأنه في إحدى المرات استخدم الرجل طريقة
جديدة في تقوية قشرة البيوض التي تتكسر حين تقع على الأرض بحيث وضع الملح
في الدخن الذي نتناوله بدل الكلس الذي نحاول انتزاعه من الحائط ، رفض جميع
الدجاج هذا الأمر ، واضرب عن الطعام ! لقد تعود مذاق الكلس ولا يرغب في
إبداله بمذاق الملح اللذيذ ! ….
ــ 4 ــ
كثيرة هي القصص
التي دونتها في مذكراتي علني أنفس ما في داخلي من مآسي لا يشعر بها غيري ،
هل كُتِبَ عليّ أن أنوب بالتفكير عن الجميع ؟! الكل غافلون عما يجري لكن
الأبله الذي في رأسي يظل يدور بلا توقف …
استيقظت في ليلة من ليالي
الشتاء الباردة بسبب البرد القارص الذي كان يلسع جسدي ويجمد قدماي ! فإذا
بي غارقة في رطوبة عفنة وتبن رطب ، من روث ، وبراز ، وذرق الدجاج ، زحفت
بهدوء إلى مكان جاف لأقضي بقية الليل ساهدة لا أنام ، وكل دقيقة وأنا ألعن
طريقة نوم الدجاج هذهِ ، في الصباح الباكر نهضتُ بسرعة لأصارح صديقة لي
بالمشكلة ، حتى اتفقنا على أن نجمع البقية ونتكلم معهن بحل هذهِ المعضلة ،
فمن الأفضل التعاون جميعاً في سحب التبن الجاف لصق الحائط وننام سوية اتقاء
البرد طوال الشتاء ….
بعد لقاء الجميع ودون مقدمات قلت لهن بصراحة
بالغة ، لنتعاون في حل المشكلة وأسهبتُ في شرح الطريقة الصحيحة ، بعض
الدجاجات انسحبن بهدوء وكأن الشيء لا يعنيهن ، وقالت أخرى إن مكاني فوق
الرف مريح لا أريد تغييره ، وأخرى قالت كل منا عليها أن تدبر نفسها …
صدمت للأمر وصرخت :
ــ لكن الأمر يعني الجميع ، ربما تمرض إحدانا ألا يجب درء هذا الأمر ومساعدتها ؟!
كان ذلك درساً بليغاً علمني أشياء لم أكن افقهها … ألا تباً لك أيتها المخلوقات الأنانية الوضيعة ! ….
ــ 5 ــ
كنتُ
مطرقة صامتة وإذا بإحدى صديقاتي واقفة على رأسي ، لا تريد إِيقَاظي عن
أحلامي ، لقد اكتشفتُ أن لا أحد يستطيع أن يحل مشكلتك إن كنت أنت عاجزاً عن
حلها ، لكنها ألحت بأن أفضفض عما بداخلي علني أرفه عن نفسي ، وسرى الحديث
مذاهب شتى ، في النهاية قالت كصديقة نصوح :
ــ هل تظنين بأنه لم يجر
التفكير بهذا الأمر من قبل جداتنا الحكيمات ؟ أما سمعت قصة تلك الجدة
الذكية التي أرادت أن تتعلم الطيران لتقلد الحمام ؟ المسكينة اخترعت طريقة
حرية بالتفكير ، طريقة نبيهة للتمرين ، في كل يوم تقفز من حائط ، ثم في
اليوم التالي تنتقل إلى حائط أكثر ارتفاعاً ، وهكذا أخذ طيرانها يرتفع
ويطول مرة بعد مرة ، ولمسافات أطول ! استمرت على هذا الحال لعدة أسابيع ،
وفي آخر المرات حين قفزت من سطح البيت العالي في ليلة ظلماء كانت قفزتها
أطول مما يجب ، لقد مرقت أبعد مما كان مخططاً ، فتلقفها فم ثعلب كان يشم
رائحتها خارج الزريبة ، فلا تعيدي هذهِ القصة أرجوكِ
فتلقفها فم ثعلب كان يشم رائحتها خارج الزريبة ، فلا تعيدي هذهِ القصة أرجوكِ أنتِ أيضاً …
فصمت طويلاً لكلامها … أيكون الهروب حلاً ؟! ولكن ما زالت أوراق إحداهن عالقة في الأذهان إلى الآن ! …
ــ هجرنا أمس الزريبة البشعة كنا ثلاث دجاجات ، لكننا مع الأسف نمنا ليلة مخيفة في العراء جعلتنا نعود إلى جحيمنا في الصباح التالي …
آه من الأحلام اللذيذة المفجعة ! وآه من قولة الآه … كم تمنيتُ أن أكون نسراً ! …..
في صغري كنتُ أرى النسور تحلق ، لم أكن بادئ الأمر أحلم بالتحدث معها ، لكن قبل ما يقرب من شهر ، صادفني نسراً حط على سطح المنزل ، استدرجته للكلام ، تشعب الحديث بيننا ، كان حديثاً غريباً وشيقاً ، حقاً إن الحديث شيق مع النسور ، فمغامرتها عجيبة غريبة ملذة ، في نهاية الحديث قال لي :
ــ حتى وإن كان في مقدوركن الطيران ، لكنه سيكون على ارتفاع منخفض ، ولمسافة قصيرة جداً ، فلا تعقدي أمالاً كبيرة بالمساواة بالنسور ! فعبر التاريخ كانت النسور أكثر حكمة وأرقى الطيور جميعاً ….
سُدَّت كل المنافذ أمامي ، وكيف لي أن أهرب وأصغر كلب سيمزقني ! هل أتذمر فأكون أولى القرابين عقاباً على إشهاري بحقي ؟! …..
( 6 )
توالت
الأيام ثقيلة كئيبة ، أفاقتني من كآبتي نظراتُ هذا الديك كان يسترق النظر
ويتعمق في فضح نظراتي ! اعتقد إنه مزيج من الإعجاب أو الحب ، لكن لحد الآن
لم أعرف نواياه ربما هو إحساس بالحب ، فالأنثى تحس بأية عاطفة يكنها الجنس
الآخر ، ما كان يعجبني في هذا الديك إنه كان زاهداً في علاقاته مع الآخرين
ولهذا دفعتُ نفسي إليه لأعرف ما يدور بخلده ، وما أدهشني أن مصارحته لي أتت
بسهولة ، إنه ببسيط العبارة يريد الزواج مني إن أنا قبلت به …
في
هكذا موقف يستدعي التأني في التفكير ! إنها قضية تطال العمر كله ! ولكثرة
ما أترصد مفاجآت من هذا النوع فقد أعددتُ لها حلولها وبدون تردد قلتُ له
دون أية مقدمات :
ــ الزواج يعني الشراكة !!
ــ ماذا تعنين ؟!
فقذفتُ بوجهه كلماتي دون توقف …
ــ
المعنى في أشد وضوحه ، سنتناوب النوم على البيض حتى يفقس عن أفراخ ، فليس
من الإنصاف أن أحرم نفسي واحد وعشرون يوماً من الخروج والأكل بوجبات سريعة
مقلقة والنوم على البيض في مختلف الظروف ثلاث وعشرون ساعة في اليوم ومع ذلك
الريش المنفوش الذي يعيقني من اللعب والقفز والحركة والمرح والتمتع
بأوقاتي ….
كان يستمع إليّ فاغراً فاهه ، وما أن انتهيتُ من كلامي حتى صرخ مصعوقاً :
ــ هل سمعتم يا معشر الدجاج بأن ديكاً نام على بيض ؟ هذهِ منتهى الإهانة بل هدر لكرامة كل الديكة !!
ــ لا تصرخ ! لا تفضحنا ! نحن نتحدث بهدوء وسرية فلا تجعلنا هزءاً للآخرين ، ليكن ، وماذا في ذلك !
وأردفتُ :
ــ إنها مساعدة شريك لشريك حياته … فقط أردتُ أن أصارحك بهذا …
ظل فاغراً فاهه ، لا يستوعب ما الذي سأقوله ، فانتهزتُ فرصة اندهاشه البليد حتى أردفتُ وبنفس النبرة وبلغة التحدي :
ــ ليس هذا فقط بل أن نتقاسم تربية الأفراخ أيضاً !! ..
ــ تربية الأفراخ ؟!!
ــ نعم يجب أن نطعمهم كلانا سوية وبالدور !! …
فعلا صراخه :
ــ
ايا مجنونة ! هل تريدين كسر كل القوانين والأعراف والتقاليد ؟ أنا أسير
أمام الأفراخ ؟ أنا أتوسل إليك أن تنوبين الدور بعدي ؟ أنا أسير خلفك ؟!
أنا …
فتركني غاضباً لا يعرف موقع أقدامه وهو يدمدم !! ..
ــ دجاجة مجنونة مجنونة !! …
( 7 )
أحلامي
أصبحت أكبر من حجمي ، تحول التفكير إلى قلق واكتئاب ، لم يعد بمقدوري حتى
النوم فقد أصبح رأسي مطحنة صاخبة … باتت الهموم تلاحقني من كل جانب ،
والأرق يعذبني ليالٍ طوال ، أحلامي أضحت كوابيس خانقة … رحمك الله يا جدي
العزيز حين كنت تقول … ** :
ــ الوعي جرثومة ما أن تدخل رأسك حتى تظل تنخر وتنخر إلى أن يحيلك جثة هامدة ــ
اللعنة
على الوعي بالحال والأحوال ، اللعنة على الأحياء والأموات ! وعلى كل ذي
جناح من الطيور والمدجنات .. أخيراً قررتُ أن أحفر أخدوداً في جمجمتي !
وليكتب على شاهد قبري بعد أن أموت …
أيتها الدجاجة ! كوني بليدة لتعيشي سعيدة ! …
ــ انتهت ــ
* كونفوشيوس
** دستويفسكي
//////////
الانْتِقَام
ــ قِصَّة قَصِيرَة جِدَّاً ـ
بِقَلَمِ : ابراهيم كولان
كان
لداروين في طفولته صديقة حميمة ، لكن لسوء حظه وحظ البشرية انفصلا عن
بعضيهما ، لسبب بسيط هو إنه في أحد الأيام ، حين عيرها بشعرها المجعد ،
عيرته بقدميه الهزيلتين ويديه الطويلتين ، فأصبح كلما يتذكر هذهِ الحادثة
تنتابه حالة من الألم والإحباط ، ويعتصر لها قلبه ، خصوصاً حين انتقلت هذهِ
الصفة على لسان أقرانه ، فأصبح محط تندر الجميع .
في إحدى الصباحات حين
كان يسير في طريق خارج المدينة داهمته المفاجأة ، وهو ينظر إلى يديه
الطويلتين ، فرأى أصابعه قد طالت بسرعة رهيبة ، ونما شعر كثيف حول قدميه ،
ثم حول جسده ، وأمتد له ذيل قصير في الخلف ، نظر وراءه لئلا يكون قد شاهده
أحدهم ، وبسرعة بالغة وبكتمان شديد ، شد رحاله إلى شواطئ أميركا بعيداً عن
أعين المشتفين ونظرات المتطفلين … وبعزم لا يلين قضى بقية حياته مستخدماً
كل خبرته وجهده لينتقم من الجميع ، وليثبت بما لايقبل الجدل بأن طول
الأطراف وكثافة الشعر لا يقللان من قيمة الإنسان ، بل العكس هي تعبير عن
الأصالة في حمل خصائص الأجداد الأولين ……..
ــ انتهت ــ
///////////
سعيد ….. يا سعيد
ــ مَسْرَحِيَّة ــ
تَأْلِيف : ابراهيم كولان
(
غرفة ، نافذة ، على الحائط ساعة معلقة وصورة فتاة ومرآة وما يشبه منصة
مرافعة ، بدالة ، شبكة حبال مرمية على الأرض ، سعيد في منتصف العمر ، نحيف ،
مرهف الحس ، ينظر بخوف من خلال النافذة … يذهب ويجئ كمن فقد القدرة على
الصبر ، ينظر إلى الساعة المعلقة على الحائط … ثم يهرع إلى النافذة ويطيل
النظر من خلالها … ) ، كل شيء ينذر بخطر محدق ، الحيطان تكبت أمراً ما
… نافذتها تهمس بخطب جلل ، أغصان الأشجار توحي بسر غامض … هدوء مقيت
… المأساة نائمة … العاصفة تنتظر خلف تلك الحشائش ، الموت يزحف على
رؤوس أصابعه ، هكذا بهذهِ البساطة تنتهي حياة بأكملها ؟ … ( ينظر من
النافذة ) ها هي واقفة أمام الباب وقد ارتشقت قامتها ولملمت سحر تكورات
جسدها ، وعطرت أنوثتها .
