بقلم ســامي بلّـو
alkoshbello@gmail.com
تهميش الكلدان، شعار زائف أم حقيقة ؟
28/ 06 / 2015
http://nala4u.com
“تهميش الكلدان” مصطلح رنان، وبدعة اخترعها ويستغلها من يريد تقسيمنا الى قوميات متعددة، ولغايات لم تعد خافية على شعبنا، ومهما تعددت اعذارهم وتبريراتهم لهذه الغايات، ومهما تنوعت حججهم واساليب تمريرها، ومهما روَّجوا لها، ومهما قالوا عنها، إلا انها في النهاية لا يمكن باي حال من الاحوال ان تقنع جاهلا، ولا ان تخدم مصلحة شعبنا، ولايمكن أن تساهم او تساعد في تثبيته على ارضه. شعبنا اليوم تتقاذفه امواج الحقد من الطامعين بارضه، ويتحدى مراهناتهم لاقتلاعه من جذوره التاريخية في ارض ابائه واجداده، بالاضافة الى الهجمات الارهابية التي تطاله. وبالكاد تمكن لحد هذا التاريخ أن يقاوم هذه الهجمات وهذا الحقد بايمانه وبصلابة موقفه، حتى انبرت من داخله مجموعة انفصالية من اتباع كنيستنا الكلدانية، مهمتها المعلنة الدفاع عن حقوق الكلدان، وتلك المخفية هي أن يسهلوا للغرباء تحقيق مآربهم ويختصروا لهم طريق الوصول الى اهدافهم الشريرة بتقسيمنا، ومن ثم ابتلاع كل منا على حدى. وللحقيقة نقول بانه ليس من العدل ان نتهم جميع الذين يسيرون في هذا الاتجاه بسوء النية، فالبعض منهم ربما تكون الامور قد اختلطت عليهم، وخُدِعوا بشعارات براقة من قبل الاخرين، ولا يمكن لمثل هذه المجموعة الطيبة التي تم استغلالها، من أن تفكر في ان تكون يوما سببا للاضرار بمصلحة ابناء شعبها، ويوم يعي كل من هؤلاء حقيقة الذين زجوا به في هذا الطريق، بلا شك سوف يشعر بوخز الضمير، ويكون اخر يوم له للسير مع هذه المجموع التي لا تضمر الخير لابناء امتنا، وتريد السوء لابناء الكنيسة الكلدانية قبل غيرهم من الكنائس الاخرى، ولاسباب لا مجال لذكرها هنا، وسوف نخصص لها مقالا منفصلا في المستقبل القريب، اي خير واية فائدة سيجنيها شعبنا من تقسيمه الى طوائف متعددة، ولن تقوى اي منها منفردة للتصدي لمحاولات تهميشهم كمجموعة اثنية ودينية، وهضم حقوقهم كشعب اصيل، كما يحصل الان هنا وهناك، من قبل هذه الجهة او تلك من محاولات لا يمكننا اعتبارها بريئة، فهذا الذي ينعتنا بالجالية، وذاك الذي يعتبرنا مقيمين على ارضه ولسنا اصحاب الارض. ولو كان هؤلاء الانفصاليين من اتباع الكنيسة الكلدانية صادقين في نواياهم، وبما يقولون، ومخلصين لشعبهم وكنيستهم، لاختاروا العمل بتوجيه حملتهم اولا ضد هؤلاء الغرباء الذين يحاولون تهميش شعبنا فعلا، ومن ثم تجلس جميع الاطراف الى طاولة الحوار، ويتحاورون كاخوة تجمعهم محبة المسيح، وسلامه الذي وهبه لنا، هذا هو الطريق الصائب الذي عليهم سلوكه، وليس بتصويب سهام حقدهم الى اهلهم وزرع بذور التقسيم والفتنة بين ابناء امتهم، فاين المنطق في تصرفاتهم وتوجاتهم هذه التي يقومون بها؟ والتي لا تستقيم مع الحقائق التي على الارض في الوطن.
ونعود لنسأل، هل “تهميش الكلدان” حقيقة، أم شعار زائف؟ ومن الذي يهمش الكلدان؟ لنحسبها ببساطة، هؤلاء الانفصاليين يدعون بانهم يشكلون 75 بالمائة من ابناء امتنا، هل يتم تهميشهم من قبل السريان الذين سوف لن يزيدوا بحسب معادلة الانفصاليين هذه عن الـ 20 بالمائة؟ أم انهم مهمشين من قبل الـ 5 بالمائة الباقية من اتباع الكنيسة الشرقية؟ – مع اعتذاري لابناء امتي لتقسيمهم الى طوائف ونسب مئوية- أليس هذا مثارا للسخرية؟ فكيف يقوم فقط خمسة بالمائة بتهميش 75 بالمائة. ومعروف لدى ابناء امتنا ما يتمتع به اتباع الكنيسة الكلدانية من ثقافة عالية، وخبرة لا بأس بها في مجال السياسة في الساحة العراقية، اذا الحقيقة ليست كما يدعون، بل ان الحقيقة المرة لهم والتي يحاولون طمسها على ابناء الكنيسة الكلدانية هي انهم، أي الانفصاليون من اتباع الكنيسة الكلدانية، هم الذين يشكلون اقل من 5 بالمائة من ابناء الكنيسة الكلدانية، ولا نقول من ابناء شعبنا ككل، وباقي اتباع الكنيسة الكلدانية هم مع الوحدة القومية، ومع وحدانية امتنا، ويعملون جنبا الى جنب مع باقي ابناء شعبنا دون تميز للانتماء الكنسي، هذه هي الحقيقة التي تؤرقهم، وتجعل مواقفهم متشنجة، واساليبهم في مخاطبة اخوة لهم بالامة تتسم بقلة اللياقة والادب، ويلجأون الى السب والشتم واستعمال النعوت غير المقبولة، وشخصنة الموضوع كلما اختلفوا مع الاخر بالرأي أو بوجهة النظر.
