بقلم شذى توما مرقوس
العُلُومُ والآداب وما بَيْنَهُما
07/ 03 / 2014
http://nala4u.com
الأحد 15/ 12/ 2013 ــ الخميس 27 / 2 / 2014
رد على ماكتَبهُ الأَب لوسيان في مَوْضُوعِهِ :
المثقفين يعتبرون انفسهم افضل فئة اجتماعية ولهذا يرفضون الراسمالية
والمَنْشُور في عنكاوا كوم على الرابِط التَالي :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,699553.msg61074
26.html
لَسْتُ
على عِلْمٍ أَكيد إِنْ كانَ ما قَدْ فَعلْتَه في مقالتِكَ مِنْ جَعْلِكَ
الكلام مُساوٍ لِفِعْلِ الكِتابة صَواباً ، وهذا ما أَتمنَّى أَنْ يُفيدنا
بهِ أَحْد المُخْتَصين في هذا الحَقْل ، إِذْ إِنَّني أراهُ خلْطاً واضِحاً
، لأَنَّ الكِتابة فِعْلٌ لهُ قواعِدهُ وشُروطهُ ، والكلام قَدْ يكونُ
شَفهيَّاً ولاينْدرِجُ تَحْتَ فِعْلِ الكِتابة إِلاَّ حِيْنَ يُصاغُ في
جُملٍ وتَعابيرٍ تُكْتب لِتُعبِّر عنْ الغَرضِ والهَدفِ والفِكْرِ
المَطْلوب تَوْضيحهُ ، وأَيْضاً لأَنَّ الكلام لهُ حَقْلهُ الخاصّ وسُمِّي
عِلْماً ( عِلْم الكلام بِفُروعِهِ وتَخْصيصاتِهِ ) ، ولِلكلامِ مُسْتويات
مُتدَّرِجة مِنْ هَذْرٍ ، ثَرْثَرة ، جِديَّة ، مُزاح ، ….. إلخ ،
أَنْتَ لَمْ تُميّز هذا في مقالتِكَ بَلْ جَمَعْتَها كُلَّها في قِدْرٍ
واحدٍ دُوْنَ تَخْصيص ، ومِنْ المَعْروف إِنَّ التَسْميات والمُصْطلحات
والتَعْرِيفات مُهمَّة جِدَّاً لِفَرْزِ المفاهيمِ وتَمْييزِها عنْ
بَعْضِها البَعْض ، لكِنَّك جَمَعْتَها كُلَّها في قِدْرٍ واحدٍ ، فكانَ
الخَليطُ مُبْهماً غَيْر مَفْهوم إِلى حدٍّ ما .
قَرأْتُ مَقالتكَ
مَرَّات ومَرَّات وخلُصْتُ إِلى أَنَّ صُنَّاعَ الكلامِ في مَنْظورِكَ هُم
مَنْ يُمارِسونَ فِعْلَ الكِتابةِ وسأَرُدُّ عَلَيْكَ منْ خِلالِ هذا
التَحْدِيد .
لاشَأْنَ
لي بِالسياسة فهي لاتَسْتَهويني أَبَداً ، سأُركِّزُ فَقَطْ على نُقْطةٍ
مُحدَّدَة مِنْ كُلِّ ماكتَبْتَ وهو كُرْهكَ لِلأُدباءِ ودَعْوتَكَ
لِمُحاربتِهِم وتَهْمِيشِهِم .
أَنْتَ تُسمِّي الشُعراء والرِوائيين والأُدباء والصُحفيين
بِصُنَّاعِ الكلمات ، أَنا سأَجْمَعَهُم في ظِلِّ تَسْميةٍ واحِدَة هي
الأُدباء ، فالأَديب يُمْكِنُ أَنْ يكونَ شَاعِراً أَوْ قَاصاً أَوْ
رِوائيَّاً ، أَوْ يَجْمَعُ في شَخْصِهِ كُلّهم أَوْ بَعْضهم .
الآداب
هي تَارِيخُ الإِنْسَانِيَّة شَاءَ مَنْ شَاء ، وأَبَى مَنْ أَبَى ، هي
وجْدان الكَوْن ، ووجْدان الإِنْسَان .
أَنْتَ تَنْتَقِصُ مِنْ شَأْنِ شَرِيحةٍ مِنْ شَرائحِ المُجْتَمع ــ الأُدباء ــ ودُوْنَ حَرج .
وأَتَساءلُ ما الَّذِي تَفْعلهُ أَنْتَ حِيْنَ تَكْتبُ المقالات ، أَلا تَكْتُب تَماماً كما الأُدباءُ يَفْعلون ؟
الفعْل
الَّذِي تُعِيبهُ على الأُدباء ” فِعْلُ الكِتابة ” تَقْتَرِفهُ أَنْتَ
أَيْضاً وبِشَكْلٍ مُتَواصِل ، ولَوْلا هذا الفِعْل ما قَرأْنا لكَ هذِهِ
المقالة .
ماذَا تَعْتَبِرُ نَفْسكَ فاعِل إِذْ تَكْتبُ كُلَّ يَوْمٍ مقالة
أَوْ مَوْضوع أَوْ تَعْليق تَنْتَفِضُ فيهِ دُوْنَ دِرايةٍ كافِية ،
أَلَسْتَ مِنْ أَكْبَر صُنَّاعِ الكلامِ على حدِّ تَقْسِيمِكَ ، إِنْ لَمْ
تكُنْ قَدْ غَلَبْتَهُم كُلَّهُم .
إِنْ كُنْتَ تَكْرهُ
الأُدباء فهذِهِ مُشْكِلتكَ ، وهي لَيْسَتْ ولا بِأَيِّ حالٍ مِنْ
الأَحْوالِ دلِيلاً ومِقْياساً لِعَدَمِ حاجةِ المُجْتَمعِ إِلَيْهم .
وقَبْلَ أَنْ تُنادِي على الآخَرِين لِيأْخذوا بِكلامِكَ طبِّقْهُ أَنْتَ أَولاً وكُفّ عنْ الكِتابة لِنُصدِقُكَ .