مسكينة ، تنظر ولا تعرف ما الذي ينتظرها …
وفي الغد ستستيقظ ابنتها على صباح من نواح وعويل … وولدها سيستقبل الموت
كضيف ثقيل جاء في غير موعده … وعلى الدار سيخيم كابوس طويل … وغداً حين
يرى الزوج صورة زوجته مهملة بين الأثاث المبعثر ؟ كيف ستكون لحظة الندم ؟
انسحاق ؟ تكسر ؟ تصدع ؟ لكن هل يمتلك القتلة لحظة ندم ؟ … إنهم لا يجيدون
التأمل ، ولا القلق ولا الحذر … يسيرون إلى الأمام ولا ينظرون إلى الخلف
… ما الذي أستطيعُ أن أفعله حتى أدفع عنها هذهِ الفاجعة ، كيف لي أن
أشرح لكم بأن هناك جريمة ستحصل وليس معي ما يجعلكم تصدقوا ذلك ، إنني أرى
الجريمة ستحصل ولا يراها غيري ، هذهِ هي مشكلتي ، اغيثوني .
ياإلهي
سيقتلها قبل أن استطيع عمل شيء ، تلك الرغبة الأزلية في الإنسان ، أن يقرأ
الأحداث قبل وقوعها ، إنها مهمة مستحيلة … أليس كذلك ؟
( يضحك ) ها ها
… أنا أستطيعُ ذلك ، إنني أقرأ أفكار الآخرين ، فأعرف ما سيحصل …..
صدقوني … حينما أكون بجانب أحدهم ، أرى أفكاره كما ترى أية صورة .. فقط
أنظرُ إلى جبينه وأُخلي من ذهني كل تفكير فتنفلت الصور أمام عيني وتتشكل في
مخيلتي كشريط سينمائي ، اكتشفتُ ذلك عن طريق الصدفة ، مرة كنت جالساً في
عربة قطار وهناك شخص جالس قبالتي … إنه نائم يهتز مع اهتزازت العربة …
رأيتُ فوق جبينه هالة ورأيت وسط الهالة فتاة جميلة خضراء العيون ، وحين
أفاق الرجل من نومه في المحطة التالية قلتُ له :
ــ هل عيون زوجتك خضراوان ؟
فانتفض الرجل صارخاً في وجهي :
ــ وما شأنك بعيون زوجتي ؟!
أخجلني كلامه ، لكن فرحتي كانت عظيمة ، هذا يعني إن الرجل متزوج … واستفزازه بهذه السرعة يعني بأنني أصبت الحقيقة .
استهوتني
اللعبة ، تلذذتُ بها ، فأصبحتُ ألعبها ، حين يحتال عليّ أحدهم لبيعي حاجة
ما ، أو يكذب عليّ آخر فأقذف بوجهه الحقيقة … تلبّسني الغرور فأخذتُ
أجربها حتى على الحيوانات … فأصبحت القطط والكلاب تهرب من نظراتي حين
أحدق بها … مرة وقفت أمام حمار …واجهتُ حماراً نظرتُ فوق رأسه بدا هو
أيضاً ينظر إليّ ، أفرغتُ من ذهني كل تفكير ، حدقتُ به طويلاً وأطلقتُ
العنان لخيالي فرأيتُ هالة بين أذنيه … حاولتُ أن أعرف بماذا يفكر …
ولكن أتعرفون ماذا حصل ؟ رأيتُ وسط الهالة صورتي أنا …
أنا أيضاً
تلذذتُ بهذهِ اللعبة في البداية … لكنها حين تلتصق بك تتحول إلى لعنة لا
تفارقك … لعنة تتمنى منها أن تنزع جلدك لتنزعها ، ولكن هيهات … كنتُ
عامل بدالة … البدالة الجنوبية ….
ــ ( بدالة صوت تزويل رقم ، صوت جرس في النهاية الأخرى ) ــ
الو
… الو .. أهلاً خالد … شكراً جزيلاً … آه مبروك … هكذا بهذهِ
السرعة ! حسناً ( بنبرة جدية ) خالد انتبه ارفع قدميك من على الطاولة سيدخل
عليك ضيوف …. ها ؟ صحيح ؟ فعلاً دخل عليك ضيوف ؟ … لقد صدق حدسي إذن
… من أين أعرف ؟ لا أعرف من أين أعرف … سأقول لك ما اسمه … أمجد …
مجيد ….هه ، صحيح ؟! عظيم ! ألم أقل لك … لا تسألني كيف حزرت فأنا نفسي
لا أعرف كيف … فقط إحساس داخلي … أحس فجأة باهتزاز أسلاك الهاتف …
فأعرف أن هناك خللاً ما فأركز لأعرف ما هو … كحيوان يشم رائحة فريسته
فيتجه نحوها حتى يتمكن منها … لحظة من فضلك … ألو … نعم …
(
تتبدل نبرته إلى ضجر ثم إلى خوف ) سيدتي … عفواً … دعيني فقط أشرح لك
… لقد حذرتك من سرقة القلادة … صدفة ، صدفة يا سيدتي … أن تطابق ما
حدث مع ما قلته لك … لا ، لا تتهمينني يا سيدتي … تستطيعين إقامة دعوى
ضدي ؟ ولكن ما ذنبي أنا … إنني بريء أرجوكِ أن تفهمي ، لا ليس تدخلاً في
حياة الآخرين .. ليس ذنبي لكنه ذنب هذا المخبول الذي في رأسي .. لا أرجوك
لا تفعلينها ( يرمي سماعة الهاتف من يده … ويصرخ يكلم المرآة ) سعيد …
ياسعيد ، اللعنة عليك كل حين .
( أمام منصة المرافعة ) : سيدي القاضي ..
لقد قلت الحقيقة التي رأيتها في ذهني ، لم يكن ذنب الشاب في حادثة السيارة
، بل كان ذنب الشخص الذي برأته المحكمة ، ما ذنبي إن أكتشفت بأن المجرم
بريء والبريء مجرم … كيف أشرح لكم بأنني أقرأ ما بين اللحظات ، ما ذنبي
إن كان جلدي يستشعر الضوء في وسط الظلام ، وأوراقي حساسة تلتقط الذبذبات من
أبعد النجوم ورقائق العدسات في عيوني فائقة الحساسية …. فكل واحد منكم
كان سيفعل ما أفعله أنا وسيقول ما أقوله … لو كان يلبس لون جلدي ، وتسري
في جسده ذات الشرايين ، ويمتلك نبضات قلبي … أقبل أياديكم أن تلبسوني جلد
ثور أو تستبدلوا رأسي برأس نعامة ( مع المرآة ) سعة خيالك يا سعيد جرثومة
تنخر في رأسي … عمق نظراتك تخرق أحشائي … أحلامك لعنة تلاحقني … أريد
أن أغمض عيني وأفتحها فلا أراك .
( يكلم الصورة ) عذراً يا حبيبتي لم
يكن ذنبي لكنه ذنب سعيد .. مرت الأيام بيننا لذيذة كالأحلام ، كنا نتلهف
إلى ذلك اليوم الذي سيجمعنا معاً إلى الأبد … نظرتُ إلى عينيك ، وجهكِ ،
جبينكِ …. ثم حضر سعيد … هذا الكلب … فرأيت تلك الهالة … رأيتُ
تاريخاً كاملاً ، رأيتُ صورة عجوز …. رأيتُ غلالة بيضاء تتمزق … شفاه
تتقطر … وعيون عطشى …. من يومها تبادلنا نظرات الشك … كثرت أسئلتي عن
تلك العجوز وعن شاب أزرق العينين جالساً مع فتاة على شاطئ البحر … لم
أعد أفرق بين ما كان وما سيكون … مع مرور الأيام ازدادت حدة نظراتي ،
ونظراتها تزداد رعباً ، تحولت أيامنا إلى غيرة وشك واتهام ، إلى أن جاء ذات
يوم قالت لي أن الحب والخوف لا يمتزجان … وتركنا حبنا هناك وعدنا .
(
يصرخ ) سعيد … لقد خسرت كل شيء فإلى أين تقودني ؟ ( بألم ) سعيد ! …
هل أنت أخي أم عدوي أم صديقي ، هل استطيع أن أمنحك إجازة راحة لعدة أيام ؟
هل استطيع أن أقلك عن منصبك لمرة واحدة وتذهب عني ، خذ ما تشاء مني واتركني
… وخذ كل ما أبقيته لي من سهر وكوابيس أحلام وقلباً منهكاً ، لو كان لي
أن أبتر أحد أطرافي وتتركني لبترت أطرافي كلها … لو كنت تلبس جلدي لسلخت
جلدي وتركته لك ( ينظر من الباب ) أيها الناس ! ستستمع تلك الحشائش هذه
الليلة إلى حكايات الموت والجان ، سترقص الأشجار على سيمفونية الألم ،
وسيكون هناك ظلم واظلام ، سيحمل الهواء من هنا رائحة الفضيحة والدم … (
يصرخ ) أيها المارون ! بعد قليل ستكتمل سطور مأساة ، إنها تكتب الآن ،
سطراً بعد سطر … إنها في السطور الأخيرة … لا … لا أريد منكم أن
تتفرجوا أو تتنصتوا … لا أريدكم أن تحزنوا … لا … ولا أن تمزقوا
ثيابكم أو تعفروا رؤوسكم بالرماد …. فقط أريد منكم أن تمنعوا الجريمة قبل
أن تحدث ، امنعوا المأساة قبل أن تبدأ ( كأنه يكلم آخرين ينتشرون من حوله )
… نعم ، هنا ، ألا تصدقون ؟ ماذا تقول ؟ لا يا سيدي لم تحدث الجريمة بعد
، لكنها ستحصل … لِمَ تضحكون ؟ إنني لا أهزأ معكم … لا لست عشيقها
افهموني لست مخبولاً … لا تهربوا … هيي أنتم يا من هناك … يا إلهي ،
لا أحد يسمع … ( ينظر إلى الساعة ) يا إلهي لم يبق غير ساعات … الوقت
يمضي وعقارب الجريمة تقترب إلى بعضها … ( ينظر من خلال النافذة ، ويعود )
.. لِمَ لا أذهب إليها مباشرة واختصر المأساة … أقول لها … سيدتي هناك
جريمة ستحدث في هذه الدار … نعم زوجك … هو المجرم وأنتِ الضحية ،
سيقتلك زوجكِ … لا تكثري من الأسئلة سيدتي فإني لا أجيد الإجابة …
صدقيني إنني أمتلك القدرة على رؤية ما سيحصل … إنهار جسدك فوق هذِ
الحشائش ، لكن هل ستسمعني ؟ لا ليس حلاً ، لن تغفر المرأة رجلاً اقتحم غرفة
أسرارها … ستقول لي هل تتلصص على غرفة نومنا ، لا ، لا ليست هذهِ طريقة
مأمونة في فضح كل هذهِ التفاصيل ربما ستقيم ضدي دعوى التشهير … الأفضل أن
أمنع زوجها من اقترافِ الجريمة … نعم … سأهدده … أيها الجار العزيز
… لا تفعلها .. سأفشي سرك إلى العدالة ، لا تقتل زوجتك يا سيدي ( يضحك )
ها ها ها سيستقبل هذهِ الطرفة بضحكة جنونية وسيصرخ في وجهي :
” إن كنت صادقاً يا سعيد فسأقتلك قبل أن تفشي السر ، وإن كنت كاذباً فلن أكتفي بقتلك فقط “
(
يصرخ ) سعيد لا جدوى يا سعيد ! … آه .. ( يجلس لفترة وهو ينظر من خلال
الباب ثم يقفز ) هاي أيها الشرطي .. لم يبق لي غير الالتجاء إلى العدالة
… من فضلك كلمة واحدة فقط .. سيدي هناك جريمة ستحدث هنا ، أتوسل إليك يا
سيدي أن تمنع هذا الرجل من قتل زوجته ، انقطعت كل السبل أمامي ، أصبحت أنت
الملجأ الأخير لي ، فلا تخذلني هذهِ المرة ، إن كان الجميع قد خذلني
فالعدالة لا تخذل يائساً ، هناك كارثة ستحصل فقط علينا الأن أن نمنع حصول
المأساة ، ماذا تقول ؟ ها ! … تريد أدلة … أعذرني يا سيدي هذهِ المرة
… فليس معي أية أدلة … من أين لي أن آتيك بالأدلِة يا سيدي وكل ما
أملكه هو هذا الأبله الذي في رأسي ، ماذا ؟ … يجب أن أودع التوقيف على
ذمة التحقيق ؟ ستكون الجريمة قد وصلت إلى نهايتها واكتمل كل شيء … ثم كيف
أكون شاهداً والجريمة لم تحدث بعد ؟ لكنها سوف تحدث … صدقني … لا تذهب
يا سيدي فلم ننتهِ بعد .. أرجوك لا تتركني … لا تدعوني وحدي … لِمَ
تهربوا مني جميعاً ؟ ( مخذولاً ) فعلاً ، متى كان للشرطة وقتاً لسماع مثل
هذهِ التفاهات … ( متألماً ) لا جدوى يا سعيد لا جدوى ، وحدك تظل تصرخ
وتصرخ ولا يسمعك غير صدى صوتك … تنبح ليل نهار ولا يجيبك غير عوائك مثل
كلب تهز ذيلك بين الناس ولا أحد يلتفت إليك … تناديهم ، تتوسل إليهم …
تمد يدك ، تستجدي منهم ( يمد يده بالاستجداء ) أيها الناس صدقة ، إيها
الناس ، يا محسنين قليلاً من المروءة ، شيئاً من دماثة الأخلاق ، يا عباد
الله مضغة من الطيبة ، يا أولاد حواء فضلة من خيال ، يا محسنين ، كسرة
براءة ، شيئاً من المودة … ماذا جرى لكم ؟ أما في قلوبكم شيئاً من القلق
والحذر ؟ أما في جيوبكم آذان للسماع ؟ هل أنتم أولاد آدم ؟ …. لا لم يكن
أبي بينكم ولا أمي خرجت من بطونكم … كان أبي قد مات منذ زمن لا أذكره …
وأمي … هل تعرفون ماذا جرى لها ؟ … أما أنا فكانت ولادتي عسيرة …
كانت ولادة عسيرة ( يتقلب على الأرض فوق شبكة الحبال ) ونحن نزحف بين
الصخور نمنا من فرط التعب ، وعندما استيقظت أمي وجدت ولدها يصرخ ، ووجدت
الحبل السري ما زال متشبثاً بها ، مدت يدها إلى صخرة والتقطتها فقطعت الحبل
السري وواصلنا المسير وحدنا في هذا العراء ، يطاردنا الجوع والخوف ، كنا ،
نزحف ويزحف خلفنا آثار دمائه فوق الصخور ، أسمع نشيج آلامه ، إنه يصرخ ،
يستنجد بنا …. وفي آخر الطريق مات الحبل السري ، لكنه ظل ينادي خلفنا …
ومن يومها تعلمت لغة ما تقوله الحبال السرية جميعاً ، وهكذا تنامت لدي
مَلَكة قراءة أفكار الآخرين ، إلى أن أصبحت أنا الذي أزحف خلفها ( يبدو
متثاقلاً منهكاً ) أريدُ أن أنزع جلدي كالحية حين تنزع جلدها ، في كل سنة
ترمي جلدها القديم مع كل ما علق به من قذارات وتلبس حلة نظيفة طرية جديدة ،
بت أشتاق أن أذهب في سبات طويل كسبات الحية ، وأتكور مثل تكورها كجنين في
بطن أمه يقضي العمر نوماً هانئاً ( ينام ، تغيير في الإضاءة ، يصحو ) ما
يزال كل شيء على حاله …
( ينظر من خلال النافذة ) ما تزال المأساة
قائمة … لِمَ لا يحدث خللاً في الكون ليتغير شيء ما ، ألا يقفز الزمن
ليعبر مأساتي … أريد أن أغمض عيني وأفتحها على محطة أخرى ، أم تُرى أصبحت
حياتي كذاك الطفل ابن السابعة حين مات أبوه وتركه وحيداً ، أخذ يبكي أباه ،
إلى أن جهدت جفناه فنام ، ثم صَحا ليجد المأساة ممتدة أمامه ، فغرق في
نشيج متهدج ، لم تقو عينيه الصغيرتين هذا الكم من الحزن فنام ثانية …
وهكذا ينام ثم يصحو على المأساة ( يبكي ) قصة مأساة لا تنتهي ، مأساة
متواصلة لا تقطعها غير محطات النوم …
( يسمع ضجيجاً فيهرع إلى النافذة
) يا إلهي إنه زوجها يطرق الباب ، فتحت له الباب ( يرقص من الألم ) ستبدأ
المأساة … أيها الناس … إنه الآن يدخل غرفة النوم … يا إلهي ماذا
أعمل ، سيفعلها الآن ( يذهب ويجيء ) لن أقوى على رؤية الدماء تسيل وأنا
أتفرج هكذا … مثل ثور ينظر ببله إلى سكين جزاره … إلى من أنادي ؟ ومن
سيرى كل هذا أمامه ولا تتقطع أوصاله … هاي أيها الرجل ! .. أيتها المرأة !
