بقلم ســامي بلّـو
alkoshbello@hotmail.com
الانفصاليون الكلدان ومؤتمر نهضتهم
29/ 01 / 2015
http://nala4u.com
عقد في السويد للفترة من 15 الى 19 تشرين الاول 2011 تجمع كنسي للكنيسة الكلدانية، أطلق عليه “مؤتمر النهضة الكلدانية”، وقاده المطران سرهد جمو، يرافقه قس وراهبة واحدة او اثنتان وجمع من حاشية المطران من الذين ينسجون على منواله. ولم يحضر هذا التجمع اي من اباء الكنيسة الكلدانية الاخرين، كما لم نسمع اي تعليق او مباركة على هذا التجمع من لدن غبطة البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي، وبهذا نستطيع القول بان قيام هذا التجمع لم يكن له اية شرعية، ومع هذا حضره عدد من ابناء الكنيسة الكلدانية والكنائس السريانية الشقيقة، يدفعهم حب الاطلاع حول ما عساه ان يكون هذا التجمع الذي خطط له وقاده مطران واحد دون بقية احبار الكنيسة الكلدانية.
يذكرني هذا الحدث بالاخويات الكنسية والجيش المريمي ايام صبانا، مجموعة من الشباب والشابات يحركهم احد رجال الكنيسة يمينا وشمالا، ويشرف على تحركاتهم، وكل منهم يبغي رضاه، فان حضر الكاهن التجمع الاسبوعي، بدأت الصلاة وبعض الكلام والنقاش، وان لم يحضر، يمضي المجتمعون الوقت في اللعب والمرح في ساحة الكنيسة، لا اخوية ولا صلاة ولا تأمل، وهكذا هو الحال مع هذه المجموع المايكروسكوبية الانفصالية، فقد وجدت لنفسها ملجأ تحت جناح بعض رجال الكنيسة الذين تبنوهم، مستغلين مناصبهم الكهنوتية والكنيسة لجذب المؤمنين، واظهارهم كانهم مؤيدين لهذه الحركة الانفصالية. فالشمامسة والرهبان والمؤمنين مدفوعين بعمق ايمانهم، ينجذبون الى اي تجمع يحضره احد المطارنة، ولو كانت جدتي وامي وجاراتهن هناك لحضرن ايضا، ولكن اشك، لا بل اجزم بان حضورهم جميعا لن يكون لتاييد حركة الانفصاليين.
لا اكشف سرا للمطلعين والمتابعين لشؤننا القومية من ابناء امتنا ومن غيرهم، بان هذه المجموعة ضلت طريق العمل القومي القويم، وان عامة ابناء امتنا، ناهيك عن المثقفين، ادركت بان ما يسعى اليه هؤلاء لا يمكن في اي حال من الاحوال ان يكون في مصلحة ابناء امتنا، وعلى سبيل المثال، فهؤلاء كانوا وراء رفض فتح المدارس السريانية(الكلدانية بحسب تحريفهم الاسم) في بعض قرانا، واعتبروا التعليم السرياني خطوة الى الوراء، وبهذا حرموا الكثير من ابناءنا من تعلم لغتهم الام، وهؤلاء هم انفسهم من كان في كل مرة يحرض ويخرج عن الاجماع الذي يأتي عليه ابناء امتنا. وهؤلاء كانوا وراء المطالبة بفصلنا دستوريا كشعب واحد، ولكنهم خابوا. وقراءة بسيطة لمسيرتهم التي بدأت بسقوط صدام حسين ونظامه، تضعنا امام احتمالين لا ثالث لهم، فاما انهم يسيرون، وبدافع المصالح الشخصية، وفق اجندة مرسومة لهم مسبقا من قبل جهات لا يمكن انها تريد الخير لابناء امتنا، أو انهم بسبب عدم خبرتهم ضلوا الطريق وتخبطوا في مسيرتهم منذ البداية، لان ما يطالبون به وما ويريدون الوصول اليه، ومسعاهم في تشتيت الجهد القومي ليس في صالح شعبنا، لا بل ليس في مصلحة الكنيسة الكلدانية نفسها وريثة كنيسة النهرين، والتي باتت مهددة في موطنها الاصلي بسبب وتيرة الهجرة المتفاقمة لاتباع هذه الكنيسة، فالكنيسة ليست بطريرك وكهنة وراهبات وابنية شاهقة قد تمن بها علينا حكومة الشمال او الجنوب، الكنيسة هي الشعب – وان كان البعض من رجال الكنيسة يرون في انفسهم من الاهمية لوجود وديمومة الكنيسة اكثر مما تحتمل الحالة- وبغياب الشعب لن يكون هناك كنيسة، ومحاولتهم تقسيم الامة الى طوائف هو محاولة لاضعافها وتسريع تيار الهجرة لمن لازال متشبثا بالارض.