ما
الَّذِي تَفْعلهُ أَنْتَ غَيْر الكِتابة طِوالَ الوَقْت ، فمَنْ يُتابِعُ
كِتاباتك الكثِيرَة المُتواصِلة يَسْتَنْتِجُ بِأَنَّ وَقْتَكَ كُلَّهُ
مِلكٌ لِلوحةِ الكومبيوتر ولا الْتِزاماتٍ أُخْرَى لَدَيك .
حاسِبْ نَفْسَكَ أَولاً وأُنْظرْ الخَشَبة الَّتِي
في عَيْنِك قَبْل أَنْ تُوبِّخ الآخَر على القُذَى الَّتِي في عَيْنِهِ .
أَنْتَ تُمارِسُ على القُرَّاء التَشْويش
الفِكْرِيّ ، ومِثْلكَ يَجِبُ أَنْ يَصْفو إِلى نَفْسِهِ ويُثبِّت
دعائمِهِ الفِكْرِيَّة ثُمَّ يَتَحدَّثُ إِلى الآخَرِين ، فهَلْ سيروقُ لكَ
إِنْ دَعَوْتُ القُرَّاء ( اقْتِداءً بِكَ ) إِلى تَهْميشِ مقالتك
المُضِرَّة هذِهِ وأَفْكاركَ الداعِية فيها إِلى الفِتْنَة ؟
أَنْتَ تَدْعو إِلى مُحاربةِ الأُدباءِ وإِلى
العداءِ وتَعْتَبِرهُ واجِباً ، ماذَا تُسمِّي دَعْوَتكَ هذِهِ ، أَلَسْتَ
بهِذا تَزْرعُ الفِتن وتُثِيرُ النَعْرات ، لِماذَا لا تُعْلِنُ الحَرْب
على مَنْ يَعْملونَ في مجالِكَ الَّذِي تَنْتَمي إِلَيْه ؟
ماذَا تُسمِّي مَزامِير داؤد وإِلى ماذَا تُصنِّفُها ؟ ….. هي مِن الكِتاب الَّذِي يَخْتَصِرُ إِيمانكَ .
الكِتاب
الَّذي يَخْتَصِرُ إِيمانكَ ومُعْتَقدِكَ هو عَمَلٌ أَدبيٌّ غاصّ
بِالقِصصِ والأَشْعارِ …. إلخ ، ويَحْكي عنْ مَرْحلةٍ أَوْ بَعْض
مَراحِلٍ لِتَاريخ الإِنْسَان الإِيمانيّ .
دَعْوتكَ هذِهِ باطِلة ، لا وَجْهَ لِلحقِّ فيها .
هَلْ تَخْتلِفُ عنْ أَيِّ عُنْصرِيٍّ مقِيت حِيْنَ تَدْعو إِلى مُحاربةِ الأُدباءِ وتَهْمِيشِهِم ؟
رُبَّما
قَرِيباً ستَقْتَدي بِهِتلر وتَبْني لَهُم الأَفْران لِتَشْويهم فيها ،
وأَسْألُ مَرَّةً أُخْرَى وأُخْرَى : ما الَّذِي تَفْعلهُ أَنْتَ ومَنْ
يُسانِدكَ ، أَنْتَ تَكْتبُ أَكْثَر مِمَّا يَفْعلهُ الأُدباء ، وتَنْشُرُ
فِكْركَ العُنْصرِيّ المقِيت ( التَحْرِيض ضِدّ الأُدباء ) ، حتَّى
اخْتِصاصكَ ككاهِن أَلَيْسَ كُلَّهُ فَرْع أَدبيّ تَقْرأُ اللاهوت ،
الفَلْسفة ، التَارِيخ ، الانْجيل ، القَانُون الكنسِي ، التَفْسِير ….
إلخ .
هذِهِ المَعارِف الإِنْسَانِيَّة كُلّها تَنْتَمي
لِلفَرْع الأَدبيّ وتُعرَّف كعُلُوم : عِلْم الفَلْسفة ، عِلْم اللاهوت ،
عِلْم التَارِيخ ، عِلْم التَفْسِير …. إلخ .
إِنَّ الرَقْم والكلِمة ( على حدِّ
تَسْمياتِكَ ) مُتَداخِلانِ لِدرَجةٍ لايُمْكِنُ الفَصْل بَيْنَهما
ولايُمْكِنُ الحدِيث عنْ أَيٍّ مِنْهما دُوْنَ الآخَر ، كالعُمْلَة الَّتِي
نَراها في وَجْهين .
الرَقْم نَفْسه كلِمة مِنْ ثلاثةِ حُرُوف : الراء ، القاف ، الميم ، هَلْ فكَّرْتَ في هذا ؟
أَيْ
إِنَّ الرَقْم يَحْتَاجُ إِلى كلِمة لِيُعبِّر عنْ نَفْسِهِ ، يَحْتَاجُ
إِلى اسْم ، أَيْ يَحْتَاجُ إِلى هوِيَّة ، والكلِمة وَحْدَها تُعْطيهِ هذه
الهوِيَّة .
فانْظُرْ كَمْ حُدْتَ عن الصوابِ بِدَعْوتِكَ هذِهِ ، وكَيْفَ
إِنَّ أَفْكارَك غَيْرُ مُنْصِفة وقَدْ خلَطْتَ الحابِل بِالنابِل ، أَفلا
تَكْتَفي ؟
وهَلْ تَرَى إِنَّهُ مِن اللائقِ أَنْ تَتَمادى أَكْثَر
وأَكْثَر ، دُوْنَ أَنْ تُفكِّر ولَوْ لِلحْظَة في اخْتِبارِ مِصْداقِيةِ
ما تَسْعى لإِثارتِهِ ونَشْرِهِ ، أَلا وهو الكُره والحقْد والعداء ؟
تُشِيعُ عنْ الأُدباء إِنَّهُم يَعْتَبرون
أَنْفُسَهُم مُعلِّمين لِلآخَرِين ، لكِنَّكَ لَمْ تَسْأَلْ نَفْسَكَ ما
الَّذي تَفْعلهُ أَنْتَ ؟
أَلا تَفْعلُ
نَفْسَ ذلِك وتُحاوِلُ مِنْ خِلالِ هذا المَنْبر صفَّ النَّاس خَلْفكَ
لِتكون إِماماً لَهُم في حَرْبِكَ ضِدَّ الأُدباء ، وأَيْضاً لِتكون
مُعلِّماً لِمَنْ تُسمِّيهم المُلْحدين ولِلنَّاسِ بِشَكْلٍ عامّ .
