بقلم مسعود هرمز النوفلي
الانتقادات في الكنيسة بين الخطأ والصواب،(ج5)، مفهوم سنة الرحمة
15/ 12 / 2015
http://nala4u.com
الانتقادات في الكنيسة بين الخطأ والصواب،(ج5)، مفهوم سنة الرحمة
مقدمة:
ترجمتُ المقالة باختصار من المصدر (1). السبب الذي جعلني أن اقوم بهذا العمل المتواضع هو الآتي:
بعد عودة احد الكهنة الموقوفين حالياً من بغداد الى أبرشية مار بطرس الرسول/ كاليفورنيا، سُئِل عن اسباب عودته وانهاء الألتزام الذي أقرّه على نفسه عند النذور بالطاعة فأجاب:
“رجعتُ الى سان دييكَو لكي احصل على الرحمة التي اطلقها قداسة البابا بالعفو عني، فلو بقيتُ في الوطن الأم (العراق) رُبّما لا تشملني الرحمة التي سيستفاد منها البعض”!
لنقرأ في هذه المقالة عن مفهوم الرحمة، وسنة الرحمة، وكيف حدثت وانتشرت تاريخياً حتى يومنا هذا. بعد ذلك سنتطرق بصورة مختصرة الى صواب المفهوم وأخطاء بعض الأكليروس عند النظر الى المصلحة الشخصية وليس كما يرغب الرب الذي نذروا انفسهم لخدمتهِ وخدمة كنيسته المقدّسة والشعب.
ما هي الرحمة؟
في
المفهوم الإلهي تُسمى الرحمة الإلهية، وهي الرحمة اللامُتناهية من المحبة
الخارقة للمخلوقات لتُساعدهم في التغلّب على المآسي والمشاكل والتي تتوّجَت
بارسال ابن الله يسوع ليموت من اجل خطايا البشر.
اما في المفهوم البشري
فان الرحمة هي فضيلة التأثير على إرادة الشخص ليكون مُتعاطفاً ومُتعاوناً
مع الغير بمباديء العدل والأحسان، فعندما نُظهِر رحمة للآخرين نكون وكأننا
نستنسخ تقليد رحمة الله لنا في الحياة في جميع الأعمال البدنية والروحية من
خلال باب الأمل والرجاء.
للمزيد من الشرح والتفاصيل يُرجى الذهاب الى المصدر (2) الخاص بمرسوم الدعوة إلى اليوبيل الاستثنائي
“يوبيل الرحمة” لقداسة البابا فرنسيس.
او المصدر (3) الخاص بموقع سنة الرحمة.
سنة الرحمة وتاريخها (1)
لقد
انطلق مفهوم سنة الرحمة من سنة اليوبيل الخمسيني الذي كان قد اعلنه النبي
موسى في العهد القديم. كان الأسرائيليون يحتفلون بذكرى هذه السنة كل خمسين
عاماً، ويعتبرونهُ عاماً مُقدّساً، وكان عليهم مراعاة التوجيهات التي كان
قد وضعها موسى وهي شطب الديون التي بذمة البعض، وتحرير العبيد، ومن ثم
اعطاء الراحة للأرض وعدم زرعها.
اخذت الكنيسة الكاثوليكية هذا التقليد
وبدأت بتطبيقه في سنة 1300 ميلادية في عهد البابا بونيفاس الثامن، كانت
تُقام الأحتفالات كلّ نصف قرن، ومن ثم تقلّصت الى 33 سنة وبعد ذلك اصبحت كل
25 سنة.
البابا القديس يوحنا بولس الثاني كان قد اعلن السنة المقدّسة
عام 1983 في الذكرى ال 1950 لموت الرب يسوع له المجد الذي عاش 33 سنة،
وكانت آخر إحتفالية إستثنائية بهذه السنة في عهده ايضاً سنة 2000 للميلاد،
أما القاعدة المُتّبعة للأحتفال بها تكون عادةً كل 25 سنة.
كيف نعمل من خلال كلمة الرحمة؟
يُقسّم
المصدر المُشار اليه اعلاه الأعمال الخاصة بالرحمة الى قسمين، الأول
الأعمال الأنسانية التي يجب ان يقوم بها الشخص لينال الرحمة، والثاني
الأعمال الروحية، وهنا نخُصّ بالذكر منها ما يلي:
الأعمال الأنسانية الخاصة وتشمل:
إطعام الجياع واعطاء الشراب للعطشى والفقراء.