… ( بيأس ) ولكن لمن تنادي ، ومن يسمعك ؟
( يصرخ ) أوقفوا هذا الألم ،
اسكتوا هذا الصراخ الذي في داخلي ( يدور كالمجنون في الغرفة ) لم أعد
أطيقً لجم هذا الوحش الذي هاج في أحشائي …
( يهرع إلى المرآة يكلمها )
سعيد ! ما زلت تنظر باستخفاف ، تبتسم لعذاباتي … كأنك تقول لي لم ارْتوِ
بعد من تعذيبك … ولكن لا .. لن أدعك بعد الآن تلعب بجراحي ، سأصفي
الحساب بيننا يكفي مهانة يا سعيد … يكفي ما تحملته … سأقطع دابر
الليالي المخيفة التي قضيتها معك ، سأنحر الأيام التي نزفت مني … سأقتلك
… سأقتلك يا سعيد … جاء دوري الآن في الانتقام .. آن لك الآن أن تسدد
كل الفواتير التي قطعتها من جسدي … أتألم لآلامهم ، أحمل على أكتافي
صلبانهم ، وأكاليل الشوك نزعتها من رؤوسهم وألبستني إياها ( يضرب المرآة ..
يقف ، يجفل وكأن أحداً قد ضربه ) … إذا انكسرت موجة في البحر تؤنبني ،
حين تتعرى أوراق شجرة حملتني وزرها ، أو انقلبت سمكة على ظهرها في عرض
البحر تنذرني بكوابيس رهيبة ( يضرب المرآة ) .. سأنهي كل شيء بيننا …
سأحطمك … سأقتل سعة الخيال .. سأنحر جرثومة الوعي ، إلى الأبد سأقتلك .
( يضرب المرآة بهيستيريا إلى أن تتكسر ) وداعاً … وداعاً يا سعيد ( يسقط متهالكاً ) …
ــ انتهت ــ
//////////////
أَشْبَاحٌ في المَدْرَسَة
ــ أُوبريت لِلفُتْيَان ــ
بِقَلَمِ : ابراهيم كولان
الشخصيات : المديرة / المعلمة / الطالبة / العاملة / شرلوك هولمز .
الطالبة
: ( في باحة المدرسة ، تذهب وتجيء وهي تفكر ) إنني جد حائرة …. رأيت
وأنا سائرة … فراشة سوداء طائرة … هذا فأل سيء ….. ( تأتي المعلمة
راكضة ) ها قد حصل ما كنتُ منه خائفة … ( ترى العاملة قادمة وهي مذهولة )
ما بكِ يا صديقتي جارية ….
العاملة : شيء لا يُعقل ….
الطالبة : قولي لي ماذا حصل ؟ ….
العاملة
: ظهر أمامي فعجب عجب … يفطر لمرآه القلب … وأنا أكنس … ومن غير ما
أحسب … طارت من يدي المكنسة … عبرت فوق سياج المدرسة … وحين عدتُ
أنظفُ بالمغرفة … فإذا خلفي تسير المنشفة … خائفة أنا مما يتحقق …
أشياء لا تصدق … هناك خطر محدق …
الطالبة : مكنسة طائرة … ومنشفة سائرة … وما تفسيرك لهذهِ الظاهرة ؟
العاملة : ربما ضربتها عجوز ساحرة … أو سحرتها سعلوة ماكرة …. هل لك لها تفسيراً … قصة جد محيرة …
الطالبة : وأنا التي كنتُ أقول … ليس هذا من المعقول … لكن حين سمعتك … أصبح كلامك هو المقبول ….
العاملة : أنتِ أيضاً حصل لك ما حصل لي … إذن حل بنا المحظور ….
الطالبة : اكثر من هذا يا أخية … حلت بي مصيبة شجية … رأيت في المدرسة أشباح …
العاملة : أشباح في المدرسة ؟ ….
الطالبة
: على الحائط رأيت شبحاً … وسمعتُ صوتاً كصوت الرُحى … وما أن أغلقت
الباب زال من أمام ناظري ومحا … ثم دخلت صفاً آخر … فأذا على الحائط
صورته مرسومة … وعلى الرحلات رسومه موسومة … فهربتُ وأنا خائفة ….
العاملة : هذا أمر لا يعقل …
الطالبة : بت أخاف المدرسة …
العاملة : لم يعد في الخزان قطرة ماء … كيف أدبر أمري بلا ماء … فإني لا أعلم ما جرى له … أسعلوة أخذته أم جنية شربته ….
الطالبة : سعلوة تشرب خزان الماء ؟! … ما يجري لا يُفسر ! …
العاملة : بت أنا أيضاً خائفة … من يصدقنا … ولمن نشكي حالنا ؟!
الطالبة : سنخبر المعلمة بما جرى …
العاملة : وإن لم تصدق ما نرى … ماذا نفعل يا ترى …..
المعلمة
: ( تتقدم خائفة ) هل ترون ما أرى ؟! …. لا أعرف ماذا جرى ! … شيء في
المدرسة لا يُرى ! … فعل عابث في خفية قد سرى .. شيء مخيف مخيف ! … صوت
كضرب الدفوف … أو صراخ الريح في الصفوف … بت أخشاها ، كأنها صارت مثل
الكهوف …
العاملة : ونحن لم نكن نصدق … ما كنا نخاف منه قد تحقق …
المعلمة : أصوات أصوات … تنفخ مثل الحيات … تأتي من كل الجهات …
المديرة
: ( تأتي بغضب صارخة ) من منكن يا بنات … كسرت الرحلات .. وسرقت من
الإدارة السراج ؟ … رأيتُ الباب قد خُلِع من الرتاج … النوافذ مكسورة
والحيطان منخورة … هل دخل غريب إلى المدرسة ؟ .. من الذي يعبث في المدرسة
؟!
المعلمة : أشياء لا تُفسر … كل شيء قد تغير … لا بد في الأمر شيا …
العاملة : وأنا أيضاً .. كنتُ أنظف أكنس الأرض وأمسح … مكنستي صارت … ومنشفتي عن عيني غارت …
المديرة : ( تقلدها ) مكنستي طارت مثل الطيارة … كأنها غرائب تحدث في مغارة …..
المعلمة : دخلتُ فإذا الرحلات مكسورة … وعلى الأرض أقلاماً منثورة …
المديرة
: أسأل عما حدث فلا أحد يدري …. قولوا لي ماذا يجري ؟! … أم بيننا
أسرار خطيرة تسري … لابد في الأمر شيا … أم في الخفاء أيادي خفية .. بت
أخاف مما يجري من المدرسة ….
العاملة : ما من أحد في الساحة … وأنا أنظر ، شيء أمام عيني قد لاح …
المعلمة : أهذهِ مسألة عابرة ؟…
الطالبة : وما رأيتُ أيضاً ؟ …..
العاملة : عجوز ساحرة … رأيتها عابرة … تنظر بخبث ماكرة … انكسر الأنبوب تحت قدميها والماء جرى … وخزان الماء قد فرغ ….
المديرة : اختفى الصنبور …
المعلمة : وغرق في الماء الطبشور ….
المديرة : شيء يضيق الصدور …
الطالبة : وأنا أركض أركض من خوفي .. شبح يصرخ خلفي … صوت كصوت بومة يزعق … أو قولي كغراب ينعق …
العاملة : لا بد أن سحراً قد حصل … جنيه أو سعلوة ….
الطالبة : وسقطت من الخوف … ( تصرخ ) آي ! …
العاملة : ( تجفل ) ما الذي يجري ؟ ….
الطالبة : يدي انكسررت … ومني الحقيبة سقطت … ضاع مني قلمي والكتاب … صرتُ كأني في أرض يباب … بتُ أخشى حتى من ظل باب ….
المعلمة : انظروا ملياً إليها … أسحر سحرها أم شبح ضربها ….
العاملة : أيد غريبة تريدنا ترك المدرسة ….
المديرة : شيء مثر للعجب … قولوا من كان السبب … من يريد بنا الأذى ؟! … من يريد منا ترك المدرسة …
المعلمة : إذن هناك من يريد السوء بنا …..
الطالبة : لكنها أشباح …
المديرة : بل فعل فاعل …
العاملة : لا نستطيع بعد اليوم الدوام … وإن تركناها لا نُلام ….
المديرة : هل أنتن في الأمر معي … فالأمر خطير للغاية …
العاملة : سأهرب من المدرسة ….
المعلمة : يجب أن نفكر ماذا نعمل …
العاملة : وما بمستطاعنا أن نفعل ؟ …
الطالبة : لكني أحب المدرسة ….
المعلمة : ( خائفة ) لكني لا أستطيع بعد أن أعلم …
المديرة : لا لن نترك المدرسة ….
الطالبة : إن في المدرسة خطر …
المديرة : لكن تركها أخطر …
العاملة :بلى فلنسد إذن أبواب المدرسة …
الطالبة : ستزن أمي … وأبي لن يقبل .. وأين ألعب ومع من أضحك …
العاملة : المدرسة صارت مهجورة ….
المعلمة : كيف نعيش بلا علم … بلا أدب … بلا أمل …..
الطالبة : ونصبح بلا مستقبل ؟ ….
العاملة : أنا سأهرب إلى الحارة …..
المعلمة : وحين يسألونك المارة … ماذا تقولي للأهل ؟ … ماذا تقولي للصديقة ؟ للجارة ؟ ….
العاملة : لا أعرف إني أنا أيضاً خائفة … ومن هذا المكان هاربة …. ( تتحرك للذهاب ) .