صِفْ نَفْسكَ وصَنِّفْها أَولاً ثُمَّ انْتَقِدْ الآخَرِين وبِوَعْي ولَيْسَ جِزافاً كما تَفْعل .
أَنْتَ
نَفْسكَ تَمْتَهِنُ الإِعْلام الَّذِي هو مِنْ نَشاطاتِ خرِيجي الفَرْع
الأَدبيّ الَّذِين تَقولُ عنْهُم إِنَّهُم مُجْرِمين و….. و….. و
………. إلخ .
ثُمَّ ماذا عنْ الفنَّانين مِنْ مُطْرِبين ومُمثِّلين
ومُخْرجين …. إلخ ، هؤلاء جَمِيعاً أَساس عَمَلِهِم هو النُصوص ( شِعْر ،
قِصة ، رِواية ، مَسْرحيَّة …… إلخ ) الَّتِي عمادها الكلِمة .
ما الَّذِي يَفْعلهُ الرسَّامون والنَحاتون و الخَطاطون ……
إلخ غَيْر ما يَفْعلهُ الأُدباء ، أَلَيْسَتْ كُلّ هذهِ المجالات مِنْ
الفُنونِ هي أَيْضاً كالآداب ؟
هَلْ بِرأْيكَ إِنَّ الرَسْم والنَحْت والخَطّ ( وهي فُنون
يَبْنِيها الكلام في خُطوطٍ وتَرْسِيمات وتَشْكيلات ، أَيْ وَجْهٌ آخَر
لِلكلِمة ) يُضيفون إِلى الحيَاة ويُساعِدون المُجْتَمع على الرُقي
بَيْنَما الأَدب يَفْعلُ العكْس ، هَلْ خَطَرَ لكَ سُؤالٌ كهذا ؟
أَلَيْسَتْ الأَغاني نُصوصٌ مُغنَّاة ، على سبِيلِ الذِكْر ؟
الشِعْر
، القِصة ، الرِواية ، المقالة ، التَمْثيل ، الغِناء …….. إلخ ،
كُلّها فُنونٌ بَيْنَها قَاسِمٌ مُشْتَركٌ واحِد هو الكِتابة .
لِماذَا
لاتَتَوقَّفْ أَنْتَ عنْ الكِتابة وتَنْصرِفْ لِلعَمَلِ فالقُرَّاء
يُطالِعون لكَ كُلَّ يَوْمٍ تَقْرِيباً مقالة أَوْ نصّ أَوْ رأْي ….. إلخ
، أَلا تَأْخذُ الكِتابة مِنْكَ وَقْتاً ؟
لَوْلا الكِتابة ما كانَ هُناك بَرامِج
تلفزيونيَّة ولا كومبيوتر ولا تَشْرِيعات ولا قَانون ولا ولا …. إلخ ،
ولا كُنْتَ ستَعْرِفُ عنْ تارِيخِ الإِنْسَانيَّة شَيْئاً .
لِماذَا لاتكونُ أَكْثَر انْصافاً مع الأُدباء في كِتاباتك ، أَمْ إِنَّ الآداب ” مأْكولٌ مَذْموم ” ؟
هَلْ تَظُّنُ إِنَّ جَمِيع الأُدباء عاطلين مُتَعطلين عنْ العَمَلِ ؟
هَلْ يجِبُ أَنْ أُعْطي أَمْثِلة بِالأَسْماء تَنْفِي هذهِ الفِكْرَة لَدَيك ؟
أَلَيْسَ
الكثِير مِنْهُم أَطِباء ، مُهْندسين ، عُمَّال ، مُدرسين ، فنَّانين ، و
……. إلخ على اخْتِلافِ كُلِّ المِهنِ والحِرف ، هُم يَعْملون
ويَكْتُبون أَيْضاً .
عمِلْتُ
طوالَ حياتي لكِنَّني أَيْضاً مارَسْتُ الكِتابة طَوالَ حياتي ، أَيْ
الفِعْلين مُتلازِمين لايُعْطِّلُ أَحَدهُما الآخَر ، على العكْس بَلْ
يَسْنِدُ أَحَدهُما الآخَر ، أَيْ هُناك تَعاضُد ولَيْسَ تَعارُض .
حِيْن
كتَبْتُ نصيّ ” بِلا مَأْوى ” ، هَلْ تَظُّنُ إِنَّني كتَبْته فَقَطْ ،
ما أَدْراك إِنَّ كِتابتي لَهُ لَيْسَتْ مُتَرافِقة معَ مَجْهود عملِيّ
ملْموس أَبْذلَهُ بِحُدودِ الإِمْكانيَّات المُتاحة لي في مجالِ الأَشْخاصِ
مِمَنَّ يعِيشون بِلا مَأْوى ، هَلْ عليّ أَنْ أَكْتُب مُلاحظَة بِذلِك
مُرْفقَة بِالنصِّ ؟
هذا مِثالٌ مِنِّي ،
بِالتَأْكيد كلٌّ لهُ الكثِير لِيَحْكيهِ في هذا الشَأْن وأَقْصدُ شَأْنَ
العَمَلِ مُتَرافِقاً معَ فِعْل الكِتابة ، بإِمْكانكَ أَنْ تَقُومَ
بِدِراسةٍ أَوْ بَحْثٍ حَوْلَ هذا الأَمْر تَحرِيَّاً لِلحقِيقَة .
