بقلم د. رياض السندي
باي باي هوشيار
01/ 05 / 2016
http://nala4u.com
كنت قد اخترت عنوانا لهذا المقال وهو (هوشيار زيباري خارج وزارة المالية) ليكون استكمالا لمقالي السابق (هوشيار زيباري خارج وزارة الخارجية) الذي نشرته عدة مواقع الكترونية، الا ان اقتحام المتظاهرين المقار الحكومية في المنطقة الخضراء المحصنة هذا اليوم في الاول من ايار 2016، ودخولهم للبرلمان العراقي، وهروب المسؤولين الاكراد الى اربيل بطائرة خاصة بعد تخريب لدولة العراق على مدى 13 عاما ، دفعني لكشف واحدة من اهم صفحات الفساد التي قام بها هوشيار زيباري طيلة هذه السنين في وزارتي الخارجية والمالية . وهذا ماسبق وان كشف عن اهم مظاهره تقرير المدقق الدولي لشركة ارنست أند يونغ المختصة بالمحاسبات عن الفساد في العراق لعام 2015 . وتوضيحا لكل ملابسات خلافي مهم ثم تركي لوظيفة نائب السفير لبعثة العراق لدى مكتب الامم المتحدة في جنيف عام 2013.
لقد لعب هذا الرجل واحدا من اسوأ الادوار في تخريب العراق وتدميره وكان بمثابة معول هدم للدولة طيلة عقد كامل اثناء توليه وزارة الخارجية. وقد سطرت عنه مئات المقالات التي تشكل مجلدات كاملة تعطي صورة سيئة عنه عى الرغم من محاولات اتباعه ومناصريه لتلميع صورتهبشتى الوسائل والذرائع عن نضاله او انتماءه العشائري ، الا ان كل تلك المحاولات ردت عليهم وكانت اساءة لهم ولسيدهم فانقلب سحرهم عليهم.
وسوف لن اتحدث عن تلك الحقبة التي اشبعت بحثا وتحليلا، الا اني ساتحدث عن هوشيار زيباري منذ استلامه وزارة المالية في 18/10/2014 بعد تخليه عن منصب نائب رئيس الوزراء في 28/9/2014 وارغم رفيق نضاله وواحد من اكثر المخلصين لحزبه الا وهو روز نوري شاويس على التخلي عن م نصب وزير المالية لهمستخدما نفوذه العشائري وقربه من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني . وقد ظلّ هذا الاصرار مبهما لدى الكثيرين الا اني كنت ادرك تماما مايعنيه ذلك بحكم تجربتي في العمل في وزارة الخارجية ، وهذا ما دفعني لكتابة هذا المقال .
لقد ذكرت في مقالي السابق باني كنت ضحية عقد فساد كشفته اثناء عملي الدبلوماسي كقائم للاعمال المؤقت في جنيف والمتمثل في عقد شراء قطعة ارض لبناء مقر جديد لممثلية العراق في جنيف بسعر 23,5 مليون فرنك سويسري ، اي ما يعادل 25 مليون دولار امريكي، وان السفير السابق محمد علي الحكيم اصّر، وفي اخر يوم له في الممثلية، على مقابلة السمسار السويسري (Pierre-Yves Guillaume) وهو مدير شركة عقارية تدعى (Rive Droite immobillier) واتفق معه مبدئيا على شراء القطعة المذكورة وعلى العمولة قبل مغادرته الى نيويورك . وكأي عقد فاسد تشارك فيه الكثيرون بحصص مختلفة وصلت الى المحاسبة (رجاء نوري ) التي اختلفت مع مدير الادارة لتقول له ( يشرفني اني عملت مع صدام حسين )، وكذلك المستخدم المحلي (باسم مالك رشيد) وهو عراقي مقيم في سويسرا ومزكى من المجلس الاعلى لمعرفته بعادل عبد المهدي بحكم قرب سويسرا من فرنسا، والذي يدعي بان صدام قد اصدر ضده حكما بالاعدام، كما يدعي الكثيرون هذه الايام. وقد لعب هذا المستخدم ومايزال دورا سيئا في سرقة اموال الممثلية بشتى الوسائل حتى وصل الامر بدائرة تجهيز الوقود التدفئة لدار السفير بان ترسل كتابا الى الممثلية لتخبرها بأن احدى فواتيرها مكررة وغير صادرة عنها وهي بمبلغ 17 الف فرنك سويسري وقد جرى اخبار السفير بذلك الا انه لم يتخذ اي اجراء بحق الموظف المذكور.