المعلمة : أمنعك من الذهاب ……. عودي إلى المدرسة ….
المديرة : هناك أحد يريدنا ترك المدرسة … أيدي غريبة تعبث بقلوبنا ….
المعلمة : قوة غريبة تريدنا أن نهرب … يريد بنا السوء ومن المدرسة لا نقرب … فعل فاعل خبيث … فبمن نستغيث ؟ ….
المديرة : لا تخافي عندي حل …
العاملة : لهذا الذي يحصل ؟
المديرة : سنعود إلى المدرسة ….
المعلمة : لكننا خائفون … قد يعرضنا هذا إلى الموت أو الجنون ….
المديرة : سنعود رغماً عن الخوف والمنون… تعالوا معي ( تتقدم بشجاعة ثم تنكص إثر سماعها أصوات ) هل سمعتم شيئاً ؟
المعلمة : سأذهب أنا ( تذهب وتعود خائفة ) رأيت هيئة عجيبة … لم أر مثلها صورة رهيبة …( للطالبة ) أنتِ اذهبي ….
الطالبة : ( كذا ) مازال الشبح يصرخ ( للمديرة ) بل أنت أولاً ….
المديرة : أقول لكم بل نحن جميعاً … هيا نذهب كلنا … وتقدمن إلى الأمام ….
المعلمة : فلنتقدم بثبات بلا وجل ( يتقدمن بحذر ) أنصتن يا بنات ….
المديرة : ( ينظرن ، ضربة موسيقية ، يتراجعن خوفاً ) بل الصوت أوضح من كل مرة …
المعلمة : إنه صوت الريح ….
العاملة : لا بل أصوات مفزعة … وصور بالحزن مترعة ….
الطالبة : هل شممتم رائحة ؟ … إني أشم رائحة تأتي من هنا ….
العاملة : الرائحة تأتي من هنا ….
العاملة : إنها من هناك …
المعلمة : لا بل من هناك …
المديرة
: فلننظر من خلال النافذة ( تتقدم إلى النافذة ، ثم يتقدمن خلفها ) انظرن
يا بنات …. هيئة مخلوق هائم ، أو شبه حيوان نائم …
المعلمة : بل عفريت برأس ثعبان ….
العاملة : قد تكون سعلوة نائمة أو جنية هائمة ….
الطالبة : ( تبكي ) صرنا مثل الحملان … نخاف من ظل يبان …
المعلمة : بل أصبحنا شبه الجرذان …
العاملة : فعلة عجيبة غريبة ….
المعلمة : ما سبب هذهِ المصيبة ….
الطالبة : ( تندب ) راحت أمنا الحبيبة ….حلت بنا معضلة رهيبة … إني ضائعة ضائعة … لا أعرف ماذا أفعل … فأنا أحب المدرسة ….
العاملة : إني إلى البيت عائدة ( تذهب وتعود ) … لكني لا استطيع ترك المدرسة …
المعلمة : ( تندب ) ستقتلنا الحيرة والوسواس … ما العمل أيها الناس …
العاملة : هل نبقى هكذا حائرين …
المديرة : لا أحد يعرف إلى أين نحن سائرين …
المعلمة : ( بيأس ) أصبحنا تائهين …..
الطالبة : ( كذلك ) وفي الدروب ضائعين ….
العاملة : لم يعد لنا من معين …..
الجميع
: ( يجلسون بحزن وينشدون معاً ) ضاقت بنا الأحزان …. تفرق الإخوة
والخلان … لم يعد لنا من أمل … محل العلم والعمل … حل الجهل والكسل
… سنسير بطريق الخطأ … إن خطوة للعلم لا نطأ … ماذا تبقى لنا أن نفعل
… ولم يعد بنا أحد يحفل … ما من أحد يسأل … دلونا ماذا نفعل ؟! ….
المعلمة : إلى أين نذهب … لابد من عمل ….
المديرة : ما من مشكلة إلاولها حل ….
العاملة : كيف نخرج من هذا المشكل ؟ ….
المديرة
: يجب علينا أن نسأل … إن عجزنا نحن فغيرنا قد يقدر …. إن كان كبيراً
أو صغيراً … عاقلاً أو حكيماً … إن كان منّا في الحل أجدر ….
الطالبة : ومن هذا الذي يساعدنا ؟ ….
العاملة : ( يفكرون جيئة وذهاباً ) وكيف لنا أن نعرف المجهول ….
المعلمة : ( بحيرة ) ترى من يخبرنا ما يكون ….
المديرة : من يدلنا على السر المكنون ….
الطالبة : من يعيننا ، من يرشدنا ….
العاملة : وإلى من نلتجئ ونسأل ؟!
ــ ( يقفز بينهم شرلوك هولمز بهيئته المعهودة نحيف طويل ، على رأسه قبعة ، والغليون في فمه ، وعصا معقوفة في يده ) ــ
المديرة : من هذا ؟ …
المعلمة : من أين لي أن أعرف ! …..
هولمز
: كنتُ ماراً في الطريق … لم يكن معي صديق … حتى ولا ظل رفيق … حملت
إليّ الريح أخباراً مذهلة … إن كنتم في معضلة … جئت لحل المشكلة …
فأنا لها مهما صعُبت … وفي أي مكان نبتت ….
الطالبة : من أي عصر أتى ؟ …..
العاملة : إنه لا يشبه أهل عصرنا ….
المعلمة : من اين نبعت وكيف أتيت ؟….
هولمز : خرجت من رواية … أو أنا من التاريخ حكاية … نبعتُ من الماضي … هذا لا يهم ! فما يعنيكم إنني الآن معكم ….
المديرة : ما اسمك ، ومن أنت ؟….
هولمز : إني أنا شرلوك هولمز … لا شيء عندي يصعب … ففي رأسي هذا ألف عجب ….
المعلمة : أوه ! شرلوك هولمز … أظن إنه المخبر السري المعروف في الروايات …..
هولمز
: ألم تقرأوا في الكتب ؟ إني أنا أكشف المستور … أفضح المخبوء وأفك
المسحور … فما من مجرم فلت من يدي … ولا من جريمة غضت عن عيوني …
سأتي بالمجرم بهذهِ العصا … فهل يسعفكم حضوري ؟ …
المعلمة : وما من جريمة قتل هنا حتى تأتي إلينا ! …
هولمز : ( ضربة موسيقية ) بل هناك جثة في المدرسة …
المديرة : جثة ؟ لا يُعقل !
المعلمة : من القاتل ومن المقتول ؟
المديرة : إذن خطر محيق مجهول …..
الطالبة : ( بهلع ) وأنا أشم رائحة العفونة ….
المديرة : أكشف لنا من يريد بنا السوء إذن … وافضح السر المخبوء ….
هولمز : هل تريدون أن أكشف حقيقة الجريمة ؟
الجميع : نعم ! … فإننا نحب المدرسة ….
المديرة : بل أسرِعْ فنحن لا نريد ترك المدرسة ….
المعلمة : وحتى يفشل الجاني بفعله المشين …. وينكشف عاره أمام الجميع …
هولمز : قولوا لي ماذا كنتم تفعلون ؟ … أُظْهِرُ لكم السر المكنون ! … قولوا لي ماذا حصل في ذلك اليوم ؟ …
العاملة : أي يوم ؟
هولمز : يوم الجريمة !
المديرة : يا لها من مصيبة !
هولمز
: احكوا لي ما جرى … أقول لكم من الفاعل يا تُرى ! ( يؤشر للمعلمة )
تعالي أنتِ ، فلنبدأ بك أولاً … احكي لي ما كنتِ تفعلين ؟ ……
المعلمة
: إني أنا المعلمة … كنتُ في الصف أُعلِّم … ( تتكلم وهو يراقبكل جزء
من جسدها ويدور حولها ) من كثرة الوقوف تعبت قدمي … وكثرة الكلام قيد فمي
… كلت يدي من مسك الطبشورة … والكتابة على السبورة … هدني التعب
ولفني الكرب … من كثرة ما أشرح وما أكتب وما أتعب ….
هولمز : بل تكذبين …
المعلمة : أنا أكذب ؟ ….
هولمز : لم تكوني تعلمين … ولا على السبورة تكتبين … فلا أثر لطبشور في اليدين …
المعلمة : بل غسلتها تواً …
هولمز : لكانت ألوان الخيوط أيضاً مغسولة … أنتِ كنتِ تغزلين بخيوط ملونة … وهذه آثارها … وقد بانت على الأصابع ألوانها ….
المعلمة : ( مترددة ) لا لا أقصد … بل كنتُ أقرأ للتلاميذ …
هولمز : بل كنتِ تغزلين أحلامك الوردية الأنانية …
المعلمة : لكني … كنتُ أنظر ….
هولمز
: لا لم تقومي بالواجب …. بل كنتِ غافلة عما يجري … وكان الجاني في
المدرسة ….. وأنتِ عنه بأشياءك شاغلة … وقصرت طوال اليوم في الواجب …
ولهذا ساعدت الجاني أن يدخل المكان … وأنتِ عنه غافلة … قفي هناك
للتحقيق … وتقدمي أنتِ للتدقيق ….
الطالبة : أنا الطالبة كنتُ أقرأ
… فبعد يومين عندي امتحان … فأنا أبداً ما أمسكتُ بيدي غير الكتاب
والقلم في الصف طوال الوقت ….
هولمز : بل كنتِ في الحديقة تلعبين … تقطعين الزهور وتلهين … وهذهِ ورقة من زهرة على ثيابك ….
الطالبة : هل أنا هكذا ؟
هولمز
: كنتِ تخطين أحلامك الوردية على الرمل في الحقيقة … وترسمين خيالاتك
الفتية بين أزهار الحديقة ….. وتلعبين على الأعشاب الندية …. فكنتِ
لاهية عما يجري يا صبية … في المدرسة … لم تمسكي في يديك كتاب أو قلم
أو مداد ….
الطالبة : ( تبكي ) لأني خفتُ من المعلمة …
هولمز : ها إنكِ تعترفين … واعلمي لم يكسر الشبح يدك بل المعلمة … المعلمات أصبحن أشباحك المخيفة …
الطالبة : ماذا أفعل ولا استطيعُ قول الحقيقة …..
هولمز : ولهذا كنت السبب في دخول الجاني …
الطالبة : لكني لستُ الفاعلة …
هولمز : قفي هناك للتدقيق وأنتِ تقدمي للسؤال …
المديرة
: وأنا المديرة جئتُ إلى المدرسة أتفقد المعلمين والمعلمات … وعلى
الطلاب أوزع الكراسات … وأنا أدور بين الجميع حتى لا تقع هنالك مشكلة
…..
هولمز : بل كُنتِ في أكل السمك لاهية … في المدرسة أو المدينة
… وهذهِ رائحة يديك بائنة … وكنتِ عن الجاني لاهية …. فاقترف الجريمة
….
المعلمة : هذا لا يُعقل …. ولكني جئت أخيراً ….
هولمز :
وجئت متعبة فنمتِ على الأريكة … وحين الطالبة كسرت يدها .. سمعت صرخات
ولم تخرجي إليها … وتقولي هناك رائحة في المدرسة … الرائحة من يديك
وليست من المدرسة ….
المديرة : يكفي هذا الملام …
الطالبة : بل فليكمل الكلام …..
هولمز
: يوم حصول الجريمة … كانت الستائر مسدلة ولم تنظري حتى ما تعمل
المعلمات … بل همك النوم على المنضدة أخذ الجاني الصنبور …. ليضرب به
الضحية …..
المديرة : لكني لستُ أنا الفاعلة …
هولمز : لقد
ساهمتِ في حصول الجريمة … لهذا أسأتِ التصرف في الإدارة … يا لها من
شطارة …. أن تغضي بصرك عن كل ما يحصل أيتها الجارة …
المديرة : لكني لستُ قاتلة …
هولمز : اذهبي هناك وتقدمي أنتِ ….
العاملة : إني أنا العاملة … كنتُ أنظف وأغسل الحمام ….
هولمز : كفى من هذا الكلام … لو كنتِ في الحمام كنتِ اكتشفتِ الجثة … فالجثة كانت في الحمام …
العاملة : في الحمام جثة ! …
هولمز : نعم إنها في الحمام وهذا ما شجع الجاني لأنه لم يجدكِ هناك …
العاملة : كنتُ أنظف المدرسة من الجهة الأخرى …
هولمز
: ومن زمن لم تنظفي الحيطان والصفوف … والإدارة عنك غافلة … بل كنتِ
ترسمين على السبورة .. انظري يديك وعليها آثار الطبشورة …
العاملة : ( تنظر يديها وتجفل ) ما الذي جاء بك الساعة ؟ …
هولمز : فدخل الجاني بسبب تقصيرك في واجبك ، وحين دخل لم تسمعي .. ثم إني لم أجد أثراً لمكنسة ….
العاملة : السعلوة أخذتها …
هولمز : بل برأسك السعلوة وليست في المدرسة …
العاملة : هل تشك بي ؟…
المديرة
: (تلوم العاملة ) وأنا كنتُ أقول كل شيء على حالهِ لم يُنظف …. وأنا
أقول كل شيء قذر في المدرسة … وتقولين لي إنك لستِ كسولة …
العاملة : وأنتم جميعاً لا تعملوا على نظافة المدرسة ….