وماذَا عن الأَطبّاء وهُم يُوثِّقون في بُحُوثِهم ودِراساتِهم
ومُمارساتِهِم العملِيَّة مُلاحظاتَهم وخِبْراتَهم والنَتائج الَّتِي
تَوصَّلوا إِلَيْها في كلِمات …….. كلِمات .
وكيْفَ لنا أَنْ نَعْلم بِكُلِّ المظالِم والحُرُوبِ والحَملاتِ
وأَحْوالِ الحيَواناتِ ….. إلخ إِنْ لمْ يكُنْ ذلِك بِمَجْهودِ الكُتّاب
والَّذِين تُسمِّيهِم ودُوْنَ خَجل بِصُنَّاعِ كلام ، وتَدْعو إِلى
تَهْمِيشِهِم وعَدَمِ إِعْطائهم أَيّ دَوْرٍ في المُجْتَمعِ وإِعلان
الحَرْبِ عَلَيْهم والعداء لَهُم ، أَيْ بِالضَبْط تَدْعو إِلى
اضْطِهادِهِم ، وهذا لَيْسَ بِجدِيدٍ فلطالَما تَمَّ اضْطِهاد المُفكِّرين
والعُلماء والشُعراء والفلاسِفة وعلى مرِّ العُصُورِ على أَيدِي
مَجْمُوعاتٍ منْ أَمْثالِكَ يُنادون بِأَفْكارٍ عدائيَّة كهذِهِ الَّتِي
تُنادي بِها .
الحضارَة نَفْسها
قامَتْ على أَعْمِدةِ الكِتابة والَّتِي نَواتها ولُبّها الكلِمة ،
والأُدباء ليْسوا مُجرَّد كيان كماليّ في المُجْتَمع لايُزِيدهُ
ولايُنْقِصه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لَدَى
بَعْض الشُعُوب مقُولة مَفادها ” الكلام هو البَوابَة الَّتِي يُمْكِنُ
المُساعدَة مِنْ خِلالِها حَيْثُ تُعرَّفُ المُشْكِلة وأَسْبابها وطُرُقِ
مُعالجَتِها ” .
لَوْ
كانَ الكلامُ بِلاجَدْوى في مجالِ الآدابِ فسيكونُ أَيْضاً بِلاجَدْوى في
دَوْرِ الدبلوماسيين بَيْنَ الدُول ، ولكِنْ كما يَعْرِفُ العالَم كُلَّهُ ،
إِنَّ دَوْرَ الدبلوماسيين مُهِمٌّ وضَروريّ ويُؤدِّي في أَحْيانٍ كثِيرَة
إِلى مُفاوضاتٍ ومُعاهداتٍ واتفاقِياتٍ وأَيْضاً في أَحْيانٍ أُخْرَى إِلى
حَقْنِ الدِماءِ وبثِّ السلامِ ؟
تَعْتَقِدُ
إِنَّ الفِعْل أَكْثَرُ جَدْوَى منْ الكِتابةِ والَّتِي هي في نَظَرِكَ
كلام ( والَّذِي ساويْتَهُ في مقالتِكَ بِالهَذْرِ والثَرْثَرة ) أَكْثَر
مِنْ كوْنِها فِعْل ، فمارأْيك في الخَرابِ وهو فِعْلٌ ناتِجٌ عنْ فِعْلِ
الحُرُوبِ مثَلاً ، لِماذَا لاتَنْتَقِصُ الحَرْب كفِعْلِ تَدْميرٍ
وتَخْرِيب؟
وإِنْ اسْتَغْربْتَ
أَمْرَ الدبلوماسيين فما قَوْلكَ في شَأْنِ الفلاسِفة ، هُم أَيْضاً مِثْلَ
الأُدباء يتَأمَّلون ، يَتَفحُّصون ، يُراقِبون ، يُحلِّلون ، يكْتُبون
….. إلخ ؟
مارأْيكَ في المُحلِّلين الدُوليين و …. و ……. إلخ .
إِنْ
كانَ هَدَفُكَ حضَّ النَّاسِ على التَوَجُّهِ إِلى النَواحي العِلْميَّة
فبإِمْكانِكَ ذلِك دُوْنَ الحاجة لِلدُخُولِ إِلى هذا البابِ بِالنيْلِ
مِنْ الأُدباء ، الحيَاة لَوْحة مُتناسِقَة وقِيمة الفُنُونِ بِاخْتِلافِها
تُوازِي قِيمة العُلُومِ الأُخْرَى ، هذهِ هي الحقِيقة .
إِنْ سألتَني عنْ الجذْرِ
الَّذِي يَجْمعُ كُلّ الَّذِين ذَكرْتُهم ( الفلاسِفة ، الشُعرَّاء ،
المُحلِّلين الدُوليين ، الفنَّانين ، كُتَّاب المقالاتِ والقِصص
والرِوايات ، المُمثِّلين ، الدبلوماسيين ، المُخْتَصين بِالعُلُومِ
الأُخْرَى …….. وغَيْرهم ) فأَقولُ لكَ هو الكلِمة …… ، الكلِمة
تأْتي بِكُلِّ هؤلاء وتَجْمَعَهُم في مَجْرَى الحيَاة ، كُلٌّ مِنْهم
يُدِيرُ الحيَاة بِدفَّتِهِ فتَتَشكَّلُ صُورَتَها .
