الانتقادات في الكنيسة بين الخطأ والصواب،(ج4)، القَسَم

بقلم مسعود هرمز النوفلي
الانتقادات في الكنيسة بين الخطأ والصواب،(ج4)، القَسَم

20/ 11 / 2015
http://nala4u.com

الانتقادات في الكنيسة بين الخطأ والصواب،(ج4)، القَسَم
مقدمة
تحدّثنا في هذه السلسلة عن الصليب والمصلوب (1)، والمذبح والصليب (2). و حفل الأفطار وسورة الفاتحة (3).
 في هذه المقالة سنتطرَّق الى القَسَم (الحلفان)، ونُركّز إهتمامنا على ما جاء في العهد الجديد (الانجيل). ثم نعطي مثالاً عن المُمارسة الخاطئة لرجال الدين والعمل الذي قاموا به من اجل أن لا تتكرر هذه الأحداث وتصبح شائعة لأنها تُخالف الشرع السماوي وكلام الرب يسوع.
مفهوم او معنى القَسَمْ (الحلفان)
بالقَسَم نتعهد لعمل فعلٍ ما، ويُسمى اليمين وبالسورث (إيمايا). بإداء القَسَم نُشهد الله الذي يسمعنا عندما نحلف بإسمهِ. عند القَسَم يجب أن يكون الكلام صادقاً تماماً وخالياً من الغش والكذب لأنه يحتمي بالأسم الذي يُقسَمُ به وهو الحق (لأن الله هو الحق)، وعند إداء القَسَم في مكانٍ ما مثل المحكمة، فإنه يصبح مُصدَقاً ومختوماً ولا ريب فيه، ويبقى الكلام بين ضمير الأنسان والأسم الذي يحلف بهِ، إن كان صادقاً أم كاذباً. ويبقى عنصر الوقت الحاكم الفعلي لكل إنسان لكشف الحقيقة.
هل يجب على المسيحي أن يحلف أو يؤدي القَسَمْ؟
الجواب: كلا، يجب أن لا يحلف. لنقرأ ما يقوله الأنجيلي متى في 5 – 33 وما يليه “وسمعتُم أنه قيل لآبائكم لا تحلفْ، بل أوفِ للرب نذورِكَ. أما أنا فأقول لكم: لا تحلفوا مُطلقاً، لا بالسماءِ لأنها عرش اللهِ، ولا بالأرضِ لأنها موطىءُ قدميه، ولا بأورشليم لأنها مدينة الملِكُ العظيمِ. ولا تحلف برأسِكَ، لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدةً منه بيضاء أو سوداء. فليكُن كلامكُم: نَعمْ أو لا، ومازاد على ذلك فهو من الشرّير.”
القديس يعقوب من جانبهِ يؤكد ذلك في رسالته الى شعب الله المُتشتّت في العالم كله ويقول في 5 – 12 “وقبل كلِّ شيءٍ، يا إخوَتي، لا تحلفوا لا بالسماءِ ولا بالأرضِ ولا بشيءٍ آخر. لتَكُن نَعمُكُم نَعَماً ولاءكُمْ لا، لئلا ينالَكُم عقابٌ.”
تفسير الآباء للقَسَم (الحلفان)
كما لاحظنا أن الرب يمنعنا من الحلفان، ومن اجل ان نفهم التفسير والأسباب سنوضّح باحتصار جداً آراء بعض الآباء في الأيمان ولماذا لا يجوز القَسَمْ.
1- رأي القديس يوحنا فم الذهب نقلاً من المصدر(4):
 يوضّح القديس خطورة القسم في:
إن الشيطان يستغلنا لِنُقْسِمَ أثناء غضبنا، فإذا ما عدنا إلى هدوئنا نَلتزِم بما أقسمنا به في غضبنا، فننجذب إلى الخطيّة قسرًا. في لحظات اللذة والشهوة يفقد الإنسان اتزانه فَيُقْسِم، كما فعل هيرودس حينما أَقْسَمَ في فترة خنوعه للشر أن يُعطِي لابنة هيروديا ما تطلبه ولو كان نصف المملكة… والْتَزَمَ بقطع رأس يوحنا المعمدان.
2- رأي القديس أوغسطينوس (المصدر السابق):
أن القَسَم ليس خطيّة في ذاته، ولكن الرب منعنا من القَسَم: لأنه لا يليق أن نُقسِم بالله من أجل أمورٍ زمنيّة، وأن من يعتاد على القَسَم فيما هو صِدْقٌ لا يقدر أن يمتنع فيما هو كَذِبٌ.
التعهد بالطاعة اثناء الرسامات الأسقفية والكهنوتية
في الرسامات الأسقفية او الكهنوتية او اعلان النذور تجري مراسم عهد الطاعة (القَسَم) بكلمات مُختارة وليس على الأنجيل، من اجل اعلان الولاء للحبر الأعظم والسلطة الكنسية العليا او جاثاليق الكنيسة المُستقلّة، ومن اجل تقديم الطاعة والتعليم الصحيح والتبشير بالأنجيل، ولهذا فان القَسَم يكون من اجل الحقيقة والعدالة وبدون غش، وأمرٍ غير مشكوك فيه ابداً.
