أبو العز خضيري فخر الكنيسة المسيحية المشرقية/ النسطورية

بقلم آشور بيث شليمون
أبو العز خضيري فخر الكنيسة المسيحية المشرقية/ النسطورية

20/ 12 / 2014
http://nala4u.com

توطئة:

قبل الولوج في الموضوع، أحب أن ألقي ولو نظرة خاطفة على تاريخ الكنيسة المشرقية القديمة ( ܥܕܬܐܥܬܝܩܬܐ ܕܡܕܢܚܐ ) والمعروفة في كثير من الأحيان بالكنيسة النسطورية أيضا.
استنادا لتاريخنا الكنسي الذي يفيدنا بانتشار الديانة المسيحية في الشرق الأدنى وخصوصا في الهلال الخصيب كالنار في الهشيم، إذ في غضون قرنين وربما أقل غدت المنطقة مسيحية تقريبا .
وفي القرون الاولى للديانة المسيحية وخصوصا في أوسط القرن الخامس وما بعده حيث احتدم الجدال العقائدي بين المسيحيين نتيجة المجاميع المسكونية التي عقدت من أجل تنظيم أمور الكنيسة. ولكن للأسف ونتيجة هذه المجاميع المسكونية عوضا عن التلاحم والتعاضد، حصل انقسام وانفصام كبيرين بين المجتمعين وظهرت نتيجة ذلك عدة مذاهب مسيحية ومنها المذهب النسطوري الذي ينادي أن للمسيح شخصين( إقنومين) مختلفين، واحدة إلهية والاخرى ناسوتية/ انسانية حيث تبعه جمع غفير لا سيما في بيث نهرين/ العراق وبلاد فارس وارتأى رأيه المناذرة العرب أيضا حيث يغدون بذلك جزءا مهما لا يتجزأ من جسم كنيستنا المشرقية هذه.

والجدير بالذكر، أن اللغة السريانية كانت اللغة الرسمية لهذه الكنيسة وكذلك لشقيقتها * الكنيسة الأرثوذكسية والمعروفة بالمونوفيزية /اليعقوبية والتي تؤمن بالطبيعة الواحدة.
القس الربان أبو العز خضيري:

كان للكنيسة المسيحية المشرقية أتباع كثر في الحيرة والتي كانت مملكة عربية في جنوب ما يسمى العراق اليوم. ونتيجة ذلك كان لهم فيها ديرا وكنيسة حية نابضة في نشر المسيحية بين إخوتنا العرب – كنيسة مار ميخائيل رفيق الملائكة / ܥܘܡܪܐ ܕܡܪܝ ܡܝܟܐܝܠ ܚܒܪܐ ܕܡܠܐܟܐ – والتي كانت تحت رعاية وإدارة الأسقف يوحنا الأزرق وبمعاونة الراهب أبو العز خصيري .
في كتاب صلوات الكنيسة والمسمى كتاب ” الخوذرا ܚܘܕܪܐ” من مؤلفات جهابذة الكنيسة النسطورية، هناك صلاة جميلة ورائعة باللغة السريانية من تأليف القس أبو العز خضيري والتي تقرأ في صباح يوم الأحد في تقديس الكنيسة عادة، وهذا نص منها:
” ܠܟ ܝܡܐ ܠܐ ܡܬܓܫܫܢܐ ܒܐܪܙܘܗܝ . ܢܘܗܪܐ ܡܢ ܢܘܗܪܐ. ܘܨܡܚܐ ܐܝܬܝܝܐ ܕܡܢ ܐܣܦܪܐ ܗܝ ܪܒܬܐ ܘܟܠܢܝܬܐ . ܕܒܐܝܡܡ ܓܠܝܢܗ ܚܕܬ ܫܡܝܐ ܘܐܪܥܐ ܘܟܠ ܕܒܗܘܢ . ܗܘ ܕܡܬܚ ܨܦܪܐ ܕܐܘܚܕܢ ܫܘܠܛܢܗ ܒܥܡܪܬܐ. ܘܒܢܘܗܪܐ ܕܙܠܝܩܘܗܝ ܛܠܩ ܚܫܟܐ ܟܠܗ ܡܢ ܝܬܒܬܐ: ܒܪܟܝܢܢ ܘܣܓܕܝܢܢ ܩܕܡܝܟ ܒܥܕܢܐ ܗܢܐ ܕܨܦܪܐ ܀ “
تعريب النص :
لك بحر الذي لا نملك أسراره، ضياء من ضياء، والشروق الناتج من الكروية العظيمة والشاملة/ الشمس، وبجلاء نهاره يجدد السماء والأرض وكل ما فيهما، الذي بسط صباح دولة سلطانه بالمعمورة، وبضياء أشعته التي بددت الظلمة من كل العالم: أجثو وأسجد أمامك في هذا الوقت من الصباح ܀
الدور الأبوي لكاهننا أبو العز خضيري له العز:
إن التاريخ الكنسي يخبرنا عن زيارة الخليفة عبد الملك بن مروان ** للعراق بعد ان استطاع الحجاج بن يوسف الثقفي من اخماد ثورة عارمة وكي يتفقد الأمور والتي كانت بمثابة نصر له. وفي طريقه تفقد كنيسة مار ميخائيل رفيق الملائكة في مدينة الحيرة وشاهد بأم عينيه كيف كن العذارى من بنات الحيرة يتلون الصلوات والترانيم الدينية وباللغة السريانية بقيادة مدربهم ومعلمهم القس أبو العز خضيري. وعندما غادر المكان طلب من الأسقف يوحنا الأزرق أن يضم بعضا منهن الى قطيع حرمه .
وعندما علمن العذارى بهذا الخبر المزعج الذي وقع عليهم كالصاعقة، سرعان ما تقاطرن حول أباهما الروحيان، الاسقف يوحنا الأزرق و القس ابو العز خضيري كي ينقذهما من هذا المأزق . وهكذا قاما كل من الأسقف يوحنا الازرق والقس أبو العز خضيري بطمأنتهن في الصلاة والصيام لمدة ثلاثة أيام كي يبعد الله عنهن هذا الشر المستطير.
وهكذا العناية الإلهية بالفعل أخذت دورها الفعلي في إنقاذ هؤلاء الصبايا البتولات بانتشار الخبر عن وفاة الشخصية التي وكلها الخليفة بتطبيق أمره في العراق وبموته ماتت الفكرة نفسها .
صدام الخليفة عبد الملك بن مروان والجاثليق النسطوري***:
حدث هذا في أيام بطريرك الكنيسة المشرقية مار حنان يشوع الاول والملقب بالأعرج ( 685- 700 ميلادية ) وبالمناسبة في زيارة الخليفة حيث تقدم المواطنون بالولاء للخليفة في استقباله كالعادة ومن الجملة كان البطريرك النسطوري. وعندما تصافحا معا، فاجأه الخليفة بهذا السؤال: ” ما رأيك في الإسلام ؟ ” طبعا البطريرك النسطوري كان له علم تام بما جرى على رعيته وابنائه في كنيسة الحيرة حيث لم يستطع ان يكتم ما في قلبه من انزعاج وقال: ” إنه دولة سياسية انشاها السيف، لا ديانة أيدتها المعجزات على نحو الديانة المسيحية … ” عندها ثار غيظ الخليفة وأمر بان يقطع لسان البطريرك . وكاد الأمر ينفذ لولا تدخل بعض المنفذين في البلاط والمصدر الكنسي هذا على لسان ابن العبري لم يذكر اسمهم، ولكن من المرجح أنه سرجون – والد يوحنا الدمشقي  ܝܘܚܢܢ ܕܕܪܡܣܘܩ أو الشاعر الأخطل مرافقا الخليفة وكلاهما مسيحيان .
……………….
* المؤرخ اللبناني فيليب حتي كان أول من أطلق هذه التسمية – الشقيقة – على الكنيستين، ولكن شخصيا أذهب أبعد من ذلك وأضيف واقول الكنيستان التومأتان لما بينهما من أواصر القربى وفي منطقة جغرافية واحدة غالبا.
** عبد الملك بن مروان بن الحكم ( 26 – 86 هجرية/ 646 – 705 ميلادية ) وهو خامس خلفاء الأمويين الذين أخذوا مدينة دمشق مقرا لهم.

حنان يشوع الأول الأعرج / ܚܢܢܝܫܘܥ ܐ ܚܓܝܪܐ ( 685 – 700 ميلادية ) وهو البطريرك الأربعين من سلسلة البطاركة للكنيسة المشرقية النسطورية.

آشور بيث شليمون

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات, دين. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.