المعلمة : هل كل ما يقال صحيح ؟ …
الطالبة : كلامه واضح وصريح … فإنني رسبتُ بسببك … وحين بكيتُ كسرت يدي ….
المعلمة : وأنتِ كسلانة لا تقرئين …..
المديرة : ( للمعلمة ) وأنتِ كنتِ لاهية بمشاكلكِ البيتية … وأنا التي كنتُ أغض النظر عنك يا لا أبالية ….
المعلمة : ( للمديرة ) إنك لا تبالين بالذي يحصل …. ولا تلقي بالاً إذا فاعل فعل … وتهربين إلى البيت في كل مشكل …..
المديرة : وأنتِ لا تعلمين … ودائماً في الصف تغزلين ….
المعلمة : وإذا الطالبة رسبت … ما أنا كنتُ السبب …..
الطالبة : أنت السبب في رسوبي لم تكوني تعلمين …..
العاملة : ( للمعلمة ) صحيح إنك مهملة … وحين جاءت طالبة تشتكي … ضربتها وكسرت يدها …
المعلمة : لم أكسر يدها كذب …
العاملة : أنا من خلصتها من بين يديك … هل تذكرين ؟ …..
المعلمة : ( للمديرة ) كل هذا بسبب إدارتك المهملة ….
هولمز
: ( يراقب ، يكتب ، يتفاعل ، ويرصد كل هذا المشهد ، ثم في النهاية يذهب
بسرعة ليأتي بجسم مغطى بقماش أبيض ويكشفها فإذا هي مدرسة مُصغَّرة ) هذهِ
هي الجثة ….
المديرة : إنها جثة المدرسة ! ….هولمز : كلكم مشتركون
في قتل المدرسة … الجميع مقبوض عليهم للتحقيق … إنكم قتلتم المسكينة
المدرسة …
الطالبة : كلنا مذنبون ….
هولمز : ها إنكم تعترفون … إنها رائحة أعمالكم النتنة …. ونفوسكم الكسلانة … والمدرسة صارت جثة وأنتم الجُناة …
العاملة : كل هذا صحيح إننا نعترف بكل هذا …
المديرة : لقد ماتت المدرسة ! هل ذهبت منا إلى الأبد ؟ …
المعلمة : لكننا نحب المدرسة .. لا نستطيع ترك المدرسة ….
هولمز : هل ندمتم إذن ؟ …
الطالبة : لا لن نقتل المدرسة بعد …
العاملة : لأننا نحبها …
المديرة : دعونا نحل المشكلة ….
هولمز : المدرسة ستحيا وتنهض بشرط واحد …
الجميع : ( بفرح ) قل ما هو الشرط ؟ …..
هولمز : أن تُكفِّروا عن ذنوبكم … تتبرؤوا من أفعالكم ….
الجميع : وهو كذلك …
المعلمة : ونتبرأ من نفوسنا السابقة …
العاملة : ونُنشِئ نفوساً جديدة …
المديرة : سنُنشِئوها من جديد ….
الطالبة : لأنها أمنا …..
الجميع ينشدون نشيد النهاية :
سنبنيها بأيدينا ….. غرسة للمستقبل
زهرة لربيع آتٍ ….. لغد ، لصباحٍ أجمل
ـــــ
لكِ مِنَّا ألف تحية …… أنتِ بنت تغلبية
فيكِ أمجاد أبية ….. يا مناراً يا بهيَّة
ــــــ
أنتِ للتاريخ هامة ….. أنتِ للمجد علامة
أنتِ رمز للعطاء ….. أنتِ نبراس الوفاء
ــــــ
يا ابنة المجد التليد ….. أشرقي بالنور الوليد
فجري العهد الجديد ….. للغد الآتي الرغيد
دوحة العلم والأدب ….. أنتِ لي أمي وأبي
ــــــ
يا بلاد النخل والمياه ….. يا بلاد الخير والرفاه
انهضي هيا بلادي ….. الحقي بالركب المنادي
فلك المجد ينادي ….. للعلا تسمو بلادي
ــــــ
كلما طال الفراق ….. نهفو إليك باشتياق
مع كل فجر وصباح ….. اهتفي عاش العراق
ومن حرائق الظلام ….. انهضي عاش العراق
ــ انتهت ــ
////////////////////////////////////
قِراءَة مُوجزَة في بَعْضِ مَسْرَحِيَّات ابراهيم كولان
بِقَلَمِ : شذى توما مرقوس
الأَحد 29 / 1 / 2017 م ــ الخميس 9 / 2 / 2017 م .
ــ 1 ــ
مسرحية / لكِنْ لَيْسَ الآن
لكِنْ لَيْسَ الآن / مَسْرَحِيَّة مونودراما قَصِيرَة / بِاللُغةِ العرَبِيَّة الفُصْحَى / نُشِرَتْ في مَوْقِع عنكاوا عام 2006 م / قُدِّمَتْ المَسْرَحِيَّة ضِمْنَ بَرْنامَجِ الحَفْلِ التَأْبِينِيّ الَّذِي أَقامَتْهُ حرَكةُ تَجَمُّعِ السرْيَان المُسْتَقِّل في بَخْديدا في ذِكْرَى يشوع مجيد هداية ، المَسْرَحِيَّة مِنْ إِخْرَاجِ نشوان مبارك ، تَمْثِيل أنس عولو / فِكْرَةُ المَسْرَحِيَّة تَدُورُ حَوْلَ المَوْت والإِنْسَان ، حَيْثُ يُقَرِّرُ بَطلُ المَسْرَحِيَّة أَنْ يَتْرُكَ العالَم ويُوَدِّعهُ لِيَنْضَمَّ إِلى الأَمْوَات ، فيُجَرِّبُ التَوابِيتَ في المَقْبَرَةِ واحِداً تِلْوَ الآخَر ، ثُمَّ يَسْتَلْقِي في أَحَدِ التَوابِيتِ بِرَاحةٍ تَامَّة ويُوَجِّهُ مُسَدَّسَهُ إِلى صَدْغِهِ صارِخاً : ( وداعاً …لا لن أقول وداعاً بل مرحباً في العالم الجديد ) ، ثُمَّ يَرْمِي مُسَدَّسَهُ جانِباً ويُواصِلُ حدِيثَهُ إِلى الشَواهِدِ المُنْتَشِرَةِ حَوْلَهُ في المَقْبَرَةِ ويَتَحَدَّثُ إِلى الأَمْوَات لِيَعْرِفَ بِالَّذِي جَرَّهُم إِلى المَوْت مُحاوِلاً فِهْمَ المَوْت وماهِيَتِهِ مُفَلْسِفاً الحال ، وحِيْنَ يَظُنُّ نَفْسهُ قَدْ اسْتَعدَّ لِلاخْتِبَاءِ في أَحْضَانِ المَوْت بَعْدَ أَنْ غَابَتِ الشَمْسُ ولَفَّ الظلامُ كُلَّ عَيْنٍ ، يَتَحَرَّكُ مُسْتَعِدَّاً بِالمَسِير نَحْوَ التَابُوت ، فيَلْتَقِطُ المُسَدَّس ، يَسْمَعُ صَوْتَ إِطْلاقَة فيَسْقُطُ مَيتاً ( آه .. ولكِنْ لَيْسَ الآن ! ) .
رَابِط المَسْرَحِيَّة لِلقِراءِة :
http://bakhdida.ca/Letters/IbrahimGolan.htm
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,57330.msg195390.html#msg195390
ــ 2 ــ
مَسْرَحِيَّة / سعيد …. يا سَعِيد
سعيد …. يا سَعِيد / مَسْرَحِيَّة قَصِيرَة / بِاللُغةِ العرَبِيَّة الفُصْحَى / نُشِرَتْ في مَوْقِع عنكاوا عام 2006 م .
مَسْرَحِيَّة
جمِيلَة جِدَّاً ، بَلْ هي مِنْ أَجْمَلِ مَسْرَحِيَّات ابراهيم كولان
المَنْشُورَة والَّتِي قَرأْتُها ( القَاتِل والشَحَّاذ ، الحفِيد ،
الطبِيب والشَيْطان ، لكِنْ لَيْسَ الآن ، مِنْ يَقْتُلُ التنين ،
مَرْثِيَّة ُ أُور ، مَقْهى البرازِيلِيَّة ، وبَعْضٌ أُخر مِمَّا تَوفَّر
) .
هُنا تَتَحدَّثُ المَسْرَحِيَّة عَنْ شَخْصٍ لَهُ قُدُرَاتٍ
اسْتِثْنائِيَّة ( خَارِقَة أَوْ غَيْر مَأْلُوفَة لا يَمْتَلِكُها إِلاَّ
البَعْض دَوْنَ غَيْرِهِم ، وهي نَوْعٌ مِنْ الإِدْراك المُتَفَوِّق )
وهُنا على مَا أَرى يَتْرُكُنا الكاتِب قَبَالَة ما لَهُ بَعْض الصِلَةِ
بِعِلْمِ ما ورَاءِ النَفْسِ ( الباراسايكولوجي ) أَوْ ما يُسَمَّى
أَحْياناً بِالحاسَةِ السَادِسَةِ ، فسعيد شَخْصٌ لَهُ قُدْرَة على
إِدْرَاكِ مَا حَدَثَ و مَا سَيَحْدُث فيَرَى ما لا يَرَاهُ أَحَدٌ غَيْرهُ
، يَرَى الحقِيقَة والوَقَائع ، فإِدْرَاكهُ مُتَفَوِّقٌ ووَعْيهُ عالٍ .
يَأْخُذُنا المُؤَلِّفُ مِن العِنْوان ” سعيد …. يا سَعِيد ” فسعيد
لَيْسَ سَعِيداً مُغْتَبِطاً بَلْ مُعذَّباً ويُقاسِي مِنْ مَقْدِرَتِهِ
على اخْتِراقِ حدُودِ حاضِرِهِ ليَقْرأَ ما سَيَأْتي بِهِ المُسْتَقْبَل كـ
( التَنَبُؤ ) أَوْ كمَا يُسَمِّيها المُؤَلِّف ( جَرْثُومَة الوَعْي )
… فالعُنْوان قَدَّ غَطَّ بِالمَعْنَى والمِغْزَى ( سعيد … يَا
هانِئاً مُغْتَبِطا في حيَاتِكَ ، سعيد … يَا أَيُّها السَعِيد ) ،
فالاسْم الأَوَّل هو اسْمُ علَم ، أَمَّا الثَانِي فهو دَلالَة على
المَعْنَى المُضَادّ تَماماً لِلاسْم وبِلُغَةٍ ذَكِيَّةٍ سَاخِرَةٍ
مَرِيرَة تَتَوَافَقُ مَعَ فَنِّ التَأْلِيفِ المَسْرَحِيّ ، فسعيد هو
تَعِيس وغَيْرُ سَعِيدٍ ومُعذَّبٍ ، إِنَّهُ يُعاني بِسَبَبِ اخْتِلافِهِ
وتَميُّزهِ عَنِ الآخَرِين ، فقُدُراته وقَابلِيَاته على قِراءَةِ ما
سَيَحْدُثُ في تَوالِي الأَيَّامِ القَادِمَة والمُسْتَقْبَل ، وقُدْرَته
المُثِيرَة على تَوْظِيفِ حوَاسِهِ الذَكِيَّة لِتَنْطلِقُ إِلى
إِمْكانِياتٍ أَبْعَد وأَبْعَد مِمَّا يَسْتَخْدِمُها الآخَرُون فتُصْبِحُ
طَوْعَ وَعِيهِ ، تَجْعلَهُ يَتَعذَّب ( إِنْ جازَ التَشْبيه ) كمَا
تَعذَّبَ الأَنْبِياء وكمَا قَاسَى العبَاقِرَة ، هم مَنْبُوذِين مِنْ
الكُلِّ وتَنَبُؤاتِهم وعلُومِهِم مَوْضِعَ سُخْرِيَةٍ وتَهكُمٍ .