وإِضافة
أُخْرَى : ما قَوْلُكَ في الرِياضةِ وكُرَةِ القَدَمِ على وَجْهِ الخُصُوص
، هَلْ هي أَيْضاً في نَظَرِك أَجْدَى مِنْ الآدابِ وتَعْملُ على رُقي
الشُعُوبِ بَيْنَما الآداب لانَفْعَ لَها ؟
هَلْ لكَ أَنْ تُوضِّح لي ولِلقُرَّاء عمَّا تَفْعلُهُ الرِياضة لِلإِنْسَان ؟
هَلْ
تُنْتِجُ شَيْئاً لا تُنْتِجهُ الآداب ، هَلْ هي عَمَلٌ انْتاجيٌّ مَلْموس
أَمْ عَمَلٌ انْتاجيٌّ مَعْنَويّ ، بِمَعْنى إِنَّها تَعْملُ على دواخِلِ
الإِنْسانِ تَماماً كالآدابِ كُلّها ( لاحِظْ الفِعْل : تَعْمل ) ، تَماماً
كما تَفْعلُ الأَغاني والمَسْرحيَّات والرَسْم والنَحْت والنَقْد
والخِطابة ، والتَصْوير …… إلخ .
أَلا تَتَفِقُ معي وإِنْ
أَرَدْتَ أَنْ تَكونَ مُنْصِفاً إِنَّ جَميع ما ذُكِرَ هي أَنْماطٌ
مُخْتَلِفة لِلنَشاطاتِ الإِنْسَانِيَّة لا تَبايُن في اهميَّتِها حالها
حال البُحوثِ والدِراساتِ و….. و ……… إلخ
أَلا
تَعْملُ كُلّ هذِهِ الفُنون بِاتجاهٍ واحِد ، إِنَّها تَعْملُ على دواخِلِ
الإِنْسَانِ فتُحرِّرَهُ مِنْ ضِيقِهِ وتَوتُرِهِ وضُغُوطاتِ الحيَاةِ
اليَوْميَّة لِيَشْعُرَ بِالراحةِ ويَغْدو مُسْتَعِداً لِمُواصلةِ نشَاطِهِ
اليوْميّ الحيَاتي في المجالاتِ الأُخْرَى ، أَيْ إِنَّها تَبْني
الإِنْسَان داخليَّاً لِتُعْطيهِ صُورَته الاجْتْماعيَّة الخارجيَّة
المَطْلوبَة .
أَلا يَعْني كُلّ هذا لكَ شَيْئاً ، أَمْ ماذَا ؟
الكائنات
الحيَّة بِشَكْلٍ عامّ لَيْسَتْ آلة ، ونأْتي إِلى الإِنْسَان الَّذِي هو
واحِدٌ مِنْها والَّذِي تَتَحدَّثُ عنْهُ وبِما إِنَّه منْ الكائناتِ فهو
لَيْسَ بِآلة ، هو نِصْفان مُتلاحِمان : دواخِله ( بِما فيها مِنْ
أَحاسِيسٍ ومشَاعِرٍ وانْفِعالاتٍ وتَفْكيرٍ … إلخ ) زائداً ظاهِرَه بما
فيه مِنْ النَشَاطات الحيَاتيَّة الأُخْرَى المَعْروفة .
إِنْ
لَمْ يُنْعِم الإِنْسَان بِبَعْضِ الاسْتِقرار الداخليّ ويكونُ في سلامٍ
معَ ذاتِهِ ونَفْسِهِ فهو بِشَكْلٍ مِنْ الأَشْكال يكونُ عاطلِاً عنْ
التَفاعُلِ معَ مُحيطِهِ والمُشَاركة في المُجْتَمع ، ولِهذا تَرَى
المَرْضَى الَّذِين يُعانون مِنْ مصاعِب نَفْسِيَّة إِذْ بلغَتْ أَوْجها
لَدَيهم يُمْسون عاجِزين عنْ الانْدِماجِ في المُجْتَمع ويُصْبِحون بِحاجةٍ
ماسَّة لِلرِعايةِ والمعونةِ .
دَوْر
الأَدب لايقِلُّ أَهميَّةً عنْ دَوْرِ العِلْمِ ومنْ الخطأ تَحْجِيم دَوْره
لِحِسابِ العِلْمِ ورَفْعِ شَأْنِهِ ، فذلِك سيُخِلُّ بِالمسِيرَةِ
الإِنْسَانيَّة وتَغْدو عَرْجاء .
الآداب والعُلُوم قيمتان مُتساويتان ، كُلٌّ مِنْهُما
يَعْمل في ساحتِهِ ومجالِهِ ، لكِنَّهما يلْتقيانِ في مَصبٍّ واحِد هو
الحيَاة ، كنَهْرينِ كُلٌّ لهُ مَجْراه الَّذِي يجْرِي في منَاطِق
مُحدَّدَة ويَرْوي مَساحات مُخْتَلِفة ، لكِنَّ كلا المَجْريينِ يلْتقيانِ
في النِهايةِ لِيصُبَّانِ في حَوْضٍ واحِدٍ هو حَوْضُ الحيَاةِ الشَامِل .
حدِّدْ لي شَخْصاً واحِداً لا يَرْغبُ في سماعِ الأَغاني ، والأَغاني كما نَعْلم كلِمات مُلحَّنَة .
الآن
فكِّرْ ما هو وراءَ الكلِمات ، أَلَيْسَتْ الخِبْرات الحيَاتيَّة
المُتراكِمة لِلإِنْسَان ، أَيْ مُقْتَطعات مِنْ الحيَاةِ : عِلْميَّة ،
عملِيَّة ، نَظَرِيَّة ، رَقْمِيَّة …… إلخ ، فالحيَاة وَحْدَة واحِدَة
مُترابِطة لا مُجْزَأَة .