كلمة صدّق بدلاً من القَسَم
من نفس اللسان والفم تخرج الصلاة والتسبيح واللعنة والشتيمة، وهذه هي حالة الأنسان بطبيعته الضعيفة التي لا يستطيع السيطرة عليها احياناً وتصبح ناراً تأكله.
لهذه الأسباب، ولأخرى كثيرة لا مجال لذكرها يبتعد المسيحيون بصورة عامة عن القَسَم ويلتزمون بكلمة “صدِّق” عند الحديث مع الغير، ولا يحلفون إلا ما نَدر، وهذه الكلمة تعطي إنطباعاً صادقاً للتعامل، فلماذا القَسَم؟
بعض الدول تسمح برفع اليد فقط والأجابة بنعم او لا، ويُعتبر ذلك قَسَماً.
للأسف اصبح القَسَم على الكتاب المقدس كعادةٍ وطقسٍ لا بُدَّ منه، وهذه العادة يُمارسها البعض من رجال الدين والمسؤولين خطاً.
التصرفات الخاطئة بإدارة اسقف وراهب، وما حدث في ابرشية مار بطرس في سان دييكَو (5).
من تقرير المؤتمر الكلداني المُنعقد في سان دييكَو والذي سُمِيَّ بمؤتمر القيامة أو مؤتمر النهضة، إقتبست هذه الفقرة التي توضح الحالة الشاذة عن القَسَم (الحلفان)، والصُوَر المذكورة في المصدر تُثبتْ ذلك.
اقتباس من المصدر (5):
(وفي جو روحاني مهيب ومبارك ادت الهيئة للمكتب التنفيذي المنتخب القسم على الانجيل المقدس امام المؤتمرين جميعا عهدا على …… وبعدها مباشرة اقسم كافة المؤتمرون على الانكيل المقدس معاهدين بالعمل……”
نقلتها حرفياً للقاريء الكريم مع الأخطاء إن وُجِدَتْ.
اسئلة:
كيف تسمح الرئاسة الكنسية والمسؤولون فيها ان يقوم اسقف في كنيستها بهذا العمل؟
وكيف يقبل رجل الدين السماح لنفسه بخرق القواعد الأيمانية المذكورة في الأنجيل والقوانين التي يُكرز بها للمؤمنين؟
اعلام البطريركية الكلدانية قبل ايام عن قضية رعية فانكوفر في كندا ما يلي:
“…. الكنيسة مؤسسة لها نظمها وقوانينها وتسعى لتطبيقها بدقة وعدالة. أيوب راهب ترك ديره وهو موقوف من قبل الكرسي الرسولي، فلا يحق له ان يقوم بأية خدمة كهنوتية، والناس الذين تحزبوا له يرتكبون خطأ جسيما بشقّ الرعية. كان عليهم عوض ذلك ان ينصحوه بالعودة الى ديره وطاعة رؤسائه…..”.
ينطبق بيان البطريركية على بعض الكهنة والرهبان في ابرشية مار بطرس وغيرها من الأبرشيات في العالم، والناس الذين تحزبوا للمُخالفين ارتكبوا أخطاءاً جسيمة بشق الرعايا ومن ضمن هؤلاء سيادة المطران سرهد، فبدلاً من تقديم النصائح لهم بالعودة وإطاعة رؤسائهم نراهُ مُتمسّكاً في التزامهِ لهم حتى بعد السينودس الأخير. رُبّما سيُكرّمهُم أكثر في الأيام المُقبلة. أليست هذه اخطاء تنخر جسم الكنيسة من اجل زعزعتها وعدم استقرارها؟ أين الصواب والأمانة على الطاعة والأخلاص؟

مسعود النوفلي

ملاحظة:
 لا يُسمح بنقل المقالة ونشرها في موقعٍ آخر إلا بموافقة كاتبها، وسيتحمّل المُخالف التبعات القانونية الصارمة بحقّه حيث سنقوم بتبليغ الجهات الحكومية الخاصة بذلك.

المصادر:
(1) :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,792605.0.html
(2):
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,793238.0.html
(3):
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,793994.msg7427260.html#msg7427260
(4):
http://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/20-Resalet-Ya3koub/Tafseer-Resalat-Yaakoub__01-Chapter-05.html#1
 (5):
http://www.kaldaya.net/2011/News/04/Apr01_A4_Conferance.html

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, دين. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.