سعيد
يُحاوِلُ ويَتَمَنَّى أَنْ يَنْزَعَ عَنْهُ جِلْدَهُ ويَنْتَزِعَ عَنْ
رَأْسِهِ هذَا الـ ” سَعِيد ” الَّذِي دَمَّرَ حيَاتَهُ بِقُدُرَاتِهِ
الفَائقَة والَّتِي تَعدَّتْ حدُودَ المَأْلُوف ، يُرِيدُ أَنْ يَتَخَلَّصَ
مِنْ عذَابَاتِهِ ولكِنْ لا سَبِيلَ إِلى ذَلِك فقُدُرَاتِهِ الفَائقَةِ
هذِهِ قَدْ دَمَّرَتْ حيَاتَهُ وصارَ الكُلُّ يَنْظُرُونَ إِلَيْه نَظَراتَ
شَكٍّ ورِيبَة كمَعْتُوهٍ ومَخْبُول ، وجَعَلَتْ الجَمِيع يَهْرَبُونَ
مِنْهُ : الحبِيبَة ، النَّاس ، الحيَوانات …… الكُلّ ، ما فَضُلَ لَهُ
سِوَى نَفْسهُ ، وحَتَّى نَفْسهُ تُعذِّبُهُ غَدَتْ حلِيفَةً لِلآخَرِينَ
ضِدَّهُ ، فإِلى أَيْنَ يَهْرَبُ مِنْ ذَاتِهِ ، ولا مَنَاصَ لَهُ
لِلتَخَلُّصِ مِنْ بَلْوَاه ( لِنُلاحِظْ هُنا القُدُرَة الفَائِقَة
والتَميُّز تَحَوَّلَتْ إِلى بَلْوَى ولَيْسَ نِعْمَة ) ، القُدْرَةُ
الَّتِي تَحَوَّلَتْ إِلى بَلْوَى بِسَبَبِ جَهْلِ النَّاسِ لَها وعَدَمِ
تَقْدِيرِها حَقَّ قَدْرِها ، وهو يَتَوَسَّلُ النَّاسَ أَنْ يُسَاعِدُوهُ
على التَخَلُّصِ مِنْها إِذْ غَدَتْ مَنْبَعَ مَتَاعِبِهِ وتَعاسَتِهِ ،
وكانَ المَفْرُوض أَنْ تَكُونَ مَنْبَعاً لِمَنْعِ الحوَادِثِ والجرَائمِ
والظُلْمِ والبَلايَا الإِنْسَانِيَّة .
إِنَّهُ يُطالِبُ العدَالَة (
في قَضِيَّةِ مُحاولَةِ قَتْلِ الرَجُل لِزَوْجتِهِ ) مُمَثَّلَةً بِشَخْصِ
رَجُلِ العدَالَة ( الشُرْطِيّ ) ، أَنْ تُحَقِّقَ العدْل فيَقُول ( إن
كان الجميع قد خذلني فالعدالة لا تخذل يائساً ) ، لكِنْ العدَالَة لا
تُحَقِّقُ العدْل ولا تَنْتَشِلُ المَخْذُول مِنْ الكلَلِ واليَأْسِ
لِتُعِيدَ إِ
إِنَّهُ يُطالِبُ العدَالَة ( في قَضِيَّةِ مُحاولَةِ قَتْلِ الرَجُل لِزَوْجتِهِ ) مُمَثَّلَةً بِشَخْصِ رَجُلِ العدَالَة ( الشُرْطِيّ ) ، أَنْ تُحَقِّقَ العدْل فيَقُول ( إن كان الجميع قد خذلني فالعدالة لا تخذل يائساً ) ، لكِنْ العدَالَة لا تُحَقِّقُ العدْل ولا تَنْتَشِلُ المَخْذُول مِنْ الكلَلِ واليَأْسِ لِتُعِيدَ إِلَيْهِ إِيمَانَهُ بِالعدْلِ والعدَالَة والحَقّ ، وبَدَلاً مِنْ أَنْ يُصَدِّقَهُ رَجُلُ العدَالَة يُرِيدُ احْتِجازَهُ وإِيداعَهُ التَوْقِيف على ذِمَّةِ التَحْقِيق لِلتَأَكُّدِ مِنْ الأَمْرِ ، وهو إِجْرَاءٌ يُزِيدُ الطِينَ بَلَّة ولا يُعالِجُ أَوْ يُعْطِي الحلَّ المَطْلُوب ( صُورَة رَمْزِيَّة لِكيْفِيَّةِ مَنْعِ الجَرِيمَةِ قَبْلَ وقُوعِها ) ، فبِاحْتِجازِهِ سيَكُونُ الوَقْتُ قَدْ ولَّى هَدْراً وارْتَكبَ ذَلِكَ الرَجُلُ جَرِيمَتَهُ وقَتَلَ زَوْجتَهُ .
والمَسْرَحِيَّة تُثِيرُ جُمْلَةً مِنْ تَفَاصِيلِ المَظَالِمِ الَّتِي تَحْدُثُ في الحيَاةِ وما أَكْثَرها فيُبَرَّأُ المُجْرِم ويُتَهَمُ البَرِيء ( ما ذنبي إن أكتشفت بأن المجرم بريء والبريء مجرم ) ، وهكذَا يَقَعُ الأَبْرِياء ضَحايَا الظُلْم المَقْصُود وغَيْرِ المَقْصُود .
ابراهيم كولان رَائعٌ ما جادَ بِهِ قَلَمُكَ ، فهنِيئاً لكَ ، وإِلى المَزِيد مِنْ العطاء .
رَابِط المَسْرَحِيَّة لِلقِراءِة :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,59155.msg201915.html#msg201915
ــ 3 ـــ
مَسْرَحِيَّة ( الطبِيب والشَيْطان )
مَسْرَحِيَّة
( الطبِيب والشَيْطان ) / بِاللُغةِ العرَبِيَّة الفُصْحَى / شَخْصِيَّاتُ
المَسْرَحِيَّة : مُدِيرُ المسْتَشْفَى ، أمين ( الطبِيب ) ، سعاد (
المُمَرِّضَة ) ، مستورة ( المَرِيضَة ) ، طالِبٌ وطالِبَة / نُشِرَتْ
المَسْرَحِيَّة في مَوْقِع عنكاوا ، ومَوْقِع النُور / مَسْرَحِيَّة عَنْ
مَقَالٍ في كِتَابِ التَداوِي بالإِيحاءِ الرُوحيّ لِلدكْتُور أمين رويحة .
فِكْرَة
مَسْرَحِيَّة ( الطبِيب والشَيْطان ) تَرْتكِزُ على الصُرَاع بَيْنَ
اليَأْسِ والأَمْلِ ، يُمَثَّلُ اليَأْس في المَسْرَحِيَّة بِهيْئَةِ
شَيْطان ( ومَقَرَّهُ العقْل البَاطِن بِحَسَبِ المَسْرَحِيَّة ) ،
يُحاوِلُ اليَأْس صَرْعَ الإِنْسَان والتَغلُّبِ علَيْهِ وتَجْرِيدِهِ مِنْ
إِرادَتِهِ لِيَقَعَ أَسِيرَ حالاتِ الضُعْفِ والسَلْبِيَّة فيَتَقَبَّلُ
واقِعهُ المَرِير وكأَنَّهُ قَدَرٌ مَحْتُومٌ لا يُرْجى مِنْهُ خلاصاً ولا
يُمْكِنُ تَغْييرهُ ولا سَبِيلَ غَيْرَ الاسْتِسْلامِ لِليَأْس ، بَيْنَما
قُوَّةُ الإِرادَة الَّتِي تُحاوِلُ صَرْعَ اليَأْسِ تَأْتي في
المَسْرَحِيَّة مُمَثَّلَةً بِالوَعْي ، والطبِيب هو المُحاوَلات
المُتَكرِّرَة لِهذَا الوَعْي سَعْياً لِلشَفَاء ، أَمَّا سَاحة المَعْرَكة
فهي النَفْسُ الإِنْسَانِيَّة ( مُمَثَّلَةً بِالمَرِيضَةِ مستورة ) ، كما
يُشِيرُ المُؤَلِّف إِلى المُجْتَمعِ ودَوْرِهِ في إِحْبَاطِ الشَفاءِ
والتَخَلِّي عَنِ الَّذِين يُعانُون مُمَثَّلاً بِمُدِيرِ المسْتَشْفَى
الَّذِي يُبَشِّرُ بِالعِبارَةِ المَوْجُودَةِ أَيْضاً في رَدْهَةِ
المسْتَشْفَى ( يجب عليك أن تتألم …. يُسمح لك بالألم … ينبغي لك أن
تتألم ) ويُرَدِّدُها على مَسَامِعِ الطبِيب والطالِب والطالِبَة ، كذَلِك
المُمَرِّضَة ( سعاد ) كرَمْزٍ لِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ المُجْتَمعِ
والَّتِي تَحْرِصُ على عَدَمِ التَحَرُّشِ بِغُولِ اليَأْسِ خَوْفاً مِنْهُ
ورَهْبَة ، فالمُجْتَمع ( في شخُوصِهِ ) يُحاوِلُ تَوْفِيرَ الحِمَايَةِ
لِجذُورِ اليَأْسِ وتَقْوِيَتِهِ في النَفْسِ البَشَرِيَّة ويَتَبَنَّى
أَسْبَابَهُ ويُغذِّيهِ حَتَّى يَقْوَى ويُعرْقِلُ إِزالَتَهُ فيَغْدُو
مِنْ الصَعْبِ إِزَاحتِهِ ، وهكذَا تَفْعلُ سعاد المُمَرِّضَة حيْثُ
تُحاوِلُ هَدْهَدَة آلام المَرِيضَة والتَرْبِيت على كتِفِ الأَسْبَاب
الَّتِي أَدَّتْ بِالمَرِيضَةِ إِلى اليَأْسِ فعطَلَّتْ كُلَّ قُدُرَاتِها
النَفْسِيَّة والبَدَنِيَّة وشَلَّتْها عَنِ الحرَكةِ ، وتَتَعامَلُ مَعَها
بِرِقَةٍ وحذَرٍ خَوْفاً مِنْ هيَجانِها ، وتَرْعاها وتُغذِّيها
وتَتَحاشَى المُواجَهة الَّتِي قَدْ تَقَعُ بَيْنَ المَرِيضَةِ وأَسْبَابِ
المَرَضِ ، هي مِنْ دُوْنِ أَنْ تَدْرِي تُسَاعِدُ على تَفاقُمِ الحالَةِ
بَدَلاً مِنْ المُسَاهمَةِ في عِلاجِها ….
ويُشَبَّهُ الصُراعُ
بَيْنَ اليَأْسِ والأَمْلِ بِالحرْبِ الَّتِي تَطْلُبُ عُنْصُرَ
المُغامَرَةِ ، الإِقْدَام ، الشَجاعةِ ، المُحاولَة ، المُواجَهة ، …..
الطبِيب
يُحاوِلُ مُعالَجةَ الحالِ حَتَّى لتَتَعدَّى المُعالَجةُ أَحْياناً مَدَى
مُوَاجهَةِ الخَصْمِ والمُغامرَةِ والمُحاولَةِ إِلى نَوْعٍ مِنْ
التَعْذِيبِ النَفْسِي وأَيْضاً الجَسَدِي ، وفي المُعالَجةِ يُمْكِنُ
اسْتِعْمَال كُلِّ الأَسَاليبِ المُتَاحة : المُوَاجهَة ، المُغامرَة ،
المُحاولَة ، الاتفاقِيَّات ، الهُدْنَة ( مُتَمَثِّلَة في نَقَاهةٍ
قَصِيرَةٍ مِنْ المَرَضِ ) ، الاسْتِسْلام ، الحرُوب الصَغِيرَة ،
اسْتِدْرَاج الخَصْم ، الاتِفاق مَعهُ أَوْ العَمَل على تَحْطِيمِهِ
وغَلْبِهِ …وصُولاً إِلى العذَاب النَفْسِي والجَسَدِي وحَتَّى المَوْت
أَوْ الانْتِحار ، فإِمَّا أَنْ يَنْتَصِرَ الإِنْسَان أَوْ يُهْزم ….
وفي
الحَرْبِ كُلّ المَشَاعِرِ تَخْتَلِطُ بِبَعْضِها أَحْياناً وتَفْتَرِقُ
أَحْياناً أُخْرَى ، وكُلّها مَوْجُودة وتَعْمَلُ بِدَرَجاتٍ مُتَفاوِتة :
الحِقْد ، الخَوْف ، الأَلَم ، الحُزْن ، الفَرَح … إلخ .
نِهايَة
المَسْرَحِيَّة تُبيِّنُ لَنا إِنَّهُ نَتِيجةَ كُلِّ العوَامِلِ
السَابِقَةِ يَنْتَصِرُ اليَأْس ويُهْزمُ الأَمْل ، فاليَأْس يُحْبِطُ
أَيَّة مُحاولَةٍ لِلشَفَاءِ وتَذَوُّقِ الفَرَح .
تُبيِّنُ
المَسْرَحِيَّة أَيْضاً أَنَّ على الإِنْسَانِ يَقَعُ واجِبُ مُسَاعدَةِ
نَفْسِهِ ( بِاعْتِبَارِهِ طبِيب نَفْسِهِ الأَوَّل ) وبِنَفْسِ الوَقْتِ
أَنْ يَكُونَ مُسْتَعِداً لِتَلقِي المُسَاعدَة حَتَّى يَحلّ الشَفَاء (
يَقُولُ مُدِيرُ المسْتَشْفَى لِلطبِيبِ أمين : إِذَنْ قَدْ وَصَلْتَ إِلى
الطرِيقِ المَسْدُود ، حِيْن أَصْبَحَ المَرِيضُ ضِدّ الطبِيب ) ( في
إِشَارَةٍ إِلى إِنَّ المَرِيضَ لا يَتَقَبَّلُ المُسَاعدَة والمُعاضدَة
المُقَدَّمَة إِلَيْهِ ) ، وأَيْضاً المُواجهَة ، مُواجهَة الأَلَمِ
لِلتَغلُّبِ علَيْهِ ، وعَدَم الخَوْفِ مِنْهُ ودعْوَة لِلخرُوجِ مِنْ
الظلْمَةِ إِلى النُورِ لِمُواجهَةِ الأَلَمِ والتَغلُّبِ علَيْهِ .