وبعد مغادرة السفير للالتحاق بمنصبه الجديد، توليت مسؤولية القائم بالاعمال المؤقت وانكشف فساد هذا العقد عن طريق سمسار فرنسي اخر يدعى ( Gospin) ليكشف ان قطعة الارض المذكورة مبالغ في سعرها وانه سبق له وان عرض على البعثة قطعة ارض اكبر بسعر 9 ملايين فرنك سويسري وبضمنها ضريبة العقار. وهذا ما دفعني الى مفاتحة وزارة الخارجية في بغداد بتاريخ 00/2/2013حول شبهة الفساد في هذا العقد. وبدلا من مكافآتي على حرصي على اموال العراق ، اصدر الوزير عقوبة ادارية بحقي بتاريخ 00/3/2013 .
وجرى تعيين سفير جديد وهو الكردي محمد صابر اسماعيل ، وهو عديل لجلال الطالباني، الذي وقع العقد بتاريخ 12/2/2014 ونشر الخبر على الموقع الالكتروني للممثلية تحت عنوان (توقيع عقد شراء ارض بأسم العراق)، وياله من عنوان مضحك يبين ان الكل تسرق باسم العراق، وفي هذا الخبر اتضحت الصورة تماما، حيث يقول الخبر( بمتابعة واهتمام مباشر من معالي وزير الخارجية الاستاذ هوشيار زيباري تم بعون الله بعد ظهر اليوم الاربعاء الموافق 12/2/2014 ، اكمال مراسيم توقيع عقد شراء الارض التي ستكون مقر الممثلية الدائمة لجمهورية العراق لدى مكتب الامم المتحدة في جنيف، حيث وقع الممثل الدائم سعادة السفير د.محمد صابر اسماعيل عقد شراء ارض باسم الارض مع المالك (لم يذكر اسمه) في دائرة كاتب عدل مدينة جنيف ).
وقد شابت عملية التوقيع خدعة اخرى مرّرها المستخدم المحلي باسم مالك ، والمتمثلة في دفع العراق اجور الدلالية للبائع والدلال ايضا بنسبة 1% من قيمة العقار لكل منهما بلغت 230,500 مئتي وثلاثون الف وخمسمئة فرنك سويسري، اي مايعادل ربع مليون دولار لكل منهما. وهنا يثور التساؤل : هل سمعتم في كل التاريخ ان يدفع المشتري اجور دلالية للبائع؟ وقد مرّر هذا السفير العجوز هذا العقد على أمل ان يشفع له ذلك مستقبلا لتمديد خدمته ، وهو لايعلم بان سيده هوشيار سيرحل عن الوزارة قريبا وسيحال هو على التقاعد لتجاوزه السن القانوني ، وان شفيعه في هذا التعيين الطالباني سيرقد في السليمانية دون تأثير. وبالفعل تمت احالته على التقاعد مطلع هذا العام .
وربما يتسأل الكثيرين عن سبب اصرار هوشيار زيباري على تولي منصب وزارة المالية وانتزاعه من رفيق نضاله روز نوري شاويس الذي استلم الوزارة لايام معدودة فقط؟
يمكن استخلاص عدد من الاشارات التي تغني في هذا المجال، وهي:-
1. ان توليه لحقيبة المالية هو لاكمال مسلسل تخريب العراق الذي بدأه منذ سنوات وخاصة في الجانب الاقتصادي منه . وبالفعل فقد اثبتت الوقائع لاحقا بان ادارته للوزارة كان سيئا وذو اثار سلبية كبيرة كما انه لم ينجح في تحسين وضع العراق اثر الازمة الاقتصادية التي ضربت البلاد بعد انخفاض اسعار النفط. ولم يتصرف كوزير ضمن حكومة بل كان يؤلب الشارع العراقي على الحكومة الذي كان يسعى لتهييجه من خلال تصريحاته النارية التي تشير الى قرب افلاس العراق وعدم قدرته على تسديد رواتب الموظفين ابتداء من شهر نيسان لهذا العام . وكان عليه ، على الاقل ، ان يكتم حقيقة الوضع الاقتصادي للبلاد.