إيواء المُشرّدين والمُهمّشين وتقديم العون والملجأ لهم.
زيارة المُرضى.
فدية الأسير.
دفن الموتى.
اما الأعمال الروحية للرحمة فتشمل:
تعليم وتوجية وإرشاد الأميّين والجهلة.
اعطاء الأمل للمُشكّكين.
توجيه اللوم للخطأة.
الصبر في قبول الأخطاء.
غفران الجرائم عن طيب خاطر.
إعانة المنكوبين والمُتألمين.
الصلاة من أجل الأحياء والأموات.
اخطاء رجال الدين في التكفير عن ذنوبهم
الكاهن
مسؤول امام الله بتوجية المؤمنين نحو طريق الخلاص. يتوقّع الكاهن الذي
ذكرته اعلاه وبعض الرهبان والكهنة الآخرون بأن سنة الرحمة مُفصّلة لمصلحتهم
ليستفيدوا منها غير مُكترثين بأنهم إنغمسوا في اعمال العالم وحياة الدنيا
الفانية بدلاً من الأرتباط الحقيقي بطريق الخلاص. نتمنى ان يستفيد الجميع
من الرحمة ولكن عليهم إتباع الطريق الذي يوصلهم الى استحقاق الرحمة وذلك
بالأعتراف بكلِّ خطيئةٍ خفية وظاهرة من اجل نيل الغفران في سنة الرحمة. اما
أن يُفكّر الكاهن بأن سنة الرحمة هي له فقط وينتهز الفرصة ليتمتع بالحصول
على براءة عن اعماله السابقة، فهذا الأمر بعيدٌ جدا عن الرحمة. يجب أن
يُنتقد هذا الكاهن او غيره. الأفضل له أن يقرأ ما قاله قداسة البابا عند
اعلانه سنة الرحمة وفتح الباب في كنيسة الفاتيكان. ماذا يعني له فتح الباب
والدخول منه؟ هل سيقوم بتصحيح أخطائه ويعود الى الحالة الطبيعية الأساسية
التي نذر نفسه من أجلها أم يبقى في الأحلام ليُجرّب حظه كل 25 سنة؟ أي
ايمانٍ هذا؟ أنا لا أعرف كيف يُفكّر وما هي غاياته واساليبه وهو ينظر خطأً
الى اهداف السنة المقدّسة للرحمة.
الخلاصة
مهما
كانت تبريرات بعض الكهنة والرهبان، فان الصفح عن الذنوب ليس امراً سهلاً
أبدا كما يعتقدون، والسنة المقدّسة للرحمة ليست كصك غفران يُعطى لهم، وإنما
هي لكل من يعترف بذنوبه وينكر ذاته بكل تواضع ومحبة، ويدقّ على صدره بانه
قد خالف الوصايا، وأن يُصلح نفسه بكل صدقٍ وتواضع ويعلن التوبة الحقيقية
امام اسقفهِ ومراجعهِ الكرام نادماً على كل ما صدر منه.
فسنة الرحمة كما بيّنا أعلاه تشمل الرحمة بالغير والعطف عليه وليس الحصول على امتيازات وإعفاءآت شخصية.
واخيراً
الذي لا يخاف الله، لا تُخيفه الأجراءآت القانونية، وسيبقى مُضطرباً في
حياته، وقلقاً نفسياً حتى وإن قام بالتقديس وحضور الأحتفالات والتناول
وغيرها من الأمور الكنسيّة. وسنة الرحمة تمضي وتأتي غيرها ويبقى ضميره
يؤنّبه الى آخر يوم من حياته.
مسعود النوفلي
المصادر:
(1):
https://www.catholiccompany.com/getfed/everything-you-need-to-know-about-the-holy-year-of-mercy/
(2):
https://w2.vatican.va/content/francesco/ar/apost_letters/documents/papa-francesco_bolla_20150411_misericordiae-vultus.html
(3):
http://www.iubilaeummisericordiae.va/content/gdm/en.html