مَوْضُوعٌ كبِير تَمَّ تَصْوِير بَعْضَ جوَانِبِهِ المُهِمَّة بِطرِيقَةٍ وافِيَةٍ وذَكِيَّة .
أَمَّا
شَخْصِيَّة الطالِب والطالِبَة ، فهي تُشِيرُ لِلأَجْيَالِ القَادِمَة
الَّتِي تَتَعرَّضُ إِلى عمَلِيَّة تَلْقِينٍ لِلمَفَاهِيمِ
والمُعْتَقَداتِ والأَفْكار ….. وإلخ مِمَّنْ سَبَقُوهم على دَرْبِ
الحيَاةِ ، وأَيْضاً تُشِيرُ إِلى اسْتِمْرارِ وتِكْرارِ اللُعْبَةِ ذَاتها
.
ومِنْ أَجْمَلِ ما وَرَدَ في المَسْرَحِيَّة مِنْ مَقُولاتٍ هي قَوْلُ الشَيْطانِ لِلطبِيب :
كُلُّ إِصْلاحٍ يُؤَدِي إِلى خرَابٍ جدِيد .
رَابِط المَسْرَحِيَّة لِلقِراءَة :
http://bakhdida.ca/Letters/IbrahimGolan.htm
ــ 4 ــ
مَسْرَحِيَّة / الحفِيد
الحفِيد
/ مَسْرَحِيَّة طوِيلَة / بِاللُغةِ العرَبِيَّة الفُصْحَى / شَخْصيَّات
المَسْرَحِيَّة أُرْبَعة ( الأَب ، الأُمّ ، الفتَاة ، الشَاب ) / نُشِرَتْ
في مَوْقِع عنكاوا عام 2008 م .
تَتَحَدَّثُ المَسْرَحِيَّة عَنْ
شَخْصٍ ( الأَبّ ) مُتَعلِّقٍ بِالمَاضِي لا يَرْضَى مُغادرَتَهُ مَهْما
تَغيَّرَ الزَمَن ، يُصِرُّ على خصُومَاتِ ومَشَاكِلِ المَاضِي ويُرِيدُ
لَها أَنْ تَمْتَدَّ إِلى حاضِرِهِ وتَأْخُذَ مِنْ مُسْتَقْبَلِهِ
ومُسْتَقْبَلِ عائلَتِهِ مِنْ خِلالِ طرِيقَتِهِ الخاطِئَة في التَفْكِيرِ
ومُعالَجةِ المَواقِف ، إِذْ لا مَكانَ لِلغُفْرَانِ والتَسَامُحِ عِنْده ،
وديْدَنُ هذَا الرَجُلِ هو ديْدَنُ الكثِيرِين مِمَّنْ يَسْتَثْمِرونَ
خصُومَات المَاضِي ( بَيْنَ الأَفْرَاد ، بَيْنَ العوائلِ ، بَيْنَ
الجمَاعاتِ … إِلخ ) في خَلْقِ خصُومَاتٍ أُخْرَى مُسْتَمِرَّة دُوْنَ
تَسَامُحٍ ، وتَقُودُ إِلى نَتَائج لَيْسَتْ حمِيدَة تُسَبِّبُ الضَرَر
وتَخْلُقُ العوَائقَ لِلآخَرِين وتَبْني لَهُم صعُوبَات كانَ مِنْ
المُمْكِنِ تَلافيها وتَقِفُ في طرِيقِ سَعادَتِهم كحَجَرٍ عثْرَة .
فها
هو الأَبّ يُثِيرُ مُشْكِلَة مَعَ الشَابِّ الضَيْف بَعْدَ أَنْ عرِفَ
إِنَّهُ حفِيد الشَخْصِ الفُلانِي والَّذِي اخْتَلَفَ مَعهُ ذَاتَ يَوْمٍ
مِنْ المَاضِي على أَمْرٍ تَافِهٍ لا قِيمَة لَهُ ، فيُصِرُّ على أَنَّ
هذَا الحفِيد هو شَبِيهُ جَدِّهِ ويَتَشَاجرُ مَعهُ وفي النِهايَة يَخْرُجُ
الضَيْفُ ( الشَابّ ) غاضِباً مُتَراجِعاً عَنْ رَغْبَتِهِ في
الاقْتِرانِ بِابْنَتِهِ .
لَقَدْ خَرَّبَ هذا الأَبّ مُسْتَقْبَل
ابْنَتِهِ ( ولَوْ لِمَرَّة واحِدَة ) الَّتِي بَلَغتْ الثَلاثِين (
وتُعْتَبَرُ في المُجْتَمعاتِ الشَرْقِيَّة مِنْ الفتَياتِ اللَواتي
اجْتَازَهُنَّ رُكْبُ الزَواج ) ووَقَفَ عَثْرَةً في طرِيقِ زَواجِها كمَا
كانَ يَفْعلُ في كُلِّ مَرَّةٍ مَعَ مَنْ يَأْتِيهم رَغْبَة الاقْتِران
بِها ، أَمَّا مُحاوَلاتُ الأُمّ لرَتْقِ الحالِ فلَمْ يُثْمِر ، ونَدَمُ
الأَبّ بَعْدَ أَنْ أَدْركَ رَغْبَة الشَابِّ في الزَواجِ مِنْ ابْنَتِهِ
لَمْ يَنْفَعْ في إِصْلاحِ خَطأَهُ ، لَقَدْ انْتَبَه لِذَلِكَ
مُتَأَخِّراً وبَعْدَ أَنْ فاتَ الآوان .
يُمْكِنُ لِلمَاضِي أَنْ يَحْكُمَ حاضِرنا ، ولكِنْ ؛ فَقَطْ إِنْ شِئْنا لَهُ ذَلِك وبِمُسَاعدَتِنا ورَغْبَتِنا .
رَابِط المَسْرَحِيَّة لِلقِراءِة :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,244481.msg3484633.html#msg3484633
ــ 5 ــ
مَسْرَحِيَّة / القَاتِلُ والشَحَّاذ
القَاتِلُ
والشَحَّاذ / مَسْرَحِيَّة طوِيلَة بِاللُغةِ العرَبِيَّة الفُصْحَى /
نُشِرَتْ في مَوْقِع عنكاوا عام 2009 م / شَخْصيَّات المَسْرَحِيَّة
أُرْبَعة ( القاتِل ، الشَحَّاذ ، الغرِيب ، المَرْأَة ) / قَدَّمَتْها
فُرْقَة مَسْرَح قره قُوش ( بَخْديدا ) في مَسَاءِ اليَوْمِ الثَاني
والأَخِير مِنْ مِهْرَجانِ الثَقَافَةِ السرْيَانِيَّة الثَاني / أَخْرَجَ
المَسْرَحِيَّة : وسام نوح / المُمَثِّلُون : إخلاص متي ، عامر أيوب ، أكرم
سعيد ، داؤد بابا / جاءَ في كلِمَةِ المُؤَلِّف عَنْ مَسْرَحِيَّتِهِ : (
الخصُوبَة … الانْسِجام … المُتْعة … الجمَال ) غرائزُ انْثَالتْ
مِنْ السَماء ثُمَّ سَقَطَتْ على الخَواء .
رَابِط المَسْرَحِيَّة لِلقِراءِة :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,285363.msg3748571.html#msg3748571
مَسْرَحِيَّة
خَصِبَة الفِكْر ، ناضِجةُ المَضْمُون ، عالِيَة المُسْتَوى لا تَقُلُّ في
مزَاياها عَنِ المَسْرَحِيَّاتِ الأَرْبَعةِ السَابِقَةِ ، فالقَاتِلُ
والشَحَّاذ ( يُمَثِّلُون مُجْتَمعاً ما أَسِيرُ الإِيمانِ الدِينيّ
ويَقْتَاتُ على الخرَافَةِ والجهْلِ والتَخَلُّف ويُشَارُ إِلَيْهِ في
المَسْرَحِيَّة بِزَرِيبةٍ قَدِيمَةٍ مُتَهالِكةٍ مُلْحقٌ بِها حائط
طِيْنيّ أَمَامَهُ دكَّة وفَوْقَها لصْقَ الحائِط سَقِيفَة واقِيَة مِنْ
المَطرِ ، أَمَّا الحيَاة فهي حيَاةٌ قاسِيَة ) ، هم مسَاكِين غارِقُون في
الوَهْمِ ويُقَدِّسُونَهُ وهو إِلَههُم ويفْنُونَ حيَاتَهُم في خِدْمَةِ
هذَا المُقَدَّس الَّذِي لا يَزْرعُ غَيْرَ الرُعْبِ في قلُوبِهِم ( وهُنا
أَتَحدَّثُ بِصِيغةِ الجَمْعِ ولَيْسَ المُثَنَّى بِاعْتِبَارِ الحالِ هو
حال مُجْتَمعٍ ما ) ، وهُم تَوارثُوه عَنِ الآبَاءِ والأَجْدادِ ولَمْ
يَجْرُؤْ أَيّ كانَ ولا حَتَّى على مُحاوَلَةِ السُؤال ( حَيْثُ يَكُونُ
العِقَابُ الضَرْب بِالسَوْط إِنْ تَجرَّأَ الشَحَّاذُ على السُؤال ) ،
أَوْ كشْفِ غمُوضِ ما يُؤْمِنُون بِهِ مِنْ وَهْمٍ ( العقِيدَة الدينِيَّة ،
العادات ، التَقَالِيد ، الأَفْكار البَالِيَة الخاطئَة المُتَوَارثَة ،
العقائِد المُجْحِفَة بحَقِّ المَرْأَة … إلخ ) أَوْ مَعْرِفَةِ
ماهِيَّتِهِ ( فكُلُّ مَنْ يُحاوِلُ فَتْحَ البَاب تَضْرِبهُ صَاعِقَة أَوْ
زِلْزَال أَوْ يُحْرَقُ حيَّاً … إلخ ) ، فالخَوْفُ قَدْ أَعْمَى
بَصِيرَتَهُم وبَنَى حاجِزاً في عقُولِهِم ضِدَّ التَفْكِير فصارَ
التَفْكِير أَوْ مُجرَّد المُحاوَلَة خَطِيئَة يَسْتَحِقُونَ علَيْها
العِقَاب ، الوَهْمُ إِلهٌ أَوْ آلِهةٌ يَعْبِدونَها ( وفي المَسْرَحِيَّة
يُرْمَزُ إِلى هذَا الوَهْم البَالي بِكُوخٍ طِيْنِيّ قَدِيم حِيطانهُ
آيلَة لِلسقُوط ، لَهُ بَابٌ مُتَهرِّئ ، فَوْقَ البَابِ كُوَّة ) ، لَقَدْ
سَرَقَ هذَا الوَهْم مِنْهُم حيَاتَهُم وحوَّلَهُم إِلى عبِيدٍ لَهُ (
فالشَحَّاذ في رِجْلِهِ قيْد ، ويُحِبُّ مُعاقَبَتَهُ بِالسَوْطِ حِيْنَ
يُخْطِأُ فَقَدْ تَعوَّدَهُ ) ، وهُم يَقْتَرِفُونَ كُلَّ الجرَائمِ
لأَجْلِهِ ولا يَشُكُّونَ لَحْظَة في شَنَاعةِ ما يَفْعلُون ، بَلْ حَتَّى
الشَكّ أَوْ السُؤال خَطِيئَةٌ كبِيرَة تُغْضِبُ الآلِهة فتُرْسِلُ علَيْهم
غَضَبَها المَحْمُوم ( صَاعِقَة ، نَار ، زِلْزَال ، … إلخ ) . إِرْضاءً
لِهذِهِ الآلِهة هُم نَذرُوا حيَاتَهُم خِدْمَةً وحِرَاسَةً لَها ولا
يَتَوَرَّعُونَ عَنِ الحِيلَةِ والقَتْلِ والغدْرِ إِكْراماً لَها ،
فالآلِهة تَحْتَاجُ النُذور لِتَأْكُلَ وتَشْبَع حَتَّى وإِنْ جاعُوا هُم
ومَاتُوا جُوعاً وعَطشاً فيَرْمُون بِالطعامِ لِلآلِهة بَيْنَما هُم
يَقْعُدونَ مُتَحَسِّرينَ على قَضْمَةِ خُبْز … وهكذَا يَبْسِطُ
الشَحَّاذُ مَنْدِيلَهُ في حِيلَةِ اسْتِجْداءٍ كمِصْيدَةٍ لِلقَادِمين
المَارِين المُسَافرِين على طرِيقِ الحيَاة ، فيَسْتَجْدِي مِنْهُم مالَهُم
، وحِيْنَ يَرْفِضُون إِعْطاءَ كُلّ ما لَدَيهم مِنْ ذَخِيرَتِهِم
وزُوَّاداتِهِم ، يَأْتي القَاتِلُ بِهراوتِهِ فيَقْتُلهُم ويَسْلُبهُم
كُلَّ مَا لَهُم مِنْ طعامٍ ومُؤَنٍ ومَال …. إِنَّهم المَارِين على
طرِيقِ الحيَاةِ ، بَيْنَما الشَحَّاذُ والقَاتِل رابِضَانِ على نُقْطَةٍ
مِنْ نِقَاطِهِ قَاطِعانِ الطرِيق على المَارِين يَسْلُبانِ مِنْهُم حَتَّى
الحيَاة ….لَقَدْ نَذَرُوا أَنْفُسَهُم لِخِدْمَةِ هذَا الوَهْم الهائِل
الَّذِي صارَ إِلَههُم ، إِنَّهُم لا يَجْرُؤنَ على التَغْيِير ولا على
التَحَوُّل ( في المَسْرَحِيَّة إِشَارَة إِلى ذَلِك مِنْ خِلالِ رَفْضِ
تَرْكِ المَكانِ وحِرَاسَةِ ــ الإِلَه ــ الوَهْم ، فلَقَدْ أَخْبَرَهُم
الآبَاءُ بِأَنَّ مَنْ يَتْرُكَ هذَا المَكان المُقَدَّس مَوْتاً يَمُوت
بِصَاعِقَةٍ أَوْ زِلْزَالٍ أَوْ مَرَضٍ عُضَالٍ ) … هُم لا
يَتَحرَّكُون ولا يَتْركُون ما هُم فيهِ ( دلالَةً على حالَةِ الجمُودِ
والركُودِ والتَوَقُّفِ عَنِ الحيَاةِ والشَلل الفِكْرِيّ ) .