2. سعى لنقل الاموال الى اقليم كردستان العراق لافقار الحكومة المركزية والتأثير عليها في الجانب الاقتصادي المهم، وبالفعل فقد حوّل الى الاقليم المذكور مبالغ كبيرة في زمن كانت البلاد تعاني من التقشف.
3. ان وزارة المالية تتيح له امكانية الوفاء بالتزاماته المالية الشخصية لدى الدول الاخرى،ومنهذه الالتزامات تبنيه ملف التعويضات مع الكويت وتسهيل دفع مبالغ التعويضات الكبيرة ، والبعض منها مكررة ، مقابل عمولات مالية خصص لها وكيله محمد الحاج حمود الذي امسك بملف التعويضات طيلة 13 سنة ، وحارب العديد من الكفاءات من اجله ، في حين انه لم يقدم شيئا للعراق. وكان في كل دورة للجنة التعويضات يلقي كلمة موجزة مكررة منذ سنوات لاقيمة لها اسقاطا للفرض ، ثم يلتقي رئيس لجنة التعويضات السيد مجتبى قزازي الذي ظلّ في اللجنة لاكثر من خمسة عشر عاما ، وهو ايراني تم اختياره من الدول الكبرى امعانا في ايذاء العراق. وكان المكان المخصص للقاء هو لذلك هو مطعم ايراني يقع في جنيف يسمى ( مطعم عمر الخيام )، وهناك تجرى الصفقات بغطاء ايراني وفساد عراقي. وقد حاول احد الدبلوماسيين في قسم التعويضات من اجراء حساب بسيط لحساب مبالغ التعويضات فاكتشف بسهولة تكرار دفع مبلغ 50 مليون دولار، وكنت انذاك رئيسا لقسم المعاهدات في الدائرة القانونية في وزارة الخارجية ، ومسوؤولا لملف التعويضات في ممثلية العراق في جنيف لاحقا ، وتم ابلاغ وكيل وزير الخارجية المذكور بذلك وكان رده : ( احنا دفعنا مليارات ، بقت على الفلسان ) ، ورفض المطالبة بها بشكل جدي. هكذا كان حرصهم على اموال العراق، وكل ذلك جرى بعلم الوزير زيباري. وكل مافعلوه هو سحب الملف مني لايداعه لدى دبلوماسي شيعي يمرر لفسادهم ويغطي عليه ، وقد اعادة هذا الدبلوماسي الى جنيف في مطلع العام 2016.
4. اضافة الى الالتزام في ملف التعويضات ، فان هناك عقود مالية اخرى شابها الفساد وكان على الوزير اكمالها ، ومن بين تلك العقود، عقد شراء قطعة الارض في جنيف السابق الذكر والذي اثرته للوزير بكتاب رسمي من الممثلية المذكورة برقم 677 وبتاريخ 2/5/2013، فردّ الوزير بعقوبة ادارية تظلمت منها اداريا اولا ، ثم اقمت الدعوى على قرار الوزير امام محكمة الموظفين ، الا ان التهديدات التي وصلتني واصدار امر احالتي للدائرة القنصلية كعقوبة بعيدا عن اختصاصي دفعني الى طلب اللجوء مكرها في سويسرا ، وكان هذا العقد سببا في اعتماد سويسرا اجراءات انتقامية وعرقلة منحي فرصة عمل او اي حق من حقوق اللاجيء طيلة ثلاث سنوات، نتيجة كشفي لعقد الفساد هذا ، الذي يبدو انه طبخة دولية-وطنية بامتياز. لذا فان اصرار زيباري على تولي منصب وزارة المالية هو لدفع مبالغ تلك العقود الفاسدة اما بعد استحصال مبالغ العمولة عليها مقدما ، او لضمان الحصول عليها لاحقا، لانه بخلاف ذلك ستلاحقه الفضائح الدولية التي ستطيح به سريعا.
