القديس يوحنا المعمدان.. تحتفل الكنيسة بتذكاره الجمعة الاولى من سابوع الدنح

اعداد الشماس سمير يوسف كاكوز
القديس يوحنا المعمدان.. تحتفل الكنيسة بتذكاره الجمعة الاولى من سابوع الدنح

11 / 01 / 2017
http://nala4u.com

القديس يوحنّا المعمدان الكنيسة تطلق عليه ألقاباً عدّة فهو الملاك المرسَل والنبيّ والسابق والصابغ  أي المُعمِّد والمنادي بالتوبة والغيور والشاهد والمشهود ويدل معنى اسمه في العبرية الله يحن أو الحنان .

زكريا كان من الفرقة الكهنوتية الأربع والعشرون ( سفر أخبار الايام الاول 24 : 10 ) . زكريا واليصابات كانا من مؤمني الصادقين للشريعة وأحكام الطقسية .

( لكن ماذا خرجتم لتنظروا انبيا نعم اقول لكم و افضل من نبي فان هذا هو الذي كتب عنه ها انا ارسل امام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك الحق اقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء اعظم من يوحنا المعمدان و لكن الاصغر في ملكوت السماوات اعظم منه ) ( انجيل متى 11 : 9 – 11 )

ولد يوحنا المعمدان من أبوين بارّين هما زكريا الكاهن وامرأته اليصابات ( كان في ايام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة ابيا و امراته من بنات هرون و اسمها اليصابات و كانا كلاهما بارين امام الله سالكين في جميع وصايا الرب و احكامه بلا لوم و لم يكن لهما ولد اذ كانت اليصابات عاقرا و كانا كلاهما متقدمين في ايامهما )( أنجيل لوقا 1 : 5 – 7 )

هو مُهيئ طريق المسيح وابن زكريا الشيخ وزوجته أليصابات ( هكذا قد فعل بي الرب في الايام التي فيها نظر الي لينزع عاري بين الناس ) أنجيل لوقا 1 : 25 . ( واما اليصابات فتم زمانها لتلد فولدت ابنا ) أنجيل لوقا 1 : 57

وكلاهما من نسل هارون ومن عشيرة كهنوتية ، ( و في الشهر السادس ارسل جبرائيل الملاك من الله الى مدينة من الجليل اسمها ناصرة ) أنجيل لوقا 1 : 26 . ولادة يوحنا المعمدان كانت قبل ولادة المسيح بستة أشهر وقد عينت الكنيسة يوم ميلاده في 24 حزيران (يونيو) أي عندما يأخذ النهار في النقصان وعيد ميلاد المسيح في 25 كانون الأول أي عندما يأخذ النهار في الزيادة استنادًا على قول ينبغي أن ذلك يزيد واني أنا أنقص ( انجيل يوحنا 3 : 30 )

وفي احد الأيام بينما كان زكريا يقوم بالخدمة الكهنوتية ظهر له ملاك الرب وبشّره بأن اليصابات ستلد ابنا وسيدعى اسمه يوحنا وسيكون عظيما أمام الرب يمتلئ من  الروح القدس وهو في بطن أمه ويردّ كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم ويسير أمامه وفيه روح إيليا وقوته ويهدي العصاة إلى حكمة الأبرار فيعد للرب شعبا متأهبا

( فبينما هو يكهن في نوبة فرقته امام الله حسب عادة الكهنوت اصابته القرعة ان يدخل الى هيكل الرب و يبخر و كان كل جمهور الشعب يصلون خارجا وقت البخور فظهر له ملاك الرب واقفا عن يمين مذبح البخور فلما راه زكريا اضطرب و وقع عليه خوف فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لان طلبتك قد سمعت و امراتك اليصابات ستلد لك ابنا و تسميه يوحنا و يكون لك فرح و ابتهاج و كثيرون سيفرحون بولادته لانه يكون عظيما امام الرب و خمرا و مسكرا لا يشرب و من بطن امه يمتلئ من الروح القدس و يرد كثيرين من بني اسرائيل الى الرب الههم و يتقدم امامه بروح ايليا و قوته ليرد قلوب الاباء الى الابناء و العصاة الى فكر الابرار لكي يهيئ للرب شعبا مستعدا فقال زكريا للملاك كيف اعلم هذا لاني انا شيخ و امراتي متقدمة في ايامها ) ( أنجيل لوقا 1 : 8 – 18 )

وقعت القرعة على زكريا ليحرق البخور ، هذه المهمة والرتبة كانت تقام صباحاً ومساءً وتعتبر شرفاً نادراً للقيام بها .

