الانتقادات في الكنيسة بين الخطأ والصواب، (ج1)، الصليب والمصلوب

بقلم مسعود هرمز النوفلي
الانتقادات في الكنيسة بين الخطأ والصواب، (ج1)، الصليب والمصلوب

21 / 09 / 2015
http://nala4u.com

الانتقادات في الكنيسة بين الخطأ والصواب، (ج1)، الصليب والمصلوب
مقدمة
نتطرق الى مفهوم الصليب والمصلوب الذي تكلّم عنه سيادة المطران سرهد جمو في محاضرته (1). نوضّح بصورة مختصرة هذه المفاهيم التي كانت شغلهُ الشاغل في المحاضرة. لقد انتقد أعمالاً غير صحيحة برأيه ونَسَبها الى غبطة البطريرك التي لم يقُم بها. كان يوّزع الصور ليُقنع الحاضرين ولكنه لم يوفّق بإنتقاداته، والسبب، لأن أغلب ما طرحهُ حول هذه المواضيع كان في الحقيقة قبل تنصيب غبطة البطريرك مار روفائيل الأول ساكو.
 نُقارن رأيهُ، ونضع صور كنائسنا في الوطن، وسوف نُثبت بأن سيادة المطران يُناقض نفسه بنفسهِ.
إن حكمة القائد الكنسي تأتي من تكاتف شعبه معه، لا من تشتيته وتهديده وإهانتهِ وبعثرته والأساءة العلنية اليه. القائد الروحي لا يُسيء الى رئيسه الأعلى ولا يحُطَّ من قدره أمام شعبهِ، فإذا كانت لديه أدلّة بوجود أخطاء لأمرٍ ما بامكانهِ رفعها اليه ومُناقشتها معهُ. هذه الأمور تستحق الرثاء حقاً.
من التاريخ
تعطينا الموسوعة الكاثوليكية (2) تاريخ علامة الصليب وتطوّرها منذ بداية المسيحية، وتؤكد بأن رسم علامة الصليب باسم الآب والأبن…..الخ كانت مُشتركة بين جميع المؤمنين بالرب يسوع حتى القرن الميلادي الرابع، وعندما أصبحت المسيحية ديانة رسمية مُعترف بها، بدأ الفنّانون برسم الصليب والتفنّنٌ بنقشهِ على الخشب والحجر والمعدن. بانتهاء القرن السادس تقريباً انتشر الصليب مع جسد المصلوب المُمجّد الموضوع عليه بأشكال متنوعة وصور خيالية.
نستنتج من التاريخ بأن الصليب في القرون الأولى كان رمزاً عارياً تماماً من الجسد.
معاني الصليب واستخداماته
الصليب هو: رمز القوة والتحدي. رمز الآلام والدم والذبيحة والموت. رمز الفداء للبشرية جمعاء بغض النظر عن اللون والجنس. أخيراً هو رمز القيامة والخلاص.
يوضَع الصليب في كل قداس على المذبح المُستخدم في الكنيسة او في الهواء الطلق او في الأقبية والقبور. يعلّق في صدر الكنيسة او على الجوانب. يُستخدم في البيوت والمحلات والزينة والمناسبات والبطاقات وفي المستشفيات ودور النقاهى ومسابح الوردية وفي السيارات عادة كحارس شخصي للسائق لحمايته وطرد الشر منه. يُستخدم بكثرة في حفلات الخطوبة والزواج وصنع الحلي والمجوهرات. كذلك يوضَع الصليب في الشارات المدنية والعسكرية والأعلام الدولية والهدايا والميداليات. جميع الأستخدامات هي وسيلة للتأمل والصلاة اليومية، من أجل الحماية والحراسة وطلب الشفاعة.
الذكرى
تحوّل الصليب من علامة التعذيب الى علامة الخلاص للبشرية جمعاء بطريقة مُدهشة وعجائبية (3). الصليب يُذكّرنا بالجلجلة والآلام وتاج الشوك الذي وُضِع على رأس الرب يسوع اثناء التعذيب.
جسد المسيح يُمثّل التضحية من اجل القريب. أما الطريقة المُهينة للصلب فانها تعطي دلالات تثير العجب، فعند النظر الى المسامير المغروسة في الجسد وآثار التعذيب الواضحة في الجنب والدم الذي ينضح منها، يتضح لنا مدى العنف والقسوة التي أُستُخدمت في اعدام الرب يسوع اثناء طريق الآلام وحتى جبل الجلجلة ليموت على الصليب وسط شخصين مُجرمين وهذه الذكرى لا تزول الى الأبد.
الفرق والتشابه بين الكاثوليك أنفُسِهم من جهة، وبينهم وبين غيرهم في تفسير معاني الصليب:
1- المسيحيون جميعاً يؤمنون بأن الصليب هو رمز حي للذبيحة إمتداداً من العهد القديم وحتى يوم القيامة. يؤمن الجميع بأن الصليب هو الأنتصار على الموت بعملية فداء للأنسانية والتضحية من أجلها.
2- يؤمن قسمٌ كبيرٌ من الكاثوليك بضرورة وضع جسد المصلوب على الخشبة للتأكيد بان الرب يسوع فدى البشرية بجسده حتى الموت كما هو ظاهر في المصلوب له المجد. أما البعض الآخر من الكاثوليك ويُسمون أنفسهم بالتقدّميين (3) لا يرغبون ان يكون جسد المصلوب على الخشبة لأسباب مُقتنعين بها.