5. ان تولي وزارة المالية ستتيح له امكانية اخرى الى جانب العقود الفاسدة ، الا وهي امكانية التستر وتمرير بعض الممارسات المالية الفاسدة التي يقوم بعض اتباعه ومنهم المحاسبون ومسؤولي البروتوكول في مختلف سفارات العراق والبالغ عددها 83 سفارة او بعثة في مختلف دول العالم ، والذين يجري تعيينهم بأمر الوزير شخصيا. وهذا مايقتضي التوضيح .
من المعروف ان وظيفة المحاسب تنحصر في التعاملات المالية لكل سفارة، لذا فان مجرد نقل المحاسب الى دولة اجنبية ، وفي ظل ظروف العراق الصعبة ، يعد مكافأة يجب على المحاسب ان يدفع ثمنها سواء مقدما او لاحقا من نزاهته واخلاقة وحرصه على المال العام . واذا امتنع عن ذلك فانه سرعان ماسيصدر امر اعادته للمركز بعد فترة قصيرة جدا لتعذر الوفاء بمتطلبات مكتب الوزير والسفير معا. وعلى المحاسب تمرير الوصولات الوهمية والمزورة وتحقيق دخل معلوم يرسل الى الوزارة في بغداد حتى لو تطلب الامر استقاع مبالغ معينة من رواتب الموظفين. لذا فقد كان المحاسب الذي ينصاع لتلك التوجيهات ويعمل بها هو الشخص الاول في كل سفارة واقوى من السفير ذاته لانه يملك معلومات خطيرة عن فسادهم. وسبقت الاشارة الى ان بعض المؤسسات الاجنبية قد فاتحت سفارات عراقية عديدة عن ان العديد من الوصولات التي وصلتها لم تصدر منها، ومع ذلك لم يجر اتخاذ اي اجراء قانوني او اداري لارتباط الفاعلين بكبار مسؤولي الدولة. ومن الامثلة على ذلك ماحدث في صيف عام 2012 حيث القت الشرطة الفرنسية القبض على مستخدم محلي يدعى ( ح. ع.) وسائق سويسري يعملان في بعثة العراق في جنيف ، واشارت التحقيقات الى انهما القي القبض عليهما متلبسين ببيع مايقارب مليون يورو من السكائر الاجنبية التي تحصل عليها الهيئات الدبلوماسية من السوق الحرة بسعر 25 يورو لتباع بسعر 75 يورو للعبوة الواحدة. وبعد التدقيق تبين ان العديد من موظفي البعثة قد اشتركوا في تلك العملية التي جرت لعدة مرات ولفترة استغرقت عدة سنوات، وذلك من خلال تقديم كتاب مختوم ووصولات باسم السفارة لاستلامها، ومن بين الذين اشتركوا فيها محاسب السفارة (لطيف السعدي)، واداري اخر يدعى (عمار نايف الياسري)، وبمجرد كشف العملية انهالت الاتصالات على السفارة مما يشير ان المشتركين في العملية يتبعون جهات متنفذة في الدولة، كان من بينها اتصال من عادل عبد المهدي القيادي في حزب الدعوة.
ان العديد من هذه الحالات التي شهدتها سفارات العراق في الخارج كانت تقتضي ان يبقى هوشيار ف اي منصب رسمي للتدخل وغلق تلك الملفات . وها مايفسر لنا توقيع عادل عبد المهدي للاكراد عن حصة نفط الاقليم بمجرد استلامه منصب وزير النفط ، وهو ماعبر عنه رئيس الوزراء لاحقا بانه صديقهم وقد تنازل لهم كثيرا مع الاحتفاظ بنسبة من تصدير النفط للمجلس الاعلى الذي ينتمي اليه عادل عبد المهدي (فرنسي الجنسية).