اليصابات كانت عاقراً فولدت ولادة عجائبية كما حدث مع عدد من الامهات أمثال ( وكانت ساراي عاقراً ليس لها ولد ، تكوين 11 : 30 ) . ( ثم دعا إسحق الى الرب لأجل أمراته ، لانها كانت عاقراً ، فأستجاب الرب ، وحملت رفقة أمراته ، سفر التكوين 25 : 21 ) . ( ورأى الرب أن ليئة غير محبوبة ، ففتح رحمها ، وأما راحيل فكانت عاقراً ، سفر التكوين 29 : 31 ) . ( وكان رجل من صرعة ، من عشيرة دان أسمه منوح ، وكانت أمراته عاقراً لا تلد . فتراءى ملاك الرب للمراة وقال لها : إنك عاقر لم تلدي ، ولكنك ستحملين وتلدين أبناً ، سفر القضاة 13 : 2 – 3 ) . ( وأما خنة فأعطاه حصة أثنين ، لأنه كان يحب حنة ، ولكن الرب كان قد حبس رحمها ، سفر صموئيل الاول 1 : 5 ) .

تعجب زكريا وطلب من الملاك أن يعطيه آية ( فاجاب الملاك و قال له انا جبرائيل الواقف قدام الله و ارسلت لاكلمك و ابشرك بهذا ) أنجيل لوقا 1 : 19 ) فأجابه الملاك أنا جبرائيل القائم لدى الله أُرسلت إليك لأُكلمك وأُبشرك بهذه الأمور وستصاب بالخرس فلا تستطيع الكلام إلى اليوم يحدث ذلك لأنك لم تؤمن بأقوالي ستتم في أوانها ( أنجيل لوقا 1 : 20 ) .

الخرس كان عقاب على عدم ايامنه بكلام الملاك ومن ناحية أخرى بمثابة علامة طلبها زكريا لكي يؤمن بولادة يوحنا . هذه الحالة تختلف عن حالة ابراهيم لما كلم الله فقال : أيها السيد الرب بماذا أعلم أني أرثها ؟ سفر التكوين 15 : 5 . عكس زكريا بطلبه أية .

فأضطرب زكريا ، الاضطراب في العهد القديم يذكر خلال  ترائيات الملائكة ، يوجد كثير من الامثال على ذلك ( فعلم جدعون أنه ملاك الرب فقال جدعون : آه أيها السيد الرب ، إني رأيت ملاك الرب وجهاً لوجه ، سفر القضاة 6 : 22 ) . فأرتاع الأثنان وسقطا على وجهيهما مرتعدين ، سفر طوبيا 12 : 16 . ( فأتى الى حيث كنت واقفاً . فلما أتى أرتعبت وسقطت على وجهي فقال لي : أفهم يا أبن الانسان فان الرؤيا لوقت المنتهى . وبينما هو يحدثني كنت في سبات على وجه الارض فلمسني وآنهضني حيث كنت وافقاً ، سفر دانيال 8 : 17 – 18 .

العقر في العهد القديم كان يعتبر عاراً وبعض الاحيان يكون عقاباً من الله . ورد على لسان راحيل قد أزال عني العار ( سفر التكوين 30 : 23 ) . ( فصلت حنة الى الرب في مرارة نفسها وبكت بكاءً ، سفر صموئيل الاول 1 : 10 ) . هكذا اليصابات كانت تقول في نفسه هذا ما صنع الرب يوم نظر إلي ليزيل عني العار بين الناس ، أنجيل لوقا 1 : 24 – 25 . كتب لنا النبي أشعياء 4 : 1 قالاً : وفي ذلك اليوم تتنازع سبع نساء رجلاً واحداً ويقلن : إننا ناكل خبزنا ونلبس معاطفنا ، إنما نسمي باسمك فآنزع عنا عارناً .