خُذْ مثَلاً
إِنْسَاناً مُتْعباً مِنْ ظَرْفٍ ما ، ما الَّذِي ستَفْعلَهُ حيال ذلِك ،
هَلْ تَبْعثُ بِهِ إِلى مَحطَة عَمَل لِبِناءِ حائط مثَلاً أَوْ تَرْكيبِ
ماكِنة …. إلخ ، أَمْ إِنَّكَ ستَجُدُّ في دَعْمِهِ داخليَّاً بِرَفْعِ
مَعْنَوياتِهِ لِيَسْتَوي ويأْمل في غدٍّ أَفْضل ويَسْتَطيعُ المُواصلَة
؟
ثُمَّ كيْفَ ستَفْعلُ ذلِك ،
أَلا تَفْعلُ ذلِك مِنْ خِلالِ الكلِمات ، الكلِمة قُوَّة ، مَفْعولَها
وتَأْثِيرَها كخِدْمة يُوازِي ما يُقدِّمَهُ العِلْم مِنْ خِدْمةٍ
لِلإِنْسَان ، كلاهُما يَعْضدان الإِنْسَان بِشَكْلٍ مُتساوٍ ، هذِهِ
الكلِمات قَدْ تكونُ في الاسْتِماعِ لأُغْنِية أَوْ مُشَاهدَةِ مَسْرحِيَّة
أَوْ قِراءة مقْطوعة شِعْرِيَّة أَوْ …… إلخ .
أَمَّا إِنْ كانَ هذا الشَخْص سلِيماً مُعافى ومَقْبول المَعْنَويات
داخليَّاً فبِالتَأْكيد سيكونُ مِن المُمكِّنِ لَهُ أَولاً تَرْكيب
الماكِنة أَوْ …… إلخ ، ثُمَّ بَعْدَها يُمارِس نَشَاطاً آخَر :
مُطالَعة ، كِتابة ، رِياضة ، مُتابعة بَرْنامج تلفزيوني وغَيْر ذلِك .
مِثَال على نَمَط
آخَر : إِنْسَان ما يَشْكو مِنْ الصُداع ، في هذِهِ الحالَة ستُحاوِلُ
العَمَل على إِزالةِ الصُداع بإِعْطائِهِ الدواء اللازِم ، بَعْدَها قَدْ
تُشَجِّعهُ على الاسْتِمتاع بِمُشَاهدَةِ مَسْرَحِيَّة مثَلاً .
أَيْ إِنَّ السُؤال يَنْحصِرُ فَقَطْ في أَيٍّ
مِنْهُما يَتَقدَّمُ الآخَر في هذِهِ الخطْوَة أَوْ تِلك ( بِصِيغةٍ
أُخْرَى : مَنْ لهُ الأَوْلويَّة في هذا الحالِ أَوْ ذاك ) ، وهذا
مُخْتَلِف مِنْ حالةٍ لأُخْرَى فأَحْياناً يكونُ مِنْ الضَروريّ الأَخْذ
بِالأَدب كخطْوَةٍ تَسْبِقُ العِلْم ، وحالةٍ أُخْرَى يكونُ مِنْ الضَروريّ
العكْس ، أَيْ هي الأَوْلويَّات لا أَكْثَر ، والأَوْلويَّات لَيْسَتْ
ثابِتة بَلْ مُتَغيّرة ، وهذا بِدَوْرِهِ لايَنْتَقِصُ مِنْ قيمةِ أَحَدهما
على حِسابِ الآخَر ، بَلْ على العكْس يُظْهِرُ مَدَى التَلاحُم القَائم
بَيْنَ العِلْمِ والآدابِ لِبِناءِ الإِنْسَان وبِالتَالي المُجْتَمعات .
وماذَا عن المُوسيقى ؟
هَلْ
سَمِعْتَ عنْ مَدَى تَأْثيرِها الَّذِي بَلَغَ عالَم الطُبِّ أَيْضاً
فصَارَتْ تُسْتَعْملُ كجُزْءٍ مِنْ العِلاجِ في حالاتٍ كثِيرةٍ ولأَهْدافٍ
شَتَّى .
كُلُّ المشارِيع الإِنْسَانيَّة في الهَنْدسةِ ، الإِعْمار ،
الطُبِّ ، الصَيْدلة ، … إلخ ، كُلُّها تُبْنَى على قَاعِدةٍ مِنْ
الكلِماتِ يُصوِّرها الفِكْر لِتُصاغُ في نَظَرِياتٍ ومُخططاتٍ كلبنَةٍ
أُولى ، ثُمَّ تَعْقبَها مَرْحلة ما قَبْل التَنْفيذ كالبُحوث والدِراسات
وأَخِيراً يَأْتي التَنْفِيذ ، بِغيابِ هذا الفِعْل القَاعِديّ الكلامِيّ
الفِكْرِيّ ( اللبنَة الأُولى ) لا يَقُوم بِناء ولا يَتَحقَّقُ هَدَف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القدس عروس عروبتكم ؟ !!
فلماذا ادخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها
ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم ، وتنافختم شرفاً
وصرختم فيها أن تسكت صوناً للعرض ؟؟ !!
فما أشرفكم !
أولاد ……. هل تسكت مغتصبه ؟؟ !
أولاد …… !
لست خجولاً حين أصارحكم بحقيقتكم
إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم
تتحرك دكة غسل الموتى ،
أمَّا أنتم
لا تهتز لكم قصبه !
الآن اعريكم
في كل عواصم هذا الوطن العربيّ قتلتم فرحي
أَنا
شَخْصيَّاً لاأُحِبُّ التَعْبِير بِهذِهِ الطَرِيقة ، أَيْ رَسْم الجانِب
الجِنْسِيّ كتَعْبيرٍ عنْ وَضْعٍ سياسيّ أَوْ أَيِّ وَضْعٍ آخَر ، هذا
أَمْرٌ مُقْرِف ، تَماماً كقَرَفي مِنْ تَشْبيهِ الكنِيسةِ بِالعروسِ
والمسيح بِالخَتنِ ، أَوْ شَبْك الكهنة والراهبات بِالخاتَم كتَعْبيرٍ عنْ
ارْتِباطِهم بِالكنيسةِ والمسيح ، ومِنْ عِباراتٍ وارِدة في العَهْدِ
القَدِيم كـما في المزمور 132 ( لأنَّ الرَّب قدْ اخْتَار صهيون ،
اشْتَهاها مَسْكناً لهُ ) ، والمزمور 45 ( اسْمعي يا بِنت وانْظُري ،
وأَميلي أُذنكِ ، وانْسي شَعْبَكِ وبَيْتُ أَبيكِ ، فيَشْتَهي الملِكُ
حُسْنَكِ ، لأَنَّهُ هو سيدكِ فأسْجدي لهُ ) وغَيْرها كثِير ، إِنْ بَدأْنا
فلَنْ نَنْتَهي ………..
