مـآسـي شــعبنـا نتيجـة انقسـامـاتنـا

بقلم غســان يونان
gyounan@gmx.de
مـآسـي شــعبنـا نتيجـة انقسـامـاتنـا

08/ 12 / 2014
http://nala4u.com

سـؤال وجيـه لا بل مطلـب شـعبـي مُلـح كـوننـا نمـرّ بـأخطـر وأدقّ مـرحلـة تاريخيـة حيث يُكتـب فيهـا تـاريـخ المنطقـة بـدمـاء ودمـوع أهلهـا وتُـرسـم حـدودهـا الجغـرافيـة علـى حسـاب القـوميـات الأصيلـة المنقسـمـة علـى ذاتهـا.

وعليـه نتسـاءل:
لمـاذا لا تتـوحـد (أقـلـّه) الـرؤى الخـارجيـة لتنظيمـاتنـا؟
لمـاذا لا تتكـاتـف مـن أجـل المحافظـة علـى اسـتمـراريـة بقـائهـا؟
لمـاذا لا تلبـي نـداء الـواجب والضمـير لإنقـاذ هـويتهـا المهـددة بالـتزويـر؟
لمـاذا وألـف لمـاذا؟؟!!..

ألـم يحـن الـوقت أن تقـوم تنظيمـاتنـا بإجـراء تقـييم منطقـي واقعـي لأعمـالهـا الأخـيرة وتعترف بـأخطـائهـا ليـس لشيء وإنمـا مـن أجـل تقـويم الإعـوجـاج المـزمـن فيهـا أولاً وبـين بعضهـا البعض ثانيـاً والـذي بسـببه يعـانـي شــعبنـا مـن الويـلات والمـآسـي المسـتمـرة والمتنقلـة!..

فاليـوم، بـات الكـل يعـترف بـالمخـاطـر القـائمـة وأصـبح هـذا الكـل ينـادي بالـوحـدة، فـأيـن المشـكلـة فـي تطبيقهـا إذاً!..
هـل المشـكلـة فـي منصب نيـابـي هنـا أو وزاري هنـاك والإثنـين (أي المنصبين) معـاً لا حـول ولا قـوة لهمـا، بينمـا المنطقـة تُفـرغ مـن شـعبهـا الأصيـل ومؤسـسـاتنـا تبحث عـن معـين دون جـدوى.

وهـل مـن الضروري أن تتمثل أحـزابنـا ببعض مـؤسـسـاتنـا (الغير سـياسـيـة) والمنقسـمـة علـى حـالهـا منـذ قـرون وقـرون، – ولسـخـريـة القـدر – لا زالـت هـي ذاتهـا تنـادي بالـوحـدة؟!…
وهيهـات بـين الأقـوال والأفعـال!….

اليـوم، وصلـت الأحـداث والمتغـييرات فـي المنطقـة إلـى مـرحلـة اللاعـودة، بمعنـى ريـاح التغـيير تلـوح فـي الأفـق ولـم تعـد إلاّ مسـألـة الـوقت، لتـدكّ مضاجـع مصاصي دمـاء شــعبنـا.
فخطـورة الـوضع القـائم تعتـرف بـه كـافـة تنظيمـاتنـا، وأكـبر دليـل هـو عـدم اكتفـائهـا بالنضـال السـياسـي وإنمـا الانتقـال إلـى مرحلـة “الكفـاح المسـلـح” إن جـاز التعـبير، وهـذه خـطوة إيجـابيـة نحـو الأمـام ولـو انهـا أتت متـأخـرة لكـــنهـا فُرضت علـى مجتمعنـا فـرضـاً. ومـا قـامت بـه أحـزابنـا مـن تشـكيـل وحـدات دفـاعيـة ضـمن قـدراتهـا المتـواضعـة كـ “دْويْـخْ نٓـوْشـا” مثـلاً والتـي هـي بمثـابـة نـواة عسـكريـة يمكـن الارتكاز عليهـا مسـتقبلاً والالتفـاف حـولهـا مـن قبـل باقـي أحـزاب شــعبنـا وعـدم اعتبـارهـا عمـلاً حـزبيـاً خـاصـاً وإنمـا مشـروعـاً وطنيـاً قـوميـاً لخـدمـة شــعبنـا وللـدفـاع عـن حقـوقـه ضمـن الأُطـر والأسـس التي ترعـاهـا وتحميهـا القـوانـين الـدوليـة. إذ تبـيّن جليـاً بـأن أحـزابنـا قـادرة فعـلاً لا قـولاً، الـدفـاع عـن أبنـائهـا فـي كـل مكـان وزمـان ولكــن ينقصـها التنظيـم والتنسـيق. وطـالمـا النـوايـا حسـنة والإرادة والتصمـيم مـوجـوديـن، فمطلـوب مـن بـاقـي أحـزابـنا أن تتحـرك بسـرعـة وتحشـد كـل إمكـانياتهـا وطاقاتهـا لتقـويـة “النـواة العسـكريـة” المشـكلـة مسـبقـاً بغض النظـر عـن حجمهـا أو قـدراتهـا كـي تعـود الثقـة لشـعبنـا فـي مـواطنـه وكـي تتمكـن مـؤسـسـاتنـا مـن فـرض احـترامهـا ووجـودهـا محليـاً وإقليميـاً ودوليـاً.

وبهـذا العمـل المشـترك المنشـود، تكـون الخطـوة الثابتـة والـراسـخـة مـن أجـل تشـكيل “قـوات دفـاعيـة” بـأُمـرة قيـادة سـياسـيـة مـوحـدة مـن معظـم تنظيمـاتنـا تمـامـاً كمـا كـانت الحـال فـي لبـنان عنـدمـا أيقنـت الأحـزاب المسـيحيـة آنـذاك (أبّان الحـرب الأهليـة فـي ١٣ نيسـان ١٩٧٥ والتي اسـتمرت أكـثر مـن ١٥ سـنة) أن لا خـلاص ولا قـدرة علـى المحـافظـة علـى اسـتمـراريـة وجـودهـا إلا بتـوحيـد صفوفهـا، فتم تشـكيل “القـوات اللبـنانيـة” والتي انضم إليهـا كـل الشـباب والشـابات مـن المجتمـع المسـيحي المنقسـم علـى ذاتـه آنذاك، فكـانت تجـربـة ناجحـة وفـاعلـة حيث أثبتت فـاعليتهـا وقدرتهـا ليـس فقط فـي الدفـاع عـن اسـتمـراريـة وجودهـا فـي المنطقـة وإنمـا فـي إيصـال قـائـدهـا ومـؤسـسـها المـرحـوم الشـيخ بشـير الجميـّل إلـى رئاسـة الجمهـوريـة اللبـنانيـة.

هـذه هـي نتيجـة العمـل المشـترك وغـير ذلـك هـو مـا نمـر بـه اليـوم مـن ضيـاع وتشـتت وانقسـام.

غســان يونان
٨ كانون الأول ٢٠١٤

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الارشيف, المقالات واللقاءات. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.