الإنتداب الآشوري على بابل نتيجة خطرالقبائل الآرامية والكلدية !

بقلم آشور بيث شليمون
الإنتداب الآشوري على بابل نتيجة خطرالقبائل الآرامية والكلدية !

01 / 02 / 2015
http://nala4u.com


إن الهلال الخصيب برمته كان خزانا وموطنا للشعوب التي تتكلم لغات قريبة جدا بعضها ببعض والتي  تسمى اليوم باللغات السامية وفق المستشرقين.

وإن امتدادها لم يقتصر  داخل  الهلال الخصيب وحده- ܩܫܬܐ ܣܗܪܢܝܬܐ ܫܡܝܢܬܐ،  بل امتد حتى الى كثير من المناطق المجاورة وحتى البعيدة كإنتشار الكنعانيين والفينيقيين في حوض البحر الأبيض المتوسط  أو امتداد الآشوريين شمالا حتى أورمية شمال غرب إيران اليوم وكبادوكيا في الوسط الغربي من أناتوليا أي تركيا اليوم.

أما انتقال هذه الشعوب ومنها التي تسمى بالآرامية والكلدية ( 800- 1000 ق.م. ) من داخل الهلال الخصيب إلى أطرافه الشرقية والشمالية  كان طبيعيا وخصوصا كونها شعوب غير متحضرة وشبه بدوية طلبا للمرعى والكلأ.

إن حروب الآشوريين ضد الأمم الغريبة والدخيلة تعتبر  من الأوليات،  ولكن في نفس الوقت كان يواكبه من جهة اخرى حروب داخلية    ضد هذه الشعوب السامية البدوية التي كانت تعبث بالأمن والإستقرار ومنها الارامية والكلدية التي كانت تجتاح المناطق الحضارية  بمواشيها عادة .

في أوائل القرن الثامن قبل الميلاد، وأثناء التوسع الآشوري ومن الجملة نحو بابل في الجنوب حيث الحدود بين البلدين لم تكن واضحة ومرسومة الملامح بعد، ولكن في عهد الملك الآشوري – تغلات بيلاصر أخذ بالتوغل في بابل والهدف منه كان إيقاف المد والزحف الآرامي والكلداني الذي كان يتعاظم في بابل قبل ان يستشري شمالا أي في بلاد آشور نفسها، والشيء الذي دفع البابليون بالرضوخ وقبول السلطة الآشورية حيث غدت بابل تحت الإنتداب الآشوري وبرضاها هذه المرة كي تتجنب هؤلاء البدو الرحل سواء من الآراميين أو الكلديين ان يعبثوا بالأمن والإستقرار الذي كانوا يتنعمون به!

وطبعا الهدف منه أيضا، الحفاظ على الحياة الحضارية والمدنية في المنطقة إجمالا والتي كانت تنعم بها – بابل خاصة وبنفس الوقت الحفاظ على أمن وإستقرار البلاد الآشورية نفسها.
ودخول هذه الجماعات في التركيب الإجتماعي البابلي الآشوري أدى الى تأقلمها وإنغماسها كليا كون الشعب الاشوري رغم تشبثه بالآشورية، لكن كان منفتحا وليبراليا حيث فسح المجال لها أسوة بالمحليين الآشوريين والبابليين ورغم هذه التطورات بقيت المنطقة معروفة بآشوريا  ASSYRIA رغم وجود هذه الأقليات الكلدية أو الآرامية وأكبر برهان على ذلك لو راجعت قاموس السرياني لمرغوليوث والمعروف ب-
A compound Syriac Dictionary Edited by J. Payne Smith ( Mrs. Margoliouth) حيث تجد تفسير – ܒܝܬ ܐܪܡܝܐ –  ليس آراميا بل آشوريا * أي مفردة ܒܝܬ ܢܗܪܝܢ  تعني بلاد آشور.

وهكذا استطاع الملك الآشوري تغلات بيلاصر الثالث ** وغيره من ملوك آشور بحملاتهم المتكررة أن يعم السلام والإطمئنان ليس في وادي الرافدين على حدة، بل حتى خارج الهلال الخصيب ككل ومن جراء ذلك سمى المؤرخون هذه الحقبة التاريخية بالسلام الآشوري Pax Assyriaca   كونه امتد لفترة طويلة جدا ما يقارب اكثر من سبعين عاما!
…………………
* Syriac Dictionary by J. Payne Smith (Mrs. Margoliouth )
Oxford University Press 1979 p 43
** يرجى مراجعة كتاب التواريخ للمؤرخ البريطاني أرنولد جي توينبي، المجلد الرابع والصفحات 475-477 من الطبعة الإنكليزية.

آشور بيث شليمون

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.