لنتأمل قليلا فيما تطالب به هذه المجموعة الانفصالية من اتباع الكنيسة الكلدانية، علنا نرى بعض المنطق في طروحاتهم، ولكن هيهات، ففي كل مرة تترسخ قناعتنا بانهم يسيرون بالاتجاه المعاكس لمسيرتنا القومية الموحدة، والتي تصب في الصالح العام لابناء شعبنا، وفي كل مرة نراهم في وضع ناشز عن الوضع الطبيعي لغالبية ابناء امتنا، وهم يضعون الاشوري والسرياني في وضع مساو، بالنسبة لهم، مع الكردي والتركماني والشبكي والعربي … الخ، وهذا بحد ذاته سبب كاف لنفور الغالبية العظمى من ابناء امتنا منهم، كما لم يتمكنوا بنظريتهم المريضة هذه من اقناع حتى الجهلة. ولو وضعنا جانبا ولبعض الوقت موضوع التسمية القومية، والتي اتخذوها وسيلة للدخول الى عقول بعض البسطاء من ابناء شعبنا، لوجدنا بان غايتهم من تلك العاصفة حول موضوع التسمية لم تكن الا لغرض ترسيخ الانقسام الطائفي بين ابناء امتنا الواحدة، والموحدة بتاريخها ولغتها وتراثها وكنيستها السريانية، شرقية كانت ام غربية. ورغم ان غالبية هذه المجموعة الانفصالية كانت تتباها بانتمائها الى القومية العربية قبل سقوط نظام صدام حسين، هذا اذا لم يكونوا من حماة القومية العربية من خلال نضالهم داخل تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي، وتأكيدا فان المقولة يذكرها ابناء امتنا في ديترويت دائما كلما دار الحديث في هذا الاتجاه، جاءت على لسان القس(المطران) سرهد يوسب جمو عراب هذه المجموعة الانفصالية وموجهها، عندما لاحظوا تبدلا وانقلابا على اشوريته التي نادى بها لسنين طويلة بين ابناء الكنيسة الكلدانية في ديترويت، فعندما سئل عن سبب هذا الانقلاب من الاشورية الى الكلدانية، كان جوابه الذي يذكره الكثيرين ” اليس هذا عملا جيدا بان نجعلهم يسمون انفسهم كلدان بدلا من العرب”
انه لمثير للعجب ان يطول سبات هؤلاء الانفصاليين الى حين رحيل صدام حسين، ولم يخطر على بالهم بان ينهضوا الا مؤخرا، رغم ادعائهم بانهم يمثلون 80% من امتنا، وحساباتهم مبنية على اوهامهم بانهم يمثلون جميع اتباع الكنيسة الكلدانية، لذا اكون ومعي الاف مؤلفة من اتباع كنيستنا الكلدانية من المؤمنين بوحدتنا القومية ارقام في حساباتهم الحقلية التي لا تتطابق ابدا مع حسابات البيدر، فمعظم ابناء الكنيسة الكلدانية يستهجنون مثل هذا التخريب في وحدتنا القومية وفي محاولة تشتيت الجهد القومي، والانتخابات التي جرت في العراق هي خير دليل على ما ذهبنا اليه. وان هزيمتهم في الانتخابات والاخفاقات التي منيت به احزابهم وجمعياتهم واتحاداتهم العالمية والوطنية والمحلية، تنعكس بوضوح في كتابات كتابهم على مواقع الانترنيت بالتهجم على كل من يخالفهم الراي، بطريقة تنقصها الكياسة والادب، وغلبت عليها انفعالاتهم من خلال الشتائم والكلمات غير اللائقة والنعوت الكريهة التي يجترونها من اعماقهم المليئة بالحقد والكراهية على ابناء امتهم.