الذي يحز في نفوسنا نحن ابناء الكنيسة الكلدانية، هو ان يتم زج رئاستنا الكنيسة في هذا الصراع بين اقلية مدفوعة بانانيتها ولايهمها الا مصلحتها، وبين اكثرية مدفوعة بتعاليم المسيح السمحاء وداعية للوحدة القومية مع اخوة لهم من الكنائس الاخرى، ولان شعبنا لا يقبل بغير الوحدة القومية. فإن ادخال الكنيسة طرفا في الصراع من قبل البعض القليل جدا من رجال الكنيسة، ومن قبل بعض المنتفعين الذين يحومون في اجواء الرئاسة الكنسية من العلمانيين، وقيامهم بخداع الشيخ البطريرك بدون وازع من الضمير، اقول بان هذا التصرف قد انكشف امام ابناء الكنيسة الكلدانية من خلال الحقائق التي ظهرت بعد المؤتمر الصحفي الاخير الذي اقيم باسم الشيخ البطريرك وهو لايعلم بمحتوى البيان، ودون ان يعطوا لمقامه ودرجته الكهنوتية وعمره اي اعتبار، وخدعوه (سيدنا البيان هو فقط للطلب من السياسين المسيحيين بعدم التدخل في شؤون الكنيسة) يا للخجل! فإن هان على العلمانيين خداع الشيخ البطريرك لمنافعهم المادية، فكيف لرجل دين يحمل الصليب على صدره، وإئتمنته الكنيسة وشعبها لادارة شؤونها أن يخدع الشيخ البطريرك؟
بعد المؤتمر الصحفي، اصبح كل شئ مكشوفا وواضحا امام ابناء الكنيسة الكلدانية وباقي ابناء شعبنا، ولم تنطلي هذه الحبكة غير البريئة حتى على ابسط متابع لقضايا شعبنا، والتي تم تهيئتها بين من يدور في اجواء رئاسة الكنيسة الكلدانية من علمانيين ورجال دين، وبين ابرشية واحدة او اثنتين من خارج الوطن وبين مجموعة من ابواق دعاة التقسيم، فكل شئ تم اعداده مسبقا، مقالات واعلانات وبرقيات تأييد للبيان السياسي للبطريركية من مطران واحد او اثنين، والاستماتة في الطلب من باقي رعاة الابرشيات واباء الكنيسة لارسال برقيات التأييد للبطريركية، وخاب ظنهم، واثبت جميع رعاة الابرشيات الاخرى وجميع اباء الكنيسة بعد نظرهم، وحكمتهم برفضهم الانجرار وراء هذه المجموعة التي رتبت هذا السيناريو الهدام، وهذا ما جعل معظم ابناء الكنيسة الكلدانية ينظرون نظرة فيها مسحة من التفاؤل على مستقبل الكنيسة الكلدانية، وعلاقة الاخوة التي تربط ابنائها مع باقي ابناء امتهم الذين تجمعهم واياهم، اللغة والتاريخ والتراث والتقاليد وكنيسة المسيح وتعاليم المحبة والسلام التي يفترض ان تشعها هذه الكنيسة على شعب المسيح وليس الحقد والكراهية، كما تفعل تلك القلة القليلة والتي مع الاسف طافت على وجه الكنيسة الكلدانية، الجميع بانتظار اباء هذه الكنيسة للوقوف بحزم امام تعاليم البغضاء والحقد والفتنة التي يزرعها هؤلاء والتي تنافي مع تعاليم الرب يسوع المسيح له المجد.
ومع انكشاف اوراق الانفصاليين من ابناء الكنيسة الكلدانية، يحاولون اليوم لملمة بعض مما بقي لهم من خلال كتابة مقالة هنا وندوة هناك للترويج لبضاعتهم الكاسدة التي بات شعبنا يأنف منها.
3 اذار 2012
شكرا لكل ملتزم بحدود الادب عند المراسلة
ســامي بلّـو
تنويه; موقع http://nala4u.com يتبنى التسمية الاشورية .