أما وظيفة مسؤول البروتوكول فهي لاتقل ربحا عن وظيفة المحاسب بل تزيدها باضعاف، حيث ان مسؤوليته تنحصر في حجوزات الفنادق للوفود العراقية الكثيرة التي تزور ذلك البلد الاجنبي، وفي بلد مثل سويسرا فأن ارخص فندق يكلف 200 دولار لليلة الواحدة، اما حجوزات المناصب الكبيرة فلا تقل عن 2000 دولار لليلة الواحدة ، في بلد يضم اغلى فندق في العالم وهو فندق ويلسون الشهير ، وكان على مسؤول البروتوكول الاتفاق مع ادارة الفندق لقاء عمولات معينة لجلب زبائن كثيرين بما يعود بالنفع على الفندق ايضا. وقد لاحظت اثناء عملي نائبا للسفير وقائما للاعمال المؤقت هناك ، ان حجوزات بعض الافراد العاديين ومن درجات صغيرة تمت في اغلى الفنادق ، حيث جرى حجز غرفة لسكرتير ثاني في فندق انتركونتيننتال الشهيرالذي تحل فيه المحادثات حول سوريا واليمن وغيرها، وبالطبع فان الموظف الموفد سيلتزم الصمت اذا ماحجزت له اقامة في اغلى فندق، في حين ان ذلك يشكل جريمة هدر المال العام. والى جانب تلك العمولات الفندقية يسترد مسؤول البروتوكول مبالغ الضرائب عن شراء اي حاجة للسفارة او استضافة وفد في احد المطاعم، وهي في سويسرا نسبة 8% وعادة ماتشكل مبالغ كبيرة ، وهكذا كان موظف البروتوكول يرسل في كل شهر عشرون الف دولار للوزارة يجمعها من عمولات الفنادق ورسوم الولائم في المطاعم الراقية، وبالتاكيد يحتفظ لنفسه بنسبة منها ، وهكذا استطاع مسؤول البروتوكول في جنيف ان يشتري لنفسه قطعة ارض ويعيد بناءها في منطقة الكرادة ببغداد، وهو امر لم يستطع ان يفعله اي دبلوماسي اخر ارفع منه. ومثل هذه المبالغ لاتخضع لسيطرة واشراف الحكومة العراقية، وقد زادت حمى جمع هذه الاموال الى تمديد فترة بقاء مسؤول البروتوكول لسنة اخرى في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء المالكي يشدد على وزارة الخارجية ووزيرها زيباري نظر للخلاف الحاد بينهما مما دفع هوشيار زيباري الى ترك الوزارة مرتين واعتبرها المالكي اجازة اجبارية وعيّن بلا عنه حسين الشهرستاني وكالة، مما دفع زيباري الى التراجع بعد فترت انقطاع استمرت شهرين ليعود للدجاجة التي تبيض ذهبا بعد توسط وزير الخارجية الاميركي. وقد وصل الامر بمسؤول البروتوكول في جنيف (أزهر علي حسين) الى حجز الفندق لعدة ليالي لشخص غير موفد ولم يدخل سويسرا بعد، مما حدا بالسفير محمد علي الحكيم الى الاستفسار من هذا الموظف عن هذا الشخص القادم دون أمر وزاري واستحصال تأشيرة الدخول السريعة له وبشكل يمكن تسميته بتهريب الاشخاص، الا انه لم يستطع ان يفعل شيئا سوى الصراخ ليخرج بعدها الموظف قائلا : اني كلفت بهذا العمل بأمر الوزير، ومن لديه اعتراض فليعترض لدى الوزير. وهكذا ثبت هلال العيد ، كما يقال.
ولو افترضنا ان مسؤول البروتوكول في كل سفارة يرسل عشرة الاف دولار شهريا لمكتب الوزير او العصابة التي عينته وتدافع عنه ، فان مجموع ما ستحصل عليه هو (830000) ثمانيمئة وثلاثون الف دولار شهريا بواقع وجود 83 سفارة عراقية في الخارج. وهذا اضعف الايمان.
ان مثل هذه السرقات وهدر المال العام واستغلال الوظيفة العامة الذي مارسته احزاب ومسؤولي الدولة بعد عام 2003 وانعدام الرقابة وسيادة القانون كانت سببا في الانهيار الاقتصادي للدولة العراقية تماما في عام 2015.