3- التقدّميون الكاثوليك وغالبية المؤمنين الغير الكاثوليك يؤمنون بأن الصليب يجب أن يكون عارياً من الجسد والسبب الوحيد لأصرارهم هذا هو من ايمانهم بفكرة القيامة المجيدة. يجب أن نأخذ الأمور بشمولية من البداية حتى النهاية. كما نعلم أن نهاية المُخطّط كانت القيامة، فإذا استخدمنا الصليب والجسد عليه بصورة دائمية فأن ذلك سيُشوّش الفكر والحدث وكأن الرب لم يقُمْ وبقي جسده على الصليب الذي ننظر اليه. هذه النظرة تُبعدنا عن الله الآب والتفكير به (3). السبب لأن الأنسان يبقى تفكيره محصوراً بالشكل والصورة المُجسّمة التي امامه وكأن جسد الميّت باقٍ في قبره وهذا عكس ايماننا تماماً.
4- علينا التمسك بجوهر المعنى وليس القشور الخارجية، الصليب إن كان كخشبة عارية أو غيرها يجب أن يعطينا الهدف نفسه، وهو أن الرب مات على الصليب يوم الجمعة العظيمة، وتم استلام جسده ليُدفن، وفعلاً دُفن وقام بعد ذلك، وذهب وجلس عن يمين الله الآب، حيث ذكر سيادة المطران سرهد في محاضرته إن القبر وُجِدَ فارغاً (هذا أمرٌ محتوم نؤمن به)، فكيف عاد الى الصليب ثانية؟
 من هذا المنطلق من الأفضل برأيي الشخصي أن يكون الصليب عارياً من الجسد. هذا الرأي هو لأغلب الكنائس الغير كاثوليكية بما فيها كنائس المشرق من كاثوليكية وارثوذكسية وجميع الذين يُسمّون أنفسهم التقدميين الكاثوليك.
5- بالأضافة الى ما ذكرناه فإن بعض الكنائس تتجنب استخدام الصليب ومعه المصلوب والسبب الجوهري في رأيهم هو من حياة يسوع، حيث كانت ولا تزال خارج سلطة الموت، فلماذا يبقى جسده على الخشبة؟ (3).
كشف الحقائق من اجل المسيرة النظيفة في أبرشية مار بطرس الرسول
بعد أن استوعبنا معاني الصلب ورموزه واستخداماته تاريخياً، والفروق بين الأطراف الداعية الى وضع الصليب العاري من الجسد وغيرهم، ننتقل الى ما تطرّق اليه سيادة المطران سرهد جمو في محاضرته (1) مُنتقداً غبطة البطريرك مار لويس ومُتهّماً أياه بأنه المسؤول عن إزالة جسد الرب من الصليب في الكنائس في الوطن بقولهِ وبعصبية في اللغة الأنكليزية هذا العمل خطأ خطأ خطأ!.
وكان قد هيّأ صوراً لكنائس من داخل بغداد وخارجها موضّحاً بها كيف كان صدر الكنيسة سابقاً، وكيف أصبح بعد رفع جسد الرب المُمجّد. شاهدنا في الفيلم صور كاتدرائية مار يوسف في بغداد وأبرشية أربيل والكنيسة في كوماني، ولكنه لا يذكر حالات كنائس عديدة أخرى كان بها الصليب في صدرها بدون الجسد وقبل تنصيب غبطة البطريرك بفترة طويلة. من العدالة أن يذكر الحالتين وإلا ليس لكلامهِ معنىً. إذا يعتز بالتاريخ الذي عمره ألفا سنة كما يدّعي، لماذا بقي ساكتاً خلال الفترة الماضية؟
من أجل العدالة والحقيقة، نرغب نشر اربع صور فقط من مجموع عشرات الصور التي يظهر فيها صدر الكنيسة بالصليب دون المصلوب وكان ذلك في عهد المثلث الرحمات البطريرك مار عمانوئيل دلي. السؤال: هل سيُصحِّح المطران للمؤمنين ما بَدَر منه من مغالطات بحق رئيس كنيسته؟ يُمكنكم التأكد من الصور علماً بأن تاريخ تنصيب غبطة البطريرك مار لويس ساكو كان يوم الأربعاء 6 آذار 2013 في كنيسة مار يوسف في بغداد.
الصورتان الأولى والثانية لكنيسة مار يوسف شفيع العمال عند نفق الشرطة في بغداد.
 الصورة الثالثة لكنيسة الصعود في المشتل في شهر شبط 2012.
الصورة الرابعة لكنيسة مار كوركيس في منطقة الغدير في شهر  كانون الثاني سنة 2012 مع سيادة المطران شليمون وردوني .

مسعود النوفلي

المصادر:
(1): فيديو محاضرة سيادة المطران سرهد جمو
http://www.kaldaya.net/2015/News/09/07_A5_Video.html
 (2): الموسوعة الكاثوليكية:
http://www.newadvent.org/cathen/04517a.htm
 (3):
http://www.catholiccourier.com/in-depth/previous-topics/easter-2014/the-cross-is-a-vital-reminder-for-christians/
أو
http://www.catholic365.com/article/1050/why-catholics-use-and-embrace-crucifixes-instead-of-plain-crosses.html

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, دين. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.