أَنْتَ حِيْنَ نَظَرْتَ إِلى هذا النَصّ
كمقْياسٍ لِكُلِّ النُصُوصِ أَخْطأْتَ كثِيراً فهُناكَ دُروبٌ أُخْرَى
مُغايرَة لِنُصوصٍ أُخْرَى تَسْتَحِقُ كُلَّ الاهْتِمام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَقولُ
في رَدٍّ لكَ : أَنا لا أَتَحمَّلُ أَنْ اسْتَمِع إِلى لِقاءاتِهم
التلفزيونيَّة ولا أَنْ أَقْرأ مقالاتهم التَحْرِيضيَّة ولا أَنْ اسْتَمِع
إِلى قَصائدِهم السخِيفة .
ما يَهمّني هو الشَطْر الأَخِير مِنْ قَوْلِكَ : مقالاتهم
التَحْرِيضيَّة ، وأَسْأَلُكَ ماذَا تُسمِّي مقالتك هذِه الَّتِي هي
دَعْوَة صرِيحة لإِعْلانِ الحَرْبِ والكُرْهِ والعداءِ لِلأُدباءِ ،
أَلَيْسَتْ تَحْرِيضيَّة ودَعْوَة لِلقَتْل والنَبْذِ .
ثُمَّ تَقول : ولا أَنْ اسْتَمِع إِلى قصائدِهم السخِيفة .
وأَنا أَسْأَلُكَ : وماذَا عنْ كلامِكَ كُلَّهُ في حقِّهِم ؟
منْ
أَبْلغكَ بِأَنَّهُم مِنْ طَرَفِهِم مُسْتَعدونَ لِسماعِ حُججكَ الضَعيفَة
والمُتْخَمة بِالكُرْهِ والحقْد والعداء ؟
أَنْتَ تَفْعلُ تَماماً ما تُقوِّلهُم إِيَّاهُ وما تَتَهِمهُم بِهِ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العِلة
في تَخلُّفِ الشُعُوبِ لَيْسَ هو رُكونَها إِلى الآداب وإِنَّما إِلى
أُمُورٍ وأَسْبابٍ أُخْرَى الآداب مِنْها بَراء ، فلا تُلْقي بِتَبعة
التَخلُّف في المُجْتَمعات على كاهِلِ الآدابِ ولا تَجْعلها شَماعةً
تُعلِّقُ عَلَيْها أَسْبابَ تَخلُّفِ الشُعُوبِ وتَأْخُرِهم .
الحُرُوب والأَنْظِمة
الديكتاتوريَّة لَمْ يَصْنَعها صُنَّاعُ الكلِمات على حدِّ تَعْبيرك
وعَلَيْكَ أَنْ تَبْحث في التَاريخ الإِنْسَانيّ لِتَقَعَ على جُذُورِها
الحقِيقيَّة .
أَمَّا
جرائم الشَرف فلا تُعلِّقها على شَماعةِ الأَدبِ وهو مِنْها بَراء وابحثْ
عنْ أَسْبابِها الحقيقيَّة في خاناتٍ أُخْرَى .
وإِنْ خُضْنا في
البَحْث عنْ أَسْبابِ الحُروب ، الأَنْظِمة الديكتاتوريَّة ، تَخلُّفِ
المُجْتَمعاتِ وجرائمِ الشَرَفِ فسنَحْصلُ بِالتَأْكيد على نتائج أُخْرَى
مُخالِفة لِما تَقولَهُ ، ولا مجالَ هُنا لِلخَوْضِ فيها .
دُمْتَ بِخَيْر .
سلام لِكُلِّ المُتابعين والمُتابعات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
خاتِمة :
نُصُوص مُخْتَلِفة وبَعْضُ مقاطِع مِنْها :
( إِهْداء إِلى مُحبيّ النُصُوص ومُتَابعيها )
( 1 )
الشَاعِر ابن عربي :
لقد كنتُ قبل اليوم أنكرُ صاحبي
إذا لم يكنْ ديني إلى دينه دانٍ
وقد صار قلبي قابلاً كل صورة
فمرعى لغزلانِ ودير لرهبانِ
وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة أو مصحف قرآن
أدين بدين الحب أنّى توجهت
ركائبه فالحب ديني وإيماني
ـــــــــــــــــــــــــــ
( 2 )
أُفكِّرُ بأشياءَ كثيرة
نمر سعدي
آب 2009
(24)
سئمتُ من مطاردةِ الحريَّةِ سأمي من وجهِ ممثِّلٍ عربيٍّ
قضيتُ عمري كلَّهُ في متابعةِ أفلامهِ الفارغةِ
ومغامراتهِ الرومانسيةِ التافهةْ
(25)
الضوءُ الأخيرُ يتساقطُ كنقاطِ الماءِ من أقواسِ قزحٍ
ومن أجنحةِ طيورِ المُحيطِ
وأنا من تعبي وحزني أسقطُ تحتَ الضوءِ الأخيرِ
كشمشومَ عندما انهارتْ عليهِ
أعمدةُ الحكمةِ السبعةْ
لقراءة النص كاملاً على هذا الرابط :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=193006
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 3 )
التُّراب
شِعْر الأب يوسف سعيد
تراب من أودية حمراء..
تراب تقام عليه هياكل العبادة
على أشكال 7×7= 7+7 مضافة إليها
دفقات من ضوء الكواكب إلى 7 أيام
تراب يصدّ الرياح الهوجاء
من مخارم صخورٍ جبليّة..
تراب تنام فيه خيول ملوك العبادة
تراب مخروطي الشكل
على شكل 7+7= لا للشاعريّة المحدودة،
حيث نقاط قانية من دم التمرّد..