( و كان الشعب منتظرين زكريا و متعجبين من ابطائه في الهيكل فلما خرج لم يستطع ان يكلمهم ففهموا انه قد راى رؤيا في الهيكل فكان يومئ اليهم و بقي صامتا و لما كملت ايام خدمته مضى الى بيته و بعد تلك الايام حبلت اليصابات امراته و اخفت نفسها خمسة اشهر قائلة ) ( انجيل لوقا 1 : 22 – 24 ) .

زكريا في صلاته داخل الهيكل لم يطلب أبناً بل كانت هدف صلاته باسم الشعب هي للخلاص المشيحي .

( فقامت مريم في تلك الايام و ذهبت بسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا و دخلت بيت زكريا و سلمت على اليصابات فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها و امتلات اليصابات من الروح القدس و صرخت بصوت عظيم و قالت مباركة انت في النساء و مباركة هي ثمرة بطنك فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي فهوذا حين صار صوت سلامك في اذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني ) ( أنجيل لوقا 1 : 39 – 44 ) .

( و اما اليصابات فتم زمانها لتلد فولدت ابنا و سمع جيرانها و اقرباؤها ان الرب عظم رحمته لها ففرحوا معها و في اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي و سموه باسم ابيه زكريا ) ( أنجيل لوقا 1 : 57 – 59 ) .

( و في تلك الايام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية قائلا توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات ) ( أنجيل متى 3 : 1 – 2 ) . يوحنّا المعمدان كان يتنبّأ بمجيء السيّد المسيح واقتراب ملكوت السموات .

( و كان يكرز قائلا ياتي بعدي من هو اقوى مني الذي لست اهلا ان انحني و احل سيور حذائه انا عمدتكم بالماء و اما هو فسيعمدكم بالروح القدس ) ( أنجيل مرقس 1 : 7 – 8 ) .

يوحنّا المعمدان هو النبيّ الخاتم للعهد القديم، هو الأخير في سلسلة الأنبياء الذين تحدّثوا عن مجيء المسيح المخلّص

وفي تلك الايام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية قائلا توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات فان هذا هو الذي قيل عنه باشعياء النبي القائل صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة ويوحنا هذا كان لباسه من وبر الابل وعلى حقويه منطقة من جلد و كان طعامه جرادا وعسلا بريا ( انجيل متى 3 : 1 – 4 )

يوحنا المعمدان أمتلى من الروح القدس وهو في بطن اليصابات أمه ، العهد القديم يذكر لنا كما هو الحال في يوحنا المعمدان رجال كرسوا حياتهم للرب وهم بعد لم يولدوا ممتلين من الروح القدس وهم في بطون امهاتهم أمثال شمشون وإرميا مما يدل أن الله أختار هولاء الرجال لنشر رسالته وبقوة الروح القدس التي تحل عليهم وهم في بطون أمهاتهم .

يوحنّا المعمدان ورد ذكره في سفر النبي ملاخي ( هانذا ارسل ملاكي فيهيء الطريق امامي و ياتي بغتة الى هيكله السيد الذي تطلبونه و ملاك العهد الذي تسرون به هوذا ياتي قال رب الجنود ) ( سفر النبي ملاخي 3 : 1 ) .

( فان هذا هو الذي كتب عنه ها انا ارسل امام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك ) ( انجيل متى 11 : 10 ) . الكنيسة يوحنّا في أيقوناتها ملاكاً مرسَلاً من الله ، كان انسان مرسل من الله اسمه يوحنا ( انجيل يوحنا 1 : 6 .

يوحنا المعمدان هو الشاهد الوحيد التي تكلم عم مجيء الرب يسوع واكده لنا انجيل يوحنا 1 : 7 – 9 قالاً : هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل بواسطته لم يكن هو النور بل ليشهد للنور كان النور الحقيقي الذي ينير كل انسان اتيا الى العالم . شهادة يوحنا للمسيح تكمل بمعمودية يوحنا للمسيح في نهر الاردن ( و شهد يوحنا قائلا اني قد رايت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه و انا لم اكن اعرفه لكن الذي ارسلني لاعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا و مستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس و انا قد رايت و شهدت ان هذا هو ابن الله ) ( انجيل يوحنا 1 : 32 – 34 ) .