وهكذا نجد ان واحدة من اسوأ الظواهر التي ظهرت في هذا العهد هو الطبقة الوسطى التي تتوسط بين المسؤول والشعب والمتمثلة بحاشية المسؤول وبطانته ، وهي طبقة منتفعة قدمت مصلحتها الشخصية على مصلحة المجتمع من خلال انتهاج اسلوب التملق والرياء والمداهنة ، لذا فانهم يظهرون على صفحة المجتمع بشكل اقبح من المسؤول نفسه الذي استخدمهم لاغراضه البشعة وبشكل أبشع. وهذه الطبقة التي انتهجت التملق والنفاق في كل عهد ، كلفت بالدفاع عن سيدها باي ثمن. وقد وجدنا مثل هولاء الاشخاص في وزارة الخارجية وكانت مهمتهم الدفاع عن الوزير اعلاميا وباسماء مستعارة وصفات مزيفة مقابل مايقدمه لهم الوزير من اموال وخدمات من خزينة الدولة عبر منحهم المناصب والايفادات وتعيين اقاربهم في وظائف معينة. وقد جرى كشف العديد من هولاء ومن بينهم محسن ميرو مدير معهد الخدمة الخارجية الذي كان يرد على المقالات التي تنشر ضد هوشيار زيباري باسماء مستعارة مثل ياسين البدراني، وكان دفاعه سيئا الى درجة ان التزام الصمت كان اولى واجدر. وبعد كشف ميرو تم البحث عن شخص أخر له القابلية على الكتابة بشكل افضل ، فوقع الاختيار على شخص عراقي مقيم في امريكا يعمل عامل توصيل طلبات البيتزا (ديلفري) هومحمد الحميميدي المقرب من وكيل الوزارة انذاك محمد الحاج حمود، والبعثي السابق الذي تمرس على كتابة التقارير الحزبية ضد ابناء مذهبه الشيعي حتى غدا نائب رئيس ممثلية العراق لدى الامم المتحدة في نيويورك في عهد صدام حسين ، والذي ترك وظيفته عندما احسّ بقرب نهاية صدام حسين ، وطلب اللجوء السياسي في الولايات المتحدة الامريكية عام 2001، بطريقة دراماتيكية نشرته تفاصيلها صحيفة الشرق الاوسط في عددها المرقم 8255 والصادر في 5/يوليو/2001، واستطاع الوزير بعد اعادته الى الوظيفة بدرجة وزير مفوض ترشيحه لمنصب سفير وفقا لمبدأ المحاصصة محسوبا على التحالف الكوردستاني التي اقسم لها ولوزيرها بالولاء والطاعة حتى لو تعارض الامر مع الاخلاق ، وهذا نجده يرد على كاتب هذا المقال عند نشره لمقال بعنوان (هوشيار زيباري خارج وزارة الخارجية) المنشور على عدة مواقع الكترونية في 18/8/2014، وجاء رده في اليوم التالي بعنوان (رياض السندي–دبلوماسي مطرود بشهادة مزورة) وباسم مستعار هو( مصطفى حسين رشيد )، وقد انبرى للرد عليه بعض الغيارى من العراقيين ورديت عليه بالوثائق مدحضا ادعاءاته الباطلة، مما ارغمه على الاعتذار بمقال اخر بعنوان(المغزى من مقالاتنا حول الخارجية) في 8/10/2014، رفضته شكلا ومضمونا ومازلت احتفظ بحق مقاضاته امام القانون عندما يوجد قضاء نزيه ومستقل في العراق. وقد التحق بسيده بعد ان غادر الخارجية الى وزارة المالية واحيل على التقاعد .
واذ اعتذر للقارى الكريم عن الاطالة انما القد من ذلك هو تأريخ صفحة من صفحات تاريخ العراق في هذا العهد المظلم الذي ساده الفساد لكشف جميع اسراره امام الشعب العراقي ، واذا كنّا قد افتتحنا مقالنا السبق عن ها الوزير بعبارة ( اللهم لاشماتة) ، فاني لا املك الا ان اختتم مقالي هذا بعبارة ( اللهم بشماتة ) اقول : باي باي …. هوشيار.
د. رياض السندي