وتأكيدا على ما اوردته اعلاه، لنتوقف قليلا عند مقال الاستاذ ليون برخو المنشور على موقع عنكاوا والموسوم ” سلبيات وإيجابيات النهضة الكلدانية بزعامة المطران سرهد جمو– جلسة يونشوبنك” ومثل كل مرة اضاف الاستاذ برخو مقالا اخر رائعا، وبحيادية تامة، وبتحليل علمي منطقي لا تسيره العواطف، ولكن في الجانب الاخر نجد المقابل منفعلا، غاضبا، مسيئا الى، ليس الى من لايتفق معه، بل انه تتطاول حتى على الحضور دون ان يرف له جفن، واقول للاستاذ الموقر ليون برخو، انا مثلك ايضا لم اندهش ولم اتفاجأ بالطريقة التي تحدث بها هذا الكاهن الى الجمهور. وكما ذكرت سابقا ان سبب هذه التصرفات غير اللائقة وهذه الانفعالات غير المسيطر عليها، سواء في خطبهم او كتاباتهم، هي انعكاسات للاخفاقات التي منيت بها هذه المجموعة لحد هذا التاريخ، وكيف انها لم تتمكن من ان تخطو خطوة واحدة نحو الامام، بل على العكس، نراها تنقسم على نفسها بين الحين والاخر، ولازالت.
ولكي اضع القارئ في الصورة، اقدم له هذا الاقتباس من مقال الاستاذ برخو:
“ولهذا لم تدهشني كلمة القس نوئيل التي رأها الكثير من الحاضرين مسيئة ومنتقصة من قيمتهم الإنسانية ووضعهم كمسيحيين. ذهب بعيدا في مديحه لمطرانه إلى درجة أنه حذر الحاضرين من أنهم لن يستطيعوا إستيعاب ما سيقوله وأنهم سيحتاجون إلى أيام لهضمه.
وأنذرهم قبل أن يلقي المطران كلمته أن على الذي يتصور أنه يفهم أكثر من المطران او بإستطاعته إلقاء محاضرة في حضرتة عليه مغادرة القاعة.”
واترك الحكم للقارئ الكريم، ان كان هذا الاسلوب لائقا في مخاطبة الاخرين؟ ويرى المستوى الذي انحدر اليه اعضاء هذه المجموعة في احتقار انسانية ابناء امتنا، ولينظرالقارئ درجة التملق والمحابات لهذا الكاهن في طريقة الاطراء على سيده المطران، وفي العراقي الفصيح (لواكة)، طبعا ليس هو وحده، فهنالك اخرون ساروا على نفس النهج في كتاباتهم الاخيرة. وفي الفقرة الاخيرة اعلاه لكلمة القس كانه يقول ( مَن دلا شقيلاله معموديثا نيزل) ولكنها محورة لتتناسب مع مرضاة سيده المطران (من يتصور انه يفهم اكثر من المطران ……… عليه مغادرة القاعة)!!!
واخيرا اقول، سوف لن يكتب لهذه المجموعة الانفصالية اي نجاح او تقدم، مالم تراجع نفسها وتسير في الخط ا اللعام لباقي احزابنا وتنظيماتنا وجمعياتنا القومية التي تعمل لرص صفوف ابناء امتنا في وحدة قومية، ومع مايريده غالبية ابناء كنيستنا الكلدانية بصورة خاصة وبقية ابناء امتنا بصورة عامة، للسيرمعا كشعب واحد، نطالب ونصر على حقوقنا كاملة على ارض الاباء، وليس في الشتات، كما روجت هذه المجموعة في مؤتمرها الاخير، لذر الرماد في عيون ابناء امتنا، فهل فعلا نحن بحاجة للمطالبة بحقوقنا في بلدان المهجر؟ وهل نعامل في المهجر بطريقة تختلف عن المواطنين الاصليين؟ اذا الادعاء بالمطالبة بحقوق شعبنا في المهجر هو مجر هراء وترهات يراد بها خداع البسطاء.
ســامي بلّـو
*******************************************
تنويه; موقع http://nala4u.com يتبنى التسمية الاشورية .