( و في الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم هذا هو الذي قلت عنه ياتي بعدي رجل صار قدامي لانه كان قبلي ) ( انجيل يوحنا 1 : 29 – 30 )

يوحنا المعمدان طلب من تلاميذه أن يتركوه ويتبعون المسيح ( فسمعه التلميذان يتكلم فتبعا يسوع ) ( انجيل يوحنا 1 : 37 )

( ينبغي ان ذلك يزيد و اني انا انقص ) ( انجيل يوحنا 3 : 30 ) يوحنا المعمدان يعطي الشهادة الاخيرة للمسيح . يوحنا لم يرغب في التكبر على المسيح بل تواضع لكي يظهر المسيح للناس .

يوحنا المعمدان يسقول عن نفسه ( من له العروس فهو العريس و اما صديق العريس الذي يقف و يسمعه فيفرح فرحا من اجل صوت العريس اذا فرحي هذا قد كمل ) ( انجيل يوحنا 3 : 29 ) .

كانت مهمة يوحنا المعمدان هي اعداد الامة اليهودية الى التوبة وارجاعها الى الله ويمهد الطريق للمسيح وفتح باب الملكوت السموات ( كما هو مكتوب في سفر اقوال اشعياء النبي القائل صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة كل واد يمتلئ و كل جبل و اكمة ينخفض و تصير المعوجات مستقيمة و الشعاب طرقا سهلة و يبصر كل بشر خلاص الله و كان يقول للجموع الذين خرجوا ليعتمدوا منه يا اولاد الافاعي من اراكم ان تهربوا من الغضب الاتي فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة و لا تبتدئوا تقولون في انفسكم لنا ابراهيم ابا لاني اقول لكم ان الله قادر ان يقيم من هذه الحجارة اولادا لابراهيم ) ( انجيل لوقا 3 : 4 – 8 ) .

( و في تلك الايام جاء يسوع من ناصرة الجليل و اعتمد من يوحنا في الاردن و للوقت و هو صاعد من الماء راى السماوات قد انشقت و الروح مثل حمامة نازلا عليه ) ( أنجيل مرقس 1 : 9 – 10 ) .

فقال يوحنا هذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالمأنا لم أكن اعرفه ولكني ما جئت أُعمد في الماء إلا لكي يظهر أمره لإسرائيل والذي أرسلني أُعمد في الماء هو قال لي إن الذي ترى الروح ينزل فيستقر عليه هو ذاك الذي يُعمد في الروح القدس وانا رأيت وشهدت انه هو ابن الله ( 1 : 29 – 34 ) .

يوحنا المعمدان كان لباسه كلباس الانبياء التقليدي ( ويكون في ذلك اليوم أن الانبياء يخزون ، كل واحد من رؤياه اذا تنبأ ولا يلبسون رداء الشعر ليكذبوا ، سفر النبي زكريا 13 : 4 ) .

الكثير منا يحتاجون الى من يخبرهم عن المسيح كما فعل يوحنا المعمدان ، نخبرهم ونوضح لهم أنهم بحاجة الى الغفران والتوبة ونجعلهم أن يقتربوا الى المسيح ويؤمنوا به أيماناً حقيقياً . يوحنا المعمدان كرس وبشر بمجيء المسيح ، هكذا نحن أيضاً نبشر ونتكلم باسم يسوع وتعاليمه ووصاياه أينما كنا لنجلب الاخرين ويخلصوا ويتوبوا من خطاياهم ، فلا تبقى نائماً في خطاياك وتعيش في ملذات هذه الدنيا الزائلة ، المسيح وبشارته ينادوك لتفتح قلبك وروحك وفكرك . أذهب وعظ الناس كما كرز يوحنا المعمدان في اليهودية .

والمجد لله دائما

الشماس سمير كاكوز

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, دين. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.