أَيْضاً
تُبَيّنُ أَحْدَاثُ المَسْرَحِيَّة مِنْ بَيْنِ ما تَعْرِضَهُ خَوْفَ
المُجْتَمعِ المُبَالغ بِهِ مِنْ المَرْأَة ( كأَنَّها الوَحْش أَوْ الغُول
الَّذِي لا يُمْكِنُ غَلَبَتَهُ ) ، وحَيْرَتَهُ مِنْ التَعامُلِ مَعها ،
فهي بِالنِسْبَةِ إِلَيْهِ كالخَطَرِ الَّذِي لا يُعْرَفُ كيْفِيَّةِ
تَلافيهِ وإِنْ دَلَّ هذَا على شَيْءٍ إِنَّما يَدُلُّ على قِلَّةِ الوَعْي
، فالمُجْتَمعِ لا يَعْرِفُ عَنْ حَقِيقَةِ المَرْأَة ككائِنٍ إِلاَّ
بِقَدْرِ ما أَوْحَتْ بِهِ إِلَيْهِ الأَدْيَانُ مِنْها ، كمَا إِنَّهُ
غَيْرُ مُسْتَعِدّ لِلبَحْثِ فيها أَوْ إِصْلاحِها ، وفي هذَا الصَدَد
نَقْرَأُ في المَسْرَحِيَّة القاتِل يَقُولُ لِلشَحَّاذ :
( قال جدي
دخلت إمرأة مدينة فجاء المدينة وباء كنس كل شبابها ، خرج أهلها ولم يبق في
المدينة إلا العاجز والمريض ، وحين رحلت تلك المرأة رحل الوباء منها ، وعاد
أهل المدينة إلى بيوتهم مرة أخرى ) .
لكِنَّ رِيَاح التَغْيِير
تَأْتِيهُم بِها إِمْرأَة ( المَحْظُور ) لِتَبُثَّ في عالَمِهِم المُظْلِم
شُعاعَ الحيَاة ومَسَرَّاتِها ، فمِنْ بَيْن المَارِين على هذَا الطرِيق
تَظْهرُ إِمْرَأَة ومَعها شَبَكة في طرِيقِها لِصَيْدِ السَمَكِ (
والشَبَكة هُنا تُعطي دلالاتَها وكذلك السَمَك ) ، فنَقْرأُ الحِوار
التَالِي بَيْنَ القَاتِلِ والشَحَّاذ وقَدْ أَصَابَهُما الفَزَعُ
والهَلَعُ :
الشحاذ : نعم ! وأقسم لك بأنني لن أقرب المكان بعد ، ( ينظر
عبر الطريق فيتفاجأ وكأنه رأى شيئاً مخيفاً ، فيهرع إلى القاتل يريد أن
يخبره لكنه لا يتجرأ ، فيعود مرة أخرى ينظر عبر الطريق ، ويعود إليه بسرعة
مرعوباً ) تعال أنظر ما الذي أراه ؟! …لا … لا أصدق .
القاتل : ماذا جرى لك ؟ ممّ تخاف ؟ هل رأيت شيئاً مخيفاً ؟
الشحاذ : نعم ! ..لا …. لا .
القاتل : هل رأيت ذئباً ؟
الشحاذ : ليس ذئباً .
القاتل : لا بد إنه ضبع ؟
الشحاذ : ليس ضبعاً .
القاتل : دُب ؟
الشحاذ : لا ، لا …لا أصدق عيني !.
القاتل : هل هو حمار إذن ؟!!
الشحاذ : ( يذهب مرة أخرى ويعود بسرعة ) لا ليس حماراً .
القاتل : كلباً ؟ حصاناً ؟ قل لي هل نسيت اسمه ؟ ماذا جرى لك ؟
الشحاذ : ( لا يستطيع الكلام لكنه يشير بالايجاب ، يريد أن يقول شيئاً فيتلعثم ) ، إنها … إنها ….
القاتل : ما الذي أخرسك أيها الخرف ؟
الشحاذ : إنها سمكة ، سمكة ، سمكة ، نصفها سمكة ونصفها حصان !
القاتل : أهي الـ ….
الشحاذ : نعم ، نعم ، نعم إنها … إنها هي …. إمرأة …
القاتل ( يتصدع ) إمرأة ؟ قلْ شيئاً آخر أيها الخرف …
الشحاذ : أني أقول الصدق … هذهِ المرة فقط أصدقني القول …
القاتل : لكن هذا محال !
الشحاذ : لكنها هي …
القاتل : لو كان صحيحاً ماتقول ( ينظر إلى الكوخ ) لكان زلزالاً قد طمرنا الآن …
الشحاذ : انظر إنها قادمة إلينا .
القاتل : لا ، لا أصدق ذلك .
ثُمَّ نَقْرَأُ في فَقَرَةٍ أُخْرَى وهو ( القاتل ) يَصِيحُ : ياه … أيتها الآلهة ! .. حورية البحر ( يذهب ويجيء حائراً ) ، اللعنة عليها ، ماذا علينا أن نفعل ؟
هذِهِ المَرْأَة ” القَادِمَة إِلَيْهُم ”
تُعْطِيهُم مَعانٍ جدِيدَةٍ لِلحيَاةِ مُضَادَّة لِمَا في عقُولِهِم
وإِيمانِهم عَنِ الحيَاةِ والمَرْأَة ، وتَجْعلَهُم يَشْعرُونَ
بِالحُرِيَّة ويَتَذَوَّقُونَها بِحَيْث يُبادِرُ القَاتِل على فَكِّ
القَيْدِ عَنْ قَدَميّ الشَحَّاذ ويَتَعجَّبُ كيْفَ يُمْكِنُ تَقْيِيد
إِنْسَانٍ في قَدَميهِ ( القَدَمان دلالَةُ الحرَكةِ والتَنَقُّلِ
والحُرِيَّة ) عِلْماً بِأَنَّه هو بِنَفْسِهِ ( بِاعْتِبَارِهِ السَيّد )
مَنْ وَضَعَ القَيْد في قَدَميّ الشَحَّاذ ( العبْد ) ، وفي صِراعٍ عنِيفٍ
بَيْنَ الثَلاثَةِ ( المَرْأَة ، القَاتِل ، الشَحَّاذ ) وهي تُحاوِلُ أَنْ
تَأْخُذَ قِطْعةَ خَشَبٍ صَغِيرَةٍ مِنْ السَقِيفَةِ ( كُوخ الآلِهة )
لِتُعلِّمهُم شَيَّ السَمَكِ والتَلَذُّذِ بِطَعْمِهِ يُحاوِلان مَنْعها
فيَشْتَبِكُ الثَلاثَة في جَرٍّ وعرٍّ وصُرَاخٍ وتَحْذِيرٍ ودَفْعٍ وجَرِّ
شَعَرٍ حَتَّى تَسْقُطُ المَرْأَة فَوْقَ بَابِ كُوخِ الآلِهةِ فيَتَحطَّمُ
ويَنْهارُ كقِطْعةٍ مَنْخُورَة ( هُنا إِشَارَة إِلى قُوَّة المَرْأَة
باعْتِبارِها تُمَثِّلُ رَوْعَة الحيَاة المُعْجِزَة ، وفي ذاتِ الوَقْتِ
تِبْيان مَدَى هشَاشَةِ الوَهْمِ الَّذِي هُم أَسْرَى لَهُ بِحَيْث إِنَّهُ
يَتَحطَّمُ ويَنْهارُ كقِطْعةٍ مَنْخُورَة ما أَنْ تَسْحَقَهُ المَرْأَة
بِثِقَلِها ) … يَقَعُ القَاتِلُ والشَحَّاذ في حالَةِ فَزَعٍ شَدِيدٍ
مِنْ هَوْلِ ما حدَث ( ففي اليَوْم الَّذِي يُفْتَحُ فيهِ هذَا البَاب
ستَضْرِبُ الصَاعِقَةُ المَكانَ كُلَّهُ ، ويُحْرَقَان أَحْيَاء )
فيُخْفِيان وَجْهيّهما بِأَيدِيهِما طالِبين الرَحْمَةَ والمَغْفِرَةَ مِنْ
الآلِهة أَنْ لا تَمُسَّهُم بِأَذَى ، تَمُرُّ فَتْرَةٌ وهُما يَنْتَظِران
حصُولَ شَيْء ( صَاعِقَة ، زِلْزَال ، الحَرْق أَحْيَاء … إلخ ) ولكِنْ
لا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْ كُلِّ هذَا ، فيَرْفعان رَأْسيّهما ويَنْظُران
بَحذَرٍ وخَوْفٍ إِلى البَاب ( ففي اليَوْم الَّذِي يُفْتَحُ فيهِ هذَا
البَاب ستَضْرِبُ الصَاعِقَةُ المَكانَ كُلَّهُ ) و ( مَنْ يَفْتَحُ البَاب
مَوْتاً يَمُوت ) ثُمَّ يُخْفِي كُلٌّ مِنْهُما رَأْسَهُ في حُضْنِ
الآخَرِ ……. أَمَّا المَرْأَة فتَغْرَقُ في ضَحِكٍ مُجلْجِلٍ ….
إِلى هُنا يَنْقَطِعُ شَرِيطُ القِراءَةِ لِلعرْضِ المَسْرَحِيّ وعلى رَابِط المَسْرَحِيَّةِ المَذْكُور آنِفاً لِلقِراءَةِ :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,285363.msg3748571.html#msg3748571
فلَمْ
أَعْلَمْ ما هي النِهايَة … مَعَ الأَسَفِ حَيْثُ يَنْقَطِعُ الشَرِيطُ
دُوْنَ تَتِمَّة …. جَهِدْتُ في البَحْثِ عَنِ المَسْرَحِيَّة كامِلَةً
مِنْ مَصَادِرٍ أُخْرَى دُوْنَ جَدْوَى ، إِذْ لَمْ تُكلَّلْ جهُودِي
بِأَيِّ ثَمَرٍ …..
في المَسْرَحِيَّةِ أَفْكارٌ غزِيرَة تَصْعُبُ
الإِحاطة بِها ولَمِّها كُلّها في هذِهِ السطُور فهي تُوْمِضُ كالبَرْوقِ
السَاطِعةِ المُتَوالِيَة في عَقْلِ المُتَابِعِ لِلمَسْرَحِيَّة ، رمُوزٌ
وإِشَاراتٌ مُتَتَابعة غَنِيَّة وغزِيرَة اكْتَظتْ بِها أَحْداثُ
المَسْرَحِيَّةِ وحِوارَاتِها ….
عِشْتَ ابراهيم كولان لِتَغْدُق القُرَّاءَ / القَارِئات ، والمُتَابعين / المُتَابِعات بِالمَزِيدِ مِنْ العطاءِ المُتَميَّز …..
لَقْطَة مِنْ مَسْرَحِيَّة ( القَاتِل والشَحَّاذ ) .
مُلاحظَة
لِلمُتَابِعات والمُتَابِعين : لَسْتُ مِنْ مُحبِّذِي اسْتِعْمال
تَسْمِيَة ( المَرْأَة ) فلِي علَيْها مآخِذُ عِدَّة وتَحَفُّظاتٍ
شَدِيدَة ، لكِنْ لَمْ يَكُنْ أَمَامِي مِنْ تَسْمِيَةٍ بَدِيلَة
لِتَتَوافقُ مَعَ ما جاءَ في المَسْرَحِيَّة ، فعُذْراً مِنْ القَارِئاتِ
والقُرَّاء .
ــــــــــــــــ