7×7= نعم لشاعرٍ لا يهذي بتصوّفات منتكسة،
ولم يدخل في صفوف قبائل الشعراء..
تراب متحجّر يصدّ الرياح
عن مخارم مرتفعات “سيامندو”
حيث ابتهالات العشق..
تراب من عظام جسدٍ
اخترمته المنيّة
فماتت كواكب عشرة
يصدّ رياح عاتية
عن مخارم صخور جبليّة
رابط النص كاملاً :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=294476
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 4 )
رحلة فسيحة في رحاب بناء القصيدة
عند الشَّاعر الأب يوسف سعيد
بقلم: صبري يوسف
وفي
قصيدة رمل القمر الَّتي أهداها إلى الشَّاعر وديع سعادة يركِّزُ على
أهمّية الكلمة ونكهتها الطيّبة أكثر من العسل، ناسجاً فكرة أن يترك
الشَّاعر لأطفاله الكلمة الطيّبة أفضـل من أن يتركَ لهم قفائر العسل:
“عيناكَ حبّتان من رمل القمر،
ولعلَّها من قمح السَّنابل،
عيناكَ من فرط حبِّكَ،
تحوّلتا إلى كهفين
لا يستوعبان هسيس خفّاشة صغيرة،
وعندما تنهدم أسوار مدينة القريض،
تلتهم ما بعثرته الرِّياح من شجن.
تلقيها في قفيرة نحل، وترحل،
ثمَّ تعود مثقلاً بالهموم، تبحثُ عن روضة،
تخبِّئ فيها قفيرة جديدة وترحل،
ثمَّ تعود إلى كلّ القفائر
فلا تجد فيها عسلاً، ولا خبزاً، ولا طعاماً.
ولكنَّكَ سترحلُ من جديد،
بعدَ أن تتركَ للرفاق قصيدة،
يحملونها إلى أطفالكَ، ويقرؤون في سطورها الأخيرة:
(القفار كلَّها فارغة، فكلوا من طيِّبات الكلمة)
صبحاً، وظهراً، ومساءاً.” ..
وهكذا يقفل الشَّاعر قصيدته، تاركاً القفار فارغة، معتمداً على رجحان الكلمة الطيّبة عن العسل.
رابط الموضوع :
http://www.iraqicc.se/index.php/ar/allmaentart/537-2014-02-03-12-32-38
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 5 )
النقطة
أحمد هلالي
النقطة مادة الكون الأولية :
فهل تدري الدائرة
على أي قدر تدور .
هل يستشعر المستقيم
أصله السحيق ،
أم أنه من ناكري الجميل .
عيب المستقيم الوحيد
. أنه لا يلتفت لأصله النبيل
لسان حال الدائرة يقول :
تدور الدائرة
فيعود كل شكل
لطينه البليل .
الماء ينزل نقط
الكتابة بنيتها نقط
الأجنة في الأرحام نقط
الكواكب في الكون نقط
نقط
نقط
نقط
لسنا إلا نقط !
فلننتظم في كلمات ،
في جمل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 6 )
الصفر
عبد الكريم الرازحي
2012
أنا الصِّفرُ
لستُ برقمٍ يُعَدُّ
ومهما أجِدُّ
لا يحسُبُونَ -غروراً- حسابي
وعند غيابي
تراهم جميعاً
وقوفاً ببابي
أرى كلَّ رقمٍ تعالى عليَّ
يحِجُّ إليَّ
ويحتاج ليْ
أنا الصِّفرُ
لا شيءَ أكسبُ
لا شيءَ أخسرُ
لا شيء أملكُ
لي كلُّ شيءٍ
ولا شيءَ لي .
أنا الصِّفرُ
صفراً بدأت
وصفراً نشأتُ
وصفراً كبرتُ
وصفراً أعودُ إذا ما اكتملتُ
هو المُلكُ لي.
مُلاحظَة
: أُقدِّمُ النَصين الأَخيرين ( النقطة ) ـ ( الصفر ) ، بِشَكْلٍ خاصّ
لِلأَخ والزَميل نيسان سمو الهوزي والَّذِي يُذكِّرُ القُرَّاء دائماً
بِضَرورةِ العَوْدَة إِلى نقْطة الصِفْر ، معَ التَحيَّة والتَقْدِير .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأُشِيرُ
إِلى نُصُوصٍ أُخْرَى كثِيرَة للشَاعِرات : دنيا ميخائيل ، فيفيان صليوا ،
مانيا فرح ، غادة البندك .
ولِلِشُعراء : آدم
دانيال هومة ، جون هومة ، سركون بولص ، شاكر سيفو ، هيثم بردى ، زهير بردى
، والأَب المُفكِّر والعلامة يوسف حبي والملفان أفرام السرياني . وعُذراً
لكُلِّ الأَسْماء الَّتِي لا تَحْضرني الآن معَ عميق التَقْدِير لَهم / ن
جَمِيعاً .
وعنْ الموسيقى وكي لا
نَنْسى أَودُّ الإِشارَة ( لِلتَذْكير فَقَطْ ) إِلى الأَب الفنَّان
المُوسيقيّ فيليب هيلالي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإِلى مُتابعي كتاباتي بَعْضُ مُقْتَطفاتٍ مِنْها :
نَشراتُ الأَخْبار ……. صُوَرٌ مِن المَعْرَكة
شذى توما مرقوس
وفي سَاحاتِ الوَغَى
خَانَ الصِّنْدِيدُ أَحْلامَه
فسَكَبَ إِناءَ أَيّامِهِ
على بُقْعَةِ اللَهَبِ
لَيْتَهُ يَخْبُو سَلاماً وخَضَاراً
ثُمَّ سَكن
وَفاءً لِوَطَنٍ
طَمَرَ جُلَّ كَائِناتِهِ
وخَذَلَ كُلَّ أَبْنائِهِ
وأَذاقَ الطَبِيعَةَ
شَيْءَ خَراباتِهِ
رابط النَصّ :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=247285
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خِلْوَ الوِفاض ………
شذى توما مرقو